فكن رجلا رجله في الثرى...وهامة همته في الثريا... !
بقلم الأستاذ حديبي المدني ( حمس الجزائريه )
المشهد الأول:مجلس العلامة الموسوعي ابن الجوزي:
لقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مئتي ألف، وأسلم على يدي أكثر من مئتي نفس، وكم سالت عين متجبر بوعظي لم تكن تسيل،...ولقد جلست يوما فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف ما فيهم إلا من قد رق قلبه أو دمعت عينه...
المشهد الثاني: مجلس الجنيد البغدادي:
عن أبي القاسم الكعبي أنه قال مرة: رأيت لكم شيخاً ببغداد ، يقال له الجنيد ما رأت عيناي مثله ، كان الكتبة ـ يعني البلغاء ـ يحضرونه لألفاظه ، والفلاسفة يحضرونه لدقة معانيه ، والمتكلمون يحضرونه لزمام علمه ، وكلامه بائن عن فهمهم وعلمهم.
المشهد الثالث: مجلس الإمام الشهيد:حسن البنا
في أمسية مشهودة بمدينة طنطا وقد احتشد أمامه قرابة أربعين ألفا من فئات الناس بينهم جمهرة من أتباع عدة طرق صوفية درج بعضهم على النفور من طابع الحركة المتحمس كأنهم يرونه يجافي وداعة العبادة...فإذا به بعد استرسال روحي خالج غائر في صفاء ويسر- يقول لمستمعيه فجأة في إشراقه كأنها السحر:ألا تعجبون معي من إخوتنا العباد الذين لا ينقطعون من تلاوة دعاء الشيخ أبي الحسن الشاذلي في حزب البر ويرددون دائما:اللهم أرزقنا الموتة المطهرة ..!!..ماذا تراهم يستحضرون في معنى الموتة المطهرة؟!!..ألا إن أطهر موتة يحبها الله هي هذه.........ورفع يده فمر بها على رقبته إشارة إلى قطع الرقاب في سبيل الله...فكأنما والله مست الناس كلهم كهرباء..واستعلن أمامهم مشهد الفداء رأي العين...فسالت دموع...وثارت عواطف..وتعالت هتافات...!!
...إن المتأمل لهذه المشاهد...وفي أحوال هؤلاء النماذج العالية من العلماء والدعاة وإقبال الناس عليهم
لينبهر ويعجب ويتساءل:
كيف تأتى لهؤلاء أن يؤثروا هذا التأثير العجيب المدهش على الرغم من أنهم لم يدرسوا علم الهندسة النفسية والتأثيرية..ولم يتعلموا فن الإلقاء الرائع.. و لم يتخرجوا من معاهد التنمية البشرية..ولم يتمرسوا في دورات تدريبية مهارية..ولم يعرفوا المقاربة بالكفاءات ولا صناعة النجاح ولا التربية بالأهداف...على خطورة وأهمية وضرورة هذه القضايا القيمة...؟!
ما هي السمات والمرتكزات التي كانت سببا قويا وحاسما في سرعة تأثيرهم ونجاحهم؟
وهل من الممكن أن نستعملها من جديد فتحدث ذات التأثير والتغيير؟..
مفردات ربانية لصناعة التأثير والتغيير:
أولا:الإخلاص:
يقول ابن عطاء الله السكندري: حظ النفس في المعصية ظاهر جلي ، وحظها في الطاعات باطن خفي ، ومداواة ما يخفى صعب علاجه ، ربما دخل الرياء عليك من حيث لا ينظر الخلق إليك ، استشرافك أن يعلم الخلق بخصوصيتك : دليل على عدم صدقك في عبوديتك ، غيب نظر الخلق إليك بنظر الله إليك ، وغب عن إقبالهم عليك بشهود إقباله إليك ، من عرف الحق شهده في كل شئ ومن فني به غاب عن كل شئ ومن أحبه لم يؤثر عليه شيئا..
إن الإخلاص وتمام التجرد وعمق الانفعال مع القضية والبراءة من الأجر الدنيوي:عوامل رئيسية في تقوية أثر كلام الداعية في بقية إخوانه وفي الناس عموما،وعلى منهجية التربية أن تدرك مغزى هذه الظاهرة،وأن تعمل على إبقاء تعليم الإخلاص وأمثاله من المنازل الأولى في مدارج الصاعدين هدفا دائما ومصاحبا لجميع المراحل.
الإخلاص يمنحنا القبول والبركة والقوة والتأثير والجمال و الجلال والهيبة والثبات والدوام...
فما كان لله بقي ودام واتصل...
ثانيا:مدرسة الليل: هذا هو الطريق..
تتعب الحركة الإسلامية أفرادها بكثرة الدورات التدريبية في الهندسة النفسية والتأثيرية و فن الإلقاء الرائع لتحدث التأثير المنشود..ويا ليتها اختصرت عليهم الطريق اختصارا..ودربتهم في مدرسة الليل...حيث الانكسار والدمع المدرار والفيوضات والأنوار...من يتخرج في مدرسة الليل يؤثر في الأجيال التي بعده إلى ما شاء الله ، والمتخلف عنها يابس قاس تـقسو قلوب الناظرين إليه، والدليل عند بشر بن الحارث الحافي منذ القديم ، شاهده وأرشدك إليه, فقال : " بحسبك أن قوماً موتى تحيا القلوب بذكرهم ، وأن قوماً أحياء تـقسو القلوب برؤيتهم " .
ثالثا:القدوة: حال رجل في ألف رجل..خير من مقال ألف رجل في رجل..
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ)..
وما بلغ الحسن البصري - كما يقول عبد الواحد بن زياد - إلى ما بلغ، إلا لكونه إذا أمر الناس بشيء يكون أسبقهم إليه، وإذا نهاهم عن شيء يكون أبعدهم منه.
واحذر أيها القائل بلا فعل، فإن مالك بن دينار يقول لك: "إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما تزل القطرة عن الصفا"، أي قطرة الندى عن الصخرة الملساء، بل وأكثر من ذلك، فللأستاذ مصطفى صادق الرافعي كلام جميل في ذلك فيقول: "إن الموعظة إن لم تتأد في أسلوبها الحي كانت بالباطل أشبه، وإنه لا يغير النفس إلا النفس التي فيها قوة التحويل والتغيير، كنفوس الأنبياء ومن كان في طريقة روحهم، وإن هذه الصناعة إنما هي نور البصيرة في الكلام، لا وضع القياس والحجة، وإن الرجل الزاهد الصحيح الزهد إنما هو حياة تلبسها الحقيقة لتكون به شيئاً في الحياة والعمل، لا شيئاً في القول والتوهم، فيكون إلهامها فيه كحرارة النار في النار، من واتاها أحسها.
ولعمري كم من فقيه يقول للناس: هذا حرام، فلا يزيد الحرام إلا ظهورا وانكشافا ما دام لا ينطق إلا نطق الكتاب، ولا يحسن أن يصل بين النفس و الشرع، وقد خلا من القوة التي تجعله روحا تتعلق الأرواح بها، وتضعه بين الناس في موضعٍ يكون به في اعتبارهم كأنه آتٍ من الجنة منذ قريب، وراجع إليها بعد قريب.
والفقيه الذي يتعلق بالمال وشهوات النفس ولا يجعل همه إلا زيادة الرزق بالمال وشهوات النفس ولا يجعل همه إلا زيادة الرزق وحظ الدنيا، هو الفقيه الفاسد الصورة في خيال الناس يفهمهم أول شيء: ألا يفهموا منه". ويقول رحمه الله: "الأسوة وحدها هي علم الحياة".
رابعا:الحرقة واللوعة والهمة العالية:
ولي كبد مقروحة من يبيعني… بها كبدا ليست بذات قروح
أباها علي الناس لا يشترونها… ومن يشتري ذا علة بصحيح !
من أهم السمات الحاسمة للداعية الناجح..حبه لدعوته وشغفه الشديد بها ،وحرقته ولوعته..وهمته العالية..
تهون علينا في المعالي نفوسنا... ومن خطب الحسناء لم يغلها المهر..
خامسا: المطالعة.. ففاقد الشيء لا يعطيه...
إن كثر من الدعاة لا يطالعون إلا بضع دقائق في اليوم..فكيف يتأتى لهم أن يؤثروا في غيرهم..
أرقام تتكلم:
ولا شك أن القراءة هي عنوان الحضارة، ودلالة بارزة على أي مجتمع متحضر، ولكننا نصاب بالخيبة حينما نقرأ ما ذكرته منظمة مختصة هي (اليونسكو) في تقرير لها عن القراءة في الوطن العربي؛ حيث جاء في التقرير: "المواطن العربي يقرأ (6) دقائق في السنة، وفي الوطن العربي يصدر كتاب لكل (350) ألف مواطن؛ بينما يصدر كتاب لكل (15) ألف مواطن في أوروبا، كما أن كل دور النشر العربية تستوعب من الورق ما تستهلكه دار نشر فرنسية واحدة هي :باليمار..
80عربياً يطالعون كتاباً واحداً
• أوربي واحد يقرأ 35 كتاباً.
• إسرائيلي واحد يقرأ 40 كتاباً
(فهذا عصر ثورة العلم ومنهجية الأعمال، والعمق شرط للمضي في المنافسة ، وما عادت الأحرف اليسيرة تدبر نقاشا أو ترشح صاحبها لندوة أو تقرير ناجح أو مقالة لها رواج أو خطبة ينصت لها الناس ، بل المليء هو سيد الساحات وأبو المنابر ، وما نظن أن حائز العلم الشرعي يستطيع بثه ما لم يضف إليه علما باللغة والآداب والتاريخ ومقدمات الاقتصاد والإدارة والعلوم التطبيقية ، مع نظرة في الفلسفة ، وهذا الشمول هو مظنة تأثيره في أوسط المثقفين ، ويدونه يتلعثم و يضطرب عرضه...
التابع يستطيع الإقلال ، والراضي بمنازل الهامش يمكنه سماع الأشرطة مكتفيا بها، أو الركض وراء خطباء العاطفيات ليشبع نفسه، ولكنا نتحدث عن قوم في المركز والبؤرة والقلب والصميم ، يريدون قيادات الناس ومعاكسة التيار ومقاومة الغزو ومعاندة العالم ، ولهم هدف إصلاح وتغيير وهدم طواغيت استعبدت العلم وسخرته، وقوم هذه هوياتهم وخوارطهم وغاياتهم يفترض أنهم نذروا أنفسهم للتعب وجمع العلوم والمعارف والفنون... )
...يتبع...
بقلم الأستاذ حديبي المدني ( حمس الجزائريه )
المشهد الأول:مجلس العلامة الموسوعي ابن الجوزي:
لقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مئتي ألف، وأسلم على يدي أكثر من مئتي نفس، وكم سالت عين متجبر بوعظي لم تكن تسيل،...ولقد جلست يوما فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف ما فيهم إلا من قد رق قلبه أو دمعت عينه...
المشهد الثاني: مجلس الجنيد البغدادي:
عن أبي القاسم الكعبي أنه قال مرة: رأيت لكم شيخاً ببغداد ، يقال له الجنيد ما رأت عيناي مثله ، كان الكتبة ـ يعني البلغاء ـ يحضرونه لألفاظه ، والفلاسفة يحضرونه لدقة معانيه ، والمتكلمون يحضرونه لزمام علمه ، وكلامه بائن عن فهمهم وعلمهم.
المشهد الثالث: مجلس الإمام الشهيد:حسن البنا
في أمسية مشهودة بمدينة طنطا وقد احتشد أمامه قرابة أربعين ألفا من فئات الناس بينهم جمهرة من أتباع عدة طرق صوفية درج بعضهم على النفور من طابع الحركة المتحمس كأنهم يرونه يجافي وداعة العبادة...فإذا به بعد استرسال روحي خالج غائر في صفاء ويسر- يقول لمستمعيه فجأة في إشراقه كأنها السحر:ألا تعجبون معي من إخوتنا العباد الذين لا ينقطعون من تلاوة دعاء الشيخ أبي الحسن الشاذلي في حزب البر ويرددون دائما:اللهم أرزقنا الموتة المطهرة ..!!..ماذا تراهم يستحضرون في معنى الموتة المطهرة؟!!..ألا إن أطهر موتة يحبها الله هي هذه.........ورفع يده فمر بها على رقبته إشارة إلى قطع الرقاب في سبيل الله...فكأنما والله مست الناس كلهم كهرباء..واستعلن أمامهم مشهد الفداء رأي العين...فسالت دموع...وثارت عواطف..وتعالت هتافات...!!
...إن المتأمل لهذه المشاهد...وفي أحوال هؤلاء النماذج العالية من العلماء والدعاة وإقبال الناس عليهم
لينبهر ويعجب ويتساءل:
كيف تأتى لهؤلاء أن يؤثروا هذا التأثير العجيب المدهش على الرغم من أنهم لم يدرسوا علم الهندسة النفسية والتأثيرية..ولم يتعلموا فن الإلقاء الرائع.. و لم يتخرجوا من معاهد التنمية البشرية..ولم يتمرسوا في دورات تدريبية مهارية..ولم يعرفوا المقاربة بالكفاءات ولا صناعة النجاح ولا التربية بالأهداف...على خطورة وأهمية وضرورة هذه القضايا القيمة...؟!
ما هي السمات والمرتكزات التي كانت سببا قويا وحاسما في سرعة تأثيرهم ونجاحهم؟
وهل من الممكن أن نستعملها من جديد فتحدث ذات التأثير والتغيير؟..
مفردات ربانية لصناعة التأثير والتغيير:
أولا:الإخلاص:
يقول ابن عطاء الله السكندري: حظ النفس في المعصية ظاهر جلي ، وحظها في الطاعات باطن خفي ، ومداواة ما يخفى صعب علاجه ، ربما دخل الرياء عليك من حيث لا ينظر الخلق إليك ، استشرافك أن يعلم الخلق بخصوصيتك : دليل على عدم صدقك في عبوديتك ، غيب نظر الخلق إليك بنظر الله إليك ، وغب عن إقبالهم عليك بشهود إقباله إليك ، من عرف الحق شهده في كل شئ ومن فني به غاب عن كل شئ ومن أحبه لم يؤثر عليه شيئا..
إن الإخلاص وتمام التجرد وعمق الانفعال مع القضية والبراءة من الأجر الدنيوي:عوامل رئيسية في تقوية أثر كلام الداعية في بقية إخوانه وفي الناس عموما،وعلى منهجية التربية أن تدرك مغزى هذه الظاهرة،وأن تعمل على إبقاء تعليم الإخلاص وأمثاله من المنازل الأولى في مدارج الصاعدين هدفا دائما ومصاحبا لجميع المراحل.
الإخلاص يمنحنا القبول والبركة والقوة والتأثير والجمال و الجلال والهيبة والثبات والدوام...
فما كان لله بقي ودام واتصل...
ثانيا:مدرسة الليل: هذا هو الطريق..
تتعب الحركة الإسلامية أفرادها بكثرة الدورات التدريبية في الهندسة النفسية والتأثيرية و فن الإلقاء الرائع لتحدث التأثير المنشود..ويا ليتها اختصرت عليهم الطريق اختصارا..ودربتهم في مدرسة الليل...حيث الانكسار والدمع المدرار والفيوضات والأنوار...من يتخرج في مدرسة الليل يؤثر في الأجيال التي بعده إلى ما شاء الله ، والمتخلف عنها يابس قاس تـقسو قلوب الناظرين إليه، والدليل عند بشر بن الحارث الحافي منذ القديم ، شاهده وأرشدك إليه, فقال : " بحسبك أن قوماً موتى تحيا القلوب بذكرهم ، وأن قوماً أحياء تـقسو القلوب برؤيتهم " .
ثالثا:القدوة: حال رجل في ألف رجل..خير من مقال ألف رجل في رجل..
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ)..
وما بلغ الحسن البصري - كما يقول عبد الواحد بن زياد - إلى ما بلغ، إلا لكونه إذا أمر الناس بشيء يكون أسبقهم إليه، وإذا نهاهم عن شيء يكون أبعدهم منه.
واحذر أيها القائل بلا فعل، فإن مالك بن دينار يقول لك: "إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما تزل القطرة عن الصفا"، أي قطرة الندى عن الصخرة الملساء، بل وأكثر من ذلك، فللأستاذ مصطفى صادق الرافعي كلام جميل في ذلك فيقول: "إن الموعظة إن لم تتأد في أسلوبها الحي كانت بالباطل أشبه، وإنه لا يغير النفس إلا النفس التي فيها قوة التحويل والتغيير، كنفوس الأنبياء ومن كان في طريقة روحهم، وإن هذه الصناعة إنما هي نور البصيرة في الكلام، لا وضع القياس والحجة، وإن الرجل الزاهد الصحيح الزهد إنما هو حياة تلبسها الحقيقة لتكون به شيئاً في الحياة والعمل، لا شيئاً في القول والتوهم، فيكون إلهامها فيه كحرارة النار في النار، من واتاها أحسها.
ولعمري كم من فقيه يقول للناس: هذا حرام، فلا يزيد الحرام إلا ظهورا وانكشافا ما دام لا ينطق إلا نطق الكتاب، ولا يحسن أن يصل بين النفس و الشرع، وقد خلا من القوة التي تجعله روحا تتعلق الأرواح بها، وتضعه بين الناس في موضعٍ يكون به في اعتبارهم كأنه آتٍ من الجنة منذ قريب، وراجع إليها بعد قريب.
والفقيه الذي يتعلق بالمال وشهوات النفس ولا يجعل همه إلا زيادة الرزق بالمال وشهوات النفس ولا يجعل همه إلا زيادة الرزق وحظ الدنيا، هو الفقيه الفاسد الصورة في خيال الناس يفهمهم أول شيء: ألا يفهموا منه". ويقول رحمه الله: "الأسوة وحدها هي علم الحياة".
رابعا:الحرقة واللوعة والهمة العالية:
ولي كبد مقروحة من يبيعني… بها كبدا ليست بذات قروح
أباها علي الناس لا يشترونها… ومن يشتري ذا علة بصحيح !
من أهم السمات الحاسمة للداعية الناجح..حبه لدعوته وشغفه الشديد بها ،وحرقته ولوعته..وهمته العالية..
تهون علينا في المعالي نفوسنا... ومن خطب الحسناء لم يغلها المهر..
خامسا: المطالعة.. ففاقد الشيء لا يعطيه...
إن كثر من الدعاة لا يطالعون إلا بضع دقائق في اليوم..فكيف يتأتى لهم أن يؤثروا في غيرهم..
أرقام تتكلم:
ولا شك أن القراءة هي عنوان الحضارة، ودلالة بارزة على أي مجتمع متحضر، ولكننا نصاب بالخيبة حينما نقرأ ما ذكرته منظمة مختصة هي (اليونسكو) في تقرير لها عن القراءة في الوطن العربي؛ حيث جاء في التقرير: "المواطن العربي يقرأ (6) دقائق في السنة، وفي الوطن العربي يصدر كتاب لكل (350) ألف مواطن؛ بينما يصدر كتاب لكل (15) ألف مواطن في أوروبا، كما أن كل دور النشر العربية تستوعب من الورق ما تستهلكه دار نشر فرنسية واحدة هي :باليمار..
80عربياً يطالعون كتاباً واحداً
• أوربي واحد يقرأ 35 كتاباً.
• إسرائيلي واحد يقرأ 40 كتاباً
(فهذا عصر ثورة العلم ومنهجية الأعمال، والعمق شرط للمضي في المنافسة ، وما عادت الأحرف اليسيرة تدبر نقاشا أو ترشح صاحبها لندوة أو تقرير ناجح أو مقالة لها رواج أو خطبة ينصت لها الناس ، بل المليء هو سيد الساحات وأبو المنابر ، وما نظن أن حائز العلم الشرعي يستطيع بثه ما لم يضف إليه علما باللغة والآداب والتاريخ ومقدمات الاقتصاد والإدارة والعلوم التطبيقية ، مع نظرة في الفلسفة ، وهذا الشمول هو مظنة تأثيره في أوسط المثقفين ، ويدونه يتلعثم و يضطرب عرضه...
التابع يستطيع الإقلال ، والراضي بمنازل الهامش يمكنه سماع الأشرطة مكتفيا بها، أو الركض وراء خطباء العاطفيات ليشبع نفسه، ولكنا نتحدث عن قوم في المركز والبؤرة والقلب والصميم ، يريدون قيادات الناس ومعاكسة التيار ومقاومة الغزو ومعاندة العالم ، ولهم هدف إصلاح وتغيير وهدم طواغيت استعبدت العلم وسخرته، وقوم هذه هوياتهم وخوارطهم وغاياتهم يفترض أنهم نذروا أنفسهم للتعب وجمع العلوم والمعارف والفنون... )
...يتبع...
تعليق