[align=center]على الجميع أن يتغير وليس فقط حماس...
كتب / طلال عوكل [/align]
دون أن يغادر العالم الغربي لغة التهديد والابتزاز للشعب الفلسطيني بذريعة فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية، أقدمت اوروبا على اتخاذ قرار بالافراج عن مئة وعشرين مليون يورو للسلطة، بينما أكد المنسق الاعلى للاتحاد الاوروبي خافير سولانا استمرار الدعم الاوروبي للسلطة.
الافراج عن أموال الدعم الاوروبي، لاقى ترحيباً أميركياً، أو لنقل عدم اعتراض على ذلك، ان اشارات متكررة ومن مصادر مختلفة كلها دولية جاءت لتقول ان وقف الدعم سيؤدي الى انهيار السلطة، ووقوع كارثة انسانية ما قد يؤدي الى اندلاع الفوضى في المنطقة.
فبعد تحذيرات مبعوث الرباعية الدولية جيمس ولفنسون، اكدت المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا) كارين ابو زيد، ومبعوث الامم المتحدة الخاص لعملية السلام الفارو دي سوتو، اكد هؤلاء الاستنتاج الذي توصل اليه ولفنسون ما دق أجراس الإنذار لدى أطراف الرباعية الدولية التي تحرص على استمرار السلطة ودورها تحت اي ظرف من الظروف وكأولوية.
المبالغ التي قدمتها اوروبا، لن تنقذ السلطة من أزمتها المالية، وهي لا تفي بحاجات السلطة، وانما تستهدف ابقاءها عند حد خط الفقر، ولتمكينها من اداء الحد الادنى من واجباتها وفقط حتى لا يؤدي غياب هذا المستوى من الدعم، الى افلاس خزينة السلطة وتقصيرها عن الوفاء ببعض التزاماتها ما قد يؤدي الى انهيارها فعلاً.
ويبدو ان الاوروبيين مغتاظون مما اضطروا لعمله، ذلك انهم لا يكفون عن ترديد تهديداتهم لحركة "حماس" ومطالبتها بالتخلي عن المقاومة المسلحة، والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود، وكذلك بكل الاتفاقيات التي وقعتها السلطة وبخارطة الطريق.
التهديدات الاقوى اوروبياً جاءت من فرنسا التي تزورها وزيرة الخارجية الاسرائيلية، حيث طالب شيراك الحكومة الفلسطينية المقبلة بالاعتراف باسرائيل، ودعا الى الحزم في التعامل مع حركة "حماس"، ربما اراد شيراك ان يبرر استئناف الدعم حتى لا يقع الشعب الفلسطيني تحت طائلة العقوبات، ولكنه ربما اراد ان يجامل الضيفة الاسرائيلية خصوصاً انه يرغب في تذكير موسكو التي يزورها وفد "حماس" غداً الجمعة، بما عليها ان تفعله كأحد اطراف الرباعية الدولية.
الاوروبيون كانوا قد انتقدوا القرار الاسرائيلي بوقف تحويل المبالغ الشهرية المستحقة للسلطة الوطنية من عائدات المقاصة، والتي تبلغ نحو خمسين مليون دولار، فيما ظلت اسرائيل تعاند انسجاماً مع سياستها الرامية لتوظيف المناخات الدولية، الناجمة عن فوز حركة "حماس"، باتجاه تكريس سياستها، ورؤيتها لمستقبل العلاقات الفلسطينية - الاسرائيلية.
لا تكترث اسرائيل كثيراً لما يمكن ان يعانيه الشعب الفلسطيني، وحتى لو ادت العقوبات التي يفرضها المجتمع الدولي، وتعودت اسرائيل على ممارستها، الى انهيار السلطة الوطنية، فكل ذلك من شأنه ان يعزل الفلسطينيين ويحملهم مسؤولية انهيار ما تبقى من عملية السلام، ويسمح لها بتنفيذ مخططاتها.
ومن الواضح ان مجتمع الرباعية الدولية، الذي يعي تماماً الاهداف الاسرائيلية، قد اخذ ينحاز شيئا فشيئاً لصالح اسرائيل ونقصد بالضبط الرؤية الاسرائيلية للسلام، ذلك ان لا احد يلتفت لما تفعله اسرائيل على الارض، ولم يتحرك احد لإدانة التصعيد الاسرائيلي او التصريحات التي ادلى بها وزير دفاع اسرائيل شاؤول موفاز بشأن قرار اسرائيل الاحتفاظ بست كتل استيطانية، بالاضافة الى منطقة غور الاردن.
كان حرياً بالأوروبيين، والاميركيين، ان يحذروا اسرائيل من مغبة السياسات التي تقوم بتنفيذها، وأن يطالبوها بالالتزام بوقف الاستيطان والعدوان وبناء الجدار، وتهويد القدس، في الوقت الذي يطالبون فيه حركة "حماس" بالاعتراف باسرائيل.ان العالم الغربي يتواطأ عن وعي مع اسرائيل، وهو لا يقدم سوى ما يخدم مصالحه ومصالح اسرائيل، اذ يكفيه اعتدال السياسة الفلسطينية واستمرار حالة الهدوء، وتقوقع الفعل الفلسطيني داخل الحدود التي ترسمها اسرائيل.
فلقد تخلى هذا العالم فعلياً عن مرجعيات واطار التسوية، وتخلى عن آلية المفاوضات الجماعية وهو في سبيله للتخلي عن آلية المفاوضات الثنائية رغم كثرة التصريحات بهذا الشأن، وحتى لو ان حركة "حماس" قدمت كل ما تريده الرباعية الدولية التي تبدي استعداداً لمعاقبة الفلسطينيين لأبسط الاسباب بينما هي غير مستعدة للتفكير بالحد الادنى من العقوبات ضد اسرائيل رغم الجرائم والكبائر التي تقوم بممارستها.
لا يدرك العالم الغربي أبعاد السياسات التي يتخذها من موقع الانحياز لإسرائيل ومعاقبة الشعب الفلسطيني، فلقد ثبت بالدليل الملموس وأكثر من مرة ان ردود الفعل ازاء المواقف المعادية لهذا الفصيل او ذاك، تتجه نحو دعم وتأييد وحماية لهذا الفصيل.
ولقد لاحظنا كم ساهمت الحملة الاسرائيلية ضد حركة "حماس"، والحملة الاميركية قبل الانتخابات التشريعية، ان هذه الحملات، جعلت الجمهور الفلسطيني يتجه نحو دعم "حماس" وليس معاقبتها او الانفضاض عنها، خصوصاً ان الجمهور الفلسطيني يدرك أبعاد السياسات الدولية والاسرائيلية، ويقدر ما قدمته حركة "حماس" حتى الآن.
بعد شهر تقريباً على اجراء الانتخابات التشريعية قدمت حركة "حماس" الكثير، وتقدمت خطوات واسعة لم تكن متوقعة باتجاه الانفتاح على العالم، وعلى العمل السياسي، وهي الآن قادرة على بلورة إجابات مناسبة عن الاسئلة التي يطرحها الواقع.ونعتقد ان زيارة وفد حركة "حماس" لموسكو، ستكون اكثر من مهمة وحاسمة، ذلك ان أطراف الرباعية ستتلقى ردوداً محددة، عبر واحدة من دولها، التي تسعى لتطوير دورها وسياساتها الشرق اوسطية التي وجدت للتو مخارج للسياسة الايرانية التي تواجه بسبب ملفها النووي، تهديدات وعقوبات الغرب الرأسمالي.
ليس على حركة "حماس" وحدها أن تتغير، وقد أظهرت إرادتها في التغيير، وإنما على العالم الغربي أيضاً أن يبدي استعداده للتغيير وإلا فإن أحداً من الفلسطينيين لن يسمح بأن يكون التغيير من جانب واحد، وإلا كان عبثياً ومجانياً ويصب في خدمة اسرائيل فقط، لأننا سنقول حينها: عليّ وعلى أعدائي.
كتب / طلال عوكل [/align]
دون أن يغادر العالم الغربي لغة التهديد والابتزاز للشعب الفلسطيني بذريعة فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية، أقدمت اوروبا على اتخاذ قرار بالافراج عن مئة وعشرين مليون يورو للسلطة، بينما أكد المنسق الاعلى للاتحاد الاوروبي خافير سولانا استمرار الدعم الاوروبي للسلطة.
الافراج عن أموال الدعم الاوروبي، لاقى ترحيباً أميركياً، أو لنقل عدم اعتراض على ذلك، ان اشارات متكررة ومن مصادر مختلفة كلها دولية جاءت لتقول ان وقف الدعم سيؤدي الى انهيار السلطة، ووقوع كارثة انسانية ما قد يؤدي الى اندلاع الفوضى في المنطقة.
فبعد تحذيرات مبعوث الرباعية الدولية جيمس ولفنسون، اكدت المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا) كارين ابو زيد، ومبعوث الامم المتحدة الخاص لعملية السلام الفارو دي سوتو، اكد هؤلاء الاستنتاج الذي توصل اليه ولفنسون ما دق أجراس الإنذار لدى أطراف الرباعية الدولية التي تحرص على استمرار السلطة ودورها تحت اي ظرف من الظروف وكأولوية.
المبالغ التي قدمتها اوروبا، لن تنقذ السلطة من أزمتها المالية، وهي لا تفي بحاجات السلطة، وانما تستهدف ابقاءها عند حد خط الفقر، ولتمكينها من اداء الحد الادنى من واجباتها وفقط حتى لا يؤدي غياب هذا المستوى من الدعم، الى افلاس خزينة السلطة وتقصيرها عن الوفاء ببعض التزاماتها ما قد يؤدي الى انهيارها فعلاً.
ويبدو ان الاوروبيين مغتاظون مما اضطروا لعمله، ذلك انهم لا يكفون عن ترديد تهديداتهم لحركة "حماس" ومطالبتها بالتخلي عن المقاومة المسلحة، والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود، وكذلك بكل الاتفاقيات التي وقعتها السلطة وبخارطة الطريق.
التهديدات الاقوى اوروبياً جاءت من فرنسا التي تزورها وزيرة الخارجية الاسرائيلية، حيث طالب شيراك الحكومة الفلسطينية المقبلة بالاعتراف باسرائيل، ودعا الى الحزم في التعامل مع حركة "حماس"، ربما اراد شيراك ان يبرر استئناف الدعم حتى لا يقع الشعب الفلسطيني تحت طائلة العقوبات، ولكنه ربما اراد ان يجامل الضيفة الاسرائيلية خصوصاً انه يرغب في تذكير موسكو التي يزورها وفد "حماس" غداً الجمعة، بما عليها ان تفعله كأحد اطراف الرباعية الدولية.
الاوروبيون كانوا قد انتقدوا القرار الاسرائيلي بوقف تحويل المبالغ الشهرية المستحقة للسلطة الوطنية من عائدات المقاصة، والتي تبلغ نحو خمسين مليون دولار، فيما ظلت اسرائيل تعاند انسجاماً مع سياستها الرامية لتوظيف المناخات الدولية، الناجمة عن فوز حركة "حماس"، باتجاه تكريس سياستها، ورؤيتها لمستقبل العلاقات الفلسطينية - الاسرائيلية.
لا تكترث اسرائيل كثيراً لما يمكن ان يعانيه الشعب الفلسطيني، وحتى لو ادت العقوبات التي يفرضها المجتمع الدولي، وتعودت اسرائيل على ممارستها، الى انهيار السلطة الوطنية، فكل ذلك من شأنه ان يعزل الفلسطينيين ويحملهم مسؤولية انهيار ما تبقى من عملية السلام، ويسمح لها بتنفيذ مخططاتها.
ومن الواضح ان مجتمع الرباعية الدولية، الذي يعي تماماً الاهداف الاسرائيلية، قد اخذ ينحاز شيئا فشيئاً لصالح اسرائيل ونقصد بالضبط الرؤية الاسرائيلية للسلام، ذلك ان لا احد يلتفت لما تفعله اسرائيل على الارض، ولم يتحرك احد لإدانة التصعيد الاسرائيلي او التصريحات التي ادلى بها وزير دفاع اسرائيل شاؤول موفاز بشأن قرار اسرائيل الاحتفاظ بست كتل استيطانية، بالاضافة الى منطقة غور الاردن.
كان حرياً بالأوروبيين، والاميركيين، ان يحذروا اسرائيل من مغبة السياسات التي تقوم بتنفيذها، وأن يطالبوها بالالتزام بوقف الاستيطان والعدوان وبناء الجدار، وتهويد القدس، في الوقت الذي يطالبون فيه حركة "حماس" بالاعتراف باسرائيل.ان العالم الغربي يتواطأ عن وعي مع اسرائيل، وهو لا يقدم سوى ما يخدم مصالحه ومصالح اسرائيل، اذ يكفيه اعتدال السياسة الفلسطينية واستمرار حالة الهدوء، وتقوقع الفعل الفلسطيني داخل الحدود التي ترسمها اسرائيل.
فلقد تخلى هذا العالم فعلياً عن مرجعيات واطار التسوية، وتخلى عن آلية المفاوضات الجماعية وهو في سبيله للتخلي عن آلية المفاوضات الثنائية رغم كثرة التصريحات بهذا الشأن، وحتى لو ان حركة "حماس" قدمت كل ما تريده الرباعية الدولية التي تبدي استعداداً لمعاقبة الفلسطينيين لأبسط الاسباب بينما هي غير مستعدة للتفكير بالحد الادنى من العقوبات ضد اسرائيل رغم الجرائم والكبائر التي تقوم بممارستها.
لا يدرك العالم الغربي أبعاد السياسات التي يتخذها من موقع الانحياز لإسرائيل ومعاقبة الشعب الفلسطيني، فلقد ثبت بالدليل الملموس وأكثر من مرة ان ردود الفعل ازاء المواقف المعادية لهذا الفصيل او ذاك، تتجه نحو دعم وتأييد وحماية لهذا الفصيل.
ولقد لاحظنا كم ساهمت الحملة الاسرائيلية ضد حركة "حماس"، والحملة الاميركية قبل الانتخابات التشريعية، ان هذه الحملات، جعلت الجمهور الفلسطيني يتجه نحو دعم "حماس" وليس معاقبتها او الانفضاض عنها، خصوصاً ان الجمهور الفلسطيني يدرك أبعاد السياسات الدولية والاسرائيلية، ويقدر ما قدمته حركة "حماس" حتى الآن.
بعد شهر تقريباً على اجراء الانتخابات التشريعية قدمت حركة "حماس" الكثير، وتقدمت خطوات واسعة لم تكن متوقعة باتجاه الانفتاح على العالم، وعلى العمل السياسي، وهي الآن قادرة على بلورة إجابات مناسبة عن الاسئلة التي يطرحها الواقع.ونعتقد ان زيارة وفد حركة "حماس" لموسكو، ستكون اكثر من مهمة وحاسمة، ذلك ان أطراف الرباعية ستتلقى ردوداً محددة، عبر واحدة من دولها، التي تسعى لتطوير دورها وسياساتها الشرق اوسطية التي وجدت للتو مخارج للسياسة الايرانية التي تواجه بسبب ملفها النووي، تهديدات وعقوبات الغرب الرأسمالي.
ليس على حركة "حماس" وحدها أن تتغير، وقد أظهرت إرادتها في التغيير، وإنما على العالم الغربي أيضاً أن يبدي استعداده للتغيير وإلا فإن أحداً من الفلسطينيين لن يسمح بأن يكون التغيير من جانب واحد، وإلا كان عبثياً ومجانياً ويصب في خدمة اسرائيل فقط، لأننا سنقول حينها: عليّ وعلى أعدائي.
تعليق