بسم الله الرحمن الرحيم
"إنك ميت وأنهم ميتون"
نعم 0000 انه الموت
الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت لأن الله قال : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ) [الرحمن:26-27].
الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت لأن الله قال : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ) [الرحمن:26-27].
الكل سيموت لأن الله قال: ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) [الزمر:30]
ولأن الله قال: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ) [الأنبياء:34]..
وقال ك ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) [آل عمران:185].
ولأن الله قال: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ) [الأنبياء:34]..
وقال ك ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) [آل عمران:185].
موت النبي صلى الله عليه وسلم
مات الحبيب الذي كان يقول في آخر لحظات الحياة : (ألا لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) . من وصاياه في ساعات احتضاره وفي ساعات وداعه أنه كان يقول: (الصلاة وما ملكت أيمانكم). صعد المنبر آخر ما صعد فقال: (من أخذت منه مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، من سببت له عرضاً فهذا عرضي فليقتص منه، من ضربت له جسداً فهذا جسدي فليقتص منه؛ إن رجلاً خيره الله بين ما عنده وبين زينة الدنيا فاختار ما عند الله؛ فبكى الصديق رضي الله عنه وأرضاه، فقالوا: ما الذي يبكي هذا الشيخ الكبير؟!) لقد علم أنها آخر ساعات الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه.. في آخر ساعات احتضاره أخذ يضع يده في ركوة من الماء ويمسح على وجهه، ويقول: (لا إله إلا الله إن للموت لسكرات.. إن للموت لسكرات.. اللهم هون علي الموت وسكراته.. اللهم هون علي الموت و سكراته.. فلما رأت فاطمة شدة البلاء على أبيها أخذت تقول: واكرب أبتاه.. واكرب أبتاه.. واكرب أبتاه.. فأخذ يقول لها: لا كرب على أبيك بعد اليوم.. لا كرب يا فاطمة على أبيك بعد اليوم، ثم أخذ يشخص ببصره إلى السماء ويرفع بيده السبابة وهو يناجي ربه ويقول: اللهم اغفر لي.. اللهم ارحمني.. اللهم تب علي.. اللهم الرفيق الأعلى.. اللهم الرفيق الأعلى.. اللهم الرفيق الأعلى). ثم سكتت الأنفاس الطاهرة، وتوقف القلب الكبير؛ لأن الله قال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] لأن الله قال: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34].. كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]. فلما فارقت الروح الحياة وسكت ذلك الجسد الطاهر الشريف أخذت فاطمة تقول: واأبتاه.. واأبتاه أجاب رباً دعاه.. واأبتاه أجاب رباً دعاه.. واأبتاه جنة الفردوس مأواه.. واأبتاه إلى جبريل ننعاه.. فلما دُفن، قالت فاطمة لـأنس : أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله؟! يقول أنس : فقلت في نفسي: والله ما طابت، ولكننا ألجمناها إلجاماً. مات الحبيب لأن الله قال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت.
موت أبي بكر الصديق رضي الله عنه
ثم يموت الصديق رضي الله عنه وأرضاه خليفة الحبيب، وفي ساعات احتضاره وكانت ساعات احتضاره بليل.. أخذ يقول لـعائشة : في أي يوم نحن؟ قالت: يوم الإثنين. قال: في أي يوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الإثنين، ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم مراراً في منامه، سألوه في أيام مرضه: عرضت نفسك على الطبيب؟ قال: نعم قالوا: ماذا قال؟ قال: قال إني فعال لما أريد.. فلما اشتدت عليه السكرات، ورأت عائشة سكرات الموت على أبيها، أخذت تستشهد ببيت تقول فيه: أعاذل ما يغني الحذار عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاقت بها الصدر فقال: يا عائش ! لا تقولي ذلك، ولكن قولي: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19]. نعم أيها الغالي! قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الجمعة:8]. أوصى أبو بكر عمر وصية في آخر حياته ليتنا فهمناها، قال: يا عمر إن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل. مات الصديق لأن الله قال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] الكل سيموت إلا ذو العزة الجبروت.
موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ثم يموت الفاروق رضي الله عنه وأرضاه وهو يصلي الفجر، هل لسبب شرعي ضُيعت صلاة الفجر؟! أم بسبب المكوث ساعات وساعات أمام الشاشات والقنوات؟ طعن وهو يقرأ قوله جل في علاه: إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ [يوسف:86]. نعم أيها الغالي! طعن شهيد المحراب، فلما أفاق كانت أول كلمة قالها: أصلى الناس؟ اسمع -يا رعاك الله- أول كلمة تلفظ بها عمر يوم أفاق من غيبوبته، قال: أصلى الناس؟ ثم رأى الدم ينزف منه نزفاً، تيقن أن الموت قد اقترب، كان هناك شغل يشغله وهم يهمه، قال يا عبد الله بن عمر اذهب إلى عائشة أم المؤمنين وقل لها: يقرئك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست أميراً للمؤمنين بعد اليوم.. قل لها: يبلّغك عمر السلام ويستأذنك أن يُدفن مع صاحبيه. يريد أن يكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم حتى في الممات. فذهب عبد الله بن عمر وطرق الباب على عائشة وقال لها: يقرئك عمر السلام، ويقول لك: أتأذنين له أن يدفن مع صاحبيه؟ فقالت الصديقة بنت الصديق : والله إني كنت أريده لنفسي، ووالله لأوثرن عمر على نفسي.. فلما رجع عبد الله بن عمر ورآه عمر قد أقبل، قال: أجلسوني، فقال: ما الخطب يا عبد الله بن عمر ؟ قال: أبشر يا أمير المؤمنين فقد رضيت. فتهلل وجه عمر رضي الله عنه وأرضاه.. لأن القضية كانت تشغله وتهمه. ما كان يوصي بمال ولا بعيال ولا بحلال، القضية قضية مرافقة في الدنيا وفي الآخرة. فقال عمر : إن أنا مت فغسلوني وكفنوني ثم احملوني واطرقوا عليها الباب، وقولوا: يستأذن عمر مرة ثانية، فإن أذنت وإلا فخذوني إلى مقابر المسلمين. فلما حانت ساعة الاحتضار وبدأت تتنزل عليه كربات الموت، أخذ عبد الله بن عمر رأسه ووضعه على فخذه، فقال عمر : ضع وجهي على التراب علّ الله أن يرحم عمر ، ليتني خرجت منها كفافاً لا لي ولا علي، وددت أن أمي لم تلدني.. ليتني كنت ورقة تعضد.. من هو؟! عمر الصوام القوّام يقول: وددتُ أني خرجتُ منها كفافاً لا لي ولا علي. مات عمر .. مات عمر لأن الله قال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت.
موت عثمان رضي الله عنه
ثم يموت عثمان رضي الله عنه وأرضاه، يموت وقد رأى في منامه في تلك الليلة النبي صلى الله عليه وسلم يقول له: تفطر عندنا غداً، فأصبح صائماً رضي الله عنه وأرضاه، تسلقوا عليه البيت وطعنوه وهو يقرأ القرآن، فتدفقت تلك الدماء على لحيته الطاهرة، ثم أخذ يدعوا ويقول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.. اللهم اجمع شمل أمة محمد.. اللهم اجمع شمل أمة محمد. عثمان وما أدراك ما عثمان ؟! تلك اللحية التي لطالما تبللت بالدموع من خشية الله، تلك اللحية التي لطالما تبللت بكاء وخشية من الله جلّ في علاه. عثمان الذي إذا ذكرت الجنة والنار يبكي، وإذا ذُكر القبر يبكي بكاءً شديداً، فإذا قيل له: لا تبكي للجنة والنار كبكائك للقبر؟! قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (القبر أول منازل الآخرة) إذا كان الذي فيه هيناً فما بعده أهون، وإن كان الذي فيه شديداً فما بعده أشد. مات عثمان قارئ القرآن الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ضرّ عثمان ما فعل بعد اليوم) عثمان الذي نفس بأمواله كربات المسلمين، عثمان الذي كان أباً للأرامل والفقراء والمساكين. مات لأن الله قال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت.
موت علي رضي الله عنه
وبعد ساعات الفجر تحلو دقائق الاستغفار فخرج علي مستغفراً ربه بعد قيام الليل منطلقاً إلى صلاة الفجر، فيطعن وهو في طريقه إلى المسجد. شتان بين خواتيم وخواتيم، شتان بين من يقتل وهو يسير إلى المسجد، وشتان بين من يسير إلى معصية الله. ثم يوم علم علي أنها النهاية قال: أبقوه، فإن أنا بقيت قتلت أو عفوت، وإن أنا مت فاقتلوه وعجلوه فإني مخاصمه عند ربي جل في علاه؛ ولم يتلفظ بعدها بكلمة إلا قول: لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله.. حتى فارق الحياة. علي المجاهد العنيد والمقاتل الصنديد يموت وهو يسير إلى صلاة الفجر. مات لأن الله قال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت.
اللهم انا نسألك موجبات رحمتك يا أرحم الراحمين