الحلقة(2).. التخطيط لعملية أسر الجندي \"كرفاني\"
2010-02-24
القسام – خاص:
بعد دراسة الخطة الموضوعة والعمل الميداني المستمر تم الاتفاق أن يكون يوم الجمعة الموافق 18/9/1992م موعداً لتنفيذ العملية.. مع ملاحظة أنه قد سبق هذا اليوم أي يوم الخميس إضراباً شاملاً دعت إليه (حركة المقاومة الإسلامية- حماس).
-حينما عرضت فكرة العملية أمام المجموعة المختارة للقيام بها أبدى الجميع رغبة جامحة في الاشتراك بهذه البطولة ولو كلفهم ذلك حياتهم.. وبعد دراسة وضع كل أخ على حده تم اختيار الأبطال الذين سينفذون هذه العملية وهم:
الأول: الأخ المجاهد/ (مصطفى رمضان).. طويل أبيض البشرة يميل للشقرة وهو سائق متمكن.. ملتحي.. إذا ما وضع قبعة المتدينين اليهود (الكيب) لا يمكن تمييزه هل هو يهودي أم مسلم، ولكن عيبه الوحيد أنه لا يستطيع التكلم بالعبرية.
الثاني: الأخ المجاهد/ (عاطف حمدان).. قصير ذو شارب يجيد اللغة العبرية وبطلاقة، يبدو عليه بعضاً من الشيب يفي رأسهن وإذا وضع قبعة المتدينين من بني يهود ولبس بنطال قصير (شورت) يبدو عليه وكأنه يهودي من أصل شرقي.
الثالث: وهذا هو البطل الذي دخل الساحة في آخر لحظة قبل التنفيذ وهو الأخ المجاهد/ (جمال موسى).. طويل القامة.. أشقر البشرة والشعر يمكنه التنكر في شكل يهودي بسهولة شديدة أو رجل غربي.. ولهذا البطل قصة لا بد من ذكرها وهي أن المجاهد كان معتقلاً حتى عصر يوم الخميس 17/9، وخرج بعد عصر ذلك اليوم وعرضت عليه العملية قبل أن يصل إلى بيته حتى يعطي رأيه ويدلي بنصيحته.
وكان الغرض من ذلك رفع معنويات ذلك المجاهد، وهنا تجسدت روح الجهاد الحقّة، وظهر المعدن الإخواني الرائع، فلقد ذكّرنا مجاهدنا (جمال موسى) برجال دعوا للجهاد فقالوا/ لبيك وسعديك.. ورددوا: اليوم نلقى الأحبة.. محمداً وصحبه.
نعم.. كان الغرض من إبلاغه رفع معنوياته وإذا به أشد الإخوة حماساً وإستعداداً ورغبة في تنفيذ تلك العملية، فأخذ يؤكد ان شكله وبنيته ومعرفته لبعض العبرية قد يساعدوا في نجاح الخطّة وبالفعل استطاع مجاهدنا البطل أن يقنع المخططين لأن يكون ثالث ثلاثة باعوا الدنيا واشتروا الآخرة..
وكان حقاً علينا أن نسطر هذا الموقف لندلل على عظمة التربية التي ترباها هؤلاء القساميون، الذين عشقوا الجهاد والاستشهاد فلقد آثر مجاهدنا العودة إلى الميدان قبل أن يرى أهله وبيته.. إنهم نتاج المدرسة التي أسسها إمام المجاهدين (محمد صلى الله عليه وسلم) ثم جاء مجدد هذا الزمان الشهيد البطل (حسن البنا) ليرسخها لهم في رسالة الجهاد ويذكرهم بما ورد في سيرة سيد المرسلين وما قاله عن (حنظلة).. وغسيل الملائكة له.. بعدما خرج للجهاد ليلة زفافه، وكذلك (عمير بن الحمام) الذي اعتبر أكل التمرات حياة طويلة تحول بينه وبين الجنّة، ومن بعد هؤلاء رجال ضربوا أروع الأمثلة في زماننا هذا، نذكر منهم (عبد الرحمن السندي) رئيس التنظيم السري للإخوان المسلمين في مصر..
ميراث الإيمان
وكان لهذه الكلمات تأثيرها الفاعل، فلقد سجلت كلماتهم بأحرف من نور في قلوب الكثير من أبناء (الحماس) و(القسام) فكان من نتاجها الرقيب الشهيد/ (ياسر النمروطي) ومن بعده المجاهد الأسطورة (زكريا الشوربجي) الذي أمضى أحد عشر عاماً رهن الاعتقال وكانت نفسه تتلهف إلى كسر جدار الزنازين لينطلق إلى رحاب الجنة الواسعة، فما أن أفرج عنه بادر بالإنضمام إلى (كتائب القسام) وكان دائم التفكير في كيفية إخراج إخوانه من المعتقل.
ولكن الله اجتباه واصفاه بالشهادة بعد المطاردة لتتحقق أسمى أمانيه وليلحق بركب الشهداء مع النبيين والصديقين، ونحسبه كذلك.
ربما يعتقد البعض أننا ابتعدنا عن محور الحديث ولكن نقول.. إن هذه الروح التي قد تحدثنا عنها كانت صورة من صور الإعداد النفسي والجهادي الذي حمله هؤلاء الأبطال بين جنباتهم وترجمته جوارحهم والذي رسم معالم شخصية أبناء (القسام) حتى أصبحت مثالاً يحتذى به..
التدريب والإعداد
ومثل أبطال (القسام) دور بعض قطعان المغتصبين الصهاينة وقام الرابع بدور الجندي الفريسة وكان بحوزة المجموعة مسدس ورشاش من نوع (كارلو غوستاف) وهو نفس السلاح الذي ترك في عملية (جان طال) في 30/1/1993م، كما تزودوا ببعض الخناجر والسكاكين لقتل الجندي بها، أما بقية الأسلحة فقد أخذت تحسباً لمواجهة مع قوات الاحتلال.. حيث كان هدفهم إحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة في سبيل الله.
ملاحظة/ تم الإستيلاء على السيارة البيجو يوم الأربعاء الموافق 16/9، وبقيت بحوزة المجموعة حتى الجمعة صباحاً بسبب الإضراب ثم تركت بعد العملية في إحدى المناطق في خانيونس دون لوحات أرقام.
وبعد مراجعة للخطّة ومدى توافقها مع الواقع خاصّة بعد العملية الوهمية رأى أبطالنا الثلاثة أن الوضع جاهز تماماً لإتمام العملية الحقيقة بدأت دقّات الساعة تدق على أوتار قلوب أبطالنا وكأن الثانية ساعة وكأن الساعة شهراً جميعهم متشوق بل ومتلهّف لموعد البدء وكأنهم على موعد مع عزيز.
تابعوا معنا في الحلقة القادمة ...."وصف سير العملية"