كبيييييرة يا مصـر!!
2009-12-24
بقلم : ابتسام آل سعد
اعتبروني مجنونة أو أصابني مسٌّ منه!.. واعتبروني طفلة غير مسؤولة عن كلامها وتحتاج تقويماً مهذباً من الذين يكبرونها سناً!.. أو اعتبروني (عاطفية زيادة عن اللزوم) وغير واقعية ولا أفهم في لعبة الكراسي الموسيقية شيئاً بقدر ما يفهم حكامنا العرب الذين يمتلكون للأسف التحكم بزمام أمورنا من الألف للياء!!..ولكن — وتعرفون قدر حبي لحرف الاستدراك هذا — أرجو ألا تروا فيَّ انحرافاً فكرياً فيما سأقوله لاحقاً بشأن ما تعتزم مصر القيام به خلال الفترة المقبلة وما أعلنت عنه بالأمس في نيتها الأكيدة ببناء (جدار عازل) يفصل غزة عن حدود مصر وبالأحرى يفصل مصر عن غزة باعتبار أن الأولى هي من تريد هذا وليست الأخرى!!..حسناً.. خذوا شهيقاً سريعاً وحاولوا أن تهدأوا في عملية الزفير خشية أن تفقدوا الهواء مبكراً ولا تتسنى لكم الظروف لإعادة عملية التنفس مجدداً!!..فعلى ما يبدو ان مشاكل غزة بدت تتفاقم والحصار الإسرائيلي المفروض على شعبها منذ عام 2007 في تجويعه وتهديده في لقمة أطفاله وصحتهم بدا كل ذلك في نظر مصر التي تتحكم بمعبر رفح الذي يعده الفلسطينيون والعرب عموماً الرئة التي لربما يستطيع شعب غزة أن يتنفس منها يوماً ما وليس كما هو حاصل بالفعل الآن، بدا مسؤولية كبرى تجعل القاهرة واقعة بين نارين، هما نار التزامها السياسي المعلن عنه تجاه إسرائيل بتأمين هذه الجبهة وعدم السماح باستغلال معبر رفح العربي في تغذية شريان الحياة لشعب غزة بأي وسيلة كانت ونار تؤكد ان مصر عربية وشاهدة أساسية على الجرائم الإسرائيلية الإرهابية التي ترتكبها في حق غزة لا سيما المجازر الدموية التي كانت في عدوانها الآثم على الشعب في أوائل هذا العام ومن المستحيل أن تكون مصر مثل الصنم أمام ما يجب أن تفعله بحكم عروبتها وإسلامها وموقعها المجاور لمكان الجريمة!!.. وقبل أن يسألني أحد عن رأيي في الموضوع أود من الطفل فيكم قبل الكبير أن يقول رأيه وأتحداكم إن لم يقل (حرااااام اللي قاعد يصير لشعب غزة ومصر عربية ولازم تساعدهم)!!.. هذا كان رأي الصغير أما رأي الكبار أمثالنا فأنا أقول (عيب عليج يا مصر)!!عيب عليك أن تزيدي من آلام شعب يكفيه مافيه ولم يجد منك نفعاً ليكون ضررك هو الحاضر الموجود!!..عيب عليك أن تفكري مجرد تفكير بالتوصية الأمريكية التي كانت في عهد بوش اللئيم لمصر ببناء جدار فاصل تتولى حكومته نفقة بنائه وتجاهلت القاهرة آنذاك هذه التوصية ولم تطرحها للجدال في ذلك الوقت ليكون وقت الموافقة عليها اليوم!!..ثم لماذا الجدار إن كان المعبر يقف كالمارد العتيد أمام أي محاولة للدخول إلى غزة او الخروج منها أو حتى إمدادها بالكفاف من الغذاء والدواء؟!.. لماذا هذا الجدار الذي أعتبره عنصرياً في الوقت الذي يقيم الألمانيون احتفالاً سنوياً لذكرى هدم حائط برلين الذي كان يفصل ألمانيا الشرقية عن توأمها الغربية وليس احتفالا بذكرى بنائه وإقامته؟!!.. ألا يبدو ذلك غريباً جارحاً ومنفراً؟!.. هل يعقل انه في الوقت الذي يعتلي النائب البريطاني الشجاع جورج جالاوي منبر الإعلام العربي ليترجى الرئيس المصري فتح معبر رفح لدخول إمدادات حملة شريان الحياة التي طافت دولاً أجنبية وعربية للوصول إلى حدود مصر المطلة على قطاع غزة تعلن القاهرة (بشارتها) لشعب غزة في إقامة جدار مصر الفاصل والذي سينهي صداعاً لازم رأس الحكومة المصرية طويلاً في تحميلها مسألة المساهمة الفعلية والملموسة في تجويع الشعب الغزاوي وزيادة مأساته اليومية؟!!..وإن كان بعضكم سيعتبر انني عاطفية كثيراً كما أشرت في سطوري الأولى ولا أدرك الأبعاد التي تقع على عاتق مصر في مجاورتها القسرية لقطاع غزة فأنا أقول إن أول شعور يجب أن يكون حاضراً في النفس العربية هو الألم لما يجري في غزة وهو شعور عاطفي بحت يلد الأفعال التي يجب أن تكون لاحقاً!!.. يجب ان نحس بالحزن أولاً ليكون رد فعلنا على غير ما هو عليه الآن!..ولكن على مايبدو فالشعور يبدو مغيباً غصباً عن حكومة مصر التي ترى بالعين المطلة على مصالحها المشتركة القديمة والجديدة المتجددة مع ما كان يسمى بالعدو الصهيوني وغدا اليوم شريكاً اساسياً في عملية السلام وله من السفارات ما يجثم على أنفاس أراض عربية تعلوها الأعلام الإسرائيلية التي تؤكد في كل لحظة إن الكيان أصبح بلداً معترفاً به وما كان لم يعد اليوم بالإمكان تجاهله!!.. لم تعد غزة في نظر مصر سوى مسؤولية يجب أن تميل قليلاً وتسقطها من على متنها قبل أن يزداد الثقل عليها وتصبح القاهرة المسؤولة الأولى لما يجري لشعب هذا القطاع باعتبار انها تتحمل المسؤولية الثانية الآن!!.. يا إلهي.. من أين ستلقى غزة كل هذا العذاب أم من أين؟!!.. فحتى السباق العربي الذي انتهى بتخصيص مليارات لصالح إعمار غزة وفي الأخير حجبت يد مجهولة كل هذا المال وبات الشعب في العراء فلا إعمار ولا ازدهار ولا حياة ولا حليب ولا دواء.. موتي يا غزة فليس من المعقول أن يكون شعبك شهيداً وتغدو أرضك رحماً يجمع كل هذه الأجنة الطاهرة ولا يكتب لها الله يوماً أن تموت بالجلطة الدماغية أو ما شابه.. هذا قدر الأم التي تلد آلافاً من الأجنة الميتة.. وهذا قدر الرحم الذي يحتفظ بما فيه ولا يلفظه خارجاً.. موتي ياغزة ولمصر العزة!!
تعليق