[align=center]المجاهد القسّامي القائد بلال البرغوثي يسرِّب "للقسّام" مذكراته التي بعنوان "سيدي القاضي" (الحلقة الأولى) [/align]
[align=center] المجاهد القسّامي القائد بلال البرغوثي
يسرِّب "للقسّام" مذكراته التي بعنوان "سيدي القاضي"
البرغوثي: رفضوا السماح لنا بالخروج إلا بعد أن حاصرنا الجيش الصهيوني، وعندما سمحوا لنا اشترطوا أن نكون عزَّلاً؟!!
البرغوثي يسرد تفاصيل حوار المجاهدين مع "سيادة العقيد"، وماذا كان طلب المجاهدين من "سيادة العقيد" وكيف كان الرد عليهم؟!!
أكثر من 250 مسلحاً من عناصر الأمن الوقائي لم يطلقوا رصاصة على القوات الصهيونية التي حاصرت المقر ونص الاتفاق على استسلامهم، ووضع سلاحهم في غرفة مغلقة؟!![/align]
خاص:
[align=justify] سرّب المجاهد القسّامي القائد بلال البرغوثي (28عاما) أحد ابرز قيادات القسّام في الضفة الغربية خلال انتفاضة الأقصى، مذكراته من خلف قضبان سجن عسقلان لقراء موقع" القسّام"، تحدث فيها عن تفاصيل اللحظات الأخيرة لاعتقاله في سجن الأمن الوقائي برام الله، وما جرى بينه وبين سجانيه، ويكشف البرغوثي لقراء "القسّام" كيف أن سجانيه لم يتخذوا أدنى درجات الحيطة لمنع اعتقاله من قبل القوات الصهيونية وعشرات المجاهدين الذين كانوا رهن اعتقال الأمن الوقائي، وكيف أن سجانيهم الذين صادروا أسلحتهم امتنعوا عن الإفراج عنهم عند انتشار أخبار اقتحام القوات الصهيونية لمدينة رام الله، ولم يعطوهم إذن الخروج من المقر إلا بعد أن أطبقت القوات الصهيونية على المبنى، وفرضت عليه حصاراً مشدّدأ، كما رفضوا تسليمهم أسلحتهم عند محاصرة القوات الصهيونية للمبنى، وتفاصيل أخرى مثيرة تنشر لأول مرة، في مذكرات كتبها من سجنه بعنوان: "سيدي القاضي".
والبرغوثي ينحدر من قرية "بيت ريما" قرب رام الله، وهو خبير بإعداد عبوات ناسفة بكتائب الشهيد عز الدين القسّام، وكان السباق في تجنيد المجاهد القسّامي القائد عبد الله البرغوثي صاحب أكبر ملف أمني في تاريخ الكيان الصهيوني، وقد زود البرغوثي كتائب القسّام بالعبوات التي استخدمت في عملية مطعم " سبارو " بالقدس وكان عضواً في خلية نفذت عملية الـ "دولفناريوم" بتل أبيب وعملية استشهادية أخرى بالتلة الفرنسية.
ويتحدث البرغوثي في مذكراته : عن الحكاية الكاملة لاعتقاله ومجموعة من المطارين في سجون الأمن الوقائي في بيتونيا
وصور من التعذيب الذي كانت يمارسه أفراد بيتونيا تجاه المجاهدين من التعذيب، وتساءل فيها: لماذا تعتقلونا لمقاومتنا وكنتم من أبناء ابرز الحركات المقاومة ويقول مستنكراً :قالوا لنا أن اعتقالنا فيه مصلحة وطنية؟!! فلماذا التعذيب والشبح والتحقيق؟!! مضيفاً لماذا فشلت قيادة الانتفاضة والمجلس التشريعي الذي أدان الاعتقال من الإفراج عنا؟!! ،ولماذا لم يأت أي رد على رسائلنا التي وجهناها مباشرة لقيادة السلطة، مع انه لا يمكن لأي رسالة إلا وان يأتي عليها الرد في سجون الاحتلال.
وستقرأ في مذكرات المجاهد بلال البرغوثي: ماذا جرى خلال مقابلة المجاهدين و"سيادة" العقيد وما هي الأبهة التي كان عليها مكتب "سيادة العقيد" ، وتفاصيل حوار المجاهدين مع "سيادة العقيد"، وماذا كان طلب المجاهدين من "سيادة العقيد" وكيف كان الرد عليهم؟!!، وكيف تنصل "سيادة العقيد" من الإفراج عن المجاهدين!!! ، وماذا كان رد "سيادة العقيد" عندما طلب منه المجاهدون التصدي للقوات الصهيونية؟!!
وكيف اعتقل المجاهدون من بيتونيا مع أن "سيادة العقيد" أكد لهم وجود ضمانات أمريكية مصرية وأردنية لعدم اقتحام المقر؟!!، ولماذا رُفِض طلب المجاهدين بمقابلة أي من المسئولين ليلة اقتحام القوات الصهيونية للمقر؟!!
ومتى سمح السجانون للمجاهدين بالخروج؟!! ولماذا رفضوا إعطائهم السلاح؟!!، وكيف تحول المجاهدون الذين لجئوا إلى المقر للحماية إلى أسرى؟!!، وماذا كانت ردة فعل "سيادة نائب سيادة العقيد" عندما سئل عن رغبته في الاستسلام للقوات الصهيونية؟!!، ولماذا توقف القصف الصهيوني على المقر، وماذا كان يطلب الصهاينة عبر مكبرات الصوت؟!!، وكيف تصرف أكثر من 250 مسلح من عناصر الأمن الوقائي حال قيام القوات الصهيونية بمحاصرة مقر بيتونيا؟!!، وأين كان "سيادة العقيد" عندما كانت القوات الصهيونية تدك المجاهدين والمقر في بيتونيا؟!!، وما هي بنود الاتفاق الموقع بين"سيادة العقيد " والسلطات الصهيونية ؟!!
وكيف كانت ردة فعل المجاهدين والسجانين على خبر الاتفاقية؟، ولماذا جاء الاتفاق؟ ومقابل ماذا؟!!
وماذا كان مقابل أن تبقى الأسلحة في غرفة مغلقة نتيجة الاتفاق؟!!، وكيف كانت صورة خروج المجاهدين والمسئولين أمام حراب القوات الصهيونية لتطبيق الاتفاقية.
تمهيد:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
نضع بين أيديكم أحبتنا زوار موقع "القسَّام" صفحة من الحقيقة المرة التي سجلها التاريخ الفلسطيني بكل ألم، حلقة تحكي قصة أحد الأسرى الذين تنقلوا بين سجون أبناء جلدتهم، وما كان ذنبهم إلا أنهم ساروا على كلمة الحق، قولاً وفعلاً في زمن التراجع والاضمحلال...
وهذا السطور التي تقرؤنها ما هي إلا مجموعة من مذكرات الأسير القسَّامي القائد (بلال البرغوثي)، ابن "قرية بيت ريما" قضاء رام الله، واحد طلبة جامعة بيرزيت، وأحد رواد تجديد المقاومة الفلسطينية في انتفاضة الأقصى المباركة..
ونحن إذ نقدم هذا المذكرات ، فإننا نذكِّر أنها لا تأتي لمجرد الاتهام أو التجني أو إثارة أشجان قديمة قد مضى أوانها، بل هي كلمة حق نقولها في هذا الوقت بالذات، كي ننبه كل ذي حس وطني، إلى هذه الصفحة السوداء، وهي كلمات تستشرف المستقبل علّها تجد آذاناً صاغية أو ضمائر حية حتى نبذل جميعاً كل الجهود، سعياً لمنع تكرار هذه الحوادث مهما كانت الظروف.. كلمة تنادي لوضع مصلحة القضية الفلسطينية فوق كل المصالح النسبية الأخرى.. راجين الله عز وجل أن يجعل لهذه الكلمات صداها الايجابي، لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد..
إهداء:
إلى أمي الحبيبة الغالية على قلبي، من علمتني كيف تكون الطريق إلى القدس.
إلى من أحببتهم أكثر من نفسي، وقضيت معهم أجمل سنين حياتي، في حركة الحق والصمود حركة المقاومة الإسلامية حماس.
إلى أخواني في كتلة الحق والقوة والحرية، كتلة العيّاش، وخليل الشريف، وضياء الطويل، الكتلة الإسلامية..
إلى أهلي وأحبائي في قريتي الحبيبة "بيت ريما" المجاهدة الصامدة كأشجار الزيتون، قرية الشهداء والأسرى.
إلى أساتذتي وزملائي في جامعة الأحرار والشهداء "جامعة بيرزيت".
إلى كل إنسان حر نزيه يعشق فلسطين والأقصى.
صفحات سوداء:
ستون يوماً من العذاب المضني والتحقيق القاسي ..حكاية هذه الأيام الطويلة، حكاية قهرٍ وتنكيلٍ ومواجهة الخبث اليهودي على أشد حالاته سوءاً، ومع كل ما حمَلت من عِنت ومعاناة، إلا أنها لا تذكر أمام الذي قضى على مضجع روحي طيلة هذه الأيام العجاف.. كان هناك أيام سمان ! غايةً في الصفاقة والوقاحة القدرة الفائقة على التآمر والطعن في الظهر حتى النخاع.. لقد صغر عذابي وهان عند اليهود وأنا أنظر وأتفكر في الذي سلمني لهم.. سُلمنا هكذا.. كما تسلم الشياهُ للذبح.. بثمن بخس.. أو قل بلا ثمن.
أتصور نفسي وأنا أتقلب في زنزانتي الصهيونية، أيام كنت في زنزانتي الفلسطينية.. ما الفرق.. يا له من فرق يذبحني من الوريد حتى الوريد.. هنا وجهة واضحة .. أعرف ماذا أريد؟ وأعرف ماذا يريد مني عدوي! ..ولكن هناك.. ماذا يريدون مني؟ طبعا أنا لا أريد منهم أي شيء سوى حريتي وكرامتي ...
محاكمة عادلة:
وتخيلت نفسي أمام محكمة عادلة للذي تسبب في تسليمنا..
عَقدتُّ جلسة هاهنا في زنزانتي.. قال لي القاضي العادل صاحب الجلال والوقار: قم يا بلال وهات ما عندك من حجة وبينة..
سيدي القاضي ..حضرات السادة الكرام.. بَدَأت قضيتي مع الأمن الوقائي، اعتقلوني بصورة وحشية وكأنني مجرم فار من العدالة.. وكان اليهود قد أعلنوا عني أنني من المطلوبين الخطرين.. فأصبحت مطارداً لهم، ولكنني وقعت في قبضة الأمن الوقائي الفلسطيني.. نقلوني إلى حيث مقرهم في رام الله.. وأصبحت في زنازين التحقيق أتلظى بنار ذوي القربى.. يريدون معرفة كل شيء عني مذ ولدتني أمي؟!!.. شهر كامل من الشبح والاستجواب والضرب حتى أعطيناهم كل ما يريدون!!..
كنّا مجاهدين نقاوم الاحتلال، إنه احتلال بغيضٌ رابضٌ على صدورنا وصدورهم.. قاومنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.. شرَّفنا الله ببعض العمليات الناجحة، شفى الله بنا صدور قومٍ مؤمنين بعد أن أذقنا هؤلاء القوم من اليهود، ما تيسر من العذاب.. ألستم أنتم أيضا من المؤمنين الذين شفى الله صدورهم بنا وبمقاومتنا؟! فلماذا تعتقلوننا إذاً ؟؟ ولماذا تعذبوننا هذا العذاب الأليم؟؟ وماذا تريدون منا؟؟ معلومات كاملة أعطيناكم، وماذا بعد؟؟ ألستم ممن يقولون أن المقاومة طريق التحرير والاستقلال؟!! ألستم انتم الذين جربوا طريق السلام والتفاوض بألين الكلام؟! ألم يتوصل شعبكم بكافة مكوناته السياسية، أن هذه الطريق غير مجدية وأن الأنفع هو طريق الانتفاضة والمقاومة؟!!
سيدي القاضي: لو كان اعتقالنا أيام عقد الآمال على اتفاقيات السلام المزعوم، لوجدت لهذا الاعتقال بعض الأعذار؟!! رغم ضعفها ووهن حجَّتها، ولكن الآن بعد أن بددت انتفاضة الأقصى كل الأوهام وكل هذه الآمال.. بعد أن أيقن كل الناس زيفها وزيف الأقنعة التي تقنَّع بها قادتهم مصاصي الدماء، وصنّاع التاريخ الحافل بالمذابح، والغارق بدمائنا من أخمص قدمه إلى ذؤابة رأسه؟؟
لن أطيل عليك سيدي القاضي .. ذكرت هذه المقدمة حتى تقدِّروا عمق الأمل ولجَّةُ الأسى والمرارة التي أغرقونا فيها، باعتقالهم لنا في هذا الوقت بالتحديد، كان الإجرام اليهودي على أشده، تطال يد إجرامهم كل يوم عدد من الأبرياء ، تهدَّم المنازل، وتجرَّف الأراضي، وتعيث في الأرض فساداً.. قطِّعت أوصال القرى والمدن الفلسطينية بالحواجز اللعينة، لم تترك أمام كل حر يحترم نفسه إلا أن يحمل بندقيته ويقاتل، لم نكن نحن بِدعاً من الأمر، وإنما كنا من الذين استوت مشاعرهم الجهادية، فدفعتنا إلى ساحة العمل والفداء، نظمنا صفوفنا وانطلقنا نرد الصاع صاعين، حاولنا جاهدين أن نقيم توازناً من الرعب، لم ينفع وبشكلٍ قاطع أن يبقى شعبنا في دور الضحية، اليهود وبما يملكون، من سيطرة، ونفوذ على وسائل الإعلام قادرون على تزيين صورة المجرم، وتقبيح صورة الضحية، ويملكون من الأيدي الخفية، التي تدير رؤوس صنَّاع القرار في أمريكا والغرب، بما يجعلاها تدين الضحية وتصفق للمجرم.
أمام هذا الالتفاف العالمي للإجرام الصهيوني، قلنا: ليس لنا إلا ما نثبته في ساحة الميادين، ليس لنا إلا سواعدنا المقاومة، وهذا النهج لم نستنتجه نحن الذين بين يديك، وإنما كل الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه وألوان طيفه السياسي، هكذا كان المشهد الفلسطيني، وما كانت أعمالنا إلا بعض الرتوش التي انسجمت وتكاملت مع جمال الصورة، وروعة العطاء الفلسطيني في أحسن تجلياته، وفي هذا الجو الفدائي المحموم كنا نجيد التنكر، ونتحرك من موقع لآخر، نرتب الخلايا، نتدبر احتياجات المقاومين، وننسق الفعاليات مع الفصائل المقاومة، نعرف كيف نحاور الاحتلال من خلال البنادق الملتهبة والأدمغة المتَّقدة، كان الواحد فينا كتلة كلها لهب، وكلها عقل وتدبير، وتخطيط وأمن وحذر..
استعصينا على الاحتلال بفضل الله علينا، ولكن في ليلة ظلماء وجدنا "قوات الأمن الوقائي" تنقضُّ علينا بكل ضراوة، كنا في جاهزية دائمة للشهادة، كان قرارانا ألا ننساق للاعتقال مهما كلفنا الأمر، ووضعنا نصب أعيننا: الشهادة أو الشهادة، ولكن ماذا تفعل عندما يأتيك أبناء جلدتك؟!! هل نقاومهم؟!! لقد حرَّمنا على سلاحنا أي وجهة غير وجهة الاحتلال، كان مصيرنا في الاعتقال عند السلطة معروفٌ لدينا، مصير أسود وأشد سواداً من ليل غابت نجومه، أو من ليل إذا أخرجت يدك لم تكد تراها.. ومع هذا فإن نفوسنا المجاهدة أبت أن تواجه هذه الليل..
إلى سجن بيتونيا:
ساقونا إلى زنازين "بيتونيا" المقر الرئيسي للأمن الوقائي.
قالوا لنا أو قال لنا من كان في قلبه بعض العطف على حالتنا: اعتقالكم فيه مصلحة سياسية لنا؟!! وقال آخرون: اعتقالكم حماية لكم؟!! لم نناقشهم لأننا نعلم أنهم موظفون، وليس لهم من الأمر شيء، ولكن ما دام اعتقالنا للمصلحة والحماية؟!! فلماذا الزنازين والتعذيب والشبح والتحقيق؟!!!!!
الإجابة جاهزة: خوفاً من أن يتسرب للصهاينة بأن اعتقالنا شكلي، وانه من قبيل الباب الدوار الذي يدَّعونه.. يدخل المعتقل من باب سرعان ما يخرج منه، تماماً كما يفعلون هم مع المستوطنين القتلة، وكي تُنفى هذه التهم عن سماحة الأمن الوقائي الفلسطيني، لا بد أن يكون الاعتقال على أسوأ ما يكون وفي أروع تجلِّياته العميقة، أمرٌ لا يكاد يحتمله عقلٌ، تحيَّر فيه العليم، كيف تتحول الأدوات الفلسطينية لممارسة الفعل الذي تقوم به قوات القرع الصهيوني، وفي نفس الوقت وأي وقت، وقت الجهاد والمقاومة والثورة والتحرير لشعب يبذل كل جهده للإنعتاق من هذا الاحتلال البغيض، السواعد كلها تتجه لزحزحة هذه الصخرة القذرة فتنتفض عليها كلاليبٌ من الخلف تسحبها بعنف، من نور الحرية إلى ظلمات التغييب والقمع في غياهب السجون..
فاضت مشاعر القهر والمرارة من صدورنا، ملأت زنازينهم، طفحت السجون بها.. ماذا نفعل وهم يحكمون الأفق في وجوهنا سواداً وظلماً وجوراً.
كنا خمسة.. هم أخطر من تبقى من المعتقلين السياسيين في سجون السلطة لمنطقة رام الله.. تمكنا من الاتصال بقيادة الانتفاضة الوطنية والإسلامية، كلهم أدانوا الاعتقال، ووجهوا نداءات حارة لقيادة السلطة الفلسطينية، من أجل إطلاق سراحنا، توجهوا إلى المجلس التشريعي، وهو بدوره وقف نفس الموقف، ودعا السلطة لإطلاق سراحنا..شخصيات كثيرة تدخلت في الموضوع، ولا حياة لمن تنادي، كانت دعوات الأعداء في اعتقال المجاهدين، أبلغ أثراً وأوسع صدىً للأسف الشديد، تغلبت المصلحة السياسية في تقدير السلطة، على المصلحة السياسية والوطنية والمبدئية والأخلاقية عند كل هؤلاء.
واستمر اعتقالنا، والأحداث في الخارج تتسارع ، وحجم الإجرام يتضخم كما يتضخم بطن شارون سفاحهم الأول، الأمور تزداد ضراوة، واليهود يتوغلون أكثر وأكثر في حرب ضروس لا ترحم.. آلاتهم العسكرية الضخمة تعربد في الدم الفلسطينية، والمشهد في الخارج بأشد الحاجة لرجال المقاومة، والذين نخال أنفسنا منهم، موقعنا هناك وليس في هذا القيد العاني.
كنا كأمٍ حُشرت في قفص، وأعداؤها يفترسون أولادها أمام عينها.. هل نحطم القفص؟ ماذا نفعل ؟! باءت بالفشل كل محاولات التوسط لدى رجالات السلطة في الخارج، وعلى أعلى المستويات، ولم نتلق أي رد على رسائلنا التي وجهناها مباشرة لقيادة السلطة، في سجون الاحتلال.. كان لا يمكن لأي رسالة إلا وان يأتي عليها الرد، سلبا أم إيجاباً، يأتيك ردٌ على رسالتك، ولو كانت الرسالة إلى رئيس الدولة، أما هنا .. " فأًذنٌ من طين.. والأخرى من عجين" .
لم يبق أمامنا إلا الإضراب، أضربنا بعد أن اجتمعنا في غرفة واحدة، أخرجونا من الزنازين من باب التوسعة، بعد أن وسع الاحتلال مجال فعالياته في مناطق السلطة، لم يجد إضرابنا أي آذانٍ صاغية، طالبنا بإلحاح مقابلة مسئول الأمن الوقائي "سيادة العقيد"..[/align]
[align=center] المجاهد القسّامي القائد بلال البرغوثي
يسرِّب "للقسّام" مذكراته التي بعنوان "سيدي القاضي"
البرغوثي: رفضوا السماح لنا بالخروج إلا بعد أن حاصرنا الجيش الصهيوني، وعندما سمحوا لنا اشترطوا أن نكون عزَّلاً؟!!
البرغوثي يسرد تفاصيل حوار المجاهدين مع "سيادة العقيد"، وماذا كان طلب المجاهدين من "سيادة العقيد" وكيف كان الرد عليهم؟!!
أكثر من 250 مسلحاً من عناصر الأمن الوقائي لم يطلقوا رصاصة على القوات الصهيونية التي حاصرت المقر ونص الاتفاق على استسلامهم، ووضع سلاحهم في غرفة مغلقة؟!![/align]
خاص:
[align=justify] سرّب المجاهد القسّامي القائد بلال البرغوثي (28عاما) أحد ابرز قيادات القسّام في الضفة الغربية خلال انتفاضة الأقصى، مذكراته من خلف قضبان سجن عسقلان لقراء موقع" القسّام"، تحدث فيها عن تفاصيل اللحظات الأخيرة لاعتقاله في سجن الأمن الوقائي برام الله، وما جرى بينه وبين سجانيه، ويكشف البرغوثي لقراء "القسّام" كيف أن سجانيه لم يتخذوا أدنى درجات الحيطة لمنع اعتقاله من قبل القوات الصهيونية وعشرات المجاهدين الذين كانوا رهن اعتقال الأمن الوقائي، وكيف أن سجانيهم الذين صادروا أسلحتهم امتنعوا عن الإفراج عنهم عند انتشار أخبار اقتحام القوات الصهيونية لمدينة رام الله، ولم يعطوهم إذن الخروج من المقر إلا بعد أن أطبقت القوات الصهيونية على المبنى، وفرضت عليه حصاراً مشدّدأ، كما رفضوا تسليمهم أسلحتهم عند محاصرة القوات الصهيونية للمبنى، وتفاصيل أخرى مثيرة تنشر لأول مرة، في مذكرات كتبها من سجنه بعنوان: "سيدي القاضي".
والبرغوثي ينحدر من قرية "بيت ريما" قرب رام الله، وهو خبير بإعداد عبوات ناسفة بكتائب الشهيد عز الدين القسّام، وكان السباق في تجنيد المجاهد القسّامي القائد عبد الله البرغوثي صاحب أكبر ملف أمني في تاريخ الكيان الصهيوني، وقد زود البرغوثي كتائب القسّام بالعبوات التي استخدمت في عملية مطعم " سبارو " بالقدس وكان عضواً في خلية نفذت عملية الـ "دولفناريوم" بتل أبيب وعملية استشهادية أخرى بالتلة الفرنسية.
ويتحدث البرغوثي في مذكراته : عن الحكاية الكاملة لاعتقاله ومجموعة من المطارين في سجون الأمن الوقائي في بيتونيا
وصور من التعذيب الذي كانت يمارسه أفراد بيتونيا تجاه المجاهدين من التعذيب، وتساءل فيها: لماذا تعتقلونا لمقاومتنا وكنتم من أبناء ابرز الحركات المقاومة ويقول مستنكراً :قالوا لنا أن اعتقالنا فيه مصلحة وطنية؟!! فلماذا التعذيب والشبح والتحقيق؟!! مضيفاً لماذا فشلت قيادة الانتفاضة والمجلس التشريعي الذي أدان الاعتقال من الإفراج عنا؟!! ،ولماذا لم يأت أي رد على رسائلنا التي وجهناها مباشرة لقيادة السلطة، مع انه لا يمكن لأي رسالة إلا وان يأتي عليها الرد في سجون الاحتلال.
وستقرأ في مذكرات المجاهد بلال البرغوثي: ماذا جرى خلال مقابلة المجاهدين و"سيادة" العقيد وما هي الأبهة التي كان عليها مكتب "سيادة العقيد" ، وتفاصيل حوار المجاهدين مع "سيادة العقيد"، وماذا كان طلب المجاهدين من "سيادة العقيد" وكيف كان الرد عليهم؟!!، وكيف تنصل "سيادة العقيد" من الإفراج عن المجاهدين!!! ، وماذا كان رد "سيادة العقيد" عندما طلب منه المجاهدون التصدي للقوات الصهيونية؟!!
وكيف اعتقل المجاهدون من بيتونيا مع أن "سيادة العقيد" أكد لهم وجود ضمانات أمريكية مصرية وأردنية لعدم اقتحام المقر؟!!، ولماذا رُفِض طلب المجاهدين بمقابلة أي من المسئولين ليلة اقتحام القوات الصهيونية للمقر؟!!
ومتى سمح السجانون للمجاهدين بالخروج؟!! ولماذا رفضوا إعطائهم السلاح؟!!، وكيف تحول المجاهدون الذين لجئوا إلى المقر للحماية إلى أسرى؟!!، وماذا كانت ردة فعل "سيادة نائب سيادة العقيد" عندما سئل عن رغبته في الاستسلام للقوات الصهيونية؟!!، ولماذا توقف القصف الصهيوني على المقر، وماذا كان يطلب الصهاينة عبر مكبرات الصوت؟!!، وكيف تصرف أكثر من 250 مسلح من عناصر الأمن الوقائي حال قيام القوات الصهيونية بمحاصرة مقر بيتونيا؟!!، وأين كان "سيادة العقيد" عندما كانت القوات الصهيونية تدك المجاهدين والمقر في بيتونيا؟!!، وما هي بنود الاتفاق الموقع بين"سيادة العقيد " والسلطات الصهيونية ؟!!
وكيف كانت ردة فعل المجاهدين والسجانين على خبر الاتفاقية؟، ولماذا جاء الاتفاق؟ ومقابل ماذا؟!!
وماذا كان مقابل أن تبقى الأسلحة في غرفة مغلقة نتيجة الاتفاق؟!!، وكيف كانت صورة خروج المجاهدين والمسئولين أمام حراب القوات الصهيونية لتطبيق الاتفاقية.
تمهيد:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
نضع بين أيديكم أحبتنا زوار موقع "القسَّام" صفحة من الحقيقة المرة التي سجلها التاريخ الفلسطيني بكل ألم، حلقة تحكي قصة أحد الأسرى الذين تنقلوا بين سجون أبناء جلدتهم، وما كان ذنبهم إلا أنهم ساروا على كلمة الحق، قولاً وفعلاً في زمن التراجع والاضمحلال...
وهذا السطور التي تقرؤنها ما هي إلا مجموعة من مذكرات الأسير القسَّامي القائد (بلال البرغوثي)، ابن "قرية بيت ريما" قضاء رام الله، واحد طلبة جامعة بيرزيت، وأحد رواد تجديد المقاومة الفلسطينية في انتفاضة الأقصى المباركة..
ونحن إذ نقدم هذا المذكرات ، فإننا نذكِّر أنها لا تأتي لمجرد الاتهام أو التجني أو إثارة أشجان قديمة قد مضى أوانها، بل هي كلمة حق نقولها في هذا الوقت بالذات، كي ننبه كل ذي حس وطني، إلى هذه الصفحة السوداء، وهي كلمات تستشرف المستقبل علّها تجد آذاناً صاغية أو ضمائر حية حتى نبذل جميعاً كل الجهود، سعياً لمنع تكرار هذه الحوادث مهما كانت الظروف.. كلمة تنادي لوضع مصلحة القضية الفلسطينية فوق كل المصالح النسبية الأخرى.. راجين الله عز وجل أن يجعل لهذه الكلمات صداها الايجابي، لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد..
إهداء:
إلى أمي الحبيبة الغالية على قلبي، من علمتني كيف تكون الطريق إلى القدس.
إلى من أحببتهم أكثر من نفسي، وقضيت معهم أجمل سنين حياتي، في حركة الحق والصمود حركة المقاومة الإسلامية حماس.
إلى أخواني في كتلة الحق والقوة والحرية، كتلة العيّاش، وخليل الشريف، وضياء الطويل، الكتلة الإسلامية..
إلى أهلي وأحبائي في قريتي الحبيبة "بيت ريما" المجاهدة الصامدة كأشجار الزيتون، قرية الشهداء والأسرى.
إلى أساتذتي وزملائي في جامعة الأحرار والشهداء "جامعة بيرزيت".
إلى كل إنسان حر نزيه يعشق فلسطين والأقصى.
صفحات سوداء:
ستون يوماً من العذاب المضني والتحقيق القاسي ..حكاية هذه الأيام الطويلة، حكاية قهرٍ وتنكيلٍ ومواجهة الخبث اليهودي على أشد حالاته سوءاً، ومع كل ما حمَلت من عِنت ومعاناة، إلا أنها لا تذكر أمام الذي قضى على مضجع روحي طيلة هذه الأيام العجاف.. كان هناك أيام سمان ! غايةً في الصفاقة والوقاحة القدرة الفائقة على التآمر والطعن في الظهر حتى النخاع.. لقد صغر عذابي وهان عند اليهود وأنا أنظر وأتفكر في الذي سلمني لهم.. سُلمنا هكذا.. كما تسلم الشياهُ للذبح.. بثمن بخس.. أو قل بلا ثمن.
أتصور نفسي وأنا أتقلب في زنزانتي الصهيونية، أيام كنت في زنزانتي الفلسطينية.. ما الفرق.. يا له من فرق يذبحني من الوريد حتى الوريد.. هنا وجهة واضحة .. أعرف ماذا أريد؟ وأعرف ماذا يريد مني عدوي! ..ولكن هناك.. ماذا يريدون مني؟ طبعا أنا لا أريد منهم أي شيء سوى حريتي وكرامتي ...
محاكمة عادلة:
وتخيلت نفسي أمام محكمة عادلة للذي تسبب في تسليمنا..
عَقدتُّ جلسة هاهنا في زنزانتي.. قال لي القاضي العادل صاحب الجلال والوقار: قم يا بلال وهات ما عندك من حجة وبينة..
سيدي القاضي ..حضرات السادة الكرام.. بَدَأت قضيتي مع الأمن الوقائي، اعتقلوني بصورة وحشية وكأنني مجرم فار من العدالة.. وكان اليهود قد أعلنوا عني أنني من المطلوبين الخطرين.. فأصبحت مطارداً لهم، ولكنني وقعت في قبضة الأمن الوقائي الفلسطيني.. نقلوني إلى حيث مقرهم في رام الله.. وأصبحت في زنازين التحقيق أتلظى بنار ذوي القربى.. يريدون معرفة كل شيء عني مذ ولدتني أمي؟!!.. شهر كامل من الشبح والاستجواب والضرب حتى أعطيناهم كل ما يريدون!!..
كنّا مجاهدين نقاوم الاحتلال، إنه احتلال بغيضٌ رابضٌ على صدورنا وصدورهم.. قاومنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.. شرَّفنا الله ببعض العمليات الناجحة، شفى الله بنا صدور قومٍ مؤمنين بعد أن أذقنا هؤلاء القوم من اليهود، ما تيسر من العذاب.. ألستم أنتم أيضا من المؤمنين الذين شفى الله صدورهم بنا وبمقاومتنا؟! فلماذا تعتقلوننا إذاً ؟؟ ولماذا تعذبوننا هذا العذاب الأليم؟؟ وماذا تريدون منا؟؟ معلومات كاملة أعطيناكم، وماذا بعد؟؟ ألستم ممن يقولون أن المقاومة طريق التحرير والاستقلال؟!! ألستم انتم الذين جربوا طريق السلام والتفاوض بألين الكلام؟! ألم يتوصل شعبكم بكافة مكوناته السياسية، أن هذه الطريق غير مجدية وأن الأنفع هو طريق الانتفاضة والمقاومة؟!!
سيدي القاضي: لو كان اعتقالنا أيام عقد الآمال على اتفاقيات السلام المزعوم، لوجدت لهذا الاعتقال بعض الأعذار؟!! رغم ضعفها ووهن حجَّتها، ولكن الآن بعد أن بددت انتفاضة الأقصى كل الأوهام وكل هذه الآمال.. بعد أن أيقن كل الناس زيفها وزيف الأقنعة التي تقنَّع بها قادتهم مصاصي الدماء، وصنّاع التاريخ الحافل بالمذابح، والغارق بدمائنا من أخمص قدمه إلى ذؤابة رأسه؟؟
لن أطيل عليك سيدي القاضي .. ذكرت هذه المقدمة حتى تقدِّروا عمق الأمل ولجَّةُ الأسى والمرارة التي أغرقونا فيها، باعتقالهم لنا في هذا الوقت بالتحديد، كان الإجرام اليهودي على أشده، تطال يد إجرامهم كل يوم عدد من الأبرياء ، تهدَّم المنازل، وتجرَّف الأراضي، وتعيث في الأرض فساداً.. قطِّعت أوصال القرى والمدن الفلسطينية بالحواجز اللعينة، لم تترك أمام كل حر يحترم نفسه إلا أن يحمل بندقيته ويقاتل، لم نكن نحن بِدعاً من الأمر، وإنما كنا من الذين استوت مشاعرهم الجهادية، فدفعتنا إلى ساحة العمل والفداء، نظمنا صفوفنا وانطلقنا نرد الصاع صاعين، حاولنا جاهدين أن نقيم توازناً من الرعب، لم ينفع وبشكلٍ قاطع أن يبقى شعبنا في دور الضحية، اليهود وبما يملكون، من سيطرة، ونفوذ على وسائل الإعلام قادرون على تزيين صورة المجرم، وتقبيح صورة الضحية، ويملكون من الأيدي الخفية، التي تدير رؤوس صنَّاع القرار في أمريكا والغرب، بما يجعلاها تدين الضحية وتصفق للمجرم.
أمام هذا الالتفاف العالمي للإجرام الصهيوني، قلنا: ليس لنا إلا ما نثبته في ساحة الميادين، ليس لنا إلا سواعدنا المقاومة، وهذا النهج لم نستنتجه نحن الذين بين يديك، وإنما كل الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه وألوان طيفه السياسي، هكذا كان المشهد الفلسطيني، وما كانت أعمالنا إلا بعض الرتوش التي انسجمت وتكاملت مع جمال الصورة، وروعة العطاء الفلسطيني في أحسن تجلياته، وفي هذا الجو الفدائي المحموم كنا نجيد التنكر، ونتحرك من موقع لآخر، نرتب الخلايا، نتدبر احتياجات المقاومين، وننسق الفعاليات مع الفصائل المقاومة، نعرف كيف نحاور الاحتلال من خلال البنادق الملتهبة والأدمغة المتَّقدة، كان الواحد فينا كتلة كلها لهب، وكلها عقل وتدبير، وتخطيط وأمن وحذر..
استعصينا على الاحتلال بفضل الله علينا، ولكن في ليلة ظلماء وجدنا "قوات الأمن الوقائي" تنقضُّ علينا بكل ضراوة، كنا في جاهزية دائمة للشهادة، كان قرارانا ألا ننساق للاعتقال مهما كلفنا الأمر، ووضعنا نصب أعيننا: الشهادة أو الشهادة، ولكن ماذا تفعل عندما يأتيك أبناء جلدتك؟!! هل نقاومهم؟!! لقد حرَّمنا على سلاحنا أي وجهة غير وجهة الاحتلال، كان مصيرنا في الاعتقال عند السلطة معروفٌ لدينا، مصير أسود وأشد سواداً من ليل غابت نجومه، أو من ليل إذا أخرجت يدك لم تكد تراها.. ومع هذا فإن نفوسنا المجاهدة أبت أن تواجه هذه الليل..
إلى سجن بيتونيا:
ساقونا إلى زنازين "بيتونيا" المقر الرئيسي للأمن الوقائي.
قالوا لنا أو قال لنا من كان في قلبه بعض العطف على حالتنا: اعتقالكم فيه مصلحة سياسية لنا؟!! وقال آخرون: اعتقالكم حماية لكم؟!! لم نناقشهم لأننا نعلم أنهم موظفون، وليس لهم من الأمر شيء، ولكن ما دام اعتقالنا للمصلحة والحماية؟!! فلماذا الزنازين والتعذيب والشبح والتحقيق؟!!!!!
الإجابة جاهزة: خوفاً من أن يتسرب للصهاينة بأن اعتقالنا شكلي، وانه من قبيل الباب الدوار الذي يدَّعونه.. يدخل المعتقل من باب سرعان ما يخرج منه، تماماً كما يفعلون هم مع المستوطنين القتلة، وكي تُنفى هذه التهم عن سماحة الأمن الوقائي الفلسطيني، لا بد أن يكون الاعتقال على أسوأ ما يكون وفي أروع تجلِّياته العميقة، أمرٌ لا يكاد يحتمله عقلٌ، تحيَّر فيه العليم، كيف تتحول الأدوات الفلسطينية لممارسة الفعل الذي تقوم به قوات القرع الصهيوني، وفي نفس الوقت وأي وقت، وقت الجهاد والمقاومة والثورة والتحرير لشعب يبذل كل جهده للإنعتاق من هذا الاحتلال البغيض، السواعد كلها تتجه لزحزحة هذه الصخرة القذرة فتنتفض عليها كلاليبٌ من الخلف تسحبها بعنف، من نور الحرية إلى ظلمات التغييب والقمع في غياهب السجون..
فاضت مشاعر القهر والمرارة من صدورنا، ملأت زنازينهم، طفحت السجون بها.. ماذا نفعل وهم يحكمون الأفق في وجوهنا سواداً وظلماً وجوراً.
كنا خمسة.. هم أخطر من تبقى من المعتقلين السياسيين في سجون السلطة لمنطقة رام الله.. تمكنا من الاتصال بقيادة الانتفاضة الوطنية والإسلامية، كلهم أدانوا الاعتقال، ووجهوا نداءات حارة لقيادة السلطة الفلسطينية، من أجل إطلاق سراحنا، توجهوا إلى المجلس التشريعي، وهو بدوره وقف نفس الموقف، ودعا السلطة لإطلاق سراحنا..شخصيات كثيرة تدخلت في الموضوع، ولا حياة لمن تنادي، كانت دعوات الأعداء في اعتقال المجاهدين، أبلغ أثراً وأوسع صدىً للأسف الشديد، تغلبت المصلحة السياسية في تقدير السلطة، على المصلحة السياسية والوطنية والمبدئية والأخلاقية عند كل هؤلاء.
واستمر اعتقالنا، والأحداث في الخارج تتسارع ، وحجم الإجرام يتضخم كما يتضخم بطن شارون سفاحهم الأول، الأمور تزداد ضراوة، واليهود يتوغلون أكثر وأكثر في حرب ضروس لا ترحم.. آلاتهم العسكرية الضخمة تعربد في الدم الفلسطينية، والمشهد في الخارج بأشد الحاجة لرجال المقاومة، والذين نخال أنفسنا منهم، موقعنا هناك وليس في هذا القيد العاني.
كنا كأمٍ حُشرت في قفص، وأعداؤها يفترسون أولادها أمام عينها.. هل نحطم القفص؟ ماذا نفعل ؟! باءت بالفشل كل محاولات التوسط لدى رجالات السلطة في الخارج، وعلى أعلى المستويات، ولم نتلق أي رد على رسائلنا التي وجهناها مباشرة لقيادة السلطة، في سجون الاحتلال.. كان لا يمكن لأي رسالة إلا وان يأتي عليها الرد، سلبا أم إيجاباً، يأتيك ردٌ على رسالتك، ولو كانت الرسالة إلى رئيس الدولة، أما هنا .. " فأًذنٌ من طين.. والأخرى من عجين" .
لم يبق أمامنا إلا الإضراب، أضربنا بعد أن اجتمعنا في غرفة واحدة، أخرجونا من الزنازين من باب التوسعة، بعد أن وسع الاحتلال مجال فعالياته في مناطق السلطة، لم يجد إضرابنا أي آذانٍ صاغية، طالبنا بإلحاح مقابلة مسئول الأمن الوقائي "سيادة العقيد"..[/align]
تعليق