/08/2009 01:00:28 م
ثنائية التطبيع أم التوقيع أولا؟
نواف الزرو
حسب المشهد السياسي الراهن فقد بتنا قسرا أمام ثنائية التطبيع أم التوقيع أولا، فبينما تمارس الإدارتان الأميركية والإسرائيلية الضغوط المختلفة على العرب لدفعهم لاتخاذ خطوات تطبيعية عاجلة كبادرة حسن نية مع إسرائيل، يرد الفلسطينيون والعرب "أن على إسرائيل أن تجمد الاستيطان أولا...!".
وكأن المشكلة لدينا هي تجميد الاستيطان وليس تفكيك ورحيل الاحتلال كي يتسنى الاستقلال الفلسطيني...!. وثنائية التطبيع والتوقيع لا تنفصل بالتأكيد هنا عن ثنائية التفكيك والتركيب التي تعني إعادة تشكيل المنطقة لصالح إسرائيل، ويأتي التطبيع العربي هنا جزء من ذلك...!.
الرئيس الأميركي أوباما يتعهد لنتانياهو بالدفع ب"مبادرة سلام" جديدة تتضمن دفع دول عربية للبدء بالتطبيع مع إسرائيل فورا، وتطبيق المرحلة الأولى من خارطة الطريق، علاوة على تعهده بعدم السماح لإيران بحيازة أسلحة نووية.
كما بعث ما يزيد علي 200 نائب في الكونغرس الأميركي، برسالة للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، طالبوه فيها بتطبيع العلاقات بين المملكة السعودية وإسرائيل"، وأعرب النواب عن "خيبة أملهم من الرد العلني لوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الذي صرح بان السعودية ترفض إجراء علاقات مع إسرائيل قبل انتهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة".
ويعزز ميتشل ما سبق أعلاه قائلا "إن رؤية الرئيس الأميركي باراك اوباما هي التوصل إلى سلام شامل في الشرق الأوسط، ويجب أن يتم في إطار هذا الاتفاق "تطبيع كامل للعلاقات بين إسرائيل وكافة جيرانها في المنطقة".
وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت عن: أن الولايات المتحدة، ومقابل تجميد البناء في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، تقترح تمكين الطائرات الإسرائيلية من التحليق فوق الدول العربية، وأن الولايات المتحدة تتعهد بأن تقوم دول عربية بالسماح للطائرات بالتحليق فوق أجوائها.
وإسرائيليا- وفي اللقاء الذي عقد بين باراك وميتشل - في لندن سأل الأول الثاني: كم دولة عربية وافقت على التطبيع حتى نبدأ بالتفاوض مع الفلسطينيين؟"، و"استبعدت إسرائيل تجميد الاستيطان في الضفة الغربية بدون الحصول على مقابل من الفلسطينيين والدول العربية خاصة السعودية"، وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت "أن نتانياهو قال في اجتماع عقده مع 27 سفيرا أجنبيا إن إسرائيليين كثيرين على استعداد لتقديم تنازلات كثيرة للفلسطينيين، فإذا كان أحد ما يريد أن أجمد الاستيطان، فإنني أتوقع أن يقدم الفلسطينيون والعرب المقابل".
فلماذا يصر قادة إسرائيل والإدارة الأميركية إذن على إنهاء كافة أشكال المقاطعة العربية وتحقيق التطبيع الشامل مع الدول والأمة العربية؟.
ثم ما العلاقة الجدلية ما بين التطبيع الشامل، وموازين القوى الإستراتيجية ما بين العرب وإسرائيل...؟. وما الأخطار المحدقة بالأمة العربية جراء تفكيك المقاطعة ومقاومة التطبيع؟!!.
جملة مفتوحة من الأسئلة والتساؤلات على الأجندات العربية في ضوء هجوم التطبيع.. والواضح تماما أن الإدارتين الأميركية والإسرائيلية لا تعملان في هذه المرحلة من اجل تفكيك المقاطعة الاقتصادية العربية فقط، وإنما من اجل تحقيق التطبيع العربي بكافة أشكاله الثقافية والإعلامية والاجتماعية والتعليمية والسياسية الخ. فبالنسبة لهما فإن التطبيع يعني إقامة وإحلال علاقات طبيعية بين الأمة العربية وإسرائيل كبديل للصراع الإستراتيجي، ومن هنا فإن الإصرار على التطبيع يحمل معنى القسر والإكراه والابتزاز لفرض نمط علاقة غير طبيعية.
وبالتالي فإذا كان التطبيع يعني انتقالاً نوعياً لنمط العلاقة بين الطرفين المتصارعين، فإن النمط الجديد للعلاقة المطلوبة مع إسرائيل بالضرورة يخضع لموازين القوى القائمة، أما أشكال ومضامين التطبيع المطلوبة فهي -كما كنا كتبنا واشرنا في مقالات سابقة-:
1- التطبيع السياسي والاعتراف الدبلوماسي والقانوني من قبل جميع الدول العربية.
2- التطبيع الاقتصادي؟ أي إنهاء المقاطعة الاقتصادية تماماً وبناء علاقات اقتصادية في مختلف المجالات: زراعة.. صناعة.. خبرات.. أيدي عاملة.. استثمارات..
3- التطبيع السيكولوجي- النفسي، أي تطبيع وجود "إسرائيل" والقبول بها عربياً رسمياً وشعبياً والتعايش معها بوصفها دولة طبيعية مشروعة في المنطقة.
4- التطبيع الثقافي، وهذا يعني إلغاء منظومة كاملة من المعتقدات والأفكار والمفاهيم التي نشأت عليها أجيال وأجيال فلسطينية وعربية، مع كل ما يتطلبه ذلك من تغيير في المناهج التعليمية والمطبوعات الفكرية والسياسية والثقافية والتاريخية والوسائل والخطابات الإعلامية والأنشطة الفنية.. الخ.
ولذلك يمكن القول إن "التطبيع" في المفهوم الأميركي - الإسرائيلي ليس له علاقة بالتطبيع الإنساني الذي يقوم بين شعب وآخر متحاربين، أو ما بين شعوب متناددة تحتاج إلى مثل هذا التطبيع، وإنما هو تطبيع ابتزازي يستند بوضوح إلى هذا الخلل المفجع في موازين القوى..
وهو تطبيع ابتزازي يهدف إلى تشريع وجود دولة قامت بصورة غير مشروعة وعبر السطو المسلح على أنقاض شعب كان قائماً على امتداد مساحة وطن مشروع له عبر التاريخ. وهو تطبيع ابتزازي يهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف الإستراتيجية مما يؤدي في المحصلة إلى تحقيق وتكريس "أطلس الأحلام والأهداف الإستراتيجية الصهيونية ".
مؤسف ان نعترف ان السياسات الأميركية - الإسرائيلية الهجومية في جبهة التطبيع نجحت إلى حد مقلق في اختراق هذه الجبهة الأهم والأخطر في المواجهة العربية للمشروع الصهيوني، كما نجحت على نحو اخطر في بث الفتن والجدالات الداخلية في الأوساط السياسية والأكاديمية والثقافية وغيرها في الدول والمجتمعات العربية، الأمر الذي ترك ويترك وراءه حالات من الصراعات والانشغالات الداخلية العربية في الوقت الذي كان يجب ان ينشغل العرب أكثر بالمضامين الحقيقية للصراع وبكيفية التصدي لهذا الهجوم الأميركي؟ الإسرائيلي الذي يستهدف تفكيك أهم واخطر جبهة مناهضة وممانعة عربية في وجه تطبيع" إسرائيل" في المنطقة...!.
ونتساءل في الخاتمة عن جدوى التطبيع العربي مع إسرائيل في زمن الحروب المفتوحة وسياسات التطهير العرقي في فلسطين عامة وفي المدينة المقدسة خاصة...!.
ثنائية التطبيع أم التوقيع أولا؟
نواف الزرو
حسب المشهد السياسي الراهن فقد بتنا قسرا أمام ثنائية التطبيع أم التوقيع أولا، فبينما تمارس الإدارتان الأميركية والإسرائيلية الضغوط المختلفة على العرب لدفعهم لاتخاذ خطوات تطبيعية عاجلة كبادرة حسن نية مع إسرائيل، يرد الفلسطينيون والعرب "أن على إسرائيل أن تجمد الاستيطان أولا...!".
وكأن المشكلة لدينا هي تجميد الاستيطان وليس تفكيك ورحيل الاحتلال كي يتسنى الاستقلال الفلسطيني...!. وثنائية التطبيع والتوقيع لا تنفصل بالتأكيد هنا عن ثنائية التفكيك والتركيب التي تعني إعادة تشكيل المنطقة لصالح إسرائيل، ويأتي التطبيع العربي هنا جزء من ذلك...!.
الرئيس الأميركي أوباما يتعهد لنتانياهو بالدفع ب"مبادرة سلام" جديدة تتضمن دفع دول عربية للبدء بالتطبيع مع إسرائيل فورا، وتطبيق المرحلة الأولى من خارطة الطريق، علاوة على تعهده بعدم السماح لإيران بحيازة أسلحة نووية.
كما بعث ما يزيد علي 200 نائب في الكونغرس الأميركي، برسالة للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، طالبوه فيها بتطبيع العلاقات بين المملكة السعودية وإسرائيل"، وأعرب النواب عن "خيبة أملهم من الرد العلني لوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الذي صرح بان السعودية ترفض إجراء علاقات مع إسرائيل قبل انتهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة".
ويعزز ميتشل ما سبق أعلاه قائلا "إن رؤية الرئيس الأميركي باراك اوباما هي التوصل إلى سلام شامل في الشرق الأوسط، ويجب أن يتم في إطار هذا الاتفاق "تطبيع كامل للعلاقات بين إسرائيل وكافة جيرانها في المنطقة".
وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت عن: أن الولايات المتحدة، ومقابل تجميد البناء في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، تقترح تمكين الطائرات الإسرائيلية من التحليق فوق الدول العربية، وأن الولايات المتحدة تتعهد بأن تقوم دول عربية بالسماح للطائرات بالتحليق فوق أجوائها.
وإسرائيليا- وفي اللقاء الذي عقد بين باراك وميتشل - في لندن سأل الأول الثاني: كم دولة عربية وافقت على التطبيع حتى نبدأ بالتفاوض مع الفلسطينيين؟"، و"استبعدت إسرائيل تجميد الاستيطان في الضفة الغربية بدون الحصول على مقابل من الفلسطينيين والدول العربية خاصة السعودية"، وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت "أن نتانياهو قال في اجتماع عقده مع 27 سفيرا أجنبيا إن إسرائيليين كثيرين على استعداد لتقديم تنازلات كثيرة للفلسطينيين، فإذا كان أحد ما يريد أن أجمد الاستيطان، فإنني أتوقع أن يقدم الفلسطينيون والعرب المقابل".
فلماذا يصر قادة إسرائيل والإدارة الأميركية إذن على إنهاء كافة أشكال المقاطعة العربية وتحقيق التطبيع الشامل مع الدول والأمة العربية؟.
ثم ما العلاقة الجدلية ما بين التطبيع الشامل، وموازين القوى الإستراتيجية ما بين العرب وإسرائيل...؟. وما الأخطار المحدقة بالأمة العربية جراء تفكيك المقاطعة ومقاومة التطبيع؟!!.
جملة مفتوحة من الأسئلة والتساؤلات على الأجندات العربية في ضوء هجوم التطبيع.. والواضح تماما أن الإدارتين الأميركية والإسرائيلية لا تعملان في هذه المرحلة من اجل تفكيك المقاطعة الاقتصادية العربية فقط، وإنما من اجل تحقيق التطبيع العربي بكافة أشكاله الثقافية والإعلامية والاجتماعية والتعليمية والسياسية الخ. فبالنسبة لهما فإن التطبيع يعني إقامة وإحلال علاقات طبيعية بين الأمة العربية وإسرائيل كبديل للصراع الإستراتيجي، ومن هنا فإن الإصرار على التطبيع يحمل معنى القسر والإكراه والابتزاز لفرض نمط علاقة غير طبيعية.
وبالتالي فإذا كان التطبيع يعني انتقالاً نوعياً لنمط العلاقة بين الطرفين المتصارعين، فإن النمط الجديد للعلاقة المطلوبة مع إسرائيل بالضرورة يخضع لموازين القوى القائمة، أما أشكال ومضامين التطبيع المطلوبة فهي -كما كنا كتبنا واشرنا في مقالات سابقة-:
1- التطبيع السياسي والاعتراف الدبلوماسي والقانوني من قبل جميع الدول العربية.
2- التطبيع الاقتصادي؟ أي إنهاء المقاطعة الاقتصادية تماماً وبناء علاقات اقتصادية في مختلف المجالات: زراعة.. صناعة.. خبرات.. أيدي عاملة.. استثمارات..
3- التطبيع السيكولوجي- النفسي، أي تطبيع وجود "إسرائيل" والقبول بها عربياً رسمياً وشعبياً والتعايش معها بوصفها دولة طبيعية مشروعة في المنطقة.
4- التطبيع الثقافي، وهذا يعني إلغاء منظومة كاملة من المعتقدات والأفكار والمفاهيم التي نشأت عليها أجيال وأجيال فلسطينية وعربية، مع كل ما يتطلبه ذلك من تغيير في المناهج التعليمية والمطبوعات الفكرية والسياسية والثقافية والتاريخية والوسائل والخطابات الإعلامية والأنشطة الفنية.. الخ.
ولذلك يمكن القول إن "التطبيع" في المفهوم الأميركي - الإسرائيلي ليس له علاقة بالتطبيع الإنساني الذي يقوم بين شعب وآخر متحاربين، أو ما بين شعوب متناددة تحتاج إلى مثل هذا التطبيع، وإنما هو تطبيع ابتزازي يستند بوضوح إلى هذا الخلل المفجع في موازين القوى..
وهو تطبيع ابتزازي يهدف إلى تشريع وجود دولة قامت بصورة غير مشروعة وعبر السطو المسلح على أنقاض شعب كان قائماً على امتداد مساحة وطن مشروع له عبر التاريخ. وهو تطبيع ابتزازي يهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف الإستراتيجية مما يؤدي في المحصلة إلى تحقيق وتكريس "أطلس الأحلام والأهداف الإستراتيجية الصهيونية ".
مؤسف ان نعترف ان السياسات الأميركية - الإسرائيلية الهجومية في جبهة التطبيع نجحت إلى حد مقلق في اختراق هذه الجبهة الأهم والأخطر في المواجهة العربية للمشروع الصهيوني، كما نجحت على نحو اخطر في بث الفتن والجدالات الداخلية في الأوساط السياسية والأكاديمية والثقافية وغيرها في الدول والمجتمعات العربية، الأمر الذي ترك ويترك وراءه حالات من الصراعات والانشغالات الداخلية العربية في الوقت الذي كان يجب ان ينشغل العرب أكثر بالمضامين الحقيقية للصراع وبكيفية التصدي لهذا الهجوم الأميركي؟ الإسرائيلي الذي يستهدف تفكيك أهم واخطر جبهة مناهضة وممانعة عربية في وجه تطبيع" إسرائيل" في المنطقة...!.
ونتساءل في الخاتمة عن جدوى التطبيع العربي مع إسرائيل في زمن الحروب المفتوحة وسياسات التطهير العرقي في فلسطين عامة وفي المدينة المقدسة خاصة...!.
تعليق