تفكك الولايات المتحدة.. واقع ممكن أم خيال؟
27.04.2009
ستتفكك الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين .. هل يجوز اعتبار هذه الفرضية أمراً مستثنى ، ام ان فيها "بذرة" من العقلانية؟
وكم هي قوية الاتجاهات الموضوعية السلبية لتطور المجتمع الامريكي المعاصر في مجال الاديولوجية والاقتصاد؟
وهل يمكن اعتبار هذه الاتجاهات قوة دافعة لعملية بمقدورها ان تقود الى تفكك امريكا؟
معلومات حول الموضوع:
في اواخر التسعينات تقدم الباحث والمحلل السياسي الروسي ايغور بانارين بتوقعات مثيرة عن مستقبل الولايات المتحدة تقول إن الأزمة الأخلاقية والإقتصادية في اميركا يمكن ان تقودها في المستقبل المنظور الى بلبلة واضطرابات اجتماعية وسياسية تضاهي الحرب الأهلية.
وستتمخض تلك الأحداث ، في اعتقاد ايغور بانارين، عن تفكك الولايات المتحدة وانشطارها الى ستة اجزاء او اقاليم تتأثر لاحقا او تغدو تحت رحمة عوامل خارجية او لاعبين خارجيين مثل الإتحاد الأوروبي وكندا وروسيا والمكسيك والصين واليابان.
السبب الأول لإحتمال تفكك الولايات المتحدة وتجزئتها يعود الى الجانب النفساني.
ذلك لأن المجتمع الأميركي، كما يؤكد صاحب هذه التوقعات السوداوية، يقف اليوم على شفا كارثة نفسانية.
والسبب الثاني يتسم بطبيعة اقتصادية ويرتبط بالأزمة الإقتصادية وفقدان الدولار وظيفتَه كعملة عالمية.
اما السبب الثالث فهو ، في رأي الباحث الروسي، المقاومة المتصاعدة التي تواجهها السياسة الخارجية الأميركية على النطاق العالمي والتي يمكن بمرور الزمن ان تنسف وتقوض المواقع الإستراتيجية الأميركية المهيمنة في العالم.
وكان لتوقعات ايغور بانارين صدى واسع في وسائل الإعلام، بما فيها وسائل الإعلام الأوروبية.
كما أثارت تلك التوقعات موجة من الإنتقادات اللاذعة ليس من طرف الجمهور الأميركي وحده.
فقد قال خصوم الباحث ان تقويماته ليس لديها ما يدعمها ويدلل على صحتها، وانها الى ذلك غير واقعية.
الا ان المجادلات حول التوقعات التي تنذر بمثل هذا المستقبل الكئيب للولايات المتحدة لم تتوقف ، بل اشتدت في الآونة الأخيرة مع تفاقم الأزمة المالية والإقتصادية العالمية.
..
..
رأي ..
بالتأكيد سيكون في ذلك خير عميم للعالم الحر , إذا ما انهارت إمبراطورية عسكرية طاغية ومهيمنة لأول مرة في التاريخ الإنساني , على العالم كله , على خلفية انهيار العالم القديم في ما بعد الحرب الكونية الثانية .
بمقدار ما كان صعود النازية الألمانية , مسارا تاريخيا حتميا , وأداة تغيير قادت إلى ولادة حقيقية للنظام الرأسمالي , باتجاه انهيار حتمي تالي وطبيعي , وفق آليات اقتصادية علمية , نادرا ما تمت دراستها بمعزل عن التسويق الإعلامي والسياسي للرأسمالية , كنهاية التاريخ وذروة التطور .
وهذا التسويق بحد ذاته استنساخ نازي , لرؤية قاصرة ذات طبيعة تسلطية .
الرؤية الروسي ..
ولو أنها لا تستند إلى "رؤية ماركسية" ذات أبجدية علمية , وقادرة على تقديم مسار طبيعي لتطور الرأسمالية ومن ثم انهيارها .
إلا أنها لا تزال كامنة في أرضية التفكير الروسي الأكاديمي , وبالتالي في هذا النص .
ومع أن "الرؤية الماركسية" , بذاتها , اتجهت إلى رؤية قاصرة وذات طبيعة تسلطية , عندما اعتبرت بدورها أن الاشتراكية هي ذروة التطور الإنساني .
ومع ذلك ..
ما استند عليه الباحث والمحلل السياسي الروسي ايغور بانارين , في رؤيته المتقدمة , والمستندة على ثلاث عوامل إستراتيجية :
العامل النفساني الداخلي .
العامل الاقتصادي الخارجي , والدولار .
العامل الثالث الأهم , مقاومة العالم للسياسة الخارجية الأمريكية .
يمكن أن تقدم صورة متماسكة لما تعاني منه أمريكا اليوم داخليا , ومن خلال الدولار , وردات فعل مقاومة بشراسة لسياساتها الخارجية العمياء .
المجتمع الأمريكي من الداخل يعاني من هيمنة بيضاء على أكثرية ملونة , ومن انقسام حقيقي بين السود والبيض , ومن تصاعد خطر الحرب الأهلية على خلفية السعار الذكوري العنصري الأبيض ضد السود واليهود وحديثا المسلمين .
وكانت السياسة الأمريكية التقليدية تستند على ما يشبه في عالمنا العربي سياسة إسرائيل الداخلية , بمعنى تجميع الشتات غير المتجانس على نظرية العدو الخارجي والخطر المتربص .
وكان في أمريكا هذا العدو هو السوفييت وكوبا , وهو تراث طاغي يحاول جاهدا الرئيس اوباما التخلص منه .
واليوم وبعد انهيار مسرحية 11/9 , وكأن التراجع الاقتصادي سيكون هو أداة التغيير بمعنى التفكيك لمجتمع أمريكي لم يستطع خلال أكثر من مائتي عام تطوير "مواطنة" حقيقية , لشعب لا يزال يتقدم بلا معالم ثقافية , وبلا ذاكرة جماعية , وبلا وعي جماعي , فقط يستمر عبر آليات إعلامية طاغية , وصلت إلى حائط مسدود , هو حائط الجوع .
على وقع تزايد المقاومة للأمريكي عبر العالم بسبب الاستهتار السياسي الأمريكي خارجيا , وعبر العالم , من تحويل أوربا المثقلة بحربين كونيتين , وروح قومية تاريخية متأصلة , إلى ساحة صراع وحرب باردة عبثية مع السوفييت .
إلى تسويق أنظمة بائسة في دول النفط العربي .
إلى حرب غير مبرة وهمجية في الفيتنام .
إلى استهتار إنساني في أمريكا اللاتينية .
وصولا إلى هذا المشهد الرهيب في العراق وأفغانستان وجورجيا .
مرورا بالاحتضان المبالغ فيه للدموية الإسرائيلية في العالم العربي , أو لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا .
لقد نجح الأمريكي الأبيض , في تقديم الرئيس جورج بوش الابن , كذروة لمسار امتد منذ ما بعد الحرب الكونية الثانية وصولا إلى العام 2008 .
أي ستين عاما فقط .
كان كافيا , لبدء تفكك حقيقي أمريكي داخلي , لن يستطيع انتخاب رئيس اسود من إيقافه .
وبدء انهيار أمريكي دولاري لا يمكن حتى تخفيفه .
وتصاعد مقاومة كونية لأمريكا لن تتوقف قريبا .
فقط نقطة يمكن رؤيتها بطريقة مختلفة ..
تفكك أمريكا إلى ستة أقاليم , وتعويمها من دول الجوار وأوربا وروسيا واليابان والصين .
29/4/2009
..
_________________
27.04.2009
ستتفكك الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين .. هل يجوز اعتبار هذه الفرضية أمراً مستثنى ، ام ان فيها "بذرة" من العقلانية؟
وكم هي قوية الاتجاهات الموضوعية السلبية لتطور المجتمع الامريكي المعاصر في مجال الاديولوجية والاقتصاد؟
وهل يمكن اعتبار هذه الاتجاهات قوة دافعة لعملية بمقدورها ان تقود الى تفكك امريكا؟
معلومات حول الموضوع:
في اواخر التسعينات تقدم الباحث والمحلل السياسي الروسي ايغور بانارين بتوقعات مثيرة عن مستقبل الولايات المتحدة تقول إن الأزمة الأخلاقية والإقتصادية في اميركا يمكن ان تقودها في المستقبل المنظور الى بلبلة واضطرابات اجتماعية وسياسية تضاهي الحرب الأهلية.
وستتمخض تلك الأحداث ، في اعتقاد ايغور بانارين، عن تفكك الولايات المتحدة وانشطارها الى ستة اجزاء او اقاليم تتأثر لاحقا او تغدو تحت رحمة عوامل خارجية او لاعبين خارجيين مثل الإتحاد الأوروبي وكندا وروسيا والمكسيك والصين واليابان.
السبب الأول لإحتمال تفكك الولايات المتحدة وتجزئتها يعود الى الجانب النفساني.
ذلك لأن المجتمع الأميركي، كما يؤكد صاحب هذه التوقعات السوداوية، يقف اليوم على شفا كارثة نفسانية.
والسبب الثاني يتسم بطبيعة اقتصادية ويرتبط بالأزمة الإقتصادية وفقدان الدولار وظيفتَه كعملة عالمية.
اما السبب الثالث فهو ، في رأي الباحث الروسي، المقاومة المتصاعدة التي تواجهها السياسة الخارجية الأميركية على النطاق العالمي والتي يمكن بمرور الزمن ان تنسف وتقوض المواقع الإستراتيجية الأميركية المهيمنة في العالم.
وكان لتوقعات ايغور بانارين صدى واسع في وسائل الإعلام، بما فيها وسائل الإعلام الأوروبية.
كما أثارت تلك التوقعات موجة من الإنتقادات اللاذعة ليس من طرف الجمهور الأميركي وحده.
فقد قال خصوم الباحث ان تقويماته ليس لديها ما يدعمها ويدلل على صحتها، وانها الى ذلك غير واقعية.
الا ان المجادلات حول التوقعات التي تنذر بمثل هذا المستقبل الكئيب للولايات المتحدة لم تتوقف ، بل اشتدت في الآونة الأخيرة مع تفاقم الأزمة المالية والإقتصادية العالمية.
..
..
رأي ..
بالتأكيد سيكون في ذلك خير عميم للعالم الحر , إذا ما انهارت إمبراطورية عسكرية طاغية ومهيمنة لأول مرة في التاريخ الإنساني , على العالم كله , على خلفية انهيار العالم القديم في ما بعد الحرب الكونية الثانية .
بمقدار ما كان صعود النازية الألمانية , مسارا تاريخيا حتميا , وأداة تغيير قادت إلى ولادة حقيقية للنظام الرأسمالي , باتجاه انهيار حتمي تالي وطبيعي , وفق آليات اقتصادية علمية , نادرا ما تمت دراستها بمعزل عن التسويق الإعلامي والسياسي للرأسمالية , كنهاية التاريخ وذروة التطور .
وهذا التسويق بحد ذاته استنساخ نازي , لرؤية قاصرة ذات طبيعة تسلطية .
الرؤية الروسي ..
ولو أنها لا تستند إلى "رؤية ماركسية" ذات أبجدية علمية , وقادرة على تقديم مسار طبيعي لتطور الرأسمالية ومن ثم انهيارها .
إلا أنها لا تزال كامنة في أرضية التفكير الروسي الأكاديمي , وبالتالي في هذا النص .
ومع أن "الرؤية الماركسية" , بذاتها , اتجهت إلى رؤية قاصرة وذات طبيعة تسلطية , عندما اعتبرت بدورها أن الاشتراكية هي ذروة التطور الإنساني .
ومع ذلك ..
ما استند عليه الباحث والمحلل السياسي الروسي ايغور بانارين , في رؤيته المتقدمة , والمستندة على ثلاث عوامل إستراتيجية :
العامل النفساني الداخلي .
العامل الاقتصادي الخارجي , والدولار .
العامل الثالث الأهم , مقاومة العالم للسياسة الخارجية الأمريكية .
يمكن أن تقدم صورة متماسكة لما تعاني منه أمريكا اليوم داخليا , ومن خلال الدولار , وردات فعل مقاومة بشراسة لسياساتها الخارجية العمياء .
المجتمع الأمريكي من الداخل يعاني من هيمنة بيضاء على أكثرية ملونة , ومن انقسام حقيقي بين السود والبيض , ومن تصاعد خطر الحرب الأهلية على خلفية السعار الذكوري العنصري الأبيض ضد السود واليهود وحديثا المسلمين .
وكانت السياسة الأمريكية التقليدية تستند على ما يشبه في عالمنا العربي سياسة إسرائيل الداخلية , بمعنى تجميع الشتات غير المتجانس على نظرية العدو الخارجي والخطر المتربص .
وكان في أمريكا هذا العدو هو السوفييت وكوبا , وهو تراث طاغي يحاول جاهدا الرئيس اوباما التخلص منه .
واليوم وبعد انهيار مسرحية 11/9 , وكأن التراجع الاقتصادي سيكون هو أداة التغيير بمعنى التفكيك لمجتمع أمريكي لم يستطع خلال أكثر من مائتي عام تطوير "مواطنة" حقيقية , لشعب لا يزال يتقدم بلا معالم ثقافية , وبلا ذاكرة جماعية , وبلا وعي جماعي , فقط يستمر عبر آليات إعلامية طاغية , وصلت إلى حائط مسدود , هو حائط الجوع .
على وقع تزايد المقاومة للأمريكي عبر العالم بسبب الاستهتار السياسي الأمريكي خارجيا , وعبر العالم , من تحويل أوربا المثقلة بحربين كونيتين , وروح قومية تاريخية متأصلة , إلى ساحة صراع وحرب باردة عبثية مع السوفييت .
إلى تسويق أنظمة بائسة في دول النفط العربي .
إلى حرب غير مبرة وهمجية في الفيتنام .
إلى استهتار إنساني في أمريكا اللاتينية .
وصولا إلى هذا المشهد الرهيب في العراق وأفغانستان وجورجيا .
مرورا بالاحتضان المبالغ فيه للدموية الإسرائيلية في العالم العربي , أو لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا .
لقد نجح الأمريكي الأبيض , في تقديم الرئيس جورج بوش الابن , كذروة لمسار امتد منذ ما بعد الحرب الكونية الثانية وصولا إلى العام 2008 .
أي ستين عاما فقط .
كان كافيا , لبدء تفكك حقيقي أمريكي داخلي , لن يستطيع انتخاب رئيس اسود من إيقافه .
وبدء انهيار أمريكي دولاري لا يمكن حتى تخفيفه .
وتصاعد مقاومة كونية لأمريكا لن تتوقف قريبا .
فقط نقطة يمكن رؤيتها بطريقة مختلفة ..
تفكك أمريكا إلى ستة أقاليم , وتعويمها من دول الجوار وأوربا وروسيا واليابان والصين .
29/4/2009
..
_________________
تعليق