خلاف بين السلطة وإسرائيل حول المساحة الحقيقية لقطاع غزة
غزة - محمد رفيق
هل ستخرج إسرائيل من كامل قطاع غزة ؟ وكيف ستتأكد السلطة الفلسطينية من التزامها بذلك؟ و هل سيكون ذلك بإشراف دولي ؟ أسئلة كبيرة ترددت على ألسنة العديد من الخبراء الفلسطينيين و العرب في الآونة الأخيرة وبخاصة بعد تسريب معلومات عن وجود خلافات عميقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على المساحة المفترض الخروج منها بسبب تغير حدود القطاع منذ عام 1948 أكثر من مرة.
''المدينة'' حاولت استطلاع الموقف الرسمي الفلسطيني عبر مجموعة من اللقاءات مع خبراء و شخصيات رسمية و أهلية تتابع ملف خطة الانفصال عن قطاع غزة.
في البداية أكد مصدر فلسطيني يعمل ضمن اللجان الفلسطينية الخاصة بالإعداد للانسحاب و التي يشرف عليها الوزير محمد دحلان في لقاء مع ''المدينة'' أن هناك مشكلة كبيرة واجهت الجانب الفلسطيني و هي عدم وجود مطالب فلسطينية موحدة بخصوص مساحة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة ، فالبعض طالب الجانب الإسرائيلي بالخروج من قطاع غزة وفقا لحدود عام 67 ، والبعض الآخر تحدث عن الحدود بعد توقيع اتفاق الهدنة عام 49 المعروفة باتفاقية رودس، والبعض الآخر طالب بالخروج من كامل مساحة القطاع قبل اتفاقية رودس ، وهو ما أحدث حالة من الارتباك في الجانب الفلسطيني كان سببها الرئيسي جهل بعض المسؤولين عن ملف الانسحاب بتطور مسألة مساحة قطاع غزة وأهمية الحديث عنها منذ البداية لخلق أرضية يمكن الانطلاق منها لبقية القضايا.
عجز السلطة عن تحديد مساحة غزة
و يضيف عضو اللجنة الذي فضل عدم الكشف عن اسمه إلى الشح في الكثير من المعلومات عن الأراضي التابعة لقطاع غزة لدى اللجان الفنية ، معتبرا أن هذا الشح يبدو واضحا عند الحديث مع الجانب الإسرائيلي عن المعابر ومواقعها و عن المناطق الصناعية المشتركة التي من المفترض أي يقدم كل جانب جزءا من مساحتها ، مشيرا إلى أن من الخطورة توقيع أي اتفاقات بهذا الشأن دون توفر خرائط تفصيلية واضحة لكل أراضي قطاع غزة حتى يعرف الجانب الفلسطيني بوضوح إيجابيات و سلبيات أي عرض إسرائيلي بهذا الشأن.
ومن الملاحظ أن هذا الارتباك قد استغل من الطرف الإسرائيلي بشكل كامل حيث سمح لإسرائيل بالحديث على لسان شيمون بيريز نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية عن الانسحاب من قطاع غزة وفقا لخرائط اتفاق القاهرة المسمى اتفاق غزة و أريحا أولا ، وهي خرائط كان الرئيس الفلسطيني قد رفض التوقيع عليها خلال حفل التوقيع بعد أن لاحظ تلاعب الجانب الإسرائيلي بها، و بعد تدخل الرئيس المصري وقع عرفات مع كتابة ملاحظة بخط يده عليها تفيد عدم رضائه عنها ، وهو ما أكده لـ''المدينة'' الأستاذ زكريا السنوار المتخصص في تاريخ فلسطين الحديث.
و يكمل المصدر قائلا ان الجانب الفلسطيني اتفق أخيرا في لجانه الفنية المشرفة على التخطيط للانسحاب على اعتماد حدود قطاع غزة قبل توقيع اتفاقية رودس التي تم خلالها التخلي عن مساحات واسعة من أراضي القطاع و بخاصة في المنطقة الشمالية كأساس للمطالب الفلسطينية ، إلا أنه فوجئ بعدم وجود أي خريطة رسمية لدى السلطة الفلسطينية تشير إلى هذه الحدود بشكل دقيق يمكن من خلاله متابعة الانسحاب الإسرائيلي منها ، مشيرا إلى أن الجانب الفلسطيني طالب إسرائيل بهذه الخرائط لكنها رفضت تقديم أي خرائط رسمت قبل عام 1950 ميلادية.
ويؤكد هذه المعلومة خليل التفكجي مسؤول الخرائط في بيت الشرق و الخبير في شؤون الاستيطان الذي أوضح لـ''المدينة'' أن الجانب الفلسطيني حصل على خرائط واضحة من الأردن لمساحة الضفة الغربية قبل اتفاقية رودس و التعديلات التي حدثت بها، إلا أنه لا يملك أي خرائط رسمية خاصة بوضع قطاع غزة في اتفاقية رودس الذي كان وقتها تحت الإدارة المصرية.
حدود غزة وثائق حربية سرية
من جهته أشار د. خميس بدوي الذي قدم العديد من الدراسات حول تغير مساحة قطاع غزة منذ عام 48 إلى وجود هذه الخرائط لدى الجانب المصري الذي يعتبرها وثائق حربية سرية لا يمكن الكشف عنها ، وبطبيعة الحال موجودة لدى الجانب الإسرائيلي الذي من مصلحته عدم الكشف عنها.
و أكد طلال عوكل العضو البارز في لجنة الحماية و المساندة الأهلية التي تم تأسيسها لمراقبة عملية الانسحاب الإسرائيلي لـ''المدينة'' أن الجانب الفلسطيني حصل بالفعل على خرائط لخطوط الهدنة قبل اتفاقية رودس ، لكنه لم يستطع أن يؤكد أن كانت هذه الخرائط رسمية أم لا ، مشيرا إلى أن هذه الخرائط توضح أن على الجانب الإسرائيلي أن يتخلى عن مساحة كبيرة من الأرض شمال قطاع غزة بعمق 2 كيلو متر و بعرض 10 كيلو مترات.
وفي نفس السياق أكد مصدر فلسطيني مطلع لـ''المدينة'' أن هناك اتصالات واسعة قامت بها الخارجية الفلسطينية مع الخارجية المصرية للحصول على هذه الخرائط ، وأن السلطة تبحث عن أطراف بديلة مثل الأمم المتحدة أو بريطانيا للبحث عن هذه الخرائط لديها في حالة تعذر الحصول عليها من الجانب المصري.
ويؤكد عوكل أن السلطة تبذل كل مجهوداتها لتشرك طرفا ثالثا في الإشراف على عملية الانسحاب ليكون شاهدا على أي تعد إسرائيلي على الحدود ، حيث وافقت أطراف دولية بالفعل على المشاركة في القيام بمسح المستوطنات للتأكد من خلوها من أي مواد خطرة أو ألغام أو مخلفات عسكرية ، لكن الاتصالات مازالت جارية مع اللجنة الرباعية للإشراف على خروج إسرائيل كل مناطق القطاع ،و توقع عوكل أن تشكل الرباعية طاقما فنيا للإشراف على الانسحاب و تقديم تقرير عن أي مناطق لا ينسحب منها الجانب الإسرائيلي.
مناطق أمنية إسرائيلية وسط القطاع
المفاجأة التي كشف النقاب عنها العضو الفلسطيني المشارك في اللجان الفنية أن إسرائيل طالبت السلطة الفلسطينية بشكل رسمي بالاحتفاظ بمناطق أمنية في بعض مناطق قطاع غزة وبخاصة في وسط القطاع و شماله لا يسمح لأحد بالدخول لها ، أو البناء فيها ، لكي تضمن إسرائيل أن لا يتم استخدام هذه المناطق في إطلاق الصواريخ على مدنها و مستوطناتها داخل الخط الأخضر.
ويضيف ( س.ع ) أن هذه المطالب تشير بجلاء إلى رغبة إسرائيلية في الاحتفاظ بمساحات من قطاع غزة تحت سيطرتها ، هو ما يعني من جهة بقاء هذه المناطق تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية ، ومن جهة أخرى إنشاء مزارع شبعا جديدة في غزة بعد تلك التي ظهرت في لبنان لتكون بؤرة مستمرة لاشتعال القطاع ، مشيرا إلى أن الضغوط الكبيرة التي تمارس على الطرف الفلسطيني ، وضعف موقفه أمام قوة الأمر الواقع التي تفرضها إسرائيل ، تجعل السلطة مكتوفة الأيدي أمام أي محاولة إسرائيلية لإبقاء سيطرتها على أجزاء من أراضي القطاع.
غزة - محمد رفيق
هل ستخرج إسرائيل من كامل قطاع غزة ؟ وكيف ستتأكد السلطة الفلسطينية من التزامها بذلك؟ و هل سيكون ذلك بإشراف دولي ؟ أسئلة كبيرة ترددت على ألسنة العديد من الخبراء الفلسطينيين و العرب في الآونة الأخيرة وبخاصة بعد تسريب معلومات عن وجود خلافات عميقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على المساحة المفترض الخروج منها بسبب تغير حدود القطاع منذ عام 1948 أكثر من مرة.
''المدينة'' حاولت استطلاع الموقف الرسمي الفلسطيني عبر مجموعة من اللقاءات مع خبراء و شخصيات رسمية و أهلية تتابع ملف خطة الانفصال عن قطاع غزة.
في البداية أكد مصدر فلسطيني يعمل ضمن اللجان الفلسطينية الخاصة بالإعداد للانسحاب و التي يشرف عليها الوزير محمد دحلان في لقاء مع ''المدينة'' أن هناك مشكلة كبيرة واجهت الجانب الفلسطيني و هي عدم وجود مطالب فلسطينية موحدة بخصوص مساحة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة ، فالبعض طالب الجانب الإسرائيلي بالخروج من قطاع غزة وفقا لحدود عام 67 ، والبعض الآخر تحدث عن الحدود بعد توقيع اتفاق الهدنة عام 49 المعروفة باتفاقية رودس، والبعض الآخر طالب بالخروج من كامل مساحة القطاع قبل اتفاقية رودس ، وهو ما أحدث حالة من الارتباك في الجانب الفلسطيني كان سببها الرئيسي جهل بعض المسؤولين عن ملف الانسحاب بتطور مسألة مساحة قطاع غزة وأهمية الحديث عنها منذ البداية لخلق أرضية يمكن الانطلاق منها لبقية القضايا.
عجز السلطة عن تحديد مساحة غزة
و يضيف عضو اللجنة الذي فضل عدم الكشف عن اسمه إلى الشح في الكثير من المعلومات عن الأراضي التابعة لقطاع غزة لدى اللجان الفنية ، معتبرا أن هذا الشح يبدو واضحا عند الحديث مع الجانب الإسرائيلي عن المعابر ومواقعها و عن المناطق الصناعية المشتركة التي من المفترض أي يقدم كل جانب جزءا من مساحتها ، مشيرا إلى أن من الخطورة توقيع أي اتفاقات بهذا الشأن دون توفر خرائط تفصيلية واضحة لكل أراضي قطاع غزة حتى يعرف الجانب الفلسطيني بوضوح إيجابيات و سلبيات أي عرض إسرائيلي بهذا الشأن.
ومن الملاحظ أن هذا الارتباك قد استغل من الطرف الإسرائيلي بشكل كامل حيث سمح لإسرائيل بالحديث على لسان شيمون بيريز نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية عن الانسحاب من قطاع غزة وفقا لخرائط اتفاق القاهرة المسمى اتفاق غزة و أريحا أولا ، وهي خرائط كان الرئيس الفلسطيني قد رفض التوقيع عليها خلال حفل التوقيع بعد أن لاحظ تلاعب الجانب الإسرائيلي بها، و بعد تدخل الرئيس المصري وقع عرفات مع كتابة ملاحظة بخط يده عليها تفيد عدم رضائه عنها ، وهو ما أكده لـ''المدينة'' الأستاذ زكريا السنوار المتخصص في تاريخ فلسطين الحديث.
و يكمل المصدر قائلا ان الجانب الفلسطيني اتفق أخيرا في لجانه الفنية المشرفة على التخطيط للانسحاب على اعتماد حدود قطاع غزة قبل توقيع اتفاقية رودس التي تم خلالها التخلي عن مساحات واسعة من أراضي القطاع و بخاصة في المنطقة الشمالية كأساس للمطالب الفلسطينية ، إلا أنه فوجئ بعدم وجود أي خريطة رسمية لدى السلطة الفلسطينية تشير إلى هذه الحدود بشكل دقيق يمكن من خلاله متابعة الانسحاب الإسرائيلي منها ، مشيرا إلى أن الجانب الفلسطيني طالب إسرائيل بهذه الخرائط لكنها رفضت تقديم أي خرائط رسمت قبل عام 1950 ميلادية.
ويؤكد هذه المعلومة خليل التفكجي مسؤول الخرائط في بيت الشرق و الخبير في شؤون الاستيطان الذي أوضح لـ''المدينة'' أن الجانب الفلسطيني حصل على خرائط واضحة من الأردن لمساحة الضفة الغربية قبل اتفاقية رودس و التعديلات التي حدثت بها، إلا أنه لا يملك أي خرائط رسمية خاصة بوضع قطاع غزة في اتفاقية رودس الذي كان وقتها تحت الإدارة المصرية.
حدود غزة وثائق حربية سرية
من جهته أشار د. خميس بدوي الذي قدم العديد من الدراسات حول تغير مساحة قطاع غزة منذ عام 48 إلى وجود هذه الخرائط لدى الجانب المصري الذي يعتبرها وثائق حربية سرية لا يمكن الكشف عنها ، وبطبيعة الحال موجودة لدى الجانب الإسرائيلي الذي من مصلحته عدم الكشف عنها.
و أكد طلال عوكل العضو البارز في لجنة الحماية و المساندة الأهلية التي تم تأسيسها لمراقبة عملية الانسحاب الإسرائيلي لـ''المدينة'' أن الجانب الفلسطيني حصل بالفعل على خرائط لخطوط الهدنة قبل اتفاقية رودس ، لكنه لم يستطع أن يؤكد أن كانت هذه الخرائط رسمية أم لا ، مشيرا إلى أن هذه الخرائط توضح أن على الجانب الإسرائيلي أن يتخلى عن مساحة كبيرة من الأرض شمال قطاع غزة بعمق 2 كيلو متر و بعرض 10 كيلو مترات.
وفي نفس السياق أكد مصدر فلسطيني مطلع لـ''المدينة'' أن هناك اتصالات واسعة قامت بها الخارجية الفلسطينية مع الخارجية المصرية للحصول على هذه الخرائط ، وأن السلطة تبحث عن أطراف بديلة مثل الأمم المتحدة أو بريطانيا للبحث عن هذه الخرائط لديها في حالة تعذر الحصول عليها من الجانب المصري.
ويؤكد عوكل أن السلطة تبذل كل مجهوداتها لتشرك طرفا ثالثا في الإشراف على عملية الانسحاب ليكون شاهدا على أي تعد إسرائيلي على الحدود ، حيث وافقت أطراف دولية بالفعل على المشاركة في القيام بمسح المستوطنات للتأكد من خلوها من أي مواد خطرة أو ألغام أو مخلفات عسكرية ، لكن الاتصالات مازالت جارية مع اللجنة الرباعية للإشراف على خروج إسرائيل كل مناطق القطاع ،و توقع عوكل أن تشكل الرباعية طاقما فنيا للإشراف على الانسحاب و تقديم تقرير عن أي مناطق لا ينسحب منها الجانب الإسرائيلي.
مناطق أمنية إسرائيلية وسط القطاع
المفاجأة التي كشف النقاب عنها العضو الفلسطيني المشارك في اللجان الفنية أن إسرائيل طالبت السلطة الفلسطينية بشكل رسمي بالاحتفاظ بمناطق أمنية في بعض مناطق قطاع غزة وبخاصة في وسط القطاع و شماله لا يسمح لأحد بالدخول لها ، أو البناء فيها ، لكي تضمن إسرائيل أن لا يتم استخدام هذه المناطق في إطلاق الصواريخ على مدنها و مستوطناتها داخل الخط الأخضر.
ويضيف ( س.ع ) أن هذه المطالب تشير بجلاء إلى رغبة إسرائيلية في الاحتفاظ بمساحات من قطاع غزة تحت سيطرتها ، هو ما يعني من جهة بقاء هذه المناطق تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية ، ومن جهة أخرى إنشاء مزارع شبعا جديدة في غزة بعد تلك التي ظهرت في لبنان لتكون بؤرة مستمرة لاشتعال القطاع ، مشيرا إلى أن الضغوط الكبيرة التي تمارس على الطرف الفلسطيني ، وضعف موقفه أمام قوة الأمر الواقع التي تفرضها إسرائيل ، تجعل السلطة مكتوفة الأيدي أمام أي محاولة إسرائيلية لإبقاء سيطرتها على أجزاء من أراضي القطاع.
تعليق