إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قراءة سياسية في محرقة غزة/د. محمد إبراهيم المدهون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قراءة سياسية في محرقة غزة/د. محمد إبراهيم المدهون

    قراءة سياسية في محرقة غزة
    د. محمد إبراهيم المدهون

    قاصرة تلك القراءة التي تختصر المشهد في قطاع غزة بمشهد التهدئة أو بالحاجة لضبط نفس متبادل أو وقف للصواريخ إلى غير ما هنالك من تفسيرات ومطالعات، فما يجري على خطوط التماس في القطاع الجائع والمحاصر، ليس في واقع الحال، سوى حلقة في سلسلة متعددة الحلقات، تبدأ من غزة ولا تنتهي في واشنطن مرورا بتل أبيب والقاهرة وعواصم محوري "الاعتدال" و"الممانعة".
    هناك مقدمات سبقت المحرقة كان أبرزها تصريح مبعوث الرباعية الدولية حين قال: "عدوان على غزة ليس كارثة، الحسم العسكري وليس الحوار هو الوسيلة للتعامل مع إرهاب حماس، والحصار لم يجد نفعا مع حماس، ولا بد من البحث عن وسائل أخرى لإنهاء الوضع الشاذ في غزة حتى تكون جزءا من الدولة ومن وعد أنابوليس ومساره". وأمر المؤامرة يعود إلى الانتخابات الفلسطينية وما أعقبها من حكومات وائتلافات وحسم عسكري ومؤامرات واتفاقيات والمسلسل الطويل المستمر لثلاث سنوات من أحل إسقاط حماس ولم تفلح كل المحاولات المتنوعة لتحقيق ذلك.
    المطلوب إذاً إبقاء جذوة أنابوليس متقدة، وقطع الطريق على انهيار السلطة وفقدان شرعية الرئاسة الفلسطينية. وكذلك كانت المحرقة لقطع الطريق على نتنياهو، ومن هنا جاءت دعوة ليفني (المنافس الأقوى لنتنياهو) إلى القاهرة (وليس باراك الأقل حظا على سبيل المثال). ولأجل ذلك كان لا بد من إسقاط حكومة حماس وإنهاء سيطرة الحركة على قطاع غزة. من هنا جاء العدوان المتدحرج من أجل إسقاط حماس بواحد من أسلوبين: إحراجها وإخراجها من السلطة، أو إحراجها وإراقة ماء وجهها وصدقيتها ونفوذها وشعبيتها، ليعود القطاع بعد ذلك، خاضعا لولاية السلطة وحكومة فياض.

    العدوان جاء في سياق هزيمة المحافظين في الانتخابات الأمريكية، ورغبة الإدارة الأمريكية المنصرفة في تسوية حساباتها مع خصومها، و "تمديد مسار أنابوليس"، بوصفه نقطة بدء الفصل الأخير في سيناريو تصفية حماس، والتمديد المماثل للرئاسة الفلسطينية، الشريك الفلسطيني الرئيس في هذا المسار في رغبة لإعادة عقارب الساعة سبع سنوات إلى الوراء على أقل تقدير. وبالتأكيد فإن رغبة الأطراف التي استلت سكينها لإنهاء جز رؤؤس حماس قبل قدوم الإدارة الأميركية القادمة التي تواجهها تحديات مالية داخلية خانقة، هذا بالإضافة إلى الواقع الأمني الصعب في كل من العراق وأفغانستان، وكل هذه الأزمات تنافس جدًا في الأهمية الصراع في فلسطين للأميركيين. وهذا كله يفسر الصمت الذي التزمه أوباما وفريقه تجاه العدوان الصهيوني.

    إن الانكشاف الواضح للأنظمة العربية في المحرقة لم يعد بحاجة لإثبات، وما لاشك فيع أن بعض العرب ساهموا في الإعداد لسيناريو إسقاط حماس، رغبة في الثأر لما يعتبرونه طعنة حمساوية نجلاء لجهودهم في المصالحة والحوار ولوساطتهم في صفقة شاليط المعطلة، وهو ما نظر إليه من زاوية الكرامة والهيبة إلى غير ما في قواميس القبَلية العربية من مفردات. ولتمرير "التمديدَيْن" لعباس وأنابوليس. ولجعل حماس عبرة لمن اعتبر ومن لم يعتبر من الإسلاميين العرب الذين تحدوا هيبة أنظمتهم وحكامهم. وتصفية الحساب مع محور "الممانعة" وتحديدا سوريا وإيران. ومن هنا كان سحب الغطاء السياسي العربي عن حماس، وكذلك الغطاء الدولي بعد موقف موسكو المؤيد لـ"التمديدين"، لعباس وأنابوليس. ومن هنا حماس ضُربت وقصفت غزة ودمرت مساجدها يوم حالت المملكة السعودية والنظام المصري بين حجاج غزة وبين أداء فريضة الحج، كان في هذا التصرف وهذه الخطوة إشارة مبطنة أن أهل غزة لم تعد لهم تلك الحصانة المعنوية، وقد أُزيلت عنهم القدسية، وكان في ذلك إشارة للصهاينة بأن دماء غزة مستباحة، كما أن حصانة الجامعة الإسلامية قد زالت يوم حرقها حرس عباس.
    ما لا ليس خافياَ تواطؤ وتآمر ارتكبه عباس وجوقته على قطاع غزة، وهناك من الدلائل والمعلومات وخائنات الأعين وسقطات الألسن ما يؤكد الشراكة المباشرة في العدوان. وأن عباس وفرقته شكلا الغطاء للغزاة يمررون من تحته مخططاتهم ومؤامراتهم، ورغم ذلك فإن هناك فرصة للمصالحة الحقيقية مع فريق جيد من فتح على أساس المقاومة والمصالح الفلسطينية.
    ورغم ذلك أبرزت المحرقة حالة الفرقان فكان دوراً تركياً متميزاً حكوميًا وجماهيريًا وسياسياً على أساس الاعتراف بحماس وشرعيتها ولم توار في أنها ستنقل وجهة نظر حماس إلى مجلس الأمن الدولي، وقبل ذلك نددت بالعدوان الصهيوني الوحشي بأشد العبارات، وهي بذلك تملأ الفراغ الذي خلفته مصر قولاً وفعلاً. فيما لعبت قطر دوراً وطنياً وعروبياً مشهوداً وكانت كلمات أمير قطر وهو يدعو لقمة عربية لأجل غزة الواثقة تضع النقاط على الحروف في حال التمايز في الموقف العربي, وربما من المفيد أن يدعو أمير قطر لقمة للدول التي تقف ضد العدوان لتظهر حال التمايز بين متواطئين أو رافضين للمحرقة.

    لقد برزت الشعوب العربية في المحرقة أكثر وعيًا، ورفعت المقاومة الفلسطينية منسوب الجرأة لدى الجميع. ولقد برزت المقاومة الفلسطينية الرائعة وعلى رأسها كتائب القسام بوجه مشرف و أثبتت أن سقف الأمة هو سقف المقاومة وليس سقف المساومة الخرق، وأن هناك مفاهيم جديدة للصراع مع الصهاينة ستثبت فيها المقاومة أنها الأجدر لقيادة الأمة، وفي المقابل ستتعرى عروش، وستنكشف سوءات، لأن انتصار المقاومة قد هدد هذه العروش وأبان وظيفتها الحقيقية.

    لا بد من ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة، إيهود أولمرت، إيهود باراك، ليفني، غابي أشكينازي، يوفال ديسكين وعسكريون آخرون، باعتبارهم من اتخذ القرار في هذه الضربات العسكرية والتي أدت إلى هذه المجزرة المروعة. وعلى صعيد آخر لا بد من مخاطبة الأحرار في العالم لإطلاق حملة إعلامية منظمة توضح حجم المأساة التي يسببها الاحتلال، وكذلك المذابح التي يرتكبها قادته.
    لا بد من فشل أهداف هذه المحرقة ولا يكون ذلك إلا بالصمود والصبر والثبات. ولغزة الحق أن تجني ثمار صبرها وثباتها وصمودها، ولا بد من الحذر من محاولات الالتفاف على هذا الصمود. بالتأكيد هذه معركة الأمة وهي معركة مصيرية بالنسبة للقضية الفلسطينية، ويجب التصرف بمسؤولية عالية، فالقضية أمست أمانة في عنق حركة المقاومة الإسلامية، بعد تخلي الجميع عنها، مما أصابهم من تهتك وتفريط وخيانة.

  • #2
    رد : قراءة سياسية في محرقة غزة/د. محمد إبراهيم المدهون

    لن يغفر الله للمجرمين جرائمهم، ولن تضيع دماء الشهداء هدراً، ولن يهدأ للمليم بال حتى يثأروا للدماء الطاهرة.

    تعليق

    جاري التحميل ..
    X