هل العرب في طريقهم إلى الانقراض؟
عندما كتب توفيق الحكيم في سنوات السبعينات كتابـه الذي أسماه (عــودة الوعي)، كان متسرعا في حكمه على مصر وعلى الأمـة العربية بكاملها، فالعرب بفئاتهم (المثقفة) وشارعهم المغسول الدماغ كانـوا ولا يزالون يعيشون في (اللاوعي) .
الأمة العربية، أو بالأحرى الأمم العربية، تعيش بحكامها ومثقفيهـا وشارعها داخل فقاعة هوائية شفافة ترى الدنيا من داخلها ولا تتجاوب معها. يتطور العالم وتعتقد هي أنها تتطور معه، بينما كل ما يحدث هو أن فقاعة الهواء هـذه، التي يعيش بداخلها كل العرب، تطير مع اتجاه الرياح وتنقل كل من بداخلها بمراحل من الاستعمار إلى الإستقلال، ومن البداوة إلى الحضارة، ومن عصر السيارة إلى عصر الصاروخ. الجميع متفرجون فقط لا يتفاعلون مع الأحداث التي تدور من حولهم لأنهم غير واعين لهذا الذي يدور.
في تقريرها الأخير خلصت لجنة، عهدت اليها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بدراسة التطور البشري للعرب وصدر العام الماضى، إلـى أن البلدان العربية لوحدها تمضي باتجاه عكس الاتجاه العالمي. فبالرغم من كل الحديث عن الثروة، فإن نمو دخل الفرد خلال العشريـن سنة الماضية أنكمش إلى مستوى يزيد قليلا عن ذلك الذي تعيشه دول الصحراء بأفريقيا الشديدة الفقر، وكان من أكثر نتائج الدراسة إثـارة وتناقلته وسائل الإعلام والكتاب العرب ما جاء في التقرير:
(خلال الألف عام التي مضت، منذ عهد الخليفة المأمون، ترجم العرب من الكتب ما يساوي عدد الكتب التي تترجمها اسبانيا خلال عام واحد فقط).
ومأساة العرب ليس في حكامها، بل في مثقفيها أيضا وعلمائها وأساتذة جامعاتها وفنانيها وإعلامييها. الجميع يعيشون تحـت وطأة عقدة النقص، التي وصفتها نشرة تابعة لمؤسسة جينز، وتعني بتحليل القضايا الإسلامية، بأنها نتيجه لسلسلة من الأحداث (المهينة بدأت باحتلال نابليون لمصر وانتهت بإحتلال معظم الأراضي العربيه). وقالت انه (عندما بدأت الانتفاضة العربية الأولى ضد الامبراطورية العثمانيه المتهاوية تصادف ان أنشئت دولة إسرائيل، وعندما بدأت مسيرة التحرر من الاستعمار، فإنه سرعان ما انتهى الفوران الذي سببته هذه المسيرة للعرب بهزيمة «حرب الأيام الستة» عام 1967.
وينفي العرب أنهم يشعرون بالنقص أو أن يكونوا مقصرين أو متخلفين، وينسبون كل ما يقع لهم الى مؤامرات يستسلمون لها، وكأنها قدر لا راد له. والعرب يرفضون حتى الآن تحمل مسؤولية ضياع فلسطين وفشل جيوشهم ، بل يرجـعـون ذلك إلى المؤامرات. وهــم عاشوا أكثر من عشر سنوات، منذ حرب تحرير الكويت حتى اليـوم، بدون أن يحاولوا حل ما يحب البعض أن يسميه (الحالة)، فلا حلوا مشكلة العــراق وعلاقتها بالعالم الخارجي، بما فيه العربي، ولا تمكنوا من تقليص الوجود الأجنبي على معظم الأراضي العربية الذي حل بسبب (الوضع العراقي) .
-2-
وما زال العرب عاجزين، حتى اليوم، عن حل مأساة الصومال أو التدخل الفعال لإقناع الاماراتيين والأيرانيين بحل لقضيه الجزر التي استولى عليها الايرانيون وتطالب بها الإمارات. ولا هم قادرون خلال سنين طويلة من الحروب الأهلية السودانية على إقناع السودانيين أن السودان لجميع أهلها لا لحكامها وجزء من أهلها فقط. بل وحتى قضية البوليساريو عجز العرب عن فض الإشتباك وسوء التصرف بشأنها فيما بين المغرب والجزائر، وغيرها الكثير من القضايا العربية التي يعجز العرب عن حلها فيدفنون رؤوسهم في الرمال عسى أن تذهب هذه الأزمات عنهم، ويبررون عجزهم بأنه بسبب (المؤامرات الخارجية).
الاميركيون لم يهتموا كثيرا بالعلاقات العربية ـ العربية أو تطور الإنسان العربي، طالما كان الحكام العسكريون منهم والمدنيون يحققون لهم مصالحهم، أكان باسم الثورة والاشتراكيه أو بأي اسم آخر. حتى جاء بن لادن ومن يقف معه وخلفه، كشفوا الغطاء عن مدى الكراهــية التي يكنها العرب لأميركا وقيمها المزدوجة ودعمها غير المشروط للاحتلال الإسرائيلي، فقررت أميركا حينها الحلول على المنطقه ضيفا غير مدعو عبر بوابة العراق أيضا ورئيسه صدام حسين.
فى مؤتمر القمة الأخير كنا نأمل أن يسارع المجتمعون في شرم الشيخ إلى تبني مبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز لاصلاح الوضع العربي، فقد كانت مبادرة جريئة من زعيم عربي يتسم بالصراحة والصدق والرغبة الصادقة في الإصلاح، أراد أن يقول لإخوانه أن عليهم أن يصلحوا أمر أوطانهـم ويشركوا شعوبهم فى تحمل مسؤولية مصيرهم ما دام أمر مثل هذا لم يزل بأيديهم، وإذا بنا نفاجأ بتأجيل النظر فيها إلى القمة القادمة، بعد عام كامل من الآن.
كان يمكن لنا، لو تبنى القادة العرب في مؤتمرهم هذا مبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز لإصلاح الوضع العربي، أن نأمل بعودة الوعي إلى العرب، ولكننا لم نسمع سوى الخطب الثورية التي لا تعني شيئا في واقع الحال، ونجـد أنفسنا الآن عوضا عن ذلك بانتظار عودة الاستعمار المباشر إلى أراضي العرب، وعلى الأرجح في أسوأ صوره المذلة، بفرض ما يريده الإسرائيليون وليس الأميركيون فحسب.
وقد يكون من المناسب أن نقرأ ما يتبادله الشباب العربي عبر الإنترنت هـذه الأيام، فهناك (نكتة) يتناقلها هؤلاء الشباب، عبر شاشات الإنترنت، تقول ان أحد السفـراء العرب في الأمم المتحدة التقى بالرئيس الأميركي بوش فقال له هامسا:
(لدي سؤال يا فخامة الرئيس في ما يتعلق بما شاهدته في اميركا، فولدي يشاهد هذا المسلسل التلفزيوني عن رحلات الفضاء المسمى STAR TREK، وفيه الروس والسود والآسيويون، ولكن لم يظهر عربي واحد إطلاقا في هذا المسلسل. وضحك الرئيس بوش وقال للسفير العربي (يا سعادة السفير، السبب هو أن أحداث هذا المسلسل تقع في المستقبل.
عندما كتب توفيق الحكيم في سنوات السبعينات كتابـه الذي أسماه (عــودة الوعي)، كان متسرعا في حكمه على مصر وعلى الأمـة العربية بكاملها، فالعرب بفئاتهم (المثقفة) وشارعهم المغسول الدماغ كانـوا ولا يزالون يعيشون في (اللاوعي) .
الأمة العربية، أو بالأحرى الأمم العربية، تعيش بحكامها ومثقفيهـا وشارعها داخل فقاعة هوائية شفافة ترى الدنيا من داخلها ولا تتجاوب معها. يتطور العالم وتعتقد هي أنها تتطور معه، بينما كل ما يحدث هو أن فقاعة الهواء هـذه، التي يعيش بداخلها كل العرب، تطير مع اتجاه الرياح وتنقل كل من بداخلها بمراحل من الاستعمار إلى الإستقلال، ومن البداوة إلى الحضارة، ومن عصر السيارة إلى عصر الصاروخ. الجميع متفرجون فقط لا يتفاعلون مع الأحداث التي تدور من حولهم لأنهم غير واعين لهذا الذي يدور.
في تقريرها الأخير خلصت لجنة، عهدت اليها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بدراسة التطور البشري للعرب وصدر العام الماضى، إلـى أن البلدان العربية لوحدها تمضي باتجاه عكس الاتجاه العالمي. فبالرغم من كل الحديث عن الثروة، فإن نمو دخل الفرد خلال العشريـن سنة الماضية أنكمش إلى مستوى يزيد قليلا عن ذلك الذي تعيشه دول الصحراء بأفريقيا الشديدة الفقر، وكان من أكثر نتائج الدراسة إثـارة وتناقلته وسائل الإعلام والكتاب العرب ما جاء في التقرير:
(خلال الألف عام التي مضت، منذ عهد الخليفة المأمون، ترجم العرب من الكتب ما يساوي عدد الكتب التي تترجمها اسبانيا خلال عام واحد فقط).
ومأساة العرب ليس في حكامها، بل في مثقفيها أيضا وعلمائها وأساتذة جامعاتها وفنانيها وإعلامييها. الجميع يعيشون تحـت وطأة عقدة النقص، التي وصفتها نشرة تابعة لمؤسسة جينز، وتعني بتحليل القضايا الإسلامية، بأنها نتيجه لسلسلة من الأحداث (المهينة بدأت باحتلال نابليون لمصر وانتهت بإحتلال معظم الأراضي العربيه). وقالت انه (عندما بدأت الانتفاضة العربية الأولى ضد الامبراطورية العثمانيه المتهاوية تصادف ان أنشئت دولة إسرائيل، وعندما بدأت مسيرة التحرر من الاستعمار، فإنه سرعان ما انتهى الفوران الذي سببته هذه المسيرة للعرب بهزيمة «حرب الأيام الستة» عام 1967.
وينفي العرب أنهم يشعرون بالنقص أو أن يكونوا مقصرين أو متخلفين، وينسبون كل ما يقع لهم الى مؤامرات يستسلمون لها، وكأنها قدر لا راد له. والعرب يرفضون حتى الآن تحمل مسؤولية ضياع فلسطين وفشل جيوشهم ، بل يرجـعـون ذلك إلى المؤامرات. وهــم عاشوا أكثر من عشر سنوات، منذ حرب تحرير الكويت حتى اليـوم، بدون أن يحاولوا حل ما يحب البعض أن يسميه (الحالة)، فلا حلوا مشكلة العــراق وعلاقتها بالعالم الخارجي، بما فيه العربي، ولا تمكنوا من تقليص الوجود الأجنبي على معظم الأراضي العربية الذي حل بسبب (الوضع العراقي) .
-2-
وما زال العرب عاجزين، حتى اليوم، عن حل مأساة الصومال أو التدخل الفعال لإقناع الاماراتيين والأيرانيين بحل لقضيه الجزر التي استولى عليها الايرانيون وتطالب بها الإمارات. ولا هم قادرون خلال سنين طويلة من الحروب الأهلية السودانية على إقناع السودانيين أن السودان لجميع أهلها لا لحكامها وجزء من أهلها فقط. بل وحتى قضية البوليساريو عجز العرب عن فض الإشتباك وسوء التصرف بشأنها فيما بين المغرب والجزائر، وغيرها الكثير من القضايا العربية التي يعجز العرب عن حلها فيدفنون رؤوسهم في الرمال عسى أن تذهب هذه الأزمات عنهم، ويبررون عجزهم بأنه بسبب (المؤامرات الخارجية).
الاميركيون لم يهتموا كثيرا بالعلاقات العربية ـ العربية أو تطور الإنسان العربي، طالما كان الحكام العسكريون منهم والمدنيون يحققون لهم مصالحهم، أكان باسم الثورة والاشتراكيه أو بأي اسم آخر. حتى جاء بن لادن ومن يقف معه وخلفه، كشفوا الغطاء عن مدى الكراهــية التي يكنها العرب لأميركا وقيمها المزدوجة ودعمها غير المشروط للاحتلال الإسرائيلي، فقررت أميركا حينها الحلول على المنطقه ضيفا غير مدعو عبر بوابة العراق أيضا ورئيسه صدام حسين.
فى مؤتمر القمة الأخير كنا نأمل أن يسارع المجتمعون في شرم الشيخ إلى تبني مبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز لاصلاح الوضع العربي، فقد كانت مبادرة جريئة من زعيم عربي يتسم بالصراحة والصدق والرغبة الصادقة في الإصلاح، أراد أن يقول لإخوانه أن عليهم أن يصلحوا أمر أوطانهـم ويشركوا شعوبهم فى تحمل مسؤولية مصيرهم ما دام أمر مثل هذا لم يزل بأيديهم، وإذا بنا نفاجأ بتأجيل النظر فيها إلى القمة القادمة، بعد عام كامل من الآن.
كان يمكن لنا، لو تبنى القادة العرب في مؤتمرهم هذا مبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز لإصلاح الوضع العربي، أن نأمل بعودة الوعي إلى العرب، ولكننا لم نسمع سوى الخطب الثورية التي لا تعني شيئا في واقع الحال، ونجـد أنفسنا الآن عوضا عن ذلك بانتظار عودة الاستعمار المباشر إلى أراضي العرب، وعلى الأرجح في أسوأ صوره المذلة، بفرض ما يريده الإسرائيليون وليس الأميركيون فحسب.
وقد يكون من المناسب أن نقرأ ما يتبادله الشباب العربي عبر الإنترنت هـذه الأيام، فهناك (نكتة) يتناقلها هؤلاء الشباب، عبر شاشات الإنترنت، تقول ان أحد السفـراء العرب في الأمم المتحدة التقى بالرئيس الأميركي بوش فقال له هامسا:
(لدي سؤال يا فخامة الرئيس في ما يتعلق بما شاهدته في اميركا، فولدي يشاهد هذا المسلسل التلفزيوني عن رحلات الفضاء المسمى STAR TREK، وفيه الروس والسود والآسيويون، ولكن لم يظهر عربي واحد إطلاقا في هذا المسلسل. وضحك الرئيس بوش وقال للسفير العربي (يا سعادة السفير، السبب هو أن أحداث هذا المسلسل تقع في المستقبل.
تعليق