بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة
أغاظني ما نقل و شهد به غير واحد عمّا تلفظ به محمود عباس تجاه خالد مشعل .
و قفز الى ذهني ما قاله بعض الصحابة الذين شاركوا في غزوة تبوك ، و التي تسمّى غزوة العسرة لما أحاط بها من مشقة و جهد و الحرّ الشديد الذي واكب تلك الغزوة .
أناس تحملوا كلّ هذا و متوجهين إلى القتل ، و لسيوا كمحمود عباس من قاعة مكيفة إلى أخرى ، و ربّما لا يبذل جهدا حتى في ربط شعس حذائه ، وهو آمن بحرّاس حتى وهو نائم ، و تحت إمرته علماء في الدين
و لكن هؤلاء الصحابة كما أخرج ابن المنذر و أبو الشيخ عن قتادة قال : بينما كان رسول الله صلى الله عليه في غزوة إلى تبوك، إذ نظر إلى أناس بين يديه يقولون : أيرجو هذا الرجل أن تفتح له قصور الشام و حصونها . هيهات هيهات. فأطلع الله نبيه صلى الله عليه و سلم على ذلك ، فقال : احبسوا عليّ هؤلاء الركب . فأتاهم ، فقال : قلتم كذا و قلتم كذا . قالوا يا نبيّ الله إنما كنّا نخوض و نلعب ، فأنزل الله فبهم ما تسمعون .
-*- يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ{64} وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ{65} لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ{66} -*-
و منذ يوم ما قرأت ما تلفظ به هذا المخلوق و أنا أتساءل عن حكم الشرع فيه
و مع يقيني أني لست مؤهلا للحكم عليه ، فلست أدلو بدلوي أو أصرح بحكم شرعي فيه ، بل أبحرت في موقع الموسوعة الشاملة و نظرت في ما أورده علماء الأمة في الذي يتهكّم أو يستهزئ في الدين
فمن بين ما وجدت ، أضعه بين أيديكم ،
و من كانت له إضافة أو تعقيب أو تصحيح ، فلا يبخل علينا
أورد علوي بن عبدالقادر السقاف في : رسالته في المكفرات القولية والعملية من خلال أقوال العلماء :
قول أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي . ت:597هـ في "زاد المسير"
- أن عبد الله بن أبي ، ورهطا معه ، كانوا يقولون في رسول الله وأصحابه ما لا ينبغي ، فإذا بلغ رسول الله ? قالوا : إنما كنا نخوض ونلعب ، فقال الله تعالى : { قل } لهم { أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون } ، قاله الضحاك . فقوله : { ولئن سألتهم } أي : عما كانوا فيه من الاستهزاء { ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب } أي : نلهو بالحديث . وقوله : { قد كفرتم } أي : قد ظهر كفركم بعد إظهاركم الإيمان ، وهذا يدل على أن الجد واللعب في إظهار كلمة الكفر سواء .
--------
قال جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس (المالكي). ت:616هـ في كتابه عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة" (3/297) . دار الغرب . ط1 – 1415هـ
- وظهور الردة إما أن يكون بالتصريح بالكفر ، أو بلفظ يقتضيه ، أو بفعل يتضمنه .
-------
قال برهان الدين محمود بن أحمد بن مازه (الحنفي) . ت:616هـ في كتابه "المحيط" :
- من أتى بلفظة الكفر مع علمه أنها لفظة الكفر عن اعتقاده فقد كفر، و لو لم يعتقد أو لم يعلم أنها لفظة الكفر ولكن أتى بها عن اختيار فقد كفر عند عامة العلماء ولا يعذر بالجهل …ومن كفر بلسانه طائعا وقلبه مطمئن بالإيمان فهو كافر ولا ينفعه ما في قلبه .
------
قال عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي (الحنبلي). ت:620هـ في كتابه "المغني"
- المرتد : يفسد صومه ، وعليه قضاء ذلك اليوم ، إذا عاد إلى الإسلام . سواء أسلم في أثناء اليوم ، أو بعد انقضائه ، وسواء كانت ردته باعتقاده ما يكفر به ، أو بشكه فيما يكفر بالشك فيه ، أو بالنطق بكلمة الكفر ، مستهزئا أو غير مستهزئ ، قال الله تعالى : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ؟ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم . وذلك لأن الصوم عبادة من شرطها النية ، فأبطلتها الردة ، كالصلاة والحج ، ولأنه عبادة محضة . فنافاها الكفر ، كالصلاة .
وقال: ومن سب الله تعالى كفر ، سواء كان مازحا أو جادا وكذلك من استهزأ بالله تعالى ، أو بآياته أو برسله ، أو كتبه، قال الله تعالى : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ؟ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } . وينبغي أن لا يكتفى من الهازئ بذلك بمجرد الإسلام ، حتى يؤدب أدبا يزجره عن ذلك ، فإنه إذا لم يكتف ممن سب رسول الله ? بالتوبة ، فممن سب الله تعالى أولى .
------
شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن تيمية.ت: 728هـ
قال في "مجموع الفتاوى" : فهؤلاء القائلون بقول جهم والصالحي قد صرحوا بأن سب الله ورسوله : والتكلم بالتثليث وكل كلمة من كلام الكفر ليس هو كفرا في الباطن ولكنه دليل في الظاهر على الكفر ويجوز مع هذا أن يكون هذا الساب الشاتم في الباطن عارفا بالله موحدا له مؤمنا به فإذا أقيمت عليهم حجة بنص أو إجماع أن هذا كافر باطنا وظاهرا . قالوا : هذا يقتضي أن ذلك مستلزم للتكذيب الباطن وأن الإيمان يستلزم عدم ذلك : فيقال لهم : معنا أمران معلومان :
أحدهما : معلوم بالاضطرار من الدين . والثاني: معلوم بالاضطرار من أنفسنا عند التأمل .
- أما "الأول" : فإنا نعلم أن من سب الله ورسوله طوعا بغير كره ، بل من تكلم بكلمات الكفر طائعا غير مكره ، ومن استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافر باطنا وظاهرا ، وإن من قال : إن مثل هذا قد يكون في الباطن مؤمنا بالله وإنما هو كافر في الظاهر ، فإنه قال قولا معلوم الفساد بالضرورة من الدين وقد ذكر الله كلمات الكفار في القرآن وحكم بكفرهم واستحقاقهم الوعيد بها ولو كانت أقوالهم الكفرية بمنزلة شهادة الشهود عليهم ، أو بمنزلة الإقرار الذي يغلط فيه المقر لم يجعلهم الله من أهل الوعيد بالشهادة التي قد تكون صدقا وقد تكون كذبا ، بل كان ينبغي أن لا يعذبهم إلا بشرط صدق الشهادة وهذا كقوله تعالى : { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة } { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم } وأمثال ذلك .
- وأما "الثاني" : فالقلب إذا كان معتقدا صدق الرسول ، وأنه رسول الله ، وكان محبا لرسول الله معظما له ، امتنع مع هذا أن يلعنه ويسبه فلا يتصور ذلك منه إلا مع نوع من الاستخفاف به وبحرمته ، فعلم بذلك أن مجرد اعتقاد أنه صادق لا يكون إيمانا إلا مع محبته وتعظيمه بالقلب .
---------
كما ورد عنه في الصارم المسلول على شاتم الرسول ص 370 ، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد .
- الاستهزاء بالقلب والانتقاص ينافي الإيمان الذي في القلب منافاة الضد ضده ، والاستهزاء باللسان ينافي الإيمان الظاهر باللسان كذلك
السلام عليكم و رحمة
أغاظني ما نقل و شهد به غير واحد عمّا تلفظ به محمود عباس تجاه خالد مشعل .
و قفز الى ذهني ما قاله بعض الصحابة الذين شاركوا في غزوة تبوك ، و التي تسمّى غزوة العسرة لما أحاط بها من مشقة و جهد و الحرّ الشديد الذي واكب تلك الغزوة .
أناس تحملوا كلّ هذا و متوجهين إلى القتل ، و لسيوا كمحمود عباس من قاعة مكيفة إلى أخرى ، و ربّما لا يبذل جهدا حتى في ربط شعس حذائه ، وهو آمن بحرّاس حتى وهو نائم ، و تحت إمرته علماء في الدين
و لكن هؤلاء الصحابة كما أخرج ابن المنذر و أبو الشيخ عن قتادة قال : بينما كان رسول الله صلى الله عليه في غزوة إلى تبوك، إذ نظر إلى أناس بين يديه يقولون : أيرجو هذا الرجل أن تفتح له قصور الشام و حصونها . هيهات هيهات. فأطلع الله نبيه صلى الله عليه و سلم على ذلك ، فقال : احبسوا عليّ هؤلاء الركب . فأتاهم ، فقال : قلتم كذا و قلتم كذا . قالوا يا نبيّ الله إنما كنّا نخوض و نلعب ، فأنزل الله فبهم ما تسمعون .
-*- يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ{64} وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ{65} لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ{66} -*-
و منذ يوم ما قرأت ما تلفظ به هذا المخلوق و أنا أتساءل عن حكم الشرع فيه
و مع يقيني أني لست مؤهلا للحكم عليه ، فلست أدلو بدلوي أو أصرح بحكم شرعي فيه ، بل أبحرت في موقع الموسوعة الشاملة و نظرت في ما أورده علماء الأمة في الذي يتهكّم أو يستهزئ في الدين
فمن بين ما وجدت ، أضعه بين أيديكم ،
و من كانت له إضافة أو تعقيب أو تصحيح ، فلا يبخل علينا
أورد علوي بن عبدالقادر السقاف في : رسالته في المكفرات القولية والعملية من خلال أقوال العلماء :
قول أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي . ت:597هـ في "زاد المسير"
- أن عبد الله بن أبي ، ورهطا معه ، كانوا يقولون في رسول الله وأصحابه ما لا ينبغي ، فإذا بلغ رسول الله ? قالوا : إنما كنا نخوض ونلعب ، فقال الله تعالى : { قل } لهم { أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون } ، قاله الضحاك . فقوله : { ولئن سألتهم } أي : عما كانوا فيه من الاستهزاء { ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب } أي : نلهو بالحديث . وقوله : { قد كفرتم } أي : قد ظهر كفركم بعد إظهاركم الإيمان ، وهذا يدل على أن الجد واللعب في إظهار كلمة الكفر سواء .
--------
قال جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس (المالكي). ت:616هـ في كتابه عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة" (3/297) . دار الغرب . ط1 – 1415هـ
- وظهور الردة إما أن يكون بالتصريح بالكفر ، أو بلفظ يقتضيه ، أو بفعل يتضمنه .
-------
قال برهان الدين محمود بن أحمد بن مازه (الحنفي) . ت:616هـ في كتابه "المحيط" :
- من أتى بلفظة الكفر مع علمه أنها لفظة الكفر عن اعتقاده فقد كفر، و لو لم يعتقد أو لم يعلم أنها لفظة الكفر ولكن أتى بها عن اختيار فقد كفر عند عامة العلماء ولا يعذر بالجهل …ومن كفر بلسانه طائعا وقلبه مطمئن بالإيمان فهو كافر ولا ينفعه ما في قلبه .
------
قال عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي (الحنبلي). ت:620هـ في كتابه "المغني"
- المرتد : يفسد صومه ، وعليه قضاء ذلك اليوم ، إذا عاد إلى الإسلام . سواء أسلم في أثناء اليوم ، أو بعد انقضائه ، وسواء كانت ردته باعتقاده ما يكفر به ، أو بشكه فيما يكفر بالشك فيه ، أو بالنطق بكلمة الكفر ، مستهزئا أو غير مستهزئ ، قال الله تعالى : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ؟ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم . وذلك لأن الصوم عبادة من شرطها النية ، فأبطلتها الردة ، كالصلاة والحج ، ولأنه عبادة محضة . فنافاها الكفر ، كالصلاة .
وقال: ومن سب الله تعالى كفر ، سواء كان مازحا أو جادا وكذلك من استهزأ بالله تعالى ، أو بآياته أو برسله ، أو كتبه، قال الله تعالى : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ؟ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } . وينبغي أن لا يكتفى من الهازئ بذلك بمجرد الإسلام ، حتى يؤدب أدبا يزجره عن ذلك ، فإنه إذا لم يكتف ممن سب رسول الله ? بالتوبة ، فممن سب الله تعالى أولى .
------
شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن تيمية.ت: 728هـ
قال في "مجموع الفتاوى" : فهؤلاء القائلون بقول جهم والصالحي قد صرحوا بأن سب الله ورسوله : والتكلم بالتثليث وكل كلمة من كلام الكفر ليس هو كفرا في الباطن ولكنه دليل في الظاهر على الكفر ويجوز مع هذا أن يكون هذا الساب الشاتم في الباطن عارفا بالله موحدا له مؤمنا به فإذا أقيمت عليهم حجة بنص أو إجماع أن هذا كافر باطنا وظاهرا . قالوا : هذا يقتضي أن ذلك مستلزم للتكذيب الباطن وأن الإيمان يستلزم عدم ذلك : فيقال لهم : معنا أمران معلومان :
أحدهما : معلوم بالاضطرار من الدين . والثاني: معلوم بالاضطرار من أنفسنا عند التأمل .
- أما "الأول" : فإنا نعلم أن من سب الله ورسوله طوعا بغير كره ، بل من تكلم بكلمات الكفر طائعا غير مكره ، ومن استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافر باطنا وظاهرا ، وإن من قال : إن مثل هذا قد يكون في الباطن مؤمنا بالله وإنما هو كافر في الظاهر ، فإنه قال قولا معلوم الفساد بالضرورة من الدين وقد ذكر الله كلمات الكفار في القرآن وحكم بكفرهم واستحقاقهم الوعيد بها ولو كانت أقوالهم الكفرية بمنزلة شهادة الشهود عليهم ، أو بمنزلة الإقرار الذي يغلط فيه المقر لم يجعلهم الله من أهل الوعيد بالشهادة التي قد تكون صدقا وقد تكون كذبا ، بل كان ينبغي أن لا يعذبهم إلا بشرط صدق الشهادة وهذا كقوله تعالى : { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة } { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم } وأمثال ذلك .
- وأما "الثاني" : فالقلب إذا كان معتقدا صدق الرسول ، وأنه رسول الله ، وكان محبا لرسول الله معظما له ، امتنع مع هذا أن يلعنه ويسبه فلا يتصور ذلك منه إلا مع نوع من الاستخفاف به وبحرمته ، فعلم بذلك أن مجرد اعتقاد أنه صادق لا يكون إيمانا إلا مع محبته وتعظيمه بالقلب .
---------
كما ورد عنه في الصارم المسلول على شاتم الرسول ص 370 ، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد .
- الاستهزاء بالقلب والانتقاص ينافي الإيمان الذي في القلب منافاة الضد ضده ، والاستهزاء باللسان ينافي الإيمان الظاهر باللسان كذلك
تعليق