إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

انتصار العالقين .. بقلم د. محمد يوسف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • انتصار العالقين .. بقلم د. محمد يوسف

    انتصار العالقين .. بقلم د. محمد يوسف


    04 / 01 / 2008

    تجلت إرادة الصمود والتحدى لحجاج غزة الذين كانوا عالقين فى البر والبحر فى أزهى صورها وأنتجت نصرا مبينا , وتعلمنا منهم الدرس الكبير بعد أن استقبلوا فى قطاع غزة استقبال الفاتحين , فقد هزموا أعداءهم هزيمة مدوية ولقنوهم الدرس القاسى وهو أن العزل الضعفاء بأجسامهم والأقوياء بإيمانهم وعزيمتهم الفولاذية يستطيعوا أن يهزموا أعتى قوى الأرض المتمثلة فى الإدارة الأمريكية والعدو الصهيونى والذين يكيدون لهم من أبناء جلدتهم .



    مهلا مهلا , ورويدا رويدا استطاع حجاج غزة أن يكسروا كل القيود ويحطموا كل السدود حتى فتحوا معبر رفح المصرى الفلسطينى فكانوا خير فاتحين , وبثوا روح الأمل ليس فى نفوس أهل فلسطين ولكن فى قلوب ونفوس مئات الملايين من العرب والمسلمين الذين باتت قضيتهم الأساسية هى فلسطين وحجاج غزة العالقين .



    إنه درس عظيم لكل الشعوب المطحونة أو المغلوبة على أمرها وهو أن إرادة الشعوب غلابة لأنها من إرادة الله الذى يأبى الظلم على عباده , وطالما هناك الإيمان والإرادة الحرة والقضية العادلة فلن تستطيع قوى الأرض مجتمعة أن تنال من عزيمة هذه الشعوب وأن الحق أبلج وسينتصر ولو بعد حين .



    وحتى لا ننسى أو نتناسى , نذكر بالذى قام به العالقون المساكين فى البر والبحر حتى نستوعب الدروس الهائلة من هذا الموقف العظيم والمشهد المهيب .



    1 – حاولت السلطات المصرية أن تجبر حجاج غزة على التوقيع على تعهد مكتوب بدخول غزة عن طريق معبر كرم أبو سالم الذى يسيطر عليه العدو الصهيونى تحقيقا لإملاءات وضغوطات صهيونية وأمريكية , فرفض أكثر من ألفى حاج التوقيع ولم يشذ عن هذه القاعدة فرد واحد حتى العجزة والمرضى والنساء والشيوخ وأصحاب الحاجات , وبرغم أداء مناسك الحج وما بها من مشقة والسفر الطويل وما به من وعثاء وتعب , أرأيتم هذه الوحدة الرائعة وهذا الصمود العجيب ؟ سواء كانوا مطلوبين أو غير مطلوبين للعدو الصهيونى فقد جاء الرفض بالإجماع على التوقيع على هذه الوثيقة العار.



    2 – ألقت بهم السلطات الأردنية بعرض البحر ليلقوا مصيرهم مع السلطات المصرية التى رفضت استقبالهم إلا بعد التوقيع على وثيقة الخزى والعار وطالبت بعودتهم مرة أخرى إلى ميناء العقبة الأردنى فانتفض الحجاج من عالقى البحر وأبوا إلا النزول على أرض ميناء نويبع المصرى مهما كلفهم ذلك من تعب وضيق وأذى وأقسموا حتى لو هلكوا جميعا فلن يعودوا مرة أخرى إلى الأردن وطال انتظارهم فى البحر ثلاثة أيام فى البرد القارس وفى ظروف بالغة السوء يلتحفون فيها السماء ويفترشون فيها مياه البحر واضطرت السلطات المصرية فى النهاية لإنزالهم فى ميناء نويبع المصرى .



    3 – تعرضوا لتفتيش دقيق فى ميناء نويبع بسبب استخبارات العدو الصهيونى والمخابرات الأمريكية بزعمهم الخائب أن الحجاج يحملون السلاح والأموال لقطاع غزة , فلم يجدوا شيئا وخاب مكرهم السئ وصمد الحجاج على هذا التفتيش المريب .



    4 – ألقت بهم السلطات المصرية على أرض الاستاد الرياضى فى العريش وقسمتهم إلى ثلاثة أقسام فى محاولة لتشتيت وحدتهم وكسر إرادتهم فاحتجوا وانتفضوا ورفضوا أصلا النزول لخيام الإيواء التى أعدتها السلطات المصرية وأبوا إلا الدخول إلى معبر رفح فورا أو نصب خيام الإيواء بجوار معبر رفح وقام عدد منهم بالسفر عنوة تجاه معبر رفح لدخول غزة إلا أن السلطات المصرية أقنعتهم بالعودة مع التأكيد على حل مشكلتهم .



    5 – لم يفقدوا الأمل ولم تهن عزيمتهم عندما علموا أن إخوانهم من الحجاج فى القسم الثانى منهم لازالوا عالقين فى البحر أمام ميناء نويبع , ولم يفت فى عضدهم الظروف القاسية من شدة البرد ونفاذ الغذاء والدواء , ولم تهن عزيمتهم باستشهاد ثلاثة من الحجاج من كبار السن والمرضى وأبو إلا الدخول عبر معبر رفح.



    6 – شغلوا العالم بقضيتهم وصمودهم فكان خبرهم خبر الساعة فى الفضائيات وكل وسائل الإعلام وتحركت الاحتجاجات والمناشدات فى العالم العربى والإسلامى من كل حدب وصوب .



    7 – خرج سكان قطاع غزة عن بكرة أبيهم لنصرة إخوانهم الحجاج فنظموا المظاهرات والإضرابات والاعتصامات بالقرب من معبر رفح على الجانب الفلسطينى وأبى الكثير منهم إلا أن ينصب خيم الاعتصام حتى يدخل إخوانهم العالقين على الجانب المصرى .



    8 – هبت حكومة السيد إسماعيل هنية وبذلت الجهود الجبارة والاتصالات الحثيثة مع كل الأطراف لعودة الحجاج عن طريق معبر رفح .



    9 – زعمت الحكومة المصرية بأنها ملتزمة باتفاقية معبر رفح مع الجانب الصهيونى والأوروبى والسلطة الفلسطينية ولكن السؤال الكبير الذى طرح نفسه أين كانت هذه الاتفاقية عندما عبر الحجاج من نفس المعبر إلى مصر ومن ثم إلى الأراضى المقدسة ؟



    10 – ضغطت الإدارة الأمريكية وضغط العدو الصهيونى على النظام المصرى لابتزازه ومنع الحجاج من الدخول عبر معبر رفح .



    11 – حاول أعداء الخارج ومنفلتى الداخل فى فلسطين إثارة الفوضى والفلتان والقتل فى صفوف حركة حماس فسقط سبعة شهداء للفت الانتباه للداخل ونسيان قضية العالقين من الحجاج فى الخارج , إلا أن المعنيين بالأمر لم تلن لهم قناة ولم تضعف لهم عزيمة .



    12 – واضطرت السلطات المصرية فى النهاية للخضوع لإرادة الحجاج العالقين ومن يساندهم وضربت عرض الحائط بالابتزاز الصهيونى والأمريكى .



    إنها دروس وعبر سجلت بأحرف من نور فى سجل التاريخ المجيد لصمود الشعب الفلسطينى البطل , إن إرادة التحدى والصمود للشعوب الحرة بقضيتها العادلة أقوى من أى سلطان على وجه الأرض , إن الشعب الفلسطينى البطل بنجاح إرادته وتحديه لقوى الظلم والاستكبار ومن خلفه الشعوب العربية والإسلامية وكما كسر الحصار وعاد من حيث أراد من معبر رفح المصرى الفلسطينى أعطى درسا بليغا بأن هذه الشعوب الحرة تستطيع أن تفك الحصار بالكامل عن غزة بواسطة نفس المعبر فى انتصار ثان نحن فى انتظاره على شوق.
جاري التحميل ..
X