إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وقفة للعيد الكبير... فعلى ماذا نقف نحن ؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وقفة للعيد الكبير... فعلى ماذا نقف نحن ؟

    وقفة للعيد الكبير... فعلى ماذا نقف نحن ؟
    بقلم : زياد ابوشاويش
    كعادتي في كل عيد أتصبح بشواهد قبور شهدائنا ووجوه ذويهم فينير قلبي وأشم بين ثنايا قلبي رائحة المسك والعنبر وتتسابق الرؤى والأحلام وتختلط بالذكريات الحلو منها والمر ، لكن ما يرسخ في الوجدان هو أسماء من رحلوا من أجل بقائنا ، هؤلاء الذين ما زالوا أحياء بيننا وغيرهم أموات . الأحباب من شبابنا وكهولنا وحتى شيوخنا ممن أثروا الحياة بموتهم ، ممن زرعوا أرضنا وأرواحنا بالنرجس والريحان . وقد رحلوا فبقي شعبهم متماسكاً موحداً فوق أرضه إلا من غيمة سوداء تزول أيضاً باستحضار أرواحهم الطاهرة وبندائهم وهم في عليائهم لكل قلب فلسطيني شجاع متمرد على الظلم بأن يتقدم الصفوف بشجاعة هؤلاء الشهداء ليرفع راية التسامح والتصالح والوحدة الوطنية ، وبغير هذا لن يكون الحلم حقيقة . أليس غريباً أن يكون حلمنا هو عودة الوئام إلى صفوفنا ؟ . أليس ملفتاً أن يتمادى قلمي في هذا الشأن وأنا من جلست خلف المكتب لأتحدث عن العيد ومعانيه وماذا نفعل وما لا يجب أن نفعل ؟ لكن شواهد الأحبة واسترجاع طريقة رحيلهم وتلك الوجوه المضيئة تجعل المرء يفر إلى الهم الساكن فينا منذ اختبلنا واستولى بريق السلطة على عقولنا . ومع ذلك اطلب الصفح من القارىء الكريم على خروجي وأعود لأتمعن آفاق ومعاني هذا العيد ، وهو يترافق في هذا العام الكئيب مع جملة أعياد أخرى كالميلاد المجيد ورأس السنة الهجرية والميلادية .
    في العيد الماضي كتبنا بعض ما جادت به قريحتنا حول أشياء صغيرة وطيبة نقوم بها في هذه المناسبة ، وتمنينا عليكم أن لا تمرروا العيد دون القيام بأحدها ، وها نحن نعيد التأكيد على ما أسلفنا ونضيف أن وقفة العيد الكبير بما ترمز إليه تقدم لكل الناس الدرس الأهم في التواضع لله والتراحم والتسليم بأوامر الخالق عز وجل ، تلك التي تدعو للتضحية من أجل القيم والمثل العليا . أما وقفتنا التي تكررت حول مفاصل حياتنا السياسية وكفاح شعبنا فلم تثمر بكل الأسف ما رجوناه لوطننا وشعبنا ، وباتت كلمة الوقفة بمعناها الفصائلي والقيادي على الخصوص مثاراً للسخرية والتندر ، وها نحن في عيد الأضحى والذي تشكل فيه وقفة عرفات الشعيرة الأهم من شعائر الحج نصبح أمام ضرورة وقفة أو وقفات مع النفس والضمير لنسأل أين أصبحنا بعد كل ما جرى ؟ هل نحن اليوم أقرب لفلسطين أم أبعد ؟ هل حلم شعبنا وأمتنا في عودة حقنا السليب وعودة أهلنا إلى وطنهم وقدسنا أضحى أكثر واقعية أم زادت الهوة واتسع البون لتحقيقه ؟ ولماذا إن كان الجواب بالسالب تجاه كل هذا، لماذا لا يسأل القوم أنفسهم عن ذلك ؟ لماذا لا يقفون وقفة الطاعة ليس فقط لله بل أيضاً لشعبهم ولمصلحة وطنهم فيقدمون العيدية الأجمل له إن كانوا حقاً يحبون هذا الشعب وهذا الوطن ؟ .
    لماذا لا يرون جملة الأخطار المحدقة بهم جميعاً في غزة هاشم ورام الله ؟ لماذا لا يتفكرون قليلاً فيما تخلقه إسرائيل من وقائع على الأرض لطمس هويتهم وفرض الذل والمهانة عليهم ؟
    أعرف أن ندائي سيذهب أدراج الرياح كغيره لكن وقفة العيد وشواهد القبور تدفع المرء ليطلب المستحيل ، لان من يقدم روحه رخيصة من أجل وطنه فإنما يقدم المستحيل ، لأنه يعرف أن نتائج ما وهب لن يراها وإنما يتركها أمانة لدى من لديه الأمانة ولديه الوفاء ، فهل انتم أصحابها ؟ أتمنى أن يكون الأمر كما نرجو لكن الشهور الماضية تشي بالعكس ولا زلنا نتطلع لوقفة شجاعة . العيد يأتي ومعه يغيب عن سماء الوطن بعض نسوره وصقوره الأشاوس ، هؤلاء الذين صنعوا مجد شعبهم ليلحقوا بمن سبق ، فيتلون عيدنا بضحايا جدد ومن نوع خاص ، وليذكرونا بأبينا إبراهيم عليه السلام وهو يقدم ابنه إسماعيل قرباناً لله وما يؤمن به ، انه الذبح يا قوم فسحقاً لكل جبان رعديد . وسحقاً لكل أحمق لا يستطيع أن يرى ما يجري بعد انابولس اللعين .
    اليوم وبعد أن ترسخ الانقسام واتسعت الهوة بين شطري ما أسموه مشروع الدولة ينتاب المرء الكثير من الهواجس والشجن ، نتطلع إلى الماضي ونسترجع ولادة الثورة وحركة فتح ، وكم عيداً مر منذ انطلاقتها ، وكم ربيعاً وخريفاً تقلب علينا ، وكم أزهرت الأرض وأقفرت ، فينتاب الحزن القلب ، ولكن دونما يأس من القادم ، نتوجس منه نعم ، لكننا لا نميل وخاصة بعد زيارة مقابر الشهداء إلى الإحباط ولا المرارة ، بل إلى تمثل ما يرمز له عيد التضحية والفداء وكل المناسبات الآتية معه . يقولون أن علينا أن نقف على أرض صلبة إن أردنا الصمود ، فهل يقف شعبنا وقواه وفصائله على هذه الأرض ؟ أم أنها تميد الآن من تحت الأقدام ولا ندري كيف نوقف عجلة الخراب الدائرة منذ حماقة غزة وخطيئتها الكبرى؟ .
    في عيدنا هذا وفي يومنا هذا نتقابل لنتصافح ، فهل نتمثل معنى المصافحة ؟ انه الصفح والتسامح أيها السادة فلترحموا شعبكم وتبادروا تأسياً إلى ردم الحفر التي حفرتموها لإخوتكم فأوقعتمونا جميعاً بها . إن سقوط الشهداء بهذه الكثافة منذ انقسامكم وانقلابكم اللعين وعلى الأخص بعد مؤتمر التضليل في انابولس يجب أن ينير لكم بعض مناطق الظلام في عقولكم .
    وقفة العيد مرت، وبعدها مر العيد وسيمر أعياد بعده وما ألفنا عليه آباءنا ، لكننا نحن على ماذا نقف ؟ ولأي هدف نقف ؟ وهل نطمح في وقفة حب لوطن قدم شعبه كل شيء من أجل حقه فيه؟
    أيها الإخوة ليس للعيد سوى أمنيات الخير والدعوات نسمعها فترق المشاعر والأحاسيس ، فلماذا لا نجعله مناسبة للضغط من أجل الخير وحيث لا خير إلا في عودتنا لأهلنا ولبعضنا ، وكل عام وانتم وشعبكم وأسراكم بخير .
    زياد ابوشاويش
    [email protected]
جاري التحميل ..
X