تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
[center]عجيبة هذه الأمة وغريبة هي الأحداث التـي عصفت بها منذ بعثتة المصطفـى صلى الله عليه وسلم إلى اليوم هذه الأمة ذات هوية اسلامية وخلفية دينية لا يستقيم شأنها ولا يعلو
ذكرها إلا بقدر تبنيها لهويتها وانتمائها وحين تهتز هذه الصورة أو تميع هذه الهوية تكون
الأمة في أشد أحوالها وفي أضيق فجاجـها وتتحول تدريجيا من مــرحلة التميكن والمنعة
إلى مرحلة الذل والهوان والإنكسار والتبيعة لأمم تمسك بثوابتها وخصوصيتها حتى وإن
كانت تلك الهوية تنم عن ضياع عقدي وفساد أخلاقي وهاو التأريخ يثبت أن غـزو الـتتار
لبلاد الإسلام ماكان ليبلــغ عشـر ما حققه لو وجد أمامه أمـة حـية بإيمانها قوية بعقيدتها
سامية بأخلاق أبنائها وكذا الغـزو الصليبي الذي داهم الأمة كانت الأمـة في وقتها غارقة
في الشهوات والملذات وحكامـها ورموزها ما بين الخمـور والنساء والخنـا حتى جاءت
الأحداث كالصـاعـقة أحرقت النفوس وألهبت المشـاعر وبدأت بعدها مســيرة المراجعة
والبحث في أسباب الهزيمة وآفاق المرحلة كيفية الخلاص .
**********
لقد أدرك عمر بن الخطابا لحقيقة النصــر ومعنـى العزة ومدى ارتباطـها بالهوية فقال
كلمته المشهورة نحن قوم أعزنا الله بالإسلام وإن ابتغينا العزة بغيــره أذلنا الله فالإسلام
بالنسبة للأمة ليس مجـرد كلمة تقال ولا مصطلــح يردد ولا شعار يرفع وإنما الإســلام
هو منهج حياة منهج متكامـل قائم يتمثل في العبادة والأخلاق والسلوك والسلم والحرب
والقضاء والحكم والدعوة والتربية والإعلام وبقدر تمسك الأمة بهذا الدين وتمسكها بهذه
الهوية والبعد عن منهج الترقيع والمداهنة والتنازلات والتزلف تكــون الأمة في مرحلة
النضج والقوة وتسير بعدها نحو التمكين بخطـوات ثابتة ومصير محســوم وهذه الوقائع
والسنن الكونية والنواميس الإلهية ليست محصورة في نطـاق زمنـي معين ولا متقوقعة
على أحداث مجردة بل هي سنة ماضية على مر العصور يستقرئها كل من يقرأ التأريخ
قراء ة اعتبار واتعاظ فعلى سبيل المثال في مصر توالت عليها الهزائم المنكرة ومرغت
جيوشها بالتراب والوحل واحتلت أجزاء شاسعة من ديارها أمام الجيش الفرنسي وأمام
اسرائيل في عام 48و56و67 والقارئ المعتبر يدرك أن تلك المرحلة كانت الحرب على
الظاهرة الإسلاميـة على أشدها في تلك المرحــلة التي توالت فيها الهزائم وحــين مرغت
الجيوش الفرنسية وهزمت كانت قادة المقاومــة هم شيــوخ الأزهر وحين انتصــر الجيش
المصري على الجيش الإسرائيلي واقتحم خــط بارليف تحت صيحات التكبير !!! وليس
تحت شعارات الناصرية وأقطاب القومية والماركسية اللينية !!! فهل من معـتبر !!!!!!!
***********
وعودة إلى القضية الأم قضية فلسطين فحين نسـبر أغوار الأحداث المتلاحقة وتقلبات
الموازين سنرى أثر تلك السنة الإلهية الكونية فحركة فتح كانت في مرحلـة سابقة هي
ممثلة القضية وعقلها المفكر وقلبها النابض وقائدة المسـيرة النضالية على مدى نصـف
قرن من الزمن لكن فتح النضال والمقاومة والتأريخ المشرق كانت تعبر عن ضمير الأمة
وعقلها الجمعي وكانت شعاراتها دينية ورايتها اسلاميــة وأبنائها يتخرجون من المسـاجد
ومن حلقات التحفيــظ وكانت الثوابت والمقدسات واللاجئين هي الوقــود التي تدفع شيب
فلسطين قبل شبابها للإلتحاق بالمنظمة لكن السنن الإلهية لا تحابي ولا تجامل ولا تعرف
التملق فحين تحولت فتح إلى مشروع علماني وجهاز أمن اسرائيلــي وتحول قادتها إلى
عملاء وخونة وجواسيس وأصبح المتحدث اللبق منهم يخرج أمام وسائل الإعلام ليعلن
للملأ أن المنظمة ستصادر كل سلاح غير شرعي وستضرب بيد من حديد كل فصــائل
المقاومة وتبدأ فــي رحلات مكوكيـة لبيـع الأرض والعرض والمقدسات ودماء الشهـداء
مقابل حفنة من الدولارات تمن بها الدول المانحة حينها فقط انفضت عنها الجماهير ولم
يعد لها من الحظ الشعبي إلا ما تمن به من الفتات على أبناء الضفة ولتجعل من كسرة
الخبز وجرعة الدواء وحليب الأطفال ضمان لنفوذها وسيادتها وهيمنتها
*********
هنا ظهرت حماس وخرجت من قمقمها في وقت كانت فيه حركة فتح يبيعها من شلة من
الخونة والسماسرة خرجت حماس لتعيد للقضية وهجها وتعيد لها مسارها الصحيح خرجت
لتعيد للقضية بعدها الإسلامي بعد أن سقطت الرايات القومية وتحطمت الرايات الناصـرية
وتراجعت الرايات الشيوعية الماركسية وتحـولت إلى منظمات وفصـائل ورقية لا تمــثل
شيئا من الواقع الفلسطيني جاءت بخطاب جديد ولغة واضحـة ومواقف صريحة لا تعرف
التمييع والمناورة فالحركة تعلن أنها ذات مرجعـية اسلامـــية تتخذ من الدين هوية وفكرا
ومنهجا ورسـالة وأن أرض فلسطين هــي وقف اسلامـي لا يملك أحدا كائنا من كان أن
يتنازل عن شبر من أراضيها وأن الجـهاد في سبيل الله فرض عين على كل مسلـم مادام
هناك شبر واحـد من أرض االإسـلام يصـول فيها أبنـــاء القردة والخــنازير عهرا وكفـرا
كان الخطاب ذو البعد الدينـي الذي يلامس عقائد الناس ويتبنى قضاياهم خطـابا ساحــرا
ولغة رصينة قوية تستلهم القلوب وتفجر الطاقات وتستنـفر الهمم وهو ما جعل الحركة بعد
مسيرة قصيرة صاحبة الجمهـور الأوسع والتأثير الأكبر وحصلت خارج حدود فلسين على
جماهيرية لم تحظ بها أية حركة اسلامية في العصر الحاضر وأصبحت أسماء أحمد ياسين
والرنتيسي يحي عياش والمقادمة وأبو شنب وأبوهنود وصلاح شحادة رموزا للأمة بأسرها
وأسماء يعرفها الصغير والكبير والعامي والمتعلم
**********
مرت حماس الحركة الجهادية بمراحل كثيرة ومطبات صعبة وظروف حالكة منذ أن فجرت
الإنتفاضة الفلسطينية فواجهت مدريد وأوسلو وعانت الأمــرين من أجهــــزة السلطة وقمعها
ومخابراتها وظلت صامدة صابرة متحاشية أي صدام مع أبناء فتح حتى وإن كانوا يتبجـحون
بخياناتهم ويسبون الله ورسـوله ويصبون على المجاهدين ألوان العذاب في المقـرات الأمنية
فلم تتوان حماس عن مواصلة السير وسط الألغام وعلى الشوك وقدمت الحركة خيرة قادتها
وظلت الحجرة العثرة والصخــرة الصلداء أمام كل مشاريع التسوية والتـفريط وبعد مرحـلة
الحسم الأخيرة في غزة وهروب دحــلان والطيراوي وجواسيس اسرائيل وجيش لحد بدأت
مرحلة الحصار الخانق فالمعابر مغلقة والكهرباء متوقفة والمواد الغذائية في تناقص والمرضى
يلفظون أنفاسهم الواحد تلو الآخر ولا علاج فيما الدول العربية تشارك في الحصار وتشارك
في التضييق وتهرول إلى أنا بوليس لبيع فلسطين وتقدم الملايين لأجهــزة الأمن الفلسطينـية
لتقوم بدورها في حماية اسرائيل هنا تأتي الذكرى لإنطلاقة حماس في وقت كان الجميع يظن
أن الناس في غزة قد لفظوا حماس وانفضوا عنها وتبرأوا منها ورأوا فيها سببا للمعـاناة التي
يعيشونها فكانت الصدمة قوية ومدوية بقدر التغير الجذري الذي أحدثته حماس خرجت الجماهير
الغفيرة شيوخ كبار ونساء مسنات ومرضى وشباب وفتيات في أعمار الزهور خرجوا ليعلنـوا
للقاصي والداني أننا أمة لا تلين وشعب لا يقهر خرجت الجماهير ليرى العالم مشـــهدا يتسامى
على الماديات ويرفض التنازلات ويهزأ بالحصار والخنق والتجويع خرجت الجماهير لإستقبال
قادة حماس كما خرج الأوس والخزرج لإستقبال الرسول صلى الله عليه وسلم في مسيرة إيمانية
يدفعها الإيمان ويؤزها اليقين لتعلن لأمريكا واسرائيل وأحفاد بني رغال من منافقي العرب الذين
اجتمعوا في أنا بوليس أننا هنا وأنكم لا تمثلوننا ولا تمثلون قضيتنا وأننا قد عرفنا الطريق وقرأنا
القران وحفظنا السنة ووجدنا فيها أن الله مع الصابرين وأن مع العسر يسرا وليقولوا بصــوت
واحد إن الزمن سيلقي بكل الخونة على قارعة الطـريق فيما ستمرهنا أجيال عمرو بن العاص
وأسد بن الفرات والعز بن عبد السلام وعبد القادر الجزائري وعبد الكريم الخطــابي فتدوس
وجوهكم بأقدامها والله غالب على أمره ولكن المنافقين لا يعلمون[/center]
للامانة الموضوع منقوووول
تعليق