إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحركة الإسلامية بين الخيار السلمي والعنف..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحركة الإسلامية بين الخيار السلمي والعنف..


    ندوة الحركة الإسلامية في لندن

    تحت عنوان "الحركة الإسلامية بين الخيار السلمي والعنف" عقدت ندوة بجامعة "ويست منيستر" في لندن، والتي شارك فيها مجموعة بارزة من المفكرين والسياسيين في العالم العربي والإسلامي، وقد حاولت الندوة الإجابة على العديد من التساؤلات التي تشغل المواطن المسلم، مثل هل الاتجاه نحو العنف له أرضية إيديولوجية تجد مبرراتها في كتابات حسن البنا أو المودودي أو سيد قطب؟ أم الأمر مرتبط بسياقات خاصة لها علاقة بالوضع السياسي وبطبيعة الممارسة السياسية داخل بعض الأقطار؟ وهل يمكن أن نتحدث عن ممارسة سياسية للحركات الإسلامية بدون عنف؟ وهل المزاوجة بين العمل السياسي والعنف ممكنة؟ أم أن ذلك ممكن فقط في بعض السياقات مثل العراق وفلسطين؟ وهل هناك علاقة بين الحركات الجهادية الحديثة وبين الحركات الإسلامية؟ أم الحركات الجهادية الجديدة أنتجها واقع العولمة؟

    ثلاث مراحل للإخوان: في البداية تناول الأستاذ سعد الكتاتني رئيس الكتلة النيابية لحركة الإخوان المسلمين التجربة السياسية للإخوان المسلمين بالتحليل، واعتبر أن الإخوان مروا بثلاث مراحل أساسية، بحيث كان عنوان المرحلة الأولى هو إعلان أهداف الإخوان والتبشير بمبادئهم ومقاصدهم، حيث يرى الكتاتني أن هذه المرحلة كانت خصبة في المجال التربوي والدعوي والاجتماعي؛ إلا أن الإخوان لم يؤسسوا فيها مؤسسات سياسية تشغل بالهم السياسي، وما تم إنجازه في هذه المرحلة هو اعتبار العمل السياسي جزءاً من الدعوة إلى الإسلام، واعتبار الحرية فريضة أساسية فيه، وفي هذه المرحلة أيضاً ظهرت بوادر المشاركة السياسية في تجربة حسن البنا؛ إلا أن ذلك لم يتبلور كقناعة عامة تؤطر مسار كل الحركة الإسلامية، وفي العموم فهذه المرحلة كانت محكومة بنشر الفهم الوسطي والشمولي للإسلام.


    أما المرحلة الثانية، فيسميها سعد الكتاتني بمرحلة التأسيس الثاني، وقد أرخ لها مع بداية العهد الجديد (عهد السادات)، مع الانفراج السياسي الذي أتاح للإخوان أن يباشروا العمل السياسي من خلال التحالف مع أحزاب مختلفة التوجهات الفكرية والسياسية(الوفد، الأحرار، ثم حزب العمل)، غير أن هذه التحالفات لم ترقَ إلى مستوى التحالف السياسي الإستراتيجي، وإنما بقيت في حدود التحالف الظرفي أو التحالف الانتخابي.
    أما المرحلة الثالثة (مرحلة حسني مبارك) فقد شهدت حرص الإخوان على تكثيف وجودهم في مؤسسات المجتمع المدني (نقابات محامين، أطباء، صيادلة، هيئات تدريس..) كما تبلور في هذه المرحلة مفهوم العمل الجبهوي بالتنسيق مع بقية مكونات الطيف السياسي، وقد عرفت هذه المرحلة تطوراً كبيراً في الأداء الإخواني،إذ تعزز وجودهم داخل البرلمان(أزيد من ثمانين مقعداً)، وقد ركز الكتاتني كثيراً على "برنامج حزب الإخوان الجديد" للإخوان المسلمين والذي اعتبره قفزة نوعية في الرؤية السياسية للحركة، وتوقع أن يعرض البرنامج على مجموعة من الخبراء الفنيين من خارج الجماعة ليبدوا فيه ملاحظاتهم.
    التواصل مع الغرب
    من جانبه دعا رضوان المصمودي مركز الإسلام والديمقراطية بواشنطن إلى عدم الخلط بين مفهوم الجهاد ومفهوم العنف، فالعنف هو استعمال القوة وسيلة للتغيير، أما الجهاد فينصرف معناه في التصور الإسلامي إلى المجال التربوي والفكري والعلمي والدعوي والعمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وما كان من الجهاد يدخل في مسمى القتال فهو المتعلق بالدفاع عن النفس في حال الاحتلال، كما دعا إلى فهم أصول الأزمة العميقة التي يعيشها عالمنا العربي، إذ تدل كل المؤشرات الاقتصادية الحالية والمستقبلية على أن الوضع سيزداد تأزماً بالنظر إلى نسب البطالة والأمية.


    وأشار المصمودي إلى أن العالم العربي والإسلامي سيكون عليه أن يختار بين طريقين للتغيير: إما العمل السياسي السلمي أو خيار العنف، مضيفاً إنه من الخطأ الجمع بين السياسة والعنف، ودعا إلى الفصل التام بين العنف والسياسة، وذكّر بتراجع معظم المجموعات العنفية عن خيار العنف، واعتماد غالبية الحركات الإسلامية للخيار السلمي، غير أن ذلك لا يكفي في نظره، فلابد للحركات الإسلامية أن تخطو خطوة ثانية في اتجاه الغرب بأن تتواصل معه وتشرح له أفكارها ومبادئها ومقاربتها لموضوع التغيير.
    ودعا المصمودي أيضاً قادة الحركات الإسلامية إلى تغيير نظرتهم إلى الغرب التي تعتبره محكوماً بمشروع واحد ضد الأمة وضد مصالحها الإستراتيجية، مبيناً أن الغرب تحكمه لوبيات "جهات ضاغطة"، وأن من صالح الحركات الإسلامية أن تتواصل مع الغرب لكي تقوي مواقع الاعتدال في الغرب ضد جبهة المتطرفين المساندين للعدوان على الأمة الإسلامية.
    مكونات الحركة الإسلامية
    وأكد عبد المجيد المناصرة حركة مجتمع السلم بالجزائر على ضرورة التمييز داخل الجسد الحركي الإسلامي، إذ إنه من الخطأ التعامل مع مكونات الحركة الإسلامية وكأنها حركة واحدة، وانتقد بشدة المعيار الذي اعتمده عبد الباري عطوان في التصنيف، واعتبر أن المقاربة الصحيحة هي اعتماد معيار فهم الإسلام وطريقة إقامة الإسلام في الواقع.
    وأرجع المناصرة أصول الخلاف بين الحركات العنفية والحركات الإسلامية السلمية إلى أربعة مستويات:
    مستوى النشأة: فالحركات السلمية جاءت استجابة لحاجة الأمة في النهوض، بينما تأسست الحركات العنفية كرد فعل ضد الاستبداد والعنف الممارس ضدها.
    مستوى المفاهيم، إذ تستصحب الحركات العنفية مفاهيم مثل (الجاهلية، التكفير، الحاكمية، الجهاد بمفهومه القتالي) بينما تتوسل الحركات السلمية مفاهيم أخرى مثل: (التغيير الديمقراطي، المشاركة السياسية، إصلاح المجتمع...)
    مستوى نظرية التغيير.
    مستوى إستراتيجيات العمل.
    وأكد المناصرة في ختام مداخلته أن تحول حركات العنف نحو الخط السلمي ممكن إذا تم اعتماد الحوار في التعامل مع المجموعات العنفية، وذكر بتجربة الجماعة الإسلامية في مصر وتجربة جيش الإنقاذ بالجزائر، وحذر من اعتماد المقاربة الأمنية وقال: إنها لا تأتي إلا بنتائج عكسية.


    حسن البنا والمودودي
    من جانبه عقد الشيخ راشد الغنوشي حركة النهضة التونسية مقارنة بين حسن البنا والمودودي، حيث أكد أن كليهما عاش في نفس السياق ونادى بالبعث الإسلامي وتبنى فكرة الإسلام كمنهج حياة، وأن كلاً منهما أسس حركة إسلامية وأن فكرهما كان له أثر كبير في الحركة الإسلامية خاصة في مواجهة الفكر الانحطاطي والهيمنة الثقافية الغربية.
    وإذا كان البنا قد توفي قبل المودودي بثلاثين سنة، ولم تتح له الفرصة لكتابة كل أفكاره إلا ما كان منها من وثائق معدودة(مجموعة الرسائل وبعض الكتابات القليلة) فالمودودي بحكم انشغاله بالتأليف قد استطاع أن يكتب كل أفكاره وأن يصوغها بشكل واضح إلى درجة أن المستشرق "مكسيم رودنسون" اعتبره "منظر الإسلام".
    واعتبر الغنوشي أن كليهما تبنى على نحو ما التنظيم الحديث للدولة، حيث أقرا أن النظام النيابي هو أقرب الأنظمة إلى الإسلام مع الأخذ بعين الاعتبار مؤاخذات المودودي لمفهوم الديمقراطية الذي لا يعطي لله الحق المطلق للتشريع، وكذلك مؤاخذات حسن البنا لواقع التعددية السياسية في مصر.
    وأضاف الغنوشي أن كلاً منهما فكر في الأداة الحركية لتنزيل المشروع الإسلامي، وأنهما اعتبرا الجهاد أداة لمواجهة الاحتلال والقوى الدولية المتسلطة على العالم الإسلامي، وليس أداة لحسم المشكلات الداخلية التي تعيشها الأمة بحيث رفض المودودي مطلقاً فكرة اعتماد العنف كآلية للتغيير، ولذلك ظلت الحركات الإسلامية في الهند وباكستان وعموم آسيا بعيدة عن الممارسات العنفية، أما حسن البنا فقد حصل حول موضوع العنف عنده كلام طويل، فالثابت عنه رفض الثورة، لكنه دعا إلى استعمال القوة في حينها وبشروطها، وقد اضطربت الأفهام في تفسير قوله وتنزيله على الواقع، فمنهم من أوّل ذلك بالاستعمار ومنهم من أجل استعمال القوة لعدم توافر شروطها، كما أن تأسيس حسن البنا للنظام الخاص أثار مشكلات كثيرة بخصوص موضوع استعمال القوة في التغيير.
    وقد أرجع الغنوشي اختيار حسن البنا التنظيمي هذا إلى شيوع ثقافة استعمال القوة في المجتمع في تلك الفترة، ورجح الغنوشي أن يكون تأسيس النظام الخاص من حسن البنا موجهاً بالأساس إلى الاستعمار البريطاني، بدليل أنه اقتنع بفكرة المشاركة السياسية ومضى فيها لولا أنه قدر في آخر لحظة العدول عن ذلك لمصلحة تعود على مصر والإخوان، وذهب الغنوشي إلى أن الإخوان في مرحلة ما بعد الفتنة فهموا مقاصد حسن البنا وميزوا بين الجهاد السلمي(المشاركة السياسية) وبين الجهاد القتالي الموجه إلى الاحتلال.
    فهم جديد للإسلام
    وقال كمال الهلباوي رئيس مركز دراسات التطرف والإرهاب: إن كل جهود حسن البنا كانت منصرفة إلى بناء تنظيمي يتمحور حول فهم جديد للإسلام، يستوعب كل مجالات الحياة، وأنه في الموضوع السياسي وضع ضابطين اثنين لخّصهما بقوله:
    الإخوان هم أبعد من أن يأخذوا السلطة والأمة على هذه الحال.
    تقاعس الإخوان عن طلب الحكم إذا اقتضت شروط ذلك جريمة.
    ونفى الهلباوي أن يكون ذلك تهرباً من واجب إقامة الدولة الإسلامية، بل إنه كان يرى ضرورة توفير شروط أساسية ومن ذلك بناء الفرد والأسرة والمجتمع وتأهيل الشعب لحكم الإخوان.
    وأضاف الهلباوي: إن الإخوان طوال تجربتهم السياسية لم يميلوا نحو اعتماد العنف، وأن سيد قطب نفسه لم يدع إلى ممارسة العنف، وإنما واقع المحنة والابتلاء هو الذي دفع بعض المجموعات إلى تأويل بعض مفاهيم سيد قطب وتوظيفها لممارسة العنف.
    أما الدكتور عزام التميمي قناة الحوار فقد استغرب إدخال حماس في هذا النقاش السياسي، وقال: إن حماس تمارس المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، وإن الفلسطينيين هم ضحايا هذا الاحتلال، ولا ينبغي أن نحل مشاكل أوروبا وأمريكا على ظهور الفلسطينيين.
    وسرد التميمي حيثيات الصراع والاقتتال بين حماس وفتح في قطاع غزة، وقال: حينما يصل الأمر إلى تحالف إستراتيجي بين جماعة فتح وبين الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني، وحينما يصل الأمر إلى درجة تقتيل الشعب الفلسطيني فلا يمكن حينها الصبر، مشيراً إلى أن حماس لم تفكر يوماً في المشاركة في السلطة، وكان العائق هو اتفاق أوسلو، لكن بعد أن انهار مسار التفاوض وانهارت معه اتفاقاته، وبعد أن تحررت غزة، صار هناك واقع جديد دفع حماس إلى تغيير رؤيتها والمشاركة في الانتخابات.
    وأضاف التميمي أن حماس كانت تؤمن بحكومة وحدة وطنية ودعت كل الفصائل لذلك، فلم تستجب، وشكلت حكومتها، ثم شاركت في حوار طويل مع قادة فتح وأثمر ذلك اتفاق مكة برعاية المملكة العربية السعودية، غير أن جماعة معروفة داخل فتح هي التي فجرت هذا الاتفاق، وكان ذلك بتنسيق مع الصهاينة وبرعاية أمريكية وصمت أوروبي.
    حركة معتدلة
    وتطرق الدكتور سعد الدين العثماني حزب العدالة والتنمية بالمغرب إلى نشأة الحركة الإسلامية، حيث يرى أن الأصل في نشأتها هو أنها حركة معتدلة تؤمن بالعمل السياسي السلمي، وأن العنف طارئ عليها وليس من أدبياتها أو هو مستقدم من التجربة اليسارية، مضيفاً أن التجربة المغربية جديرة بالبحث؛ ذلك أنها لا تتوافر على أي عامل مساعد على إنتاج الممارسة الحركية العنفية، فالدولة المغربية دولة إسلامية تاريخياً، وهذا يمنع الحديث عن إقامة دولة إسلامية، والشرعية الدينية للنظام السياسي تمنع إدخال الدين في جوهر المنافسة السياسية، والتعددية السياسية قائمة منذ عهد طويل، والنظام السياسي اقتنع بإدماج الحركة الإسلامية في العملية السياسية، ثم إن الحركة الإسلامية بجميع مكوناتها ترفض العنف أسلوباً للتغيير السياسي.
    وفي الموضوع الفلسطيني قال سعد الدين العثماني: إن أمريكا وأوروبا بحصارهما لحماس لم يدعا أي إمكانية لدفع حماس إلى طاولة التفاوض، وأنه لا يمكن أن تحاسب حركة لم تُعطَ أية فرصة لإثبات قدرتها على تدبير المرحلة.
جاري التحميل ..
X