إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

القنوات العربية واستشهاد الشيخ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القنوات العربية واستشهاد الشيخ

    مقال يرصد ردة فعل القنوات العربية ويظهر مستواها المنحط الا من رحم ربي


  • #2
    عزاؤنا في الاحياء
    2004/03/23


    عبد الباري عطوان

    لا يمكن ان يقدم آرييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي علي اغتيال الشيخ احمد ياسين، الزعيم الروحي لحركة حماس ، من اجل الانتقام لعملية اسدود الاستشهادية الاخيرة، التي اوقعت اكثر من عشرة قتلي، وهزت الاقتصاد الاسرائيلي، فهذا السبب وحده لا يكفي، ولا بد ان هناك اسبابا، اخري خفية، يجب البحث عنها والتنبه الي مراميها.
    فاغتيال الشيخ ياسين، ليس بالعملية الصعبة او المعقدة، ويمكن ان تحدث في اي يوم من الايام، فالرجل مقعد، وشبه ضرير وفاقد السمع في ثلاثة ارباع اذنيه، ويعاني من موسوعة من الامراض يصعب حصرها، كما ان حياته روتينية، تقتصر علي التنقل لبضع خطوات علي كرسيه المتحرك بين منزله المتواضع جدا والمسجد القريب منه، ولذلك فان السؤال المطروح بالحاح هو عن اختيار شارون هذا الهدف السهل، وهذا التوقيت بالذات للتنفيذ.
    من المؤكد ان شارون لم يقدم علي هذا الاغتيال دون التشاور مع الادارة الامريكية، كما انه من المستحيل ان لا يكون قد توقع رد الفعل الفلسطيني والعربي والدولي الغاضب تجاهه. فعملية اغتيال بهذا الحجم، تستهدف ابرز رموز المقاومة والجهاد الفلسطيني ستتبعها حتما عمليات استشهادية توازيها، في قلب تل ابيب والقدس المحتلة، وربما تتفوق عليها، فهل يخطط شارون لاستفزاز ردود الفعل هذه، من اجل ان يرتكب مجازر اوسع نطاقا في حق الشعب الفلسطيني ومنظماته الجهادية، مستغلا الضوء الاخضر الامريكي، وانشغال البيت الابيض بالانتخابات الرئاسية؟
    فاغتيال المهندس يحيي عياش عام 1996 ادي الي تنفيذ الجناح العسكري لحركة حماس اربع عمليات انتقامية في القدس المحتلة والخضيرة وتل ابيب اسفرت عن مقتل خمسين اسرائيليا تقريبا، وعلينا ان نتصور كم عملية سينفذها الجناح نفسه انتقاما للزعيم الروحي للحركة ومؤسسها.
    الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قال اثناء تعقيبه علي هذه الجريمة البشعة بان حماس لن تقوم بعمليات انتقامية، وانما ستعلن الحرب علي الكيان اليهودي، بينما قال زميله محمود الزهار ان عملية الاغتيال هذه ستفتح ابواب جهنم علي شارون ومستوطنيه، وقد عودتنا حركة حماس ان تقول وتفعل وتضرب وتوجع، فطوابير الاستشهاديين تمتد من رفح في اقصي الجنوب الي رأس الناقورة في اقصي الشمال.
    ہہہ
    هناك من يقول إن شارون لا يريد ان ينسحب من غزة من موقع المهزوم، مثلما حدث لسلفه باراك في لبنان، ولهذا يريد ان يتركها خرابا، ويحوّل شوارعها واحياءها الي بحيرات دم. وشخص مجرم ارهابي مصاص دماء مثل شارون يفعل هذا وما هو اكثر منه، ولكن السؤال الذي يظل يبحث عن اجابة هو عما اذا كان العالم سيسمح له، وهو صاحب العنوان المعروف، بتنفيذ هذا المخطط؟
    ندرك جيدا ان الزعماء العرب لن يفعلوا شيئا لابناء الشعب الفلسطيني، مثلما لم يفعلوا شيئا لابناء العراق، حتي لو رأوا الدماء تصل الي الركب في الضفة وغزة، فقد فقدوا في معظمهم دماء الحياء، والشيء نفسه يقال عن زعماء العالم الاسلامي. ولا نتردد لحظة في الجزم بان هؤلاء لن يتحركوا حتي لو ارسل شارون بلدوزوراته لهدم المسجد الاقصي وقبة الصخرة، وتوجه بعدها الي مكة المكرمة ومسجدها الحرام وحولها الي كومة من تراب.
    الزعماء العرب، والحكومات، سينسون غدا، أو بعد غد، اغتيال الشيخ ياسين، وستعود الفضائيات العربية الي سيرتها السابقة، في عرض البرامج المثيرة والمسلية، بينما سيواصل ابناء الشيخ ياسين وتلاميذه، عملياتهم الاستشهادية، ومواجهة الدبابات والطائرات الاسرائيلية، كما فعلوا علي مدي المئة عام الماضية.
    اسرائيل قطعا ستدفع ثمن جرائمها هذه، ولن تبقي فوق القانون الدولي الي الابد، دون حساب او عقاب. كما ان هذا التحجر الوطني العربي والاسلامي، وسياسة ادارة الخد الايمن بعد الايسر، والاكتفاء بالنواح والعويل، رسميا وشعبيا، كلها امور مؤقتة حتما، لان الانفجار الكبير قادم لا محالة.
    شارون انهزم في فلسطين المحتلة، وما اعلانه عن الانسحاب من طرف واحد من غزة الا الاعتراف الواضح بهذه الهزيمة.
    واغتيال الشيخ ياسين هو بداية العد التنازلي لزوال الدولة العبرية، ككيان عنصري بغيض، تماما مثلما كان الافراج عن مانديلا بداية النهاية للنظام العنصري المماثل في جنوب افريقيا.
    فعندما يعلن شارون عن اشرافه بنفسه علي عملية اغتيال شيخ مقعد ومريض، خارج لتوه من مسجده بعد ادائه لصلواته، وعندما يهنئ جنرالاته بهذا الانتصار العظيم وكأنهم هزموا المانيا النازية، او انتصروا في معركة العلمين او الطرف الاغر، فهذه الهزيمة بعينها، والبداية المؤشرة للانهيار الكبير القادم.
    ہہہ
    الشيخ احمد ياسين حقق امنيته الكبري في الانضمام الي مواكب الشهداء، وقدم درسا لوعاظ السلاطين، الذين يصدرون الفتاوي المطرزة، وفق اهواء الحاكم، وللتغطية علي مفاسده، وخاصة تلك التي تطالب بطاعة اولي الامر، وكأن هؤلاء يجيشون الجيوش لحماية الثغور الاسلامية، والتصدي للغزاة الصهاينة، ويقرعون طبول الحرب للدفاع عن الامة والعقيدة.
    نترحم علي الشيخ ياسين وروحه الطاهرة الزكية، ولا نعزي امتنا بوفاته، ولكننا نعزيها مسبقا في زعاماتها الاموات الاحياء، او الاحياء الاموات سيان، وانا لله وانا اليه راجعون.

    تعليق

    جاري التحميل ..
    X