إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عملية تسويق الجندي الامريكي : قناع طفل على وجه فرانكشتاين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عملية تسويق الجندي الامريكي : قناع طفل على وجه فرانكشتاين

    في الاخبار ان الامريكان يبحثون عن افضل السبل لتسويق جنودهم على انهم رسل الخير والمحبة بين البشر . وكما يرتبط اسم كوكاكولا في الاذهان بالانتعاش ، وسيارات فولفو بالامان ، يجب التفكير بوسيلة تجعل صورة الجندي الامركي ترتبط بالحماية والحنان . بالضبط مثل ان تضع قناع جدتك على وجه ذئب قاتل ، او وجه طفل بريء على جذع فرانكشتاين.

    ولكن سبق السيف العذل ولم تعد اشد الاصباغ ثباتا ، قادرة على تحويل الفظاعة والفظاظة الى وداعة. فقد رسم الامريكان لانفسهم – عبر افلامهم واساطيرهم والعابهم الكومبيوترية – صورة العضلات المنفوخة لابطال اقرب الى الالات منهم الى البشر مدججين بالاسلحة الفتاكة ولا يترددون في التدمير الساحق الماحق للعدو ، وافضل نموذج هو "المدمر" في افلام شوارتزنجر والذي بلغ من اعجاب الشعب الامريكي به حد انتخابه حاكما يمثلهم في كاليفورنيا بلاد هوليوود والخيال .

    منذ 2003 اطلق العدو الاميركي على عشرات من عملياته الحربية اسماء تتراوح بين اسماء الزواحف الكريهة مثل العقرب والافعى او اسماء الحيوانات والطيور الكاسرة مثل النمر والنسر او اسماء المخلوقات الاسطورية مثل التنين والشبح او اسماء ادوات القتل مثل المطرقة والفأس والشاكوش والسيف والرصاصة او اسماء الظواهر الطبيعية ذات التدمير الهائل مثل الطوفان والاعصار والرعد والبرق والحريق أو اسماء طرق القتل مثل ضربة الشيطان والخنقة والقبضة واللذعة . واخيرا اوصاف القتلة: القاتل والسفاح والمدمر .. بالضبط مثل شخصياتهم الخارقة التي لا تحسن سوى القتل والتدمير في افلامهم الهوليوودية .

    ومع ان الحرب هي الحرب ولكن بالمقارنة مع الاسماء التي قد يطلقها جيش عربي على عملياته الحربية حيث نجد اسماء مثل: الفتح والنصر المبين و النداء وتوكلنا على الله والعبور والقادسية وحطين واليرموك وغير ذلك ، فالجيش العربي يستخدم من الاسماء ما يفيد التفاؤل والاستعانة بالله او يطلق اسماء المواقع على الوقائع العسكرية ، أما الجيش الامريكي فإنه يستخدم كل مايفيد تدمير العدو ، وكل ما يفيد هيمنة الامريكي ووحشيته ولا انسانيته (فهو عقرب وهو تنين وهو شيطان وهو اعصار وهو شبح ) في التعامل مع الاخرين . في حين ان النصر ليس بالضرورة ان تدمر عدوك وانما ان تشل ارادته على مواصلة القتال .

    يحضرني الان المقدمة الاعلانية لمسلسل (الجناح الغربي west wing) الامريكي وهو يصور مايجري داخل البيت الابيض ، حيث يظهر الممثل الذي يقوم بدور الرئيس الامريكي وهو يضرب بقبضته على مكتبه قائلا : لن نرد بهجوم مناسب وانما بهجوم كاسح مضاعف عدة مرات .

    يقول روبرت فيسك في مقالة نشرت في شهر ايلول 2006 ان قسم الجندي الامريكي قد تم تغييره ، فبعد ان كان مرسوما بدقة ليمنع فظاعات مثلما حدثت في فيتنام وفيه يحلف الجندي على :

    (انا جندي أمريكي

    أنا عضو في جيش الولايات المتحدة الامريكية – حامي اعظم شعب على الارض. لأني فخور بالزي الذي ارتديه سوف اتصرف دائما بالطريقة التي تشرفني في الخدمة العسكرية والشعب الذي اقسمت على حمايته . لايهم أي ظروف اكون فيها لن افعل اي شيء سواء من اجل المتعة او الربح او السلامة الشخصية ، مما قد يشين الزي والوحدة والوطن الذي انتمي اليه . سوف استخدم كل الوسائل لدي ، وحتى خارج الخدمة ، لكبح رفاق الجيش من القيام بافعال مشينة لهم وللزي . انا فخور ببلادي وبعلمي . وسوف احاول ان اجعل اهل بلادي فخورين بالخدمة التي امثلها لأني جندي امريكي.)

    الى القسم الجديد – على ايام بوش - الذي اصبح فيه الجندي ذو القيم، محاربا لا يهمه الا اداء المهمة ولا يقبل الهزيمة مهما كان الثمن :

    ( انا محارب وعضو في فريق واخدم شعب الولايات المتحدة واعيش قيم الجيش . سوف اضع دائما المهمة فوق ا لجميع. لن اقبل الهزيمة مطلقا .
    ولن اهرب ولن اترك رفيق سقط . انا منضبط وقوي بدنيا وعقليا ومدرب ومحترف في مهامي القتالية والتدريب . واحافظ دائما على سلاحي ومعداتي ونفسي.
    انا خبير وانا محترف . ومستعد للانتشار والاشتباك وتدمير عدو الولايات المتحدة في المعارك. انا حارس الحرية والطريقة الامريكية للحياة ."

    ويقول فيسك ان والد احد الجنود في العراق كتب له بذلك مع التعليق "
    " عقيدة المحارب لا تسمح بانهاء أي صراع الا بتدمير العدو تدميرا شاملا . فهو لايسمح بالهزيمة ولايسمح لأي شخص ابدا ان يوقف القتال وهذا ما يفسر حديث بوش عن "الحرب الطويلة " وهو لايقول شيئا حول تطبيق الاوامر او اطاعة القوانين او كبح الجماح. ولايقول شيئا عن الافعال المشينة .." وان مهمة الجيش الامريكي هو "تدمير العدو وليس هزيمته"

    وفي الواقع هذه هي العقيدة العسكرية الامريكية : التدمير المفرط والانتقام البشع وصنع امثولة لتخويف الاخرين لئلا يفكروا في الوقوف بوجه العنجهية الامريكية، باستخدام احدث ابتكارات التكنولوجيا من اسلحة متفوقة. وتحدث المفارقة حين يكون "العدو" شعبا اعزل يعيش في قرى ومدن وقصبات ، وليس جيشا نظاميا ، ولهذا تصبح مدينة صغيرة مثل الفلوجة او مدينة وادعة مثل بعقوبة ميدان حرب عالمية ثالثة وتصبح منطقة عرب جبور وهي - جزء صغير من بغداد- قارة مناسبة للغزو مثل قارة افريقيا في اكبر عملية تضليل اعلامي شهدها التاريخ.

    واليكم التفاصيل .

    معركة بعقوبة التي اطلق عليها اسم (arrowhead ripper) وترجمها الاعلام – تواطؤا او جهلا – على انها (السهم الخارق) وصحيح الترجمة (عملية سفاح راس السهم) واروهيد (رأس السهم) هو اسم منطقة تقع في كاليفورنيا كانت موطن هنود سيرانو التي وصلها المبشرون (وهم مقدمات الاستعمار ) في عام 1776 وحين ثار الهنود ضدهم اقيمت فيهم المذابح ونشر بينهم في 1840 و1860 وباء الجدري فانخفض عددهم من 1500 الى 100 ثم بنى لهم الغزاة مستوطنة (معزل) في 1875 وبعد مائة سنة وحسب احصاء 1975 لم يزد هذا العدد عن 100 الا قليلا وفي احصاء عام 2000 كان عددهم 150 (تصوروا ان يعيش السكان الاصليون منذ تأسيس الولايات المتحدة حتى الان في معازل في حين ان منطقتهم بحيرة اروهيد اصبحت من المنتجعات الشهيرة التي يذهب اليها اغنياء امريكا لممارسة الرياضات والترفيه ) .

    ولكن تسمية اروهيد للعدوان الامريكي على شعب ديالى والتي بدأت في 18 حزيران 2007 ، لا يحمل هذا المعنى المستقى من مذبحة الهنود الحمر فقط ولكنه ايضا يعكس معان تاريخية اخرى . فاسم العملية ذاته (سفاح رأس السهم) مقتبس بالنص من مصدرين اولهما كنية فريق القتال في اللواء سترايكر الثالث ، الفرقة مشاة الثانية التي كانت طليعة الهجوم فالاسم الذي يطلق على هذا الفريق القتالي هو (اروهيد) . اما (عملية السفاح) فمأخوذة من اسم هجوم كبير في الحرب الكورية اشتركت فيه فرقة المشاة الخامسة والعشرين مع فرقة المشاة الثانية نفسها ونتجت عنها تحرير سيئول من القوات الشيوعية. اذن لدينا هنا فرقة مجرمة اسمها اروهيد وعملية اكثر أجراما شاركت فيها الفرقة التي تنتمي اليها في الحرب الكورية.

    اشترك في عملية بعقوبة 3 فرق و 3 الوية و3 كتائب و سرية واحدة
    واشتركت الى جانب القوات البرية مروحيات مقاتلة من لواء الطيران الخامس والعشرين.

    اسم العدوان على ديالى اذن يجمع بين (مذابح الهنود الحمر + اسم الفرقة المهاجمة والمستمد افتخارا من مذابح الهنود + اسم عملية ضد الشعب الكوري)

    هل كان صدفة ان يقول بوش في خطاباته الاخيرة انه يريد وجودا امريكيا في العراق يشبه الوجود في كوريا ؟!

    "عملية السفاح " عملية عسكرية خطط لها الجنرال ردجوي خلال الحرب الكورية وكان الهدف تدمير مايمكن تدميره من جيش التطوع الشعبي وجيش كوريا الشمالية وطردهما من سيئول ومدينتين محيطتين بها ولاحضار قوات الامم المتحدة الى الخط المتوازي 38. وقد جاءت العملية بعد (عملية القاتل) وهو هجوم لقوات الامم المتحدة انتهى في شباط 28 من اجل طرد القوات الشيوعية في شمال نهر هان .

    اطلقت العملية في 7 مارس 1951 بعد اكبر عملية قصف مدفعي في الحرب الكورية . ورغم ان "العدو" تراجع ولكن لم يتم القضاء عليه لأن القوات الشيوعية كانت تتراجع قبل ان يحل بها الدمار . وفي نهاية مارس وصلت القوات الامريكية خط 38 واعتبرت هذا انتصارا.

    اذن كل ما يرجوه جيش الاحتلال من عملية ديالى رغم كل التسميات المدمرة والفخمة ، هو هذا (الانتصار) الضئيل بتراجع "العدو" الى مكان آخر .

    وفي نفس الوقت وفي استعراض آخر للقوة الجوفاء تحدث معركة عرب جبور . ويطلق عليها عملية مارن تورج .

    والتسمية مستمدة من "عملية تورج" و هو الغزو البريطاني الامريكي لشمال افريقيا الفرنسية في الحرب العالمية الثانية خلال حملة شمال افريقية التي بدأت في 8 /11/1942 . وكان جنود من فرقة المشاة الثالثة قد حاربوا الى جانب زملائهم البريطانين وبخسارة قليلة تمكنوا من توفير مركز اضافي للحلفاء في شمال افريقيا .

    وبدأت مارن تورج في جنوب بغداد في 16/6/2007 باسقاط 4 قنابل على مواقع مستهدفة لمنع "المتمردين" من دخول جنوب بغداد . هذه كانت بداية عملية هجوم كبيرة حيث دعمت الطائرات ثابتة الجناحين فريق قتال تابع للواء الثاني المكون من 1200 جندي والذين يتبعون فرقة المشاة الثالثة (نفس الفرقة في الحرب العالمية الثانية اعلاه) المكلفين بمهمة تأمين حزام الامان حول بغداد.

    هدف العملية كما يقول الجيش الامريكي هو " هزيمة التمرد ومنع الملاذ للعدو ومنع عناصر ارهابية من التحرك من عرب الجبور الى بغداد".

    وهي جزء من عملية اكبر اعلنها وزير الدفاع روبرت غيتس والجنرال ديفد بترايوس قائد قوات الاحتلال .

    **

    اذن جيش العدو الامريكي يعتبر كل حي من احياء العراق ميدانا يساوي قارة بمصطلحات الحرب العالمية الثانية ، فمنطقة عرب الجبور الريفية تساوي شمال افريقيا برمتها ، و لهذا تتطلب معركة مثل التي شارك فيها الجيش الامريكي والبريطاني لغزو تلك القارة . وبدلا من ضرب فرقاطات وغواصات العدو (النازي) ، دمر العدو الاميركي 17قارب صيد يستخدمه اهل عرب جبور فقطع رزقهم وقتل 4 اشخاص واعتقل 62 . هذه هي نتيجة هذه العملية (التاريخية) التي استمرت اربعة ايام و التي اصدر العدو بيانا عنها قال فيه دون خجل :

    " ان قواته قتلت اربعة مسلحين واعتقلت 62 اخرين خلال عملية (تورج مارن) العسكرية بعد اربعة ايام من انطلاقها جنوب شرق بغداد.

    وذكر بيان للجيش الامريكي وزع في حينه ان قواته تمكنت كذلك من تدمير 17 زورقا كان المتمردون يستخدمونها في عملياتهم المسلحة فضلا عن تدمير خمس عبوات ناسفة "

    ياللمهزلة ! فقراء الصيادين يصبحون اهدافا لعملية بحجم عمليات الحرب العالمية الثانية ، ورجال المهام العتيدة يمرون على البيوت واحدا إثر واحد لاعتقال شباب في عمر حمل السلاح ، معلنين الانتصار على "الارهاب" .

    بالضبط كما فعلوا قبل ايام حين استهدفوا سطح بيت عراقي ينام فيه اهله هربا من الحر وانقطاع الكهرباء ، فقنلوا الاسرة كلها ثم زعموا ان من كان على السطح هم ارهابيون اتخذوا نساء واطفالا رهائن .. والا كيف ولماذا يتواجد النساء والاطفال على السطح في ليلة صيف قائظ ؟

    بثينة الناصري
    Iraqpatrol
جاري التحميل ..
X