عبدالكريم العوير ـ الجزيرة توك ـ مانشستر
لعل المراقب للحركات الإسلامية في شتى بقاع العالم الإسلامي وعلى اختلاف تياراتها ومذاهبها يلاحظ القاسم المشترك بينها فهي قد تكون متفاوتة من حيث وجهات النظر بل حتى في الوسيلة والهدف لتحقيق غاياتها إلا أنها تشترك في كونها كلها تنظيمات لها خط أحمر لا يمكن لها أن تتجاوزه وخاصة إذا كان الهدف هو حلم الوصول الى قيادة الدولة أو استلام زمام المبادرة فيها ...
نذكر كلنا الجزائر وما حصل بها عندما حاول الإسلاميون الوصول إلى سدة الحكم فما كان من الجيش إلى أن نزل إلى الشارع و فرض على الإسلاميين الابتعاد عن سدة الحكم وبالقوة فكان ما كان من الدماء والأرواح التي أكلت الأخضر واليابس ولا تزال بعض ألغامها تحصد الأرواح حتى يومنا هذا.
في مصر والتي عانت من مواجهة مع الإسلاميين حسمت بالطبع لصالح الحكومة يبقى الإسلاميون فيها معادلة صعبة تقلق الحكومة فالانتخابات السابقة والتي استخدمت فيها الحكومة كل أنواع التزوير من استخدام البلطجة لضرب المنتخبين الذين يدلون بأصواتهم لصالح الإخوان المسلمين إلى اعتقال متنفذي الإخوان ومصادرة ممتلكاتهم هذا كله وسيلة مشروعة في ما يبدو لدى الحكومة لكي لا تصل من تسميهم بالمتطرفين إلى سدة الحكم.
وهذا الحال ليس بغائب عن كثير من الدول العربية الأخرى فسوريا كان لها السبق في قمع الإخوان المسلمين في المجزرة التي حدثت في مدينة حماة بداية الثمانينيات. كذا الحال بالنسبة للعراق وغيرها الكثير من تاريخ متخم بالصراعات بين الإسلاميين والسلطة.
في أفغانستان وبعد وصول طالبان إلى سدة الحكم خاضت الولايات المتحدة حربا ضروسا لإسقاطها وإبعادها عن السلطة.
حركة المقاومة الإسلامية حماس أرادت أن تخوض التجربة من جديد غير آبهة بالتحديات التي واجهت غيرها, فبتنا الآن نرى المواجهة المفتوحة مع الحركة منذ حصولها على أصوات الناخب الفلسطيني إلى استيلائها على قطاع غزة فقد رأينا تضيق الخناق على الحكومة الفلسطينية إلى أن تمت عمليه إقالتها وشاهدنا المذابح التي ارتكبت من كلا الطرفين دفاعا من كل منهما عن ثوابته التي يصر على عدم التراجع عنها.
التجربة التركية ما تزال شاخصة أمام متخذي القرار في حكومة حماس المقالة حيث قدمت حكومة أرد وجان كل التنازلات الأزمة لدخول الإتحاد الأوروبي إلا أن تركيا ما تزال تواجه بشيء من الرفض المتكرر لأنها دولة مسلمة تريد الدخول في جو علماني.
أرادت حركة حماس أن تثبت حسن نواياها للعالم بمحاولة الاستفادة من التجربة التركية فبادرت بإطلاق سراح الصحفي (ألن جونسون) في محاولة للظهور بصورة حسنه إلا أن العالم كله واجها بسيل من الاتهامات ووابل من التصريحات النارية.
لعل حماس لم تكن تدرك آنفا أنها ستكون أمام مشكلة كبيرة وأنها ستقع ضحية مؤامرة أكبر إن هي في يوم من الأيام حاولت أن تتخذ قرارا يوصلها إلى سدة الحكم.
أمام حماس الآن كما أمام كل التيارات الإسلامية القادمة نوع واحد من الحكومات إن أرادوا أن يقيموها ألا وهي حكومة محاربة غير مرغوب بها محاصرة وممنوعة لا فرق في هذا إذا كانت الحكومة تتبع لتيار متطرف كتنظيم القاعدة ودولته في العراق أو حركة معتدلة كالإخوان في مصر أو حماس في غزة, لا فرق إن استخدمت التكنولوجيا ولغة العصر أو كانت دولة بدائية قائمة على فتات الأمور لا تقوى حتى الدفاع عن نفسها كدولة الإمارة في أفغانستان التي كانت تفتقر لكل شيء.
والمفارقة العجيبة هي أن الولايات المتحدة على استعداد لدعم أي تنظيم أو حزب غير إسلامي للوصول إلى السلطة حتى لو كان زعيم الحزب أو رئيس البلد دكتاتورا مجرما وليست على أدنى استعداد لترك إسلامي يشغل منصبا سلطويا حتى لو كان في قمة المعتدلين.
الولايات المتحدة الأمريكية ليست الطرف الوحيد الذي يحاول جاهدا الى منع الإسلامية من الوصول الى السلطة فنحن نذكر جيدا أن الحكومة السعودية دعت الولايات المتحدة لعدم مغادرة العراق وذلك حتى لا يتمكن المسلحون السنة من إنشاء قوة لهم قادرة على إخافة حكومات المنطقة المجاورة.
التجربة الصومالية ليست عنا ببعيدة فبعد سيطرة المحاكم الإسلامية على معظم أجزاء الصومال قامت الولايات المتحدة بمعاونة من إثيوبيا بإزاحة نظام المحاكم وذلك في عملية عسكرية كبرى هدفت لمنع المتشددين حسب وصفها من الوصل إلى حكم البلاد و إنشاء نظام يشبه نظام حركة طالبان.
إذا فنحن الآن أمام تيار عالمي لمنع كل من يتعلق بالدين الحنيف من الوصول إلى سدة الحكم سواء أشكل تهديد مباشرا للولايات المتحدة أم لم يشكل. بل نحن الآن أمام نظام عالمي جديد ممنوع كل من يحمل الفكر الإسلامي من أن يكون جزء فيه.
من جهة أخرى ما كانت الولايات المتحدة الأمريكية لتوقف النشاط الإسلامي وحدها دون دعم من جهات عديدة أخذت على عاتقها مساعدة ومساندة الولايات المتحدة الأمريكية في خطواتها المتسارعة للقضاء على الإسلامية المتشددين الذين لا ترغب بهم أمريكا.
فمصر الحدود العربية الوحيدة لقطاع غزة كان لها شرف ترك رئيس الوزراء الفلسطيني على قارعة الرصيف ومنعه من دخول غزة بينما تحتجز ألاف الفلسطينيين على معبر رفح رافضة السماح لهم بالوصول إلى القطاع. من جهة أخرى كانت باكستان هي الضلع الأساسي في الحرب على طالبان والقاعدة من جمة إغلاق الحدود والسماح للطائرات الأمريكية باستخدام المطارات بل وحتى تسليم نشطاء القاعدة إلى أمريكا. فيما تقوم إثيوبيا بمحاربة المتطرفين الصومال نيابة عن الصديقة الوفية حتى لا يتأذى الجندي الأمريكي الذي لا تزال ذاكرته تحمل الألم لما تعرض له على يد المقاومة هناك.
وإن نفى الجميع ذلك باتت بعض التيارات الإسلامية كتنظيم القاعدة أو غيرة يرى بأن نظريته للمؤامرة أكثر واقعية من دعوات السلام والتعايش بين الحضارات بل وأصبح يرى المشاركين في مثل هذه الندوات وغيرها أناس يسعون إلى تخدير الأمة بينما تقوم قوى الظلام بنظره من فرض سيطرتها على العالم. خاصة وأن الكثر من هذه التنظيمات بات يعاني من التهميش في كل الحوارات وعدم الاكتراث برأيه بصفته رأيا متطرفا لا فائدة منه نذكر على سبيل المثال دعوة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي جميع الفصائل العراقية إلى نبذ العنف إلقاء السلاح والتفاوض مع الحكومة أو المحتل مستثنيا منها تنظيم القاعدة.
نستنتج من هذا السرد أن التيارات الإسلامية القادمة أو القائمة فعلا لا مكان لها في العالم الحر الذي تريده الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن تكون هامشية تعيش في غياهب السجون أو تنظيمات محاربة منبوذة تبقى متوجسة خيفة من النظام العالمي الحاكم فليس لها بعد ذلك إلا السلاح في محاولة للدفاع عن نفسها.
نقلاً عن الجزيرة توك
لعل المراقب للحركات الإسلامية في شتى بقاع العالم الإسلامي وعلى اختلاف تياراتها ومذاهبها يلاحظ القاسم المشترك بينها فهي قد تكون متفاوتة من حيث وجهات النظر بل حتى في الوسيلة والهدف لتحقيق غاياتها إلا أنها تشترك في كونها كلها تنظيمات لها خط أحمر لا يمكن لها أن تتجاوزه وخاصة إذا كان الهدف هو حلم الوصول الى قيادة الدولة أو استلام زمام المبادرة فيها ...
نذكر كلنا الجزائر وما حصل بها عندما حاول الإسلاميون الوصول إلى سدة الحكم فما كان من الجيش إلى أن نزل إلى الشارع و فرض على الإسلاميين الابتعاد عن سدة الحكم وبالقوة فكان ما كان من الدماء والأرواح التي أكلت الأخضر واليابس ولا تزال بعض ألغامها تحصد الأرواح حتى يومنا هذا.
في مصر والتي عانت من مواجهة مع الإسلاميين حسمت بالطبع لصالح الحكومة يبقى الإسلاميون فيها معادلة صعبة تقلق الحكومة فالانتخابات السابقة والتي استخدمت فيها الحكومة كل أنواع التزوير من استخدام البلطجة لضرب المنتخبين الذين يدلون بأصواتهم لصالح الإخوان المسلمين إلى اعتقال متنفذي الإخوان ومصادرة ممتلكاتهم هذا كله وسيلة مشروعة في ما يبدو لدى الحكومة لكي لا تصل من تسميهم بالمتطرفين إلى سدة الحكم.
وهذا الحال ليس بغائب عن كثير من الدول العربية الأخرى فسوريا كان لها السبق في قمع الإخوان المسلمين في المجزرة التي حدثت في مدينة حماة بداية الثمانينيات. كذا الحال بالنسبة للعراق وغيرها الكثير من تاريخ متخم بالصراعات بين الإسلاميين والسلطة.
في أفغانستان وبعد وصول طالبان إلى سدة الحكم خاضت الولايات المتحدة حربا ضروسا لإسقاطها وإبعادها عن السلطة.
حركة المقاومة الإسلامية حماس أرادت أن تخوض التجربة من جديد غير آبهة بالتحديات التي واجهت غيرها, فبتنا الآن نرى المواجهة المفتوحة مع الحركة منذ حصولها على أصوات الناخب الفلسطيني إلى استيلائها على قطاع غزة فقد رأينا تضيق الخناق على الحكومة الفلسطينية إلى أن تمت عمليه إقالتها وشاهدنا المذابح التي ارتكبت من كلا الطرفين دفاعا من كل منهما عن ثوابته التي يصر على عدم التراجع عنها.
التجربة التركية ما تزال شاخصة أمام متخذي القرار في حكومة حماس المقالة حيث قدمت حكومة أرد وجان كل التنازلات الأزمة لدخول الإتحاد الأوروبي إلا أن تركيا ما تزال تواجه بشيء من الرفض المتكرر لأنها دولة مسلمة تريد الدخول في جو علماني.
أرادت حركة حماس أن تثبت حسن نواياها للعالم بمحاولة الاستفادة من التجربة التركية فبادرت بإطلاق سراح الصحفي (ألن جونسون) في محاولة للظهور بصورة حسنه إلا أن العالم كله واجها بسيل من الاتهامات ووابل من التصريحات النارية.
لعل حماس لم تكن تدرك آنفا أنها ستكون أمام مشكلة كبيرة وأنها ستقع ضحية مؤامرة أكبر إن هي في يوم من الأيام حاولت أن تتخذ قرارا يوصلها إلى سدة الحكم.
أمام حماس الآن كما أمام كل التيارات الإسلامية القادمة نوع واحد من الحكومات إن أرادوا أن يقيموها ألا وهي حكومة محاربة غير مرغوب بها محاصرة وممنوعة لا فرق في هذا إذا كانت الحكومة تتبع لتيار متطرف كتنظيم القاعدة ودولته في العراق أو حركة معتدلة كالإخوان في مصر أو حماس في غزة, لا فرق إن استخدمت التكنولوجيا ولغة العصر أو كانت دولة بدائية قائمة على فتات الأمور لا تقوى حتى الدفاع عن نفسها كدولة الإمارة في أفغانستان التي كانت تفتقر لكل شيء.
والمفارقة العجيبة هي أن الولايات المتحدة على استعداد لدعم أي تنظيم أو حزب غير إسلامي للوصول إلى السلطة حتى لو كان زعيم الحزب أو رئيس البلد دكتاتورا مجرما وليست على أدنى استعداد لترك إسلامي يشغل منصبا سلطويا حتى لو كان في قمة المعتدلين.
الولايات المتحدة الأمريكية ليست الطرف الوحيد الذي يحاول جاهدا الى منع الإسلامية من الوصول الى السلطة فنحن نذكر جيدا أن الحكومة السعودية دعت الولايات المتحدة لعدم مغادرة العراق وذلك حتى لا يتمكن المسلحون السنة من إنشاء قوة لهم قادرة على إخافة حكومات المنطقة المجاورة.
التجربة الصومالية ليست عنا ببعيدة فبعد سيطرة المحاكم الإسلامية على معظم أجزاء الصومال قامت الولايات المتحدة بمعاونة من إثيوبيا بإزاحة نظام المحاكم وذلك في عملية عسكرية كبرى هدفت لمنع المتشددين حسب وصفها من الوصل إلى حكم البلاد و إنشاء نظام يشبه نظام حركة طالبان.
إذا فنحن الآن أمام تيار عالمي لمنع كل من يتعلق بالدين الحنيف من الوصول إلى سدة الحكم سواء أشكل تهديد مباشرا للولايات المتحدة أم لم يشكل. بل نحن الآن أمام نظام عالمي جديد ممنوع كل من يحمل الفكر الإسلامي من أن يكون جزء فيه.
من جهة أخرى ما كانت الولايات المتحدة الأمريكية لتوقف النشاط الإسلامي وحدها دون دعم من جهات عديدة أخذت على عاتقها مساعدة ومساندة الولايات المتحدة الأمريكية في خطواتها المتسارعة للقضاء على الإسلامية المتشددين الذين لا ترغب بهم أمريكا.
فمصر الحدود العربية الوحيدة لقطاع غزة كان لها شرف ترك رئيس الوزراء الفلسطيني على قارعة الرصيف ومنعه من دخول غزة بينما تحتجز ألاف الفلسطينيين على معبر رفح رافضة السماح لهم بالوصول إلى القطاع. من جهة أخرى كانت باكستان هي الضلع الأساسي في الحرب على طالبان والقاعدة من جمة إغلاق الحدود والسماح للطائرات الأمريكية باستخدام المطارات بل وحتى تسليم نشطاء القاعدة إلى أمريكا. فيما تقوم إثيوبيا بمحاربة المتطرفين الصومال نيابة عن الصديقة الوفية حتى لا يتأذى الجندي الأمريكي الذي لا تزال ذاكرته تحمل الألم لما تعرض له على يد المقاومة هناك.
وإن نفى الجميع ذلك باتت بعض التيارات الإسلامية كتنظيم القاعدة أو غيرة يرى بأن نظريته للمؤامرة أكثر واقعية من دعوات السلام والتعايش بين الحضارات بل وأصبح يرى المشاركين في مثل هذه الندوات وغيرها أناس يسعون إلى تخدير الأمة بينما تقوم قوى الظلام بنظره من فرض سيطرتها على العالم. خاصة وأن الكثر من هذه التنظيمات بات يعاني من التهميش في كل الحوارات وعدم الاكتراث برأيه بصفته رأيا متطرفا لا فائدة منه نذكر على سبيل المثال دعوة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي جميع الفصائل العراقية إلى نبذ العنف إلقاء السلاح والتفاوض مع الحكومة أو المحتل مستثنيا منها تنظيم القاعدة.
نستنتج من هذا السرد أن التيارات الإسلامية القادمة أو القائمة فعلا لا مكان لها في العالم الحر الذي تريده الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن تكون هامشية تعيش في غياهب السجون أو تنظيمات محاربة منبوذة تبقى متوجسة خيفة من النظام العالمي الحاكم فليس لها بعد ذلك إلا السلاح في محاولة للدفاع عن نفسها.
نقلاً عن الجزيرة توك
تعليق