جدار فصل جديد لشطب وجود الشعب الفلسطيني
[align=justify]أقام الاحتلال الصهيوني العديد من جدر الفصل العنصري لتحويل المناطق الفلسطينية المحتلة إلى سجون كبيرة منفصلة عن بعضها البعض بهدف إلغاء وجود الشعب الفلسطيني، ولكن الجدار الأخطر منها جميعاً هو الذي أمر زعيم سلطة أوسلو محمود عباس بإقامته مؤخراً ليجهز على القضية الفلسطينية ويساهم بفعالية في شطب وجود الشعب الفلسطيني.
ففي عام 1998م، زعم عباس أن اتفاقية أوسلو كرست وجود الشعب الفلسطيني على أرضه بعد أن كان مشطوباً منذ عشرات السنين، حيث قال: "إن أتفاق أوسلو كان التتويج الأهم لنضال الشعب الفلسطيني على مدى القرن العشرين، لأن هذا الاتفاق هو الذي ثبَّت الشعب الفلسطيني على الخارطة السياسية بعدما تقرر شطبه منذ مطلع القرن، إن أهمية أوسلو أنها كرست وجود الشعب الفلسطيني على أرضه وفرضت على أمريكا وإسرائيل الاعتراف به وبمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لهذا الشعب".
إلا أن مواقف عباس وسياساته العقيمة المنسجمة مع إرادة المجتمع الدولي والعدو الصهيوني تنفي هذا الزعم وتبرهن على عكسه تماماً، إذ لا يمكن تفسير هذه المواقف والسياسيات الخطيرة لعباس وسلطته والحكومة الباطلة التي أمر بتشكيلها إلا بسعيه لشطب وجود الشعب الفلسطيني سياسياً تمهيداً لإلغاء وجوده نهائياً، لتحقيق الحلم الصهيوني الشرير.
ولقد تبين خلال الخمس عشرة شهراً الماضية زيف الوعود التي قدمها عباس – بصفته مهندس اتفاقية أوسلو – ليخدع بها الشعب الفلسطيني، فقد أدت سياساته إلى نفي وجود الشعب الفلسطيني سياسياً، وذلك بمحاولاته المتكررة للالتفاف على خيار الشعب الفلسطيني وكسر إرادته وثنيه عن مواصلة مقاومة الاحتلال الصهيوني وإسقاط حكومته الشرعية والتآمر على حركة حماس والمقاومة.
كما أدت سياسات عباس وإجراءات حكومة دايتون التي يتزعمها سلام فياض إلى انقسام الشعب الفلسطيني على نفسه وتمزيقه شر ممزق، فالمراسيم التي أصدرها عباس في الآونة الأخيرة كانت بمثابة جدار فصل عنصري جديد يعزل الضفة عن القطاع سياسياً واقتصادياً وديموغرافياً. أما حكومة دايتون، فتقتصر وظيفتها على تكريس هذا الفصل بين أهلنا في الضفة والقطاع، وتؤدي إجراءاتها إلى تدعيم هذا الجدار الفاصل إمعاناً في تغييب الشعب الفلسطيني.
وهذا ليس مستغرباً، فقد أنشأ المجتمع الدولي سلطة أوسلو لتساعد الاحتلال الصهيوني في السيطرة على حياة ملايين الفلسطينيين ولتخفف العبئ عنه في إدارتهم دون الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني، فالاعتراف الذي زعم عباس أن اتفاقية أوسلو قد فرضته على الاحتلال والأمريكان لا يعني سوى الاعتراف بالمشكلة الديموغرافية التي يشكلها الفلسطينيون للاحتلال، خاصة بعد تصاعد عمليات المقاومة وتحولها إلى كابوس مزعج للعدو الصهيوني والأمريكي.
وقد تم عقد صفقة أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال لحل هذا المشكلة الديموغرافية والقضاء على المقاومة، وذلك بحماية أمن الاحتلال والتصدي للمقاومة الفلسطينية، وتحويل جزء من أبناء الشعب الفلسطيني إلى أيادي عاملة تبني كيان الاحتلال، وانتزاع الفلسطينيين من أراضيهم وتشجيعهم على الهجرة إلى خارج فلسطين، وتمكين الكيان الصهيوني من تهويد القدس الشرقية المحتلة والسيطرة على مزيد من الأراضي لبناء المستوطنات اليهودية عليها، وإبقاء الاقتصاد الفلسطيني بأيدي فئة فاسدة من اللصوص والسماسرة والمرتزقة...
لقد حارب عباس نتائج الانتخابات النيابية وتآمر على حركة حماس، التي اختارها الشعب الفلسطيني لتمثل خياره وتحمي إرادته وتحمل همومه، وعمل جاهداً على إسقاط الحكومة التي شكلتها حماس مستعيناً بالعدو الصهيوني والأمريكي وحلفائه، وهو يسعى الآن إلى حل المجلس التشريعي بعد أن تجاوزه دستورياً وقانونياً وألغى وجوده، وحيث إن الانتخابات تعبر عن الوجود السياسي للشعب الفلسطيني وتمثل ثمرة من ثمرات جهاده، فإن مواقف عباس وسياساته وممارساته تهدف دون أدنى شك إلى تغييب الشعب الفلسطيني عن الخارطة السياسية.
بل إن عباس تجاوز كل الحدود في سعيه لشطب وجود الشعب الفلسطيني، فقد وصف جهاد الشعب الفلسطيني ضد العدو الصهيوني المحتل بالإرهاب، وذلك في قمة العقبة عام 2003م عندما كان رئيساً للوزراء، كما زعم حينها أن الفلسطينيين هم السبب في معاناة اليهود، وهذا يؤكد أن عباس لا يؤمن أصلاً بوجود الشعب الفلسطيني وبحقه في التحرر من براثن الاحتلال، فوجود الشعب الفلسطيني ينتفي بنفي حقه في مقاومته الاحتلال وتحقيرها ووصفها بالإرهاب.
وإمعاناً في شطب وجود الشعب الفلسطيني، يصر عباس على خنق قطاع غزة وتدويله، ويسعى إلى نشر قوات دولية على حدود القطاع لحصاره وعزله، كما أن اتهام عباس بأن حماس سمحت لأفراد ينتمون إلى القاعدة بالتسلل إلى غزة، وأنها تؤيهم، يهدف إلى تبرير الهجمات العدوانية التي يقوم به الاحتلال ضد قطاع غزة وحصاره وتجويع أهله، الأمر الذي يؤدي إلى عزل أكثر من مليون ونصف المليون من أبناء الشعب الفلسطيني ويخفيهم في غياهب سجن غزة الكبير.
وفي الضفة الفلسطينية المحتلة، يسعى عباس وحكومة دايتون إلى عزل المدن والقرى الفلسطينية وتحويلها إلى كانتونات معزولة تشبه سجن غزة الكبير، ليلغي وجود الشعب الفلسطيني ويضرب الجدر الفاصلة حول المدن والقرى ويكرس الاحتلال للضفة، وهذا ما يسعى إليه العدو الصهيوني والأمريكي منذ زمن بعيد...!!
إن الخطر الذي يشكله عباس وسلطته وحكومة دايتون على الشعب الفلسطيني يفوق كل الأخطار التي تشكها جدر الفصل العنصري التي أقامها الاحتلال، فالجدار الفاصل الذي أقامه لفصل الضفة عن القطاع وخنق غزة سيقصم ظهر القضية الفلسطينية ويرهق كاهل الشعب الفلسطيني ويشطب وجوده ما لم يتدارك شعبنا الأمر ويضع حدا لتجاوزات عباس الخطيرة.[/align]
13/07/2007م
تعليق