إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هيئة الشرعية بتنظيم ''القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي'' ترد على سليم الأفغاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هيئة الشرعية بتنظيم ''القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي'' ترد على سليم الأفغاني

    تاريخ المقال 05/06/2007
    تحركت الهيئة الشرعية التابعة لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" ، بشأن التفجيرات الإنتحارية بالعاصمة بعد حوالي 3 أشهر من تنفيذها، في شكل رد فعل على الانتقادات التي أثيرت حولها ، وقال أبو الحسن رشيد عضو الهيئة، أن المستهدف في هذه العمليات غير المعهودة كان الوزراء و المنتسبون للحكومة و أفراد الشرطة، و برر سقوط مدنيين بالضرورة.

    و إعترف أن اللجوء للعمليات الإنتحارية يعود لقلة عدد نشطاء التنظيمات و تعذر مواجهة " العدو"، وحاول إيجاد تبريرات لها بالإستناد إلى بعض فتاوى العلماء و رجال الدين " وما سأنقله هو في جملته محض النقل عنهم " ، و إنتقد ضمنيا حديث الأمير الوطني أبو مصعب عبد الودود حول إنحراف الجماعة ، مشيرا أن ذلك يبرىء النظام . أثارت موجة الإستياء والتمرد في صفوف قيادات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي "، بعد التفجيرات الإنتحارية بالعاصمة، والانتقادات التي أعقبتها خاصة من طرف جماعة "حماة الدعوة السلفية" التي يتزعمها سليم الأفغاني ، ثم الشيخ أبو مسلم بسبب غياب غطاء شرعي و سقوط مدنيين، تحرك الهيئة الشرعية والقضائية بالتنظيم ، التي أصدرت بيانا مطولا بشأن التفجيرات بعد حوالي 3 أشهر من وقوعها ، جاء في شكل رد على أسئلة، قال فيه "أبو الحسن رشيد" عضو الهيئة التي قام بتوقيع البيان ، إنها وردت إليه ، بينما يرى مراقبون أنها محاولة لإحتواء التململ الذي أثارته التفجيرات الإنتحارية ، وحاول أبو الحسن رشيد ، الإستناد إلى نفس العلماء الذين أشار إليهم معارضوه ، أبرزهم الشيخ إبن تيمية ، و سعى جاهدا لتبرير ذلك شرعا لكنه تستر عن سقوط المدنيين بالتأكيد أن " أغلب الضحايا هم من المحاربين " و يقصد أفراد الشرطة ، لكنه ألمح إلى تنفيذ عمليات إنتقائية ضد القوات النظامية ،و قتل المدنيين " حتى لا يتعطل الجهاد " ، و تحت غطاء " الجهاد " ، قال هذا العضو إن الوضع يفرض الحاجة للعمليات الإنتحارية ، التي سبق لأبو مسلم ، أن دعا لعدم رفع شعار العمليات الإستشهادية و عدم إستهداف قوات الأمن ، و الإنخراط في الجهاد العالمي و ليس ضرب النظام و الحكومة.

    العمليات الإنتحارية لم تكن معهودة عند سلف الأمة الصالح ...لكن

    و أشارت الهيئة الشرعية و القضائية في سياق ردها ، إلى أن " تنظيم القاعدة ليس أول من فتح باب العمليات الإستشهادية و إعتمدها كأسلوب قتالي " لكنه إعترف على صعيد آخر ، أن هذا النوع من العمليات لم يكن معهودا عند سلف الأمة الصالح لعدم قيام المقتضيات التي تدعو إليه من ناحية و عدم شيوع و توفر الوسائل التي تمكن من ذلك " ، قبل أن يبرر اللجوء إلى العمليات الإنتحارية بـ" ظهور الحاجة إليها في عصرنا هذا أكثر مما مضى لما تعيشه الأمة من تكالب عالمي و محلي " ، ما يضعه في تناقض على خلفية أن الشعب و النظام هما المستهدفين و ليس الأطراف الخارجية التي تتكالب على الجزائر ، كما أن الهيئة تتمسك بإستهداف النظام الجزائري و قوات الأمن ، و حتى المواطنين الذين يحتكون بأفراد الأمن عندكما تجدد تحذيرها لهم بعدم مخالطتهم ، و يعترف أبو الحسن رشيد ، في سياق تبريره لتنفيذ عمليات إنتحارية بقلة عدد المسلحين و تواضع سلاحهم " مما تتعذر مواجهة أعداء الله بالأساليب العادية " ما يعكس اللجوء إلى أسهل الوسائل التي تعكس أيضا ضعف التنظيم و هو ما سبق أن أشار إليه كل من سليم الأفغاني ، و أبو مسلم ، قبل أن يتدارك القول " لست أعني بهذا مطالبتهم بالقول بجواز العمليات الإنتحارية " ، لكنه على صعيد آخر ، يطرح دلائل على جواز قتل الإنسان لنفسه " من أجل إعلاء كلمة الله" و يتوقع ردا عندما يؤكد أيضا " أن الإجتهاد في هذا الباب وارد و هو عرضة للخطأ و الصواب " ، بعد أن أصبح الوصول إلى الأهداف " من العسير جدا أو شبه المستحيل دون استخدام المتفجرات".

    قتل بعض المسلمين من أجل إنتصار الدين أمر جائز ؟

    و فيما يتعلق بسقوط مدنيين في هذه العمليات ، تعتبر الهيئة الشرعية ، أن " قتل بعض المسلمين من أجل إنتصار الدين و المسلمين و بين قتل بعضهم ضرورة لتحقق ذلك ، قلنا أن قتل بعض المسلمين من أجل إنتصار الدين أمر جائز لاشىء ، و قد يؤجر بعض المسلمين الذين يقتلون بهذه الحال " مما يعني أن التنظيم الإرهابي يكون " قد فصل في سقوط المدنيين " ، عندما يقول البيان الذي ورد في أكثر من 20 صفحة ، أن ذلك مرتبط بتغلغل المستهدفين وسط المدنيين و الجماهير " مما يؤدي لتعطيل الجهاد" في حال عدم رميهم و ضربهم .و عادت الهيئة إلى دعوة بعض المشايخ لعدم إستهداف النظام بالتوضيح " أن قتال النظام الحاكم واجب شرعي " و جددت تمسكها بإستهداف قوات الأمن بالقول " لا يمكن إلحاق الهزيمة بالنظام إلا بهزيمة هذه القوات " ، و ألمحت كذلك إلى إستهداف أفراد الأمن بصفة انفرادية "قتل المنفرد من القوات الحكومية هو نوع من أنواع القتال".

    و في موضوع آخر ، إعترفت الهيئة الشرعية و القضائية ، بـ" إنحصار الدعم الشعبي " ، مشيرة إلى أن التراجع غير مرتبط بـ" توبة النظام الجزائري " على كل الأصعدة ، و قالت " بكل صراحة ذلك يعود لإنحراف الجماعة الإسلامية" ، و يؤاخذ عضو الهيئة الشرعية و القضائية ، الأمير الوطني أبو مصعب عبد الودود ، لإشارته " للتخلص من الإنحراف " ، و قال " ليس لازمه أننا إنحرفنا ، و إنما القصد أن الجهاد تخلص من ذلك و اللفظ أستعمل مجازا لأن الذين إنحرفوا محسوبون على الجهاد عند عوام الناس الذين لا يدركون حقيقة الفرق " و حصر الإنحراف في طائفة " انقرضت وكانت في جزء ضيق من البلاد" ، في إشارة لتنظيم " الجيا" " الخروج عن الطائفة المنحرفة كان بمجرد ظهور بوادر الإنحراف ووصل الإنكار إلى درجة مقاتلة المنحرفين".

  • #2
    رد : هيئة الشرعية بتنظيم ''القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي'' ترد على سليم الأفغاني

    ردا على إفتراءات جريدة الإستخبارات الشروق اليومي أضع نص الرسالة وهي ردود من الشيخ أبوالحسن الرشيد عضو الهيئة الشرعية ورئيس الهيئة القضائية لقاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي وهذه الرسالة هي ردود على أسئلة طرحها أنصار الجهاد والمجاهدين في المنتديات الحواررية الجهادية وأبرزها الحسبة :

    بسم الله الرحمن الرحيم


    تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي

    يقدم




    :: تساؤلات حول تفجيرات الجزائر الأخيرة ::



    للشيخ - أبي الحسن رشيد - حفظه الله


    عضو الهيئة الشرعية رئيس الهيئة القضائية
    لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي


    الحمد لله ، وصلّى الله على محمد وعلى آله وصحبه ، وسلّم تسليما كثيرا ، وبعد :
    بعد تفجيرات الجزائر العاصمة المباركة ـ تقبل الله أبطالها في الشهداء ـ وردتني تساؤلات طُرحت في منتدى الحسبة الجهادي،و نقلها إلي إخواني بغرض الإجابة عنها ، فألزمني واجب البيان تلبية الطلب ، مع التنبيه أنّ السؤال والمراجعة حق كفله الإسلام لمريدي الحق ، وكان ذلك دأب السلف  بحثا عن الحق واستزادة من الصواب .."وإنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى".

    و الأسئلة المطروحة كما وردتني كالآتي:

    أثير أن الهجمات استهدفت مدنين فنريد منكم تعليق للرد على هؤلاء.
     لماذا لم يتم استهداف المصالح الأمريكية مع ملاحظه أن استهدافكم لهاليبرتون قد وفر لكم دعم جماهيري عريض ومساندة واضحة وهو ما يوافق منهج الشيخ أسامه في استهداف المصالح الإقتصادية الأمريكية.
     ألن تؤثر تلك الهجمات على القاعدة الجماهيريه لكم من أبناء الشعب الجزائري الطيبين المحبين لكم.
     هل يمكنكم توفير كتب لنا حول الأدلة الشرعية التي استندتم إليها في الهجمات وذلك لأن الشبهات المثارة أمامي قويه من قبل الإخوة وأحتاج أولا للتعلم وثانيا للرد.
     لماذا تم تنفيذ العملية بعملية استشهادية.
     تحدث الشيخ أبو مصعب عبد الودود عن التخلص من الانحرافات التي كانت قد شابت الجماعة من قبل فما حقيقة هذه الانحرافات وما هو المنهج الذي تسير عليه الجماعة الآن.
     أليس محاربه الأنظمة الطاغوتية قد يوحد الشعب الطيب ضدكم نتيجة قوة الطواغيت من إعلام وجيش وشرطه وتأثيرهم على الناس ومن أدله ذلك التجربة المصرية والتجربة في بلاد الحرمين اللتين قمعت من قبل الأنظمة وعدم وجود الدعم من قبل عامه المسلمين.
     أليس من الأحرى إظهار كفر هذه الأنظمة الطاغوتية أمام الشعوب بتوضيح عمالتها للكفار من الأمريكيين والفرنسيين وغيرهم.(انتهت الأسلة المنقولة).
    ـــــــــــــــــــــــــ

    ما أوّد الإشارة إليه قبل ولوج الموضوع هو أن يعلم القارئ الكريم أنّ تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ليس أول من فتح باب العمليات الإستشهادية واعتمدها كأسلوب قتالي بحيث يطالب بتأصيلها،لكن له سلف فيمن سبقه من جماعات الجهاد.. و تأصيلاتهم منشورة و الحمد لله في المواقع الإسلامية ، بل أفتى بجواز هذا النوع من العمليات القتالية من هم خارج دائرة الجهاديين ..
    وبالتالي ما سأحرره في هذه الصفحات هو في جملته محض النقل عنهم ـ حفظهم الله ـ ..
    و من جهة ثانية فإنني أنبه إخواني المسلمين من أنّ تفجيرات الجزائر لم يكن المستهدف فيها هم (المدنيون) كما يزعم المرتدون،بل المستهدف هم المنتسبون للحكومة و قوات الأنتربول و الشرطة المرتدة و هؤلاء محاربون لدين الله،و أيضا الضحايا الغالبية العظمى منهم محاربون و ليس كما ذكرت وسائل الإعلام الكاذبة.

    والآن سأتناول الجواب من خلال النقاط التالية , سائلا الله  السداد في القول والعمل .

    أوّلا : المستند الشرعي للعمليات الإستشهادية :

    إن من النوازل المهمة التي نزلت بأهل هذا العصر : نازلة العمليات الاستشهادية التي يسميها بعض من لا يرى مشروعيتها : انتحارية، وهذا النوع من العمليات لم يكن معهودا عند سلف الأمة الصالح لعدم قيام المقتضيات التي تدعو إليه من ناحية، وعدم شيوع وتوفر الوسائل التي تُمكّن منه من ناحية أخرى، وإنما ظهر الحديث عنه والخوض فيه بعد ظهور المتفجرات والتي يتمكن الفرد عن طريقها من تفجير كل ما حواليه. وتتخذ هذه العمليات أشكالا مختلفة تتفق كلها في حقيقتها –وإن اختلفت في الشكل- وهي أن منفذ العملية يُفجّر ما حوله ويهدمه ويروح هو ضحية هذا الفعل بحسب السنة الجارية.
    وقد ظهرت الحاجة إلى مثل هذه العمليات في عصرنا هذا أكثر من أي وقت مضى لما تعيشه الأمة من تكالب عالمي ومحلي يستهدف عقيدتها ووجودها، ولما تعيشه الفئة المجاهدة من هذه الأمة من قلة في العدد وتواضع في العُدد، حيث تتعذر مواجهة أعداء الله بالأساليب العادية المألوفة في ظل التباين الشاسع في الإمكانات وفي مستوى التسليح بين المسلمين وأعدائهم, ولستُ أعني بهذا مُطالبتهم بالقول بجواز العمليَّات ، ومتابعة المجاهدين وتقليدَهم في العلميَّات والعمليَّات ، وإنَّما المراد في هذه المسألة كسائر المسائل الشَّرعيَّة أمران :
    إعطاء المسألةِ حقَّها ، وإعطاء المُخالف في موضع الاجتهاد حقَّه,
    قال فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي حفظه الله
    "قبل الإجابة على هذا السؤال لابد أن تعلم أن مثل هذه العمليات المذكورة من النوازل المعاصرة التي لم تكن معروفة في السابق بنفس طريقتها اليوم ، ولكل عصر نوازله التي تحدث فيه ، فيجتهد العلماء على تنـزيلها على النصوص والعمومات والحوادث والوقائع المشابهة لها والتي أفتى في مثلها السلف ، قال تعالى : ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾(الأنعام: من الآية38) وقال عليه الصلاة والسلام عن القرآن : ( فيه فصل ما بينكم ) "،اهـ .
    1- الدليل على جواز قتل الإنسان لنفسه من أجل إعلاء كلمة الله :
    روى الإمام مسلم في صحيحه قصة أصحاب الأخدود، وفيها أن الملك حاول مرتين أن يقتل الغلام فلم يستطع، إلى أن دلّه الغلام على الطريقة التي يقتله بها، وهي أن يأخذ سهما من كنانته ويجمع الناس ثم يرميه بالسهم ويقول : باسم رب الغلام، ثم نفذ الملك ذلك فآمن الناس كلهم برب الغلام، فأمر الملك أن تُخدّ الأخاديد وتُضرم فيها النيران ويُلقَى من امتنع منهم عن الدخول ـ في دين الملك ـ في النار... إلى آخر الحديث
    وقد احتج شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بهذا الحديث على جواز قتل النفس من أجل مصلحة ظهور الدين، كما في الفتاوى الكبرى (28/540). واحتج محمد بن إبراهيم آل الشيخ على جواز قتل الأسير نفسه إذا أيقن أنه مقتول، وخاف أن يعطي أسرار المسلمين، كما في فتاواه( )..قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة أصحاب الأخدود، وفيها‏؛‏ أن الغلام أمر بقتل نفسه لأجل مصلحة ظهور الدين، ولهذا جوز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار، وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه، إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين‏،‏ وقد بسطنا القول في هذه المسألة في موضع آخر‏.‏
    فإذا كان الرجل يفعل ما يعتقد أنه يقتل به لأجل مصلحة الجهاد،مع أن قتله نفسه أعظم من قتله لغيره، كان ما يفضى إلى قتل غيره لأجل مصلحة الدين التي لا تحصل إلا بذلك، ودفع ضرر العدو المفسد للدين والدنيا الذي لا يندفع إلا بذلك أولى‏.‏
    وإذا كانت السنّة والإجماع متفقين على أن الصائل المسلم إذا لم يندفع صوله إلا بالقتل؛ قتل، وإن كان المال الذي يأخذه قيراطًا من دينار‏) [ ].
    ويستفاد من هذه الحادثة أن الغلام قتل نفسه بأمره وإرادته بعد أن فشل الملك في قتله مرتين، فأخبره الغلام عن الطريقة التي يقتله بها، كما جاء في صحيح مسلم في حديث الغلام: (فقال للملك – أي الغلام - ؛ إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، فقال؛ وما هو؟ قال؛ تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل؛ بسم الله رب الغلام، ثم أرمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهماً من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال؛ باسم الله رب الغلام، ثم رماه في صدغه، فوضع يده في صدغه، في موضع السهم، فمات، فقال الناس؛ آمنا برب الغلام).. كما أن المؤمنين الذين آمنوا بالغلام آثروا القتل بإرادتهم على الكفر؛ إظهاراً للدين، كما جاء في الحديث المذكور: (فأمر – أي الملك – بالأخدود في أفواه السكك، فخدّت، وأضرم النيران، وقال؛ من لم يرجع عن دينه فاحموه فيها – أو قيل له اقتحم – ففعلوا، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام؛ يا أمه اصبري فإنك على الحق)، فدخولهم النار بأنفسهم لا يمكن أن يكون ظلماً وعدواناً ولا يمكن أن يقون إلقاء للنفس في التهلكة، بل إن هذا الفعل يحبه الله سبحانه ويمدحه ويترتب عليه من المصالح والحكم ما لا يعلمه إلا الله.
    كذلك الحديث من قوة دلالته على المسألة – إتلاف المؤمن لنفسه من أجل مصلحة الدين – استدل به شيخ الإسلام رحمه الله على صورة أخرى من صور إتلاف النفس لمصلحة الدين – وهي الانغماس في صف الكفار – فقال رحمه الله: (روى مسلم في صحيحه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قصة أصحاب الأخدود، وفيها‏؛ أن الغلام أمر بقتل نفسه لأجل مصلحة ظهور الدين، ولهذا جوز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار، وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه، إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين‏).
    واستدل به الشيخ محمد بن إبراهيم – مفتي السعودية السابق – على صورة أخرى من صور إتلاف النفس لمصلحة الدين، وهي قتل الأسير لنفسه حتى لا يبوح بأسرار المسلمين، فكأن هذا الحديث صار أصلاً في المسألة تقاس عليه صورها المختلفة
    ومن أمثلة ذلك قصة أنس بن النضر رضي الله عنه: بوب البخاري رحمه الله: (باب قول الله عز وجل ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾، قال: ‏حدثنا محمد بن سعيد الخزاعي، حدثنا عبد الأعلى عن حميد، قال: سألت أنسا، ح: حدثنا عمرو بن زرارة، حدثنا زياد، قال: حدثني حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه، قال: (‏غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال؛ يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع! فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال؛ اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء - يعني المشركين - ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال؛ يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد، فقال سعد؛ فما استطعت يا رسول الله ما صنع! قال أنس؛ فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه، قال أنس؛ كنا نرى - أو نظن - أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه، ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ. . . ‏إلى آخر الآية﴾.
    قال ابن حجر: (وفي قصة أنس بن النضر من الفوائد؛ جواز بذل النفس في الجهاد, وفضل الوفاء بالعهد ولو شق على النفس حتى يصل إلى إهلاكها, وأن طلب الشهادة في الجهاد لا يتناوله النهي عن الإلقاء إلى التهلكة، وفيه فضيلة ظاهرة لأنس بن النضر وما كان عليه من صحة الإيمان وكثرة التوقي والتورع وقوة اليقين) [ ].
    قال ابن القيم رحمه الله في الفوائد المأخوذة من غزوة أحد: (ومنها؛ جواز الانغماس في العدو، كما انغمس أنس بن النضر وغيره) [ ].
    قال محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة: (لا بأس بأن يحمل الرجل وحده - أي على العدو - وإن ظن أنه يقتل إذا كان يرى أنه يصنع شيئاً يقتل أو يجرح أو يهزم)، ثم قال: (فأما إذا كان يعلم أنه لا ينكي فيهم، فإنه لا يحل له أن يحمل عليهم)، ثم قال السرخسي في شرحه تعليقاً على الشيباني: (فالشرط أن تكون حملته تنكي فيهم ظاهراً) [ ].
    وقال أيضا رحمه الله فيما حكاه عنه الإمام أبي بكر الجصاص نقلاً عن "السير الكبير" : (أن رجلا لو حمل على ألف رجل وهو وحده، لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية، فإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية؛ فإني أكره له ذلك لأنه عرض نفسه للتلف من غير منفعة للمسلمين، وإنما ينبغي للرجل أن يفعل هذا إذا كان يطمع في نجاة أو منفعة للمسلمين، فإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية ولكنه يجزئ المسلمين بذلك حتى يفعلوا مثل ما فعل فيقتلون وينكون في العدو فلا بأس بذلك إن شاء الله، لأنه لو كان على طمع من النكاية في العدو ولا يطمع في النجاة لم أر بأسا أن يحمل عليهم، فكذلك إذا طمع أن ينكى غيره فيهم بحملته عليهم فلا بأس بذلك، وأرجو أن يكون فيه مأجوراً، وإنما يكره له ذلك إذا كان لا منفعة فيه على وجه من الوجوه، وإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية ولكنه مما يرهب العدو، فلا بأس بذلك لأن هذا أفضل النكاية وفيه منفعة للمسلمين) [ ].
    وقال الإمام أبي بكر الجصاص بعد ذكره لكلام محمد بن الحسن المذكور آنفاً: (والذي قال محمد من هذه الوجوه؛ صحيح لا يجوز غيره، وعلى هذه المعاني يحمل تأويل من تأول في حديث أبي أيوب، أنه ألقى بيده إلى التهلكة بحمله على العدو، إذ لم يكن عندهم في ذلك منفعة، وإذا كان كذلك فلا ينبغي أن يتلف نفسه من غير منفعة عائدة على الدين ولا على المسلمين، فأما إذا كان في تلف نفسه منفعة عائدة على الدين فهذا مقام شريف مدح الله به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾، وقال ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾، وقال ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾).
    قال ابن حجر رحمه الله: (وأما مسألة؛ حمل الواحد على العدد الكثير من العدو، فصرح الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته وظنه أنه يرهب العدو بذلك أو يجرئ المسلمين عليهم أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة فهو حسن, ومتى كان مجرد تهور فممنوع, ولا سيما إن ترتب على ذلك وهن في المسلمين, والله أعلم) [ ].
    . وروى مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده من حديث سلمة ابن الأكوع الطويل، وفيه، قال سلمة رضي الله عنه: (قدمنا ‏المدينة زمن الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت أنا و رباح – غلام النبي صلى الله عليه وسلم - بظهره ‏رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم، وخرجت بفرس ل‏طلحة بن عبيد الله أريد أن ‏أنديه ‏مع الإبل، ‏فلما كان بغلس، أغار ‏عبد الرحمن بن عينية ‏على إبل رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم، فقتل راعيها، وخرج يطردها وأنا معه في الخيل، فقلت؛ يا ‏رباح! اقعد على هذا الفرس فألحقه ‏بطلحة، ‏وأخبر رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏أنه قد أُغير على ‏سرحه، ‏‏قال؛ وقمت على ‏تل فجعلت وجهي من قبل ‏المدينة، ثم ناديت ثلاث مرات؛ "يا صباحاه"، قال؛ ‏ثم اتبعت القوم معي بسيفي ونبلي، فجعلت أرميهم, اعقر بهم)، إلى أن قال رضي الله عنه: (فما ‏برحت ‏مقعدي ذلك، حتى نظرت إلى فوارس رسول الله‏ صلى الله عليه وسلم ‏يتخللون الشجر، وإذا أولهم ‏الأخرم الأسدي و‏على إثره ‏أبو قتادة الأنصاري ‏وعلى إثره ‏المقداد بن الأسود الكندي فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت بعنان الأخرم، فقلت؛ "يا أخرم! احذرهم لا يقتطعونك، حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه"، قال؛ "يا ‏سلمة! ‏إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة"، قال؛ فخليته، فالتقى هو ‏وعبد الرحمن بن عينية، ‏فعقر ‏بعبد الرحمن ‏فرسه، وطعنه عبد الرحمن فقتله، وتحول على فرسه، ولحق أبو قتادة بعبد الرحمن فقتله. . . الحديث).
    قال النووي رحمه الله في فوائد الحديث: (ومنها؛ ما كانت الصحابة رضي الله عنهم عليه من حب الشهادة والحرص عليها، ‏ومنها؛ إلقاء النفس في غمرات القتال, وقد اتفقوا على جواز التغرير بالنفس في الجهاد في المبارزة ونحوها، ‏ومنها؛ أن من مات في حرب الكفار بسبب القتال يكون شهيدا سواء مات بسلاحهم أو رمته دابة أو غيرها, أو عاد عليه سلاحه) [ ]..قال ابن النحاس رحمه الله: (وفي هذا الحديث الصحيح أدل دليل على جواز حمل الواحد على الجمع الكثير من العدو وحده، وإن غلب على ظنه أنه يقتل، وإذا مخلصاً في طلب الشهادة، كما فعل الأخرم الاسدي رضي الله عنه، ولم يعب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عليه، ولم ينه الصحابة عن مثل فعله، بل في الحديث دليل على استحباب هذا الفعل وفضله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم مدح ابا قتادة وسلمة على فعلهما، مع أن كل واحد منهما حمل على العدو وحده، ولم يتأن إلى أن يلحق به المسلمون) اهـ
    وقد أفتى جماعة من أهل العلم المعاصرين بجواز هذه العمليات، ومن أشهر من أفتى بذلك :
    - الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين.
    - الشيخ حسن أيوب، حيث أفتى بجواز صورة من هذه العمليات.
    - مفتي نظام الدين شامزي.
    - الدكتور عبد الله عزام رحمه الله.
    - الشيخ عبد القادر بن عبد العزيز.
    - الدكتور يوسف القرضاوي.
    - الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ الذي أفتى بجواز قتل الأسير نفسه مخافةإفشاء الأسرار
    ـ الشيخ محمد الصالح العثيمين ـ رحمه الله ـ .
    ـ الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ .
    ـ الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي ـ رحمه الله ـ .
    ـ الشيخ سليمان بن منيع ـ حفظه الله ـ .
    ـ الشيخ سليمان العلوان ـ حفظه الله ـ .
    ـ الشيخ علي الخضير ـ حفظه الله ـ .
    ـ الشيخ سلمان العودة ـ حفظه الله ـ .
    ـ الدكتور أحمد عبد الكريم نجيب ـ حفظه الله ـ .
    ـ الشيخ حامد بن عبد الله العلي ـ حفظه الله ـ .
    ـ الشيخ عجيل بن جاسم النشمي ـ حفظه الله ـ .
    ـ مجمع الفقه الإسلامي السوداني .
    ـ رابطة علماء فلسطين .

    تنبيه مهم :أثر اليد الفاعلة على الحكم :

    قال الشيخ ابن عثيمين : هذا الشاب الذي وضع على نفسه اللباس الذي يقتل ، أول من يقتل نفسه ، فلا شك أنه هو الذي تسبب في قتل نفسه ، ولا يجوز مثل هذه الحال إلا إذا كان في ذلك مصلحة كبيرة للإسلام ، فلو كانت هناك مصلحة كبيرة ونفع عظيم للإسلام ، كان ذلك جائزا .
    وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية على ذلك .. وضرب لهذا مثلا بقصة الغلام ،
    يقول شيخ الإسلام : وهذا حصل فيه نفع كبير للإسلام .
    وإن من المعلوم أن الذي تسبب في قتل نفسه هو هذا الغلام لاشك ، لكنه حصل بهلاك نفسه نفع كبير ، آمنت أمة كاملة ، فإذا حصل مثل هذا النفع ، فللإنسان أن يفدي دينه بنفسه ، اهـ .
    قال الشيخ الشعيبي:.. حديث الغلام وقصته معروفة وهي في الصحيح ، حيث دلهم على طريقة قتله فقتلوه شهيدا في سبيل الله ، وهذا نوع من الجهاد ، وحصل نفع عظيم ومصلحة للمسلمين حيث دخلت تلك البلاد في دين الله ، بل لم يستطيعوا قتله إلا بطريقة هو دلهم عليها فكان متسبباً في قتل نفسه ، لكن أُغتفر ذلك في باب الجهاد ، ومثله المجاهد في العمليات الاستشهادية ، فقد تسبب في ذهاب نفسه لمصلحة الجهاد ، .. دل ما سبق على أنه يجوز للمجاهد التغرير بنفسه في العملية الاستشهادية وإذهابها من أجل الجهاد والنكاية بهم ولو قتل بسلاح الكفار وأيديهم كما في الأدلة السابقة في مسألة التغرير والانغماس ، أو بسلاح المسلمين وأيديهم كما في مسألة التترس أو بدلالةٍ تسبب فيها إذهاب نفسه كما في قصة الغلام ، فكلها سواء في باب الجهاد لأن باب الجهاد لما له من مصالح عظيمة اُغتفر فيه مسائل كثيرة لم تغتفر في غيره مثل الكذب والخداع كما دلت السنة ، وجاز فيه قتل من لا يجوز قتله ، وهذا هو الأصل في مسائل الجهاد ولذا أُدخلت مسألة العمليات الاستشهادية من هذا الباب .
    أما مسألة قياس المستشهد في هذه العمليات الاستشهادية بالمنتحر فهذا قياس مع الفارق، اهـ .
    قال الشيخ العلوان : وقد رخص أكثر أهل العلم أن ينغمس المسلم في صفوف الكفار ولو تيقن أنهم يقتلونه والأدلة على ذلك كثيرة .
    فإن الغلام قد دل الملك على كيفية قتله حين عجز الملك عن ذلك بعد المحاولات والاستعانة بالجنود والأعوان .
    ففعلُ الغلام فيه تسبب في قتل النفس والمشاركة في ذلك والجامع بين عمل الغلام والعمليات الاستشهادية واضح فإن التسبب في قتل النفس والمشاركة في ذلك حكمه حكم المباشرة لقتلها .
    والغاية من الأمرين ظهور الحق ونصرته والنكاية باليهود والنصارى والمشركين وأعوانهم وإضعاف قوتهم وزرع الخوف في نفوسهم .
    والمصلحة تقتضي تضحية المسلمين المجاهدين برجل منهم أو رجالات في سبيل النكاية في الكفار وإرهابهم وإضعاف قوتهم قال تعالى ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ...﴾ الأنفال .
    وقال الشيخ حامد العلي :" والفرق بين هذين الفرعين ، هو نفس الفرق بين التسبب في القتل ومباشرة القتل ، غير أنه في هذه الحالة قتل النفس وليس قتل الغير ، وعامة العلماء لا يفرقون بين التسبب والمباشرة في الحكم ، ومعنى التسبب كما لو شهد شاهدان كذبا على مسلم فقُتِل حداً ، فإنَّ عليهما القصاص إذا أقـرّا بكذبهما في الشهادة.
    وبهذا يعلم أنّه إذا جاز للمجاهد أن يتسبب بقتل نفسه بالانغماس في صف العدو وهو لا يرجو النجاة ، فالحكم لا يتغير فيما لو باشر قتل نفسه في صف العدو وبين ظهرانيهم ، وذلك بقصد قتل أكبر عدد منهم لا قتل نفسه، وإنما جعل نفسه وسيلــة وسببا لذلك فحسب ، لا فرق بين الصورتين في الحكم الشرعي ، لأن التسبب له نفس حكم المباشرة في القصاص ، فكذلك له نفس الحكم في مسألتنا هذه إذ لا فرق بينهما ".

    ثانيا : لماذا تمّ التنفيذ بعمليات استشهادية :

    رأيتَ أيها القارئ الكريم أنّ الذين أفتوا بجواز انغماس الواحد في العدد الكثير من المشركين مع تيقن الهلاك ـ وهذا أحد مرتكزات القول بالجواز ـ اختلفت توجيهاتهم للقول بالجواز من خلال مقصد الفعل والفاعل , وذكر ابن العربي (1/166) أن الصحيح جواز إقدام الرجل الواحد على الجمع الكثير من الكفار : لأن فيه أربعة وجوه :
    الأول : طلب الشهادة .
    الثاني : وجود النكاية .
    الثالث : تجرئة المسلمين عليهم .
    الرابع : ضـعف نفوس الأعداء ، ليروا أن هذا صنع واحد منهم ، فما ظنك بالجميع ؟
    وهذه المقاصد الشريفة قد تغيب عمن هو بعيد عن حر المعركة وإنما تحددها وتقصدها قيادة الجهاد الميدانية في كل زمان ومكان بحسبه , (أما حد الإثخان فهو خاضع لتقدير أهل الشأن والخبرة كما ذكرنا ، بحيث يتحقق العلم ، أو يغلب على الظن أنها ستوجع فيهم قتلاً أو جرحاً ، أو تحدث فيهم ضرراً بليغاً ، أو تنشر فيهم رعباً ، أو تحملهم على الرحيل إلى ديارهم ، دون أن يكون لها مردود سيء أكثر من ذلك مثل الانتقام من الأبرياء ، أو تهديم المدن والقرى ، أو الانجرار إلى حرب شاملة لا يقوى عليها المسلمون ، ولم يستعدوا لها، وما أشبه هذا مما يملك النظر فيه من آتاه الله الفهم وبعد النظر وقوة الإدراك .
    والاجتهاد في هذا الباب وارد وهو عرضة للخطأ والصواب ، ولكن يتقي المسلمون ربهم ما استطاعوا والله أعلم ) ـ من فتوى سلمان العودة ـ.وقال أيضا : وهذا التقدير -بحصول النكاية وإلحاق الضرر بالعدو المحارب- لا يمكن أن يوكل لآحاد الناس وأفرادهم، خصوصاً في مثل أحوال الناس اليوم، بل لابد أن يكون صادراً عن أهل الخبرة والدراية والمعرفة بالأحوال العسكرية والسياسية من أهل الإسلام وحماته وأوليائه، فإن مراعاة التوقيت واستحضار الأبعاد السياسية والإعلامية مما لا يمكن تجاهله أو إغفاله.اهـ .
    وقد يخالفنا غيرنا في تحديد مقصد ما ,نحترم وجهة نظره ونتمنى أن يحترم وجهة نظرنا .

    ثالثا: إصابة مدنيين أثناء التنفيذ , وهذا ما يعرف في الفقه بمسألة ( التترس )

    من المقرر عند عامة المسلمين فضلا عن خاصتهم أنه يحرم قتل المسلم بغير حق، لما ورد في ذلك من وعيد شديد، ومع ذلك فإن علماء المسلمين لم يجعلوا تلك القوارع الواردة في تحريم قتل النفس منصبة على من قتل المسلمين الذين يتترس بهم الكفار إذا لم يمكن الوصول إلى الكفار إلا بقتلهم وخيف من تركهم أن يُجتث الإسلام أو يُباد أهل الشوكة من أهله، فذهب جمهور أهل العلم إلى جواز قتل الترس في الحالة المذكورة، وفهموا من مقاصد الشريعة وأصولها أن قتل هذا الترس أهون عند الله من اجتثاث الدين وإبادة بيضة المسلمين. وقد نص على ذلك جماعات من أهل العلم في مختلف المذاهب ـ كما سيأتي ـ
    يتحدّث المخالفون هنا عن المفاسد الناشئة عن التفجيرات بزعمهم ، ومنها إصابة المدنيين ممّا سينفّر عنا المسلمين ، فلنذكر قبل الدخول فيما ذكروا بعض القواعد المهمَّة في المصالح عدا ما يأتي أثناء المناقشةِ.
    فمن القواعد في المفاسد والمصالح :
    أولاً : أنَّ المفسدة التي ثبت الحكم مع وجودها بدليلٍ (من نصٍّ أو تقريرٍ أو إجماع أو قياسٍ) غير معتبرة.
    ثانـيًا : أنَّ المفسدة التي تُلغِي الحكم ، هي الخارجة عن المعتاد في مثلِه ، الزائدة عن المفسدة اللازمة لأصله.
    ثالـثًا : أنَّ المفسدة التي يُفضي اعتبارها إلى تعطيل شعيرةٍ من شعائر الدين لاغيةٌ.
    رابـعًا : أنَّ الضرر الخاص يحتمل لدفع الضرر العام.
    خامسًا : أنَّ النَّاظر في المصالح والمفاسد في أمر يكون نظره فيه لكل من يناله هذا الأمر من المسلمين.
    سادسًا : أنَّ ترك أصول الدِّين ووقوع الشِّرك أعظم المفاسد على الإطلاق.
    سابعًا : أنَّ تقدير المفسدة في أمرٍ ، يكون لأهل العلم الشَّرعيِّ والمعرفة الدنيويِّة به.
    ثامـنًا : أنَّ اجتهاد الأمير في تقدير المصالح والمفاسد ما لم يكن مفسدةً محضةً ، مقدَّمٌ على غيره.
    تاسعًا : أنَّ النَّاظر في المصالح والمفاسد يُحاسب على ما كانت أماراته ظاهرةً وقت نظره ، لا على ما وقع في نفسِ الأمرِ ، إذ لا يعلم الغيبَ إلاَّ الله ، وقد قدَّر النّبي صلى الله عليه وسلم أمورًا من أمر الجهاد وكذا من بعده من المجاهدين ، فوقعت على غير ما ظنَّ وقدَّر.( انتقاض الاعتراض على تفجيرات الرياض لعبد الله بن ناصر الرشيد)
    .. مدار هذا البحث أن مصلحة إقامة الدين يجب أن تقدم على ما دونها من المصالح ، وقد اتفق على ذلك فقهاء الإسلام ولذلك قال الأصوليون : إن الضرورات الخمس(1) وهي الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسل والمال هي التي ينبغي على المسلم الحفاظ عليها فإن دعت ضرورة للتخلي عن بعضها أزهقت النفس والمال للحفاظ على الدين ، ولذلك أوجب الله تعالى الجهاد في سبيله مع ما فيه من إزهاق النفس والمال ، وضياع النسل والعرض الذي ينتهك بسبي الحريم والذرية ، قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ (التوبة:111).
    إذا علم ذلك ، وحدث نوع تعارض بين مصلحة انتصار الدين والمسلمين وبين قتل بعضهم ضرورة ، لتحقق ذلك قلنا أن قتل بعض المسلمين من أجل انتصار الدين أمر جائز لا شيء فيه ، وقد يؤجر بعض المسلمين الذين يقتلون بهذه الحال .

    والآن إليك طائفة من أقوال الفقهاء في مسألتنا :

    أولاً : أقوال فقهاء الحنابلة وما نقلوه عن غيرهم :

    1 - قال ابن قدامة (2) : وإن تترسوا بمسلم ولم تدع حاجة إلى رميهم لكون الحرب غير قائمة أو لإمكان القدرة عليهم بدونه أو للأمن من شرهم لم يجز رميهم ، فإن رماهم فأصاب مسلماً فعليه ضمانه ، وإن دعت الحاجة إلى رميهم للخوف على المسلمين جاز رميهم لأنها حال ضرورة ويقصد الكفار ، وإن لم يخف على المسلمين لكن لم يقدر إلا بالرمي فقال الأوزاعي والليث لا يجوز رميهم لقول الله تعالى ﴿ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ ﴾(الفتح: من الآية25) قال الليث : تَرْكُ فتح حصن يقدر على فتحه أفضل من قتل مسلم بغير حق . وقال الأوزاعي كيف يرمون من لا يرونه ؟ إنما يرمون أطفال المسلمين ، وقال القاضي والشافعي يجوز رميهم إذا كانت الحرب قائمة لأن تركه يفضي إلى تعطيل الجهاد .
    قال : فعلى هذا إن قتل مسلماً فعليه الكفارة وفي الدية على عاقلته روايتان :
    إحداهما : يجب لأنه قتل مؤمناً خطأً فيدخل في عموم قوله تعالى:﴿ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ ﴾(النساء: من الآية92)
    والثانية : لا دية له لأنه قتل في دار الحرب برمي مباح فيدخل في عموم قوله تعالى:﴿ فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾(النساء: من الآية92) , ولم يذكر دية ، وقال أبو حنيفة لا دية له ولا كفارة فيه لأنه رمي أبيح مع العلم بحقيقة الحال فلم يوجب شيئاً كرمي من أبيح دمه .
    قال ابن قدامة ولنا : الآية المذكورة وأنه قتل معصوماً بالإيمان والقاتل من أهل الضمان فأشبه لو لم يتترس به , أ هـ ..
    2 - قال أبو يعلي (1) : وكذلك إن تترسوا بأسارى المسلمين ، ولم يتوصل إلى قتلهم إلا بقتل الأسراء جاز قتلهم ، ذكره أبو بكر في كتاب الخلاف . وقد أومأ إليه أحمد في رواية بكر بن محمد :" في القوم يحاصرون فيتقون بأولاد المسلمين ، ينصبونهم أمامهم ، فأحب إليّ أن لا يعرض لهم ، إلا أن يخافوا أن يخرجوا عليهم ، ويكون تركهم ضرر للمسلمين فيرميهم ". أهـ .
    3ـ قال شيخ الإسلام : "وقد اتفق العلماء على أنَّ جيش الكفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا ، فإنهم يقاتلون وان أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم ، وإن لم يخف على المسلمين ففي جواز القتال المفضي إلى قتل هؤلاء المسلمين قولان مشهوران للعلماء . وهؤلاء المسلمون إذا قتلوا كانوا شهداء ، ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يقتل شهيدًا ، فإنَّ المسلمين إذا قاتلوا الكفار فمن قتل من المسلمين يكون شهيدًا ، ومن قتل- وهو في الباطن لا يستحق القتل - لأجل مصلحة الإسلام كان شهيدًا ، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلّى الله عليه و سلّم أنَّه قال : " يغزو هذا البيت جيش من الناس فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم فقيل يا رسول الله وفيهم المكره فقال يبعثون على نياتهم" فإذا كان العذاب الذي ينزله الله بالجيش الذي يغزو المسلمين ينزله بالمكره وغير المكره فكيف بالعذاب الذي يعذبهم الله به أو بأيدي المؤمنين؟! كما قال تعالى :﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا﴾ (التوبة:52) ،ونحن لا نعلم المكره ولا نقدر على التمييز ، فإذا قتلناهم بأمر الله كنا في ذلك مأجورين ومعذورين ، وكانوا هم على نياتهم فمن كان مكرهًا لا يستطيع الامتناع فانه يحشر على نيته يوم القيامة، فإذا قتل لأجل قيام الدين لم يكن ذلك بأعظم ممن يقتل من عسكر المسلمين ". ا.هـ مجموع الفتاوى (28/547).. "وكذلك مسألة التترس التي ذكرها الفقهاء فإنَّ الجهاد هو دفع فتنة الكفر ، فيحصل فيها من المضرَّة ما هو دونها ، ولهذا اتّفق الفقهاء على أنَّه متى لم يمكن دفع الضرر عن المسلمين إلاَّ بما يفضي إلى قتل أولئك المتترس بهم جاز ذلك ، وإن لم يخف الضرر لكن لم يمكن الجهاد إلا بما يفضي إلى قتلهم ففيه قولان ، ومن يسوّغ ذلك يقول : قتلهم لأجل مصلحة الجهاد مثل قتل المسلمين المقاتلين يكونون شهداء .." (20/52-53)
    فقد رأيتَ أنَّ ابن تيميَّة تحدّث عن صورتين لمسألة التَّترس ، الأولى وفاقية ، والثانية خلافيَّة فيها قولان مشهوران ، وفي كلامه ميلٌ إلى ترجيح الجواز في الصورة المختلف فيها من التّترس ، "ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يقتل شهيدًا" ، والصورتان هما :
    الأولى : أن يُخاف على المسلمين الضرر ، إذا لم يُقاتل الكافر المتترّس بمسلمين ، فهذه الصورة اتّفاقيَّة عند شيخ الإسلام وغيره كما يأتي ، والمقطع الذي نقلوه من كلام ابن تيميَّة والذي فيه حكاية الاتّفاق على صورةٍ من التترس يتحدّث عنها ، هو في هذه الصورة.
    الثانية : أن لا يُخاف على المسلمين الضَّرر من ترك قتال المتترسين ، فليس فيه مصلحةٌ تغتفرُ لأجلها مفسدة قتل المسلمين ، إلاَّ مصلحةُ استمرار الجهاد ، وامتثال الأمر به ، فهذه المسألة فيها قولان مشهورانِ.
    فاستدلال المجاهدين بمسألة التّترس ، لا يخرج عن أن يكون محلّ إجماعِ ، أو أحد القولين المشهورَينِ لأهل الإسلام ، وهذا ما لم يشأ الملبِّسُون أن يذكروهُ ، ورأوه في كلام ابن تيميَّة فبتروه.
    ونحن نقول إنَّ مسألة التترس في العدوّ غير المصافِّ فيها مناطان : مناط مشروعيَّة قتاله ، ومناط مفسدة من يُقتل معه ، فأمَّا مشروعيَّةُ قتاله ، فلا فرق فيها بين المُصافِّ وغير المصافِّ ، ولو كان المجاهدون لا يرون مشروعيَّة قتاله ، ما استباحوا قتل التُّرس والمتَتَرِّس معصومٌ أصلاً ، وأمَّا مفسدة قتل التُّرس ، فلا فرق بين من يُقتل مكرهًا في مواجهة ومصافَّةٍ ، ومن يُقتل مكرهًا في غير مواجهةٍ ومصافَّةٍ ، بل التُّرس في كثيرٍ من الأحيان يكونُ في المُصافَّة من المجاهدين المقاتلين لهذا العدو الكافر البريئين منه أعظم البراءة ، ومع ذلك وقعوا في أسره فاستعملهم ترسًا ، وأمَّا في غير المصافَّة فالأكثر أنَّه مُخالطٌ للمشركين ، مساكنٌ لهم ، موالٍ لهم نوع موالاةٍ ، كما أنَّ الأوَّل لم يكن تُرسًا إلاَّ بإكراهه على ذلك ، أمَّا الثَّاني فقد دخل منازل الصليبيين باختياره
    ، والثَّاني دون الأوَّل برئ منه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فهو أولى بجواز قتله ترسًا ، وإلحاقه بمن والاهم وخالطهم.(انتقاض الاعتراض على تفجيرات الرياض ـ عبد الله بن ناصر الرشيد ) .
    ثانياً : أقوال فقهاء الشافعية وما نقلوه عن غيرهم :

    قال الشافعي رحمه الله: (ولو رمى في بلاد الحرب فأصاب مسلما مستأمناً أو أسيراً أو كافراً أسلم، فلم يقصد قصده بالرمية ولم يره، فعليه تحرير رقبة ولا دية له، وإن رآه وعرف مكانه ورمى وهو مضطر إلى الرمي فقتله، فعليه دية وكفارة، وإن كان عمده وهو يعرفه مسلما فعليه القصاص إذا رماه بغير ضرورة ولا خطأ، وعمد قتله،..)
    1- قال الماوردي : " ولو تترسوا بأسارى المسلمين ولم يوصل إلى قتلهم إلا بقتل الأسارى لم يجز قتلهم ، فإن أفضى الكف عنهم إلى الإحاطة بالمسلمين توصلوا إلى الخلاص منهم كيف أمكن وتحرزوا أن يعمدوا إلى قتل مسلم في أيديهم، فإن قُتل ضمنه قاتله بالدية والكفارة إن عرف أنه مسلم وضمن الكفارة وحدها إن لم يعرفه ".
    2 - قال الشافعي الصغير:
    ( فإن كان فيهم مسلم ) واحداً أو أكثر(أسير أو تاجر جاز ذلك) أي حصارهم وتبييتهم في غفلة وقتلهم بما يعم وإن علم قتل المسلم بذلك لكن يجب توقيه ما أمكن (على المذهب) لئلا يعطلوا الجهاد علينا بحبس مسلم عندهم ، نعم يكره ذلك عند عدم الاضطرار إليه كأن لم يحصل الفتح إلا به تحرزوا من إيذاء المسلم ما أمكن ، ومثله في ذلك الذمي ، ولا ضمان هنا في قتله لأن الفرض أنه لم تعلم عينه ، والطريق الثاني إن علم إهلاك المسلم لم يجز وإلا فقولان، (وإن تترسوا بمسلمين) أو ذميين (فإن لم تدعوا ضرورة إلى رميهم تركناهم) وجوباً صيانة لهم ولكون حرمتهم لأجل حرمة الدين والعهد فارقوا الذرية لأن حرمتهم لحفظ الغانمين خاصة (وإلا) بأن تترسوا بهم حال الحرب واضطررنا لرميهم بأن كنا لو كففنا عنهم ظفروا بنا أو عظمت نكايتهم فينا (جاز رميهم في الأصح) على قصد قتال المشركين، ويتوقى المسلمون بحسب الإمكان لأن مفسدة الكف عنهم أعظم ، ويحتمل هلاك طائفة للدفع عن بيضة الإسلام وإنما لم نقل بوجوبه لوقوع الخلاف في الجواز مع كون المقاتل له قوة لأن غايته أن نخاف على أنفسنا، ودم المسلم لا يباح بالخوف بدليل صورة الإكراه فلذا راعيناه . أهـ .

    ثالثاً : أقوال فقهاء المالكية وما نقلوه عن غيرهم :

    1 - قال القرطبي : وقد جوز أبو حنيفة وأصحابه والثوري الرمي في حصون المشركين وإن كان فيهم أسارى من المسلمين وأطفالهم . ولو تترس كافر بولد مسلم رمي المشرك، وإن أصيب أحد من المسلمين فلا دية فيه ولا كفارة .. ثم قال القرطبي : قد يجوز قتل التُّرْس ، ولا يكون فيه اختلاف إن شاء الله ، وذلك إذا كانت المصلحة ضرورية كلية قطعية . فمعنى كونها ضرورية ، أنها لا يحصل الوصول إلى الكفار إلا بقتل الترس . ومعنى أنها كلية ، أنها قاطعة لكل الأمة ، حتى يحصل من قتل الترس مصلحة كل المسلمين ، فإن لم يفعل قتل الكفار الترس واستولوا على كل الأمة . ومعنى كونها قطعية ، أن تلك المصلحة حاصلة من قتل الترس قطعا . قال علماؤنا : وهذه المصلحة بهذه القيود لا ينبغي أن يختلف في اعتبارها ، لأن الفرض أن الترس مقتول قطعا، فإما بأيدي العدو فتحصل المفسدة العظيمة التي هي استيلاء العدو على كل المسلمين . وإما بأيدي المسلمين فيهلك العدو وينجو المسلمون أجمعون . ولا يتأتى لعاقل أن يقول : لا يقتل الترس في هذه الصورة بوجه ، لأنه يلزم منه ذهاب الترس والإسلام والمسلمين ، لكن لما كانت هذه المصلحة غير خالية من المفسدة ، نفرت منها نفس من لم يمعن النظر فيها ، فإن تلك المفسدة بالنسبة إلى ما يحصل منها عدم أو كالعدم . والله أعلم . أهـ ... وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى﴿ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾ هذه الآية دليل على مراعاة الكافر في حرمة المؤمن، إذا لم يمكن إذاية الكافر إلا بإذاية المؤمن، قال أبو زيد: قلت لابن القاسم: أرأيت لو أن قوما من المشركين في حصن من حصونهم، حصرهم أهل الإسلام، وفيهم قوم من المسلمين أسارى في أيديهم، أيحرق هذا الحصن أم لا؟ قال: سمعت مالكا وسئل عن قوم من المشركين في مراكبهم أنرمي في مراكبهم بالنار ومعهم الأسارى؟ قال: فقال مالك: لا أرى ذلك لقوله تعالى لأهل مكة ﴿ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾(الفتح: من الآية25) ، وكذلك لو تترس كافر بمسلم لم يجز رميه، وإن فعل ذلك فاعل فأتلف أحدا من المسلمين فعليه الدية والكفارة، فإن لم يعلموا فلا دية ولا كفارة ....إلى أن قال:
    وقال ابن العربي: وكذلك قال مالك: وقد حاصرنا مدينة الروم فحبس عنها الماء، فكانوا ينزلون الأسارى يستقون لهم الماء، فلا يقدر أحد على رميهم بالنبل فيحصل لهم الماء بغير اختيارنا، فقد جوز أبو حنيفة وأصحابه والثوري الرمي في حصون المشركين وإن كان فيهم أسارى من المسلمين وأطفالهم، ولو تترس كافر بولد مسلم رمي المشرك وإن أصيب أحد من المسلمين فلا دية فيه ولا كفارة، وقال الثوري: فيه الكفارة ولا دية وقال الشافعي بقولنا، وهذا ظاهر، فإن التوصل إلى المباح بالمحذور لا يجوز سيّما بروح المسلم فلا قول إلا ما قاله مالك رحمه الله.انتهى
    ثالثا :ومن الأحناف :قال محمد بن الحسن الشيباني في السير وشارحه السرخسي (4/1446) حيث قال : "ولو أحرقوا سفينة من سفائن المشركين ثم أغرقوها وفيها ناس من المسلمين فليس على المسلمين في ذلك دية أو كفارة، وكذلك لو تترسوا بأطفال المسلمين فأصابهم المسلمون بالرمي، إلا أن المستحب ألا يقصد المسلمون بذلك ولو وجب الكف عنهم بهذا لم يُتوصل إلى الظهور عليهم". قال السرخسي شارحا : "لأن كل حصن منهم أو أهل سفينة يخافون على أنفسهم يجعلون معهم في ذلك الموضع أسيرا من أسرى المسلمين، فيتعذر عليهم لأجل ذلك قتالهم وهذا لا يجوز، ألا ترى أنه لو كان معهم في السفينة نساؤهم وصبيانهم، فكذلك إذا كان معهم في ذلك الموضع قوم من المسلمين أو من أهل الذمة".
    وقال المرغياني ـ رحمه الله ـ : ولا بأس برميهم وإن كان فيهم مسلم أسير أو تاجر , لأنّ في الرمي دفع الضرر العام بالذب عن بيضة الإسلام , وقتل الأسير والتاجر ضرر خاص ..) ـ الهداية شرح البداية 2 /137
    قال الدكتور الزحيلي (2): اتفق الفقهاء على أنه إذا تترس المشركون بالمسلمين جاز ضرب الترس ويقصد بالضرب الأعداء بناء على مبدأ المصالح المرسلة حتى عند من ضيق الأخذ بها كالغزالي حيث اشترط أن تكون المصلحة ضرورية قطعية كلية كما في حالة التترس هذه ، فلا يُتوق حينئذ الترس لئلا يُتخذ ذريعة إلى انتصار العدو . أهـ .
    تنبيه مفيد :
    قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾ (النساء:97) قال القرطبي (1) : المراد بها جماعة من أهل مكة كانوا قد أسلموا وأظهروا للنبي الإيمان به، فلما هاجر النبي  أقاموا مع قومهم وفتن منهم جماعة فافتتنوا ، فلما كان أمر بدر خرج منهم قوم مع الكفار ، فنزلت الآية . قال القرطبي : وهو الأصح ثم قال : روى البخاري عن محمد بن عبد الرحمن قال : قُطع على أهل المدينة بعث (2) فاكتتبت فيه فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته فنهاني عن ذلك أشد النهي ، ثم قال : أخبرني ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على عهد رسول الله  يأتي السهم فيُرْمى به فيصيب أحدهم فيقتله أو يُضْرَبُ فيُقتل ، فأنزل الله تعالى : إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم . قال القرطبي : وقول الملائكة : فيم كنتم سؤال تقريع وتوبيخ ، أي أكنتم في أصحاب النبي r أم كنتم مشركين ! وقول هؤلاء : كنا مستضعفين في الأرض يعني مكة ، اعتذار غير صحيح ، إذ كانوا يستطيعون الحيل ويهتدون السبيل، ثم وقفتهم الملائكة على دينهم بقولهم ألم تكن أرض الله واسعة. ويفيد هذا السؤال والجواب أنهم ماتوا مسلمين ظالمين لأنفسهم في تركهم الهجرة، وإلا فلو ماتوا كافرين لم يقل لهم شيء من هذا ، وإنما ضُرب عن ذكرهم في الصحابة لشدة ما واقعوه . أهـ .
    قال ابن حجر الفتح : وفيه تخطئة من يقيم بين أهل المعاصي باختياره لا لقصد صحيح من إنكار عليهم مثلاً أو رجاء انقاذ مسلم من هلكة ، وأن القادر على التحول عنهم لا يعذر كما وقع للذين كانوا أسلموا ومنعهم المشركون من أهلهم من الهجرة ثم كانوا يخرجون مع المشركين لا لقصد قتال المسلمين بل لإيهام كثرتهم في عيون المسلمين فحصلت لهم المؤاخذة بذلك ، وقال ابن حجر في كتاب التفسير في شرحه نفس الحديث : وغرض عكرمة أن الله ذم من كثر سواد المشركين مع أنهم كانوا لا يريدون بقلوبهم موافقتهم ، قال : فكذلك أنت لا تكثر سواد هذا الجيش وإن كنت لا تريد موافقتهم لأنهم لا يقاتلون في سبيل الله . أهـ .
    ثم قال ابن حجر : فرأى عكرمة أن من خرج في جيش يقاتلون المسلمين يأثم وإن لم يقاتل ولا نوى ذلك ، ويتأيد ذلك في عكسه بحديث " هم القوم لا يشقى بهم جليسهم " . أهـ .
    ـــــــــــــــــــــــــــــ
    ونحن قد بينا في غير هذا المبحث أن النظام الحاكم في الجزائر هو نظام ارتد عن الدين..والى أعداء الله و سوغ للناس العمل بأحكام غير شرعية والى عليها وقاتل عليها ، وقد قلنا أن هذا النظام يجب قتاله لا نصرته ، وغني عن البيان أنه يُقاتِل الطوائف المسلمة بقوات حكومية فرغها لهذه المهمة ، ولا يمكن إلحاق الهزيمة به إلا بهزيمة هذه القوات ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . وعلى هذا فإن العمل على هزيمة هذه القوات واجب شرعي تحتمه ضرورة مواجهة هذه الطائفة الحاكمة وخلعها ،..
    وإذا علم أن قتال النظام الحاكم واجب شرعي ، فإن كل من يُقاتل معهم يجوز قتله ـ بالضوابط السالفة الذكر , ولذلك قال ابن تيمية : " إذا رأيتموني من ذلك الجانب - يعني التتار - وعلى رأسي مصحف فاقتلوني " . أهـ , وقال أبو حنيفة : " لا دية له ولا كفارة فيه لأنه رمي أبيح مع العلم بحقيقة الحال فلم يوجب شيئاً كرمي من أبيح دمه " . أهـ , وقال القاضي والشافعي : يجوز رميهم إذا كانت الحرب قائمة لأن تركه يفضي إلى تعطيل الجهاد . أهـ , وقال ابن قدامة : إن دعت الحاجة إلى رميهم للخوف على المسلمين جاز رميهم لأنها حال ضرورة ويقصد الكفار . أهـ ..وإذا كان أبو حنيفة والشافعي وابن قدامة وغيرهم من الفقهاء يجوزون قتل المتترس بهم من المسلمين رجالاً ونساءً وأطفالاً يجوزون رميهم لمصلحة القتال، فإن قتل من يخرج مكثراً للطائفة المرتدة ومدافعاً عنها ومقاتلاً لأولياء الله وجنده ، وإن كان مكرهاً أو جاهلاً يكون من باب الأولى .
    وروى مسلم " أن عائشة قالت : عبث رسول الله  في منامه فقلنا يا رسول الله صنعت شيئاً في منامك لم تكن تفعله فقال : " العجب إن ناساً من أمتي يؤمون بالبيت برجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم " فقلنا يا رسول الله إن الطريق قد يجمع الناس قال : " نعم فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل يهلكون مهلكاً واحداً ويصدرون مصادر شتى يبعثهم الله على نياتهم " وفي رواية أخرى لمسلم : " قال سيعوذ بهذا البيت قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة يُبْعَثُ إليهم جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم " .
    قال ابن حجر في الفتح : وقوله : " ومن ليس منهم " أي من رافقهم ولم يقصد موافقتهم . أي يخسف بالمقاتلة منهم ومن ليس من أهل القتال كالباعة ، وفي رواية مسلم " فقلنا أن الطريق يجمع الناس ، قال : نعم فيهم المستبصر - أي المستبين لذلك القاصد للمقاتلة - والمجبور - المكره - وابن السبيل " أي سالك الطريق معهم وليس منهم . والغرض كله أنها استشكلت وقوع العذاب على من لا إرادة له في القتال الذي هو سبب العقوبة فوقع الجواب بأن العذاب يقع عاماً لحضور آجالهم ويبعثون بعد ذلك على نياتهم ، وفي رواية مسلم " يهلكون مهلكاً واحداً ويصدرون مصادر شتى " وفي حديث أم سلمة عند مسلم " فقلت يا رسول الله فكيف بمن كان كارها ؟ قال : يخسف به ، ولكن يبعث يوم القيامة على نيته ، قال المهلب : في هذا الحديث أن من كثر سواد قوم في المعصية مختاراً أن العقوبة تلزمه معهم . قال : واستنبط منه مالك عقوبة من يجالس شربة الخمر وإن لم يشرب . ثم قال ابن حجر : وفي الحديث التحذير من مصاحبة أهل الظلم ومجالستهم وتكثير سوادهم إلا لمن اضطر إلى ذلك . أهـ. بتصرف .
    وقال النووي (1) : قوله " فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل يهلكون مهلكاً واحداً ويصدرون مصادر شتى ويبعثهم الله على نياتهم " أما المستبصر فهو المستبين لذلك القاصد له عمداً ، وأما المجبور فهو المكره ، واما ابن السبيل فالمراد به سالك الطريق معهم وليس منهم ، ويهلكون مهلكاً واحداً أي يقع الهلاك في الدنيا على جميعهم ويصدرون يوم القيامة مصادر شتى أي يبعثون مختلفين على قدر نياتهم فيجازون بحسبها ، وفي الحديث من الفقه التباعد من أهل الظلم ، والتحذير من مجالستهم ، ومجالسة البغاة ، ونحوهم من المبطلين لئلا يناله ما يعاقبون به ، وفيه أن من كثر سواد قوم جرى عليه حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا . أهـ .
    ــــــــــــــــ

    إن إعلان حالة الحرب من الطائفة الحاكمة هو بدء للقتال ، وليس بالضرورة أن يكون القتال انتصاب صفين كما كان على عهد سلفنا الصالح بل تنوعت اليوم أساليب الحرب ، وبقدر ما يحدث أعداء الله تعالى من أساليب في القتال ينبغي على الطوائف المجاهدة أن تحدث من الأساليب ما يمكنها من إلحاق الهزيمة بعدوها ما كانت ملتزمة بالأساليب الشرعية ، وإذا كان أعداء الله تعالى قد ابتدعوا اليوم مطاردة المجاهدين والقبض عليهم وقتلهم في الطرقات وعلى أعواد المشانق ، فنصب الكمائن وشن الغارات وهو ما يقوم به المجاهدون اليوم على بعض القوات الحكومية أمر جائز إن لم يكن واجبا ، وقتل المنفرد من القوات الحكومية هو نوع من أنواع القتال وهو التربص للمنفردين من العدو حتى يمكن قتلهم غيلة .
    وبهذا نستطيع القول : أن الذين يقاتلون دفاعاً عن النظام ـ الطاغوت ـ أياً كان حالهم فإنه يجب قتالهم سواء كانوا مكرهين كالجنود المجندين تجنيداً إجبارياً على حسب قواعد التجنيد في القوات الحكومية المصرية ، أو كانوا من الضباط أو الجنود العاملين في هذه القوات ، ولكنهم يجهلون حقيقة ما عليه النظام ، وسواء كانوا في معسكرات تجمعهم أو منفردين وسواء كانوا منتصبين لقتال أو غافلين . . وهذا الحكم يتنزل عليهم على رأي من قال أنهم يقاتلون قتال المرتدين أو قتال الخوارج أو قتال البغاة الذين خرجوا على عليٍّ رضي الله عنه بتأويل سائغ في الجمل وصفين .. ( إماطة اللثام عن بعض أحكام الجهاد لرفاعي أحمد طه ) .. ,
    وعن الموازنة بين الأضرار قال أبو جندل الأزدي في : نصوص الفقهاء حول أحكام الإغارة والتترس ولا شك أن الضرر النازل بالمسلمين من تسلط الحكام المرتدين عليهم، وما في ذلك من الفتنة العظيمة، هذا الضرر يفوق أضعافا مضاعفة قتل بعض المسلمين المكرهين في صف العدو أو المخالطين له عن غير قصد حال القتال، إن كثيرا من بلدان المسلمين تسير في طريق الردة الشاملة من جراء هؤلاء، فأي فتنة أعظم من هذا، هذه فتنة تفوق ما يصيب المسلمين بالجهاد من قتل أو سجن أو تعذيب أو تشريد، قال تعالى: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ﴾ البقرة، الآية: 191، وقال تعالى: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنْ الْقَتْلِ﴾ البقرة، الآية: 217. فيجب دفع المفسدة العظمى (فتنة الكفر والردة) بتحمل المفسدة الأخف (وهو ما يترتب على الجهاد من قتل وغيره) وهذا هو المقرر في القواعد الفقهية الخاصة بدفع الضرر، كقاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) وقاعدة (يُتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام) وقاعدة (الضرر الأشد يُزال بالضرر الأخف) وقاعدة (إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا) وقاعدة (يُختار أهون الشرين) وغيرها .
    وقال ابن تيمية رحمه الله: (وذلك أن الله تعالى أباح من قتل النفوس ما يُحتاج إليه في صلاح الخلق، كما قال تعالى: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنْ الْقَتْلِ﴾ أي أن القتل وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر منه) .

    ـ يجوز بالتبع ما لا يجوز بالأصالة :

    من المقرر عند أهل العلم أنه يجوز ويثبت تبعا ما لا يجوز ولا يثبت استقلالا، وهذه قاعدة فقهية معروفة نصّ عليها غير واحد من أهل العلم وذكروا بعض تطبيقاتها، وممن نص على ذلك الحافظ ابن رجب في قواعده، ص: (298).
    ومن تطبيقات هذه القاعدة أن الشارع حرم قتل النساء والصبيان في الحرب، كما ورد في غير ما حديث عن النبي  ومع ذلك فإنه ثبت عن النبي  أنه أذن في تبيت العدو، وروي عنه أنه رمى أهل الطائف بالمنجنيق ومعهم نساؤهم وأبناؤهم، ولم يجعل أهل العلم نهيه  عن قتل النساء والصبيان دليلا على منع ما يفضي إلى ذلك من التبييت والرمي بالمنجنيق، بل نزلوا كل دليل منزلته ولم يعدوه إلى ما لا يدخل فيه، ففرقوا بين حالتين :
    الأولى : الحالة التي يتميز فيها المقاتلة عن الذرية، وهذه يمنع فيها قتل الذرية، وعليها تتنزل النصوص الناهية عن ذلك.
    الثانية : حالة الاختلاط بحيث لا يمكن التمييز ولا يمكن الوصول إلى الكفار إلا بقتل ذراريهم، ففي هذه الحالة يجوز قتل الجميع وإن كان المقصود أصالة إنما هو قتل المقاتلة دون الذرية، يقول ابن قدامة رحمه الله في المغني (10/495) : "... ويجوز تبييت الكفار وهو كبسهم ليلا وقتلهم وهم غارون. قال أحمد : لا بأس بالبيات، وهل غزو الروم إلا البيات؟ قال: ولا نعلم أحدا كره بيات العدو". وقال أيضا (10/494) : "... وكذلك الحكم في فتح البثوق عليهم ليغرقوا إن قدر عليهم بغيره لم يجز إذا تضمن ذلك إتلاف النساء والذرية الذين يحرم إتلافهم قصدا، وإن لم يقدر عليهم إلا به جاز كما يجوز البيات المتضمن لذلك، ويجوز نصب المنجنيق عليهم، وظاهر كلام أحمد مع الحاجة وعدمها، لأن النبي  نصب المنجنيق على أهل الطائف، وممن رأى ذلك الثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي.
    قال ابن منذر : "جاء الحديث عن النبي  أنه نصب المنجنيق على أهل الطائف، وعن عمرو بن العاص أنه نصب المنجنيق على أهل الإسكندرية".
    فإذا طبقنا هذه القاعدة على واقعتنا هذه فإننا نقول إن النصوص الدالة على تحريم قتل النفس تُحمل على حالة وهي قصد ذلك بالأصالة، وأما قتلها تبعا في حالة ما إذا تعين ذلك طريقا للنكاية في أعداء الله ودفع شرهم، فإنه جائز.

    والآن بعد أن سردنا ما تيسر لنا من أقوال العلماء من المذاهب المختلفة في مسألة؛ رمي الكفار إذا اختلطوا أو تترسوا بالمسلمين أو بمن لا يجوز قتلهم من النساء والصبيان أو الذميين أو المستأمنين.
    نلخص المسألة، فنقول:
    1) افترقت أقوال الفقهاء إلى ثلاثة أقوال:
    أ) المنع: وهو المحكي عن مالك و الأوزاعي.
    ب) الجواز مطلقاً وسقوط الدية والكفارة: وهو قول الأحناف ومن وافقهم من متأخري المالكية.
    ج) التفصيل: وهو قول الشافعية والحنابلة، حيث لم يمنعوا الرمي طالما كانت هناك ضرورة أو حاجة للمسلمين، ولا يقصد المسلمين بالرمي، إلا في حالة الضرورة، لأن تركه يُفضي إلى تعطيل الجهاد، واختلفوا فيمن يُقتَل من المسلمين، هل على قاتله الدية مع الكفارة أم الدية فقط؟ كما ذكرنا.
    وبناء على ذلك أرى:
    1) أن رمي مؤسسات الكفار والمرتدين في هذا الزمان ضرورية أو شبه ضرورية في حالة حربنا مع الطواغيت، حيث يحارب المجاهدون المستضعفون جحافلاً جرارة شاكية السلاح، تامة الاستعداد من الطواغيت وأعوانهم، بحيث أصبح من شبه المستحيل الدخول معهم في مواجهة مفتوحة.
    2) تحصن الطواغيت – الوزراء والقادة منهم – بالسيارات المصفحة وبالدروع الواقية من الرصاص وبالحراسات الكثيفة وإجراءات الأمن المعقدة، بحيث أصبح من العسير جداً، أو شبه المستحيل، الوصول إلى أئمة الكفر بغير استخدام المتفجرات والصواريخ وما أشبهها.
    3) يحرص الطواغيت على أن تكون تجمعاتهم ومواكبهم وسط الناس والجماهير، مما يتعذر اقتناصهم منعزلين، مما يؤدي لتعطيل الجهاد، إذا تُرك رميهم، كما ذكر العلماء في السبب المبيح لرمي الكفار إذا تترسوا بمسلمين.
    4) أثبتت هذه الوسائل فعالية شديدة في مصر والجزائر وفلسطين ولبنان، وأحدثت نكاية شديدة في صفوف أعداء المسلمين.
    5) يجب أن يحرص المجاهدون على تكرار إنذار المسلمين المخالطين للطواغيت وأعوانهم وأسيادهم من اليهود والأمريكان بالابتعاد عن مقارهم ومكاتبهم ومواكبهم وتجمعاتهم، إلا إذا أدى هذا الإنذار إلى كشف المجاهدين وإنزال خسائر بهم.
    كما جاء عن ابن عابدين في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار"، قال صاحب "الدر المختار": (فإن حاصرناهم دعوناهم إلى الإسلام)، قال ابن عابدين: (قوله؛ فإن حاصرناهم دعوناهم إلى الإسلام، أي ندباً إن بلغتهم الدعوة، وإلا فوجوباً، مالم يتضمن ضراراً).
    وكما نقلنا عن ابن عابدين آنفاً؛ قال صاحب "الدر المختار": (وندعوا ندباً من بلغته، إلا إذا تضمن ذلك ضرراً، ولو بغلبة الظن، كأن يستعدون أو يتحصنون، فلا يفعل) [ ].
    6) ولا ريب أن هؤلاء المخالطين للكفار والمرتدين وأعوانهم أقل حرمة في الدين من المسلمين المكرهين المتترس بهم، الذين أباح العلماء رمي الكفار المتترسين بهم.
    7) أما من يُقتَل من هؤلاء المسلمين فالذي يلزم المجاهدين خاصة، إذا كان هذا الاختلاط لانتفاع أو تجارة وما أشبه ذلك من أغراض الدنيا، فيه الكفارة إن علموه مسلماً والدية، أخذاً بالأحوط في الدين وخروجاً من الخلاف، ويؤجل دفع الدية إلى أن يفيض المالك عن حاجة الجهاد.
    وهؤلاء الذين يُقتلون في هذا الرمي أو التفجير نظنهم شهداء، ونرى فيهم ما قاله العالم المجاهد شيخ الإسلام بن تيمية رحمة الله عليه: (وهؤلاء المسلمون إذا قتلوا؛ كانوا شهداء، ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يُقتل شهيداً) [ ].
    3) أما قول أصحاب الشبهات؛ أن الجهاد الآن يُترك خروجاً من الشبهات.
    فليعلم هؤلاء أن ضياع الدين أعظم ضرراً من أي ضرر آخر في الأموال والأنفس.
    ونحن نرى ؛ أن لا قيام لشبهتهم بعد التفصيل الذي ذكرناه، ولكننا نورد هنا كلاماً بليغاً للعالم المجاهد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الرد عليهم، حيث يقول رحمه الله في كلامه عن استنفار الإمام: (وثبت في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال؛ "على المرء المسلم السمع والطاعة في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه وأثرة عليه"، فأوجب الطاعة التي عمادها الاستنفار في العسر واليسر، وهنا نص في وجوبه مع الإعسار، بخلاف الحج، وهذا كله في قتال الطلب، وأما قتال الدفع، فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين، فوجب إجماعاً، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا، لا شيء بعد الإيمان أوجب من دفعه، فلا يُشترط له شرط، بل يُدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم، فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر، وبين طلبه في بلاده، والجهاد منه باليد، ومنه ما هو بالقلب والدعوة والحجة واللسان والرأي والتدبير والصناعة، فيجب بغاية ما يمكنه، ويجب على القعدة لعذر؛ أن يخلفوا الغزاة في أهليهم ومالهم، قال المروزي؛ سُئل أبو عبد الله عن الغزو في شدة البرد مثل "الكانونيين" فيتخوف الرجل إن خرج في ذلك الوقت أن يُفرط في الصلاة، فترى أن يغزو أو يقعد؟ قال؛ لا يقعد، الغزو خير له وأفضل، فقد قال الإمام أحمد بالخروج مع خشية تضييع الفرض، لأن هذا مشكوك فيه أو لأنه إذا أخر الصلاة بعض الأوقات عن وقتها كان ما يحصل له من فضل الغزو مُرْبِيًا على ما فاته) [ ].
    وهؤلاء ندعو الله لهم بالهداية وأن يلحقهم بركب المجاهدين، كما ندعو إخواننا المجاهدين ألا يستمعوا في المسائل المهمة إلا لأهل العلم المجاهدين، دون أهل العلم الذين لا خبرة لهم بالجهاد، ولا العلماء القاعدين، ولا لأصحاب المناصب الذين يقبضون راتبهم من الطواغيت المرتدين، ليصدوا المسلمين عن الجهاد.
    كما قال العالم المجاهد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح، الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا، دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين، فلا يؤخذ برأيهم، ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا) [ ].¬( شفاء صدور المؤمنين للشيخ أيمن الظواهري )
    وآخرا في هذه المسألة قال الإمام أحمد ، وعبد الله بن المبارك : "إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ماذا عليه أهل الثغور فإن الحق معهم ؛ لأن الله يقول {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}" مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميَّة (28/442).

    رابعا : استهداف المصالح الأجنبية ..وعلاقة ذلك بالدعم الشعبي

    اولا:أظن أننا نتفق أن غاية الجهاد إزالة الكفر كما قال تعالى :﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه﴾(لأنفال: من الآية39), وفي هذه العملية لا فرق بين الكفر الأصلي وبين الطارئ ( الردة)...يبقى العمل الميداني , وما هي الطريقة التي تحقق مقاصد الجهاد بأقل التكاليف هذا محل اجتهاد ونظر لأهل الاختصاص ..وقابلة للتقييم والتقويم مع مراعاة ظروف الواقع وقدرة المجاهدين ...
    ثانيا : معسكر الكافرين (أصليين ومرتدين )لم يعد يخفى ولاءه على أولي الأبصار ومسألة التوازنات بين المعسكرات لم تعد ذات أهمية كما كانت بالأمس , لقد تخندقوا في صف واحد وكل ذلك معلن تحت شعار مكافحة الإرهاب وبالتالي تحييد جبهة , أو تأخير استهدافها لا نقول بإلغائه من قاموس السياسة الشرعية لكن لا يمكن التعامل معه بالقيمة المطلقة ,فلكل جبهة ظروفها وأولوياتها،و فرق شاسع بين جبهة فيها احتلال مباشر من الكفار،و جبهة ليست كذلك ،و بين جبهة الحرب فيها مع المرتدين ناشبة منذ أكثر من عقد و سالت فيها دماء و دماء من الطرفين ،و جبهة ليست كذلك،و يبقى الأمر المهم و هو أن من يمكنه تحديد ذلك هم المجاهدون و قياداتهم الذين هم أقرب إلى معرفة الواقع.
    ثالثا:الجماعة الجهادية في الجزائر تصاول الطاغوت المرتد منذ صيف1991 في كر وفر وقد استهدفت أهدافا أجنبية مرارا وتكرارا,مما يبين نظرتها للموضوع , ـ قديما وحديثا ـ وسكوتها عن الاهداف الأجنبية في مرحلة ما أملتها ظروفنا الخاصة و ليس من عايش كمن سمع ..
    و المجاهدون الآن يجمعون بين واجبين واجب قتال المرتدين الذي لا مناص منه لمن يعرف الواقع،و واجب قتال أسياد المرتدين الذين هم رأس الحربة في الحرب الصليبية المعلنة.
    وما نأمله ممن بلغ مرحلة النضج أن يحترم اختياراتنا كما نحترم نحن اختياراته ويبقى باب النقاش والمراجعة مفتوحا بين أبناء الجهاد وهم بين الأجر والأجرين والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
    رابعا: إظهار عمالة النظام الجزائري وسائر الأنظمة العربية مسؤولية لا تقع على عاتق المجاهدين فقط ,بل العمل على ذلك وظيفة كل أبناء التيار الإسلامي المنادين بعودة دولة الخلافة ...ومن جهة أخرى إظهار عمالة الأنظمة لا يعني توقيف القتال , أو الكف عن قتلهم وقتالهم , بل ذلك مما يعجل باستبانة سبلهم المجرمة والواقع خير شاهد على ذلك... فهما خطان متوافقان في خطة متكاملة .
    خامسا:علاقة الشعب الجزائري الطيب بالنظام الجزائري الخبيث بصراحة:
    أ) ـ النظام الجزائري المرتد لا يستطيع كسائر الأنظمة أن يتخلص من إجرامه واستعباده لطبقات الشعب الكادحة , وفضيحة بنك الخليفة قطرة من بحر وبالتالي خبث النظام من تفسير الواضحات .
    ب) ـ ضربات المجاهدين هي التي تجعله يسفر عن حقيقته البشعة مما سينبه الغافلين الذين يظنون به الخير .
    ج) ـ في المقابل الشعب الجزائري يعرف طيبة الإسلاميين أيام الجبهة الإسلامية وأيام الجهاد , وبالتالي يدرك الفرق جيدا , وحتى بعدما نجم الزيغ في طائفة من المجاهدين ،شعبنا الطيب يعرف ما هي المناطق التي يأمن فيها على نفسه وماله من العكس .
    د) ـ انحصار الدعم الشعبي في وقت ما لم يكن سببه أنّ الطاغوت تاب من جرائمه على كل الأصعدة أو أن الشعب وثق في لبس جلد الحية , وإنما كان سببه (بكل صراحة) انحراف الجماعة الإسلامية , فكان شعبنا كمن استجار بالرمضاء والدم...و الحمد لله قد أمن على دمه وماله الآن , وسيعود شعبنا بإذن الله إلى أحضان المجاهدين نسأل الله أن يوفقنا لأداء حقه علينا .

    خامسا: حقيقة الإنحراف الذي حصل يوما :

    سأل السائل عن حقيقة الإنحرافات التي تخلص منها الجهاد ـ كما ذكر أمير التنظيم الشيخ أبو مصعب حفظه الله والجواب في نقاط:
    1 ـ الانحراف عن المنهج الأصيل موجود في أية ملة وفي أية أمة , وُجد ذلك بعد وفاة النبي  بالردة ثم ظهر الخوارج زمن علي بن أبي طالب  الذين استحلوا دماء المسلمين ـ كما حدث عنهم رسول الله  ـ ... وهذا القول ليس المقصد منه تبرير الانحراف ,كلا لكن المراد أن لا يكون انحراف طائفة ما مسوغا لتضخيمه و تصويره كأنه هو الأصل ثم يخذل الحق و يفلسف القعود بحجة الزيغ كلاّ ..فالحق باق وإن قل ناصروه وقد كانت و لازالت طائفة من المجاهدين في الجزائر على منهج أهل السنة و الجماعة قبل الزيغ و بعده، و بفضل الله ثم بفضل تضحياتها و صبرها و ثباتها و تصديها للزيغ حُفظ الجهاد، وستبقى طائفة من أمة محمد  تقاتل على الحق حتى تقوم الساعة لا يضرها من خالفها أو خذلها .
    2 ـ الانحراف الذي أصاب مسار الجهاد في جزائرنا , لم يشمل كل أبنائه ولا كل البلاد إنما كان محصورا في طائفة انقرضت والحمد لله وفي جزء ضيق من البلاد، أما الباقي فكان على الخط الأصيل الأول ودليل ذلك أن الخروج عن الطائفة المنحرفة كان بمجرد ظهور بوادر الانحراف ووصل الانكار إلى درجة مقاتلة المنحرفين،و استشهد جمع كثير من خيرة الإخوة في التصدي للخوارج دفاعا عن أمتنا من شرهم، والتوفيق من الله .
    3ـ حقيقة الانحراف يمكن ايجازه فيما يلي:
     جنوح نحو الغلو و الأخذ بالأقوال المتشددة .
     عدم فهم معنى البدعة والتفريق بين المكفرة والغير المكفرة مما نتج عنه سوء التعامل مع المخالف الذي يفضي أحيانا إلى القتل والقتال .
     سوء فهم معنى الجماعة , وعدم التفريق بين جماعة الإمام والجماعات الخاصة ,الشيء الذي أنتج أخطاءً وحِدّةً في التعامل مع المعارضة .
     سوء فهم معنى الموالاة وما يُعد منها ناقضا وما ليس كذلك , مما جعلهم يدخلون طوائف من الناس في طائفة الموالين للمرتدين .. وكانت هذه قاصمة الظهر .
     قول أخينا الشيخ أبي مصعب عبد الودود أو غيره من أبناء الجهاد أننا تخلصنا من الإنحراف , ليس لازمه أننا انحرفنا , لا والحمد لله , ومن يعرفنا يعرف ذلك , فتلك مساوئ برء الله منها ألسنتنا وأيدينا .. وإنما القصد أنّ الجهاد تخلص من ذلك , واللفظ استعمل مجازا لأن الذين انحرفوا محسوبون على الجهاد عند عوام الناس الذين لا يدركون حقيقة الفرق .. فنحن والحمد لله ما زلنا على منهج أهل السنّة في فهم الدين والعمل به , ونطمع دوما في الإستزادة من العلم والفهم والعمل , والحق أحق أن يتبع .
    وقبل الفراغ من هذه النقطة تجدر الإشارة إلى مسألة مهمة في نظري وهي أنّ الحديث عن أخطاء المجاهدين يجب أن لا يؤدي إلى تبرئة ساحة الطاغوت الذي يحاول زبانيته تغطيتها بتضخيم أخطاء الجماعة الإسلامية المسلحة, مع العلم أنّ ثمّة فرق بين الخطأ بتأويل والجريمة التي لا تأويل لها ـ لا من جهة الشرع ولا من جهة القانون المزعوم ـ .
    وأخيرا هذا ما تيسر , فإن أصبت فمن الله  وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله بريئان منه .. وصلّى الله على محمد وآله وسلم .

    تعليق


    • #3
      رد : هيئة الشرعية بتنظيم ''القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي'' ترد على سليم الأفغاني

      بسم الله الرحمن الرحيم
      لكل بعيد قريب
      وانت اخي العراقي قريب لهذا البعيد
      اذا اتي بالشروق فات بالضحى والليل وماسجى
      جعل الله ذلك في ميزان حسناتك .

      تعليق


      • #4
        رد : هيئة الشرعية بتنظيم ''القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي'' ترد على سليم الأفغاني

        حسبك يالبعيد اخي ابو عزام

        تعليق

        جاري التحميل ..
        X