إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إطلالة المارد على ظفاف نهر البارد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إطلالة المارد على ظفاف نهر البارد

    [align=justify]




    حينما تقرأ تاريخ الجهاد الإسلامي في عهد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ، تلك الفتوحات التي كانت نتاج تلبيتهم لأمر ربهم بقتال من يليهم من الكفار ، وسنة نبيهم الذي أُمر أن يقاتل الناس حتى يقولوا "لا إله إلا الله" ، تلك الحقبة الذهبية من تاريخ الأمة التي كان فيها المجاهد : الجوهرة التي ترصع تاج الخلافة الراشدة ، ذلك التاج النوراني الرباني الذي أزاح عن طريقه التيجان المرصعة بحجارة أرضية على رؤوس الأكاسرة والقياصرة ..

    حينما تقرأ عن فتوحات خالد بن الوليد في كاظمة (الكويت) ومدن شرق نهر الفرات في العراق ، ثم فتوحات المثنى بن حارثة والنعمان بن مقرّن وسعد بن أبي وقاص وغيرهم من المجاهدين الذين أرغموا أنف كسرى في التراب فهرب لا يلوي على شيء حتى قتله فارسي من عامة شعبه ، وأخذ سلبه !!

    حينما تقرأ عن فتوحات الشام وصولات أمين هذه الأمة أبو عبيدة وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان ثم خالد بن الوليد الذي قدّر الله له أن يقطع رؤوس المرتدين في جزيرة العرب ويثنّي بالفرس ويثلّث بالروم في ملاحم أشبه بالأساطير !!

    حينما تقرأ عن الجيوش الأربعة المجاهدة التي خرجت من جزيرة العرب لتفتح الأرض التي بارك الله فيها : بلاد الشام ، تلك البلاد الجميلة المباركة التي فتحها أمين الأمة مع سيف الله وداهية العرب عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة وأبناء صخر بن حرب : يزيد ومعاوية اللذان يمما شطر ساحل البحر المتوسط حتى فتحا بيروت سنة 13 هجرية ..

    حينما تتصفح كتب التاريخ وتبدأ في قراءة التاريخ الجهادي للأمة تنتابك البهجة وتحس برعشة وينتابك السرور وأنت تتخيل صولات خالد وجولات عمرو وبلاء يزيد ودهاء معاوية وحكمة أبي عبيدة وشجاعة شرحبيل بن حسنة وإصرار جميع المجاهدين من الصحابة والتابعين على استخلاص بلاد الأنبياء من أيدي الروم النصارى ومَن هنالك من الكفار ..

    ثم بعد أن تضع الكتاب ، وتسترخي ، وتشرب الماء البارد ، ويُقدم لك الغداء ، وتجلس على أريكتك ، وتمسك جهاز التحكم بيدك تقلب في هذه القنوات الفضائية لترى واقع المسلمين اليوم ، ينتابك ألم ، وتتخلل شغاف قلبك الحسرة والندم على ما ضيع المسلمون من هِمم ..

    هذه البلاد التي فتحها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكمها اليوم ألد أعدائهم !! استخلص الصحابة لبنان من النصارى ليرجع حاكم لبنان نصرانيا في عرف اللبنانيين !! واستخلص الصحابة سوريا من النصارى ليحكمها من هم أشد عداوة للمسلمين من النصارى وأحنق على سيف الله خالد بن الوليد من جميع البشر !! وفتع عمر بن الخطاب بيت المقدس ليحكمه من طردهم من جزيرة العرب !! ويفتح الصحابة الأردن ليجثم عليها من الهاشميين مَن لا زال على دين أبي لهب !!

    هذه اللمحة التاريخية الموجزة مغروسة في قلوب كثير من أبناء هذه الأمة .. إنها بلاد الآباء والأجداد .. إنها بلاد الفتوحات والأمجاد .. إنها بلاد الهمم التي علت قمم الجبال لتروي جذور الزيتون بدماء الكفار .. إنها بلاد الأجناد والطعن عند الحوادث الشداد .. إنها المسرى والمحشر .. إنها البلاد التي غُمد فيها سيف الله خالد ، ودفن فيها أمين الأمة ، وتوسد ثراها كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتذكر اللاحق السابق ، فيكون خير خلف لخير سلف ..

    تلك هي بلاد الشلام التي على ساحلها لبنان .. لبنان التي اشتعلت فيها فتنة النصارى والدروز والرافضة الذين اجتمعوا على حرب المسلمين في نهر البارد ، تلك البقعة الصغيرة (كيلومترين مربع) التي يقطنها قرابة الأربعين ألف مسلم .. تلك البقعة التي تكرر المجازر السابقة لمن لم يكن حاضرها فتذكره بقول الله تعالى {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} ، فتُدك البيوت ويُقتل الأطفال والنساء والشيوخ باسم الدفاع عن سيادة دولة لا وجود لها حقيقة !!

    إن المجازر المتعاقبة على اللاجئين الفلسطينيين هي في حقيقتها تفسير لكتاب الله حي لمن تدبر آياته ، فهذا الشعب الذي فر من جيوش اليهود في فلسطين (سنة 1948م) ليجمع شتاته في لبنان والأردن ، ثم يُطرد من في الأردن لينضم لإخوانه في لبنان ويعيشوا لعقود في زنازين كبيرة تسمى "مخيمات" تعد من أعلى نسب الإكتضاض السكاني في العالم ومن أسوأها ..

    في ظل هذه الأوضاع قامت منظمة التحرير الفلسطينية لتناوش اليهود في فلسطين انطلاقا من الأراضي اللبنانية ، فما كان من النصارى المارون والدروز في لبنان إلا أن شلوا حملة إبادة على هؤلاء "الفدائيين" انتقاما ليهود ، ثم جاء دور النصيرية في سوريا ليُعلنوها حربا على هؤلاء المشاغبين الفلسطينيين الذين عكروا صفو عيش اليهود فأعمل الجيش النصيري في الفلسطينيين القتل وحاربوهم بلا هوادة ، ثم جاء دور الرافضة ليُثبتوا وجودهم في الساحة على حساب الفلسطينيين ، فقتلوا من الفلسطينيين مقتلة عظيمة ليُبرهنوا ليهود بأنهم خير حام للحدود !!

    كل هذا يحصل والحكومات العربية - الساكتة عن أوضاع الفلسطينيين في هذه المخيمات التي تُعد أصغر بكثير من بعض قصور هؤلاء الحكام – تُتاجر باسم "القضية الفلسطينية" التي انحرف مسار "منظمتها" لتُصبح هي الأخرى مشاركة في لعبة البورصة الدموية التي دفع ثمنها الشعب الفلسطيني غاليا من حياته وكرامته !! هذه الحكومات التي باعت الشعب الفلسطيني لتقبض ثمن خيانتها حكما جبرياً تحرس به كيان المسخ اليهودي من كل مسلم يحاول إعادة صنع تاريخ سلف أمته المجاهدة ..

    هذه هي خلاصة قصة نهر البارد ، وهذه هي حقيقة ما يجري هناك .. إن هذه الحرب المتجددة على المسلمين في لبنان ليست وليدة اليوم ، بل هي حرب مستمرة منذ أن أعلن هرقل عزمه الإغارة على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج له النبي عليه الصلاة والسلام في ثلاثين ألف من صناديد المجاهدين في غزوة تبوك التي عليها مدار سورة التوبة ..

    إنها حرب انتقام وإبادة وحقد وغل وكراهية : نصرانية نُصيرية درزية رافضية كفرية يهودية اجتمعت أهدافهم لتكون هدفا واحدا : القضاء على كل شرارة تضطرم في قلب أي مسلم قد تكبر في يوم من الأيام لتُصبح ناراً تحرق تماثيل الجبن والخور التي عفّر لها العرب جباههم لعقود طويلة ، فتظهر الملة الإبراهيمية البريئة من الشرك لتحمل بفأسها على رؤوس أصنام الجاهلية فتصيرها أثرا بعد عين ، لتنطلق بعدها جيوش التوحيد تكتسح العالم من جديد ، وشعارها "جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقا" ..

    نعم ، لقد جاءت شرارة الحق إلى أرض لبنان استودعتها القولب الحية من شباب عافو الذل والقهر والدنية ، شباب عرفوا أصلهم وتاريخهم ومجدهم فأعرضوا عن كل من وسمهم بالنكرات ليُعلونوا للدنيا بأنهم ابناء الحرب والصبر والصدق عند اللقاء ، ورثوه كابرا عن كابر ..

    هذه الشرارة التي بزغت كأنها الشمس في وضح نهار صيف جزيرة العرب ، لا يمكن لأعداء الأمة أن يتركوها هكذا دون الإستماتة في إطفائها ، فأعملوا أياديهم وسلاحهم ونفخوا بأفواههم في قنواتهم ليُطفؤوا نور الله ، والله متم نوره ولو كره الكافرون ..

    إن فهم هذا الصراع لا يتأتى إلا إذا عرف الإنسان أطرافه وتداخلاته وتشعباته ، ولبنان أشبه بخيوط العنكبوت المتشابكة الكثيفة ، فالأطراف كُثر ، والمصالح متداخلة ، والمُعلن غير الواقع ، والبهرجة والزينة تُخفي تحتها أمورا أقبح مما يتصور الإنسان السوي ..

    لنلقي نظرة على بعض الأطراف الموجودة على الساحة لنتعرف على جانب من الحقيقة المُغيّبة ..

    إن العناصر الرئيسة التي تكون "جمهورية لبنان" هي : المسلمون والموارنة والدروز والرافضة .. ولا بد للتعرف على خلفيات هذه الفئات العقدية والمرجعية لنعرف طبيعة مواقفها في الساحة اللبنانية :

    أما الموارنة : فنصارى ، كانوا في الأساس أقرب إلى الكنيسة الكاثوليكية الشرقية الأرثوذكسية ، ثم تحولوا عنها ليتقربوا من روما عام 1182م ، ثم تعهدت فرنسا بحماية الطائفة المارونية في القرن الثالث عشر الميلادي .. كانت هذه الطائفة بداية في أنطاكية ، ومن بعدها رحلوا إلى قلعة المضيق ، وأخيراً صاروا إلى جبال لبنان موطنهم الحالي منذ النصف الثاني من القرن السابع الميلادي.
    أهم نقطة تميزهم عن بقية الطوائف النصرانية هو معتقدهم بأن للمسيح (عليه السلام) طبيعتين (إلهية وإنسانية) ، وله مشيئة واحدة ، وذلك لالتقاء الطبيعتين في أقنوم واحد !!
    منذ عام 1943م وحتى اليوم استقر : الأمر بأن يكون رئيس الجمهورية اللبنانية من الطائفة المارونية ، وذلك بموجب الميثاق الوطني الذي تم فيه الاتفاق شفوياً بين المسلمين والنصارى حول توزيع المناصب الرئيسية للدولة اللبنانية على مختلف الطوائف الدينية فيها .. بقي أن نعرف بأن هذه الطائفة كانت عونا لجميع الحملات الصليبية على الأمة الإسلامية ، ولا زالت ، وولائهم لكل دولة نصرانية تغلبت وصار لها شأن عالمي ..

    وأما الدروز : فمما يهمنا من معتقداتهم الكثيرة الغريبة ، أنهم : ينكرون الأنبياء والرسل (عليهم السلام) جميعاً ويلقبونهم بالأبالسة ..
    ويبغضون جميع أهل الديانات الأخرى والمسلمين منهم بخاصة ويستبيحون دماءهم وأموالهم وغشهم عند المقدرة ..
    يعتقدون بأن ديانتهم نسخت كل ما قبلها وينكرون جميع أحكام وعبادات الإسلام وأصوله كلها ..
    ينكرون الجنة والنار والثواب والعقاب الأخرويَّيْن ..
    ينكرون القرآن الكريم ويقولون إنه من وضع سلمان الفارسي ولهم مصحف خاص بهم يسمى "المنفرد بذاته" ..
    يرجعون عقائدهم إلى عصور متقدمة جدًّا ويفتخرون بالانتساب إلى الفرعونية القديمة وإلى حكماء الهند القدامى ..
    يبدأ التاريخ عندهم من سنة 408هـ ‍ وهي السنة التي أعلن فيها حمزة ألوهية الحاكم ..
    يعتقدون أن القيامة هي رجوع الحاكم الذي سيقودهم إلى هدم الكعبة وسحق المسلمين والنصارى في جميع أنحاء الأرض وأنهم سيحكمون العالم إلى الأبد ويفرضون الجزية والذل على المسلمين ..
    يحرمون التزاوج مع غيرهم والصدقة عليهم ومساعدتهم كما يمنعون التعدد وإرجاع المطلقة ..
    لا يقبل الدروز أحداً في دينهم ولا يسمحون لأحد بالخروج منه ..
    أما من الناحية الاجتماعية فلا يعترفون بالسلطات القائمة إنما يحكمهم شيخ العقل ونوابه وفق نظام الإقطاع الديني .. يقولون في الصحابة أقوالاً منكرة منها قولهم : الفحشاء والمنكر هما (أبو بكر وعمر) رضي الله عنهما ..
    التستر والكتمان من أصول معتقداتهم فهي ليست من باب التقية إنما هي مشروعة في أصول دينهم ..
    مناطقهم خالية من المساجد ويستعيضون عنها بخلوات يجتمعون فيها ولا يسمحون لأحد بدخولها ..
    لا يصومون في رمضان ولا يحجون إلى بيت الله الحرام ، وإنما يحجون إلى خلوة البياضة في بلدة حاصبية في لبنان ولا يزورون مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنهم يزورون الكنيسة المريمية في قرية معلولا بمحافظة دمشق ..
    لا يتلقى الدرزي عقيدته ولا يبوحون بها إليه ولا يكون مكلفاً بتعاليمها إلا إذا بلغ سن الأربعين وهو سن العقل لديهم ..
    يصنف الدروز ضمن الفرق الباطنية لإيمانها بالتقية والقول بالباطن وبسرية العقائد ..
    تؤمن بالتناسخ بمعنى أن الإنسان إذا مات فإن روحه تتقمص إنساناً آخر يولد بعد موت الأول ، فإذا مات الثاني تقمصت روحه إنساناً ثالثاً وهكذا في مراحل متتابعة للفرد الواحد ..
    نفوذهم في لبنان الآن قوي جدًّا ويمثلهم الحزب الاشتراكي التقدمي ولهم دور كبير في الحرب اللبنانية وعداوتهم للمسلمين لا تخفى على أحد.
    ويبلغ عدد المنتمين إليها حوالي 250 ألف نسمة موزعين بين سوريا 121 ألفاً، ولبنان 90 ألفاً والباقي في فلسطين وبعض دول المهجر. ونسبة كبيرة من الموجودين منهم في فلسطين المحتلة قد أخذوا الجنسية الإسرائيلية وبعضهم يعمل في الجيش الإسرائيلي .. (مختصرا من "الموسوعة الميسرة" للندوة العالمية)

    وأما الرافضة : فقد كانت حركة أمل التي أسسها موسى الصدر (الإيراني الرافضي) نواة لقوة الرافضة في لبنان ، ففي عام 1973 شكل الصدر هذه المنظمة واحتظنتها منظمة فتح ودربت أبنائها في معسكراتها ، ثم انقلب هؤلاء على فتح والفلسطينيين وارتكبوا مجازرهم المعروفة ردا للمعروف والجميل .. انحرفت هذه الحركة عن خطها الرافضي الفارسي فتحالفت مع النصيريين والنصارى العرب في لبنان ، فكان أن قام الإيرانيون باستبدالها بحركة "حزب الله" الذي تأسس عام 1982م ، ويتزعمه اليوم الرافضي "حسن نصر الله" اللبناني .. أغدقت إيران على هذا الحزب مليارات الدولارات ليُصبح أغنى حزب في الساحة اللبنانية .. فهؤلاء ولائهم المطلق لإيران ، ودينهم دين الرفض المعادي للإسلام والمسلمين ، وهم درع اليهود الشمالي وحماتهم وسدهم المنيع ..

    وهناك كتلة الحريري : المحسوبة على أهل السنة ، وتدعمها حكومة الرياض ، ولها اتصالات وعلاقات خارجية قوية ، خاصة مع فرنسا ورئيسها السابق جاك شيراك ، وقد حاول رفيق الحريري احتواء أهل السنة عن طريق المساعدات المادية لجمع كلمتهم عليه ونجح نوعا ما في جمع الكثير من المسلمين ، فكان يرسل ابناء المسلمين لبعثات دراسية خارجية ، وقيل أنه أرسل قرابة ثلاثين ألف طالب !!

    وهناك مجموعة الفلسطينيين : المتفرقين المتشرذمين المنبوذين المُحاربين من قِبل الجميع (على تفوات في هذه الحرب) ، فمنهم فتح وحماس وساكني المخيمات الذين هم أشبه بالمساجين منهم باللاجئين ، فهؤلاء ليست لهم حقوق ولا يُسمح لهم بمغادرة المخيمات والعمل داخل لبنان ، والله وحده يعلم كيف استطاع هؤلاء المسلمون البقاء على قيد الحياة طيلة خمسين سنة !!

    فهذه هي القوى الرئيسة في لبنان ، وهي التي تشكل ما يسمى بدولة لبنان .. والحقيقة أن لبنان عبارة عن دويلات متقطعة تأخذ شكل الدولة التي رسمها الإحتلال البريطاني الفرنسي ، فهي ليست دولة ذات سيادة بالمعنى المعروف ، ولكنها تكتلات سياسية عسكرية اقتصادية ، كل كتلة لها ولاء خارجي تقدمه على ولاءها للبنان ، وهذا غير ما تعلنه كل كتلة ، فالنصارى ولائهم لفرنسا والبابا ، وبعضهم لبريطانيا وأمريكا ، والدروز ولائهم لبريطانيا ولأمريكا ، والرافضة ولائهم لإيران ، وأهل السنة ولائهم لدينهم ، وتتداخل هذه الولاءات وتتقاطع مع مصالح شخصية وحزبية في شبكة علاقات معقدة تتغير وفق المفهوم الحرفي لمبدأ المصلحة ..

    وهناك أمر هام يغفل عنه كثير من الناس ، وهو : أن لبنان تعد مركزا إقتصاديا كبيرا وخطيرا في ذات الوقت ، فهذه الدولة اللامركزية تُعد أكبر منفذ لغسيل الأموال في العالم ، فأكثر تجار المخدرات في الأرض يقومون بغسيل أموالهم في لبنان (والإمارت العربية التي هي شبيهة نوعا ما بلبنان) ، فمن مصلحة هؤلاء أن تبقى لبنان دولة تكتلات لا تحكمها حكومة مركزية قوية ، ولا يخفى على أحد حجم هذه التجارة العالمية ، ولا يخفى دور المخابرات الأمريكية والروسية واليهودية في هذه التجارة المنكرة .. فلبنان تُعتبر الغسالة الدولية للأموال القذرة ، وكل حزب في لبنان يملك مؤسسات مصرفية تحترف هذه المهنة ..

    ولكن ، ما علاقة كل هذا بما يجري في نهر البارد !!

    لو نظرنا إلى البلاد التي حول فلسطين لأدركنا جواب هذا السؤال دون معاناة : فمصر دولة متماسكة فيها حكومة مركزية قوية متفانية في خدمة المصالح الصهيوصليبية ، وكذلك الأردن وسوريا ، وهذه الدول لا يمكن أن يفكر أحد الإنطلاق من أراضيها لقتال اليهود أو إيجاد نواة إسلامية مجاهدة فيها : لمركزية الحكومات وتمكن أجهزة مخابراتها في مراقبة الناس مراقبة لا توجد في أي مكان في العالم ، فمن فكر في إطلاق رصاصة واحدة تجاه اليهود يُطلقون عليه ألف رصاصة في الظهر ..

    أما لبنان : فلا يوجد فيها مخابرات أصلاً ، وليس فيها حكومة مركزية قوية ، وجيشها مفكك ضعيف لا يصلح لشيء ، والأطراف فيها كثير ، وهي دولة مفتوحة على أوسع نطاق ، وفيها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي تُعتبر أخصب مكان لتجنيد المقاتلين (لأسباب كثيرة ليس هذا مجالها) ، والصحوة الإسلامية بدأت تدب في جنبات لبنان ، خاصة في المخيمات الفلسطينية التي بدأت تخرج عن سيطرة المنظمات الفلسطينية التقليدية لصالح الإسلام ، واليهود متواجدون فعلاً في جنوب لبنان ..

    لو جمعنا كل هذه العناصر ووضعنا خلالها بضعة شباب رجعوا من ساحات الجهاد في أفغانستان والشيشان والعراق والبوسنة وغيرها من الثغور لكانت الشرارة التي تُلقى على زيت سريع الإشتعال ، فحُلم كل مجاهد في أي ساحة قتالٍ على وجه الأرض أن يقاتل اليهود في فلسطين ، وهذه فرصة تاريخية انتظرها المسلمون لعقود كثيرة ، وها هي الظروت باتت مواتية بقدَر من الله ، فلا يحتاج هؤلاء المجاهدون إلى تحريض لتهيئة الوضع الملائم والإستعداد الأمثل لقتال يهود ..

    لما سمع اليهود وعلموا بوجود أمثال هؤلاء على بعد كيلومترات من جنودهم : دقوا نواقيس الخطر ، وأبلغوا إخوانهم النصارى والدروز في لبنان بالأمر ، وعزموا عليهم أن يستأصلوا هذه البذرة الجهادية الخطيرة ، فأتت الأوامر الصهيوصليبية للحكومة اللبنانية ، وبدأت الحرب وبدأ القتل ، وخُلقت الأسباب في وسائل الإعلام ، وزُيّن للناس قتل الأبرياء بإسم محاربة الإرهاب والدفاع عن الوطن وسيادته الموهومة ، وأتت الطائرات الأمريكية محملة بالأسلحة والذخائر لتقتل المجاهدين ومن حولهم من اللاجئين الفلسطينيين ، ولا نستبعد دورا لفرنسا في الأمر لأنها الوصية على النصارى المارون الذين يتكون منه غالبية الجيش اللبناني .. كل هذا وحكام بلاد العرب المتبنين "للقضية الفلسطينية" يساندون الحكومة المارونية في قتل الفلسطينيين بإسم محاربة الإرهاب الذي حمل لوائه بوش المُعلن للحرب الصليبية !!

    شباب فتح الإسلام : مسلمون .. لا يهمنا من أي قطر أو أي بلد هم ، الذي يهمنا أنهم مسلمون في أرض إسلامية فتحها أجدادهم أتوا ليُنشؤوا نواة جيش إسلامي يحرر مقدسات المسلمين في فلسطين التي بيعت في سوق الحكام المرتدين ..

    كان لزاماً على الكفار الصليبيين واليهود والدروز وحتى الرافضة حرب هؤلاء ، لأن جميع من ذكرنا تحكمهم مصالحهم الشخصية ويسهل اقناعهم بالمواقف وفق هذه المصالح ، أما هؤلاء الشباب فإنهم لا يعرفون أنصاف الحلول وليست عندهم مصالح شخصية ، فهم أبناء الآخرة ، ضيوف على هذه الأرض ، من الصعب إقناعهم بأي شيء يخالف عقيدتهم التي تتعارض كليا مع العقيدة المصلحية ..

    هؤلاء ليس في قاموسهم حدود جغرافية ، ولا يؤمنون بحكومة وطنية ، ولا يعترفون بأحزاب كفرية ، وليست عليهم وصاية بشرية ، ولا يعترفون بتقسيمات الأراضي الفلسطينية .. اليهود عندهم محتلين يجب قنتالهم وإخراجهم من فلسطين كلها ، لا يعترفون بحدود (46) ولا (67) ولا غيرها ، لا يفرقون بين ظفة وغزة وقدس (شرقية وغربية) وتل أبيب وسائر مدن فلسطين .. ليس عندهم احترام لمواثيق دولية ولا لمجالس أممية ولا لقوانين وضعية .. كل من يقف في وجههم ليصدهم عن هدفهم يصبح بذاته هدف لهم !!

    لا يمكن أن يتعامل الكفار مع أمثال هؤلاء إلا بما تعامل به الجيش اللبناني ، فأمثال هؤلاء خطر على أموال الغسيل ، وخطر على دولة يهود ، وخطر على مشروع تصدير الرفض ، وخطر على النصيريين ، وعلى كل عدو للمسلمين ، ولذلك تجد الناس قد اجتمعوا عليهم ، والغريب أنه ما زادهم ذلك إلا إيماناً وقالوا "حسبنا الله ونعم الوكيل" !! وليس غريبا أن يتزامن قتل النصارى للفلسطينيين في لبنان مع قتل اليهود للفلسطينيين في فلسطين فهذه حرب واحدة ، والكفر ملة واحدة ..

    إن هؤلاء الشباب نواة مشروع جهادي لا ندري أكُتب له البقاء أم أنّ قدر الله غير ذلك ، ولكن لو قدّر الله لهم أو لنواتهم البقاء لكان الأجر للسابقين ، فمن تخلف عن ركبهم وهو قادر على أن يبلغهم أو يعضدهم فقد فاته أجر لا يعلم قدره إلا الله وحده ..

    إن الوقت وقت نصرة لا خذلان ، وقد تعينت النصرة بعد أن استنصر الإخوان إخوانهم ، وتركُ النصرة خذلان للنفس ، وأي خذلان ، فعن أبي أيوب الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من امرئ يخذل مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته . وما من امرئ ينصر مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته " (رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن) .

    إن "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" (متفق عليه) ، والتراخي تخلخل يهدم البنيان ، فلا ينبغي لأهل الإيمان أن يتأخروا عن رص الصفوف وبذل الوسع ونصرة الإخوان ، فإن الله يسمع ويرى ، والأمر اليوم في غيرهم ، يوشك أن يكون فيهم ، وإنما يتقوى المؤمن – بعد الله – بإخوانه ، فرفعتهم من رفعته ونقصانهم من نقصانه ، فالله الله جند الشام وأرض الرباط ، الله الله في إخوانكم ، لا تسلموهم للنصارى والدروز يقتلونهم وفيكم عين تطرف ..

    إن المسلمين في لبنان حزب واحد وجماعة واحدة وبنيان واحد لا بقاء لهم بغير هذه الوحدة العقدية الأخوية الإيمانية الحقة ، فحزبهم : الإسلام ، وجماعتهم : المسلمون ، وبنيانهم : الإيمان ، ذلك الصرح الشامخ الذي لا تزعزعه رياح الكفر والشرك والنفاق ..

    يا جند الشام وابناء الفاتحين الكرام : اطلبوا نصرة الله بنصركم إخوانكم {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} .. إنه والله التمحيص والإختبار والإمتحان ، إنها الزلزلة والبلاء الذي أخبركم الله في كتابه ، فلا يَرَينَّ الله منكم إلا الصبر والجَلد والجِلاد والغلظة والشدة على أعداء الدين المستبيحين حرمات المسلمين .. إنها أيام عسرة بعدها يسر وفتح ونصر مبين ، أو شهادة في سبيل الله ، والثانية خير من الأولى ، وهي مُنى النفس والرضى ودعوة سيد المُرسلين ..

    اللهم افتح لفتح الإسلام وانصرهم على الكفار اللئام ، وابعث لهم عونا من جند الشام أولي بأس شديد يسومون أعداء دينك سوء العذاب على الدوام .. إنك ولي ذلك والقادر عليه ..


    والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

    كتبه
    حسين بن محمود
    18 جمادى الأولى 1428هـ[/align]

  • #2
    رد : إطلالة المارد على ظفاف نهر البارد

    جزاك الله خيرا اخي الحبيب

    اللهم افتح لفتح الإسلام وانصرهم على الكفار اللئام ، وابعث لهم عونا من جند الشام أولي بأس شديد يسومون أعداء دينك سوء العذاب على الدوام .. إنك ولي ذلك والقادر عليه ..

    تعليق


    • #3
      رد : إطلالة المارد على ظفاف نهر البارد

      المشاركة الأصلية بواسطة السراج الوهاج
      جزاك الله خيرا اخي الحبيب

      اللهم افتح لفتح الإسلام وانصرهم على الكفار اللئام ، وابعث لهم عونا من جند الشام أولي بأس شديد يسومون أعداء دينك سوء العذاب على الدوام .. إنك ولي ذلك والقادر عليه ..

      اللهم أمين

      بارك الله بكم ودمتم أنصارا للجهاد والمجاهدين

      تعليق


      • #4
        رد : إطلالة المارد على ظفاف نهر البارد

        بارك الله في الكاتب والناقل ,
        وجزاكم الله خير الجزاء
        لا حرمكم الله الأجر والثواب

        تعليق


        • #5
          رد : إطلالة المارد على ظفاف نهر البارد

          بارك الله في الكاتب والناقل ,

          تعليق

          جاري التحميل ..
          X