حكم الاسلام في القومية العربية
جاء الاسلام منذ اليوم البشرية على مبادئ جديدة يتجمعون عليها. ويلتقون في ظلها وجاء لينقل الانسان نقلة بعيدة فيرتفع به من التراب والطين إلى العقيدة والدين وجاء ليقر الحق ويبطل الباطل. ويعطي كل ذي حق حقه وعل م الناس أن يكونوا قوامين بالقسط شهداء لله.
(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما، فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وان تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)(1)[النساء: 135].
جاء الاسلام ليقيم العدل في الأرض. فقد قال عبدالله بن رواحة لما بعث رسول الله (ص) يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزروعهم فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم فقال: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلي ولأنتم أبغض إلي من أعدادكم من القردة والخنازير وما يحملني حبي إياه، وبغضي لكم، على أن لا أعدل فيكم، فقالوا:
بهذا قامت السموات والأرض (1)[أنظر مختصر ابن كثير للصابوني 1/447 ومعني يخرص التمر: يقدر كميته].
وعندما سرق بنو أبيرق (طمعة أوبشير) درعا وسلاحا وطحينا من بيت (رفاعة بن زيد) ثم كادت السرقة تظهر عند طعمة فألقى طعمة السلاح في بيت آخر -جاء في بعض الروايات أنه يهودي، وكاد الرسول (ص) يصدق أن السارق هو اليهودي واسمه -زيد بن السمين- نزلت عشر آيات من السماء تبرئ زيد بن السمين اليهودي وتثبت السرقة عند المنافق الذي يظهر الاسلام وهو طعمة بن أبيرق الذي قال عنه رسول الله (ص) عندما جاءته الشكوى:
(عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم اسلام وصلاح ترميهم بالسرقة من غير ثبت ولابينة) (1)[انظر مختصر ابن كثير للصابوني 1/434-437، والآيات من سورة النساء من آية (105-115].
وجاء الاسلام ليخرج الناس من حياة الحيوان التي يكون تجمع القطيع فيها على الكلأ والحظيرة إلى التجمع على أساس العقيدة والمبادئ ونزل القرآن يلعن أبالهب- عبدالعزى بن عبدالمطلب - عم الرسول (ص) الهاشمي القرشي، ويرفع بلالا وعمار وصهيبا ويأمر الرسول (ص) أن يصبر نفسه معهم ؛واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا«(2)[الكهف: 28].
( واذ جاءك الذي يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم، كتب ربكم على نفسه الرحمة ....) (3)[النساء: 54].
جاء الأقرع بن حابس وعيينه بن حصن الغزاري للرسول (ص) وعندما رأوا صهيبا وبلالا وعمارا وخبابا حوله قالوا: يا محمد (إن وفود العرب تأتيك فنستحيي أن ترانا العرب مع هؤلاء الأعبد ) (1)[مختصر ابن كثير 1/581].
فكاد (ص) يوافق أن يقرر لزعماء العرب مجلسا فنزل جبريل عليه السلام بالقرآن ينهاه ويقول له (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين)(2)[الأنعام: 52].
وسمى رسول الله (ص) أبا جهل -عمر بن هشام- فرعون هذه الأمة وإن كان مخزوميا قرشيا .
وقتل أبو عبيدة أباه في بدر، وكان رأي عمر أن يقتل الأسرى في بدر وإن كانوا قرشيين ومن أقاربهم الأدنين (جمع أدنى) وانتصر الاسلام بأمثال هولاء الأعبد وطوت عجلة التاريخ القرشيين المعاندين ليبقوا لعنة وعارا في صفحات تاريخ هذه الأمة. واختفت من بين الناس تلك النعرات الجاهلية والأصوات المنكرة التي كانت تؤجج نار حرب البسوس وحرب داحس والغبراء، واختفى صوت الشاعر دريد بن الصمة
وما أنا الآ من غزية إن غزت غزوت وإن ترشد غزية أرشد
اختفى هذا الصوت ليرتفع الصوت الجديد بنشيده:
أبي الاسلام لا اب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم
واختنقت الأصوات التي تنادي بالانتصار لبكر أو تغلب أو لخزاعة عندما دوى صوت الوحي في جنبات الأرض.
(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوب وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عندالله أتقاكم، ان الله عليم خبير)(1) [الحجرات: 13].
وأصبحت أنشودة كل مسلم:
الهند لنا والصين لنــا والعرب لنا والكل لنــا
أضحى الاسلام لنا دينا وجميع الكون لنا وطنا
دستور الله لنا نور أعددنا القلب له سكنـا
والآن نأتي إلى القومية العربية الحديثة لنرى حكم الاسلام فيها.
هنالك عدة قضايا نبني عليها حكمنا:
1- القومية العربية تقيم التجمع واللقاء على أساس الجنس والأرض بدل العقيدة. وهذا يصطدم مع الاسلام.
2 - القومية العربية تفضل المسيحي العربي على المسلم الباكستاني أو التركي وهذا يناقض القرآن (إن أكرمكم عندالله أتقاكم...)
3 - القومية العربية تنصر اليهودي العربي أو المسيحي العرب على المسلم الباكستاني أو الأفغاني وإن كان الحق للباكستاني أو الأفغاني أو الايراني. وهذا يناقض (فاصبحتم بنعمته إخوانا....) (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه)
4- القومية العربية: توالي الكفار وتتبع القادة الكفار فهي تقدم كلام ميشيل عفلق أو جورج حبش أو اساتذتهم أمثال نيتشة وروسو على أي كلام آخر ولو كان كلام الرسول (ص) . والله يقول (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم...)(1) [المائدة: 51].
5 - القومية العربية لا تقبل أن تجعل قانونها من الاسلام خوفا من اثارة النعرات الدينية والطائفية كما يدعون فهي تريد أن تبعد 90% من أبناء الدول العربية عن اسلامهم وتخرجهم عن دينهم مراعاة لشعور فئة قليلة من المسيحيين العرب . (وإذا قيل لهم تعالوا الى ما انزال الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم....)(2)[النساء: 61-62].
6 -القومية العربية لا ترى أن الاسلام صالح لهذا الزمان ولذلك كثيرا ما تصف الاسلام بالرجعية والجمود والتأخر وتصف العلمانية والتحلل من الدين بالتقدمية والتحرر.
7 - القوميون العرب يرون أن الاسلام وثبة من وثبات الأمة العربية أدت دورها ومضت وأما اليوم فهناك مبادئ أخرى تؤدي دورها دون الاسلام الذي لايستطيع أن يواكب العصر.
8 - القوميون يرون أن القومية العربية دين جديد له سدنته وحواريوه وأتباعه وقديسوه
يقول محمود تيمور (1) [أنظر مقدمة كتاب الأستاذ الندوي العرب والإسلام، وكتاب الحلول المستوردة ص170]. : (وان كتاب العرب في أعناقهم أمانة هي أن يكونوا حواريين لتلك النبوة الصادقة - القومية- يزكونها باقلامهم)
ويقول علي ناصر الدين (2)[ المصدر السابق]. في مقدمة كتابه (قضية العرب) ط3
(العروبة نفسها دين عندنا - نحن القوميين العرب- المؤمنين العريقين من مسلمين ومسيحيين، ولئن كان لكل عصر نبوته المقدسة، إن القومية العربية لهي نبوة هذا العصر).
جاء في مجلة العربي (1)[انظر مقدمة كتاب الأستاذ الندوي العرب والإسلام، وكتاب الحلول المستوردة ص 170]. عدد 2 ص 9 يناير 59 (الوحدة العربية يجب أن تنزل من قلوب العرب أينما كانوا منزل وحدة الله من قلوب قوم مؤمنين).
ويقول عمر فاخوري (كيف ينهض العرب):
(لا ينهض العرب إلآ إذا أصبحت العربية - أو المبدأ العربي - ديان يغارون عليها كما يغار المسلم على قرآن النبي الكريم وغرضي من هذا الكتاب تشكيل ديانة جديدة هي الجنسية أو العنصرية العربية)
9 - القومية العربية تقديم للجاهلية على الاسلام (أفحكم الجاهلية يبغون؟ ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)
والجاهلية : هي كل حكم غير حكم الله.
ولقد رأينا أن زكي الأرسوزي (2)[البعث لسامي الجندي ص 28]. يرى أن الجاهلية العربية هي الفترة الذهبية في حياة العرب ويراها مثله الأعلى.
10 - القوميةالعربية: طاغوت جديد (صنم جديد) والطاغوت: كل حكم غير حكم الله، وكل ما أطيع من دون الله، وكل من تحاكم إليه الناس دون الله، سواء كان صنما أو كاهنا أو شيطانا أو قانونا أو وطنا أوقوما أو زعيم قبيلة أو عشيرة أو بلدا .
وهذا كفر بنص القرآن (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما أنزل من قبل يريدون ان يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزال الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا فيكف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا)(1)[سورة النساء 60-63].
صدق الله العظيم: إنهم يقولون لا نريد إلآ الاحسان والتوفيق بالقوميةلا نريد إلآ الوحدة الوطنية ونريد أن نتلافى الخلافات المذهبية والطائفية والدينية.
يقول ابن كثير (1)[البداية والنهاية ج13/118-119].
(من ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة فقد كفر. فكيف بمن تحاكم إلى الياسا - قانون جنكيرخان - وقدمها عليه - على الاسلام - لا شك أن هذا يكفر باجماع المسلمين.
ويقول سيد قطب (إن الذي يحكم على عابد الوثن بالشرك ولا يحكم على الذي يتحاكم إلى الطاغوت بالشرك. ويتحرج من هذه - الحكم بالكفر على من يتحاكم إلى الطاغوت - ولا يتحرج من تلك، إن هؤلاء لا يقرأون القرآن، فليقرأوا القرآن كما أنزل،وليأخذوا قول الله بجد (وان أطعتموهم إنكم لمشركون)(1). وبعد:
فهذه نقاط عشرة كل واحدة منها تخرج القومي من الاسلام وتكفره كفرا ينقله عن الملة الاسلامية.
ولزيادة الطمأنينة أنقل إليك بعض النصوص الكريمة من فم النبوة الشريف.
1 - عن جندب بن عبدالله مرفوعا إلى الرسول (ص) (من قتل تحت راية عمية، يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية، فقتله جاهلية) (2) .
وفي رواية (من قتل تحت راية عمية، ينصر العصبية، ويغضب للعصبية، فقتلته جاهلية)(3)
2 - عن جبير بن مطعم مرفوعا (ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية) (1) .
3 - عن ابن مسعود مرفوعا (2) (من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردي في مهواة فهو ينزع بذنبه) (3) .
4- عن أبي مرفوعا (إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية فاعضوه بهن أبيه ولا تكنوا) (4) .
أعضوه بهن أبيه: أي قولوا له: عض أير أبيك - هكذا في النهاية لابن
الأثير.
5 - عن أبي هريرة مرفوعا (لينتهين أقوام يفتخرون بابائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم أو ليكون أهون على الله من الجعل الذي يدهده الحزء بأنفه، إن الله أذهب عنكم عبي ة الجاهلية وفخرها بالأباء إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وأدم خلق من التراب ) (5) .
هذه النصوص فيمن يعتز بآبائه الجاهليين، فكيف بمن يقدم الجاهلية على الاسلام ؟ وكيف بمن يقول : (إن العروبة مصدر إلهامنا، ومصدر مقداساتنا، عنه تنبثق المثل العليا، وبالنسبة إليه تقدر قيمة الأشياء ، والعربي هو سيد القدر)(1).
وكيف تحكم على البعث الذي كتب في جريدته عن مشيل عفلق الإله العائد وقال شاعرهم:
يا سيــدي ومعبــبدي حسبي ألم فتاتكم حسبي
وكيف تحكم على البعث السوريين الذين يقولونhttp://www.ikhwan.net/archive/images/smilies/frown.gif2)
(إن الطريق الوحي لتشييد حضارة العرب وبناء المجتمع العربي: هي خلق الانسان الاشتراكي العربي الجديد الذي يؤمن أن الله والأديان والاقطاع ورأس المال والاستعمار والمتخمين وكل القيم التي سادت المجتمع السابق ليست إلا دمى محنطة في متاحف التاريخ)
وقد أشرت قبل قليل إلى بعض النصوص التي تعتبر العروبة دينا لها نبوتها والايمان بالعروبة يجب أن يكون كالايمان بالوحدانية لله.
إن القوميين يصرحون على لسان قادتهم (ألحدنا بكل الطقوس والعلاقات والأديان، اتهمنا بالالحاد وكان ذلك صحيحا - رغم كل مازعم البعثيون فيما يعد من مزاعم التبرير- لقد كنا خوارج على كل الشرائع التي تعارف عليها الناس فنسفناها)(1) .
اعتناق مبادئ القومية كفر ينقل عـن الملة
وبناء على ما تقدم فإن اعتناق مبادئ القومية العربية وغير العربية كالكرد والايرانية كفر ينقل عن الملة ويخرج من الاسلام.
فمن اعتنق مبادئ القومية فإنه يخرج من الاسلام فلا تؤكل ذبيحته، ولا تنكح البنت القومية، ولا يزوج القومي من بنات المسلمين ولا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، ولا يقبر في مقابر المسلمين، ولا يرد عليه السلام، ولا يترحم عليه إذا مات ـفلا نقول يرحمه الله- ولا يرث الشاب القومي من أبيه المسلم، ولا يرثه أبناؤه إن كانوا مسلمين ويخالفونه في مذهبه القومي. وإذا اعتنق الشاب القومية وهو متزوج مسلمة فتطلق منه وتحرم عليه وإذا بقيت على صلة به، فالصلة الجنسية بينهما زنا، وأولادهما أولاد زنا، وعورة المرأة المسلمة أمام الفتاة القومية كعورتها أمام الرجل فلا يحل لها كشف رأسها أمام الفتاة القومية. والمرأة اذا اعتنقت القومية وهي متزوجة مسلما ينفسخ العقد حالا.
1- سيقول أناس: ان بعضهم يصلي ويصوم أحيانا فنقول: إن الصلاة والصيام لا يقبلان مع فساد العقيدة والشرك، فلقد كان الجاهليون يصلون ويحجون ويدعون ولكن الله رد أعمالهم كلها لأنها ليست مبنية على إيمان بالله وبرسوله وبدينه، ولأن الأفعال الصالحة لا تقبل من الكفار.
2 - وسيقول آخرون: إن كثيرا من الحزبيين منتفعون من أجل المناصب والأموال يقبلون على الحزب، فنرد عليهم:
نحن لا نعلم الغيب ونجري أحكامنا على الظاهر ونحاسبهم على ما يخرج من أفواههم وندع قلوبهم إلى الله- عز وجل- فالقاعدة العامة:
أن القومي كافر والاستثناء إنما هو استثناء من عموم القاعدة فلا يثبت إلآ بدليل قوي يرجح على الأصل أي أننا إذا تأكدنا من شاب أنه يكره القومية ويحب انتهاءها ويقاوم في الواقع انتشارها فإننا نحكم له بالاسلام.
ولا بد من معرفة أن هؤلاء المنتفعين هم انصار الكفر بهم ينتشر وعلى أكتافهم يقوم.
3 - وسيقول فريق ثالث: إن معظم الأفراد جهلة بالحكم الشرعي فنرد عليهم:
الجاهل يعلم ويبين له الحكم فإن أصر فإنه يحكم عليه بالكفر. فإذا كتب بعض العلماء الذين يوثق بدينهم مقالات أو كتبا في تكفير القوميين فإن هذا يكفي في التبليغ ولم يبق الجهل عذرا بعد البيان.
4 - وقد يسأل شاب قومي: ما حكم القومي إذا تاب ورجع: هل يقضي الصلواة والصيام؟
فنقول -والله المستعان- (الاسلام يجب (يقطع) ما قبله)(1) فليس عليه أن يقضي الصلاة والصيام.
وفي الحديث (2) (إذا أسلم العبد فحسن اسلامه، يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها (قدمها) .
وفي الحديث الآخر(3) (إذا أسلم العبد فحسن اسلامه، كتب الله كل حسنة كان أسلفها، ومحيت عنه كل سيئة كان أزلفها) (4) .
كلمة أخيرة في القومية
وختاما نريد أن نسأل القوميين بعض الأسئلة:
1 - ما هي مبادؤكم؟ وكيف تصوغون قوانينكم، ومن أين تستقونها؟
2 - ما هي نظرتكم نحو الكون والانسان والحياة؟
3 - ماهي أنظمتكم الاقتصادية، والأخلاقية، والاجتماعية والعائلية، والسياسية؟
4- أين يقع الاسلام من دعواتكم؟
5 - ماهي الأسس التي ستعاملون عليها شعوبكم إذا حكمتم؟ وكيف ستعاملون شعوب الأرض الأخرى.؟
6 - كيف ستعاملون الشعوب الاسلامية؟ أتكون معاملتهم تماما كالشعوب الوثنية - البوذية والهندوسية، أو كالشعوب النصرانية في الغرب.
أما المبادئ : فلم يصلوا حتى الآن إلى تعريف لأحزابهم يقول سامي الجندي: (بدأ الحزبيون يسألون ما هو البعث؟ ما هي وحدة البعث، أيهما أسبق الوحدة أو الاشتراكية؟ لم تجب القيادة ولا تستطيع أن تجيب حتى الآن(1) .
أما القوانين: فإنهم سيأخذونها من أي مصدر - عدا الاسلام- أما النظر (العقيدة) في الله، والنظرة إلى الكون والانسان والحياة، فليس عندهم نصوص في هذا، ولذا لجاؤا إلى الماركسية لملأ الفراغ الفكري عندهم.
أما الأخلاق: أي بيان قائمة الحلال والحرام في المجتمع العربي فليس هنالك أي شيء من هذا ولذا فأخلاق المجتمعات العربية -بدون اسلام- اخلاق نفعية تبنى على المصلحة والمنفعة المؤقتة العاجلة. والغاية تبرر الوسيلة كما قال ميكافيلي.
أما الاسلام: فقد اختلفوا في النظرة إليه في الماضي أما في الحاضر فهم على اتفاق أنه يجب أن ينبذ من الحياة، أما بالنسبة للاسلام في الماضي:
1- فمنهم الجاحد لفضله أبدا : مثل قسطنطين زريق الذي يرى أن العرب هم نقلة لحضارة اليونان والرومان ولم يصنعوا حضارة.
2 - ومنهم المغفل : أمثال علي عبدالرازق (الاسلام وأصول الحكم) وخالد محمد خالد (من هنا نبدأ) الذين يرون أن الدين هو أساس التفرقة والتمزق ولذا يجب إبعاده من المجتمعات.
3- ومنهم المنكر فقط وليس جاحدا بالمرة: مثل ميشيل عفلق : فهو يرى أن الاسلام وثبة من وثبات الأمة العربية ولكن لا يرد ذلك إلى الوحي والنبوة فقدارات الأمة العربية تجمعت في الماضي حتى أنتجت محمدا .
4- ومنهم المذبذب والمنافق: مثل حازم نسيبة - من ذراري المسلمين - فهو يقول (1) : (وقد انصب المستشرقون في القرن التاسع عشر بكل قواهم على بحث النواحي الدينوية أكثر مما اهتموا بالنواحي اللاهوتيه من التاريخ العربي الذي أظهر أن الامة العربية أقامت حضارة متقدمه راقية قبل الاسلام وبعده على السواء، وبهذا لم تكن الحضارة العربية حادثا دينيا صرفا لا يملك النصارى العرب أن يشاركوا فيه، بل العكس هو الصحيح وهو: أن لتلك الحضارة ملامح منقطعة الصلة بالدين كما أثبت الواقع الذي انصب الباحثون الغربيون على كشفه) وليت شعري من سبق حازم نسيبة بهذا الرأي سواء كان من ذراري الصليبين من المستشرقين أو الباحثين أو من ذراري المسلمين - المستغربين - أن ينكر صلة الاسلام بالحضارة العربية أبدا وأين حضارة العرب قبل الاسلام؟ أهي حضارة عنترة أو أبي جهل أو أبي لهب، ولعلها حضارة مسليمة الكذاب.
وأخيرا فإنا نقول: إن واقع العرب يدل دلالة واضحة على النتائج التي توصلت إليها الدعوات القومية والاقليمية والعلمانية.
1 - قطع صلة العرب بالدول الاسلامية.
2 - تمزيق العالم العربي الى دويلات هزيلة حتى تبقى في قبضة العالم الغربي والشرقي، تتسابق في ولائها لأمريكا أو إلى روسيا لتحمي أنظمتها في المنطقة.
3 - تضخم الكيان الاسرائيلي الذي أصبح تنينا يفتح شدقيه يبتلع كل فترة جزءا من بلاد العرب.
4 - انهيارات في معظم النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية.
5 - نشوء أجيال ليس لها هوية معينة، وليس لها أي مبدأ في الحياة، لا تعلم لماذا تعيش؟ ممزقة خلقيا متفسخة اجتماعيا ، متفككة أسريا ، أفئدتهم هواء، تراهم كل يوم في رأي، يغيرون أفكارهم كما يغيرون أزياءهم في الاعتقاد والاقتصاد والثقافة والاجتماع يقول زويمر - زعيم المبشرين - مخاطبا المبشرين (إنكم أعددتم شبابا في ديار الاسلام لا يعرف الصلة بالله ولايريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الاسلام فجاء النشئ الاسلامي طبقا لما أراده الاستعمار لا يهتم للعظائم ويحب الراحة والكسل ولا يصرف همه في الدنيا إلآ في الشهوات)(1) .
إن هذا الشرق لم يشهد في يوم من الأيام وحدة ولا عزة ولم يكن ( له كيان إلآ بالاسلام الذي وحده أول مرة ولن يجد نفسه مرة ثانية إلآ بالاسلام.
لقد مزقت القومية أوربا فنقلها العرب ليمزقوا امتهم الاسلامية بل ليفتتوا الشعوب العربية نفسها.
كما يقول توينبي(2) (فهل من الضروري حقا أن يتفتت العالم العربي كما تفتت الأمبراطورية الاسبانية في أمريكا لسوء الحظ - إلى عشرين دولة مستقلة عن بعضها تعيش في قوالب ضيقة غربية النمط. هذا هو الوجه الثاني الكالح لحضارتنا الغربية ومن المؤسف أن تقلده الشعوب الناطقة بالعربية تقليدا تاما . إن سحر القومية جذاب في أمثال هذه المجتمعات الاسلامية المبعثرة ولكن القومية لن تقود هذه المجتمعات الى حياة جديدة، بل إلى حكم بالموت والفناء.
ان النغمة التي عزفتها الطبقات المتسلطة في العالم الاسلامي والعربي هي نغمة القومية وهي معزوفة جميلة تشنف الأسماع وتبهح القلوب، ولكنها مخدرات تذبح الشعوب من خلالها على مذابح الشهوات قرابين رخيصة في سبيل الطغاة والطاغوت وإن الخرير الذي يعكسه صوت النزيف الدموي قد جذب كثيرا من القطعان لتستاق إلى مذبحها ونهايتها البئيسة الأليمة.
يقول جب (1) : ( إن الأسلوب الذي استطاعت به طبقة المتغربين تأمين قبضتها الثابته على السلطة في الدولة... كان القومية... فالقومية هي فكرة غربية تماما )
وإن سبب انتشار القومية في العالم العربي هو سيطرة الغرب نفسه على العالم الاسلامي.
(ففي الوقت الحاضر الذي يجد الغرب نفسه منذ الحرب العالمية الثانية ويرى أنه مجزء إلى أكثر من أربعين دولة قومية مستقلة ذات سيادة يهدد با نهيار البيت كله كاملة على من فيه بسبب انقسامه هكذا على نفسه.
ومع ذلك فإن اعتبار الغرب لا يزال له من القوة في العالم ما يبقى جرثومة القومية الغربية قادرة على السريان والعدوى. ومن المأمول أن يستطيع العالم الاسلامي على كل حال ايقاف انتشار هذا الداء السياسي الغربي - القومية- عن طريق الشعور الاسلامي القومي بالوحدة) (1) .
ان القومية ليست الدواء الناجع لأمراضنا، بل هي داء عضال مما أصابنا.
يقول سمث : ( وتاريخ الشرق الأدنى الحديث يدل أن القومية المجردة ليست القاعدة الملائمة للنهوض بالواجب الشاق، ومالم يكن المثل الأعلى إسلاميا على وجه من الوجوه، لن تثمر الجهود البتة)
وما أجمل كلمة سيد نا عمر بن الخطاب ننهي بها هذا البحث:
(نحن قوم أعزنا الله بهذا الدين ومهما ابتغينا العزة - عن غير طريقه - أذلنا الله).
(لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون) فالمسلمون يذكرون بالقرآن فبسبب من هذا الكتاب تذكر هذه الأمة، ولقد تقدم العرب أول مرة إلى البشرية على هدي هذا القرآن، وأمسكوا بزمان البشرية بعد أن تمسكوا بالكتاب وأقاموه في حياتهم.
(وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) .
(قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والانجيل وما أنزل إليكم من ربكم )(1)
.
فأهل القرآن ليسوا على شيء، لا وزن لهم ولا قيمة إلآ إذا أقاموه فيهم، وعملوا به في حياتهم، وطبقوه في واقعهم.
(... ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهدينا هم صراطا مستقيما )(2) .
جاء في تقرير ديلسبس - قنصل فرنسا العام في سوريا في 19/8/1956 الذي كتبه بمساعدة مساعده(بلانس) مايلي (من أبرز الحقائق التي يلحظها من يريد درس هذه البلدان المكانة التي تحيلها الدين في نفوس الناس، والسلطة التي له في حياة الناس، فالدين يظهر في كل مكان وفي كل أمر.
ففي المجتمع الشرقي يظهر أثر الدين في الأخلاق العامة، وفي اللغة وفي الأدب، وفي جميع المؤسسات الاجتماعية.
والرجل الشرقي لا ينتمي إلى وطن ولد فيه - الشرقي ليس له وطن- بل إلى الدين الذين ولد فيه، وكما أن الرجل في الغرب ينتمي إلى وطن، فإنه في الشرق ينتمي إلى دين، وامة الرجل الشرقي هي مجموعة الناس الذين يعتنقون الدين ذاته الذي يعتنقه هو، وكل فرد خارج عن حظيرة الدين هو بالنسبة إليه رجل أجنبي غريب) (1) .
القوميات والأقليميات الجاهلية
لقد حرك الغرب وتلاميذه في كل مكان نغمات الارتباط بالجاهليات التي تسبق الاسلام حتى يقطع الصلة بالاسلام ويتجاوزها.
ففي المغرب: حاولت الادارة الفرنسية أن تشد أزر الروح الجنسية بين بربر مراكش فقامت با صدار الظهير البربري في 61 مايو سنة 1930 الذي قضى بتنفيذ الأحكام العرفية البربرية وقانونهم الخاص بالأحوال الشخصية بدل الشريعة الاسلامية وفي اندونيسيا: اكتشفت الحضارة الجاوية - الهندوكية
وفي لبنان: أثار سعيد عقل و يوسف السود وفيكتور خلاط شبح الفنيقية وقالوا: بأن لبنان لا ينتمي إلى العرب بل جزء من حضارة البحر المتوسط - ايطاليا، اليونان.
وفي مصر : اثيرت الحضارة الفرعونية خاصة بعد اكتشاف توت عنخ آمون وبعد أن حل شاملبيون حجر روزيتا، وتولى سلامة موسى، ولطفي السيد، ثم سعد زغلول، وطه حسين الدعوة إلى الفرعونية وبدأت تظهر أسماء رعمسيس، الأهرام نقمرتيتي، أبوالهول، واتخذ أبو الهول شعارا ليمثل نهضة مصر وفي زمن عبدالناصر أقيم السد العالي فأثارت اليونسكو همة العالم لانقاذ معبد أبي سنبل الفرعوني، ونقل تمثال رمسيس - فرعون موسى- الى القاهرة وكلف الملايين وأصبح الأتراك ينادون بشعار (تركيا للأتراك) ومصر (للمصريين)
يقول ؛ كويلرينغ« عن لويس توماس (1) (أنه قد استطاع أن يرسم الخطوط العريضة للظروف التاريخيه والأجتماعية للحركة التي انتهت بالزعماء الآتراك المحدثين إلى تحقيق مبدأ تركيا للأتراك وهذا المبدأ الذي سار عليه أغلب شعوب المنطقة ولذلك كان الكماليون يقولون (2) (نريد أن نبني إسلاما تركيا يصبح ملكا لنا وجزءا في مجتمعنا الجديد على نحو الكنيسة الأنجليكانية التي هي مسيحية على النمط الأنجليزي) وفي مصر العربية كانت أضواء هذه الصيحات تتجاوب فتحرك الببغاوات المصرية التي تلعب بها الأصابع الغربية (الانجليزية بالذات) فتنادي (بفرعونية مصر) فقال طه حسين (المصري فرعوني قبل أن يكون عربيا ) وقال طه (لو وقفا الإسلام بيني وبين فرعونيتي لنبذت إسلامي) وقال شوقي:-
وجــه الكنانة ليس يغضب ربكـم
أن تجعلـــوه كوجهـــه معبودا
ويقول شوقي مخاطبا مصر:
أدير إليك قبـل البيت وجهـــي
إذا فهت الشهـادة والمتــــابــا
ويقول شوقي متغنيا بالهرم(1) .
هو من بنــاء الظلم إلآ أنــه
يبيض وجــه الظلم منه ويشرق
ويقول شوقي في توت عنخ آمون:
وطوى القرون القهقري حتى أتـى
فرعــون بين طعامـه وشـرابه
ويقول شوقي في أبي الهول:
تحيــرت البــدو ماذا تكون
وضلت بــوادي الظنون الحضر
ويقول حافظ ابراهيم:
أنا مصري بناني من بنى هرم الدهر الذي أعيا الفنا
ويقول أحمد شوقي مخاطبا مصر:
أدير إليك قبل البيت وجهي إذا فهت الشهادة والمتابا
وعليه فانه ليس من الغريب أن نفس اهتمام الغرب الكبير بالأثار والمتاحف الوطنية فتأسست قبل قرن تقريبا هيئات غربيــة للأشــراف علـى التنقيب فـي العالـم الإسلامي ، لـربط المسلميـن بالآثــار وبالقيــم والأعلام الذين كانـوا قبل مجيء الاسلام فجـاء (بوتا) ولايارد إلى العراق BOTTA AND LOYARDý (ومارييت) MARIET في مصوسشلمان في تركيا SCHLIMAN (1) ثم أنشئوا دوائر الأثار والمتاحف الوطنية، وليس عجيبا بعد ذلأن ندرك تبرع مؤسسة ؛رو كفلر اليهودية« بعشرة ملايين دولار لإنشاء متحف للأثار الفرعونية ومعهد لتخريج رجال الأثار(1) ولعلنا بعد هذا نصل إلى سبب النص في صك الإنتداب البريطاني على فلسطين مادة(12): يجب أن تضع الدولة المنتدبة وتنفذ في السنة الأولى من تاريخ هذا الانتداب قانونا خاصا بالآثاروالعاديات). كل هذا لقطع صلة المسلمين باسلامهم وربطهم بالجاهلية الأولى حتى يتسنى للغرب أن يستعبدهم ويذلهم تحت يده.
يقول الدكتور ؛ولسون« في مؤتمر الثقافة الإسلامية والحياة المعاصرة الذي عقد في جامعة ؛ برنستون « سنة 1952 PRINSTON UNIVERCITY ( إن في بلاد الشرقين الأدنى والأوسط في هذالأيام نهضة حضارية هي من ناحيه - جديدة- ومن ناحية أخرى بعث القديم ) إن نهضة الغرب المسيحي وحركة إحياء المعارف فيه قامت عمليات التفكير والجدل فيها على الأعمال الكلاسيكية والوثنية).
وفي إيران(1): قام الصفويون والحكم البهلوي بتوهين العلاقة مع العالم الاسلامي فأنشأ الحكم البهلوي أكاديمية للتخلصمن المفردات العربية في الفارسية واكتشفت الأكاديمية مجد ايران القديمة وبزغ مذهب زرداشت من جديد واحتل مكانا مرموقا في بلاد السبع والشمس وبدأت العمارات الجديدة تبنى على الطراز الأخميني القديم وأقام الشاه محمد رضا بهلوي احتفالا بمناسبة مرور (52) قرنا على كورش صانع الأمبراطورية الفارسية وثارتفي ايران قوميات أخرى: مثل : البلوش - الأكراد، العرب
وفي العراق: ثارت النعرات، فنادى بعضه بالقومية العربية ونادى الأكراد بقوميتهم الكردية، والأتراك بالتركية وثارت الدعوات الأشورية والكلدانية
وفي الهند: تأججت نار العصبية الهندية، وأصبح الهنود يفخرون بالهندية و يرون الانقطاع عن ماء زمزم في مكة إلى نهر (جنجا) ويتغنون بأبطال الهندوس (بهيم أرجن، رام ها)(1) .
وأصبحوا ينظرون إلى الفتح العربي أناستعمار واستعباد واحتلال الغريب لأرض الوطن وهذا الذي يفخر به المسلمون مما جعل المسلمين ينادون بقيام دولة يعيشون فيها حياة اسلامية، وبفكر اسلامي. تكون فيها جنسية المسلم هي عقيدته ودينه واسلامه.
وقد قال إقبال يخاطب المسلم - حيث كان-(2) :
(لا تقس أمم الغرب على أمتك، فإن أمة الرسول الهاشمي (صفريدة في تركيبها، أولئك إنما يعتقدون باجتماعهم على الوطن والنسل، ولكن انما يستحكم اجتماعك أيها المسلم بقوة الدين).
وفي الأردن وفلسطين:
1- ارتفعت الأصوات بالتغني بالأمجاد القبلية القديمة وقامت النزاعات بين قبائل الشمال والجنوب في شرق الأردن وبين الفلسطينيين وبين أبناء شرق الأردن وأصبحنا نسمع مؤاب، فيلادلفيا، عمون.
فمزقنا العــدو ولاجهاد وشردنا الطغاة ولا عدالة
وباتت أمة الاسلام حيرى وبات رعاتها في شرحالة
وهم الجمع ثوب أو رغيف وصك من رصيد أو حوالة
مؤامرة يدبرها يهـود ويرعاهـا عميل لا أبالـه(1)
لقد صدق فينا قول رب العزة (إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين)(2) .
(ومن أعرض عن ذكري، فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)(3) .
وصدق رسول الله (ص) (بعثت بالسيف بين يدي الساعة، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الصغار والذلة على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم)(4) .
- وفي الحديث الصحيح (1) الذي رواه ابن ماجة والحاكم عن ابن عمر مرفوعا (كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله (ص) فأقبل علينا رسول الله (ص) بوجهه فقال: يا معشر المهاجرين! خمس خصال أعوذ بالله أن تدركوهن.
1- ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى أعلنوا بها الآ ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في اسلافهم الذين مضوا.
2 - ولا نقص قوم المكيال إلآ ابتلوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان.
3 - وما منع قوم زكاة أموالهم إلآ منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا.
4 - ولا خفر قوم العهد إلآ سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم.
5 - وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلآ جعل بأسهم بينهم شديدا .
فنحن أمة خفرنا العهد مع الله فسلط علينا عدونا من كل جهة، وتداعت علينا الأمم كما تداعت الأكلة على قصعتها.
ونحن أمة ترك حكامنا كتاب الله وتاجروا بالغثاء من أفكار الغرب والشرق فجعل بأسنا بيننا شديدا . وصدق الله العظيم (وإن الظالمين لفي شقاق بعيد) (1).
يقول سيدنا علي رضي الله عنه (ما نزل بلاء إلآ بذنب ولا رفع بلاء إلآ
بتوبة).
وقال الحسن البصري (بلغنا أنه ليس أحد يصيبه خدش عود ولا نكبة قدم ولا خلجان عرق إلآ بذنب وما يعفو الله عنه أكثر) (2)
لقد ذقنا مرارة بعدنا عن كتاب الله، وتجرعنا آلام تنكبنا لطريق الله، وحصدنا ما زرعنا من بذور القومية ثمار القطيعه والتمزق والضياع والخذلان والخسران (أفلا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون) (1) .
لقد آن لنا أن نرجع إلى الله ، وننبذ من أيدينا كل أوضار الجاهلية، وندعو أنفسنا بالعودة إلى طريق السعادة (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) (2) .
إما الله أو الفناء، إما الاسلام أو الدمار .
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
من كتاب القومية
لشيخ المجاهدين الشهيد عبد الله عزام
جاء الاسلام منذ اليوم البشرية على مبادئ جديدة يتجمعون عليها. ويلتقون في ظلها وجاء لينقل الانسان نقلة بعيدة فيرتفع به من التراب والطين إلى العقيدة والدين وجاء ليقر الحق ويبطل الباطل. ويعطي كل ذي حق حقه وعل م الناس أن يكونوا قوامين بالقسط شهداء لله.
(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما، فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وان تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)(1)[النساء: 135].
جاء الاسلام ليقيم العدل في الأرض. فقد قال عبدالله بن رواحة لما بعث رسول الله (ص) يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزروعهم فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم فقال: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلي ولأنتم أبغض إلي من أعدادكم من القردة والخنازير وما يحملني حبي إياه، وبغضي لكم، على أن لا أعدل فيكم، فقالوا:
بهذا قامت السموات والأرض (1)[أنظر مختصر ابن كثير للصابوني 1/447 ومعني يخرص التمر: يقدر كميته].
وعندما سرق بنو أبيرق (طمعة أوبشير) درعا وسلاحا وطحينا من بيت (رفاعة بن زيد) ثم كادت السرقة تظهر عند طعمة فألقى طعمة السلاح في بيت آخر -جاء في بعض الروايات أنه يهودي، وكاد الرسول (ص) يصدق أن السارق هو اليهودي واسمه -زيد بن السمين- نزلت عشر آيات من السماء تبرئ زيد بن السمين اليهودي وتثبت السرقة عند المنافق الذي يظهر الاسلام وهو طعمة بن أبيرق الذي قال عنه رسول الله (ص) عندما جاءته الشكوى:
(عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم اسلام وصلاح ترميهم بالسرقة من غير ثبت ولابينة) (1)[انظر مختصر ابن كثير للصابوني 1/434-437، والآيات من سورة النساء من آية (105-115].
وجاء الاسلام ليخرج الناس من حياة الحيوان التي يكون تجمع القطيع فيها على الكلأ والحظيرة إلى التجمع على أساس العقيدة والمبادئ ونزل القرآن يلعن أبالهب- عبدالعزى بن عبدالمطلب - عم الرسول (ص) الهاشمي القرشي، ويرفع بلالا وعمار وصهيبا ويأمر الرسول (ص) أن يصبر نفسه معهم ؛واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا«(2)[الكهف: 28].
( واذ جاءك الذي يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم، كتب ربكم على نفسه الرحمة ....) (3)[النساء: 54].
جاء الأقرع بن حابس وعيينه بن حصن الغزاري للرسول (ص) وعندما رأوا صهيبا وبلالا وعمارا وخبابا حوله قالوا: يا محمد (إن وفود العرب تأتيك فنستحيي أن ترانا العرب مع هؤلاء الأعبد ) (1)[مختصر ابن كثير 1/581].
فكاد (ص) يوافق أن يقرر لزعماء العرب مجلسا فنزل جبريل عليه السلام بالقرآن ينهاه ويقول له (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين)(2)[الأنعام: 52].
وسمى رسول الله (ص) أبا جهل -عمر بن هشام- فرعون هذه الأمة وإن كان مخزوميا قرشيا .
وقتل أبو عبيدة أباه في بدر، وكان رأي عمر أن يقتل الأسرى في بدر وإن كانوا قرشيين ومن أقاربهم الأدنين (جمع أدنى) وانتصر الاسلام بأمثال هولاء الأعبد وطوت عجلة التاريخ القرشيين المعاندين ليبقوا لعنة وعارا في صفحات تاريخ هذه الأمة. واختفت من بين الناس تلك النعرات الجاهلية والأصوات المنكرة التي كانت تؤجج نار حرب البسوس وحرب داحس والغبراء، واختفى صوت الشاعر دريد بن الصمة
وما أنا الآ من غزية إن غزت غزوت وإن ترشد غزية أرشد
اختفى هذا الصوت ليرتفع الصوت الجديد بنشيده:
أبي الاسلام لا اب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم
واختنقت الأصوات التي تنادي بالانتصار لبكر أو تغلب أو لخزاعة عندما دوى صوت الوحي في جنبات الأرض.
(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوب وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عندالله أتقاكم، ان الله عليم خبير)(1) [الحجرات: 13].
وأصبحت أنشودة كل مسلم:
الهند لنا والصين لنــا والعرب لنا والكل لنــا
أضحى الاسلام لنا دينا وجميع الكون لنا وطنا
دستور الله لنا نور أعددنا القلب له سكنـا
والآن نأتي إلى القومية العربية الحديثة لنرى حكم الاسلام فيها.
هنالك عدة قضايا نبني عليها حكمنا:
1- القومية العربية تقيم التجمع واللقاء على أساس الجنس والأرض بدل العقيدة. وهذا يصطدم مع الاسلام.
2 - القومية العربية تفضل المسيحي العربي على المسلم الباكستاني أو التركي وهذا يناقض القرآن (إن أكرمكم عندالله أتقاكم...)
3 - القومية العربية تنصر اليهودي العربي أو المسيحي العرب على المسلم الباكستاني أو الأفغاني وإن كان الحق للباكستاني أو الأفغاني أو الايراني. وهذا يناقض (فاصبحتم بنعمته إخوانا....) (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه)
4- القومية العربية: توالي الكفار وتتبع القادة الكفار فهي تقدم كلام ميشيل عفلق أو جورج حبش أو اساتذتهم أمثال نيتشة وروسو على أي كلام آخر ولو كان كلام الرسول (ص) . والله يقول (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم...)(1) [المائدة: 51].
5 - القومية العربية لا تقبل أن تجعل قانونها من الاسلام خوفا من اثارة النعرات الدينية والطائفية كما يدعون فهي تريد أن تبعد 90% من أبناء الدول العربية عن اسلامهم وتخرجهم عن دينهم مراعاة لشعور فئة قليلة من المسيحيين العرب . (وإذا قيل لهم تعالوا الى ما انزال الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم....)(2)[النساء: 61-62].
6 -القومية العربية لا ترى أن الاسلام صالح لهذا الزمان ولذلك كثيرا ما تصف الاسلام بالرجعية والجمود والتأخر وتصف العلمانية والتحلل من الدين بالتقدمية والتحرر.
7 - القوميون العرب يرون أن الاسلام وثبة من وثبات الأمة العربية أدت دورها ومضت وأما اليوم فهناك مبادئ أخرى تؤدي دورها دون الاسلام الذي لايستطيع أن يواكب العصر.
8 - القوميون يرون أن القومية العربية دين جديد له سدنته وحواريوه وأتباعه وقديسوه
يقول محمود تيمور (1) [أنظر مقدمة كتاب الأستاذ الندوي العرب والإسلام، وكتاب الحلول المستوردة ص170]. : (وان كتاب العرب في أعناقهم أمانة هي أن يكونوا حواريين لتلك النبوة الصادقة - القومية- يزكونها باقلامهم)
ويقول علي ناصر الدين (2)[ المصدر السابق]. في مقدمة كتابه (قضية العرب) ط3
(العروبة نفسها دين عندنا - نحن القوميين العرب- المؤمنين العريقين من مسلمين ومسيحيين، ولئن كان لكل عصر نبوته المقدسة، إن القومية العربية لهي نبوة هذا العصر).
جاء في مجلة العربي (1)[انظر مقدمة كتاب الأستاذ الندوي العرب والإسلام، وكتاب الحلول المستوردة ص 170]. عدد 2 ص 9 يناير 59 (الوحدة العربية يجب أن تنزل من قلوب العرب أينما كانوا منزل وحدة الله من قلوب قوم مؤمنين).
ويقول عمر فاخوري (كيف ينهض العرب):
(لا ينهض العرب إلآ إذا أصبحت العربية - أو المبدأ العربي - ديان يغارون عليها كما يغار المسلم على قرآن النبي الكريم وغرضي من هذا الكتاب تشكيل ديانة جديدة هي الجنسية أو العنصرية العربية)
9 - القومية العربية تقديم للجاهلية على الاسلام (أفحكم الجاهلية يبغون؟ ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)
والجاهلية : هي كل حكم غير حكم الله.
ولقد رأينا أن زكي الأرسوزي (2)[البعث لسامي الجندي ص 28]. يرى أن الجاهلية العربية هي الفترة الذهبية في حياة العرب ويراها مثله الأعلى.
10 - القوميةالعربية: طاغوت جديد (صنم جديد) والطاغوت: كل حكم غير حكم الله، وكل ما أطيع من دون الله، وكل من تحاكم إليه الناس دون الله، سواء كان صنما أو كاهنا أو شيطانا أو قانونا أو وطنا أوقوما أو زعيم قبيلة أو عشيرة أو بلدا .
وهذا كفر بنص القرآن (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما أنزل من قبل يريدون ان يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزال الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا فيكف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا)(1)[سورة النساء 60-63].
صدق الله العظيم: إنهم يقولون لا نريد إلآ الاحسان والتوفيق بالقوميةلا نريد إلآ الوحدة الوطنية ونريد أن نتلافى الخلافات المذهبية والطائفية والدينية.
يقول ابن كثير (1)[البداية والنهاية ج13/118-119].
(من ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة فقد كفر. فكيف بمن تحاكم إلى الياسا - قانون جنكيرخان - وقدمها عليه - على الاسلام - لا شك أن هذا يكفر باجماع المسلمين.
ويقول سيد قطب (إن الذي يحكم على عابد الوثن بالشرك ولا يحكم على الذي يتحاكم إلى الطاغوت بالشرك. ويتحرج من هذه - الحكم بالكفر على من يتحاكم إلى الطاغوت - ولا يتحرج من تلك، إن هؤلاء لا يقرأون القرآن، فليقرأوا القرآن كما أنزل،وليأخذوا قول الله بجد (وان أطعتموهم إنكم لمشركون)(1). وبعد:
فهذه نقاط عشرة كل واحدة منها تخرج القومي من الاسلام وتكفره كفرا ينقله عن الملة الاسلامية.
ولزيادة الطمأنينة أنقل إليك بعض النصوص الكريمة من فم النبوة الشريف.
1 - عن جندب بن عبدالله مرفوعا إلى الرسول (ص) (من قتل تحت راية عمية، يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية، فقتله جاهلية) (2) .
وفي رواية (من قتل تحت راية عمية، ينصر العصبية، ويغضب للعصبية، فقتلته جاهلية)(3)
2 - عن جبير بن مطعم مرفوعا (ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية) (1) .
3 - عن ابن مسعود مرفوعا (2) (من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردي في مهواة فهو ينزع بذنبه) (3) .
4- عن أبي مرفوعا (إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية فاعضوه بهن أبيه ولا تكنوا) (4) .
أعضوه بهن أبيه: أي قولوا له: عض أير أبيك - هكذا في النهاية لابن
الأثير.
5 - عن أبي هريرة مرفوعا (لينتهين أقوام يفتخرون بابائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم أو ليكون أهون على الله من الجعل الذي يدهده الحزء بأنفه، إن الله أذهب عنكم عبي ة الجاهلية وفخرها بالأباء إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وأدم خلق من التراب ) (5) .
هذه النصوص فيمن يعتز بآبائه الجاهليين، فكيف بمن يقدم الجاهلية على الاسلام ؟ وكيف بمن يقول : (إن العروبة مصدر إلهامنا، ومصدر مقداساتنا، عنه تنبثق المثل العليا، وبالنسبة إليه تقدر قيمة الأشياء ، والعربي هو سيد القدر)(1).
وكيف تحكم على البعث الذي كتب في جريدته عن مشيل عفلق الإله العائد وقال شاعرهم:
يا سيــدي ومعبــبدي حسبي ألم فتاتكم حسبي
وكيف تحكم على البعث السوريين الذين يقولونhttp://www.ikhwan.net/archive/images/smilies/frown.gif2)
(إن الطريق الوحي لتشييد حضارة العرب وبناء المجتمع العربي: هي خلق الانسان الاشتراكي العربي الجديد الذي يؤمن أن الله والأديان والاقطاع ورأس المال والاستعمار والمتخمين وكل القيم التي سادت المجتمع السابق ليست إلا دمى محنطة في متاحف التاريخ)
وقد أشرت قبل قليل إلى بعض النصوص التي تعتبر العروبة دينا لها نبوتها والايمان بالعروبة يجب أن يكون كالايمان بالوحدانية لله.
إن القوميين يصرحون على لسان قادتهم (ألحدنا بكل الطقوس والعلاقات والأديان، اتهمنا بالالحاد وكان ذلك صحيحا - رغم كل مازعم البعثيون فيما يعد من مزاعم التبرير- لقد كنا خوارج على كل الشرائع التي تعارف عليها الناس فنسفناها)(1) .
اعتناق مبادئ القومية كفر ينقل عـن الملة
وبناء على ما تقدم فإن اعتناق مبادئ القومية العربية وغير العربية كالكرد والايرانية كفر ينقل عن الملة ويخرج من الاسلام.
فمن اعتنق مبادئ القومية فإنه يخرج من الاسلام فلا تؤكل ذبيحته، ولا تنكح البنت القومية، ولا يزوج القومي من بنات المسلمين ولا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، ولا يقبر في مقابر المسلمين، ولا يرد عليه السلام، ولا يترحم عليه إذا مات ـفلا نقول يرحمه الله- ولا يرث الشاب القومي من أبيه المسلم، ولا يرثه أبناؤه إن كانوا مسلمين ويخالفونه في مذهبه القومي. وإذا اعتنق الشاب القومية وهو متزوج مسلمة فتطلق منه وتحرم عليه وإذا بقيت على صلة به، فالصلة الجنسية بينهما زنا، وأولادهما أولاد زنا، وعورة المرأة المسلمة أمام الفتاة القومية كعورتها أمام الرجل فلا يحل لها كشف رأسها أمام الفتاة القومية. والمرأة اذا اعتنقت القومية وهي متزوجة مسلما ينفسخ العقد حالا.
1- سيقول أناس: ان بعضهم يصلي ويصوم أحيانا فنقول: إن الصلاة والصيام لا يقبلان مع فساد العقيدة والشرك، فلقد كان الجاهليون يصلون ويحجون ويدعون ولكن الله رد أعمالهم كلها لأنها ليست مبنية على إيمان بالله وبرسوله وبدينه، ولأن الأفعال الصالحة لا تقبل من الكفار.
2 - وسيقول آخرون: إن كثيرا من الحزبيين منتفعون من أجل المناصب والأموال يقبلون على الحزب، فنرد عليهم:
نحن لا نعلم الغيب ونجري أحكامنا على الظاهر ونحاسبهم على ما يخرج من أفواههم وندع قلوبهم إلى الله- عز وجل- فالقاعدة العامة:
أن القومي كافر والاستثناء إنما هو استثناء من عموم القاعدة فلا يثبت إلآ بدليل قوي يرجح على الأصل أي أننا إذا تأكدنا من شاب أنه يكره القومية ويحب انتهاءها ويقاوم في الواقع انتشارها فإننا نحكم له بالاسلام.
ولا بد من معرفة أن هؤلاء المنتفعين هم انصار الكفر بهم ينتشر وعلى أكتافهم يقوم.
3 - وسيقول فريق ثالث: إن معظم الأفراد جهلة بالحكم الشرعي فنرد عليهم:
الجاهل يعلم ويبين له الحكم فإن أصر فإنه يحكم عليه بالكفر. فإذا كتب بعض العلماء الذين يوثق بدينهم مقالات أو كتبا في تكفير القوميين فإن هذا يكفي في التبليغ ولم يبق الجهل عذرا بعد البيان.
4 - وقد يسأل شاب قومي: ما حكم القومي إذا تاب ورجع: هل يقضي الصلواة والصيام؟
فنقول -والله المستعان- (الاسلام يجب (يقطع) ما قبله)(1) فليس عليه أن يقضي الصلاة والصيام.
وفي الحديث (2) (إذا أسلم العبد فحسن اسلامه، يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها (قدمها) .
وفي الحديث الآخر(3) (إذا أسلم العبد فحسن اسلامه، كتب الله كل حسنة كان أسلفها، ومحيت عنه كل سيئة كان أزلفها) (4) .
كلمة أخيرة في القومية
وختاما نريد أن نسأل القوميين بعض الأسئلة:
1 - ما هي مبادؤكم؟ وكيف تصوغون قوانينكم، ومن أين تستقونها؟
2 - ما هي نظرتكم نحو الكون والانسان والحياة؟
3 - ماهي أنظمتكم الاقتصادية، والأخلاقية، والاجتماعية والعائلية، والسياسية؟
4- أين يقع الاسلام من دعواتكم؟
5 - ماهي الأسس التي ستعاملون عليها شعوبكم إذا حكمتم؟ وكيف ستعاملون شعوب الأرض الأخرى.؟
6 - كيف ستعاملون الشعوب الاسلامية؟ أتكون معاملتهم تماما كالشعوب الوثنية - البوذية والهندوسية، أو كالشعوب النصرانية في الغرب.
أما المبادئ : فلم يصلوا حتى الآن إلى تعريف لأحزابهم يقول سامي الجندي: (بدأ الحزبيون يسألون ما هو البعث؟ ما هي وحدة البعث، أيهما أسبق الوحدة أو الاشتراكية؟ لم تجب القيادة ولا تستطيع أن تجيب حتى الآن(1) .
أما القوانين: فإنهم سيأخذونها من أي مصدر - عدا الاسلام- أما النظر (العقيدة) في الله، والنظرة إلى الكون والانسان والحياة، فليس عندهم نصوص في هذا، ولذا لجاؤا إلى الماركسية لملأ الفراغ الفكري عندهم.
أما الأخلاق: أي بيان قائمة الحلال والحرام في المجتمع العربي فليس هنالك أي شيء من هذا ولذا فأخلاق المجتمعات العربية -بدون اسلام- اخلاق نفعية تبنى على المصلحة والمنفعة المؤقتة العاجلة. والغاية تبرر الوسيلة كما قال ميكافيلي.
أما الاسلام: فقد اختلفوا في النظرة إليه في الماضي أما في الحاضر فهم على اتفاق أنه يجب أن ينبذ من الحياة، أما بالنسبة للاسلام في الماضي:
1- فمنهم الجاحد لفضله أبدا : مثل قسطنطين زريق الذي يرى أن العرب هم نقلة لحضارة اليونان والرومان ولم يصنعوا حضارة.
2 - ومنهم المغفل : أمثال علي عبدالرازق (الاسلام وأصول الحكم) وخالد محمد خالد (من هنا نبدأ) الذين يرون أن الدين هو أساس التفرقة والتمزق ولذا يجب إبعاده من المجتمعات.
3- ومنهم المنكر فقط وليس جاحدا بالمرة: مثل ميشيل عفلق : فهو يرى أن الاسلام وثبة من وثبات الأمة العربية ولكن لا يرد ذلك إلى الوحي والنبوة فقدارات الأمة العربية تجمعت في الماضي حتى أنتجت محمدا .
4- ومنهم المذبذب والمنافق: مثل حازم نسيبة - من ذراري المسلمين - فهو يقول (1) : (وقد انصب المستشرقون في القرن التاسع عشر بكل قواهم على بحث النواحي الدينوية أكثر مما اهتموا بالنواحي اللاهوتيه من التاريخ العربي الذي أظهر أن الامة العربية أقامت حضارة متقدمه راقية قبل الاسلام وبعده على السواء، وبهذا لم تكن الحضارة العربية حادثا دينيا صرفا لا يملك النصارى العرب أن يشاركوا فيه، بل العكس هو الصحيح وهو: أن لتلك الحضارة ملامح منقطعة الصلة بالدين كما أثبت الواقع الذي انصب الباحثون الغربيون على كشفه) وليت شعري من سبق حازم نسيبة بهذا الرأي سواء كان من ذراري الصليبين من المستشرقين أو الباحثين أو من ذراري المسلمين - المستغربين - أن ينكر صلة الاسلام بالحضارة العربية أبدا وأين حضارة العرب قبل الاسلام؟ أهي حضارة عنترة أو أبي جهل أو أبي لهب، ولعلها حضارة مسليمة الكذاب.
وأخيرا فإنا نقول: إن واقع العرب يدل دلالة واضحة على النتائج التي توصلت إليها الدعوات القومية والاقليمية والعلمانية.
1 - قطع صلة العرب بالدول الاسلامية.
2 - تمزيق العالم العربي الى دويلات هزيلة حتى تبقى في قبضة العالم الغربي والشرقي، تتسابق في ولائها لأمريكا أو إلى روسيا لتحمي أنظمتها في المنطقة.
3 - تضخم الكيان الاسرائيلي الذي أصبح تنينا يفتح شدقيه يبتلع كل فترة جزءا من بلاد العرب.
4 - انهيارات في معظم النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية.
5 - نشوء أجيال ليس لها هوية معينة، وليس لها أي مبدأ في الحياة، لا تعلم لماذا تعيش؟ ممزقة خلقيا متفسخة اجتماعيا ، متفككة أسريا ، أفئدتهم هواء، تراهم كل يوم في رأي، يغيرون أفكارهم كما يغيرون أزياءهم في الاعتقاد والاقتصاد والثقافة والاجتماع يقول زويمر - زعيم المبشرين - مخاطبا المبشرين (إنكم أعددتم شبابا في ديار الاسلام لا يعرف الصلة بالله ولايريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الاسلام فجاء النشئ الاسلامي طبقا لما أراده الاستعمار لا يهتم للعظائم ويحب الراحة والكسل ولا يصرف همه في الدنيا إلآ في الشهوات)(1) .
إن هذا الشرق لم يشهد في يوم من الأيام وحدة ولا عزة ولم يكن ( له كيان إلآ بالاسلام الذي وحده أول مرة ولن يجد نفسه مرة ثانية إلآ بالاسلام.
لقد مزقت القومية أوربا فنقلها العرب ليمزقوا امتهم الاسلامية بل ليفتتوا الشعوب العربية نفسها.
كما يقول توينبي(2) (فهل من الضروري حقا أن يتفتت العالم العربي كما تفتت الأمبراطورية الاسبانية في أمريكا لسوء الحظ - إلى عشرين دولة مستقلة عن بعضها تعيش في قوالب ضيقة غربية النمط. هذا هو الوجه الثاني الكالح لحضارتنا الغربية ومن المؤسف أن تقلده الشعوب الناطقة بالعربية تقليدا تاما . إن سحر القومية جذاب في أمثال هذه المجتمعات الاسلامية المبعثرة ولكن القومية لن تقود هذه المجتمعات الى حياة جديدة، بل إلى حكم بالموت والفناء.
ان النغمة التي عزفتها الطبقات المتسلطة في العالم الاسلامي والعربي هي نغمة القومية وهي معزوفة جميلة تشنف الأسماع وتبهح القلوب، ولكنها مخدرات تذبح الشعوب من خلالها على مذابح الشهوات قرابين رخيصة في سبيل الطغاة والطاغوت وإن الخرير الذي يعكسه صوت النزيف الدموي قد جذب كثيرا من القطعان لتستاق إلى مذبحها ونهايتها البئيسة الأليمة.
يقول جب (1) : ( إن الأسلوب الذي استطاعت به طبقة المتغربين تأمين قبضتها الثابته على السلطة في الدولة... كان القومية... فالقومية هي فكرة غربية تماما )
وإن سبب انتشار القومية في العالم العربي هو سيطرة الغرب نفسه على العالم الاسلامي.
(ففي الوقت الحاضر الذي يجد الغرب نفسه منذ الحرب العالمية الثانية ويرى أنه مجزء إلى أكثر من أربعين دولة قومية مستقلة ذات سيادة يهدد با نهيار البيت كله كاملة على من فيه بسبب انقسامه هكذا على نفسه.
ومع ذلك فإن اعتبار الغرب لا يزال له من القوة في العالم ما يبقى جرثومة القومية الغربية قادرة على السريان والعدوى. ومن المأمول أن يستطيع العالم الاسلامي على كل حال ايقاف انتشار هذا الداء السياسي الغربي - القومية- عن طريق الشعور الاسلامي القومي بالوحدة) (1) .
ان القومية ليست الدواء الناجع لأمراضنا، بل هي داء عضال مما أصابنا.
يقول سمث : ( وتاريخ الشرق الأدنى الحديث يدل أن القومية المجردة ليست القاعدة الملائمة للنهوض بالواجب الشاق، ومالم يكن المثل الأعلى إسلاميا على وجه من الوجوه، لن تثمر الجهود البتة)
وما أجمل كلمة سيد نا عمر بن الخطاب ننهي بها هذا البحث:
(نحن قوم أعزنا الله بهذا الدين ومهما ابتغينا العزة - عن غير طريقه - أذلنا الله).
(لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون) فالمسلمون يذكرون بالقرآن فبسبب من هذا الكتاب تذكر هذه الأمة، ولقد تقدم العرب أول مرة إلى البشرية على هدي هذا القرآن، وأمسكوا بزمان البشرية بعد أن تمسكوا بالكتاب وأقاموه في حياتهم.
(وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) .
(قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والانجيل وما أنزل إليكم من ربكم )(1)
.
فأهل القرآن ليسوا على شيء، لا وزن لهم ولا قيمة إلآ إذا أقاموه فيهم، وعملوا به في حياتهم، وطبقوه في واقعهم.
(... ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهدينا هم صراطا مستقيما )(2) .
جاء في تقرير ديلسبس - قنصل فرنسا العام في سوريا في 19/8/1956 الذي كتبه بمساعدة مساعده(بلانس) مايلي (من أبرز الحقائق التي يلحظها من يريد درس هذه البلدان المكانة التي تحيلها الدين في نفوس الناس، والسلطة التي له في حياة الناس، فالدين يظهر في كل مكان وفي كل أمر.
ففي المجتمع الشرقي يظهر أثر الدين في الأخلاق العامة، وفي اللغة وفي الأدب، وفي جميع المؤسسات الاجتماعية.
والرجل الشرقي لا ينتمي إلى وطن ولد فيه - الشرقي ليس له وطن- بل إلى الدين الذين ولد فيه، وكما أن الرجل في الغرب ينتمي إلى وطن، فإنه في الشرق ينتمي إلى دين، وامة الرجل الشرقي هي مجموعة الناس الذين يعتنقون الدين ذاته الذي يعتنقه هو، وكل فرد خارج عن حظيرة الدين هو بالنسبة إليه رجل أجنبي غريب) (1) .
القوميات والأقليميات الجاهلية
لقد حرك الغرب وتلاميذه في كل مكان نغمات الارتباط بالجاهليات التي تسبق الاسلام حتى يقطع الصلة بالاسلام ويتجاوزها.
ففي المغرب: حاولت الادارة الفرنسية أن تشد أزر الروح الجنسية بين بربر مراكش فقامت با صدار الظهير البربري في 61 مايو سنة 1930 الذي قضى بتنفيذ الأحكام العرفية البربرية وقانونهم الخاص بالأحوال الشخصية بدل الشريعة الاسلامية وفي اندونيسيا: اكتشفت الحضارة الجاوية - الهندوكية
وفي لبنان: أثار سعيد عقل و يوسف السود وفيكتور خلاط شبح الفنيقية وقالوا: بأن لبنان لا ينتمي إلى العرب بل جزء من حضارة البحر المتوسط - ايطاليا، اليونان.
وفي مصر : اثيرت الحضارة الفرعونية خاصة بعد اكتشاف توت عنخ آمون وبعد أن حل شاملبيون حجر روزيتا، وتولى سلامة موسى، ولطفي السيد، ثم سعد زغلول، وطه حسين الدعوة إلى الفرعونية وبدأت تظهر أسماء رعمسيس، الأهرام نقمرتيتي، أبوالهول، واتخذ أبو الهول شعارا ليمثل نهضة مصر وفي زمن عبدالناصر أقيم السد العالي فأثارت اليونسكو همة العالم لانقاذ معبد أبي سنبل الفرعوني، ونقل تمثال رمسيس - فرعون موسى- الى القاهرة وكلف الملايين وأصبح الأتراك ينادون بشعار (تركيا للأتراك) ومصر (للمصريين)
يقول ؛ كويلرينغ« عن لويس توماس (1) (أنه قد استطاع أن يرسم الخطوط العريضة للظروف التاريخيه والأجتماعية للحركة التي انتهت بالزعماء الآتراك المحدثين إلى تحقيق مبدأ تركيا للأتراك وهذا المبدأ الذي سار عليه أغلب شعوب المنطقة ولذلك كان الكماليون يقولون (2) (نريد أن نبني إسلاما تركيا يصبح ملكا لنا وجزءا في مجتمعنا الجديد على نحو الكنيسة الأنجليكانية التي هي مسيحية على النمط الأنجليزي) وفي مصر العربية كانت أضواء هذه الصيحات تتجاوب فتحرك الببغاوات المصرية التي تلعب بها الأصابع الغربية (الانجليزية بالذات) فتنادي (بفرعونية مصر) فقال طه حسين (المصري فرعوني قبل أن يكون عربيا ) وقال طه (لو وقفا الإسلام بيني وبين فرعونيتي لنبذت إسلامي) وقال شوقي:-
وجــه الكنانة ليس يغضب ربكـم
أن تجعلـــوه كوجهـــه معبودا
ويقول شوقي مخاطبا مصر:
أدير إليك قبـل البيت وجهـــي
إذا فهت الشهـادة والمتــــابــا
ويقول شوقي متغنيا بالهرم(1) .
هو من بنــاء الظلم إلآ أنــه
يبيض وجــه الظلم منه ويشرق
ويقول شوقي في توت عنخ آمون:
وطوى القرون القهقري حتى أتـى
فرعــون بين طعامـه وشـرابه
ويقول شوقي في أبي الهول:
تحيــرت البــدو ماذا تكون
وضلت بــوادي الظنون الحضر
ويقول حافظ ابراهيم:
أنا مصري بناني من بنى هرم الدهر الذي أعيا الفنا
ويقول أحمد شوقي مخاطبا مصر:
أدير إليك قبل البيت وجهي إذا فهت الشهادة والمتابا
وعليه فانه ليس من الغريب أن نفس اهتمام الغرب الكبير بالأثار والمتاحف الوطنية فتأسست قبل قرن تقريبا هيئات غربيــة للأشــراف علـى التنقيب فـي العالـم الإسلامي ، لـربط المسلميـن بالآثــار وبالقيــم والأعلام الذين كانـوا قبل مجيء الاسلام فجـاء (بوتا) ولايارد إلى العراق BOTTA AND LOYARDý (ومارييت) MARIET في مصوسشلمان في تركيا SCHLIMAN (1) ثم أنشئوا دوائر الأثار والمتاحف الوطنية، وليس عجيبا بعد ذلأن ندرك تبرع مؤسسة ؛رو كفلر اليهودية« بعشرة ملايين دولار لإنشاء متحف للأثار الفرعونية ومعهد لتخريج رجال الأثار(1) ولعلنا بعد هذا نصل إلى سبب النص في صك الإنتداب البريطاني على فلسطين مادة(12): يجب أن تضع الدولة المنتدبة وتنفذ في السنة الأولى من تاريخ هذا الانتداب قانونا خاصا بالآثاروالعاديات). كل هذا لقطع صلة المسلمين باسلامهم وربطهم بالجاهلية الأولى حتى يتسنى للغرب أن يستعبدهم ويذلهم تحت يده.
يقول الدكتور ؛ولسون« في مؤتمر الثقافة الإسلامية والحياة المعاصرة الذي عقد في جامعة ؛ برنستون « سنة 1952 PRINSTON UNIVERCITY ( إن في بلاد الشرقين الأدنى والأوسط في هذالأيام نهضة حضارية هي من ناحيه - جديدة- ومن ناحية أخرى بعث القديم ) إن نهضة الغرب المسيحي وحركة إحياء المعارف فيه قامت عمليات التفكير والجدل فيها على الأعمال الكلاسيكية والوثنية).
وفي إيران(1): قام الصفويون والحكم البهلوي بتوهين العلاقة مع العالم الاسلامي فأنشأ الحكم البهلوي أكاديمية للتخلصمن المفردات العربية في الفارسية واكتشفت الأكاديمية مجد ايران القديمة وبزغ مذهب زرداشت من جديد واحتل مكانا مرموقا في بلاد السبع والشمس وبدأت العمارات الجديدة تبنى على الطراز الأخميني القديم وأقام الشاه محمد رضا بهلوي احتفالا بمناسبة مرور (52) قرنا على كورش صانع الأمبراطورية الفارسية وثارتفي ايران قوميات أخرى: مثل : البلوش - الأكراد، العرب
وفي العراق: ثارت النعرات، فنادى بعضه بالقومية العربية ونادى الأكراد بقوميتهم الكردية، والأتراك بالتركية وثارت الدعوات الأشورية والكلدانية
وفي الهند: تأججت نار العصبية الهندية، وأصبح الهنود يفخرون بالهندية و يرون الانقطاع عن ماء زمزم في مكة إلى نهر (جنجا) ويتغنون بأبطال الهندوس (بهيم أرجن، رام ها)(1) .
وأصبحوا ينظرون إلى الفتح العربي أناستعمار واستعباد واحتلال الغريب لأرض الوطن وهذا الذي يفخر به المسلمون مما جعل المسلمين ينادون بقيام دولة يعيشون فيها حياة اسلامية، وبفكر اسلامي. تكون فيها جنسية المسلم هي عقيدته ودينه واسلامه.
وقد قال إقبال يخاطب المسلم - حيث كان-(2) :
(لا تقس أمم الغرب على أمتك، فإن أمة الرسول الهاشمي (صفريدة في تركيبها، أولئك إنما يعتقدون باجتماعهم على الوطن والنسل، ولكن انما يستحكم اجتماعك أيها المسلم بقوة الدين).
وفي الأردن وفلسطين:
1- ارتفعت الأصوات بالتغني بالأمجاد القبلية القديمة وقامت النزاعات بين قبائل الشمال والجنوب في شرق الأردن وبين الفلسطينيين وبين أبناء شرق الأردن وأصبحنا نسمع مؤاب، فيلادلفيا، عمون.
فمزقنا العــدو ولاجهاد وشردنا الطغاة ولا عدالة
وباتت أمة الاسلام حيرى وبات رعاتها في شرحالة
وهم الجمع ثوب أو رغيف وصك من رصيد أو حوالة
مؤامرة يدبرها يهـود ويرعاهـا عميل لا أبالـه(1)
لقد صدق فينا قول رب العزة (إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين)(2) .
(ومن أعرض عن ذكري، فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)(3) .
وصدق رسول الله (ص) (بعثت بالسيف بين يدي الساعة، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الصغار والذلة على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم)(4) .
- وفي الحديث الصحيح (1) الذي رواه ابن ماجة والحاكم عن ابن عمر مرفوعا (كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله (ص) فأقبل علينا رسول الله (ص) بوجهه فقال: يا معشر المهاجرين! خمس خصال أعوذ بالله أن تدركوهن.
1- ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى أعلنوا بها الآ ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في اسلافهم الذين مضوا.
2 - ولا نقص قوم المكيال إلآ ابتلوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان.
3 - وما منع قوم زكاة أموالهم إلآ منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا.
4 - ولا خفر قوم العهد إلآ سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم.
5 - وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلآ جعل بأسهم بينهم شديدا .
فنحن أمة خفرنا العهد مع الله فسلط علينا عدونا من كل جهة، وتداعت علينا الأمم كما تداعت الأكلة على قصعتها.
ونحن أمة ترك حكامنا كتاب الله وتاجروا بالغثاء من أفكار الغرب والشرق فجعل بأسنا بيننا شديدا . وصدق الله العظيم (وإن الظالمين لفي شقاق بعيد) (1).
يقول سيدنا علي رضي الله عنه (ما نزل بلاء إلآ بذنب ولا رفع بلاء إلآ
بتوبة).
وقال الحسن البصري (بلغنا أنه ليس أحد يصيبه خدش عود ولا نكبة قدم ولا خلجان عرق إلآ بذنب وما يعفو الله عنه أكثر) (2)
لقد ذقنا مرارة بعدنا عن كتاب الله، وتجرعنا آلام تنكبنا لطريق الله، وحصدنا ما زرعنا من بذور القومية ثمار القطيعه والتمزق والضياع والخذلان والخسران (أفلا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون) (1) .
لقد آن لنا أن نرجع إلى الله ، وننبذ من أيدينا كل أوضار الجاهلية، وندعو أنفسنا بالعودة إلى طريق السعادة (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) (2) .
إما الله أو الفناء، إما الاسلام أو الدمار .
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
من كتاب القومية
لشيخ المجاهدين الشهيد عبد الله عزام
تعليق