إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عباس أولمرت قمةمهينة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عباس أولمرت قمةمهينة

    فلسطين الآن – قسم المتابعة:

    انتقد عبد الباري عطوان رئيس تحرير القدس العربي في أعقاب اللقاء الذي جمع الرئيس عباس برئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت في منزله واصفا اللقاء بالخطير، وإليكم نص المقال عباس واولمرت قمة مهينة:

    اختتم الرئيس الفلسطيني محمود عباس اجتماعه الدوري الأول مع ايهود اولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي باتفاق علي استمرار هذه اللقاءات، وتمديد فتح معبري رفح وكارني في قطاع غزة لبضع ساعات إضافية.

    ولا نعرف ما اذا كان من المناسب ان يناقش لقاء قمة علي هذا المستوي، وبين طرفين في حالة حرب، قضايا ثانوية مثل قضية المعابر وساعات عملها، وانجاز اتفاق عظيم بتمديدها. فمثل هذه القضايا يجب ان تكون من اختصاص ضباط أمنيين صغار وليس اكبر زعيمين في الطرفين.

    وما يثير الدهشة ان هذا اللقاء الذي يعتبر علي درجة كبيرة من الأهمية، انعقد في منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي اولمرت، وليس في مبني عام رسمي. الأمر الذي يوحي بان الرجلين تجاوزا الرسميات والبروتوكولات المتبعة بين أمثالهما. وهذا أمر لا يليق، ويسيء إلي الجانب الفلسطيني، لان اولمرت هذا الذي يكسر السيد عباس كل الحواجز الرسمية معه، ويتباسط في علاقته به، هو الذي يبني الجدار، ويخنق القدس المحتلة بالمستوطنات، ويحتجز أكثر من عشرة آلاف أسير، وفوق هذا وذاك هو الذي ارتكب مجازر بيت حانون وشاطئ غزة، واجتاحت دباباته رام الله ونابلس، وما زال يرسل فرق الموت إلى جنين.

    فإذا كانت مثل هذه اللقاءات التي فرضتها السيدة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية علي الطرف الفلسطيني تحت ذريعة خلق أفق سياسي للسلام لا تتطرق لقضايا الحل النهائي مثل حق العودة والمستوطنات والقدس المحتلة، وتنحصر فقط في الاملاءات الإسرائيلية في وقف إطلاق الصواريخ والإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، فما الداعي لها، ولماذا يقبل الطرف الفلسطيني ممثلا في رئيسه الاستمرار فيها؟

    خطر هذه اللقاءات لا ينحصر فقط في القضايا الثانوية والهامشية التي تبحثها، وإنما في إعطائها إيحاء خاطئا للعالم بأسره بان العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين تسير في الاتجاه الصحيح، وربما يعطي الذريعة والمبرر لبعض الأطراف العربية والدولية للإقدام علي خطوات تطبيعية أكثر مع الدولة العبرية.

    الدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين بشرنا بان الرئيس عباس وصديقه اولمرت (تعانقا قبل اللقاء مرة أخرى) بحثا خلال اجتماعهما في القدس المحتلة الأفق السياسي لعملية السلام للمرة الأولى، ولكن بشارته هذه لم تدم الا بضع دقائق عندما أكد متحدث إسرائيلي ان الرجلين لم يبحثا مطلقا في القضايا الشائكة المتعلقة بالوضع النهائي. وهذا يعني أمرا من اثنين، وهو ان الدكتور عريقات يبيع الشعب الفلسطيني أملا كاذبا بحدوث تقدم، او ان المتحدث الإسرائيلي يكذب، ولا نعتقد ان الأخير يكذب، لأنه يعبر عن موقف إسرائيلي ثابت، وللأسف الشديد، في هذا الخصوص.

    ما يهم اولمرت هو الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ويحاول كسب المزيد من الوقت، علي أمل ان تنجح أجهزة استخباراته في الوصول إلي مكان وجوده والجهة التي أسرته، بينما ما يهم الرئيس عباس هو عدم إغضاب الولايات المتحدة الأمريكية ووزيرة خارجيتها، ولهذا لا نراه يتشدد كثيرا في مسألة الأسرى الفلسطينيين بالقدر الذي يتشدد فيه اولمرت تجاه أسير إسرائيلي واحد.

    ولا بد في هذه العجالة من الإشارة إلى براعة الجهة التي أسرت هذا الجندي الاسرائيلي، وهو عمل مشروع في كل القوانين والشرائع، من حيث قدرتها علي الاحتفاظ به كل هذه المدة، ودون ان تنجح الاستخبارات الاسرائيلية، وبعض الجهات الفلسطينية المتواطئة معها، في الوصول الى مكانه، وإطلاق سراحه بالقوة علي طريقة عملية عنتيبي الشهيرة.

    قطاع غزة ليس تورا بورا، ولا هو غابة من الاسمنت مثل بيروت، وإنما شريط ضيق لا تزيد مساحته عن 150 ميلا مربعا مكشوف من كل الاتجاهات، ومحاصر بالكامل، ولا توجد فيه غابة أو جبل ولا حتى أشجار، فقد قطعتها قوات الاحتلال جميعا، ومنعت وجود أي اسيجة حول بيارات البرتقال أو ما تبقي منها، حتى تتوغل فيها دباباتها بسهولة ويسر. وكون الجهة التي أسرت هذا الجندي نجحت في إخفائه لأكثر من عام، وقاومت كل الضغوط الإسرائيلية الدموية للإفراج عنه، فهذه معجزة تؤكد انه ليس كل أجنحة المقاومة الفلسطينية واقعية او براغماتية مثل قياداتها تتطلع الي الاعتراف العالمي، وتتطلع إلى السجاد الأحمر في بعض مطارات العواصم العربية.

    ولا نعتقد ان الرئيس عباس يملك أي سلطة علي الجهة التي تحتفظ بالأسير الإسرائيلي، وإلا لكان الإفراج عنه تم بعد يومين من اختطافه في عملية فدائية جريئة، فإذا كانت كل أجهزته الأمنية، التي تضم أكثر من سبعين ألف عنصر، وتضم مئات وربما الآلاف من حملة الرتب العالية ابتداء من لواء وعميد وعقيد عجزت عن الإفراج عن صحافي بريطاني، وهي التي تعرف الجهة الخاطفة، ومكان الاحتجاز، وتعاملت معها في السابق لتنفيذ عمليات قذرة ضد خصوم السلطة، فكيف سينجح السيد عباس في التجاوب مع مطالب اولمرت في خصوص الإفراج عن الجندي الإسرائيلي؟

    وسط هذه اللقاءات العقيمة غير ذات الجدوي بين رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس وزراء الدولة العبرية، نبحث عن الشريك الآخر في حكومة الوحدة الفلسطينية فلا نجد له اي حراك، وهو الذي كان، وحتى ما قبل صلح مكة شاغل الأرض ومن عليها، بالمواقف المتشددة والتصريحات المنتقدة لأداء رئيس السلطة ومستشاريه.

    فحت متى تصمت حركة حماس علي هذا التهميش الذي يعيشه وزراؤها، رغم كل المرونة، ولا نقول التنازلات، التي قدمتها من اجل تشكيل هذه الحكومة، فلا هذه المرونة أثمرت في إقناع العالم والعرب في التعامل معها كجهة معترف بها، ولا كسرت الحصار المالي المفروض علي الشعب الفلسطيني منذ عام وأكثر.

    الحكومة بدأت حكومة وحدة وطنية وانتهت الى حكومة مكتب الرئيس ، ما تغير فقط هو التسمية. المستشارون أصبحوا وزراء، ومجلس الأمن القومي حل مكان وزارة الداخلية، والأجهزة الأمنية بقيت علي حالها مثل دار ابو سفيان .

    نشهد حراكا لافتا داخل حركة فتح يحمل بذور تمرد علي قيادة شاخت، وأخرى تريد خطف الحركة وقرارها، وتوظيفها في خدمة المشروعين الأمريكي والإسرائيلي، ولا نستغرب ان يكون هناك حراك مماثل داخل حركة حماس لأنه من المستبعد ان يكون من تربي علي استعجال نيل الشهادة، والانتقال إلى دار البقاء، علي استعداد لقبول الوضع الراهن. وهو وضع لا يتماشي مع أيديولوجية الحركة وأدبياتها.

    الساحة الفلسطينية تشهد مخاضا عسيرا وهو مخاض سيؤدي حتما إلى انفجار يفاجئ الكثيرين بتغيرات غير محسوبة بل وغير متوقعة داخليا وخارجيا.
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو ناجى; 16/04/2007, 03:26 PM.
جاري التحميل ..
X