رام الله ـ احمد رمضان ووكالات
ترنحت هدنة "الأمر الواقع" غير المعلنة بين اسرائيل و"حركة المقاومة الاسلامية" (حماس)، على وقع سقوط صواريخ المقاومة التي انهمرت على البلدات الاسرائيلية من قطاع غزة، اثر عملية الاغتيال التي نفذتها وحدة المستعربين ليل أول من امس وقتلت خلالها 4 من قادة المقاومة. وبدا ان التصعيد الاسرائيلي يحمل أكثر من رسالة، رسالة مباشرة الى الفلسطنيين ورسالة غير مباشرة الى "حزب الله" الذي كان حاضراً امس في تشييع المقاومين الأربعة في بيت لحم.
عشرات الالاف من أهالي محافظة بيت لحم والقرى والمخيمات المجاورة لها، شيعوا امس جثامين الشهداء الاربعة: القيادي محمد شحادة وعيسى مرزوق وعماد الكامل من "سرايا القدس" التابعة لـ"حركة الجهاد الاسلامي" واحمد البلبول من "كتائب شهداء الاقصى" التابعة لحركة "فتح"، الذين اغتالتهم قوة اسرائيلية خاصة من وحدة المستعربين أول من امس في المدينة. وحمل المشيعون الشهداء على أكتافهم، وتوجهوا الى منازل أهالي الشهداء لإلقاء نظرة الوداع على جثامينهم، ثم الى ساحة باب الدير وسط المدينة لالقاء نظرة وداع الاصدقاء والاهالي المحافظة الاخيرة، وبعدها الى مسجد عمر بن الخطاب للصلاة عليهم.
وكان لافتا خلال التشييع حضور "حزب الله"، حيث لف جثمان شحادة بعلم "حزب الله"، وهتف المشيعون "حزب الله آت". وقال خليل، أحد أقرباء شحادة، ان "محمد كان معجبا بطريقة حزب الله في القتال ضد الاحتلال الاسرائيلي"،وتقول اوساط فلسطينية واسرائيلية، ان "حزب الله" عمل طويلاً خلف الستار في الاراضي الفلسطينية، من خلال ارسال ملايين الدولارات الى مجموعات مقاومة لتنفيذ هجمات ضد اسرائيل. واصبح تأثير "حزب الله" واضحا بشكل متزايد في الضفة منذ اغتيال القيادي في الحزب عماد مغنية في تفجير في دمشق الشهر الماضي.
في هذا الاطار، اعرب العميد في قوات الامن الفلسطينية راجي النجمي عن اعتقاده بان "كتائب أحرار الجليل ـ مجموعة الشهيد مغنية وشهداء غزة" التي تبنت عملية قتل 8 اسرائيليين في القدس أخيراً، هي واجهة لـ"حزب الله"، لكنه قال انه لا يملك دليلا على ضلوع المجموعة في العملية، موضحا "هذا الاسم (للمجموعة) هو كذبة، كل ما في الأمر هو لعبة سياسية لحزب الله".
وكان "حزب الله" قد أرسل كميات كبيرة من المال الى المسلحين الفلسطينيين في الضفة منذ العام 2000. وجند ناشطين من "كتائب شهداء الاقصى" أيضا. واكد ناشطون في الكتائب التابعة لـ"فتح" ان الحزب تقرب منهم منذ الاشهر الاولى لانتفاضة الاقصى عام 2000، وعرض المساعدة.
وقال أحد قادة "كتائب شهداء الاقصى" في نابلس رافضا كشف أسمه، ان مجموعته كانت تتلقى 8 الاف في الشهر لشراء الاسلحة والذخيرة. واشار القائد المحلي في الكتائب مهدي أبو غزالة ان "حزب الله" أوقف دفع المال بعدما وافق معظم ناشطي "الاقصى" على عفو عرضته اسرائيل مقابل وقف القتال.
على الرغم من ذلك، قال العميد النجمي ان اسرائيل إحتجت أخيراً لدى المسؤولين في أجهزة الامن الفلسطينية، على مواصلة بعض ناشطي "كتائب الاقصى" الاتصال بـ"حزب الله"، مضيفا ان الاستخبارات الاسرائيلية تعترض اتصالات هاتفية بين الحزب ومؤيدي الكتائب، مشيرا الى ان "حزب الله" بدأ يجري الإتصالات من خارج لبنان لتفادي بعض الرقابة.
وردا على اغتيال المقاومين في بيت لحم، صعدت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة امس إطلاق الصواريخ محلية الصنع، على المستوطنات والمواقع الإسرائيلية، بعد أيام قليلة من حالة الهدوء التي شهدها القطاع.
واعلنت "سرايا القدس" مسؤوليتها عن قصف مدينة عسقلان بـ3 صواريخ محلية، واطلاق 25 صاروخا وقذيفة هاون باتجاه مستوطنات سديروت وزيكيم وناحل عوز صباح امس. كما أعلنت "كتائب الشهيد أبو علي مصطفى"، التابعة لـ"الشعبية"، مسؤوليتها عن قصف مستوطنات سديروت ونتيف هعسراه وكفار عزا بـ4 صواريخ.
وأكد جيش الاحتلال أن 13 صاروخا فلسطينيا أطلقت منذ فجر امس من شمال قطاع غزة باتجاه عدة بلدات اسرائيلية، من بينها سديروت. وقال متحدث باسم الجيش للإذاعة الإسرائيلية: "ادى انفجار هذه الصواريخ الى وقوع أضرار مادية في أحد المباني داخل سديروت التي أصيب عدد من سكانها بحالات صدمة وهلع".
التصعيد الاسرائيلي في الضفة برره وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك بالقول: "اثبتنا أمس مجددا في بيت لحم ان اسرائيل ستطارد وتضرب كل قاتل يداه ملطختان بالدم اليهودي. اسرائيل ستصل اليهم، مهما مرّ من الوقت"، في اتهام مباشر للشهيد محمود شحادة بالتخطيط للعملية الفدائية ضد المدرسة التلمودية في القدس والتي أدّت الى مقتل 8 اسرائيليين.
وقال عضو الكنيست افرايم سنيه، احد صقور حزب "العمل" المقربين من وزير الدفاع ايهود باراك، ان اسرائيل لن تبرم تهدئة مع "حماس"، وان الجيش سينفذ خلال الأيام المقبلة عمليات في المنطقة الجنوبية من قطاع غزة حتى لا يسمح للحركة بالتسلح وتشكيل خطر دائم على اسرائيل. اضاف في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي "اسرائيل لا يمكن لها ان تتعايش مع كيان إيراني على بعد 3 كيلومترات من سديروت و10 كيلومترات من عسقلان، والحل الوحيد هو عملية عسكرية كبرى يتم من خلالها استئصال حماس في قطاع غزة تماما، والبدء بعهد جديد في المنطقة".
ونقلت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية عن مصادر عسكرية اسرائيلية قولها "ان التفاهم غير المباشر حول وقف إطلاق النار مع غزة، من المرجح ان ينهار في وقت تقوم حركة الجهاد الإسلامي بالإعداد لإطلاق صواريخ على النقب رداً على اغتيال 3 من قادتها في الضفة".
http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?StoryID=279871