آثرت أن تكون فقرة (أحسن القصص) في ختام موضوع الدورة الثاني (شغاف قلب القصة)، لأنها ذورة الموضوع والشغف من وجهة نظري، قبل الشروع بإذن الله في الموضوع الثالث (قواعد كتابة القصة الأربعون) والذي سيقتصر علي سرد هذه القواعد في عبارات موجزة متتالية، إنه الحديث عن القرآن الكريم والقصة القصيرة، في كتاب د. ساجد العبدلي، ورفيقه القارئ البارع "عبد المجيد حسين" القيم المعنون (27 خرافة شعبية عن القراءة)، وصدرها بالخرافة الشنيعة الأولي (قراءة الروايات تسلية رخيصة)، ويروج أصحاب هذا الغاز السام بتعبير الكتاب (لأن قراءة الروايات غير مفيدة للعقل ومضيعة للوقت)، وجاء الرد الجميل: (القصة أعظم قناة أو وسيط بين البشر)، وأن أكثر الكتب قراءة في العالم هي الروايات، لماذا؟ .. لأنها أفضل وسيلة لتوصيل المعلومة لأي إنسان آخر، وأنها أكبر نادي رياضي للخيال، لماذا؟ .. لأنها مبنية علي عالم واقعي مختلق .. دقيق بدرجة أننا نري أنفسنا نعيش فيه، ثم يختم تفنيد الخرافة بهذه العبارة (هكذا هو كاتب الرواية، لابد أن يكون مسرحي اللغة ومصنع الخيال وصوفي الشعور وطبيب الإنسانية)، وقال عبد المجيد: (القصة أفضل ةسيلة لتوصيل المعلومة لأي إنسان آخر، ألا نستغرب ان الله عز وجل يخبر البشر بانه أعظم من يقص القصص (نحن نقص عليك أحسن القصص ...)، وأن القرآن الكريم يحوي في طياته 20% من الأسلوب القصصي، ... وهذا يؤكد أنها الوسيلة الأعظم للتواصل وتوصيل المحنوي)، يقول د. جلال أبو زيد بتصرف: (يلتفت القرآن الكريم إلي عنصر القصة ويعتني به، وتتردد مادة "ق ص ص" فيه ستًا وعشرين مرة، وتحمل إحدى سوره اسم سورة القصص، وتقص سورة القصص الأقوام السابقين والأنبياء والمرسبين وغيرهم، وقد وجد عنصر القصة هوى في نفوس العرب، فأقبلوا عليه لجاذبية عنصر القصة من جهة، ولروعة الصياغة القرآنية والتعبير الآلهي عنها من جهة أخرى، وقد هال هذا الإقبال زعماء مشركي مكه، فاحتالوا لكي يصرفوا الناس عنها، وعن سماع القرآن الكريم وحاولوا إيجاد البديل فأخذ النضر بن الحارث يقص عليهم –عندما يراهم مجتمعين حول الرسول صلى الله عليه وسلم- فصصًا تدور أحداثها حول الفرس وحياتهم وملوكهم، وعن رستم واسبنديار وغيرهما من ملوك الفرس وقادتهم، ولكنه لم يصب نجاحًا، وقد بعثت قصص القرآن الكريم نهضة في اقلص العربي، ونتج عنها سيل من القصص، .. كما اكتسب القص العربي رافدًا من الحديث الشريف وما جاء فيه من أخبار عن الأنبياء والأقوام السابقين، وعن أفراد بعينهم، وكذلك من سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، وتفاعلات سيرها والأحداث التي ارتبطت بها والفتوحات ... إلي آخره)
وانتقيت من اكثر من مرجع مقولات ناجزة عن هذا الأمر القيم، نسردها لتكون مسك الختام للشغاف:
· (إن عندكم أعظم وأحدث قصص في العالم، وهو قصص القرآن)
(البروتوموافيا)
· (لقد بحثت عن أنموذج يحتذي في الآداب العالمية فلم أجد أروع وأعظم من القصص القرآني الذي كثيرًا ما يتجاهله مؤرخوا القصة ونقادها حينما يتحدثون عن تاريخ القصة العربية)
(د. نجيب الكيلاني)
· (جاءت الأنباء والأخبار والأحاديث في القرآن الكريم، نموذجًا من نماذج الإيجاز الذي تخرج من الجمل: قصيرة غاية القصر، سريعة غاية السرعة، فمع ذلك فهي مليئة بالوقائع من جهة، وفياضة بالحركة من جهة أخري)
(فتحي رضوان)
جلست سعاد حائرة لأنها لم تفهم ما الذي جرى لها، وخاطبت دمعتها قائلة: لماذا لا تنسكبين؟
بارك الله فيكم أديبنا المفضال أ.خالد جودة على كل ما تعلمناه وما نتعلمه منكم خلال هذه الدورة المباركة التي قدمتم لنا من خلالها كثيرا من الإضاءات حول جوانب كنا نجهلها عن كتابة القصة القصيرة. وقد حاولت الكتابة من جديد على شكل حوار أرجو أن يسمح وقتكم ويتسع لإبداء رأيكم فيه. مع خالص الشكر والتحية.
دمعة سجينة
الدمعة: ولِمَ أنزل وقد غادرت كثير من مثيلاتي إلى غير رجعة دون أية فائدة؟
سعاد: كيف لا يكون لك جدوى وأنا أشعر بالراحة حين أذرف الدموع واتخلص من وطاة الحزن الجاثم على صدري؟
الدمعة: وماذا بعد؟ أنت ترتاحين وماذا عمن أحزنك حالهم، هل فعلت شيئا يذكر لهم؟
سعاد: أنا أشعر بالذنب تجاههم ولا أملك إلا ذرف الدموع؟ ماذا عساي أفعل؟
الدمعة: ما فائدة أن نجري نحن معشر الدمعات أنهارا من عيون مقهورة مظلومة على وجنات بائسة حزينة، ثم لا نجد من يلتفت إليها وكأنما نخاطب قلوبا من حجر؟
سعاد: وماذا بالإمكان غير ما كان يا دمعتي السجينة؟
الدمعة: بإمكانكم فعل الكثير الكثير...
سعاد: مثل ماذا؟
الدمعة: أن تعودوا إلى إنسانيتكم، أن تشعروا بإخوانكم، أن تذرفونا نحن الدموع بصدق، أن تمسحونا من على وجناتكم وتوجهوا غضبكم لمن يستحق، أن تكفوا عن الانتظار، الفرج لا يأتي هكذا، لا بد أن تسترجعوا شعوركم بالمظلوم وتنصروه، ولكي تنصروه، عليكم أن تكفوا عن الخور والعجز والجبن، عليكم أن تكسروا قيود ذلكم وتستردوا كرامتكم المسلوبة وتقولوا للظالم: "كفى" مهما كلفكم ذلك من ثمن. عليكم ان تكفوا عن خذلان إخوانكم، لا تركنوا لحياة الدعة والسكون والمسلمون إخوانكم من حولكم يقتّلون ويسجنون ويشردون...حتى أقصاكم تركتموه للعابثين ثم تزعمون حبه وتنظمون فيه الأشعار، أي حب هذا وأنتم لا تنصرونه؟ كفوا عن كذب المشاعر، حينها سننسكب بصدق، فقد مللنا من العيون الواجمة الحزينة.
اهتز وجدان سعاد من كلام الدمعة السجينة وانخرطت في بكاء مرير غسل قلبها وخلص عقلها من إدمان مشاهد القتل والدمار للمسلمين في كل مكان. بحثت عن الدمعة، فعلمت أنها تحررت أخيرا.
#شعاع_من_الذائقة
أول أمر هو اللقطة الناجزة، والتكثيف لتصبح قصة قصيرة جدًا، لكن يمكن تكثيفها أكثر، فحديث الدمعة (ان تعودوا إلي إنسانيتكم ...)، خطابي ومطول شيئًا ما، والمباشرة هنا أتت في السياق بشكل أفضل لأنه موقف النصيحة
اقترح انخرط قلبها في بكاء مرير، حيث أن الحديث أصلاً مع دمعة وسيطلق سراحها في الخاتمة، وبكاء القلب أصدق كما يحمل متن القصة ثم تأتي دموع العيون مؤكدة لهذا الصدق بالفعل
العنوان جيد، الخاتمة موفقة لكونها تحمل المغزي للقصة.
القصة أيضا نسيج سردي ممزوج بحوار ووصف، وفي المرة القادمة ممكن أن تحاولوا استعمال الوصف والسرد.
خالص تحياتي وتقديري
#شعاع_من_الذائقة
محاولة قصصية جيدة، أهم ما أفصحت عنه فكرة الدراما والتصعيد فيها، والنوازع النفسية والإبحار فيها واكتشافها تنوعها وشدتها وخفوتها مرة بعد أخرى لدي بطلة الحدث القصصي، والدراما هي تعارض الارادات وصدامها، وعنوان القصة جيد جدًا لأنه يحمل المغزي والحكمة العميقة برعاية كرامة المرأة حتي لو كانت محبة، لكن هناك حاجة للتكثيف أكثر او إعمال مطرقة القلم في المنحوتة الأخيرة من القصة (الثلث الأخير)
أو إبدال لكنها سمعته يهمس بذهول و لأول مرة يسألها: من أنا؟؟؟
فأجابته:صوته يشبع حناياها شوكًا: من أنا؟؟؟؟
ثم في الشطر التالي مباشرة دون فاجابته: أنت ... إلي آخره
كما كانت هناك مفردات موحيه (سيدته) وكأن الزوجة هي الآمرة الناهية وهو لا يتصرف كرجل يتلاعب بمشاعر أخرى حتي يبرهن لسيدته عن جدراته، وظاهرة الزوجة المستبدة أصبحت راسخة للأسف في بعض الأسر العربية.
أحييكم علي هذه القصة النفسية البارعة التي التقطت لحظة مفاصلة عاطفية منسوجة في ثوب قضية اجتماعية (قضية تعدد الزوجات)، وقضية احترام مشاعر المرأة ورعايتها
وإلي مزيد من التقدم والغناء.
شعاع_من_الذائقة
هناك من أنواع الكتابة ما يستطيع الكاتب بها أن يعبر عن رأيه، وهنا نجد لون "المقال" الذي يحمل بصمة سردية من خلال وجود شخصية الشاب المقاوم "احمد"، وليست القصة فقط بمفردتها الفن الساحر بل المقال أيضًا لدوره الهام في التوضيح عن القضايا.
لا شك أن هناك قلقًا كبيرًا ورغبة في إرادة الموضوع البناء والمقاوم جميالًا في الكتابة، وأعتقد أن هذا الحماس سيثمر بعد حين قصة قصيرة تستوفي عناصرها الفنية، فلغة الافتتاح منبرية –رغم تأيدي لها واحساسي بالصدق فيها- لكنها لا تناسب افتتاح قصة قائمة علي شد القارئ ليس نحو هدف القصة ذاته وإنما إلي الشراب السائغ الذي يحمل هدف القصة وقد تم تذويبه فيصبح المعني النبيل في العسل ليشربه القارئ هنيئا مرئيا.
بالتوفيق الأستاذة أم كوثر، استمرى في قراءة القصص، وذات الحماسة وفي انتظار الجديد دائما.
كلام صحيح دكتورة زهرة
لذلك يجب علي الكاتب أن يقوم ببناء الجسر الذهبي أو تجسير الفجوة الزمنية بين لحظة الإضاءة الإبداعية (لحظة الشغف بالإبداع) وديمومة الكتابة واستمرارها من خلال كتابة المذكرات وتدوين الملاحظات والمطالعة التي لا تنقطع والتهذيب علي أفكار مكتوبة بسرعة (دفقة الإبداع الأولي) وكتبت كما هي، وهكذا
#شعاع_من_الذائقة
القصة هنا أفضل لأنها تستعين بالقصة القرآنية، وهذا المنحي جيد بالفعل بإعادة نسج قصص القرآن بهذه العبارة البسيطة الموحية، والبساطة جمال كما يقال، واقترح صياغة قصص القرآن للناشئة بهذا الأسلوب المقرب لهم، مع عدم الانجراف مع الحماسة القيمية فنجد لغة خطابية منبرية –مع تقديري لها- في جزء القصة الأخير.
استمرى أ/ أم كوثر وبالتوفيق دائمًا
خالص الشكر والامتنان والتقدير أستاذنا الكريم خالد جودة
لكل نصائحكم القيمة التي تشجعون بها محاولاتنا البسيطة للكتابة
الحمد لله أن العنوان والخاتمة هذه المرة حدث فيهما تحسن بفضل توجيهاتكم
بالنسبة للوصف حين بدات بالكتابة اكتشفت أني لا أحسن الاستطراد في الوصف وكنت أتعجب دوما كيف يستطيع كتاب القصة أن يصفوا مثلا المشهد بتفاصيل المكان والأشجار والورود وخرير المياه ويستطردون حتى تشعر أنك انتقلت بخيالك إلى داخل القصة.
فكيف يمكن اكتساب ذلك؟
ألاحظ أستاذ في القرآن الكريم كيف فُصلت قصص حتى توصل رسالتها القيمة كما أن هناك قصص قصيرة جدا لكن ذات معنى عالي ورفيع ، رغم أنها أوجزت الأحداث إلا أن رسالتها أبلغ وكلماتها مركزة ، وكل القصص القصيرة منها والطويلة لها هدف ومغزى ودروس وعبر مستفادة منها ، سؤالي لكم أستاذ متى محتاج لسرد لقصة قصيرة ذات المعنى البليغ ومتى يكون ضروري التفصيل وإطالة القصة ؟