كلمة المدير العام
• كلمتك للشبكة وطاقم العاملين فيها والأعضاء بمناسبة مرور 15 عامًا على إنشائها؟
شكّلت شبكة فلسطين للحوار علامة هامة في الإعلام الفلسطيني، ولاسيما الإلكتروني منه، على مدار فترة طويلة، وذلك قبل انفجار مواقع التواصل الاجتماعي والتي غيرت من مفاهيم تصفح الإنترنت، وأتاحت منبرًا لكل مستخدم للشبكة العالمية، وهو الأمر الذي انعكس على مجمل مواقع الإنترنت، وخاصة المنتديات الحوارية، التي كانت في مرحلة ما، المنصّة الحرّة التفاعلية الوحيدة على شبكة الإنترنت، ومتنفس الشباب العرب للتعبير عن أنفسهم في القضايا كافة، من فكرية وثقافية وسياسية واجتماعية واقتصادية ودينية.
وكانت فكرة المنتدى هي الأداة الأساسية في عمل شبكة فلسطين للحوار، وبالرغم من التغيرات سالفة الذكر، فقد ظلت الشبكة من المنتديات الوحيدة القادرة على الاستمرار والمساهمة وتطوير إنتاجها وأدوات عملها، فقد أغلقت كبريات المنتديات العربية التي كانت الأشهر لسنين طويلة وظلّلت شبكة فلسطين للحوار قائمة وفاعلة.
ونحن اليوم، وبعد 15 عامًا على تأسيس الشبكة، نفخر بمساهمتنا الكبيرة التي امتدت لفترة طويلة، وبكل الكوادر الإعلامية والثقافية والفكرية والسياسية التي خرّجتها الشبكة، وبكل المشاريع التي خرجت من رحم الشبكة، أو قام عليها كوادر سابقون عملوا في هذه الشبكة، ونعتز بأننا كنا من خلال تلك الفترة من المواقع الإلكترونية القليلة التي تجاوزت كونها منصة للنشر، أو منتدى للحوار، لتكون فاعلاً حقيقيًّا في الميدان، ومحلّ متابعة جهات متعددة، وهو أمر وإن كان قد تسبب للشبكة بمشكلات كثيرة، إلا أنه عكس دورها وأهميتها وثقلها.
ونحن بهذه المناسبة نحيي كل الطواقم التي عملت معنا في المراحل السابقة، وفي هذه المرحلة، نحيي على وجه الخصوص الكوادر التي أسست الشبكة ورسّختها، أو الكوادر التي استمرت عاملة في الشبكة، ونحيي بالقدر نفسه الأعضاء الأعزاء الذين لولا ولاؤهم ومحبتهم واهتمامهم لما استمرت الشبكة إلى اليوم.
• ما هي أهم المعيقات التي تواجه عمل الشبكة، وإلى أي حد استطاعت تجاوزها؟ وهل تعتقد أنها قادرة على الحفاظ على مكانتها على فضاء الإنترنت؟
واجهتنا عقبات ضخمة، لاسيما في مرحلة صعود الشبكة وبلوغها الذروة من حيث التأثير والصدارة، فتوجه الشبكة الداعم للمقاومة الفلسطينية، ونضال الشعب الفلسطيني، عرّضها لملاحقة الاحتلال، ومع الأسف السلطة الفلسطينية، فقد اعتقل عدد من كوادرها، وتعرضت للحجب أكثر من مرة، وهذه العقبات حالت دون قدرة الشبكة على العمل الحرّ في الميدان، فالعمل الإعلامي يحتاج الحريّة والتواصل والاستمرارية والمعززات والمحفزات، ومع ذلك استمرت الشبكة في عطائها خاصة وأنها كانت الوحيدة المتفردة فلسطينيًّا في مجال عملها، ونحن نأمل اليوم أن نكون قد تجاوزنا هذا الظرف إلى حدّ كبير، مع تكاثر المواقع والشبكات، ونشاط الفاعلين على مواقع التواصل الاجتماعي، فهذه المنافسة في النهاية توفر قدرًا من الحرية والحماية، وتجعل المفاهيم التي تصدّت الشبكة للدفاع عنها، كالكلمة الحرة، وحرية العمل الإعلامي، مفاهيم طبيعية وأكثر رسوخًا.
واجهتنا في مراحل لاحقة، عقبات من قبيل انعدام الممولين والداعمين، فمن الصعب علينا الاستمرار بقدراتنا الذاتية، مع وجود الظرف سابق الذكر، ومع تراجع روح العمل التطوعي، ثم كان التحدي الأكبر هو انفجار مواقع التواصل الاجتماعي، والتي حاولنا أن نواكبها من البداية، لكننا تعرضنا أيضًا للتضييق من قبل إدارة الفيسبوك التي حذفت صفحاتنا على منصتها أكثر من مرة، وحجبت منشوراتنا عن الجمهور عدة مرات، ومع ذلك ثابرت الشبكة على مواجهة تلك التحديات، وأصرت علي وجودها في كل المنصات رغم هذه العقبات الكثيرة، ونوعت في أدوات عملها، وحرصت على تقديم منتجات تناسب ظروفها الراهنة.
أعتقد أنه ما يزال لدينا الجديد الذي يمكننا أن نقدمه، يمكننا القول مثلاً أننا كنا أول المواقع الفلسطينية التي اهتمت برصد المقاومة الفلسطينية قبل انتفاضة القدس الجارية، وقدمنا خلال السنة التي سبقتها تقارير يومية وأسبوعية، فضلاً عن تقريرنا السنوي عن أعمال المقاومة والذي نسميه (الحصاد)، وهو أمر وفّر لنا القدرة على توقع إمكانية انفجار الانتفاضة، كما كانت معلوماتنا التي ظللنا نقدمها للجمهور مصدرًا للعديد من المراكز والمؤسسات البحثية والإعلامية، حتى وإن لم تكن تشير إلينا كمصدر، كما أن العديد من المؤسسات اهتمت بتقليد عملنا هذا وصارت تقوم بإصدار نشرات وتقارير خاصة بها، وهو أمر جيد، ويدل على قدرتك على الريادة.
• كيف تقيِّم أداء الشبكة في جميع محاور عملها خلال سنوات عمرها السابقة؟
على صعيد السنوات السابقة، وقبل انفجار مواقع التواصل الاجتماعي، فقد كانت كل محاور الشبكة فاعلة، ولم تكن أدوارنا الإدارية تتجاوز تنظيم النقاش ومنع المخالفات، فتدفق الموضوعات والمشاركات كان يعتمد على الأعضاء، وهو ما جعل الشبكة بتلك الشهرة والقيمة في حينه، نظرًا لسعتها وانتشارها بين جمهور مستخدمي الإنترنت، وقد خرّجت الشبكة عشرات الكوادر من كل المحاور، السياسية والثقافية والشرعية والفنية الصوتيات والمرئيات وغيرها، وهذه الكوادر فاعلة وناشطة اليوم، وبعضها قام على تأسيس مشاريعه الخاصة به، وبعضها اليوم من أعلام الثقافة والفكر والسياسة، ولكن علينا أن نواكب التطورات كلها وألا نعيش في الماضي أبدًا.
• ما هي مخططات الشبكة لتطوير أدائها ومواكبة التغيرات في عالم التكنولوجيا خاصة بعد تراجع مكانة المنتديات؟
نحن الآن نعتقد أن محور الأخبار والنقاش السياسي هو المحور الأساس في الشبكة، ونوليه اهتمامًا خاصًّا، حيث لم نعد نكتفي بتدفق المقالات والأخبار والنقاش فيه من خلال الأعضاء، ولكننا نقوم بإصدار مواد وتقارير خاصة بالشبكة.
تحتاج المحاور الأخرى اهتمامًا أكبر، ولأن عملنا يقوم على طواقم تطوعية فإننا نحتاج دائمًا إلى تجديد المشرفين ولجان المحاور، مع صعوبة هذه المهمة في الوقت الحالي، بالإضافة إلى ضرورة توظيف مشرفين متميزين في مجالات عمل تلك المحاور، لكن ضعف الإمكانات المادية لا يساعدنا على ذلك حتى الآن.
هناك الكثير من الأفكار لتطوير نشاط وإنتاج المحاور الأخرى، ولكن هذا يحتاج اهتمامًا أكبر منا، وإن كانت رؤيتنا في الحقيقة لا تجعل من عدد المتابعين هو محور نشاطها واهتمامها، ولكنها تهتم بتقديم المنتج الجيد، وتؤمن أن كل منتج تقدمه سيجد من يهتم به ويستفيد منه، وكما أننا نهتم بتقديم المنتج الإخباري والسياسي من خلال دورنا المركزي في محور الأخبار والنقاش السياسي، فإننا سنعمل على تطوير هذا المنتج في المحاور الأخرى إن شاء الله.
ومع ذلك فإن نشاط الشبكة لا يتوقف على محاور المنتدى، فلدينا الآن موقع إلكتروني نقوم بتغذيته يوميًّا، ونرجو أن يكون متميزًا وأن يقدم إضافة مهمة في مجاله، ولدينا وحدات رصد بحثي تقوم على تقديم المعلومة والإحصائية ونعمل على تطويرها إلى مركز بحثي مصغّر، بالإضافة إلى اهتمامنا بالنشاط الشبابي والإلكتروني، وسعينا لإبرازه وتطويره من خلال موقع فلسطين. نت، فضلاً عن نشاطاتنا الموسمية التي نقيمها في المنتدى، هذا وقد قدمنا، وما زلنا نقدم، عددًا من الإصدارات، بالإضافة إلى حضورنا في كل منصات الإعلام الاجتماعي، وعنايتنا بكل تطبيقات التواصل والمراسلة الحديثة، وفتح نوافذ للتواصل وتبادل الأفكار والتدريب لصالح المشاريع الشبابية، بالإضافة إلى نوافذ للإعلان المجاني عن تلك النشاطات، ولدينا العديد من الأفكار التي نسأل الله أن ترى النور قريبًا.
• كيف تقيم أداء الشبكة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهل يمكن القول إنها قد عوضت التراجع الذي حدث على صعيد المحور التفاعلي مع المنتدى؟
كما سلف وذكرت فإن نشاط الشبكة يتجاوز الآن المنتدى، ولا يقتصر في الوقت نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن وبالنسبة للمواقع الاجتماعي فقد سبق وذكرت أننا عانينا تحديدًا على منصفة الفيسبوك، فهي المنصة الأشهر بين الجمهور الفلسطيني، وللأسف تعرضت صفحتنا عليه للإغلاق عدة مرات، وهو أمر أثّر كثيرًا على مكانتنا على هذه الشبكة، فلم تعد المنافسة الآن سهلة بعد إغلاق المنصة عدة مرات، ومع ذلك فإننا نعمل على توثيق صفحة الشبكة على الفيسبوك للحدّ من هذه المشكلة.
بالنسبة للمواقع الأخرى، فإن الشبكة نشطة جدًا على مواقع تويتر وأنستغرام، بالإضافة إلي تطبيق تليغرام، ولها حضور مميز ومتابعة على هذه المواقع، وإن كنا لا نزعم بأننا الشبكة الأولى فلسطينيًّا عليها، ولكن وضمن الظروف سابقة الذكر فإنّ وجودنا عليها الآن يرضينا ونعمل على تطويره، بالإضافة لذلك فإننا نقوم برفد قناتنا على يوتيوب بين فترة وأخرى، وسنعمل على تطوير إنتاجنا المرئي ضمن إمكاناتنا المتاحة إن شاء الله.
وعمومًا، فالشبكة لا تعتبر أي نشاط لها بديلاً عن غيره، ولا وجودها على منصة ما بديلاً عن حضور آخر لها، وإنما هي تعمل على تكامل كل نشاطاتها والمنصات التي تعمل عليها.
• ما هو دور الإعلام المقاوم "والذي تقع الشبكة ضمن نطاقه" في إذكاء انتفاضة القدس القائمة، وما هي المسؤولية الملقاة على عاتق هذه الأدوات الإعلامية في مسيرة الشعب المقاوم؟
دعينا نتحدث عن الشبكة، فقد سبق وذكرت أننا كنا تقريبًا الموقع الإلكتروني الوحيد الذي رصد تصاعد العمل المقاوم في الضفة الغربية قبل انتفاضة القدس بسنة على الأقل، فلم نتفاجأ بها، واستمر تفاعلنا مع هذه الانتفاضة حتى اللحظة، ونحن إذ نقوم بهذا الدور فإننا لسنا تنظيمًا ولا جماعة، ولكننا نقوم بذلك من منطلق إيماننا بضرورة أن يكون عملنا الإعلامي وسيلة لغاية أكبر.
وقبل ذلك، فإننا نعتقد أنه كان للشبكة دور هام في نصرة المقاومة إعلاميًّا، خاصة حينما كانت المنافذ والمنابر الإعلامية الفلسطينية محدودة، كما أنها ساهمت في استنهاض الضفة الغربية، حينما قبلت أن تكون منصة لرابطة الشباب المسلم، ولمجلة إشراقات، في وقت كان الأفق فيه مغلقًا تمامًا.
والشبكة ما تزال، وستبقى إن شاء الله، تقدم المقالات والتقارير والتحليلات والأفكار، الراصدة لحركة المقاومة، والمدافعة عنها، ونزعم أننا ربما نكون أكثر موقع إلكتروني فلسطيني يقدم مواد بهذه الكثافة في هذا الموضوع تحديدًا.
والدور الذي قامت به الشبكة في هذا الصدد أكبر مما ذكرناه هنا، ولكن إن كانت الشبكة تصلح نموذجًا للقياس عليه، فيمكن القول إنه يمكن للإعلام المناصر للمقاومة تقديم الكثير، ونعتقد أن شبكات أخرى تقوم بمثل هذا الدور بشكل مميز، وتحظى باهتمام كبير، وبعضها كان فكرة خرجت من كوادر سابقين في شبكتنا، وهو أمر يبعث على سعادتنا.
• "شبكة فلسطين للحوار" في سنوات عمرها القادمة.. الرؤية والمأمول؟
نحن خلال مسيرتنا الطويلة وضعنا العديد من الخطط الطموحة، التي قد يتعجب القراء الكرام من مستوى طموحها، بل واستشرافها المستقبل، ولكن كانت دائمًا ظروفنا، والتي سبق لنا وشرحنا بعضها، أقوى منا، ولذلك فإننا نرجو أن يرى الأعضاء والقراء والزوار الكرام إنجازنا أفضل من أن نعدهم به ثم لا نقدر على تنفيذه، ونسأل الله تعالى أن يذلل العقبات أمامنا وأن يهيئ لنا ما يعيننا على تنفيذ كل ما نفكر به.
ومع ذلك فقد بينت بعضًا من أفكارنا التي نطبقها الآن، والجاري تطبيقها، وإن كنا نعد بشيء، فأن نحافظ على هذه الشبكة ونسعى لتطويرها قدر الإمكان.