أولاً / المرأة و الالتزام:
المرأة بطبيعتها أكثر تأثراً بالخير والشر وبما يحيط بها من الرجل، ولذلك نعرف خطر استغلال أجهزة الزور المسماة بأجهزة الإعلام في التخريب، وتأثير تلك الأجهزة في عقلية المرأة ناجمة عن بقاء المرأة في المنـزل ووجود الفراغ الذي تعيشه جزءا من الوقت, فكثير من النساء تعكف عند هذا الجهاز، ومنه تتناول ثقافتها وعلمها بل وحتى معلوماتها عن دينها، من خلال بعض الأقوال والآراء والأطروحات والأمور التي تقدم لها.
وإن من الواجب أن يستخدم الدعاة الوسائل العلنية العامة في مخاطبة النساء كالشريط والكتاب والمحاضرة المتخصصة بل والمدرسة والجامعة, حتى أقول: والسوق وكل وسيلة متاحة مباحة، فإنه ينبغي أن يستخدمها الدعاة إلى الله تعالى في الوصول إلى عقول النساء وقلوبهن ومخاطبتهن بآيات الله – تعالى – والحكمة..
أيها الأحبة.. أيتها الأخوات.. إن رموز الوطنية والتحرر والثقافة في معظم البلاد العربية أمثال هدى شعراوي وأمينة السعيد ونوال السعداوي والقائمة المعروفة.. كن رموزاً في نظرهم يطبّل لها الإعلام، وتتكلم عنها الصحافة ويعتبرن رائدات في مجالهن، أما في بلادنا في هذه الجزيرة بالذات فلا تزال المستغربات في العقل والشعور موضوع ازدراء وسخرية من المجتمع بحمد الله تعالى.
فهن يكتبن في صحفنا بكل تأكيد ولكن على استحياء وبشيء من الغموض فإذا أرادت إحداهن نقد الدين عبرت بالطقوس والتقاليد البالية والسراب ومخلفات القرون السابقة، لكنها لا تستطيع أن تتكلم عن الدين هكذا صراحاً بواحاً.
وإذا أرادت نقد العلماء والدعاة عبرت بالمتطرفين وبالأصوليين ضيقي الأفق, أو أبعد في النجعة فعبرت بالكهانة والكهنة.
وهذا يبرز مسؤولية القادرات من أخواتنا وبناتنا في وجوب وجود قيادات نسائية مـعروفة على كافة المستويات، فلا بد أن تكون في المدرسات قيادة وفي نطاق (التعليم) قيادات، وعلى مستوى البلد قيادات بل وعلى مستوى الإقليم قيادات، وهذا وإن كان واجباً في كل بلاد الإسلام إلا أنه في هذا البلد أسهل وأيسر، فلا يزال الميدان مكشوفاً مفتوحاً لمن أراد.
والبعض من الإخوة يعتبون علي ويقولون: لماذا تحرض النساء على الاستمرار في الدراسة مثلاً أو على مواصلة العمل وخاصة من المتدينات؟
والجواب.. أقول لإخوتي وأخواتي.. إننا في مجتمع لا ننفرد نحن بصياغته وصناعته، بل هو مجتمع فيه صناع كثيرون (ذووا) عقول شتى ومذاهب مختلفة وآراء (متباينة)، بل ونظريات واتجاهات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كما يقال..
فإذا توقفت الملتزمة عند حد معين فغيرها لا يتوقف، ومعنى ذلك أننا حين ننصح المتدينات بترك مجالات العمل والتأثير فإننا سمحنا لكل تلك الفئات والطبقات والاتجاهات التي لا تسمع لنا أصلاً بأن تنمو وتتوغل وتتغلغل في المجتمع، ووضعنا سداً منيعاً أمام العنصر الوحيد الذي يمكن أن يساهم بشكل جيد في ضبط المسيرة، أو يساهم في تحجيم الشر والفساد، ولا أعتقد أن ثمة خدمة يمكن أن نقدمها بالمجان للعلمانيين وأصحاب النوايا السيئة وصرعى الشهوات أعظم من هذه الخدمة، ألا وهي أن تخلو التجمعات النسائية بجامعاتها ودراساتها ومعاهدها وندواتها وأعمالها من الملتزمة التي ترفع راية الدين وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر!
وأقل ما يمكن أن تقوم به تلك الملتزمة هي أن تشعر المجتمع بما يجري داخل تلك المجتمعات النسائية وما يكون وراء الكواليس ووراء الستار، إن العلماء والدعاة بل والعامة أحوج ما يكونون إلى من يقول لهم إنه يجري في أوساط النساء كيت وكيت، فأين دوركم وما مجالكم وأين هي أصواتكم؟
فإخبارهم بما يحصل ويحدث داخل تلك الأسوار هو أقل ما يمكن، ومع ذلك أعتقد أن زمن الشكوى المجردة قد انتهى أو كاد أن ينتهي (أي أن دور الخيريين والخيرات لا يجوز أبداً أن يتوقف عند مجرد رفع الشكاوى للجهات المختصة)، لأسباب أهمها:
أولاً: لو كان هناك إصرار من القمم على منع رياح التغيير والفساد لأحكموا غلق النوافذ، والمسؤولون الصغار دائماً وأبداً يتلمسون مواقف الكبار وردود فعلهم ومدى حزمهم أو تساهلهم، ولذلك يقال في النكت والطرائف، إذا أردت أن تعرف مدى قوة المسؤول في بلد، فانظر في سلوك البقال إذا صار بينك وبينه مشاجرة، فإذا قلت له إن فعلت وإلا رفعتك إلى مدير الشرطة أو إلى المحافظ أو إلى الأمير، فوجدته اضطرب وارتبك وخاف فاعرف أن هذا دليل القوة والعدل، وأن سيف الحق صارم، أما إذا قال لك: ارفع وافعل ما شئت، وأمامك هيئة الأمم المتحدة وأمامك وأمامك.. فاعلم أن الأمر دليل على التراخي..
ثانياً: ضغوط الناس لا يمكن إهمالها بحال من الأحوال، خاصة ونحن في عصر صار للجماهير فيه تأثير كبير، حيث أسقطوا زعماء كبار وهزوا عروشاً وحطموا أسواراً وحواجز، ولا زالت صورة العُزّل الذين يواجهون الدبابات بصدورهم في الاتحاد السوفيتي، بعدما قام الانقلاب الشيوعي الأخير الذي فشل، وهم يتدافعون في وجوه الدبابات بالآلاف بل بعشرات الآلاف، حتى استطاعوا وهم لا يملكون ولا حتى رصاصة واحدة، أن يقفوا في وجه ذلك الانقلاب ويفشلوه، لازالت هذه الصورة ماثلة للأذهان وقد رآها العالم كله حية على الهواء في شرقه وغربه.
فإذا كان المجتمع الذي نعيش فيه مجتمعاً منقسماً وهذه حقيقة { فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } [النمل: 45]، وهذا الانقسام إلى حق وباطل ومهتدٍ وضال ومؤمن وفاجر، وهو أمر لا خيار فيه ولا حل له، ولا يعني أن هناك سعياً إلى تمزيق المجتمع بل هو سعي إلى تسمية الأمور بأسمائها الحقيقية، ووضع الأمر في نصابه.
أقول، إذا كان المجتمع منقسماً - وهذه حقيقة - فينبغي أن يمارس الخيّرون كافة الوسائل لتحقيق قناعاتهم الشرعية، والشكوى وسيلة لا يمكن أن نهون منها أو من شأنها، ولكنها من أضعف الوسائل خاصة إذا لم يكن معها غيرها، لكن يستطيع الأخيار أن يمارسوا دورهم كغيرهم، وكما أن تلك الفتاة المنحرفة المشبعة بأفكار الغرب واتجاهاته استطاعت أن تصل إلى موقع التأثير والمسؤولية، وغيرت عقول بعض بناتنا وبعض فتياتنا وأثرت عليهن، فكذلك تستطيع الطيبة الصالحة المهتدية أن تكون في الموقع نفسه، وليس هناك حواجز بحمد الله تقف في وجهها، وإن وجد حواجز فالتغلب عليها ممكن و(الحاجة أم الاختراع)، والمؤمن الصادق لا يعدم حيلة توصله بإذن الله تعالى إلى ما يريد.
ثالثاً: الذي يجعلني أقول إن مجرد الشكوى لا يكفي، أنه من غير الممكن اليوم أن نقول للناس أغلقوا الجامعات أغلقوا المستشفيات.. أغلقوا المؤسسات النسائية، فهذا أمر غير مطلوب فلابد للناس من كل هذه الأمور وهي مؤسسات ارتبطت بحياة الناس الآن بدون شك، فلم يبق إلا أن يرسم لهذه المؤسسات والمدارس والمستشفيات الإطار الشرعي الصحيح، والشرع جاء بضبط كل شيء { وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً } [الإسراء: 12]، فلم يبق إلا أن تشجع الفاضلات على إدارتها، أو على الأقل على المساهمة فيها ومزاحمة الاتجاهات الأخرى غير المهتدية.
منقول .. يتبع الجزء 3
المرأة بطبيعتها أكثر تأثراً بالخير والشر وبما يحيط بها من الرجل، ولذلك نعرف خطر استغلال أجهزة الزور المسماة بأجهزة الإعلام في التخريب، وتأثير تلك الأجهزة في عقلية المرأة ناجمة عن بقاء المرأة في المنـزل ووجود الفراغ الذي تعيشه جزءا من الوقت, فكثير من النساء تعكف عند هذا الجهاز، ومنه تتناول ثقافتها وعلمها بل وحتى معلوماتها عن دينها، من خلال بعض الأقوال والآراء والأطروحات والأمور التي تقدم لها.
وإن من الواجب أن يستخدم الدعاة الوسائل العلنية العامة في مخاطبة النساء كالشريط والكتاب والمحاضرة المتخصصة بل والمدرسة والجامعة, حتى أقول: والسوق وكل وسيلة متاحة مباحة، فإنه ينبغي أن يستخدمها الدعاة إلى الله تعالى في الوصول إلى عقول النساء وقلوبهن ومخاطبتهن بآيات الله – تعالى – والحكمة..
أيها الأحبة.. أيتها الأخوات.. إن رموز الوطنية والتحرر والثقافة في معظم البلاد العربية أمثال هدى شعراوي وأمينة السعيد ونوال السعداوي والقائمة المعروفة.. كن رموزاً في نظرهم يطبّل لها الإعلام، وتتكلم عنها الصحافة ويعتبرن رائدات في مجالهن، أما في بلادنا في هذه الجزيرة بالذات فلا تزال المستغربات في العقل والشعور موضوع ازدراء وسخرية من المجتمع بحمد الله تعالى.
فهن يكتبن في صحفنا بكل تأكيد ولكن على استحياء وبشيء من الغموض فإذا أرادت إحداهن نقد الدين عبرت بالطقوس والتقاليد البالية والسراب ومخلفات القرون السابقة، لكنها لا تستطيع أن تتكلم عن الدين هكذا صراحاً بواحاً.
وإذا أرادت نقد العلماء والدعاة عبرت بالمتطرفين وبالأصوليين ضيقي الأفق, أو أبعد في النجعة فعبرت بالكهانة والكهنة.
وهذا يبرز مسؤولية القادرات من أخواتنا وبناتنا في وجوب وجود قيادات نسائية مـعروفة على كافة المستويات، فلا بد أن تكون في المدرسات قيادة وفي نطاق (التعليم) قيادات، وعلى مستوى البلد قيادات بل وعلى مستوى الإقليم قيادات، وهذا وإن كان واجباً في كل بلاد الإسلام إلا أنه في هذا البلد أسهل وأيسر، فلا يزال الميدان مكشوفاً مفتوحاً لمن أراد.
والبعض من الإخوة يعتبون علي ويقولون: لماذا تحرض النساء على الاستمرار في الدراسة مثلاً أو على مواصلة العمل وخاصة من المتدينات؟
والجواب.. أقول لإخوتي وأخواتي.. إننا في مجتمع لا ننفرد نحن بصياغته وصناعته، بل هو مجتمع فيه صناع كثيرون (ذووا) عقول شتى ومذاهب مختلفة وآراء (متباينة)، بل ونظريات واتجاهات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كما يقال..
فإذا توقفت الملتزمة عند حد معين فغيرها لا يتوقف، ومعنى ذلك أننا حين ننصح المتدينات بترك مجالات العمل والتأثير فإننا سمحنا لكل تلك الفئات والطبقات والاتجاهات التي لا تسمع لنا أصلاً بأن تنمو وتتوغل وتتغلغل في المجتمع، ووضعنا سداً منيعاً أمام العنصر الوحيد الذي يمكن أن يساهم بشكل جيد في ضبط المسيرة، أو يساهم في تحجيم الشر والفساد، ولا أعتقد أن ثمة خدمة يمكن أن نقدمها بالمجان للعلمانيين وأصحاب النوايا السيئة وصرعى الشهوات أعظم من هذه الخدمة، ألا وهي أن تخلو التجمعات النسائية بجامعاتها ودراساتها ومعاهدها وندواتها وأعمالها من الملتزمة التي ترفع راية الدين وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر!
وأقل ما يمكن أن تقوم به تلك الملتزمة هي أن تشعر المجتمع بما يجري داخل تلك المجتمعات النسائية وما يكون وراء الكواليس ووراء الستار، إن العلماء والدعاة بل والعامة أحوج ما يكونون إلى من يقول لهم إنه يجري في أوساط النساء كيت وكيت، فأين دوركم وما مجالكم وأين هي أصواتكم؟
فإخبارهم بما يحصل ويحدث داخل تلك الأسوار هو أقل ما يمكن، ومع ذلك أعتقد أن زمن الشكوى المجردة قد انتهى أو كاد أن ينتهي (أي أن دور الخيريين والخيرات لا يجوز أبداً أن يتوقف عند مجرد رفع الشكاوى للجهات المختصة)، لأسباب أهمها:
أولاً: لو كان هناك إصرار من القمم على منع رياح التغيير والفساد لأحكموا غلق النوافذ، والمسؤولون الصغار دائماً وأبداً يتلمسون مواقف الكبار وردود فعلهم ومدى حزمهم أو تساهلهم، ولذلك يقال في النكت والطرائف، إذا أردت أن تعرف مدى قوة المسؤول في بلد، فانظر في سلوك البقال إذا صار بينك وبينه مشاجرة، فإذا قلت له إن فعلت وإلا رفعتك إلى مدير الشرطة أو إلى المحافظ أو إلى الأمير، فوجدته اضطرب وارتبك وخاف فاعرف أن هذا دليل القوة والعدل، وأن سيف الحق صارم، أما إذا قال لك: ارفع وافعل ما شئت، وأمامك هيئة الأمم المتحدة وأمامك وأمامك.. فاعلم أن الأمر دليل على التراخي..
ثانياً: ضغوط الناس لا يمكن إهمالها بحال من الأحوال، خاصة ونحن في عصر صار للجماهير فيه تأثير كبير، حيث أسقطوا زعماء كبار وهزوا عروشاً وحطموا أسواراً وحواجز، ولا زالت صورة العُزّل الذين يواجهون الدبابات بصدورهم في الاتحاد السوفيتي، بعدما قام الانقلاب الشيوعي الأخير الذي فشل، وهم يتدافعون في وجوه الدبابات بالآلاف بل بعشرات الآلاف، حتى استطاعوا وهم لا يملكون ولا حتى رصاصة واحدة، أن يقفوا في وجه ذلك الانقلاب ويفشلوه، لازالت هذه الصورة ماثلة للأذهان وقد رآها العالم كله حية على الهواء في شرقه وغربه.
فإذا كان المجتمع الذي نعيش فيه مجتمعاً منقسماً وهذه حقيقة { فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } [النمل: 45]، وهذا الانقسام إلى حق وباطل ومهتدٍ وضال ومؤمن وفاجر، وهو أمر لا خيار فيه ولا حل له، ولا يعني أن هناك سعياً إلى تمزيق المجتمع بل هو سعي إلى تسمية الأمور بأسمائها الحقيقية، ووضع الأمر في نصابه.
أقول، إذا كان المجتمع منقسماً - وهذه حقيقة - فينبغي أن يمارس الخيّرون كافة الوسائل لتحقيق قناعاتهم الشرعية، والشكوى وسيلة لا يمكن أن نهون منها أو من شأنها، ولكنها من أضعف الوسائل خاصة إذا لم يكن معها غيرها، لكن يستطيع الأخيار أن يمارسوا دورهم كغيرهم، وكما أن تلك الفتاة المنحرفة المشبعة بأفكار الغرب واتجاهاته استطاعت أن تصل إلى موقع التأثير والمسؤولية، وغيرت عقول بعض بناتنا وبعض فتياتنا وأثرت عليهن، فكذلك تستطيع الطيبة الصالحة المهتدية أن تكون في الموقع نفسه، وليس هناك حواجز بحمد الله تقف في وجهها، وإن وجد حواجز فالتغلب عليها ممكن و(الحاجة أم الاختراع)، والمؤمن الصادق لا يعدم حيلة توصله بإذن الله تعالى إلى ما يريد.
ثالثاً: الذي يجعلني أقول إن مجرد الشكوى لا يكفي، أنه من غير الممكن اليوم أن نقول للناس أغلقوا الجامعات أغلقوا المستشفيات.. أغلقوا المؤسسات النسائية، فهذا أمر غير مطلوب فلابد للناس من كل هذه الأمور وهي مؤسسات ارتبطت بحياة الناس الآن بدون شك، فلم يبق إلا أن يرسم لهذه المؤسسات والمدارس والمستشفيات الإطار الشرعي الصحيح، والشرع جاء بضبط كل شيء { وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً } [الإسراء: 12]، فلم يبق إلا أن تشجع الفاضلات على إدارتها، أو على الأقل على المساهمة فيها ومزاحمة الاتجاهات الأخرى غير المهتدية.
منقول .. يتبع الجزء 3
تعليق