إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

    ارجو من الاخوة المشرفين تثبيت هذا الموضوع لاهميته.وشكرا.
    اخواني الكرام ساعرض لكم راي علماء المسلمين حيث يرون ان الهدنة مع اسرائيل جائزه ولكن بشروط ستعرض من خلال كلامهم،وانا اعتب على اخواني الذين عندما سالتهم هل الهدنة مع العدو في ارض فلسطين جائزه فلم يرد علي احد لذلك كان من واجبي توضيح الامر وهو من اخطر الامور.
    ساعرض لكم ليس راي شيخ واحد بل عددا منهم للتاكيد على صحة اقوالهم.وعدم خطا حماس.
    ومن يستطيع ان ياتي باراء فلياتنا.



    وهذ هو الرد الاول...............
    وذلك حتى نسكت كل صوت يحاول ان يجعل من نفسه الافضل والمراعي لاحكام الله وهو لا يعلم عنها شيئا........

    بسم الله الرحمن الرحيم

    حكم عقد الهدنة مع العدو للحاجة


    كثر الكلام هذه الأيام عن الهدنة، وكثرت الاستفسارات عنها من حيث مشروعيتها، وبخاصة مع اليهود المغتصبين للأرض الإسلامية، وهل يدخل ما يسمى بـ"التطبيع" في الهدنة الشرعية؟

    وهل يجوز للمجاهدين في فلسطين وفي غيرها من البلدان الإسلامية المغتصبة، أن يعقدوا هدنة مع عدوهم، إذا خافوا استئصالهم لقوة عدوهم وضعفهم؟

    وحيث إن هذا الموضوع من أهم موضوعات الساعة، فلا بد من بيانه بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله وسيرته صلى الله عليه وسلم، وما استنبطه علماء المسلمين في مؤلفاتهم، ليكون المسلمون على بينة من أمرهم من فقه دينهم، لا من العواطف وإطلاق الكلام بدون دليل.

    وكثير من المسلمين المتحمسين لدينهم، والغيورين على أمتهم، الذين يقلقهم ما يرونه من عدوان على بلدانهم وعلى إخوانهم، في فلسطين والعراق وغيرهما من البلدان الإسلامية، يتوقون لجهاد عدوهم، وطرده من بلدانهم، يدفعهم إلى ذلك الحكم الشرعي الواضح الذي أجمع عليه علماؤهم، وهو أن من الحالات التي يكون الجهاد فيها فرض عين، أن يهجم العدو على بلاد المسلمين....

    ثم إنهم يقرؤون في كتاب الله، وعده بنصر عباده المؤمنين على عدوهم، كما في قوله تعالى: ((ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين(171)إنهم لهم المنصورون (172)وإن جندنا لهم الغالبون)) [الصافات (173)]

    وقوله تعالى: ((ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز]] [الحج (40)]
    وقوله تعالى: ((ياأيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)) [محمد (7)]

    ومن الآيات التي تلهب عواطف الشباب المسلم وتدفعه إلى جهاد عدوه، بما يملك مما يعتبره قدرة، قوله تعالى: ((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين)) البقرة [(249)]

    ولهذا ينطلق هذا الشباب، مضحيا بنفسه، مهما قل عدده، وضعفت عدته، زاهدا في دنياه وزخارفها، لينال ما يشفي صدره، ويغيظ عدوه الظالم المعتدي، ولينال الشهادة عند ربه، وفي غمرة هذه العواطف الجياشة والرغبة الجامحة في التنكيل بعدوه، قد لا ينتبه لسنة طبيعية كونية شرعية، ينبغي مراعاتها مع الحكم الشرعي:

    الحكم الشرعي هو جهاد العدو الذي أمر الله به، وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، وطبقه هو وأصحابه ومن تبعهم من هذه الأمة.
    والسنة الطبيعية الكونية الشرعية، هي القدرة التي إذا توفرت ترتب عليها الحكم الشرعي وهو وجوب الجهاد حتى يهزم العدو، وإذا فقدت سقط هذا الوجوب.

    وهذه القدرة لها ركنان:
    الركن الأول: وجود العدد الكافي من المسلمين، سالمين من الأعذار البدنية التي تمنعهم من قتال عدوهم، كالعمى والعرج والمرض المزمن وصغر السن ....
    الركن الثاني: وجود آلة الجهاد من المال والسلاح اللذين يتيحان للمجاهد مقاتلة عدوه عادة.

    والدليل على الركن الأول، قوله تعالى: ((ياأيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون)) [الأنفال (65)]

    وجه الدلالة من الآية أن الواجب على المسلمين، أن يقاتل الواحد منهم العشرة من عدوهم، ولا يجوز لهم الفرار من عدوهم في هذه الحال، فإذا نقص عدد المسلمين عن هذه النسبة، كأن يكونوا عشرين وعدد عدوهم ثلاثمائة، فلا يجب عليهم قتاله، بل هم معذورون في ترك قتاله.

    هذا قبل أن تنسخ الآية بالآية الأخرى التي خفف الله تعالى فيها عن المسلمين، فأوجب فيها عليهم أن يقاتلوا عدوهم بنسبة واحد إلى اثنين، كما قال تعالى: ((الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين)) [الأنفال (66)]

    فلا يجب على المسلمين قتال عدوهم عند كثرته وقلتهم في ميزان الشرع، وهو أن يزيد عدد عدوهم عن هذه النسبة، كأن يكون عدده ثلاثمائة وعدد المسلمين مائة...

    والدليل على الركن الثاني: قوله تعالى: ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وءاخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون)) [الأنفال (60)]

    وجه الدلالة من الآية، أن المؤمنين مأمورون بإعداد العدة التي يستطيعونها، بحيث يترتب عليها رهبة عدوهم وخوفه منها، رهبة وخوفا يمنعانه من العدوان على المسلمين، فيفهم من ذلك أن القدرة الطبيعية الكونية مأمور بها شرعا كالحكم الشرعي.

    فإذا نقص هذا الركن نقصا يغلب على الظن أنه يسلب المسلمين القدرة على هزيمة عدوهم، وقدرة عدوهم على هزيمتهم، سقط وجوب الجهاد عنهم، بل يجب عليهم الكف عن قتاله، إذا غلب على ظنهم أن الضرر المترتب عليه سيكون أعظم من الضرر الموجود.

    ومعنى هذا أنه يجب أن يكون سلاح الفريقين متكافئا أو متقاربا، كالسيوف والخناجر والعصي والسكاكين، وكالمسدسات والرشاشات، وكالمدافع والصواريخ... ونحو ذلك مما تكون آثاره متقاربة على الجميع.

    وهذا المعنى [وهو غلبة ظن المسلمين أن قتالهم عدوهم، سيترتب عليه ضرر أشد] تجب مراعاته في السلاح أيضا، فقد يكون عدد المسلمين مساويا لعدد عدوهم أو أكثر منه، ولكن سلاح العدو شديد الفتك بالمسلمين، ولا يوجد عند المسلمين سلاح يستطيعون به الدفاع عن أنفسهم به لضعف سلاحهم وعدم جدواه أمام سلاح العدو.
    مثال ذلك وجود السلاح النووي عند العدو، والصواريخ العابرة للقارات، وسلاح الطيران الذي لا يوجد ما يدفعه عند المسلمين، فإذا كان المسلمون لا يملكون ما يمكنهم من دفع هذا السلاح عن أرضهم وشعوبهم، فلا يكلفون القتال المعتاد ضد العدو في هذه الحال، وبخاصة إذا كان الجهاد جهادَ طلب، لأنه سيترتب على قتال العدو حينئذ أن يعود بالنقض على أهداف الجهاد، وهي أن تكون كلمة الله هي العليا، وتحطيم الحواجز أمام الدعوة إلى الله، وحماية ديار المسلمين من العدوان....

    أما إذا كان المقصود من الجهاد دفع عدوان العدو الذي تمكن من اغتصاب أرض المسلمين، كما هو الحال في الأرض المباركة "فلسطين" فإن الواجب على جميع المسلمين في هذا البلد، أن يتحدوا ويخططوا للقيام بمقاومة العدو الممكنة، وهي تتمثل في العصيان المدني، كالإضراب الشامل أو الجزئي، وحرب الكمائن التي تقوم بها الوحدات المنفصلة ذات التدريب العالي، مع التنسيق الممكن فيما بينها.

    وإلقاء المتفجرات في صفوف مقاتلي العدو من الجيش النظامي وغيره، في أي موقع من مواقعه، وبأي وسيلة مشروعة ممكنة، بما في ذلك العمليات الاستشهادية، وتحطيم مرافقه كالجسور ومحطات الكهرباء ومخازن التموين، وغير ذلك مما يتيح للمجاهدين عمله، مما يلقي الرعب في قلوب عدوهم، ويشغله عن تقوية نفسه عليهم....


    وهذا العمل مع ما فيه من التضحية بالنفس والنفيس، ومن تلقي الضربات الموجعة من العدو الغاشم الذي يملك من العدد والعدة ما لا يتحمله إلا أولو العزم من الرجال، فإن الآثار التي تحدثها عمليات المجاهدين النوعية التي لا يملكها العدو أشد نكاية فيه، وأشد تحطيما لمعنويات.

    وقد تبين ذلك في المدة الأخيرة التي انطلقت فيها حركة الأقصى الجهادية، حيث ارتفعت ضحاياه ارتفاعا لم يسبق له مثيل، وتدنى اقتصاده إلى أدنى دركاته، وتحطمت معنويات جنوده، وأعلن بعضهم تمرده ونادى بعصيان أوامر قياداته، وأصيب كثير منهم بالأمراض النفسية...

    وحزم بعض اليهود حقائبهم فارين من لهيب العمليات الفدائية، معاكسين بذلك الهجرة إلى الأرض المباركة... وتحركت الحكومة الأمريكية لنجدة اليهود بالوعد بإقامة دولة فلسطينية بجانب الدولة ما يسمى بالدولة الإسرائيلية، وهي حركة ظالمة هدفها القضاء على الحركة الجهادية الفلسطينية....

    ولو أن الفلسطينيين أجمعوا أمرهم، وتعاونوا فيما بينهم على استمرار الحركة الجهادية المباركة، وصبروا وصابروا ووجدوا عونا معنويا وسياسيا وماليا، من إخوانهم العرب والمسلمين، لرأوا ما يسرهم في المغتصب اليهودي الذي أهان هذه الأمة، بسبب هوانها على الله لهوانها على نفسها.

    ولكن مواقف بعض أبناء هذا الشعب الذين أغرتهم المناصب السياسية، والوعود اليهودية والأمريكية الوهمية، مواقفهم من الحركة الجهادية ومحاربتها، طمعا في الحلول السلمية، التي بدأت بمدريد وانتهت بأوسلو وما تبعها من مؤتمرات واجتماعات سياسية واستخبارية، تلك المواقف أضعفت الحركة الجهادية في الأرض المباركة.

    وحالت بينها وبين سرعة تحقيق أهدافها، التي من أهمها اضطرار العدو اليهودي إلى الانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتفكيك القرى المسماة بـ"المستوطنات" والكف عن العدوان المستمر على الفلسطينيين في هاتين المنطقتين...ثم تبدأ مرحلة جديدة من مقاومة العدو المغتصب لأرض المسلمين.... في حدود القدرة المتاحة للمسلمين.

    وقد عانى المجاهدون في فلسطين من السلطة الفلسطينية، مشقات متتابعة، من اعتقال وتعذيب وإطلاق نار، ومع ذلك كله صبر المجاهدون على تلك المشقات، وكفوا عن الدفاع عن أنفسهم مع قدرتهم على ذلك، حرصا منهم على عدم تحقيق أهم أهداف اليهود من كل مفاوضاتهم مع السلطة الفلسطينية، وهو وقوع الاقتتال بين الفلسطينيين أنفسهم، بدلا من القتال بينهم وبين اليهود...
    وعندما فشل اليهود والأمريكان في تحقيق هذا الهدف عن طريق ياسر عرفات وأركان إدارته، عزلوه وأصروا على نقل سلطته إلى من ظنوه سيحققه لهم.

    وهاهي اليوم أمريكا وبعض الدول العربية تدعم المعين الجديد، الذي تعهد بضرب الحركة الجهادية في فلسطين، ومنع أي معونات مالية تصل إلى مؤسساتهم الخيرية، مقابل وعد يهودي أمريكي بإقامة دولة فلسطينية مؤقتة، وهو وعد مكذوب يعرفه القاصي والداني.

    وقد تكفلت أمريكا واليهود والدول الغربية، بتقديم الدعم المالي والسلاح والتدريب للسلطة الجديد، مع إشراف الولايات المتحدة المباشر على تنفيذ هذه السلطة ما تعهدت به، من القضاء على الحركات الجهادية...

    وهذا هو هدف اليهود والأمريكان، الذي إذا حققوه نقضوا عهودهم ومواثيقهم، فيما وعدوا به مما يسمى بخريطة الطريق، مع ما فيه من ظلم للفلسطينيين وإهانات لهم وإذلال.

    ونحن المسلمين نعرف نقض عهود اليهود ومن ناصرهم من الصليبيين، من مصدرين:
    المصدر الأول: كتاب الله منذ نزوله على محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أخبرنا أنهم في تاريخهم الطويل، لا يفون بوعودهم وعهودهم ومواثيقهم في .
    كما قال تعالى: ((أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون)) [البقرة (100)]
    وقال تعالى: ((فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا)) [النساء(155)]

    المصدر الثاني: واقعهم الذي يشهد على خيانتهم ونقض عهودهم وفسادهم في أي أرض سكنوها، وفي أي أمة أقاموا بين ظهرانيها، ويكفي أن نشير إلى خيانتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته، من يوم وطئت قدماه المدينة، إلى يومنا هذا.
    فكم اتفاقات عقدوها في عصرنا هذا مع من مد لهم يد السلم وتنازل لهم عن حقوق الأمة بدون إذنها، فخانوا وعدهم ونقضوا عهدهم معه، ولا زال يلدغ من جحر واحد مرات ومرات
    ...

    ومع ما نعرفه من نقض عهودهم، واستمرار ظلمهم للإسلام والمسلمين في كل أنحاء الأرض اليوم.
    ومع استعلاء الإيمان، وعزة المؤمن وتوكله على ربه، وشجاعته وكرمه، ورغبته في دفع عدوان المعتدين، بل نشر دعوته في العالم، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ونصر المظلومين.

    ومع يقيننا بأن الفئة القليلة من المؤمنين، تقف أمام الفئة الكثيرة المعتدية من أعداء الله وأعداء دينه وأوليائه المؤمنين، لا تهاب إلا خالقها ولا تخاف فيها لومة لائم.

    ومع ما في قصص الأنبياء وتاريخ الأمم، وما ذكر في الآيات والأحاديث ونصوص السيرة النبوية التي سبقت الإشارة في هذا المبحث وغيره، من الدلالة على استعلاء المؤمنين على أعدائهم، معتمدين على ربهم الذي وعدهم بالنصر على أعدائهم.... مع كله، يجب أن نبين أن للمصالح والمفاسد والضرورات والحاجات أحكامها في شرع الله.

    للمصالح والضرورات أحكامها

    يجب هنا أن نبين أن سنن الله الشرعية، لا بد أن يصحبها الأخذ بالسنن السببية التي يجب على المسلمين مراعاتها والأخذ بها، وأن الله تعالى كلف عباده المؤمنين اتخاذ الأسباب، لتنفيذ ما أمرهم به شرعا، وأن العجز عن إيجاد الأسباب التي تعين على تنفيذ الأحكام الشرعية، يعذر به العاجز، ولهذا عذر الله تعالى بقلة العَدد كما سبق في قوله تعالى: ((الآن علم الله أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين…)) بعد أن نزل قوله: ((يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون.....)) وسبق كلام العلماء في ذلك، كما سبق أنَّ الله أمر المسلمين في مكة بالكف عن القتال، ومن أهم أسباب أمرهم بذلك، ضعفهم وقلة عددهم وقوة عدوهم وكثرته. [يراجع تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (1/525)]. على الآية "77" من سورة النساء]

    ثم إن الله تعالى لم يكلف المسلمين في المدينة قتال عدوهم قبل ترتيب شئونهم، الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولم يكلفهم ذلك إلا بعد أن أصبحت السلطة فيها للمسلمين بقيادة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وكان غالب جهادهم في المدينة جهاد دفع عدوان عدوهم، وليس جهاد طلبهم له

    ومعلوم أن القاعدة الشرعية العامة، أن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، لأن القدرة هي مناط التكليف، ولهذا شرع عقد المسلمين الهدنةَ مع عدوهم، عند الحاجة أو المصلحة.
    تعريف الهدنة

    الهدنة في اللغة العربية.أصل الهدنة في اللغة العربية: السكونُ بعد الهَيْجِ، و هَدَنَ يَهْدِنُ هُدُوناً: سَكَنَ.
    و هَدَنَه أَي سكَّنه، يأتي لازما ومتعديا.
    و هادَنه مُهادَنَةً: صالـحه، والاسم منهما الْهُدْنة.
    ويقال للصلـح بعد القتال والـمُوادعة بـين الـمسلـمين والكفار، وبـين كل متـحاربـين... و هادَنَ القومَ: وادَعهم. [تراجع مادة "هدن" في لسان العرب لابن منظور]

    ومعنى الهدنة في الاصطلاح: "أن يعقد الإمام أو نائبه عقدا على ترك القتال مدة، ويسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة" [الإنصاف للمرداوي (4/211) المغني لابن قدامة]
    قال شيخ الإسلام زكريا
    "كِتَابُ عَقْدِ الْهُدْنَةِ" "وَتُسَمَّى الْمُوَادَعَةُ وَالْمُعَاهَدَةُ"
    وَالْمُسَالَمَةُ وَالْمُهَادَنَةُ لُغَةً الْمُصَالَحَةُ وَشَرْعًا مُصَالَحَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ, وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْهُدُونِ, وَهُوَ السُّكُونُ.
    تَقُولُ هَدَّنْتُ الرَّجُلَ وَأَهْدَنْتُهُ إذَا سَكَّنْته، وَهَدَنَ هُوَ سَكَنَ وَالأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قوله تعالى: ((بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)) الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ((وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا)) الْآيَةَ، وَمُهَادَنَتُهُ صلى الله عليه وسلم قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ , وَهِيَ جَائِزَةٌ لَا وَاجِبَةٌ" [أسنى المطالب شرح روضة الطالب]

    أقوال العلماء في مشروعية الهدنةوقد شرع الله تعالى للمسلمين الصلح والهدنة، عندما يفقدون القدرة على الجهاد، أو يرون فيها مصلحة راجحة، أو ضرورة لازمة، أو حاجة داعية، كما حصل في صلح الحديبية، بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقريش، مع ما كان في هذا الصلح من الإجحاف بالمسلمين، الذين حزنوا حزنا شديدا لعقده، وقد كان في هذا الصلح من المصالح العظيمة، أن سماه الله تعالى "فتحا" كما قال تعالى: ((إنا فتحنا لك فتحا مبينا)) [أول سورة الفتح]

    وقد تكلم العلماء في مشروعية الهدنة والصلح مع الأعداء في كتب التفسير، بمناسبة تفسيرهم لبعض آيات القرآن الكريم التي لها صلة بالموضوع، وكذلك شراح الحديث بمناسبة شرحهم للأحاديث التي لها صلة بالموضوع كذلك، وفي كتب الفقه في الأبواب الخاصة بالموضوع.

    يضاف إلى ذلك ما سطرته كتب السيرة النبوية، مما وقع من في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، أوفي كتب التاريخ في عهد صحابته من بعده، ثم ما تكرر في عهود الأئمة من بعدهم، في هذا الباب.

    و يَرِدُ كلامُ المفسرين غالبا في تفسير الآيات الثلاث الآتية:
    1- ((وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم)) [سورة الأنفال (61)]
    2- ((فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم)) [التوبة (5)]
    3- ((فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم)) [محمد (35)]

    فظاهر آية الأنفال يدل على أن المسلمين مأمورون، بأن يميلوا إلى السِّلم إذا مال إليه العدو، ومعنى ذلك أن يَقِف المسلمون الحربَ القائمة بينهم وبين عدوهم، إذا طلب العدو ذلك منهم، على صلح يعقد بينهم بشروطه.

    فهل حكم هذه الآية ثابت باق في الإسلام، أو هو منسوخ بالآيتين المذكورتين في سورة التوبة وسورة محمد؟
    1- رأى بعض العلماء أن آية التوبة نسخت آية سورة الأنفال، لأن أحكام الجهاد التي نزلت في سورة التوبة، كانت هي آخر مراحل الجهاد في الإسلام، ونسب القول بالنسخ إلى ابن عباس رضي الله عنهما، وغيره.
    ومعنى النسخ أن حكم المهادنة والمسالمة، لم يعد مشروعا، فليس للمسلمين أن يعقدوا مهادنة مع عدوهم، إلا في حالة الضرورة، فالضرورة شرط في عقد الهدنة عند هؤلاء.

    قال الكاساني: "وَشَرْطُهَا الضَّرُورَةُ , وَهِيَ ضَرُورَةُ اسْتِعْدَادِ الْقِتَالِ , بِأَنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ , وَبِالْكَفَرَةِ قُوَّةُ الْمُجَاوَزَةِ إلَى قَوْمٍ آخَرِينَ , فَلَا تَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ" بدائع الصنائع (7/108وما بعدها)

    وقال ابن رشد رحمه الله: " فأما هل تجوز المهادنة؟ فإن قوما أجازوها ابتداء... إذا رأى ذلك الإمام مصلحة للمسلمين، وقوم لم يجيزوها إلا لمكان الضرورة الداعية لأهل الإسلام..." [بداية المجتهد ونهاية المقتصد ((1/283)]

    2- ورد القول بالنسخ كثير من العلماء من مفسرين وغيرهم، فأجازوها للمصلحة.
    فقال ابن كثير رحمه الله: "وقول ابن عباس ومجاهد، وزيد بن أسلم، وعطاء الخراساني، وعكرمة والحسن، وقتادة: إن هذه الآية منسوخة بآية السيف في براءة: ((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر)) فيه نظر أيضا، لأن آية براءة فيها الأمر بقتالهم إذا أمكن ذلك، فأما إذا كان العدو كثيفا، فإنه تجوز مهادنتهم، كما دلت عليه هذه الآية الكريمة، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، يوم الحديبية، فلا منافاة، ولا نسخ ولا تخصيص. والله أعلم". [تفسير القرآن العظيم (4/84) تحقيق سامي بن محمد السلامة.

    ومما استدل به القائلون بالنسخ، أن الله تعالى نهى المسلمين، أن يدْعوا عدوهم إلى المهادنة والمسالمة، لأنهم الأعلون عليهم بدينهم الحق، كما في آية محمد السابقة: ((فلا تهنوا... ) الآية.

    ومعلوم أن للمسلمين عُلُوَّين: علو معنوي، وهو كونهم على الدين الحق الذي لا يقبل الله دينا سواه، فهم الأعلون على غيرهم في هذا، وعلو مادي، وهو القوة التي يستطيعون بها محاربة العدو طلبا أو دفعا، وهي التي أمرهم الله تعالى بها في قوله: ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة))

    ولا شك أن العلو المعنوي وحده، بدون العلو المادي، غير كاف في تكليف الله تعالى المسلمين قتالَ عدوهم، لأنه تعالى: لا يكلف نفسا إلا وسعها.

    ولهذا فسر ابن كثير رحمه الله العلو في آية محمد بالعلو المادي، من كثرة العَدَد والعُدَد، فقال: " ثم قال جل وعلا لعباده المؤمنين ((فلا تهنوا)) أي لا تضعفوا عن الأعداء وتدعوا إلى السلم، أي المهادنة والمسالمة ووضع، القتال بينكم وبين الكفار، في حال قوتكم وكثرة عَدَدكم وعُدَّتكم، ولهذا قال: ((فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون)) أي في حال علوكم على عدوكم.

    فأما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة، بالنسبة إلى جميع المسلمين، ورأى الإمام في المهادنة والمعاهدة مصلحة، فله أن يفعل ذلك، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين صده كفار قريش عن مكة، ودعوه إلى الصلح، ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين، فأجابهم صلى الله عليه وسلم إلى ذلك" [تفسير القرآن العظيم (4/182)

    واستدل القائلون بمشروعية الهدنة للمصلح والحاجة، بما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه عقد الهدنة مع مشركي قريش.
    كما روى ذلك البراء بن عازب وغيره، قال: "لما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم عن البيت، صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثا، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف وقرابة، ولا يخرج بأحد معه من أهلها، ولا يمنع أحدا يمكث بها ممن كان معه"
    [صحيح البخاري، برقم (2552) وصحيح مسلم، (1783) و"الْجُلُبَّان" قال النووي: "والجلبان بضم الجيم، قال القاضي في المشارق: ضبطناه جُلُبَّان، بضم الجيم واللام وتشديد الباء الموحدة، قال وكذا رواه الأكثرون، وصوبه ابن قتيبة وغيره، ورواه بعضهم بإسكان اللام، وكذا ذكره الهروي وصوبه هو وثابت، ولم يذكر ثابت سواه" شرح النووي على صحيح مسلم (12/136)]

    ومعلوم أنه لا يسار إلى النسخ إلا بدليل يدل عليه، أو يحصل بين النصين تعارض لا يمكن معه الجمع بينهما، وقد أمكن الجمع هنا كما ترى.

    وهذا هو رأي جماهير العلماء، بل ذكر النووي رحمه الله الإجماع على جواز الهدنة للمصلحة، فقال "وفي هذه الأحاديث دليل لجواز مصلحة الكفار إذا كان فيها مصلحة، وهو مجمع عليه عند الحاجة..." [شرح النووي على مسلم (12/143)

    اختلاف حكم الهدنة باختلاف حال المسلمين ومصلحة الإسلام

    فإذا كان المسلمون أقوياء عَددا وعُدَدا، لم تجز لهم المهادنة والمسالمة، إلا لمصلحة راجحة يراها أولو الأمر، كالطمع في إسلام العدو ونحوه.وإذا كانوا ضعفاء عددا أوعدة، جاز لهم مهادنة عدوهم ومسالمتهم على أساس الصلح المتاح.
    قال القرطبي: "قال السدي وابن زيد: "معنى الآية إن دعوك إلى الصلح فأجبهم، ولا نسخ فيها. قال ابن العربي وبهذا يختلف الجواب عنه، وقد قال الله عز وجل ((فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم))
    فإذا كان السلمون على عزة وقوة ومنعة وجماعة عديدة وشدة شديدة، فلا صلح.... وإن كان للمسلمين مصلحة في الصلح لنفع يجتلبونه أو ضرر يدفعونه، فلا بأس أن يبتدئ المسلمون به إذا احتاجوا إليه.

    وقد صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر على شروط نقضوها فنقض صلحهم، وقد صالح الضمري وأكيدر دومة، وأهل نجران، وقد هادن قريشا لعشرة أعوام حتى نقضوا عهده، وما زالت الخلفاء والصحابة على هذه السبيل التي شرعناها سالكة، وبالوجوه التي شرحناها عاملة" [تفسير القرطبي (8/39-41)

    قال الجصاص، بعد أن ذكر اختلاف المفسرين في نسخ المعاهدة وعدمه-: "وإنما اختلف حكم الآيتين لاختلاف الحالين، فالحال التي أمر فيها بالمسالمة، هي حال قلة عدد المسلمين وكثرة عدوهم، والحال التي أمر فيها بقتل المشركين وبقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، هي حال كثرة المسلمين وقوتهم على عدوهم، وقد قال تعالى: ((فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم)) فنهى عن المسالمة عند القوة على قهر العدو وقتلهم" [أحكام القرآن للجصاص (4/354)]

    وقال الشيرازي الشافعي: " فإن لم يكن فى الهدنة مصلحة، لم يجز عقدها لقوله عز وجل: ((فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم)) وإن كان فيها مصلحة، بأن يرجو إسلامهم، أو بذل الجزية، أو معاونتهم على قتال غيرهم، جاز أن يهادن..." المهذب (2/259)

    و قال ابن قدامة الحنبلي في شرحه على الخرقي (7590 ) فَصْلٌ: "وَمَعْنَى الْهُدْنَةِ, أَنْ يَعْقِدَ لِأَهْلِ الْحَرْبِ عَقْدًا عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً, بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ. وَتُسَمَّى مُهَادَنَةً وَمُوَادَعَةً وَمُعَاهَدَةً, وَذَلِكَ جَائِز, بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ((بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ)).

    وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا)). وَرَوَى مَرْوَانُ, وَمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ, "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَالَحَ, سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو بِالْحُدَيْبِيَةِ, عَلَى وَضْعِ الْقِتَالِ عَشْرَ سِنِينَ"، وَلأنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ, فَيُهَادِنُهُمْ حَتَّى يَقْوَى الْمُسْلِمُونَ.

    وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ إلا لِلنَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ; إمَّا أَنْ يَكُونَ بِهِمْ ضَعْفٌ عَنْ قِتَالِهِمْ, وَإِمَّا أَنْ يَطْمَعَ فِي إسْلامِهِمْ بِهُدْنَتِهِمْ, أَوْ فِي أَدَائِهِمْ الْجِزْيَةَ, وَالْتِزَامِهِمْ أَحْكَامَ الْمِلَّةِ, أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ" [المغني (9/238) ويراجع كتابه الكافي (4/340)

    والذي يظهر رجحانه، أن عقد الهدنة بين المسلمين وعدوهم، لمصلحة راجحة يراها ولي الأمر الأمين، أمر مشروع ثابت، بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعمل الخلفاء والأئمة من بعده، وعليه أئمة الفقه وعلماء الفتوى...

    شروط جواز الهدنة:

    واشترط العلماء لجواز الهدنة أربعة شروط، وهي:
    الأول: أن يكون العاقد لها الإمام أو نائبه.
    الثاني: أن تكون لمصلحة.
    الثالث: أن يخلو عقدها عن شرط فاسد.
    الرابع: أن تكون مدتها معينة يعينها الإمام باجتهاده
    .
    حاشية الدسوقي (2/206)
    وسيأتي ذكر الخلاف في بعض هذه الشروط.

    من يلي عقد الهدنة؟

    الأصل في ما فيه مصالح أو مفاسد، يتأثر بها عامة المسلمين، ألا يتولى شأنها إلا ولي الأمر العام، كالإمام أو من ينوب عنه، الذي يراعي في عقدها مصلحة الأمة ودفع الضرر عنها، ولا يصح لغيره تعاطي ذلك، ومن هذا الباب عقد الهدنة، لما قد يلحق عقد الأفراد من ضرر على الأمة كلها.
    وقد مضى على هذه السنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه ومن جاء بعدهم من الأئمة والأمراء.

    وعلى هذا الرأي المالكية الشافعية والحنابلة.
    قال الشيخ محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي ذاكرا شروط الموادعة:
    "الأول: أن يكون العاقد لها الإمام أو نائبه"
    حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/206)

    و قال الشيخ الشيرازي الشافعي: "باب الهدنة، لا يجوز عقد الهدنة لإقليم أو صقع عظيم، إلا للإمام، أو لمن فوض إليه الإمام، لأنه لو جعل ذلك إلى كل واحد، لم يؤمن أن يهادن الرجلُ أهلَ إقليم، والمصلحة فى قتالهم، فيعظم الضرر، فلم يجز إلا للإمام أو للنائب عنه" [المهذب (2/259)] وعلى هذا جماهير العلماء..

    وقال ابن قدامة الحنبلي: قال ابن قدامة: "ولا يجوز عقدها إلا من الإمام أو نائبه لأنه عقد يقتضي الأمان لجميع المشركين فلم يجز لغيرهما كعقد الذمة" [لكافي (4/339) وراجع المحرر (2/182)]

    ويرى الحنفية أنه لا يشترط في الموادعة إذن الإمام، ما دام فيه مصلحة للمسلمين.
    قال الكاساني: "وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْإِمَامِ بِالْمُوَادَعَةِ , حَتَّى لَوْ وَادَعَهُمْ الْإِمَامُ , أَوْ فَرِيقٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ جَازَتْ مُوَادَعَتُهُمْ ; لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ كَوْنُ عَقْدِ الْمُوَادَعَةِ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ وُجِدَ" [بدائع الصنائع. سبق قريبا و شرح فتح القدير لابن الهمام. (6/108)]

    وقد توجد بلدان إسلامية، اغتصبتها دول كافرة، ولا توجد للمسلمين فيها حكومة، وبها جماعات إسلامية لا تجمعها قيادة واحدة، فالواجب على هذه الجماعات كلها، أن تجتمع على قيادة جهادية واحدة تتفق عليها حيث أمكن، تكون قادرة على جمع كلمتها وجهاد العدو بها، فإذا تعذر على الجماعات الاجتماع على قيادة واحد، بسبب تفريق العدو بينها، فلتختر كل جماعة من يقودها، في مناطقها، ولتحاول قيادات المجاهدين التنسيق فيما بينها حسب الإمكان، كالحال في جنوب الفيليبين، وفي بعض البلدان الإسلامية الأخرى.
    ويكون عقد الهدنة مع العدو عند الضرورة أو المصلحة، هو أمير الجماعة الواحدة، أو أمراء الجماعات المتفرقة، بحسب حالة كل جماعة.

    وفي ذلك شبه بأهل الثغور الذين يرابطون بإزاء العدو في أطراف بلاد الإسلام، فإنهم قد يضطرون إلى عقد الهدنة مع عدوهم، بدون الرجوع إلى ولي الأمر العام، لما في تأخير عقد الهدنة من مضرة قد تنزل بالمرابطين.

    كما قال الجصاص: "وكذلك قال أصحابنا، إذا قدر بعض أهل الثغور على قتال العدو ومقاومتهم، لم تجز لهم مسالمتهم، ولا يجوز لهم إقرارهم على الكفر إلا بالجزية. وإن ضعفوا عن قتالهم جاز لهم مسالمتهم، كما سالم النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من أصناف الكفار وهادنهم على وضع الحرب بينهم" [أحكام القرآن للجصاص (4/354)]

    مدة الهدنة

    مدة مهادنة الرسول لقريش
    اختلف في المدة المهادنة التي عقد الرسول صلى الله عليه وسلم عليها المهادنة عام الحديبية، بينه وبين أهل مكة من المشركين:
    فنقل عن ابن جريج، أنها ثلاث سنين.
    ونقل عن عروة، أنها أربع سنين.
    ونقل عن ابن إسحاق أنها عشر سنين.
    وعلى هذا جمهور أهل العلم. [يراجع تفسير القرطبي (8/39) وما بعدها، وبداية المجتهد لابن رشد (1/283)]

    واختلف العلماء في المدة التي يجوز للمسلمين، مهادنة أعدائهم عليها، ولهم في ذلك أربعة أقوال:

    القول الأول: للإمام الشافعي رحمه الله
    وهو إلى أنها لا تزيد عن أربعة أشهر، إذا كان المسلمون أقوياء قادرين على قتال عدوهم، واستدل بقوله تعالى في سورة التوبة: ((فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين)) [التوبة (2)]

    وله قول آخر، وهو أن للإمام أن يزيد المدة على أربعة أشهر إذا دعت إليها الحاجة واقتضتها المصلحة، بشرط أن تكون أقل من سنة، ولا تجوز لسنة فما فوق، لأنه يجب إقامة الجهاد وأخذ أخذ الجزية كل سنة، والهدنة تعطل ذلك، مع قدرة المسلمين وقوتهم.
    أما إذا كان المسلمون ضعفاء، فيجوز لهم عقد الهدنة أكثر من ذلك، بحسب الحاجة، فإذا كانوا يحتاجون إلى خمس سنوات، وجب عقد الهدنة عليها، ولا تجوز الزيادة عليها، ولا تجوز الزيادة على عشر سنين.

    واحتج لذلك بمهادنة الرسول صلى الله عليه وسلم المشركين عام الحديبية، فإذا انقضت المدة، وتبين لهم الحاجة إلى استمرار الهدنة، جاز استئنافها. [المهذب (2/259) وراجع كتاب البيان، للعلامة العمراني اليمني (12/302)]

    القول الثاني: مذهب جمهور العلماء، وهو أنه يجوز للمسلمين، سواء كانوا أقوياء أو ضعفاء، عقد الهدنة لعشر سنين، فأقل، إذا رأوا المصلحة في ذلك، ولا يجوز لأكثر من عشر سنين.
    واستدلوا بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، في قصة الحديبية، فإن زادت المدة على العشر بطل العقد فيما زاد عليها، وإذا انقضت المدة وظهر للمسلمين أن المصلحة في تجديدها، جاز استئنافها من جديد.

    ولا يجوز عندهم عقد الهدنة مطلقا أي بدون تحديد زمن معين، لأن إطلاقه يقتضى التأبيد، وهو يعود على أصل الجهاد والجزية بالنقض والإبطال، وهو ما لا يجوز في شرع الله. [نفس المصدر، وراجع كشاف القناع (3/111) للشيخ منصور بن يونس البهوتي]

    القول الثالث: جواز عقد الهدنة لمدة محددة، قلت أو كثرت ولو زادت عن عشر سنين، ويجب الوفاء بها، ولا يجوز نقضها إلا إذا خاف المسلمون من نقض العدو بظهور أمارات تدل على إرادة النقض.
    قال ابن الهمام الحنفي: "ولا يقتصر الحكم وهو جواز الموادعة على المدة المذكورة وهى عشر سنين لتعدى المعنى الذى به علل جوازها وهو حاجة المسلمين، أو ثبوت مصلحتهم فإنه قد يكون بأكثر..." [شرح فتح القدير (5/456)]

    القول الرابع: جوازها محددة بزمن طويل أو قصير، وجواز أن تكون مطلقة، ما دام في ذلك مصلحة راجحة، وعقد الهدنة المطلقة جائز، وليس بلازم، بحيث إذا تبين للمسلمين أن المصلحة تقتضي قطع الهدنة، فللمسلمين نقضها بشرط أن ينبذوا إلى عدوهم عهده على سواء، وهو أن يبينوا لهم بيانا واضحا أنهم يريدون نقض العقد المبرم بينهم، فلا يأخذوا العدو على غرة.

    ونصر هذا الرأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقال: " تيمية: "بَابُ الْهُدْنَةِ، وَيَجُوزُ عَقْدُهَا مُطْلَقًا وَمُؤَقَّتًا، وَالْمُؤَقَّتُ لازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مَا لَمْ يَنْقُضْهُ الْعَدُوُّ، وَلا يُنْقَضُ بِمُجَرَّدِ خَوْفِ الْخِيَانَةِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ, وَأَمَّا الْمُطْلَقُ فَهُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ يَعْمَلُ الإمَامُ فِيهِ بِالْمَصْلَحَةِ". [الفتاوى الكبرى (4/612)]

    وفصل القول في موضع آخر، بذكر الأدلة على رأيه، وأرى أن أثبت منه النص المناسب مع طوله، لأنه – فيما أرى – يناسب هذا العصر الذي يحتاج فيه المسلمون إلى فقه يبين لهم السبيل، ويزيل عنهم الشبهات والتضليل، فقال رحمه الله:
    " وَمَنْ قَالَ مِنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ: إنَّ الْهُدْنَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا مُؤَقَّتَةً، فَقَوْلُهُ - مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِأُصُولِ أَحْمَد - يَرُدُّهُ الْقُرْآنُ وَتَرُدُّهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَكْثَرِ الْمُعَاهَدِينَ فَإِنَّهُ لَمْ يُوَقِّتْ مَعَهُمْ وَقْتًا.

    فَأَمَّا مَنْ كَانَ عَهْدُهُ مُوَقَّتًا فَلَمْ يُبَحْ لَهُ نَقْضُهُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ((إلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلَى مُدَّتِهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)) [التوبة (4)]
    وَقَالَ: ((إلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)) [التوبة (7)]
    وَقَالَ: ((وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ)) [الأنفال (58)] فَإِنَّمَا أَبَاحَ النَّبْذَ عِنْدَ ظُهُورِ إمَارَاتِ الْخِيَانَةِ; لأَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ جِهَتِهِمْ.
    وَقَالَ تَعَالَى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ)) [الصف (2،3)] الْآيَةَ

    والأحاديث فى هذا كثيرة، مثل ما في الصحيحين عن عبدالله بن عمر، قالَ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، و من كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، و إذا و عد أخلف، و إذا عاهد غدر، و إذا خاصم فجر). البخاري، برقم (34) ومسلم، برقم (58)
    و فى الصحيحين عن عبدالله بن عمر، قال قالَ رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة) [البخاري، برقم (6694) ومسلم، برقم (1735)
    و فى صحيح مسلم عن أبى سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم، قال: (لكل غادر لواء عند أسته يوم القيامة) و فى رواية: (لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به بقدر غدرته، ألا و لا غادر أعظم غدرة من أمير عامة) [برقم رقم: (1738)]

    و فى صحيح مسلم عن بريدة بن الحصيب، قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم، إذا أمر أميرا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، و فيمن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: (اغزوا باسم الله فى سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا و لا تغلوا، و لا تغدروا، و لا تمثلوا، و لا تقتلوا و ليدا، و إذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم الى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك، فاقبل منهم و كف عنهم) الحديث. [مسلم، برقم (1731) فنهاهم عن الغدر كما نهاهم عن الغلول.

    و في الصحيحين عن ابن عباس، عن أبى سفيان بن حرب، لما سأله هرقل عن صفة النبى صلى الله عليه و سلم: "هل يغدر؟ فقال: لا يغدر و نحن معه فى مدة لا ندري ما هو صانع فيها، قال ولم يمكني كلمة أدخل فيها شيئا إلا هذه الكلمة. و قال هرقل فى جوابه: سألتك هل يغدر؟ فذكرت أنه لا يغدر، و كذلك الرسل لا تغدر" فجعل هذا صفة لازمة للمرسلين. [حديث أبي سفيان في البخاري، برقم (7) وهو حديث طويل].

    و فى الصحيحين عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) فدل على استحقاق الشروط بالوفاء، و أن شروط النكاح أحق بالوفاء من غيرها. [الحديث في البخاري، برقم (2572) ومسلم، برقم (1418)]

    و روى البخاري عن أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه و سلم، قالَ قال الله تعالى: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر، و رجل باع حرا ثم أكل ثمنه، و رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه و لم يعطه أجره). فذم الغادر. و كل من شرط شرطا ثم نقضه فقد غدر. [الحديث في صحيح البخاري، برقم (2114)]
    فقد جاء الكتاب و السنة بالأمر بالوفاء بالعهود و الشروط و المواثيق و العقود، و بأداء الأمانة و رعاية ذلك، و النهي عن الغدر و نقض العهود و الخيانة و التشديد على من يفعل ذلك...." انتهى كلام ابن تيمية من [مجموع الفتاوى(29/140-146]

    وقد لخصت الموسوعة الفقهية هذه المسألة في السطور الآتية:

    مُدَّةُ الْهُدْنَةِ: 14 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ مُوَادَعَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ, كَمَا "وَادَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ مَكَّةَ".
    وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ دُونَ تَحْدِيدٍ, مَا دَامَتْ مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَلاَ يَجُوزُ, لقوله تعالى: ((فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ)).

    وَيَرَى الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ مُهَادَنَةُ الْمُشْرِكِينَ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ, اسْتِنَادًا إلَى مَا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ. فَإِنْ هُودِنَ الْمُشْرِكُونَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَالْهُدْنَةُ مُنْتَقَضَةٌ ; لِأَنَّ الأَصْلَ فَرْضُ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ. وَالتَّفْصِيلاَتُ فِي مُصْطَلَحِ ( هُدْنَةٌ ). انتهى.

    خلاصة الكلام: أن الهدنة مشروعة، لمصلحة الإسلام والمسلمين، فهي من المسائل التي يخضع حكمها للاجتهاد، وقد تدعو إليها الحاجة أو لضرورة، وإذا لم تكن فيها مصلحة، ولم تدع إليها الضرورة، فلا يجوز عقدها.
    وأن مدتها تابعة لتلك المصلحة أو الضرورة، فتقدر بقدرها قلة وكثرة، وتوقيتا وإطلاقا...

    وقد أفتى شيخنا العلام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، أن الصلح مع اليهود لا تقتضي تمليكهم الأرض الفلسطينين، بل للمسلمين عندما يقوون على طردهم في الهدنة المطلقة، أن يطردوهم منها.

    "الصلح مع اليهود لا يقتضي التمليك أبديا
    http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=slh00008

    س2: هل تعني الهدنة المطلقة مع العدو إقراره على ما اقتطعه من أرض المسلمين في فلسطين، وأنها قد أصبحت حقا أبديا لليهود، بموجب معاهدات تصدق عليها الأمم المتحدة التي تمثل جميع أمم الأرض. وتخول الأمم المتحدة عقوبة أي دولة تطالب مرة أخرى باسترداد هذه الأرض أو قتال اليهود فيها ؟ ج2: الصلح بين ولي أمر المسلمين في فلسطين وبين اليهود، لا يقتضي تمليك اليهود لما تحت أيديهم تمليكا أبديا، وإنما يقتضي ذلك تمليكهم تمليكا مؤقتا حتى تنتهي الهدنة المؤقتة، أو يقوى المسلمون على إبعادهم عن ديار المسلمين بالقوة في الهدنة المطلقة.
    وهكذا يجب قتالهم عند القدرة حتى يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
    وهكذا النصارى والمجوس ؛ لقول الله سبحانه في سورة التوبة: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة: 29] ، وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخذ الجزية من المجوس
    وبذلك صار لهم حكم أهل الكتاب في أخذ الجزية فقط إذا لم يسلموا.
    أما حل الطعام والنساء للمسلمين فمختص بأهل الكتاب ، كما نص عليه كتاب الله سبحانه في سورة المائدة . وقد صرح الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى في سورة الأنفال: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا الآية [الأنفال: 61] بمعنى ما ذكرنا في شأن الصلح". [انتهى كلام الشيخ.]

    عقد الهدنة على مال

    يجوز عقد الهدنة بدون أخذ المسلمين مالا من عدوهم، كما هو الحال في هدنة الحديبية.
    ويجوز عقدها على مال يأخذه المسلمون من عدوهم، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع يهود خيبر، بعد الانتصار عليهم، فأقرهم على البقاء وعلى أن يعملوا ويؤدوا النصف، لما فيه من المصلحة، وليس المال الذي يؤخذ منهم في هذه الحالة، من الجزية في شيء، لأن شرط أخذ الجزية منهم، أن تنفذ عليهم أحكام المسلمين.

    وهل يجوز أن يعقد المسلمون الهدنة، على أن يدفعوا لعدوهم الكافر مالا؟
    الأصل أنه لا يجوز ذلك، لأن المسلمين هم الأعلون، ويجب أن يحافظوا على عزتهم وعلو شأنهم، لكن قد تنزل بالمسلمين نوازل فيها من الابتلاء والفتنة، ما لا طاقة لهم به، بحيث لو لم يبذلوا المال لعدوهم لأنزل بهم أشد الضرر، من قتل رجالهم وسبي نسائهم، وهدم منازلهم، وإفساد مزارعهم، وتسميم مياههم...
    ففي هذه الحال يجوز للمسلمين، أن يعقدوا مع عدوهم الهدنة على مال يأخذه منهم، بشروط تحقق لهم ما أمكن من دفع الفساد الذي قد يصيبهم، إذا لم يوافقوا على الهدنة بمال يأخذه منهم العدو، لأن إعطاءه المال أخف ضررا، من إزهاق أرواحهم وانتهاك أعراضهم.
    والدليل على ذلك ما كان يريد فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، من الصلح يوم الأحزاب، من موادعة عيينة بن حصن الفزاري، والحارث بن عوف المري، على أن يعطيهما ثلث ثمر المدينة، وينصرفا بمن معهما من غطفان، ويخذلا قريشا ويرجعا بقومهم عنهم، ولقاعدة الضرورات تبيح المحظورات.

    قال المهلب: "إنما قاضاهم النبي صلى الله عليه وسلم هذه القضية التي ظاهرها الوهن على المسلمين، لسبب حبس الله ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مكة حين توجه إليها فبركت، وقال حبس حابس الفيل على ما خرجه البخاري من حديث المسور بن مخرمة، ودل على جواز صلح المشركين ومهادنتهم دون مال يؤخذ منهم إذا رأى ذلك الإمام وجها.
    ويجوز عند الحاجة للمسلمين عقد الصلح بمال يبذلونه للعدو، لموادعة النبي صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن الفزاري والحارث بن عوف المري يوم الأحزاب، على أن يعطيهما ثلث ثمر المدينة وينصرفا بمن معهما من غطفان ويخذلا قريشا ويرجعا بقومهم عنهم" [تفسير القرطبي (8/39 وانظر بداية المجتهد ونهاية المقتصد (1/283)]

    وقال الشيرازي رحمه الله: "ويجوز عقد الهدنة على مال يؤخذ منهم، لان فى ذلك مصلحة للمسلمين، ولا يجوز بمال يؤدى إليهم لغير ضرورة، لأن فى ذلك إلحاق صغار بالإسلام، فلم يجز لغير ضرورة، فإن دعت إلى ذلك ضرورة بأن أحاط الكفار بالمسلمين وخافوا الاصطلام...." [المهذب (2/259) واستدل بعرض ثلث ثمار المدينة على غطفان يوم الأحزاب..]

    وقال ابن قدامة رحمه الله: "فَصْلٌ: وَتَجُوزُ مُهَادَنَتُهُمْ عَلَى غَيْرِ مَالٍ، لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم هَادَنَهُمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى غَيْرِ مَالٍ.
    وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ ; فَإِنَّهَا إذَا جَازَتْ عَلَى غَيْرِ مَالٍ , فَعَلَى مَالٍ أَوْلَى.

    وَأَمَّا إنْ صَالَحَهُمْ عَلَى مَالٍ نَبْذُلُهُ لَهُمْ, فَقَدْ أَطْلَقَ أَحْمَدُ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ مِنْهُ, وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ; لِأَنَّ فِيهِ صَغَارًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ.
    فَأَمَّا إنْ دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ, وَهُوَ أَنْ يَخَافَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْهَلاَكَ أَوْ الْأَسْرَ, فَيَجُوزُ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ للأَسِيرِ فِدَاءُ نَفْسِهِ بِالْمَالِ , فَكَذَا هَا هُنَا, وَلأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ إنْ كَانَ فِيهِ صَغَارٌ, فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَحَمُّلُهُ لِدَفْعِ صَغَارٍ أَعْظَمَ مِنْهُ, وَهُوَ الْقَتْلُ, وَالْأَسْرُ, وَسَبْيُ الذُّرِّيَّةِ الَّذِينَ يُفْضِي سَبْيُهُمْ إلَى كُفْرِهِمْ.

    وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ, فِي الْمَغَازِي, عَنْ مَعْمَر, عَنْ الزُّهْرِيِّ, قَالَ: "أَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ, وَهُوَ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ - يَعْنِي يَوْمَ الْأَحْزَابِ -: (أَرَأَيْت إنْ جَعَلْت لَك ثُلُثَ تَمْرِ الْأَنْصَارِ, أَتَرْجِعُ بِمَنْ مَعَك مِنْ غَطَفَانَ, وَتَخْذُلُ بَيْنَ الأَحْزَابِ)؟ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ عُيَيْنَةُ: إنْ جَعَلْت لِي الشَّطْرَ فَعَلْت". قَالَ مَعْمَرٌ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ , "أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَاَللَّهِ لَقَدْ كَانَ يَجُرُّ سُرْمَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي عَامِ السَّنَةِ حَوْلَ الْمَدِينَةِ, مَا يُطِيقُ أَنْ يَدْخُلَهَا, فَالآنَ حِينَ جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلاَمِ, نُعْطِيهِمْ ذَلِكَ, فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فَنَعَمْ إذًا). وَلَوْلا أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ , لِمَا بَذَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم" [المغني (9/239) وراجع الكافي له (4/340)]

    متى يشرع للمسلمين نبذ العهد إلى عدوهم؟


    الأصل عند المسلمين الوفاء بالعقود والعهود، امتثالا لأمر الله تعالى واقتداء بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)) [(1) المائدة]
    وقال تعالى: ((وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا)) [الإسراء (34)]
    ولا فرق في وجوب الوفاء بالعهد، بين أن يكون المعاهَد مسلما أو كافرا، ولهذا قال تعالى:
    ((إلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلَى مُدَّتِهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)) [التوبة (4)]
    وَقَالَ: ((إلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)) [التوبة (7)]

    وسبق قريبا ذكر بعض الأحاديث الموجبة للوفاء بالعهد، حيث جعل الرسول صلى الله عليه وسلم، الغدر من صفات المنافقين: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، و من كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، و إذا و عد أخلف، و إذا عاهد غدر، و إذا خاصم فجر). هذا هو الأصل عند المسلمين، وهو الوفاء بالعقود والعهود، وعدم نقضها بغير سبب شرعي.
    ولكن الله تعالى يعلم بأن غالب أعداء المسلمين، لا يفون لهم بعهودهم، كما يفي لهم بذلك المسلمون، بل يخونونهم ويغدرون بهم، ولهذا حذر الله تعالى المسلمين من خيانة أعدائهم وغدرهم بهم، وأمرهم بالتنبه لهم واليقظة لخداعهم، وأمرهم إذا ظهرت لهم أمارات الخيانة منهم، أن يطرحوا إليهم عهودهم بوضوح تام، حتى يكونوا على علم مساو لعلم المسلمين، بأنهم لم يعودوا في حالة سلم، بل أصبحوا في حالة حرب، كما كانوا قبل المهادنة، فقال تعالى:
    ((وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين)) [الأنفال (58)]
    وهذا من محاسن الإسلام وخلال المسلمين: أمانة لا خيانة، وصدق لا كذب، ووفاء لا غدرن بخلاف أعدائهم في ذلك كله.

    ومن هنا يجب فهم أمر الله للمسلمين، بالميل إلى السلم، إذا مال عليه عدوهم، كما سبق في قوله تعالى: ((وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم)) [الأنفال (61)] فلا يجوز أن يسالم المسلم من لا يسالمه، ولا يجوز أن يدعو عدوه إلى السلم وهو قوي قادر، أن يخضع لعدوه ويتخلى عن إخراج الناس من الظلمات إلى النور، برفع راية الجهاد في سبيل الله، الذي لا يرهب طغاةُ الأعداء سواه، ولا يَقِفُهم عن العدوان على المسلمين وغيرهم غيرُه.
    وهذا ما سطره الواقع في تاريخ الأمم قديما وحديثا، ونحن اليوم نشاهده في عدوان اليهود وأعوانهم من النصارى المعتدين، في كل البلدان الإسلامية، وبخاصة في أرض فلسطين المباركة، التي لا يخفى شأنها على أحد.

    ولا يجوز كذلك أن يخدع المسلمين أعداؤُهم، فيُخدعوا، فلا زال خداع أعدائهم وخيانتهم لهم مستمرة، من المشركين في الجزيرة العربية، ومن اليهود في المدينة النبوية، ومن جميع الوثنيين في بلاد فارس والهند وما وراء النهرين، ومن النصارى في كل البلدان والأزمان، من يوم شرقت شمس الإسلام، إلى يومنا هذا، وكيف يخدعهم عدوهم، وقد بان الصبح لذي عينين؟

    فللمسلمين مع عدوهم المعاهد أربع حالات:

    الحالة الأولى: أن يغلب على ظنهم وفاؤهم بالعهد، فعلى المسلمين الوفاء بعهدهم، وعدم نقضه، كما مضى.
    الحالة الثانية: أن يتوهموا نقضهم العقد، بدون أمارة تدل عليه، وحكم هذه الحالة حكم الحالة الأولى، لأن مجرد الخوف بدون دليل لا يسوغ لهم نقض العهد، وإن كان يجب عليهم الحذر.
    وهذا قال ابن قدامة: "فصل وإن خاف الإمام نقض العهد منهم، جاز أن ينبذ إليهم عهدهم لقوله تعالى ((وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء)) الأنفال. يعني أعلمهم بنقض العهد، حتى تصير أنت وهم على سواء في العلم، ولا يكتفي بمجرد الخوف" [الكافي (4/345)

    وقال ابن العربي، رحمه الله: "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : إنْ قِيلَ : كَيْفَ يَجُوزُ نَقْضُ الْعَهْدِ مَعَ خَوْفِ الْخِيَانَةِ, وَالْخَوْفُ ظَنٌّ لاَ يَقِينَ مَعَهُ, فَكَيْفَ يَسْقُطُ يَقِينُ الْعَهْدِ بِظَنِّ الْخِيَانَةِ؟
    فَعَنْهُ جَوَابَانِ : أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْخَوْفَ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْيَقِينِ, كَمَا يَأْتِي الرَّجَاءُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ; كَقَوْلِه: ((لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا)) .

    الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا ظَهَرَتْ آثَارُ الْخِيَانَةِ, وَثَبَتَتْ دَلاَئِلُهَا وَجَبَ نَبْذُ الْعَهْدِ, لِئَلاَّ يُوقِعَ التَّمَادِي عَلَيْهِ فِي الْهَلَكَةِ, وَجَازَ إسْقَاطُ الْيَقِينِ هَاهُنَا بِالظَّنِّ لِلضَّرُورَةِ, وَإِذَا كَانَ الْعَهْدُ قَدْ وَقَعَ فَهَذَا الشَّرْطُ عَادَةٌ, وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لَفْظًا; إذْ لاَ يُمْكِنُ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا" [أحكام القرآن في تفسير الآية، وراجع تفسير القرطبي.]

    الحالة الثالثة: أن تظهر لهم أمارات ودلائل على إرادتهم الخيانة ونقض العهد على غرة من المسلمين، وهذه الحالة هي التي يجب على المسلمين، أن ينبذوا إليهم عهدهم على سواء.
    والراجح في معنى قوله تعالى ((على سواء)) ما قاله الجصاص:"أَلْقِ إلَيْهِمْ فَسْخَ مَا بَيْنَك وَبَيْنَهُمْ مِنْ الْعَهْدِ وَالْهُدْنَةِ، حَتَّى يَسْتَوِيَ الْجَمِيعُ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ. ... لِئَلاَّ يَتَوَهَّمُوا أَنَّك نَقَضْت الْعَهْدَ بِنَصْبِ الْحَرْبِ" [أحكام القرآن]

    الحالة الرابعة: أن يظهر المعَاهَدون خيانتهم، بحيث يعملون ما هو نقض صريح للعهد، وفي هذه الحالة يجب على المسلمين أن يغزوهم ويطبقوا عليهم أحكام الجهاد في سبيل الله، دون إنذار لهم ولا نبذ لعهدهم، لأنهم قد نقضوا العهد، فلم يعد له بقاء.

    كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
    " وَإِذَا نَقَضَ الَّذِينَ عَقَدُوا الصُّلْحَ عَلَيْهِمْ, أَوْ نَقَضَتْ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَلَمْ يُخَالِفُوا النَّاقِضَ بِقَوْلٍ, أَوْ فِعْلٍ ظَاهِرٍ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا الإِمَام, أَوْ يَعْتَزِلُوا بِلاَدَهُمْ وَيُرْسِلُوا إلَى الإِمَامِ إنَّا عَلَى صُلْحِنَا, أَوْ يَكُونَ الَّذِينَ نَقَضُوا خَرَجُوا إلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ, أَوْ أَهْلِ ذِمَّةٍ لِلْمُسْلِمِينَ فَيُعِينُونَ الْمُقَاتِلِينَ, أَوْ يُعِينُونَ عَلَى مَنْ قَاتَلَهُمْ مِنْهُمْ فَلِِلإِِمَامِ أَنْ يَغْزُوَهُمْ, فَإِذَا فَعَلَ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ إلَى الإِمَامِ خَارِجٌ مِمَّا فَعَلَهُ جَمَاعَتُهُمْ، فَلِلإِمَامِ قَتْلُ مُقَاتِلَتِهِمْ وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ وَغَنِيمَةُ أَمْوَالِهِمْ، كَانُوا فِي وَسَطِ دَارِ الْإِسْلاَمِ, أَوْ فِي بِلاَدِ الْعَدُوِّ.
    وَهَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِبَنِي قُرَيْظَةَ عَقَدَ عَلَيْهِمْ صَاحِبُهُمْ الصُّلْحَ بِالْمُهَادَنَةِ فَنَقَضَ, وَلَمْ يُفَارِقُوهُ، فَسَارَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فِي عُقْرِ دَارِهِمْ وَهِيَ مَعَهُ بِطَرَفِ الْمَدِينَةِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى ذَرَارِيِّهِمْ وَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ" [الأم (4/186)]

    حكم من نقض العهد من أهل الذمة.

    هذا وليعلم أن حكم أهل الذمة، إذا نقضوا العهد، هو حكم المحاربين المعاهدين الذين نقضوا العهد، يحاربون ويقتلون، إلا أن ذرية أهل الذمة الذين ولدوا قبل العهد،ولم يبلغوا سن الرشد، عند نقض آبائه، لا يسبون ولا يسترقون،
    أما من ولد منهم بعد النقض، فيسبون ويسترقون.
    قال ابن قدامة: ( 7588 ) "مسْأَلَةٌ ; قَالَ: وَمَنْ كَانَ لَهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عَهْدٌ, فَنَقَضُوهُ حُورِبُوا, وَقُتِلَ رِجَالُهُمْ, وَلَمْ تُسْبَ ذَرَارِيُّهُمْ, وَلَمْ يُسْتَرَقُّوا, إلاَّ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ نَقْضِهِ، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ إذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ.....فَإِنَّهُ يُقْتَلُ رِجَالُهُمْ, وَلا تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ الْمَوْجُودُونَ قَبْلَ النَّقْضِ, لأَنَّ الْعَهْدَ شَمِلَهُمْ جَمِيعًا, وَدَخَلَتْ فِيهِمْ الذُّرِّيَّةُ, وَالنَّقْضُ إنَّمَا وُجِدَ مِنْ رِجَالِهِمْ, فَتَخْتَصُّ إبَاحَةُ الدِّمَاءِ بِهِمْ..." [المغني (9/237)]

    حكم العهد مع العدو المحتل لأرض المسلمين

    كان ما تقدم من حكم إبرام الهدنة أو نقضها، مع عدو عقد المسلمون معه عهد الهدنة وهو في بلاده كحال قريش في مكة، أو أهل ذمة أمِنوا على دمائهم وذراريهم وأموا لهم، في ظل الدولة الإسلامية.
    وبقي الكلام على حالة أخرى، وهي أن يحتل العدو أرض المسلمين أو أحد أقاليمها، كما حصل في القرن الماضي، عندما احتل الأوربيون غالب بلدان المسلمين، وكما هو الواقع اليوم في الأرض المباركة "فلسطين" وبلاد "الشيشان" ونحوهما.

    هذه الحالة في حاجة إلى إيضاح وبيان

    معلوم أن الجهاد في سبيل الله، يكون فرض عين في ثلاث حالات، والذي يهمنا هنا التذكير بحالتين:

    الحالة الأولى: أن يهجم العدو على بلاد المسلمين، فيجب وجوبا عينيا على كل قادر من أهل البلد المعتدى عليه، رجالا ونساء شبابا وشيبا، أن يدفعوا العدوان عن بلدهم، ومن تأخر منهم عن ذلك فهو آثم.
    الحالة الثانية: أن يستنفر ولي الأمر المسلمين، فيجب على كل قادر منهم تلبية النفير، ولا يجوز له التأخر، ومن تأخر منهم عن ذلك فهو آثم، واستنفار ولي الأمر رعيته في هذه الحالة واجب، وإذا لم يفعل فهو آثم، لأنه راع وكل راع مسئول عن رعيته.

    وإذا قُدِّر امتناعُ مَن تولى أمرَ المسلمين عن استنفارهم لدفع العدو عن بلدهم مع القدرة على مقاومة العدو وطرده، فإنه يجب على أهل الحل والعقد من العلماء والمفكرين والساسة وأعيان البلاد، إقامة من يقودهم للجهاد في سبيل الله واستنفار الناس لدفع العدوان، ولا يجوز لهم القعود عن ذلك، لما فيه من الهوان والصغار لأهل الإسلام.

    وإذا عجز أهل البلد عن الانتصار على عدوهم، وجب على من يليهم من البلدان، الأقرب فالأقرب نصرهم، وكل من قعد عن نصرهم من المسلمين، مع قدرته على ذلك بالنفس أو المال، أو بكليهما، فهو آثم، كما سبق في مبحث حكم الجهاد.

    وإذا عجز أهل البلد عن مقاومة العدو، ولم يقم بقية المسلمين بنصرتهم، وهي فرض عين عليهم، أو كانوا غير قادرين، فلهم بسبب عجزهم أن يعقدوا مع عدوهم هدنة مؤقتة، بحسب حاجتهم، لأن التكليف منوط في شرع الله بالقدرة، ومن لا قدرة له، لا يكلفه الله غير ما يستطيع: ((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها))
    ويجب مع ذلك أن يعدوا أنفسهم لاستئناف الجهاد عندما يشعرون بالقدرة عليه.

    ويجب عليهم أن يقوموا بإعداد العدة التي يرهبون بها عدوهم ويعزموا على مجاهدته عند القدرة على ذلك، ولا يجوز لهم عقد الهدنة عازمين على الاستسلام الدائم وتمكين المعتدي من استعبادهم واستعباد أجيالهم.

    ومعلوم أن طرد المحتلين من البلدان الإسلامية أو غيرها، لا يتم إلا بالصبر على إزهاق النفوس والأموال وتخريب الديار، وإهلاك الحرث والنسل، ولكن العاقبة تكون للصابرين المصابرين من أهل البلد المغتصب، لأنهم أهل حق، والمغتصبون أهل باطل، وأهل البلد أكثر ثباتا في بلدهم من عدوهم الطارئ عليه.

    وفي التاريخ من ذلك عبر وبراهين، فقد اغتَصَبت إمبراطوريات، بلدانا كثيرة في العالم، وعاثت فيها فسادا، ولكنها في آخر الأمر انسحبت منها تجر أذيال الهزيمة.
    ومن أقرب الدول الأوربية المغتصبة، في القرون الأخيرة، حيث لم يبق بلد في العالم غير مغتصب لدولة من دولها، وقد أخلت تلك البلدان كلها بسبب مقومة أهلها الجادة، وهذه بريطانيا التي كان يقال عنها: لا تغرب عنها الشمس، أصبحت شبيهة بضب مختف في جحره...
    وكذلك فرنسا وألمانيا وهولندا والبرتغال....

    ومن الأمثلة الحية لذلك هزيمة الطاغوت المتغطرس اليوم "أمريكا" في فيتنام..
    ومن الأمثلة كذلك هزيمة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، وتفكك الدول التي كان قد ضمها إليه بالقوة والظلم.

    ونحن واثقون بأن الفلسطينيين، لو اجتمعت كلمتهم، ووجدوا من يمدهم بالمال الذي يوفر لهم حاجاتهم الضرورية، ومنها السلاح المتيسر، فإنهم سينتصرون على عدوهم من اليهود، مهما طال الأمد، ومهما طغوا وأمدهم الأمريكان بالمال والسلاح، وغير ذلك... ولقد زلزل أقدام اليهود شباب باع نفسه لله تعالى، مع ضعفه المادي، وقلة عدده ومحاربة بعض أبناء بلده له، وتكاتف دول العالم ضده، وخذلان الدول العربية له.

    ومع ذلك اضطر كثير من اليهود إلى الهجرة المعاكسة، وهي الهرب من فلسطين، إلى الخارج، بدلا من الهجرة القوية من الخارج إلى فلسطين، وأصيب اقتصاد اليهود بنكسة شديدة، وبدأ بعض أفراد الجيش يظهرون عصيانهم للحرب ضد الفلسطينيين، ويدعون غيرهم إلى الانضمام إليهم...
    ومن لا يعلم بجهاد الشعب الجزائري ضد المغتصب الفرنسي، ثم انتصاره عليه في النهاية...وهكذا عامة دول العالم؟

    الخلاصة: جواز الهدنة مع العدو لمصلحة راجحة شرعية، مع العزم على إقامة علم الجهاد والإعداد، ولا تجوز هدنة لا مصلحة فيها للمسلمين، بل فيها مضر أو استعباد.
    ونقول للمجاهدين في البلدان الإسلامية وبخاصة فلسطين، إنه يجب أن يوازنوا بين استمرار جهادهم، وعدم الاستجابة للهدنة، وبين وقف الحرب ضد العدو وعقد هدنة معه، فإن رأوا أن المصلحة في استمرار في الجهاد، وأن الضرر الذي يترتب على ذلك، أقل مفسدة عليهم من الهدنة، فعليهم أن يستعينوا بالله ويستمروا في جهاد عدوهم.

    وإن رأوا أن المصلحة في عقد الهدنة، وأن ما يترتب على ذلك أعظم مصلحة وأقل مفسدة من استمرار الجهاد المسلح، فليقدموا على الهدنة، ويجتهدوا في الإعداد لجهاد عدوهم مستقبلا.

    وعندما يغلب على ظنهم القدرة على استئناف الجهاد، وأن المصلحة في ذلك هي الراجحة، فليستأنفوا جهادهم، والله ناصرهم ومعينهم.

    هذا مع يقيننا أن العدو اليهودي، سينقض عهده، ويبادر بإلغاء الهدنة عملا، فقد علمنا كتاب الله وسيرة رسوله، وواقع اليهود من يوم وجدوا إلى اليوم، أنهم لا يفون بوعد، ولا يستمرون في إبرام عهد، وأنهم سيغدرون بمن يثقون فيهم ويتعاونون معهم، وأن العاقبة ستكون للجهاد والمجاهدين، لا للمستسلمين والمنهزمين.
    احصل على نسخة من الموضوع على ملف وورد

    كتبه
    د . عبد الله قادري الأهدل
    [email protected]


  • #2
    رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

    الله اكبر ياحماس والى الامام حركتنا الابيه
    لاتستسلمي للعدو الحقير
    وافعلي الحق واثبتي عليه والتزمي بالاسلام دوما ولا تخضعي كما عودتنا
    ادعمو حركتكم ضد كل الجاهلين

    تعليق


    • #3
      رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

      بسم الله الرحمن الرحيم

      حوار موقع الإسلام اليوم مع
      الشيخ ياسين
      بعد العزلة الإعلامية


      حوار: إبراهيم الزعيم
      9/10/1424
      03/12/2003

      - فلسطين ضاعت بالقوة ولن تعود إلا بالقوة.
      - حماس مستقرة وقادرة على الردع والضربات تزيدها قوةً وانتشارًا.
      - العدو هو من يتحدث عن الهدنة وسنقاتل حتى آخر قطرة دم فينا.
      - العراق الوحل الذي لصقت به أمريكا.
      - لا يصح زعزعة أمن الدول الإسلامية تحت ذريعة محاربة أمريكا.


      شروط الهدنة

      ماهو تصوركم أو ماهي شروطكم للقبول بأي شكل من أشكال الهدنة مستقبلاً؟
      لا مجال عندنا للحديث عن هدنة ، والذي يريد التحدث حولها هو العدو الإسرائيلي ، وماذا يقدم ؟! هذا هو الذي يجعلنا ندرس هذه الهدنة ، أي على قدر ما يقدمه هو واستعداده لقبول الشروط الفلسطينية وإنهاء الاحتلال يكون تجاوبنا, فإذا ظن أنه إذا اغتال القيادات استسلمنا فإنه واهم ، لن نستسلم وسنقاتل إلى آخر قطرة من دمائنا ، ودماؤنا قبل دماء أي فلسطيني .

      ما الذي استفدتموه من تجربة الهدنة السابقة؟
      بكل تأكيد كانت ناجحة جدًا وأقنعنا الشارع الفلسطيني أننا غير جامدين وأننا نعرف مصلحة الشعب الفلسطيني ، إلا أن العدو لم يحترم فلم نحترم ، ضربنا فضربناه ، وسنضربه إذا ضربنا ، فالمقاومة لن تتوقف ولن نرفع الرايات البيضاء ، وهو من يجب أن يرفع الرايات البيضاء .

      وموقف حماس هو أقوى من أي وقت في تاريخه وهو الآن فرض معادلة على العدو ، لم يكن العدو يحترم أي معادلة ، منذ متى يحترم وقف إطلاق النار؟! ، المعادلة التي فرضتها حماس عليه هي التي دفعته للوقوف ، وسيدفع الثمن إذا حاول أن يخل بالمعادلة ، فإذا ارتكب مجزرة أو إرهابًا ضد شعبنا، فسيجد أننا قريبون جدًا من الرد والرد المناسب.

      كيف تقيمون تردي الوضع داخل حكومة العدو بقبول الهدنة؟
      بكل تأكيد إن واقع العدو الإسرائيلي سييء جدًا ، من الناحية الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والاستثمار والسياحة... ، إنه يعاني من صراع داخلي بحت ، حتى خرجت المؤسسة العسكرية عن الصمت ورفعت صوتها، كما أن الشارع الإسرائيلي ينظر إلى هذه القيادة التي منته أن توفر له الأمن والاستقرار، واستخدمت كل قوتها وفشلت ، فبدا ينظر إلى حكومته إنها فشلت ، وتراجعت شعبية شارون من 80 % إلى الخمسينات وهو الآن خائف على مستقبله فبدأ يتكتك بأنه يريد السلام ، لأن وسيلته فشلت فيريد أن يجرب وسيلة أخرى ، لكنه مخادع. وهو ينتظر الفرص التي يستعيد بها مكانته ويرجع العجلة إلى الصعود؛ لأنه دخل في سلم الهبوط، ويحاول أن يصعد مرة أخرى .

      وفي حالة خداع شارون ماذا سيكون موقف حماس؟
      لا يوجد شيء اسمه وقف إطلاق النار مع بقاء الاحتلال والاستيطان والجدار العنصري والاعتقالات والاغتيالات واحتلال أرضنا ، على الاحتلال أن يوقف كل شيء ، ولذلك أنا لا أتصور أنه ممكن أن يوقف ، لأن المجازر على الحواجز وعلى المدن والبيوت ، فكل يوم يقتل شعبنا الفلسطيني ، لا أتصور أنه مستعد أو قادر أن ينفذ ذلك ، فهو يناور ليخدع الناس ، إنه يخدع نفسه ، فنحن لا يهمنا إذا اتفقنا على شيء ، نحن ملتزمون تمامًا ، لكنه عندما يخل؛ لن نصمت لحظة واحدة ، نحن لا نطمئن للعدو ، والأطراف التي تخاطبنا هي التي تتعهد ، فليس بيننا وبينه اتصال ، ولكل حادث حديث .

      تعليق


      • #4
        رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

        د. منير محمد الغضبان : تاكيدا على تصريحات الدكتور البيانوني.............

        فهل السعي لتحرير الأراضي المحتلة بالوسائل السياسية هي اعتراف بالعدو ؟
        وهي تنازل عن خيار المقاومة ؟"

        وهل يوجد عاقل في الدنيا يعتبر أن تحرير الأرض بالوسائل السياسية هو اعتراف بالعدو الإسرائيلي .
        إن كل الأعراف السياسية والدبلوماسية والدولية لا تعتبر المفاوضات مع العدو اعترافا فيه . إنما توقيع الصلح اعتراف فيه ، حتى توقيع الهدنة لا يعتبر اعترافا بالعدو . وقد وافقت حماس على الهدنة مع اسرائيل أو التهدئة لفترة معينة . فلم تقم الدنيا ولم تقعد . إنما توقيع الصلح الدائم هو اعتراف فيه
        وفي كل الدنيا . والحروب والطائرات تقصف . والدبابات تجتاح . والصواريخ تقذف تتم مفاوضات بين الأعداء
        لقد سمعت شيخ المجاهدين المعاصر أحمد ياسين بأذني وهو في السجن يسأله الطغاة عن هدفه فيعلن : تحرير الأرض المحتلة ، وسأله الجلادون كذلك . وبالمفاوضات ؟ قال : إن تعطوناها في المفاوضات والسلم . فأهلا وسهلا . وماذا قال المراقب العام غير الذي قاله أحمد ياسين شيخ المجاهدين رحمه الله ؟؟
        ويتابع فضيلة المراقب العام جوابه :
        أن يتم انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عن طريق المفاوضات فهذا شيء طيب . أما إذالم يتم الإنسحاب فمن حق الشعوب التي تحتل أراضيها أن تحررها بكل الوسائل المشروعة )
        والوسائل المشروعة إذا لم تكن المفاوضات فهي المقاومة .
        2-(سؤال :إذن المفاوضات مع اسرائيل ممكنة ؟
        الجواب : لم لا ؟ ممكنة إذا كانت هذه المفاوضات ستؤدي إلى الإنسحاب من الأراضي المحتلة .وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة . )

        تعليق


        • #5
          رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

          الموضوع: في مواجهة جريئة مع الدكتور القرضاوي
          هدنة أحمد ياسين

          لكن فضيلة الشيخ.. لقد أقر الشيخ احمد ياسين الزعيم الروحى لحركة حماس بامكانية قيام هدنة مع اسرائيل هل هذا يتعارض مع فتواك بعدم جواز الصلح أو السلام معها؟

          - الهدنة شرعا أمر جائز وانا لا امانع فى ذلك فالهدنة تعنى ان نكف عن القتال وهذا ما فعله صلاح الدين مع الصليبيين عندما اتفق على هدنة مع بعض امرائهم، وفى اطار هذه الهدنة يمكن ان يمتنع بعضنا عن قتال بعض لفترة زمنية محددة تطول أو تقصر حسب الحاجة والمصلحة والاتفاق اذن الهدنة جائزة ومشروعة وهى بذلك تختلف تماما عن الصلح الذى يعنى بوضوح اعترافا صريحا بان ما استولى عليه اليهود من ارضنا اصبح حقا لهم وبالتالى من حقهم ممارسة سلطة شرعية عليه، وانه لم يعد لنا حق فيه، ومن المعروف ان الازهر ايام الرئيس جمال عبدالناصر اصدر فتوى بتحريم الصلح مع اسرائيل وكانت فتوى موثقة ومدعمة بالادلة والبراهين الشرعية. وأنا فى فتواى التزم بهذا الاصل.. أما ان نقول بان الصلح محرم عندما تكون الدولة فى حالة حرب مع اسرائيل وانه جائز عندما نتفق مع اسرائيل فهذا لعب بالدين، انه ليس من الشرع فى شىء ويعنى اننا اصبحنا نفتى بالهوى واننا اصبحنا فقهاء السلاطين أو علماء السلطة. وانا لا أرضى ان اكون واحدا من هؤلاء.. اننى اتبع الادلة الشرعية ولا اتبع الاهواء.. سواء أكانت اهواء الحكام أو اهواء الجماهير، فثمة نفر لا يتبعون اهواء الحكام وانما يتبعون اهواء الجماهير من خلال الفتوى بالامور الرائجة لدى الناس وما يتفق مع اهوائهم.. لقد أفتيت بان زواج المسيار حلال رغم ان ذلك اغضب النساء والكثيرين، ليكن يا أخى، أنا لا اعمل على ارضاء الخلق وانما يهمنى ارضاء الخالق.

          تعليق


          • #6
            رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

            مفهوم الهدنه في الإسلام وأثرها على الموضوع الفلسطيني



            الشيخ حسن يوسف

            28 كانون أول (ديسمبر) 2004


            Download as Word Document



            في ظل تعدد البرامج السياسية في الساحة الفلسطينية فإن الاجتهادات سوف تستمر في التباين حول مختلف المفردات والهموم الوطنية، سواء كانت الهدنة أو الانتخابات أو غيرها من المفردات، ولذلك فإن المدخل الحقيقي لمعالجة الوضع الفلسطيني هو التوجه دون إبطاء نحو تشكيل مرجعية عليا للشعب الفلسطيني من شأنها الاتفاق على برنامج وطني وأساليب تحقيقه للتعامل مع كل ما هو مطروح الآن وما يمكن أن يستجد على أجندتنا الوطنية، لأن هموم شعبنا تتركز حول ترتيب بيتنا الداخلي وصيانة وحدتنا الوطنية، حتى تتمكن من الاستمرار في انتفاضتنا ومقاومتنا حتى زوال الاحتلال ونيل حقوقنا الوطنية.



            وبهذا فإن موضوع الهدنة أو التهدئة يعد أحد المفردات الجزئية استناداً لهذه الأولويات والهموم الوطنية، لأنه من غير الممكن اختزال قضيتنا بقصة التهدئة أو الهدنة، كما أنه من غير الممكن – دون اتفاق وطني – أن يتم إخضاع برنامج لآخر أو الاستفراد من جهة أو فصيل في تقرير المصير الوطني.



            تعد الهدنة أحد مفردات الفقه الإسلامي، وهي صيغة تعبر عن حال الصراع مع العدو أو شكله في مرحلة من المراحل، أي أنها تعبر عن استمرار حالة الصراع مع العدو ولكن مع تغيير صورته وشكله، وليست تعبيراً عن إنهاء حالة الصراع، وبالتالي فالهدنة عمل سياسي – عسكري يتعلق بتقدير الموقف والحقائق الواقعية وتستند إلى حسابات المصالح العليا للأمة والشعب، ولم تأت الهدنة في الفقة والتاريخ الإسلامي في سياق الخضوع للعدو والاستسلام له، ولا في سياق التنازل عن الأرض والمقدسات والحقوق المشروعة.



            إن مبادرة الحركة التي أطلقها الشيخ الشهيد أحمد ياسين رحمه الله، كانت في سياق الاجابة على أسئلة المستقبل حول تصور طبيعة العلاقة مع العدو الصهيوني في حال زوال الاحتلال عن جزء من أرضنا، أي أنه بالإمكان أن يأخذ الصراع مع العدو وضعية الهدنة المؤقتة في سياق إدارة الصراع دون الاعتراف بالعدو واحتلاله لأرضنا أو التنازل عن أي من حقوقنا الوطنية.

            والهدنة في هذا السياق وبهذا المفهوم غير مطروحة الآن، والحديث فيها سابق لأوانه، وليس موضوع البحث أو الحديث، لأن الظرف الموضوعي لمثل هذه الهدنة ليس متوفراً اليوم، فالعدو الصهيوني متجه بكل قوة نحو العدوان والتصعيد وليس نحو السلام والتهدئة، والقرآن الكريم حيث تحدث عن هذا الموضوع أشار إلى هذا الشرط الموضوعي بقوله سبحانه "وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا"[1]، فهل إسرائيل اليوم جنحت للسلام؟!



            إن ما يطرح اليوم شيء مختلف تماماً، وهو وقف المقاومة والانتفاضة دون أي مقابل على صعيد حقوقنا الوطنية، ويأتي ذلك تجاوباً مع المطالب والاشتراطات الصهيونية، وخضوعاً لميزات القوى الأمر الذي يعني الاستسلام ورفع الرايات البيضاء وإلا فماذا يعني الطلب من الضحية أي الشعب الذي يتعرض للعدوان الإجرامي الشامل والمتواصل من (نهب الأرض والاغتيالات وهدم البيوت..)، يطلب منه عدم الدفاع عن نفسه وإلقاء سلاحه ووقف انتفاضته ومقاومته كبادرة حسن نية تجاه المعتدي تحت ذرائع التهدئة وإعطاء فرصة للسلام أو وقف عسكرة الانتفاضة أو غير ذلك.



            إن كل شعوب الدنيا التي تعرضت للغزو والاحتلال والعدوان قاومت المحتل ولم تلق سلاحها، حتى وهي تفاوضه، إلا بعد نيل الحرية واستعادة الحقوق، فلماذا يحرم على شعبنا الدفاع عن نفسه ويطلب منه أن يذهب إلى الهيجاء بغير سلاح؟ ولماذا لا يتوجه العالم للضغط على المحتل لكي يخرج من أرضنا بدل توجيه الضغوط على شعبنا لحرمانه من أبسط حقوقه في المقاومة والدفاع عن النفس، أليست المقاومة حقاً أقرته كل المواثيق والقوانين والمعاهدات الدولية.



            ومع كل ذلك فإن الحركة ومعها قوى المقاومة حينما اقتضت المصلحة الوطنية العليا تعليق العمليات لفترة مؤقتة، فعلت ذلك انحيازاً لمصالح شعبها وصوناً لوحدته الوطنية في ظل ظروف دقيقة حساسة، وثبت للعالم أجمع آنذاك إصرار العدو على إجرامه وعدوانه وسياساته الوحشية بحق شعبنا، حيث ارتكب العدو مئات الخروقات والاعتداءات خلال فترة تعليق العمليات. (التذكير بهدنة 2003)



            ولذا فإن استمرار طرح الموضوع في ظل هذا العدوان واستمرار الاحتلال، إنما يفتقر للمنطق والعدل والحكمة ولرصيد التجربة.

            وفي حالة شعب يتعرض للاحتلال، فإن المدخل المنطقي الوحيد للتعامل مع قضيته هو مدخل الحقوق والحرية والتحرير، الأمر الذي يلزم دعم نضال الشعب ومقاومته حتى التحرر والانعتاق، وليس منطق الضغط عليه لإخضاعه للإحتلال وتحويله الى حارس للمعتدي الغاصب وعليه:



            · استمرار رفض محاولات إخضاع الشعب الفلسطيني لبرنامج متفرد ورؤية وحيدة مهما كان هذا البرنامج أو الرؤية

            · التركيز على ما يمارسه الاحتلال من تصعيد العدوان على شعبنا، ومطالبة العالم بنصرة شعبنا ودعمه للوصول الى حقوقه الوطنية وإنهاء معاناته القاسية



            --------------------------------------------------------------------------------

            [1] سورة الأنفال آيه 61

            تعليق


            • #7
              رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

              وفي ظل كل ما قيل ما رايكم ؟؟؟؟؟؟؟؟
              وهناك المزيد لمن اراد............
              والله اكبر ولله الحمد

              تعليق


              • #8
                رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                لقد كثر الحديث اليوم ان حماس باعت وفرطت وكل هذا هو كلام الجهله والمغرضين
                فعلماء الامة وبروفيسورات ودكاتره الشريعه والذين من ضمنهم الكثير من قادة حماس كاسماعيل رضوان وناصر الدين الشاعر ونزار ريان وغيرهم الكثير والكثير ايضا اسرى هم ادرى بتقدير مصالح الدين والشعب وفلسطين اكثر من غيرهم فهم ليسوا اولادا يلعبون وهم يعلمون ويدرسون كل خطوه قبل ان يقوموا بها فكل من يتحدث بان حماس اخطات فلياتنا بدليل والا فاليسكت افضل له وللمسلمين

                تعليق


                • #9
                  رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ




                  انا بدى اسأل لماذا اصبح الان موضوع الهدنة مع اسرائيل جائز واصبحنا نبحث عن رأى العلماء

                  وكانت قبل حرام شرعا ويجب قتل اليهود


                  انا بدى احكيلك اكم كلمة باختصار

                  وانا ليس مفتى بس بفهم فى الدين على قدر عقلى

                  الهدنة مع اسرائيل " اليهود " حرام شرعا

                  لانه لايجوز لاى عالم او مفتى ان يفتى فى اى موضوع نزل فيه نص من القران والسنة يكون الاجتهاد فى مالم ينزل فيه نص صريح

                  مثل التدخين يتم القياس فيه على الخمر وغيره


                  لكن موضوع اليهود يوجد نصوص من القران والسنة
                  فى مقاتلتهم وليس لهم عهد ولا ذمة

                  لذلك لا يجب ان نعمل هدنة معاهم

                  انت معاى فى الحكى ؟؟؟؟

                  تعليق


                  • #10
                    رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                    اخي الحبيب لو لاحظت مشاركتي لوجدت لي مشاركه اسال فيها عن حكم الهدنه مع اسرائيل وقلت راي انا وقلت انها حرام ولكن رد علي البعض وقال كيف بتحرم عخاطرك فخفت (من الله وليس من احد)فديني اخي اهم عندي من حركتي فاذا اخطات حركتي فانا اقومها وان اصابت فانا معها فاتراجعت عن قولي حتى اتي بدليل ولما سالت قالوا لي بان كثيرا من علماء المسلمين اجازو الهدنه المؤقته وانا لما سالت قلت معقول يكون في هدنه في فلسطين وتجوز وما كانت داخله عقلي ولكن بعد كل ما هو مكتوب هنا اخي اقول سمعنا واطعنا وليس كبني اسرائيل سمعنا وعصينا واخي اقرا وشوف وبعد كل ما تقرا ما رايك
                    سمعنا واطعنا........قول المسلم
                    ام
                    سمعنا وعصينا........قول اليهود

                    اسال نفسك ففي نفسك مفتي واحذر فالشيطان موجود فلا تسمح له ولا لا..
                    وبارك الله فيك اخي الكريم

                    تعليق


                    • #11
                      رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                      يخاطبني السفيه بكل فبح فاكره أن أكون له مجيبا
                      يزيد سفاهة فأزيد حلما كعود زاده الإحراق طيبا

                      تعليق


                      • #12
                        رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                        المشاركة الأصلية بواسطة شاعر فلسطين
                        ارجو من الاخوة المشرفين تثبيت هذا الموضوع لاهميته.وشكرا.
                        اخواني الكرام ساعرض لكم راي علماء المسلمين حيث يرون ان الهدنة مع اسرائيل جائزه ولكن بشروط ستعرض من خلال كلامهم،وانا اعتب على اخواني الذين عندما سالتهم هل الهدنة مع العدو في ارض فلسطين جائزه فلم يرد علي احد لذلك كان من واجبي توضيح الامر وهو من اخطر الامور.
                        ساعرض لكم ليس راي شيخ واحد بل عددا منهم للتاكيد على صحة اقوالهم.وعدم خطا حماس.
                        ومن يستطيع ان ياتي باراء فلياتنا.



                        وهذ هو الرد الاول...............
                        وذلك حتى نسكت كل صوت يحاول ان يجعل من نفسه الافضل والمراعي لاحكام الله وهو لا يعلم عنها شيئا........

                        بسم الله الرحمن الرحيم

                        حكم عقد الهدنة مع العدو للحاجة


                        كثر الكلام هذه الأيام عن الهدنة، وكثرت الاستفسارات عنها من حيث مشروعيتها، وبخاصة مع اليهود المغتصبين للأرض الإسلامية، وهل يدخل ما يسمى بـ"التطبيع" في الهدنة الشرعية؟

                        وهل يجوز للمجاهدين في فلسطين وفي غيرها من البلدان الإسلامية المغتصبة، أن يعقدوا هدنة مع عدوهم، إذا خافوا استئصالهم لقوة عدوهم وضعفهم؟

                        وحيث إن هذا الموضوع من أهم موضوعات الساعة، فلا بد من بيانه بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله وسيرته صلى الله عليه وسلم، وما استنبطه علماء المسلمين في مؤلفاتهم، ليكون المسلمون على بينة من أمرهم من فقه دينهم، لا من العواطف وإطلاق الكلام بدون دليل.

                        وكثير من المسلمين المتحمسين لدينهم، والغيورين على أمتهم، الذين يقلقهم ما يرونه من عدوان على بلدانهم وعلى إخوانهم، في فلسطين والعراق وغيرهما من البلدان الإسلامية، يتوقون لجهاد عدوهم، وطرده من بلدانهم، يدفعهم إلى ذلك الحكم الشرعي الواضح الذي أجمع عليه علماؤهم، وهو أن من الحالات التي يكون الجهاد فيها فرض عين، أن يهجم العدو على بلاد المسلمين....

                        ثم إنهم يقرؤون في كتاب الله، وعده بنصر عباده المؤمنين على عدوهم، كما في قوله تعالى: ((ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين(171)إنهم لهم المنصورون (172)وإن جندنا لهم الغالبون)) [الصافات (173)]

                        وقوله تعالى: ((ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز]] [الحج (40)]
                        وقوله تعالى: ((ياأيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)) [محمد (7)]

                        ومن الآيات التي تلهب عواطف الشباب المسلم وتدفعه إلى جهاد عدوه، بما يملك مما يعتبره قدرة، قوله تعالى: ((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين)) البقرة [(249)]

                        ولهذا ينطلق هذا الشباب، مضحيا بنفسه، مهما قل عدده، وضعفت عدته، زاهدا في دنياه وزخارفها، لينال ما يشفي صدره، ويغيظ عدوه الظالم المعتدي، ولينال الشهادة عند ربه، وفي غمرة هذه العواطف الجياشة والرغبة الجامحة في التنكيل بعدوه، قد لا ينتبه لسنة طبيعية كونية شرعية، ينبغي مراعاتها مع الحكم الشرعي:

                        الحكم الشرعي هو جهاد العدو الذي أمر الله به، وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، وطبقه هو وأصحابه ومن تبعهم من هذه الأمة.
                        والسنة الطبيعية الكونية الشرعية، هي القدرة التي إذا توفرت ترتب عليها الحكم الشرعي وهو وجوب الجهاد حتى يهزم العدو، وإذا فقدت سقط هذا الوجوب.

                        وهذه القدرة لها ركنان:
                        الركن الأول: وجود العدد الكافي من المسلمين، سالمين من الأعذار البدنية التي تمنعهم من قتال عدوهم، كالعمى والعرج والمرض المزمن وصغر السن ....
                        الركن الثاني: وجود آلة الجهاد من المال والسلاح اللذين يتيحان للمجاهد مقاتلة عدوه عادة.

                        والدليل على الركن الأول، قوله تعالى: ((ياأيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون)) [الأنفال (65)]

                        وجه الدلالة من الآية أن الواجب على المسلمين، أن يقاتل الواحد منهم العشرة من عدوهم، ولا يجوز لهم الفرار من عدوهم في هذه الحال، فإذا نقص عدد المسلمين عن هذه النسبة، كأن يكونوا عشرين وعدد عدوهم ثلاثمائة، فلا يجب عليهم قتاله، بل هم معذورون في ترك قتاله.

                        هذا قبل أن تنسخ الآية بالآية الأخرى التي خفف الله تعالى فيها عن المسلمين، فأوجب فيها عليهم أن يقاتلوا عدوهم بنسبة واحد إلى اثنين، كما قال تعالى: ((الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين)) [الأنفال (66)]

                        فلا يجب على المسلمين قتال عدوهم عند كثرته وقلتهم في ميزان الشرع، وهو أن يزيد عدد عدوهم عن هذه النسبة، كأن يكون عدده ثلاثمائة وعدد المسلمين مائة...

                        والدليل على الركن الثاني: قوله تعالى: ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وءاخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون)) [الأنفال (60)]

                        وجه الدلالة من الآية، أن المؤمنين مأمورون بإعداد العدة التي يستطيعونها، بحيث يترتب عليها رهبة عدوهم وخوفه منها، رهبة وخوفا يمنعانه من العدوان على المسلمين، فيفهم من ذلك أن القدرة الطبيعية الكونية مأمور بها شرعا كالحكم الشرعي.

                        فإذا نقص هذا الركن نقصا يغلب على الظن أنه يسلب المسلمين القدرة على هزيمة عدوهم، وقدرة عدوهم على هزيمتهم، سقط وجوب الجهاد عنهم، بل يجب عليهم الكف عن قتاله، إذا غلب على ظنهم أن الضرر المترتب عليه سيكون أعظم من الضرر الموجود.

                        ومعنى هذا أنه يجب أن يكون سلاح الفريقين متكافئا أو متقاربا، كالسيوف والخناجر والعصي والسكاكين، وكالمسدسات والرشاشات، وكالمدافع والصواريخ... ونحو ذلك مما تكون آثاره متقاربة على الجميع.

                        وهذا المعنى [وهو غلبة ظن المسلمين أن قتالهم عدوهم، سيترتب عليه ضرر أشد] تجب مراعاته في السلاح أيضا، فقد يكون عدد المسلمين مساويا لعدد عدوهم أو أكثر منه، ولكن سلاح العدو شديد الفتك بالمسلمين، ولا يوجد عند المسلمين سلاح يستطيعون به الدفاع عن أنفسهم به لضعف سلاحهم وعدم جدواه أمام سلاح العدو.
                        مثال ذلك وجود السلاح النووي عند العدو، والصواريخ العابرة للقارات، وسلاح الطيران الذي لا يوجد ما يدفعه عند المسلمين، فإذا كان المسلمون لا يملكون ما يمكنهم من دفع هذا السلاح عن أرضهم وشعوبهم، فلا يكلفون القتال المعتاد ضد العدو في هذه الحال، وبخاصة إذا كان الجهاد جهادَ طلب، لأنه سيترتب على قتال العدو حينئذ أن يعود بالنقض على أهداف الجهاد، وهي أن تكون كلمة الله هي العليا، وتحطيم الحواجز أمام الدعوة إلى الله، وحماية ديار المسلمين من العدوان....

                        أما إذا كان المقصود من الجهاد دفع عدوان العدو الذي تمكن من اغتصاب أرض المسلمين، كما هو الحال في الأرض المباركة "فلسطين" فإن الواجب على جميع المسلمين في هذا البلد، أن يتحدوا ويخططوا للقيام بمقاومة العدو الممكنة، وهي تتمثل في العصيان المدني، كالإضراب الشامل أو الجزئي، وحرب الكمائن التي تقوم بها الوحدات المنفصلة ذات التدريب العالي، مع التنسيق الممكن فيما بينها.

                        وإلقاء المتفجرات في صفوف مقاتلي العدو من الجيش النظامي وغيره، في أي موقع من مواقعه، وبأي وسيلة مشروعة ممكنة، بما في ذلك العمليات الاستشهادية، وتحطيم مرافقه كالجسور ومحطات الكهرباء ومخازن التموين، وغير ذلك مما يتيح للمجاهدين عمله، مما يلقي الرعب في قلوب عدوهم، ويشغله عن تقوية نفسه عليهم....


                        وهذا العمل مع ما فيه من التضحية بالنفس والنفيس، ومن تلقي الضربات الموجعة من العدو الغاشم الذي يملك من العدد والعدة ما لا يتحمله إلا أولو العزم من الرجال، فإن الآثار التي تحدثها عمليات المجاهدين النوعية التي لا يملكها العدو أشد نكاية فيه، وأشد تحطيما لمعنويات.

                        وقد تبين ذلك في المدة الأخيرة التي انطلقت فيها حركة الأقصى الجهادية، حيث ارتفعت ضحاياه ارتفاعا لم يسبق له مثيل، وتدنى اقتصاده إلى أدنى دركاته، وتحطمت معنويات جنوده، وأعلن بعضهم تمرده ونادى بعصيان أوامر قياداته، وأصيب كثير منهم بالأمراض النفسية...

                        وحزم بعض اليهود حقائبهم فارين من لهيب العمليات الفدائية، معاكسين بذلك الهجرة إلى الأرض المباركة... وتحركت الحكومة الأمريكية لنجدة اليهود بالوعد بإقامة دولة فلسطينية بجانب الدولة ما يسمى بالدولة الإسرائيلية، وهي حركة ظالمة هدفها القضاء على الحركة الجهادية الفلسطينية....

                        ولو أن الفلسطينيين أجمعوا أمرهم، وتعاونوا فيما بينهم على استمرار الحركة الجهادية المباركة، وصبروا وصابروا ووجدوا عونا معنويا وسياسيا وماليا، من إخوانهم العرب والمسلمين، لرأوا ما يسرهم في المغتصب اليهودي الذي أهان هذه الأمة، بسبب هوانها على الله لهوانها على نفسها.

                        ولكن مواقف بعض أبناء هذا الشعب الذين أغرتهم المناصب السياسية، والوعود اليهودية والأمريكية الوهمية، مواقفهم من الحركة الجهادية ومحاربتها، طمعا في الحلول السلمية، التي بدأت بمدريد وانتهت بأوسلو وما تبعها من مؤتمرات واجتماعات سياسية واستخبارية، تلك المواقف أضعفت الحركة الجهادية في الأرض المباركة.

                        وحالت بينها وبين سرعة تحقيق أهدافها، التي من أهمها اضطرار العدو اليهودي إلى الانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتفكيك القرى المسماة بـ"المستوطنات" والكف عن العدوان المستمر على الفلسطينيين في هاتين المنطقتين...ثم تبدأ مرحلة جديدة من مقاومة العدو المغتصب لأرض المسلمين.... في حدود القدرة المتاحة للمسلمين.

                        وقد عانى المجاهدون في فلسطين من السلطة الفلسطينية، مشقات متتابعة، من اعتقال وتعذيب وإطلاق نار، ومع ذلك كله صبر المجاهدون على تلك المشقات، وكفوا عن الدفاع عن أنفسهم مع قدرتهم على ذلك، حرصا منهم على عدم تحقيق أهم أهداف اليهود من كل مفاوضاتهم مع السلطة الفلسطينية، وهو وقوع الاقتتال بين الفلسطينيين أنفسهم، بدلا من القتال بينهم وبين اليهود...
                        وعندما فشل اليهود والأمريكان في تحقيق هذا الهدف عن طريق ياسر عرفات وأركان إدارته، عزلوه وأصروا على نقل سلطته إلى من ظنوه سيحققه لهم.

                        وهاهي اليوم أمريكا وبعض الدول العربية تدعم المعين الجديد، الذي تعهد بضرب الحركة الجهادية في فلسطين، ومنع أي معونات مالية تصل إلى مؤسساتهم الخيرية، مقابل وعد يهودي أمريكي بإقامة دولة فلسطينية مؤقتة، وهو وعد مكذوب يعرفه القاصي والداني.

                        وقد تكفلت أمريكا واليهود والدول الغربية، بتقديم الدعم المالي والسلاح والتدريب للسلطة الجديد، مع إشراف الولايات المتحدة المباشر على تنفيذ هذه السلطة ما تعهدت به، من القضاء على الحركات الجهادية...

                        وهذا هو هدف اليهود والأمريكان، الذي إذا حققوه نقضوا عهودهم ومواثيقهم، فيما وعدوا به مما يسمى بخريطة الطريق، مع ما فيه من ظلم للفلسطينيين وإهانات لهم وإذلال.

                        ونحن المسلمين نعرف نقض عهود اليهود ومن ناصرهم من الصليبيين، من مصدرين:
                        المصدر الأول: كتاب الله منذ نزوله على محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أخبرنا أنهم في تاريخهم الطويل، لا يفون بوعودهم وعهودهم ومواثيقهم في .
                        كما قال تعالى: ((أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون)) [البقرة (100)]
                        وقال تعالى: ((فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا)) [النساء(155)]

                        المصدر الثاني: واقعهم الذي يشهد على خيانتهم ونقض عهودهم وفسادهم في أي أرض سكنوها، وفي أي أمة أقاموا بين ظهرانيها، ويكفي أن نشير إلى خيانتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته، من يوم وطئت قدماه المدينة، إلى يومنا هذا.
                        فكم اتفاقات عقدوها في عصرنا هذا مع من مد لهم يد السلم وتنازل لهم عن حقوق الأمة بدون إذنها، فخانوا وعدهم ونقضوا عهدهم معه، ولا زال يلدغ من جحر واحد مرات ومرات
                        ...

                        ومع ما نعرفه من نقض عهودهم، واستمرار ظلمهم للإسلام والمسلمين في كل أنحاء الأرض اليوم.
                        ومع استعلاء الإيمان، وعزة المؤمن وتوكله على ربه، وشجاعته وكرمه، ورغبته في دفع عدوان المعتدين، بل نشر دعوته في العالم، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ونصر المظلومين.

                        ومع يقيننا بأن الفئة القليلة من المؤمنين، تقف أمام الفئة الكثيرة المعتدية من أعداء الله وأعداء دينه وأوليائه المؤمنين، لا تهاب إلا خالقها ولا تخاف فيها لومة لائم.

                        ومع ما في قصص الأنبياء وتاريخ الأمم، وما ذكر في الآيات والأحاديث ونصوص السيرة النبوية التي سبقت الإشارة في هذا المبحث وغيره، من الدلالة على استعلاء المؤمنين على أعدائهم، معتمدين على ربهم الذي وعدهم بالنصر على أعدائهم.... مع كله، يجب أن نبين أن للمصالح والمفاسد والضرورات والحاجات أحكامها في شرع الله.

                        للمصالح والضرورات أحكامها

                        يجب هنا أن نبين أن سنن الله الشرعية، لا بد أن يصحبها الأخذ بالسنن السببية التي يجب على المسلمين مراعاتها والأخذ بها، وأن الله تعالى كلف عباده المؤمنين اتخاذ الأسباب، لتنفيذ ما أمرهم به شرعا، وأن العجز عن إيجاد الأسباب التي تعين على تنفيذ الأحكام الشرعية، يعذر به العاجز، ولهذا عذر الله تعالى بقلة العَدد كما سبق في قوله تعالى: ((الآن علم الله أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين…)) بعد أن نزل قوله: ((يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون.....)) وسبق كلام العلماء في ذلك، كما سبق أنَّ الله أمر المسلمين في مكة بالكف عن القتال، ومن أهم أسباب أمرهم بذلك، ضعفهم وقلة عددهم وقوة عدوهم وكثرته. [يراجع تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (1/525)]. على الآية "77" من سورة النساء]

                        ثم إن الله تعالى لم يكلف المسلمين في المدينة قتال عدوهم قبل ترتيب شئونهم، الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولم يكلفهم ذلك إلا بعد أن أصبحت السلطة فيها للمسلمين بقيادة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وكان غالب جهادهم في المدينة جهاد دفع عدوان عدوهم، وليس جهاد طلبهم له

                        ومعلوم أن القاعدة الشرعية العامة، أن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، لأن القدرة هي مناط التكليف، ولهذا شرع عقد المسلمين الهدنةَ مع عدوهم، عند الحاجة أو المصلحة.
                        تعريف الهدنة

                        الهدنة في اللغة العربية.أصل الهدنة في اللغة العربية: السكونُ بعد الهَيْجِ، و هَدَنَ يَهْدِنُ هُدُوناً: سَكَنَ.
                        و هَدَنَه أَي سكَّنه، يأتي لازما ومتعديا.
                        و هادَنه مُهادَنَةً: صالـحه، والاسم منهما الْهُدْنة.
                        ويقال للصلـح بعد القتال والـمُوادعة بـين الـمسلـمين والكفار، وبـين كل متـحاربـين... و هادَنَ القومَ: وادَعهم. [تراجع مادة "هدن" في لسان العرب لابن منظور]

                        ومعنى الهدنة في الاصطلاح: "أن يعقد الإمام أو نائبه عقدا على ترك القتال مدة، ويسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة" [الإنصاف للمرداوي (4/211) المغني لابن قدامة]
                        قال شيخ الإسلام زكريا
                        "كِتَابُ عَقْدِ الْهُدْنَةِ" "وَتُسَمَّى الْمُوَادَعَةُ وَالْمُعَاهَدَةُ"
                        وَالْمُسَالَمَةُ وَالْمُهَادَنَةُ لُغَةً الْمُصَالَحَةُ وَشَرْعًا مُصَالَحَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ, وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْهُدُونِ, وَهُوَ السُّكُونُ.
                        تَقُولُ هَدَّنْتُ الرَّجُلَ وَأَهْدَنْتُهُ إذَا سَكَّنْته، وَهَدَنَ هُوَ سَكَنَ وَالأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قوله تعالى: ((بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)) الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ((وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا)) الْآيَةَ، وَمُهَادَنَتُهُ صلى الله عليه وسلم قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ , وَهِيَ جَائِزَةٌ لَا وَاجِبَةٌ" [أسنى المطالب شرح روضة الطالب]

                        أقوال العلماء في مشروعية الهدنةوقد شرع الله تعالى للمسلمين الصلح والهدنة، عندما يفقدون القدرة على الجهاد، أو يرون فيها مصلحة راجحة، أو ضرورة لازمة، أو حاجة داعية، كما حصل في صلح الحديبية، بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقريش، مع ما كان في هذا الصلح من الإجحاف بالمسلمين، الذين حزنوا حزنا شديدا لعقده، وقد كان في هذا الصلح من المصالح العظيمة، أن سماه الله تعالى "فتحا" كما قال تعالى: ((إنا فتحنا لك فتحا مبينا)) [أول سورة الفتح]

                        وقد تكلم العلماء في مشروعية الهدنة والصلح مع الأعداء في كتب التفسير، بمناسبة تفسيرهم لبعض آيات القرآن الكريم التي لها صلة بالموضوع، وكذلك شراح الحديث بمناسبة شرحهم للأحاديث التي لها صلة بالموضوع كذلك، وفي كتب الفقه في الأبواب الخاصة بالموضوع.

                        يضاف إلى ذلك ما سطرته كتب السيرة النبوية، مما وقع من في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، أوفي كتب التاريخ في عهد صحابته من بعده، ثم ما تكرر في عهود الأئمة من بعدهم، في هذا الباب.

                        و يَرِدُ كلامُ المفسرين غالبا في تفسير الآيات الثلاث الآتية:
                        1- ((وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم)) [سورة الأنفال (61)]
                        2- ((فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم)) [التوبة (5)]
                        3- ((فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم)) [محمد (35)]

                        فظاهر آية الأنفال يدل على أن المسلمين مأمورون، بأن يميلوا إلى السِّلم إذا مال إليه العدو، ومعنى ذلك أن يَقِف المسلمون الحربَ القائمة بينهم وبين عدوهم، إذا طلب العدو ذلك منهم، على صلح يعقد بينهم بشروطه.

                        فهل حكم هذه الآية ثابت باق في الإسلام، أو هو منسوخ بالآيتين المذكورتين في سورة التوبة وسورة محمد؟
                        1- رأى بعض العلماء أن آية التوبة نسخت آية سورة الأنفال، لأن أحكام الجهاد التي نزلت في سورة التوبة، كانت هي آخر مراحل الجهاد في الإسلام، ونسب القول بالنسخ إلى ابن عباس رضي الله عنهما، وغيره.
                        ومعنى النسخ أن حكم المهادنة والمسالمة، لم يعد مشروعا، فليس للمسلمين أن يعقدوا مهادنة مع عدوهم، إلا في حالة الضرورة، فالضرورة شرط في عقد الهدنة عند هؤلاء.

                        قال الكاساني: "وَشَرْطُهَا الضَّرُورَةُ , وَهِيَ ضَرُورَةُ اسْتِعْدَادِ الْقِتَالِ , بِأَنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ , وَبِالْكَفَرَةِ قُوَّةُ الْمُجَاوَزَةِ إلَى قَوْمٍ آخَرِينَ , فَلَا تَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ" بدائع الصنائع (7/108وما بعدها)

                        وقال ابن رشد رحمه الله: " فأما هل تجوز المهادنة؟ فإن قوما أجازوها ابتداء... إذا رأى ذلك الإمام مصلحة للمسلمين، وقوم لم يجيزوها إلا لمكان الضرورة الداعية لأهل الإسلام..." [بداية المجتهد ونهاية المقتصد ((1/283)]

                        2- ورد القول بالنسخ كثير من العلماء من مفسرين وغيرهم، فأجازوها للمصلحة.
                        فقال ابن كثير رحمه الله: "وقول ابن عباس ومجاهد، وزيد بن أسلم، وعطاء الخراساني، وعكرمة والحسن، وقتادة: إن هذه الآية منسوخة بآية السيف في براءة: ((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر)) فيه نظر أيضا، لأن آية براءة فيها الأمر بقتالهم إذا أمكن ذلك، فأما إذا كان العدو كثيفا، فإنه تجوز مهادنتهم، كما دلت عليه هذه الآية الكريمة، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، يوم الحديبية، فلا منافاة، ولا نسخ ولا تخصيص. والله أعلم". [تفسير القرآن العظيم (4/84) تحقيق سامي بن محمد السلامة.

                        ومما استدل به القائلون بالنسخ، أن الله تعالى نهى المسلمين، أن يدْعوا عدوهم إلى المهادنة والمسالمة، لأنهم الأعلون عليهم بدينهم الحق، كما في آية محمد السابقة: ((فلا تهنوا... ) الآية.

                        ومعلوم أن للمسلمين عُلُوَّين: علو معنوي، وهو كونهم على الدين الحق الذي لا يقبل الله دينا سواه، فهم الأعلون على غيرهم في هذا، وعلو مادي، وهو القوة التي يستطيعون بها محاربة العدو طلبا أو دفعا، وهي التي أمرهم الله تعالى بها في قوله: ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة))

                        ولا شك أن العلو المعنوي وحده، بدون العلو المادي، غير كاف في تكليف الله تعالى المسلمين قتالَ عدوهم، لأنه تعالى: لا يكلف نفسا إلا وسعها.

                        ولهذا فسر ابن كثير رحمه الله العلو في آية محمد بالعلو المادي، من كثرة العَدَد والعُدَد، فقال: " ثم قال جل وعلا لعباده المؤمنين ((فلا تهنوا)) أي لا تضعفوا عن الأعداء وتدعوا إلى السلم، أي المهادنة والمسالمة ووضع، القتال بينكم وبين الكفار، في حال قوتكم وكثرة عَدَدكم وعُدَّتكم، ولهذا قال: ((فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون)) أي في حال علوكم على عدوكم.

                        فأما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة، بالنسبة إلى جميع المسلمين، ورأى الإمام في المهادنة والمعاهدة مصلحة، فله أن يفعل ذلك، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين صده كفار قريش عن مكة، ودعوه إلى الصلح، ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين، فأجابهم صلى الله عليه وسلم إلى ذلك" [تفسير القرآن العظيم (4/182)

                        واستدل القائلون بمشروعية الهدنة للمصلح والحاجة، بما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه عقد الهدنة مع مشركي قريش.
                        كما روى ذلك البراء بن عازب وغيره، قال: "لما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم عن البيت، صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثا، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف وقرابة، ولا يخرج بأحد معه من أهلها، ولا يمنع أحدا يمكث بها ممن كان معه"
                        [صحيح البخاري، برقم (2552) وصحيح مسلم، (1783) و"الْجُلُبَّان" قال النووي: "والجلبان بضم الجيم، قال القاضي في المشارق: ضبطناه جُلُبَّان، بضم الجيم واللام وتشديد الباء الموحدة، قال وكذا رواه الأكثرون، وصوبه ابن قتيبة وغيره، ورواه بعضهم بإسكان اللام، وكذا ذكره الهروي وصوبه هو وثابت، ولم يذكر ثابت سواه" شرح النووي على صحيح مسلم (12/136)]

                        ومعلوم أنه لا يسار إلى النسخ إلا بدليل يدل عليه، أو يحصل بين النصين تعارض لا يمكن معه الجمع بينهما، وقد أمكن الجمع هنا كما ترى.

                        وهذا هو رأي جماهير العلماء، بل ذكر النووي رحمه الله الإجماع على جواز الهدنة للمصلحة، فقال "وفي هذه الأحاديث دليل لجواز مصلحة الكفار إذا كان فيها مصلحة، وهو مجمع عليه عند الحاجة..." [شرح النووي على مسلم (12/143)

                        اختلاف حكم الهدنة باختلاف حال المسلمين ومصلحة الإسلام

                        فإذا كان المسلمون أقوياء عَددا وعُدَدا، لم تجز لهم المهادنة والمسالمة، إلا لمصلحة راجحة يراها أولو الأمر، كالطمع في إسلام العدو ونحوه.وإذا كانوا ضعفاء عددا أوعدة، جاز لهم مهادنة عدوهم ومسالمتهم على أساس الصلح المتاح.
                        قال القرطبي: "قال السدي وابن زيد: "معنى الآية إن دعوك إلى الصلح فأجبهم، ولا نسخ فيها. قال ابن العربي وبهذا يختلف الجواب عنه، وقد قال الله عز وجل ((فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم))
                        فإذا كان السلمون على عزة وقوة ومنعة وجماعة عديدة وشدة شديدة، فلا صلح.... وإن كان للمسلمين مصلحة في الصلح لنفع يجتلبونه أو ضرر يدفعونه، فلا بأس أن يبتدئ المسلمون به إذا احتاجوا إليه.

                        وقد صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر على شروط نقضوها فنقض صلحهم، وقد صالح الضمري وأكيدر دومة، وأهل نجران، وقد هادن قريشا لعشرة أعوام حتى نقضوا عهده، وما زالت الخلفاء والصحابة على هذه السبيل التي شرعناها سالكة، وبالوجوه التي شرحناها عاملة" [تفسير القرطبي (8/39-41)

                        قال الجصاص، بعد أن ذكر اختلاف المفسرين في نسخ المعاهدة وعدمه-: "وإنما اختلف حكم الآيتين لاختلاف الحالين، فالحال التي أمر فيها بالمسالمة، هي حال قلة عدد المسلمين وكثرة عدوهم، والحال التي أمر فيها بقتل المشركين وبقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، هي حال كثرة المسلمين وقوتهم على عدوهم، وقد قال تعالى: ((فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم)) فنهى عن المسالمة عند القوة على قهر العدو وقتلهم" [أحكام القرآن للجصاص (4/354)]

                        وقال الشيرازي الشافعي: " فإن لم يكن فى الهدنة مصلحة، لم يجز عقدها لقوله عز وجل: ((فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم)) وإن كان فيها مصلحة، بأن يرجو إسلامهم، أو بذل الجزية، أو معاونتهم على قتال غيرهم، جاز أن يهادن..." المهذب (2/259)

                        و قال ابن قدامة الحنبلي في شرحه على الخرقي (7590 ) فَصْلٌ: "وَمَعْنَى الْهُدْنَةِ, أَنْ يَعْقِدَ لِأَهْلِ الْحَرْبِ عَقْدًا عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً, بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ. وَتُسَمَّى مُهَادَنَةً وَمُوَادَعَةً وَمُعَاهَدَةً, وَذَلِكَ جَائِز, بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ((بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ)).

                        وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا)). وَرَوَى مَرْوَانُ, وَمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ, "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَالَحَ, سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو بِالْحُدَيْبِيَةِ, عَلَى وَضْعِ الْقِتَالِ عَشْرَ سِنِينَ"، وَلأنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ, فَيُهَادِنُهُمْ حَتَّى يَقْوَى الْمُسْلِمُونَ.

                        وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ إلا لِلنَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ; إمَّا أَنْ يَكُونَ بِهِمْ ضَعْفٌ عَنْ قِتَالِهِمْ, وَإِمَّا أَنْ يَطْمَعَ فِي إسْلامِهِمْ بِهُدْنَتِهِمْ, أَوْ فِي أَدَائِهِمْ الْجِزْيَةَ, وَالْتِزَامِهِمْ أَحْكَامَ الْمِلَّةِ, أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ" [المغني (9/238) ويراجع كتابه الكافي (4/340)

                        والذي يظهر رجحانه، أن عقد الهدنة بين المسلمين وعدوهم، لمصلحة راجحة يراها ولي الأمر الأمين، أمر مشروع ثابت، بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعمل الخلفاء والأئمة من بعده، وعليه أئمة الفقه وعلماء الفتوى...

                        شروط جواز الهدنة:

                        واشترط العلماء لجواز الهدنة أربعة شروط، وهي:
                        الأول: أن يكون العاقد لها الإمام أو نائبه.
                        الثاني: أن تكون لمصلحة.
                        الثالث: أن يخلو عقدها عن شرط فاسد.
                        الرابع: أن تكون مدتها معينة يعينها الإمام باجتهاده
                        .
                        حاشية الدسوقي (2/206)
                        وسيأتي ذكر الخلاف في بعض هذه الشروط.

                        من يلي عقد الهدنة؟

                        الأصل في ما فيه مصالح أو مفاسد، يتأثر بها عامة المسلمين، ألا يتولى شأنها إلا ولي الأمر العام، كالإمام أو من ينوب عنه، الذي يراعي في عقدها مصلحة الأمة ودفع الضرر عنها، ولا يصح لغيره تعاطي ذلك، ومن هذا الباب عقد الهدنة، لما قد يلحق عقد الأفراد من ضرر على الأمة كلها.
                        وقد مضى على هذه السنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه ومن جاء بعدهم من الأئمة والأمراء.

                        وعلى هذا الرأي المالكية الشافعية والحنابلة.
                        قال الشيخ محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي ذاكرا شروط الموادعة:
                        "الأول: أن يكون العاقد لها الإمام أو نائبه"
                        حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/206)

                        و قال الشيخ الشيرازي الشافعي: "باب الهدنة، لا يجوز عقد الهدنة لإقليم أو صقع عظيم، إلا للإمام، أو لمن فوض إليه الإمام، لأنه لو جعل ذلك إلى كل واحد، لم يؤمن أن يهادن الرجلُ أهلَ إقليم، والمصلحة فى قتالهم، فيعظم الضرر، فلم يجز إلا للإمام أو للنائب عنه" [المهذب (2/259)] وعلى هذا جماهير العلماء..

                        وقال ابن قدامة الحنبلي: قال ابن قدامة: "ولا يجوز عقدها إلا من الإمام أو نائبه لأنه عقد يقتضي الأمان لجميع المشركين فلم يجز لغيرهما كعقد الذمة" [لكافي (4/339) وراجع المحرر (2/182)]

                        ويرى الحنفية أنه لا يشترط في الموادعة إذن الإمام، ما دام فيه مصلحة للمسلمين.
                        قال الكاساني: "وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْإِمَامِ بِالْمُوَادَعَةِ , حَتَّى لَوْ وَادَعَهُمْ الْإِمَامُ , أَوْ فَرِيقٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ جَازَتْ مُوَادَعَتُهُمْ ; لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ كَوْنُ عَقْدِ الْمُوَادَعَةِ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ وُجِدَ" [بدائع الصنائع. سبق قريبا و شرح فتح القدير لابن الهمام. (6/108)]

                        وقد توجد بلدان إسلامية، اغتصبتها دول كافرة، ولا توجد للمسلمين فيها حكومة، وبها جماعات إسلامية لا تجمعها قيادة واحدة، فالواجب على هذه الجماعات كلها، أن تجتمع على قيادة جهادية واحدة تتفق عليها حيث أمكن، تكون قادرة على جمع كلمتها وجهاد العدو بها، فإذا تعذر على الجماعات الاجتماع على قيادة واحد، بسبب تفريق العدو بينها، فلتختر كل جماعة من يقودها، في مناطقها، ولتحاول قيادات المجاهدين التنسيق فيما بينها حسب الإمكان، كالحال في جنوب الفيليبين، وفي بعض البلدان الإسلامية الأخرى.
                        ويكون عقد الهدنة مع العدو عند الضرورة أو المصلحة، هو أمير الجماعة الواحدة، أو أمراء الجماعات المتفرقة، بحسب حالة كل جماعة.

                        وفي ذلك شبه بأهل الثغور الذين يرابطون بإزاء العدو في أطراف بلاد الإسلام، فإنهم قد يضطرون إلى عقد الهدنة مع عدوهم، بدون الرجوع إلى ولي الأمر العام، لما في تأخير عقد الهدنة من مضرة قد تنزل بالمرابطين.

                        كما قال الجصاص: "وكذلك قال أصحابنا، إذا قدر بعض أهل الثغور على قتال العدو ومقاومتهم، لم تجز لهم مسالمتهم، ولا يجوز لهم إقرارهم على الكفر إلا بالجزية. وإن ضعفوا عن قتالهم جاز لهم مسالمتهم، كما سالم النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من أصناف الكفار وهادنهم على وضع الحرب بينهم" [أحكام القرآن للجصاص (4/354)]

                        مدة الهدنة

                        مدة مهادنة الرسول لقريش
                        اختلف في المدة المهادنة التي عقد الرسول صلى الله عليه وسلم عليها المهادنة عام الحديبية، بينه وبين أهل مكة من المشركين:
                        فنقل عن ابن جريج، أنها ثلاث سنين.
                        ونقل عن عروة، أنها أربع سنين.
                        ونقل عن ابن إسحاق أنها عشر سنين.
                        وعلى هذا جمهور أهل العلم. [يراجع تفسير القرطبي (8/39) وما بعدها، وبداية المجتهد لابن رشد (1/283)]

                        واختلف العلماء في المدة التي يجوز للمسلمين، مهادنة أعدائهم عليها، ولهم في ذلك أربعة أقوال:

                        القول الأول: للإمام الشافعي رحمه الله
                        وهو إلى أنها لا تزيد عن أربعة أشهر، إذا كان المسلمون أقوياء قادرين على قتال عدوهم، واستدل بقوله تعالى في سورة التوبة: ((فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين)) [التوبة (2)]

                        وله قول آخر، وهو أن للإمام أن يزيد المدة على أربعة أشهر إذا دعت إليها الحاجة واقتضتها المصلحة، بشرط أن تكون أقل من سنة، ولا تجوز لسنة فما فوق، لأنه يجب إقامة الجهاد وأخذ أخذ الجزية كل سنة، والهدنة تعطل ذلك، مع قدرة المسلمين وقوتهم.
                        أما إذا كان المسلمون ضعفاء، فيجوز لهم عقد الهدنة أكثر من ذلك، بحسب الحاجة، فإذا كانوا يحتاجون إلى خمس سنوات، وجب عقد الهدنة عليها، ولا تجوز الزيادة عليها، ولا تجوز الزيادة على عشر سنين.

                        واحتج لذلك بمهادنة الرسول صلى الله عليه وسلم المشركين عام الحديبية، فإذا انقضت المدة، وتبين لهم الحاجة إلى استمرار الهدنة، جاز استئنافها. [المهذب (2/259) وراجع كتاب البيان، للعلامة العمراني اليمني (12/302)]

                        القول الثاني: مذهب جمهور العلماء، وهو أنه يجوز للمسلمين، سواء كانوا أقوياء أو ضعفاء، عقد الهدنة لعشر سنين، فأقل، إذا رأوا المصلحة في ذلك، ولا يجوز لأكثر من عشر سنين.
                        واستدلوا بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، في قصة الحديبية، فإن زادت المدة على العشر بطل العقد فيما زاد عليها، وإذا انقضت المدة وظهر للمسلمين أن المصلحة في تجديدها، جاز استئنافها من جديد.

                        ولا يجوز عندهم عقد الهدنة مطلقا أي بدون تحديد زمن معين، لأن إطلاقه يقتضى التأبيد، وهو يعود على أصل الجهاد والجزية بالنقض والإبطال، وهو ما لا يجوز في شرع الله. [نفس المصدر، وراجع كشاف القناع (3/111) للشيخ منصور بن يونس البهوتي]

                        القول الثالث: جواز عقد الهدنة لمدة محددة، قلت أو كثرت ولو زادت عن عشر سنين، ويجب الوفاء بها، ولا يجوز نقضها إلا إذا خاف المسلمون من نقض العدو بظهور أمارات تدل على إرادة النقض.
                        قال ابن الهمام الحنفي: "ولا يقتصر الحكم وهو جواز الموادعة على المدة المذكورة وهى عشر سنين لتعدى المعنى الذى به علل جوازها وهو حاجة المسلمين، أو ثبوت مصلحتهم فإنه قد يكون بأكثر..." [شرح فتح القدير (5/456)]

                        القول الرابع: جوازها محددة بزمن طويل أو قصير، وجواز أن تكون مطلقة، ما دام في ذلك مصلحة راجحة، وعقد الهدنة المطلقة جائز، وليس بلازم، بحيث إذا تبين للمسلمين أن المصلحة تقتضي قطع الهدنة، فللمسلمين نقضها بشرط أن ينبذوا إلى عدوهم عهده على سواء، وهو أن يبينوا لهم بيانا واضحا أنهم يريدون نقض العقد المبرم بينهم، فلا يأخذوا العدو على غرة.

                        ونصر هذا الرأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقال: " تيمية: "بَابُ الْهُدْنَةِ، وَيَجُوزُ عَقْدُهَا مُطْلَقًا وَمُؤَقَّتًا، وَالْمُؤَقَّتُ لازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مَا لَمْ يَنْقُضْهُ الْعَدُوُّ، وَلا يُنْقَضُ بِمُجَرَّدِ خَوْفِ الْخِيَانَةِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ, وَأَمَّا الْمُطْلَقُ فَهُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ يَعْمَلُ الإمَامُ فِيهِ بِالْمَصْلَحَةِ". [الفتاوى الكبرى (4/612)]

                        وفصل القول في موضع آخر، بذكر الأدلة على رأيه، وأرى أن أثبت منه النص المناسب مع طوله، لأنه – فيما أرى – يناسب هذا العصر الذي يحتاج فيه المسلمون إلى فقه يبين لهم السبيل، ويزيل عنهم الشبهات والتضليل، فقال رحمه الله:
                        " وَمَنْ قَالَ مِنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ: إنَّ الْهُدْنَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا مُؤَقَّتَةً، فَقَوْلُهُ - مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِأُصُولِ أَحْمَد - يَرُدُّهُ الْقُرْآنُ وَتَرُدُّهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَكْثَرِ الْمُعَاهَدِينَ فَإِنَّهُ لَمْ يُوَقِّتْ مَعَهُمْ وَقْتًا.

                        فَأَمَّا مَنْ كَانَ عَهْدُهُ مُوَقَّتًا فَلَمْ يُبَحْ لَهُ نَقْضُهُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ((إلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلَى مُدَّتِهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)) [التوبة (4)]
                        وَقَالَ: ((إلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)) [التوبة (7)]
                        وَقَالَ: ((وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ)) [الأنفال (58)] فَإِنَّمَا أَبَاحَ النَّبْذَ عِنْدَ ظُهُورِ إمَارَاتِ الْخِيَانَةِ; لأَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ جِهَتِهِمْ.
                        وَقَالَ تَعَالَى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ)) [الصف (2،3)] الْآيَةَ

                        والأحاديث فى هذا كثيرة، مثل ما في الصحيحين عن عبدالله بن عمر، قالَ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، و من كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، و إذا و عد أخلف، و إذا عاهد غدر، و إذا خاصم فجر). البخاري، برقم (34) ومسلم، برقم (58)
                        و فى الصحيحين عن عبدالله بن عمر، قال قالَ رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة) [البخاري، برقم (6694) ومسلم، برقم (1735)
                        و فى صحيح مسلم عن أبى سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم، قال: (لكل غادر لواء عند أسته يوم القيامة) و فى رواية: (لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به بقدر غدرته، ألا و لا غادر أعظم غدرة من أمير عامة) [برقم رقم: (1738)]

                        و فى صحيح مسلم عن بريدة بن الحصيب، قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم، إذا أمر أميرا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، و فيمن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: (اغزوا باسم الله فى سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا و لا تغلوا، و لا تغدروا، و لا تمثلوا، و لا تقتلوا و ليدا، و إذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم الى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك، فاقبل منهم و كف عنهم) الحديث. [مسلم، برقم (1731) فنهاهم عن الغدر كما نهاهم عن الغلول.

                        و في الصحيحين عن ابن عباس، عن أبى سفيان بن حرب، لما سأله هرقل عن صفة النبى صلى الله عليه و سلم: "هل يغدر؟ فقال: لا يغدر و نحن معه فى مدة لا ندري ما هو صانع فيها، قال ولم يمكني كلمة أدخل فيها شيئا إلا هذه الكلمة. و قال هرقل فى جوابه: سألتك هل يغدر؟ فذكرت أنه لا يغدر، و كذلك الرسل لا تغدر" فجعل هذا صفة لازمة للمرسلين. [حديث أبي سفيان في البخاري، برقم (7) وهو حديث طويل].

                        و فى الصحيحين عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) فدل على استحقاق الشروط بالوفاء، و أن شروط النكاح أحق بالوفاء من غيرها. [الحديث في البخاري، برقم (2572) ومسلم، برقم (1418)]

                        و روى البخاري عن أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه و سلم، قالَ قال الله تعالى: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر، و رجل باع حرا ثم أكل ثمنه، و رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه و لم يعطه أجره). فذم الغادر. و كل من شرط شرطا ثم نقضه فقد غدر. [الحديث في صحيح البخاري، برقم (2114)]
                        فقد جاء الكتاب و السنة بالأمر بالوفاء بالعهود و الشروط و المواثيق و العقود، و بأداء الأمانة و رعاية ذلك، و النهي عن الغدر و نقض العهود و الخيانة و التشديد على من يفعل ذلك...." انتهى كلام ابن تيمية من [مجموع الفتاوى(29/140-146]

                        وقد لخصت الموسوعة الفقهية هذه المسألة في السطور الآتية:

                        مُدَّةُ الْهُدْنَةِ: 14 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ مُوَادَعَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ, كَمَا "وَادَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ مَكَّةَ".
                        وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ دُونَ تَحْدِيدٍ, مَا دَامَتْ مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَلاَ يَجُوزُ, لقوله تعالى: ((فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ)).

                        وَيَرَى الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ مُهَادَنَةُ الْمُشْرِكِينَ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ, اسْتِنَادًا إلَى مَا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ. فَإِنْ هُودِنَ الْمُشْرِكُونَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَالْهُدْنَةُ مُنْتَقَضَةٌ ; لِأَنَّ الأَصْلَ فَرْضُ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ. وَالتَّفْصِيلاَتُ فِي مُصْطَلَحِ ( هُدْنَةٌ ). انتهى.

                        خلاصة الكلام: أن الهدنة مشروعة، لمصلحة الإسلام والمسلمين، فهي من المسائل التي يخضع حكمها للاجتهاد، وقد تدعو إليها الحاجة أو لضرورة، وإذا لم تكن فيها مصلحة، ولم تدع إليها الضرورة، فلا يجوز عقدها.
                        وأن مدتها تابعة لتلك المصلحة أو الضرورة، فتقدر بقدرها قلة وكثرة، وتوقيتا وإطلاقا...

                        وقد أفتى شيخنا العلام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، أن الصلح مع اليهود لا تقتضي تمليكهم الأرض الفلسطينين، بل للمسلمين عندما يقوون على طردهم في الهدنة المطلقة، أن يطردوهم منها.

                        "الصلح مع اليهود لا يقتضي التمليك أبديا
                        http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=slh00008

                        س2: هل تعني الهدنة المطلقة مع العدو إقراره على ما اقتطعه من أرض المسلمين في فلسطين، وأنها قد أصبحت حقا أبديا لليهود، بموجب معاهدات تصدق عليها الأمم المتحدة التي تمثل جميع أمم الأرض. وتخول الأمم المتحدة عقوبة أي دولة تطالب مرة أخرى باسترداد هذه الأرض أو قتال اليهود فيها ؟ ج2: الصلح بين ولي أمر المسلمين في فلسطين وبين اليهود، لا يقتضي تمليك اليهود لما تحت أيديهم تمليكا أبديا، وإنما يقتضي ذلك تمليكهم تمليكا مؤقتا حتى تنتهي الهدنة المؤقتة، أو يقوى المسلمون على إبعادهم عن ديار المسلمين بالقوة في الهدنة المطلقة.
                        وهكذا يجب قتالهم عند القدرة حتى يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
                        وهكذا النصارى والمجوس ؛ لقول الله سبحانه في سورة التوبة: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة: 29] ، وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخذ الجزية من المجوس
                        وبذلك صار لهم حكم أهل الكتاب في أخذ الجزية فقط إذا لم يسلموا.
                        أما حل الطعام والنساء للمسلمين فمختص بأهل الكتاب ، كما نص عليه كتاب الله سبحانه في سورة المائدة . وقد صرح الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى في سورة الأنفال: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا الآية [الأنفال: 61] بمعنى ما ذكرنا في شأن الصلح". [انتهى كلام الشيخ.]

                        عقد الهدنة على مال

                        يجوز عقد الهدنة بدون أخذ المسلمين مالا من عدوهم، كما هو الحال في هدنة الحديبية.
                        ويجوز عقدها على مال يأخذه المسلمون من عدوهم، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع يهود خيبر، بعد الانتصار عليهم، فأقرهم على البقاء وعلى أن يعملوا ويؤدوا النصف، لما فيه من المصلحة، وليس المال الذي يؤخذ منهم في هذه الحالة، من الجزية في شيء، لأن شرط أخذ الجزية منهم، أن تنفذ عليهم أحكام المسلمين.

                        وهل يجوز أن يعقد المسلمون الهدنة، على أن يدفعوا لعدوهم الكافر مالا؟
                        الأصل أنه لا يجوز ذلك، لأن المسلمين هم الأعلون، ويجب أن يحافظوا على عزتهم وعلو شأنهم، لكن قد تنزل بالمسلمين نوازل فيها من الابتلاء والفتنة، ما لا طاقة لهم به، بحيث لو لم يبذلوا المال لعدوهم لأنزل بهم أشد الضرر، من قتل رجالهم وسبي نسائهم، وهدم منازلهم، وإفساد مزارعهم، وتسميم مياههم...
                        ففي هذه الحال يجوز للمسلمين، أن يعقدوا مع عدوهم الهدنة على مال يأخذه منهم، بشروط تحقق لهم ما أمكن من دفع الفساد الذي قد يصيبهم، إذا لم يوافقوا على الهدنة بمال يأخذه منهم العدو، لأن إعطاءه المال أخف ضررا، من إزهاق أرواحهم وانتهاك أعراضهم.
                        والدليل على ذلك ما كان يريد فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، من الصلح يوم الأحزاب، من موادعة عيينة بن حصن الفزاري، والحارث بن عوف المري، على أن يعطيهما ثلث ثمر المدينة، وينصرفا بمن معهما من غطفان، ويخذلا قريشا ويرجعا بقومهم عنهم، ولقاعدة الضرورات تبيح المحظورات.

                        قال المهلب: "إنما قاضاهم النبي صلى الله عليه وسلم هذه القضية التي ظاهرها الوهن على المسلمين، لسبب حبس الله ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مكة حين توجه إليها فبركت، وقال حبس حابس الفيل على ما خرجه البخاري من حديث المسور بن مخرمة، ودل على جواز صلح المشركين ومهادنتهم دون مال يؤخذ منهم إذا رأى ذلك الإمام وجها.
                        ويجوز عند الحاجة للمسلمين عقد الصلح بمال يبذلونه للعدو، لموادعة النبي صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن الفزاري والحارث بن عوف المري يوم الأحزاب، على أن يعطيهما ثلث ثمر المدينة وينصرفا بمن معهما من غطفان ويخذلا قريشا ويرجعا بقومهم عنهم" [تفسير القرطبي (8/39 وانظر بداية المجتهد ونهاية المقتصد (1/283)]

                        وقال الشيرازي رحمه الله: "ويجوز عقد الهدنة على مال يؤخذ منهم، لان فى ذلك مصلحة للمسلمين، ولا يجوز بمال يؤدى إليهم لغير ضرورة، لأن فى ذلك إلحاق صغار بالإسلام، فلم يجز لغير ضرورة، فإن دعت إلى ذلك ضرورة بأن أحاط الكفار بالمسلمين وخافوا الاصطلام...." [المهذب (2/259) واستدل بعرض ثلث ثمار المدينة على غطفان يوم الأحزاب..]

                        وقال ابن قدامة رحمه الله: "فَصْلٌ: وَتَجُوزُ مُهَادَنَتُهُمْ عَلَى غَيْرِ مَالٍ، لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم هَادَنَهُمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى غَيْرِ مَالٍ.
                        وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ ; فَإِنَّهَا إذَا جَازَتْ عَلَى غَيْرِ مَالٍ , فَعَلَى مَالٍ أَوْلَى.

                        وَأَمَّا إنْ صَالَحَهُمْ عَلَى مَالٍ نَبْذُلُهُ لَهُمْ, فَقَدْ أَطْلَقَ أَحْمَدُ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ مِنْهُ, وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ; لِأَنَّ فِيهِ صَغَارًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ.
                        فَأَمَّا إنْ دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ, وَهُوَ أَنْ يَخَافَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْهَلاَكَ أَوْ الْأَسْرَ, فَيَجُوزُ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ للأَسِيرِ فِدَاءُ نَفْسِهِ بِالْمَالِ , فَكَذَا هَا هُنَا, وَلأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ إنْ كَانَ فِيهِ صَغَارٌ, فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَحَمُّلُهُ لِدَفْعِ صَغَارٍ أَعْظَمَ مِنْهُ, وَهُوَ الْقَتْلُ, وَالْأَسْرُ, وَسَبْيُ الذُّرِّيَّةِ الَّذِينَ يُفْضِي سَبْيُهُمْ إلَى كُفْرِهِمْ.

                        وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ, فِي الْمَغَازِي, عَنْ مَعْمَر, عَنْ الزُّهْرِيِّ, قَالَ: "أَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ, وَهُوَ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ - يَعْنِي يَوْمَ الْأَحْزَابِ -: (أَرَأَيْت إنْ جَعَلْت لَك ثُلُثَ تَمْرِ الْأَنْصَارِ, أَتَرْجِعُ بِمَنْ مَعَك مِنْ غَطَفَانَ, وَتَخْذُلُ بَيْنَ الأَحْزَابِ)؟ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ عُيَيْنَةُ: إنْ جَعَلْت لِي الشَّطْرَ فَعَلْت". قَالَ مَعْمَرٌ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ , "أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَاَللَّهِ لَقَدْ كَانَ يَجُرُّ سُرْمَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي عَامِ السَّنَةِ حَوْلَ الْمَدِينَةِ, مَا يُطِيقُ أَنْ يَدْخُلَهَا, فَالآنَ حِينَ جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلاَمِ, نُعْطِيهِمْ ذَلِكَ, فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فَنَعَمْ إذًا). وَلَوْلا أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ , لِمَا بَذَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم" [المغني (9/239) وراجع الكافي له (4/340)]

                        متى يشرع للمسلمين نبذ العهد إلى عدوهم؟


                        الأصل عند المسلمين الوفاء بالعقود والعهود، امتثالا لأمر الله تعالى واقتداء بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)) [(1) المائدة]
                        وقال تعالى: ((وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا)) [الإسراء (34)]
                        ولا فرق في وجوب الوفاء بالعهد، بين أن يكون المعاهَد مسلما أو كافرا، ولهذا قال تعالى:
                        ((إلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلَى مُدَّتِهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)) [التوبة (4)]
                        وَقَالَ: ((إلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)) [التوبة (7)]

                        وسبق قريبا ذكر بعض الأحاديث الموجبة للوفاء بالعهد، حيث جعل الرسول صلى الله عليه وسلم، الغدر من صفات المنافقين: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، و من كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، و إذا و عد أخلف، و إذا عاهد غدر، و إذا خاصم فجر). هذا هو الأصل عند المسلمين، وهو الوفاء بالعقود والعهود، وعدم نقضها بغير سبب شرعي.
                        ولكن الله تعالى يعلم بأن غالب أعداء المسلمين، لا يفون لهم بعهودهم، كما يفي لهم بذلك المسلمون، بل يخونونهم ويغدرون بهم، ولهذا حذر الله تعالى المسلمين من خيانة أعدائهم وغدرهم بهم، وأمرهم بالتنبه لهم واليقظة لخداعهم، وأمرهم إذا ظهرت لهم أمارات الخيانة منهم، أن يطرحوا إليهم عهودهم بوضوح تام، حتى يكونوا على علم مساو لعلم المسلمين، بأنهم لم يعودوا في حالة سلم، بل أصبحوا في حالة حرب، كما كانوا قبل المهادنة، فقال تعالى:
                        ((وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين)) [الأنفال (58)]
                        وهذا من محاسن الإسلام وخلال المسلمين: أمانة لا خيانة، وصدق لا كذب، ووفاء لا غدرن بخلاف أعدائهم في ذلك كله.

                        ومن هنا يجب فهم أمر الله للمسلمين، بالميل إلى السلم، إذا مال عليه عدوهم، كما سبق في قوله تعالى: ((وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم)) [الأنفال (61)] فلا يجوز أن يسالم المسلم من لا يسالمه، ولا يجوز أن يدعو عدوه إلى السلم وهو قوي قادر، أن يخضع لعدوه ويتخلى عن إخراج الناس من الظلمات إلى النور، برفع راية الجهاد في سبيل الله، الذي لا يرهب طغاةُ الأعداء سواه، ولا يَقِفُهم عن العدوان على المسلمين وغيرهم غيرُه.
                        وهذا ما سطره الواقع في تاريخ الأمم قديما وحديثا، ونحن اليوم نشاهده في عدوان اليهود وأعوانهم من النصارى المعتدين، في كل البلدان الإسلامية، وبخاصة في أرض فلسطين المباركة، التي لا يخفى شأنها على أحد.

                        ولا يجوز كذلك أن يخدع المسلمين أعداؤُهم، فيُخدعوا، فلا زال خداع أعدائهم وخيانتهم لهم مستمرة، من المشركين في الجزيرة العربية، ومن اليهود في المدينة النبوية، ومن جميع الوثنيين في بلاد فارس والهند وما وراء النهرين، ومن النصارى في كل البلدان والأزمان، من يوم شرقت شمس الإسلام، إلى يومنا هذا، وكيف يخدعهم عدوهم، وقد بان الصبح لذي عينين؟

                        فللمسلمين مع عدوهم المعاهد أربع حالات:

                        الحالة الأولى: أن يغلب على ظنهم وفاؤهم بالعهد، فعلى المسلمين الوفاء بعهدهم، وعدم نقضه، كما مضى.
                        الحالة الثانية: أن يتوهموا نقضهم العقد، بدون أمارة تدل عليه، وحكم هذه الحالة حكم الحالة الأولى، لأن مجرد الخوف بدون دليل لا يسوغ لهم نقض العهد، وإن كان يجب عليهم الحذر.
                        وهذا قال ابن قدامة: "فصل وإن خاف الإمام نقض العهد منهم، جاز أن ينبذ إليهم عهدهم لقوله تعالى ((وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء)) الأنفال. يعني أعلمهم بنقض العهد، حتى تصير أنت وهم على سواء في العلم، ولا يكتفي بمجرد الخوف" [الكافي (4/345)

                        وقال ابن العربي، رحمه الله: "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : إنْ قِيلَ : كَيْفَ يَجُوزُ نَقْضُ الْعَهْدِ مَعَ خَوْفِ الْخِيَانَةِ, وَالْخَوْفُ ظَنٌّ لاَ يَقِينَ مَعَهُ, فَكَيْفَ يَسْقُطُ يَقِينُ الْعَهْدِ بِظَنِّ الْخِيَانَةِ؟
                        فَعَنْهُ جَوَابَانِ : أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْخَوْفَ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْيَقِينِ, كَمَا يَأْتِي الرَّجَاءُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ; كَقَوْلِه: ((لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا)) .

                        الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا ظَهَرَتْ آثَارُ الْخِيَانَةِ, وَثَبَتَتْ دَلاَئِلُهَا وَجَبَ نَبْذُ الْعَهْدِ, لِئَلاَّ يُوقِعَ التَّمَادِي عَلَيْهِ فِي الْهَلَكَةِ, وَجَازَ إسْقَاطُ الْيَقِينِ هَاهُنَا بِالظَّنِّ لِلضَّرُورَةِ, وَإِذَا كَانَ الْعَهْدُ قَدْ وَقَعَ فَهَذَا الشَّرْطُ عَادَةٌ, وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لَفْظًا; إذْ لاَ يُمْكِنُ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا" [أحكام القرآن في تفسير الآية، وراجع تفسير القرطبي.]

                        الحالة الثالثة: أن تظهر لهم أمارات ودلائل على إرادتهم الخيانة ونقض العهد على غرة من المسلمين، وهذه الحالة هي التي يجب على المسلمين، أن ينبذوا إليهم عهدهم على سواء.
                        والراجح في معنى قوله تعالى ((على سواء)) ما قاله الجصاص:"أَلْقِ إلَيْهِمْ فَسْخَ مَا بَيْنَك وَبَيْنَهُمْ مِنْ الْعَهْدِ وَالْهُدْنَةِ، حَتَّى يَسْتَوِيَ الْجَمِيعُ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ. ... لِئَلاَّ يَتَوَهَّمُوا أَنَّك نَقَضْت الْعَهْدَ بِنَصْبِ الْحَرْبِ" [أحكام القرآن]

                        الحالة الرابعة: أن يظهر المعَاهَدون خيانتهم، بحيث يعملون ما هو نقض صريح للعهد، وفي هذه الحالة يجب على المسلمين أن يغزوهم ويطبقوا عليهم أحكام الجهاد في سبيل الله، دون إنذار لهم ولا نبذ لعهدهم، لأنهم قد نقضوا العهد، فلم يعد له بقاء.

                        كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
                        " وَإِذَا نَقَضَ الَّذِينَ عَقَدُوا الصُّلْحَ عَلَيْهِمْ, أَوْ نَقَضَتْ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَلَمْ يُخَالِفُوا النَّاقِضَ بِقَوْلٍ, أَوْ فِعْلٍ ظَاهِرٍ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا الإِمَام, أَوْ يَعْتَزِلُوا بِلاَدَهُمْ وَيُرْسِلُوا إلَى الإِمَامِ إنَّا عَلَى صُلْحِنَا, أَوْ يَكُونَ الَّذِينَ نَقَضُوا خَرَجُوا إلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ, أَوْ أَهْلِ ذِمَّةٍ لِلْمُسْلِمِينَ فَيُعِينُونَ الْمُقَاتِلِينَ, أَوْ يُعِينُونَ عَلَى مَنْ قَاتَلَهُمْ مِنْهُمْ فَلِِلإِِمَامِ أَنْ يَغْزُوَهُمْ, فَإِذَا فَعَلَ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ إلَى الإِمَامِ خَارِجٌ مِمَّا فَعَلَهُ جَمَاعَتُهُمْ، فَلِلإِمَامِ قَتْلُ مُقَاتِلَتِهِمْ وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ وَغَنِيمَةُ أَمْوَالِهِمْ، كَانُوا فِي وَسَطِ دَارِ الْإِسْلاَمِ, أَوْ فِي بِلاَدِ الْعَدُوِّ.
                        وَهَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِبَنِي قُرَيْظَةَ عَقَدَ عَلَيْهِمْ صَاحِبُهُمْ الصُّلْحَ بِالْمُهَادَنَةِ فَنَقَضَ, وَلَمْ يُفَارِقُوهُ، فَسَارَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فِي عُقْرِ دَارِهِمْ وَهِيَ مَعَهُ بِطَرَفِ الْمَدِينَةِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى ذَرَارِيِّهِمْ وَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ" [الأم (4/186)]

                        حكم من نقض العهد من أهل الذمة.

                        هذا وليعلم أن حكم أهل الذمة، إذا نقضوا العهد، هو حكم المحاربين المعاهدين الذين نقضوا العهد، يحاربون ويقتلون، إلا أن ذرية أهل الذمة الذين ولدوا قبل العهد،ولم يبلغوا سن الرشد، عند نقض آبائه، لا يسبون ولا يسترقون،
                        أما من ولد منهم بعد النقض، فيسبون ويسترقون.
                        قال ابن قدامة: ( 7588 ) "مسْأَلَةٌ ; قَالَ: وَمَنْ كَانَ لَهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عَهْدٌ, فَنَقَضُوهُ حُورِبُوا, وَقُتِلَ رِجَالُهُمْ, وَلَمْ تُسْبَ ذَرَارِيُّهُمْ, وَلَمْ يُسْتَرَقُّوا, إلاَّ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ نَقْضِهِ، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ إذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ.....فَإِنَّهُ يُقْتَلُ رِجَالُهُمْ, وَلا تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ الْمَوْجُودُونَ قَبْلَ النَّقْضِ, لأَنَّ الْعَهْدَ شَمِلَهُمْ جَمِيعًا, وَدَخَلَتْ فِيهِمْ الذُّرِّيَّةُ, وَالنَّقْضُ إنَّمَا وُجِدَ مِنْ رِجَالِهِمْ, فَتَخْتَصُّ إبَاحَةُ الدِّمَاءِ بِهِمْ..." [المغني (9/237)]

                        حكم العهد مع العدو المحتل لأرض المسلمين

                        كان ما تقدم من حكم إبرام الهدنة أو نقضها، مع عدو عقد المسلمون معه عهد الهدنة وهو في بلاده كحال قريش في مكة، أو أهل ذمة أمِنوا على دمائهم وذراريهم وأموا لهم، في ظل الدولة الإسلامية.
                        وبقي الكلام على حالة أخرى، وهي أن يحتل العدو أرض المسلمين أو أحد أقاليمها، كما حصل في القرن الماضي، عندما احتل الأوربيون غالب بلدان المسلمين، وكما هو الواقع اليوم في الأرض المباركة "فلسطين" وبلاد "الشيشان" ونحوهما.

                        هذه الحالة في حاجة إلى إيضاح وبيان

                        معلوم أن الجهاد في سبيل الله، يكون فرض عين في ثلاث حالات، والذي يهمنا هنا التذكير بحالتين:

                        الحالة الأولى: أن يهجم العدو على بلاد المسلمين، فيجب وجوبا عينيا على كل قادر من أهل البلد المعتدى عليه، رجالا ونساء شبابا وشيبا، أن يدفعوا العدوان عن بلدهم، ومن تأخر منهم عن ذلك فهو آثم.
                        الحالة الثانية: أن يستنفر ولي الأمر المسلمين، فيجب على كل قادر منهم تلبية النفير، ولا يجوز له التأخر، ومن تأخر منهم عن ذلك فهو آثم، واستنفار ولي الأمر رعيته في هذه الحالة واجب، وإذا لم يفعل فهو آثم، لأنه راع وكل راع مسئول عن رعيته.

                        وإذا قُدِّر امتناعُ مَن تولى أمرَ المسلمين عن استنفارهم لدفع العدو عن بلدهم مع القدرة على مقاومة العدو وطرده، فإنه يجب على أهل الحل والعقد من العلماء والمفكرين والساسة وأعيان البلاد، إقامة من يقودهم للجهاد في سبيل الله واستنفار الناس لدفع العدوان، ولا يجوز لهم القعود عن ذلك، لما فيه من الهوان والصغار لأهل الإسلام.

                        وإذا عجز أهل البلد عن الانتصار على عدوهم، وجب على من يليهم من البلدان، الأقرب فالأقرب نصرهم، وكل من قعد عن نصرهم من المسلمين، مع قدرته على ذلك بالنفس أو المال، أو بكليهما، فهو آثم، كما سبق في مبحث حكم الجهاد.

                        وإذا عجز أهل البلد عن مقاومة العدو، ولم يقم بقية المسلمين بنصرتهم، وهي فرض عين عليهم، أو كانوا غير قادرين، فلهم بسبب عجزهم أن يعقدوا مع عدوهم هدنة مؤقتة، بحسب حاجتهم، لأن التكليف منوط في شرع الله بالقدرة، ومن لا قدرة له، لا يكلفه الله غير ما يستطيع: ((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها))
                        ويجب مع ذلك أن يعدوا أنفسهم لاستئناف الجهاد عندما يشعرون بالقدرة عليه.

                        ويجب عليهم أن يقوموا بإعداد العدة التي يرهبون بها عدوهم ويعزموا على مجاهدته عند القدرة على ذلك، ولا يجوز لهم عقد الهدنة عازمين على الاستسلام الدائم وتمكين المعتدي من استعبادهم واستعباد أجيالهم.

                        ومعلوم أن طرد المحتلين من البلدان الإسلامية أو غيرها، لا يتم إلا بالصبر على إزهاق النفوس والأموال وتخريب الديار، وإهلاك الحرث والنسل، ولكن العاقبة تكون للصابرين المصابرين من أهل البلد المغتصب، لأنهم أهل حق، والمغتصبون أهل باطل، وأهل البلد أكثر ثباتا في بلدهم من عدوهم الطارئ عليه.

                        وفي التاريخ من ذلك عبر وبراهين، فقد اغتَصَبت إمبراطوريات، بلدانا كثيرة في العالم، وعاثت فيها فسادا، ولكنها في آخر الأمر انسحبت منها تجر أذيال الهزيمة.
                        ومن أقرب الدول الأوربية المغتصبة، في القرون الأخيرة، حيث لم يبق بلد في العالم غير مغتصب لدولة من دولها، وقد أخلت تلك البلدان كلها بسبب مقومة أهلها الجادة، وهذه بريطانيا التي كان يقال عنها: لا تغرب عنها الشمس، أصبحت شبيهة بضب مختف في جحره...
                        وكذلك فرنسا وألمانيا وهولندا والبرتغال....

                        ومن الأمثلة الحية لذلك هزيمة الطاغوت المتغطرس اليوم "أمريكا" في فيتنام..
                        ومن الأمثلة كذلك هزيمة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، وتفكك الدول التي كان قد ضمها إليه بالقوة والظلم.

                        ونحن واثقون بأن الفلسطينيين، لو اجتمعت كلمتهم، ووجدوا من يمدهم بالمال الذي يوفر لهم حاجاتهم الضرورية، ومنها السلاح المتيسر، فإنهم سينتصرون على عدوهم من اليهود، مهما طال الأمد، ومهما طغوا وأمدهم الأمريكان بالمال والسلاح، وغير ذلك... ولقد زلزل أقدام اليهود شباب باع نفسه لله تعالى، مع ضعفه المادي، وقلة عدده ومحاربة بعض أبناء بلده له، وتكاتف دول العالم ضده، وخذلان الدول العربية له.

                        ومع ذلك اضطر كثير من اليهود إلى الهجرة المعاكسة، وهي الهرب من فلسطين، إلى الخارج، بدلا من الهجرة القوية من الخارج إلى فلسطين، وأصيب اقتصاد اليهود بنكسة شديدة، وبدأ بعض أفراد الجيش يظهرون عصيانهم للحرب ضد الفلسطينيين، ويدعون غيرهم إلى الانضمام إليهم...
                        ومن لا يعلم بجهاد الشعب الجزائري ضد المغتصب الفرنسي، ثم انتصاره عليه في النهاية...وهكذا عامة دول العالم؟

                        الخلاصة: جواز الهدنة مع العدو لمصلحة راجحة شرعية، مع العزم على إقامة علم الجهاد والإعداد، ولا تجوز هدنة لا مصلحة فيها للمسلمين، بل فيها مضر أو استعباد.
                        ونقول للمجاهدين في البلدان الإسلامية وبخاصة فلسطين، إنه يجب أن يوازنوا بين استمرار جهادهم، وعدم الاستجابة للهدنة، وبين وقف الحرب ضد العدو وعقد هدنة معه، فإن رأوا أن المصلحة في استمرار في الجهاد، وأن الضرر الذي يترتب على ذلك، أقل مفسدة عليهم من الهدنة، فعليهم أن يستعينوا بالله ويستمروا في جهاد عدوهم.

                        وإن رأوا أن المصلحة في عقد الهدنة، وأن ما يترتب على ذلك أعظم مصلحة وأقل مفسدة من استمرار الجهاد المسلح، فليقدموا على الهدنة، ويجتهدوا في الإعداد لجهاد عدوهم مستقبلا.

                        وعندما يغلب على ظنهم القدرة على استئناف الجهاد، وأن المصلحة في ذلك هي الراجحة، فليستأنفوا جهادهم، والله ناصرهم ومعينهم.

                        هذا مع يقيننا أن العدو اليهودي، سينقض عهده، ويبادر بإلغاء الهدنة عملا، فقد علمنا كتاب الله وسيرة رسوله، وواقع اليهود من يوم وجدوا إلى اليوم، أنهم لا يفون بوعد، ولا يستمرون في إبرام عهد، وأنهم سيغدرون بمن يثقون فيهم ويتعاونون معهم، وأن العاقبة ستكون للجهاد والمجاهدين، لا للمستسلمين والمنهزمين.
                        احصل على نسخة من الموضوع على ملف وورد

                        كتبه
                        د . عبد الله قادري الأهدل
                        [email protected]

                        أخي صاحب الموضوع ............

                        لقد أهملت جانبا مهما ألا وهو الأهلية .....اي أهلية حماس

                        من المعلوم لدى الجميع أن أي أرض وصلها الإسلام يكون حكمها اما خراجية واما عشرية فالأرض الخراجية هي الأرض التي رويت بدماء المسلمين والأرض العشرية هي الأرض التي أسلم اهلها عليها مثل أندونيسياعلى سبيل المثال

                        أما أرض فلسطين التي تكاد لا تخلو أرضها دماء لصحابي أو مجاهد هنا أوهناك ..........

                        فأرض فلسطين هي ملك لكل من شهد شهادة الحق على وجه هذة المعمورة.............

                        فهل حماس أو غيرها يملك الحق لمهادنة من هم يحتلونها ...............

                        وهل حماس قد خولت من جميع المسلمين لتقوم بما تريد أن تقوم به بخصوص المهادنه والمفاوضات عفوا المفاوضات التي ستتركها لأبي مازن وكأن الأمر لا يعنيها ومتى كان أبو مازن محل ثفة...........

                        اللهم أهدنا فيمن هديت....

                        تعليق


                        • #13
                          رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                          بارك الله فيك اخا الاسلام على اهتمامك بحكم الشرع وياليت الحديث كله بيننا نحن ابناء الحركات الاسلامية يكون

                          على هذا الاساس بالحجة والبيان مستندين فقط الى الحكم الشرعي الذي يحكمنا جميعا وما يقرره شرع رب العالمين

                          ننصاع له كيف لا والخير كل الخير في هذا النور الرباني الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه

                          وهنا سؤال يتبادر الى ذهني بعدما فهمت من الموضوع ان الهدنة مع اليهود جائزة ويجوز تمديدها ..

                          السؤال هل يجوز للمتهادنين ان يلتقوا ويصافحوا بعضهم بعضا بمعنى هل يجوز مثلا ان يتلقي خالد مشعل

                          او الاخ ابو العبد مع اولمرت او نتنياهو او باراك طالما ان ذلك في مرحلة معينة ضروري لسلامة عقد الهدنة

                          تعليق


                          • #14
                            رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                            المشاركة الأصلية بواسطة الواثق بوعدالله
                            أخي صاحب الموضوع ............

                            لقد أهملت جانبا مهما ألا وهو الأهلية .....اي أهلية حماس

                            من المعلوم لدى الجميع أن أي أرض وصلها الإسلام يكون حكمها اما خراجية واما عشرية فالأرض الخراجية هي الأرض التي رويت بدماء المسلمين والأرض العشرية هي الأرض التي أسلم اهلها عليها مثل أندونيسياعلى سبيل المثال

                            أما أرض فلسطين التي تكاد لا تخلو أرضها دماء لصحابي أو مجاهد هنا أوهناك ..........

                            فأرض فلسطين هي ملك لكل من شهد شهادة الحق على وجه هذة المعمورة.............

                            فهل حماس أو غيرها يملك الحق لمهادنة من هم يحتلونها ...............

                            وهل حماس قد خولت من جميع المسلمين لتقوم بما تريد أن تقوم به بخصوص المهادنه والمفاوضات عفوا المفاوضات التي ستتركها لأبي مازن وكأن الأمر لا يعنيها ومتى كان أبو مازن محل ثفة...........

                            اللهم أهدنا فيمن هديت....
                            اخي الكريم
                            اما عن ارض فلسطين هي ارض كما يعلم الجميع ارض كل المسلمين في كل مكان
                            اما عن حماس فحماس لا تتصرف بمعزل عن الراي العالمي فتاييد العلماء لها هو تاييد كل المسلمين باذن الله لها الا ترى ان الكل يدعم وينصح من كل مكان وحماس ايضا تتصرف بواقعيه فغالبية الشعب الفلسطيني والساحة الاسلاميه قد اعطوا تاييدهم لحماس فهي مخولة باذن الله وباذن الشرع الحنيف المكين ان تفعل ماتراه مناسبا من المصالح وهي بفعلها لا تخالف الشرع وهذا اهم شيئ ايها المسلمون
                            ولا تخف على حماس ان توافق عباس الحقير على اي مفاوضات لبيع فلسطين فهذا من الاحلام
                            وشكرا اخي

                            تعليق


                            • #15
                              رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                              اخواني الكرام ان في ما كتب من مواضيع ما يرد على كل تساؤلاتكم وكل ما يخطر ببالكم من افكار واعتراضات
                              فانتبهوا للمواضيع واقراؤها بشكل جيد
                              وبارك الله فيكم
                              فالموضوع مهم وحساس جدا

                              تعليق


                              • #16
                                رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                                المشاركة الأصلية بواسطة حتما سننتصر
                                بارك الله فيك اخا الاسلام على اهتمامك بحكم الشرع وياليت الحديث كله بيننا نحن ابناء الحركات الاسلامية يكون

                                على هذا الاساس بالحجة والبيان مستندين فقط الى الحكم الشرعي الذي يحكمنا جميعا وما يقرره شرع رب العالمين

                                ننصاع له كيف لا والخير كل الخير في هذا النور الرباني الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه

                                وهنا سؤال يتبادر الى ذهني بعدما فهمت من الموضوع ان الهدنة مع اليهود جائزة ويجوز تمديدها ..

                                السؤال هل يجوز للمتهادنين ان يلتقوا ويصافحوا بعضهم بعضا بمعنى هل يجوز مثلا ان يتلقي خالد مشعل

                                او الاخ ابو العبد مع اولمرت او نتنياهو او باراك طالما ان ذلك في مرحلة معينة ضروري لسلامة عقد الهدنة
                                احسنت اخي في كلامك فهو المطلوب وواجب علينا ان نفهم ما قلته جيدا وبارك الله فيك

                                اما عن سؤالك وهو سؤال ممتاز وبسؤالك سارد بسؤال فهل حلمت يوما ان مشعل سيصافح من يقتل اخوانه وشعبه ويهدم الاقصا ؟ من المحال اخي
                                لذلك العقد على الورق واذا ارادوا ان يفعلوها هي المفوضات زي ما قال اخي الواثق بيد ابو مازع بيسلم بيسلمش هو حر ولا لا
                                بعدين هم بدهم يسووا هدنه يعني القتال ما توقف مطلقا وما صار سلام فيسلموا على بعض واالقصه كلها مقتضيات مرحله حتى يستمر الجهاد فيما بعد
                                وعقد السلام حرام اما الهدنه جائزه
                                وشكرا.................

                                تعليق


                                • #17
                                  رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                                  المشاركة الأصلية بواسطة شاعر فلسطين
                                  اخي الكريم
                                  اما عن ارض فلسطين هي ارض كما يعلم الجميع ارض كل المسلمين في كل مكان
                                  اما عن حماس فحماس لا تتصرف بمعزل عن الراي العالمي فتاييد العلماء لها هو تاييد كل المسلمين باذن الله لها الا ترى ان الكل يدعم وينصح من كل مكان وحماس ايضا تتصرف بواقعيه فغالبية الشعب الفلسطيني والساحة الاسلاميه قد اعطوا تاييدهم لحماس فهي مخولة باذن الله وباذن الشرع الحنيف المكين ان تفعل ماتراه مناسبا من المصالح وهي بفعلها لا تخالف الشرع وهذا اهم شيئ ايها المسلمون
                                  ولا تخف على حماس ان توافق عباس الحقير على اي مفاوضات لبيع فلسطين فهذا من الاحلام
                                  وشكرا اخي
                                  أخي العزيز بارك الله فيك لكنك أيضا نسيت أمورا أخري أو أهملتها أو أن الأمور أختلطت عليك.......

                                  عن أي رأي عالمي تتحدث هل هو الرأي الذي برأ الصرب من عمليات التطهير العرقي أم الذي يصف عمليات المجاهدين في فلسطين أعمالا أرهابية أو الذي يصف إرهاب مذابح كيان يهود في حق المسلمين دفاعا عن النفس .........

                                  وعن أي علماء تتحدث الذين لم يقولوا قول الحق في حكم وجود القوات الأجنبية في جزيرة العرب أم الذين يرون المسلمين يذبحون في كل مكان فلا يحركوا شئا سو أنهم يكتفو بالدعاء أم الذين ينامون على عتبات القصور........

                                  ثم من قال لك أن الرأي العالمي الذي يمثل الطبقة السياسية عادة أو العلماء يمثلون المسلمين .........

                                  أرجو أن تعيد النظر فيما كتبت .......

                                  وبارك الله فيك أخي العزيز جزاك الله الخير على قدر نيتك..............

                                  تعليق


                                  • #18
                                    رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                                    المشاركة الأصلية بواسطة الواثق بوعدالله
                                    أخي العزيز بارك الله فيك لكنك أيضا نسيت أمورا أخري أو أهملتها أو أن الأمور أختلطت عليك.......

                                    عن أي رأي عالمي تتحدث هل هو الرأي الذي برأ الصرب من عمليات التطهير العرقي أم الذي يصف عمليات المجاهدين في فلسطين أعمالا أرهابية أو الذي يصف إرهاب مذابح كيان يهود في حق المسلمين دفاعا عن النفس .........

                                    وعن أي علماء تتحدث الذين لم يقولوا قول الحق في حكم وجود القوات الأجنبية في جزيرة العرب أم الذين يرون المسلمين يذبحون في كل مكان فلا يحركوا شئا سو أنهم يكتفو بالدعاء أم الذين ينامون على عتبات القصور........

                                    ثم من قال لك أن الرأي العالمي الذي يمثل الطبقة السياسية عادة أو العلماء يمثلون المسلمين .........

                                    أرجو أن تعيد النظر فيما كتبت .......

                                    وبارك الله فيك أخي العزيز جزاك الله الخير على قدر نيتك..............
                                    سامحك الله اخي اني عندما اتحدث انطق بلغة الاسلام والراي العالمي هو راي المسلمين وليس اليهود والامريكان
                                    فالحمد لله انا مسلم

                                    العلماء يا حبيبي زي احمد ياسين شفتو كيف نايم على عتبات الحكام مش اليهود قتلوه لانو لقيو نايم على عتبة واحد مت الحكام انا نش عارفه بس اكيد في صور
                                    وبحكي عن صلاح شحاده ونزار ريان استاذ الحديث الشريف قائد كتائب القسام بتعرفوا ولا لا بيقبض من اليهود عشان يقتلهم
                                    وبتكلم عن القرضاوي اللي كل العالم واقف ضده لانو بيحكي بلغة الاسلام الصحيح برضو بيقبض عشان بيدعو للجهاد من الامريكان ومن الحكام
                                    وبتكلم عن عزيز الدويك وحسن يوسف في السجن راحوا يشموا هوا رحله ببلاش عحساب اليهود

                                    اخي اياك ان تتذاكي واتق الله واعلم بماذا تنطق قبل ان تخرج الكلمات

                                    تعليق


                                    • #19
                                      رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                                      واخر شغله نسيتها اذا علماء الامه وقادتها لا يمثلون المسلمين مين بيمتلهم انا ولا انت؟؟؟؟؟؟؟؟؟
                                      اليس علماء الامه هم قادتها ورائب امرها ولا مين ؟؟؟؟
                                      لا حول ولا قوة بالله والله انو كلامكو محزن
                                      نتكلم معكم بالاسلام ولا ادري بماذا تتكلمون معنا بالاهواء ولا ما بعرف

                                      تعليق


                                      • #20
                                        رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                                        المشاركة الأصلية بواسطة شاعر فلسطين
                                        سامحك الله اخي اني عندما اتحدث انطق بلغة الاسلام والراي العالمي هو راي المسلمين وليس اليهود والامريكان
                                        فالحمد لله انا مسلم

                                        العلماء يا حبيبي زي احمد ياسين شفتو كيف نايم على عتبات الحكام مش اليهود قتلوه لانو لقيو نايم على عتبة واحد مت الحكام انا نش عارفه بس اكيد في صور
                                        وبحكي عن صلاح شحاده ونزار ريان استاذ الحديث الشريف قائد كتائب القسام بتعرفوا ولا لا بيقبض من اليهود عشان يقتلهم
                                        وبتكلم عن القرضاوي اللي كل العالم واقف ضده لانو بيحكي بلغة الاسلام الصحيح برضو بيقبض عشان بيدعو للجهاد من الامريكان ومن الحكاموبتكلم عن عزيز الدويك وحسن يوسف في السجن راحوا يشموا هوا رحله ببلاش عحساب اليهود

                                        اخي اياك ان تتذاكي واتق الله واعلم بماذا تنطق قبل ان تخرج الكلمات


                                        المشاركة الأصلية بواسطة شاعر فلسطين
                                        واخر شغله نسيتها اذا علماء الامه وقادتها لا يمثلون المسلمين مين بيمتلهم انا ولا انت؟؟؟؟؟؟؟؟؟
                                        اليس علماء الامه هم قادتها ورائب امرها ولا مين ؟؟؟؟
                                        لا حول ولا قوة بالله والله انو كلامكو محزن
                                        نتكلم معكم بالاسلام ولا ادري بماذا تتكلمون معنا بالاهواء ولا ما بعرف
                                        أخي العزيز أرجو أن يتسع صدرك لي ......
                                        لقد أستخدمت لفظا في غير محلة وهذا الذي أوجد سوء الفهم فشتان بين الرأي العالمي رأي المسلمين..

                                        ثانيا أنا أحترم الشيخ أحمد ياسين رحمة الله وأقدره لكن لم أكن أعلم يوما أنه عالم وكذلك السيد عزيز دويك لم أكن أعلم أن عالم ثم أنني عندما قصدت العلماء لم أقصد هؤلاء بل قصدت العلماء الملسمين على وجه هذة المعموره ولم أقصد الشيخ أحمد ياسين أو السيد عزيز دويك أو حسن يوسف.....

                                        المشاركة الأصلية بواسطة شاعر فلسطين
                                        وبتكلم عن القرضاوي اللي كل العالم واقف ضده لانو بيحكي بلغة الاسلام الصحيح برضو بيقبض عشان بيدعو للجهاد من الامريكان ومن الحكام
                                        العالم واقف ضدة ..........غريب أمرك
                                        الشيخ القرضاوي هو عالم كبير في علمة و مكانتة حتى أنه قيل أنه سبق سيباوية فيما يتعلق باللغة العربية

                                        ولكن للأسف الشديد فلقد خذل المسلمين في مواقف عدة ولم يقم بما يكفي .....


                                        المشاركة الأصلية بواسطة شاعر فلسطين
                                        نتكلم معكم بالاسلام ولا ادري بماذا تتكلمون معنا بالاهواء ولا ما بعرف
                                        أخي العزيز لولا أنك تتحدث بالإسلام ما تحدثت معك بالأصل........

                                        فالأسلام لا يقول ما تقول..

                                        تعليق


                                        • #21
                                          رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                                          بارك الله فيك اخي الكيرم على بحثك الكبير والرائع...

                                          اخيرا ما كان يلزم كل هذا البحث والتعب فحماس ليست واحد او اثنين انما فيادة في الخارج والداخل والسجون وعلماء وفقهاء واطباء ومهندسين ومثقفين

                                          باختصار هم اهل ثقة ولا احتاج لان اشك في قرار لهم الا اذا رايته مخالفا مخالفة صريحة لما ورد في كتاب الله وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام

                                          تعليق


                                          • #22
                                            رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                                            والله بعد كل ما قلت يكفي ما قلت
                                            وبارك الله فيكم وفقنا الله واياكم لما يحبه ويرضاه

                                            تعليق


                                            • #23
                                              رد : الهدنة مه اسرائيل\حماس لم تخطئ

                                              تعليق

                                              جاري التحميل ..
                                              X