إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سر الكواكب والديناصورات في القرآن - الجزء السابع عشر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سر الكواكب والديناصورات في القرآن - الجزء السابع عشر

    فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15):


    بعد أن تمّ طرح المقارنة بين جواب الشرط وفعل الشرط الخاص بأداة الشرط (إذا) التي تكرر ذكرها في مقدمة آيات سورة التكوير الموجودة في الفصل الأول والثاني من هذا الكتاب، حيث أنَّ آيات الفصل الأول قد اشترطت إظهار طاعة المخلوقات لربهِم من أول الخلق ثُم استمرت معها في تسلسل واضح ودقيق لمراحل خلق الله للكون حتى وصلت إلى يوم الحساب فكان جواب الشرط في استمرار الطاعة وتنفيذ أوامر الرحمن وتحقيق مشيئتهُ وحده لا مشيئة غيره، بعدها جاءت آيات الفصل الثاني وقد اشترطت أوضاع محددة سوف تحدث في الكون وبصورة مراحل ما بعد يوم القيامة، حينها يكون فعل الشرط متمثلاً في الثواب والعقاب وذلك بناءاً على أفعال كل مخلوق في حياتهِ السابقة، وكانت الحكمة مما سبق هي معرفة فضل الله الكبير في تسخِّير الأحداث العظيمة لخدمة الإنسان وحده لكونهِ خليفة الله في الأرض لعلهِ بذلك يكون من الشاكرين فيسكن جنَّة النعيم، أو أن يكفر الإنسان بهذا الفضل وهذهِ النعمة ويصر على جحوده وغروره وتكبره متبجحاً بأعماله من بناء واستعباد للبشر وغيرها ليكون بذلك من الكافرين فيسكن الجحيم وبئس المصير.
    ننتقل الآن إلى الفصل الثالث من هذا الكتاب حيث نُلاحظ فيهِ التوقف عن استعمال أداة الشرط (إذا) واستبدالها بكلمة القسم (أُقسِم) بعد أن تمَّ توكيدها وتعظيمها بالأحرف (فلا) لتأتي بمعنى (لسوف أقسم بكل تأكيد) وذلك حتى يصل القسم إلى أعظم قيمة يمكن تصورهُا بهِ، وكأن الخالق سُبحانهُ وتعالى هُنا يقول بما معناه إنني لسوف أقسم بكل تأكيد بقسم عظيم ألا وهو بالخُنَّس، والخُنَّس معناها الحرفي في قواميس اللغة العربية الرجوع إلى الوراء بقصد التخفي.
    والسؤال هُنا ما هو ذلك الشيء العظيم والغير قابل للتصور في عظمتهِ ليرتقي إلى سر مكنون فيتكرر القسم بهِ وبصورة ملحوظة وغليظة وكان هُناك شيء في هذا القسم لا نعرف عنهُ؟
    أمَّا سبب حصرنا لآيات القَسم في سورة التكوير في فصلٍ خاص، فهو لضرورة فصلها عن باقي الآيات من هذهِ السورة، وهذهِ الضرورة استنبطناها من قدرتنا الفريدة كباحثين ودارسين متخصصين في كُتب الله المُرسلة للعالمين وفي سُنَّة رسولهِ الكريم على معرفة الحقائق والأسرار من هذهِ المصادر العظيمة والتي هي من الأهمية بمكان حتى يستدعي الأمر إلى نشرها بصورة كُتب متخصصة سواء كان ذلك في مجال العلم أم الفقه والإيمان.
    وكما تمَّ التنويه من قبل بأنَّ صِفة الدَارس والباحث إنما هي في حقيقتها تختلف كلياً عن صفة المُفسَّر، فنحن هُنا ندقق في كل شيء ولا نستهين بأي شيء ونعطي كل ذي حقٍ حقهُ.
    ففي حالتنا هذهِ علينا أن نجد سر هذا القسم الغليظ والمخفي في كلمة الحُنَّس دون غيرها على ان تكون تلك الأهمية العظيمة المُكتشفة والواردة في هذا الكِتاب دوناً عن باقي الكُتب، ذات أهمية حقيقية ملموسة وليست مجرد سطور وعِظات وأمور غيبية يصعب التأكد منها.
    إذاً في كلمة الخُنَّس شيء كبير وعظيم يستحق أن يَقسِم بهِ الله أغلظ الإيمان.
    فما هو ذلك الشيء يا تُرى؟
    لعلنا نتذكر دراستنا وأبحاثنا عن الكواكب والنجوم الخاصة بالآيات الأولى من سورة التكوير والمذكورة في الفصل الأول من هذا الكتاب، حينها ذكرنا شيئاً عن الانفجار العظيم وذكرنا معلومة عن تكوير النجوم والكواكب وكذلك شرحنا سبب انتشارها في كل مكان من الكون وسبب كونها منتشرة وغير مُنظَّمة بل ومنكدره.
    فما بالنا ونحن نقرأ هُنا أنَّ الخالِق جلَّ وعلا قد اتخذ من هذهِ الكواكب صفة عظيمة يُقسم بها على أمرٍ جلل؟
    أليست الكواكب والنجوم، بل والمجرات موجودة فعلاً ومرئية بكل وضوح من قبلنا نحن البشر وفي وقتنا الحالي بالذات، بل ونعرف عنها الشيء الكثير من حيث الأعمار والأحجام والكُتل وطبيعة التربة فيها والمسافات التي تبعد بعضها عن البعض الآخر؟
    أليست هي مكورة كما قال سُبحانهُ وتعالى عنها في أول آية، ومُبعثرة بحيث تكون مخفية ومنكدره، وقد احتاج البشر إلى وقت كبير ومعدات كثيرة ومتطورة كذلك إلى تمويل كبير حتى تتم رؤيتها والكشف عنها وعن موقعها في الفضاء الشاسع كما يحدث الآن؟
    أليس هذا الأمر في حقيقتهِ أمر عظيم، بل إنَّهُ متناهي العَظمة لِضخَامة النجوم والكواكب فيها وتنوعها في الشكل والحجم ومكوناتها من معادن ومواد قد نعرفها او لا نعرف عنها شيئاً؟
    ألا يستحق هذا الإبداع والإتقان والعظمة في الخلق أن يفتخر الخالق بهِ أمام مخلوقاتهِ ويحرص على أن يُقسمِ بهِ سواء أدرك المتلقي هذهِ العظمة أم لم يدركها؟
    إذاً العظمة هُنا تكمن بكون النجوم والكواكب عظيمة الحجم في حقيقتها قد خُنِّست من قبل رب العالمين أي أُخنست عن أعين الناس ووضعت في مكان لا تدركهُ أبصار البشر المُجردة من أي وسيلة حديثة، حتى يأتي الوقت الذي تتكشف بهِ هذهِ الأمور كما يحدث الآن وذلك بعد أن استخدم الإنسان النفط والغاز المُخزَّن لهُ من قبل رب العالمين، ولولاه لما تكشَّف شيئاً ولأستمر الإنسان في عماه، نستشهد هُنا بسورة النحل من قَولَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ و تَعَالَىٰ: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَاۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)).
    إنَّ الذي كور الشمس والنجوم كذلك الكواكب من بعدها لقادر على جعلها منكدره ومن ثُمَّ مخنَّسة وهو الله الذي لا إله سواه الخالق البارئ المصور لهُ الأسماء الحُسنى، والخالق الحق هو أدرى بعظمة خلقهِ وبالتالي هو الأجدر بمعرفة قيمة هذا العمل وتميُّزه عن باقي الأعمال.
    وعليه يكون اختيارهُ سُبحانهُ في القسم على شيء محدد دون غيرهِ بل وتعظيم القسم بهِ إنما جاء عن معرفة ويقين بعظمة هذا الإنجاز بالنسبة للإنسان وللمخلوقات جميعاً دون استثناء، وبالتالي تطلَّب ذلك وبكل إصرار تغليظ القسم وتأكيده، وهو ما نقرأه هُنا في سورة آل عمران من قولهِ تعالى: (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190)) ففي هذهِ الآية الكريمة نجد ذكر الخالق العظيم قد جاء كملك يملك بكل جداره وبقدرة عالية كل ما في السماوات والأرض، وبالتالي هو وحده من يستطيع أن يُقسِم بهذا القسم ولا أحد غيره.

    محمد "محمد سليم" الكاظمي (المقدسي)
جاري التحميل ..
X