سلسلة تأملات في آيات من القرآن الكريم
الأستاذ الدكتور أحمد محمد عبد الدايم عبدالله
2 ـ قال تعالى: { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31)}(الأنفال).
سبحان ربي العظيم، فهذا نوع آخر من أنواع الزَّيغ والمُكابرة والعناد؛ يقول به: { كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12﴾}(المطففين)، ألغى عقلَه، وانساق وراء شيطانه المَريد.
{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا } ، نوع من الطيش حين أردفوا، فقالوا: { لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا } .
فما الذي منَعهم أن يشاؤوا، إنَّ قولتهم تُعبِّر عن عجزهم، وتؤكِّد إفلاسهم، وقد استقرَّ في نفوسهم أنهم عاجزون عن المجيء بمثل هذا القرآن، أو بسورة من مثله، وقد تحدَّاهم الله بقوله:
{ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34﴾}(الطور) .
سبحانك ربي، وأنت أعلم بخَلقك، وقد أرسَلت إلى رسولك آيات معجزات، لا طاقة لبشرٍ أن يأتي بمثلها، وزاد تحدِّي الله لهم، وهم أهل البلاغة والكلام؛ ليَعلموا - وقد علموا - أن حُجَّتهم باطلة زاهقة من أول نزول { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1﴾}(العلق) ، فقال لهم { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) }(يونس).
هكذا أيها الفُجَّار تقولون: افتراه؛ أي: أتى به من عنده، وهو بشرٌ مثلكم، فاجْعَلوا بعضكم لبعض ظهيرًا، والْتَمِسوا العون ممن استطعْتُم من إنسكم وشياطينكم، وأْتُوا بسورة واحدة - كهذا القرآن - إن كنتُم صادقين، فزادَ عجزهم، وإنهم لكاذبون، وأُسْقِط في أيديهم، ولكنَّها المُكابرة والغرور، والحسد من عند أنفسهم، أفلا يعقلون؟ فهل ما أُنزلَ على محمد من أساطير الأوَّلين؟!
ولقد جاءَتهم الحُجج دامغة، وإظهار العجز الدائم إلى يوم الدين، بقوله تعالى: { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88﴾}(الإسراء).
قمة التحدِّي وقمة الإعجاز، فبُهِت الذي كفَر، وصدق الله العظيم.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
الأستاذ الدكتور أحمد محمد عبد الدايم عبدالله
1 ـ قال تعالى : {
وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
...(8)}(المائدة).
سبحانك ربي، أحمدك وأشكرك.
خلقْتَنا ولَم نكُ شيئًا مذكورًا.
خلقْتَنا من ترابٍ،
وكرَّمتنا وجعَلتنا خُلفاءَ لك في الأرض ،
وعلَّمتنا ما لَم نكن نعلم ،
وأدَّبتنا أدبًا رفيعًا يَليق بمَن جعَلته خليفة لك.
وتعلم أننا خَلْق ضعيفٌ، نُخطئ ونُصيب،
وجعَلت خيرنا مَن يُخطئ ويتوب ويُنيب،
وتعلم أن الشيطان عدوٌّ لنا، يُلقي بيننا بالبغضاء والعداوة؛ حتى تنقطع بيننا حبائلُ الودِّ والرحمة؛
لذلك وصَّيْتنا في كتابك العزيز بوصايا هي حبال النجاة لنا يوم الوعيد.
فقلت لنا وقولك الحق {
سبحانك ربي، أحمدك وأشكرك.
خلقْتَنا ولَم نكُ شيئًا مذكورًا.
خلقْتَنا من ترابٍ،
وكرَّمتنا وجعَلتنا خُلفاءَ لك في الأرض ،
وعلَّمتنا ما لَم نكن نعلم ،
وأدَّبتنا أدبًا رفيعًا يَليق بمَن جعَلته خليفة لك.
وتعلم أننا خَلْق ضعيفٌ، نُخطئ ونُصيب،
وجعَلت خيرنا مَن يُخطئ ويتوب ويُنيب،
وتعلم أن الشيطان عدوٌّ لنا، يُلقي بيننا بالبغضاء والعداوة؛ حتى تنقطع بيننا حبائلُ الودِّ والرحمة؛
لذلك وصَّيْتنا في كتابك العزيز بوصايا هي حبال النجاة لنا يوم الوعيد.
فقلت لنا وقولك الحق {
وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا
}
أي: لا يَدفعنَّكم عداوة قومٍ لكم، واختلافهم معكم، إلى ارتكاب جُرم عدم العدل، اجْعَلوا العداوة جانبًا، فإذا حكَمتم بين الناس عليكم أن تَحكموا بالعدل، غير متأثِّرين في أحكامكم بما بينكم، ولنا في سلفنا الصالح قدوة وأُسوة حسنة، فهذا عدوٌّ لله وعدوٌّ لنبيِّه وللمؤمنين، شكا عليًّا بن أبي طالب رضي الله عنه إلى عمر رضي الله عنه فجاء إلى مجلس القضاء، فسوَّى بينهما عمر وحكَم لليهودي، ولَم تَنفعه العداوة إلى تجاوز العدل بينهما، أو لتحيُّزٍ إلى علي رضي الله عنه وهو مَن هو إيمانًا وفضلاً، وقُربى ومصاحبة.
فهل لنا أن نتعلَّم؟ وهل لنا في الأسوة الحسنة من سبيل؟
إنَّ العدل أقربُ لتقوى الله ومُراعاته،
والحذر من عذابه يوم لا ينفع مال ولا بنون.
أي: لا يَدفعنَّكم عداوة قومٍ لكم، واختلافهم معكم، إلى ارتكاب جُرم عدم العدل، اجْعَلوا العداوة جانبًا، فإذا حكَمتم بين الناس عليكم أن تَحكموا بالعدل، غير متأثِّرين في أحكامكم بما بينكم، ولنا في سلفنا الصالح قدوة وأُسوة حسنة، فهذا عدوٌّ لله وعدوٌّ لنبيِّه وللمؤمنين، شكا عليًّا بن أبي طالب رضي الله عنه إلى عمر رضي الله عنه فجاء إلى مجلس القضاء، فسوَّى بينهما عمر وحكَم لليهودي، ولَم تَنفعه العداوة إلى تجاوز العدل بينهما، أو لتحيُّزٍ إلى علي رضي الله عنه وهو مَن هو إيمانًا وفضلاً، وقُربى ومصاحبة.
فهل لنا أن نتعلَّم؟ وهل لنا في الأسوة الحسنة من سبيل؟
إنَّ العدل أقربُ لتقوى الله ومُراعاته،
والحذر من عذابه يوم لا ينفع مال ولا بنون.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
2 ـ قال تعالى: { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31)}(الأنفال).
سبحان ربي العظيم، فهذا نوع آخر من أنواع الزَّيغ والمُكابرة والعناد؛ يقول به: { كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12﴾}(المطففين)، ألغى عقلَه، وانساق وراء شيطانه المَريد.
{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا } ، نوع من الطيش حين أردفوا، فقالوا: { لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا } .
فما الذي منَعهم أن يشاؤوا، إنَّ قولتهم تُعبِّر عن عجزهم، وتؤكِّد إفلاسهم، وقد استقرَّ في نفوسهم أنهم عاجزون عن المجيء بمثل هذا القرآن، أو بسورة من مثله، وقد تحدَّاهم الله بقوله:
{ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34﴾}(الطور) .
سبحانك ربي، وأنت أعلم بخَلقك، وقد أرسَلت إلى رسولك آيات معجزات، لا طاقة لبشرٍ أن يأتي بمثلها، وزاد تحدِّي الله لهم، وهم أهل البلاغة والكلام؛ ليَعلموا - وقد علموا - أن حُجَّتهم باطلة زاهقة من أول نزول { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1﴾}(العلق) ، فقال لهم { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) }(يونس).
هكذا أيها الفُجَّار تقولون: افتراه؛ أي: أتى به من عنده، وهو بشرٌ مثلكم، فاجْعَلوا بعضكم لبعض ظهيرًا، والْتَمِسوا العون ممن استطعْتُم من إنسكم وشياطينكم، وأْتُوا بسورة واحدة - كهذا القرآن - إن كنتُم صادقين، فزادَ عجزهم، وإنهم لكاذبون، وأُسْقِط في أيديهم، ولكنَّها المُكابرة والغرور، والحسد من عند أنفسهم، أفلا يعقلون؟ فهل ما أُنزلَ على محمد من أساطير الأوَّلين؟!
ولقد جاءَتهم الحُجج دامغة، وإظهار العجز الدائم إلى يوم الدين، بقوله تعالى: { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88﴾}(الإسراء).
قمة التحدِّي وقمة الإعجاز، فبُهِت الذي كفَر، وصدق الله العظيم.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
3 ـ قال تعالى: { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ (60﴾}(الأنفال).
هذا أمرٌ وتكليف من الله - جل وعلا - إلى مَن آمَنوا به وبرسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وارْتَضوه ربًّا، أن يكونوا على أُهْبة الاستعداد لمُلاقاة أعداء الله، الذين هم بطبيعة الحال أعداء للمؤمنين أنفسهم، فإنَّ أعداء الله والإسلام والمسلمين يتربَّصون، وسوف يستمرون في تربُّصهم؛ حتى يرثَ الله الأرض ومَن عليها.
إنَّ للإسلام أعداءً ظاهرين معروفين بعدائهم وحِقدهم؛ { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32﴾}(التوبة) ، ومن هنا كان عداؤهم ظاهرًا بيِّنًا، و { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا..(82﴾}(المائدة).
لذلك فإن للإسلام أعداءً مختفين أيضًا، منهم المنافق الذي يُظهر الإيمان ويُضمر الكفر والحقد الشديد، ومنهم الحاسد الذي أكَل الحسدُ قلبه، ومنهم مَن يرى في الإسلام خطرًا يُهدِّد كِيانه ووجوده، وكل هؤلاء وأولئك أعداءٌ لله ولرسوله وللمؤمنين، ومن هنا يدعو الله أولياءَه لإعداد العُدَّة، وأن يكونوا على أُهْبة الاستعداد، وحِكمة الله تتجلَّى في هذه الآية في ألفاظها المُحكمة:
{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ } ؛ أي: كل ما تستطيعون من عَتادٍ وعُدة تُتاح لكم.
وتتجلَّى عظَمة الله في قوله : { مِنْ قُوَّةٍ } ؛ حيث جاء اللفظ نكرة، والنكرة تُفيد التعميم؛ أي: مُطلق القوَّة مهما كان نوعها.
ثم الْتَفَت القرآن إلى ما كان سائدًا في عصر الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم وهو رباط الخيل، وهو أرقى ما كان يُستعمل.
ثم يأتي الهدف من كلِّ ذلك في قوله تعالى: { تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } ، ولَم يَقل: قتال عدوِّ الله وعدوِّكم، ولكن ما قبل القتال، وهو بَثُّ الرُّعب والخوف في نفوسهم، ليس وحْدهم، ولكن آخرين غيرهم، لا تَعلم بهم، ولكنَّ الله سبحانه الذي أحاط بكلِّ شيء علمًا يَعلمهم، فإن مجرَّد إعداد القوة وتجهيزها يُخيف الجميع ويَخلع قلوبهم، ويَجعلهم في هَلَعٍ وخوف عظيمٍ.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
هذا أمرٌ وتكليف من الله - جل وعلا - إلى مَن آمَنوا به وبرسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وارْتَضوه ربًّا، أن يكونوا على أُهْبة الاستعداد لمُلاقاة أعداء الله، الذين هم بطبيعة الحال أعداء للمؤمنين أنفسهم، فإنَّ أعداء الله والإسلام والمسلمين يتربَّصون، وسوف يستمرون في تربُّصهم؛ حتى يرثَ الله الأرض ومَن عليها.
إنَّ للإسلام أعداءً ظاهرين معروفين بعدائهم وحِقدهم؛ { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32﴾}(التوبة) ، ومن هنا كان عداؤهم ظاهرًا بيِّنًا، و { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا..(82﴾}(المائدة).
لذلك فإن للإسلام أعداءً مختفين أيضًا، منهم المنافق الذي يُظهر الإيمان ويُضمر الكفر والحقد الشديد، ومنهم الحاسد الذي أكَل الحسدُ قلبه، ومنهم مَن يرى في الإسلام خطرًا يُهدِّد كِيانه ووجوده، وكل هؤلاء وأولئك أعداءٌ لله ولرسوله وللمؤمنين، ومن هنا يدعو الله أولياءَه لإعداد العُدَّة، وأن يكونوا على أُهْبة الاستعداد، وحِكمة الله تتجلَّى في هذه الآية في ألفاظها المُحكمة:
{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ } ؛ أي: كل ما تستطيعون من عَتادٍ وعُدة تُتاح لكم.
وتتجلَّى عظَمة الله في قوله : { مِنْ قُوَّةٍ } ؛ حيث جاء اللفظ نكرة، والنكرة تُفيد التعميم؛ أي: مُطلق القوَّة مهما كان نوعها.
ثم الْتَفَت القرآن إلى ما كان سائدًا في عصر الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم وهو رباط الخيل، وهو أرقى ما كان يُستعمل.
ثم يأتي الهدف من كلِّ ذلك في قوله تعالى: { تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } ، ولَم يَقل: قتال عدوِّ الله وعدوِّكم، ولكن ما قبل القتال، وهو بَثُّ الرُّعب والخوف في نفوسهم، ليس وحْدهم، ولكن آخرين غيرهم، لا تَعلم بهم، ولكنَّ الله سبحانه الذي أحاط بكلِّ شيء علمًا يَعلمهم، فإن مجرَّد إعداد القوة وتجهيزها يُخيف الجميع ويَخلع قلوبهم، ويَجعلهم في هَلَعٍ وخوف عظيمٍ.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
4 ـ قال تعالى: { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16﴾}(يونس).
بِئس ما يفعل الكافرون، ألاَّ ساء ما يَحكمون، ما يتَّبعون إلا الظنَّ، وما يظنون إلاَّ ظنًّا.
انظر أيها العاقل إلى قولهم في الآية الكريمة لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد حاوَرهم محاورة عقليَّة لطيفة، لو كانوا يعقلون، لدخلوا في الدين مسلمين، لكنَّهم للأسف لا يعقلون ولا يَفقهون.
{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ }: واضحات لا لَبْس فيها، فإنهم يَطلبون من الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - طلبًا عجيبًا، يدل على تَفاهة عقولهم وزَيْغهم، قائلين: { ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ }.
واعجبًا لِما يقولون!
فيحاورهم الرسول بيقين ثابتٍ، وقول فصلٍ: { مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ }،
إني ما جئت به أولاً، فكيف أُغَيِّره من تِلقاء نفسي؟ فأنا ما بلَّغتكم إلاَّ بما يوحى إليّ من الله، وأنا عبدٌ مأمور بذلك؛ { إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }.
إنَّ الأمر كله لله؛ { لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ } ، إنما جِئتكم به عن إذن الله ومَشيئته وإرادته، ولو شاء ما أنزَله عليّ، وما تَلَوته عليكم، وما دَرَيتُم من أمره شيئًا.
أيُّها الكفَّار، أليستْ لكم عقول رشيدة، تَعرفون بها الحقَّ من الباطل؟
{ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16)}(يونس).
لقد عِشتُ بينكم قبل النبوة أربعين سنة، ما قلتُ شعرًا ولا نثرًا، وما عَلِمتم عني نفاقًا ولا كذبًا، فكيف تتَّهمونني بذلك الآن، أفلا تعقلون؟!
لقد سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان، وكان يومها زعيمًا للمشركين، فقال له: هل كنتم تتَّهمونه بالكذب قبل أن يقولَ ما قال؟
قال أبو سفيان: لا.
فأين كانت عقول الكافرين؟
صدَقتَ يا رب، وصدَق رسولك الكريم.
وساء عملاً ما قاله الكافرون.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
بِئس ما يفعل الكافرون، ألاَّ ساء ما يَحكمون، ما يتَّبعون إلا الظنَّ، وما يظنون إلاَّ ظنًّا.
انظر أيها العاقل إلى قولهم في الآية الكريمة لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد حاوَرهم محاورة عقليَّة لطيفة، لو كانوا يعقلون، لدخلوا في الدين مسلمين، لكنَّهم للأسف لا يعقلون ولا يَفقهون.
{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ }: واضحات لا لَبْس فيها، فإنهم يَطلبون من الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - طلبًا عجيبًا، يدل على تَفاهة عقولهم وزَيْغهم، قائلين: { ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ }.
واعجبًا لِما يقولون!
فيحاورهم الرسول بيقين ثابتٍ، وقول فصلٍ: { مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ }،
إني ما جئت به أولاً، فكيف أُغَيِّره من تِلقاء نفسي؟ فأنا ما بلَّغتكم إلاَّ بما يوحى إليّ من الله، وأنا عبدٌ مأمور بذلك؛ { إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }.
إنَّ الأمر كله لله؛ { لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ } ، إنما جِئتكم به عن إذن الله ومَشيئته وإرادته، ولو شاء ما أنزَله عليّ، وما تَلَوته عليكم، وما دَرَيتُم من أمره شيئًا.
أيُّها الكفَّار، أليستْ لكم عقول رشيدة، تَعرفون بها الحقَّ من الباطل؟
{ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16)}(يونس).
لقد عِشتُ بينكم قبل النبوة أربعين سنة، ما قلتُ شعرًا ولا نثرًا، وما عَلِمتم عني نفاقًا ولا كذبًا، فكيف تتَّهمونني بذلك الآن، أفلا تعقلون؟!
لقد سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان، وكان يومها زعيمًا للمشركين، فقال له: هل كنتم تتَّهمونه بالكذب قبل أن يقولَ ما قال؟
قال أبو سفيان: لا.
فأين كانت عقول الكافرين؟
صدَقتَ يا رب، وصدَق رسولك الكريم.
وساء عملاً ما قاله الكافرون.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
5 ـ قال تعالى: { أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99﴾}(يونس).
ولي مع هذه الآية الكريم قصة.
طلَب مني صاحب برنامج "أفيدونا أفادَكم الله" بإذاعة الشرق الأوسط - كتابةَ بعض الحلقات عن الإرهاب. وفتَحت المصحف الشريف ألْتَمِس فيه بعض آيات الكتاب في هذا الأمر، فإذا بعينَي تَقعان على هذه الآية الكريمة.
وقرأْتها مرات ومرات، وكأني لَم أرها من قبلُ، ولَم أسمع بها، ولَم أقرأها في الكتاب الكريم، وليس هذا الأمر بدعًا بالنسبة لي، فهذا هو عمر بن الخطاب يُنكر قول مَن قال بوفاة الرسول الكريم، وتوعَّد قائلها، إلى أن تَلا عليه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِين (144﴾}(آل عمران).
فجلَس عمر وقد سكَن رَوعه، وتعجَّب من أنه كأنه لَم يسمع بها من قبلُ، وهو الحافظ لكتاب الله، يُرَدِّده آناء الليل وأطراف النهار، فسبحان الله العظيم، يؤتِي الحِكمة مَن يشاء.
وقرأت الآية كاملة وما بعدها، قال تعالى: { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (100﴾}(يونس).
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ } يا محمد، لأَذِن لأهل الأرض جميعًا بالإيمان، ولقَهَرهم عليه كالملائكة، لكن له حِكمة فيما يفعله تعالى:
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً (118﴾}(هود).
{ أَفَأَنْتَ } يا محمد { تُكْرِهُ النَّاسَ } ، وتُلِحُّ عليهم؛
{ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } ، فليس ذلك عليك؛
{ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ (272﴾}(البقرة) ،
و { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ (56﴾}(القصص) ،
وإنه { عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40﴾}(الرعد) ، وأنت :
{ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22﴾}(الغاشية) ،
إلى غير ذلك من آيات الكتاب الكريم، التي تَسير في خطِّ الآية السابقة وعلى نَهجها.
نعم، صدَقت يا رب { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ } ومَشيئته، { وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ } ؛ أي: الضلال والتخبُّط { عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ } ؛ أي: لا يَفقهون حُجج الله وأدلَّته، ولا يفهمون آياته، وهو العادل في كلِّ ذلك؛ في هداية مَن هُدِي، وإضلال مَن ضَلَّ.
أفبعد قول الله لرسوله قولٌ؟!
وهل لِمن لَبِسوا عباءة الإسلام حُجة في إرهاب خَلْق الله، وتكفير مَن يشاؤون، وسَفْك دمِ مَن يستحلُّون؟!
سبحانك ربي؛ جعَلت في الكتاب ما تشاء لِما تشاء.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ولي مع هذه الآية الكريم قصة.
طلَب مني صاحب برنامج "أفيدونا أفادَكم الله" بإذاعة الشرق الأوسط - كتابةَ بعض الحلقات عن الإرهاب. وفتَحت المصحف الشريف ألْتَمِس فيه بعض آيات الكتاب في هذا الأمر، فإذا بعينَي تَقعان على هذه الآية الكريمة.
وقرأْتها مرات ومرات، وكأني لَم أرها من قبلُ، ولَم أسمع بها، ولَم أقرأها في الكتاب الكريم، وليس هذا الأمر بدعًا بالنسبة لي، فهذا هو عمر بن الخطاب يُنكر قول مَن قال بوفاة الرسول الكريم، وتوعَّد قائلها، إلى أن تَلا عليه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِين (144﴾}(آل عمران).
فجلَس عمر وقد سكَن رَوعه، وتعجَّب من أنه كأنه لَم يسمع بها من قبلُ، وهو الحافظ لكتاب الله، يُرَدِّده آناء الليل وأطراف النهار، فسبحان الله العظيم، يؤتِي الحِكمة مَن يشاء.
وقرأت الآية كاملة وما بعدها، قال تعالى: { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (100﴾}(يونس).
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ } يا محمد، لأَذِن لأهل الأرض جميعًا بالإيمان، ولقَهَرهم عليه كالملائكة، لكن له حِكمة فيما يفعله تعالى:
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً (118﴾}(هود).
{ أَفَأَنْتَ } يا محمد { تُكْرِهُ النَّاسَ } ، وتُلِحُّ عليهم؛
{ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } ، فليس ذلك عليك؛
{ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ (272﴾}(البقرة) ،
و { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ (56﴾}(القصص) ،
وإنه { عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40﴾}(الرعد) ، وأنت :
{ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22﴾}(الغاشية) ،
إلى غير ذلك من آيات الكتاب الكريم، التي تَسير في خطِّ الآية السابقة وعلى نَهجها.
نعم، صدَقت يا رب { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ } ومَشيئته، { وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ } ؛ أي: الضلال والتخبُّط { عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ } ؛ أي: لا يَفقهون حُجج الله وأدلَّته، ولا يفهمون آياته، وهو العادل في كلِّ ذلك؛ في هداية مَن هُدِي، وإضلال مَن ضَلَّ.
أفبعد قول الله لرسوله قولٌ؟!
وهل لِمن لَبِسوا عباءة الإسلام حُجة في إرهاب خَلْق الله، وتكفير مَن يشاؤون، وسَفْك دمِ مَن يستحلُّون؟!
سبحانك ربي؛ جعَلت في الكتاب ما تشاء لِما تشاء.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
6 ـ قال تعالى: { يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105﴾}(هود).
تتحدَّث الآية الكريمة عن مشهد من مشاهد يوم القيامة، فقد قال سبحانه وتعالى قبلها:
{ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103﴾}(هود) .
إنه يوم عظيم مُرَوِّع: { يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2﴾}(الحج).
هذا اليوم حينما يأتي - وهو آتٍ لا ريبَ - يُحشر الناس أوَّلُهم وآخرُهم، كلُّهم يُجمعون لربِّ العالمين؛
{ وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47﴾}(الكهف) ، وذلك يوم مشهود، تَشهده الملائكة والرُّسل، وتُحشر الخلائقُ كلُّها؛ من الإنس والجن، والطَّير والوحش والدَّواب، ويَحكم الواحد الأحد العادل بينها.
وهذا اليوم هو يوم القيامة، حين يأتي لا يتكلَّم أحدٌ إلاَّ بإذن الله؛
{ لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38﴾}(النبأ).
نعم، يوم يأتي هذا اليوم لا تتكلَّم النفس إلاَّ بإذن الله، والناس يومها صِنفان: شقي، وسعيد.
﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107﴾}(هود).
نعم هذا جزاء الأشقياء، هم في النار، وهذا حالُهم، لهم فيها زفير وشهيقٌ؛ قال ابن عباس: "الزفير في الحَلق، والشهيق في الصَّدر"؛ لِما هم فيه من العذاب الأليم، خالدين في النار ما دامَت الأرض والسموات، وليس المقصود هنا سماء الدنيا وأرضها؛ لأن الله تعالى قال عن ذلك:
{ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ }(48﴾}(إبراهيم) ؛ أي: سماء غير هذه السماء، وأرض غير هذه الأرض؛ قال ابن عباس: "لكلِّ جنة سماءٌ وأرضٌ"، والمعنى: أنهم باقون في العذاب بقاءَ السموات والأرض؛ أي: أبدًا؛ لأن من عادة العرب إذا أرادَت أن تَصِف شيئًا بالدوام أبدًا قالت: هذا دائم دوام السموات والأرض.
{ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ } ، وهذا الاستثناء هنا خاص بالعُصاة من أهل التوحيد، فمن يُخرجه الله منهم من النار، فبإذنه وبشفاعة الشافعين.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
7 ـ قال تعالى: { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108﴾}(هود).
قلنا في الحديث السابق: إنَّ الناس في الموقف العظيم - يوم القيامة - صِنفان: صِنف شَقي، وقد تحدَّثنا عنه، وصِنف سعيد، وهو موضوع حديثنا الآن؛ حيث قال تعالى: { يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105﴾}(هود) ، وقد حكَم الله على الصِّنف الأول، فقال : { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107﴾}(هود).
أما الصِّنف الثاني - وهو السعيد - فقد حكَم الله سبحانه عليه بقوله: { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ } ، نعم السُّعداء في الجنة؛ لقد استعَمل الحقُّ جل وعلا الفعل { سُعِدُوا } في حقِّهم، وهو الفعل الوحيد المذكور في القرآن الكريم، لَم يَرِد بهذا اللفظ إلاَّ في هذا الموضع فقط، وقد جاء مَبنيًّا للمجهول؛ للتذكير بأنَّ السعادة أحاطَت بهم من كلِّ جانبٍ، كما أنه ليس للسعادة مصدرٌ واحدٌ فقط، فهم سُعداء برحمة الله الواسعة، وهم سعداء بمنَّة الله عليهم بدخولهم الجنةَ، وهم سُعداء بأنهم رأوا ما وعَدهم الله حقًّا، وهم سُعداء؛ لأن ذُرِّيَّاتهم لَحِقت بهم، فقد حفَّتهم السعادة وغَشِيتهم من كلِّ جانب، وأحاطَت بهم من كلِّ جهة؛ لذلك كان لفظ { سُعِدُوا } مطابقًا لحالتهم ولِما هم فيه.
كما أنَّ الله - سبحانه - حكَم عليهم بالبقاء في الجنة خالدين فيها، فقال : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } ؛ أي: خالدين فيها أبدًا.
{ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ } ؛ أي: إنَّ هذا الفعل من الله، وليس لعَملهم فحسب، فهو مرهون بمشيئته - سبحانه.
{ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ }؛ أي: فيها ما لا عين رأتْ، ولا أُذن سَمِعت، ولا خطَر على قلب بشرٍ، كلُّ ذلك موصول غير مقطوع، بمشيئة الله وقُدرته، ثوابًا من عند الله، والله عنده حُسن الثواب.
يتبع
عن شبكة الألوكة الشرعية
تتحدَّث الآية الكريمة عن مشهد من مشاهد يوم القيامة، فقد قال سبحانه وتعالى قبلها:
{ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103﴾}(هود) .
إنه يوم عظيم مُرَوِّع: { يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2﴾}(الحج).
هذا اليوم حينما يأتي - وهو آتٍ لا ريبَ - يُحشر الناس أوَّلُهم وآخرُهم، كلُّهم يُجمعون لربِّ العالمين؛
{ وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47﴾}(الكهف) ، وذلك يوم مشهود، تَشهده الملائكة والرُّسل، وتُحشر الخلائقُ كلُّها؛ من الإنس والجن، والطَّير والوحش والدَّواب، ويَحكم الواحد الأحد العادل بينها.
وهذا اليوم هو يوم القيامة، حين يأتي لا يتكلَّم أحدٌ إلاَّ بإذن الله؛
{ لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38﴾}(النبأ).
نعم، يوم يأتي هذا اليوم لا تتكلَّم النفس إلاَّ بإذن الله، والناس يومها صِنفان: شقي، وسعيد.
﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107﴾}(هود).
نعم هذا جزاء الأشقياء، هم في النار، وهذا حالُهم، لهم فيها زفير وشهيقٌ؛ قال ابن عباس: "الزفير في الحَلق، والشهيق في الصَّدر"؛ لِما هم فيه من العذاب الأليم، خالدين في النار ما دامَت الأرض والسموات، وليس المقصود هنا سماء الدنيا وأرضها؛ لأن الله تعالى قال عن ذلك:
{ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ }(48﴾}(إبراهيم) ؛ أي: سماء غير هذه السماء، وأرض غير هذه الأرض؛ قال ابن عباس: "لكلِّ جنة سماءٌ وأرضٌ"، والمعنى: أنهم باقون في العذاب بقاءَ السموات والأرض؛ أي: أبدًا؛ لأن من عادة العرب إذا أرادَت أن تَصِف شيئًا بالدوام أبدًا قالت: هذا دائم دوام السموات والأرض.
{ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ } ، وهذا الاستثناء هنا خاص بالعُصاة من أهل التوحيد، فمن يُخرجه الله منهم من النار، فبإذنه وبشفاعة الشافعين.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
7 ـ قال تعالى: { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108﴾}(هود).
قلنا في الحديث السابق: إنَّ الناس في الموقف العظيم - يوم القيامة - صِنفان: صِنف شَقي، وقد تحدَّثنا عنه، وصِنف سعيد، وهو موضوع حديثنا الآن؛ حيث قال تعالى: { يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105﴾}(هود) ، وقد حكَم الله على الصِّنف الأول، فقال : { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107﴾}(هود).
أما الصِّنف الثاني - وهو السعيد - فقد حكَم الله سبحانه عليه بقوله: { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ } ، نعم السُّعداء في الجنة؛ لقد استعَمل الحقُّ جل وعلا الفعل { سُعِدُوا } في حقِّهم، وهو الفعل الوحيد المذكور في القرآن الكريم، لَم يَرِد بهذا اللفظ إلاَّ في هذا الموضع فقط، وقد جاء مَبنيًّا للمجهول؛ للتذكير بأنَّ السعادة أحاطَت بهم من كلِّ جانبٍ، كما أنه ليس للسعادة مصدرٌ واحدٌ فقط، فهم سُعداء برحمة الله الواسعة، وهم سعداء بمنَّة الله عليهم بدخولهم الجنةَ، وهم سُعداء بأنهم رأوا ما وعَدهم الله حقًّا، وهم سُعداء؛ لأن ذُرِّيَّاتهم لَحِقت بهم، فقد حفَّتهم السعادة وغَشِيتهم من كلِّ جانب، وأحاطَت بهم من كلِّ جهة؛ لذلك كان لفظ { سُعِدُوا } مطابقًا لحالتهم ولِما هم فيه.
كما أنَّ الله - سبحانه - حكَم عليهم بالبقاء في الجنة خالدين فيها، فقال : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } ؛ أي: خالدين فيها أبدًا.
{ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ } ؛ أي: إنَّ هذا الفعل من الله، وليس لعَملهم فحسب، فهو مرهون بمشيئته - سبحانه.
{ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ }؛ أي: فيها ما لا عين رأتْ، ولا أُذن سَمِعت، ولا خطَر على قلب بشرٍ، كلُّ ذلك موصول غير مقطوع، بمشيئة الله وقُدرته، ثوابًا من عند الله، والله عنده حُسن الثواب.
يتبع
عن شبكة الألوكة الشرعية
تعليق