علم الكتاب والمنهج العلمي الحديث
عندما تمَّ طرح علم الكِتاب كعلم شامل لكل شيء ومن ظمنها المادة في مفهومها التقليدي والمُتداول بين الناس ، كان لزاماً علينا تمرير طرحنا لعلم الكِتاب ( كعلم يشمل جميع العلوم دون تحديد ومن ظمنها العلوم المادية ) ضمن شروط ومتطلبات منهج العلم الحديث كي يكون علماً مادياً شاملاً كما يتوقع منهُ أن يكون .
والمنهج العلمي الحديث إنما يتم بإتباع الخطوات الدائرية التالية لتتحول المعرفة الإنسانية المُكتسبة إلى جزء من المعرفة العلمية ، وتلك الدائرة تتكون من المراحل التالية :
1- الملاحظة .
2- النظرية الأولية – التنبؤات .
3- التجربة – جمع المعلومات .
4- النظرية المُعدلة – التنبؤات .
5- النشر .
6- النقد .
مع ملاحظة أن مراحل الدائرة السابقة قد لا تسير على نفس النمط المذكور ، فربما بعد مرحلة التجربة نعود إلى مرحلة الملاحظة مرة أخرى ( وهو ما يحدث كثيراً ) . ولنتحدث الآن عن كل مرحلة من المراحل الخاصة بعلم الكتاب بالتفصيل .
1- الملاحظة الخاصة بعلم الكتاب .
الملاحظة او الملاحظات الخاصة بعلم الكتاب والتي تشمل إحدى خصائص العالم المادي، من السهولة بمكان بحيث يستطيع القيام بها شخص واحد أو مجموعة من الناس دون الحاجة إلى أدوات أو معدات خاصة ، وهذهِ الملاحظة إنما تحدث مع البشر جميعاً إما عرضا أي بدون قصد ، أو عن قصد ، وهي كالتالي :
عندما ننظر حولنا قليلاً كبشر ونراقب المخلوقات الغير بشرية من حولنا ، ونسأل أنفسنا سؤالاً واحداً ، من أفضل حالاً ، الطير كمثال على المخلوقات الحية من حولنا أم الإنسان ، نجد عند المقارنة بأننا كبشر إنما نشترك مع المخلوقات الحية جميعاً منذ الولادة حتى الممات في السعي الدؤوب لتحقيق ثلاث أهداف ، فكل المخلوقات الحية لها أهداف رئيسية ثلاث : المأكل والسكن والعائلة ، وسبحان الله وكما هو جلي وواضح بأنَّ كل المخلوقات لا تجد أي صعوبة في الحصول على هذهِ الأهداف بإستثناء الإنسان .
فبالنسبة للهدف الأول وهو هدف الحصول على الغِذاء ، نجد بأن الطير مثلاً عندما يكبر كل ما عليه هو أن يبحث عن طعامه وشرابه بنفسهِ دون الحاجة إلى اللجوء إلى طائر آخر ، أما الإنسان فلزاماً عليه أن يعمل لدى إنسان آخر والذي يتميز عنهُ بأن لديه الوسيلة للحصول على الطعام إما بشكل مُباشر أو غير مُباشر ، و تبقى وسيلة ذلك الإنسان للحصول على الطعام والغذاء بالعمل او بتلبية رغبات الإنسان الثاني هي الوسيلة الوحيد المتاحة للحصول على الغِذاء ، فعملية حصول غِذاء الإنسان من الطبيعة مُباشرة غير واقعية .
بالنسبة للهدف الثاني الخاص بالمسكن نجد بأنَّ الطير يبني عشَّه بنفسهِ وبكل مهارة وفن وإتقان دون مساعدة طير آخر ، ونلاحظ بأنَّ كل بيوت الطيور متشابه لا إختلاف بينها ، فلا نجد بأن هناك طائر غني يسكن القصور وطائر فقير يسكن المقابر ، عكس الإنسان تماماً ، فهو يسعى على الدوام الى تغيير شكل وهيئة مسكنهِ وهو بذلك مضطراً إلى الإستعانة بإنسانٍ آخر لعدم قدرته على إنجاز أمر التميُّز بالسكن بمفرده وهو ذلك الأمر الذي ينشده ويحرص على حصوله عليه ، فنجد أنَّ هُناك بشراً تسكن القبور وهناك من البشر من يسكن القصور ، وهذا الأمر بالنتيجة إنما يدل على عدم إستقرار إجتماعي فيتساوى البشر جميعاً بالسكن كما هو الحال مع المخلوقات الحية المُحيطة بهِ .
بالنسبة للهدف الثالث والخاص بالتزاوج نلاحظ بأن الطير الذكر عندما يكبر يبحث عن أنثى وبمجرد الإلتقاء يتزاوجا وينجبا الأطفال دون مشاكل أو مصاعب ، فلا وجود لطائر ذكر أعزب او طائر أنثى عانس ، أما الإنسان فحدث ولا حرج ، فهناك الموت وهناك الحروب وهناك الجرائم لمجرد وجود أنثى الإنسان مع الذكر .
والسؤال هُنا والذي تفرضه ملاحظاتنا هو أين الفرق وأين التميُّز عند الإنسان ليكون أفضل حالاً وتطوراً فكرياً وعقلياً عن باقي المخلوقات الحية المُحيطة بهِ والتي تشترك معه في الأهداف الثلاثة آنفة الذكر ؟
2- النظرية الأولية – التنبؤات .
تؤدي الملاحظات الخاصة بالأهداف الثلاثة المشتركة بين المخلوقات الحية جميعاً ( الغذاء – السكن – التزاوج ) إلى وجود مجموعة من المعطيات، ويهدف علم الكتاب هُنا الى الخروج بنظرية تكون قادرة على شرح تلك المعطيات والتنبؤ بمعطيات جديدة.
فمما لا شك فيهِ هو أنَّ العلوم الإنسانية الحالية بجميع فيئاتها وتصانيفها إنما تأسست على نظرية كون الإنسان متميزاً بعقلهِ المادي عن باقي المخلوقات الحية المُحيطة بهِ ، وبأن تركيبة عقلهِ المادية البحتة والفريدة برأيه تولد عندهُ القدرة على التفكير والإبداع وبالتالي التمييُز عن المخلوقات الأخرى بما يفرزه عقله وذكائه المادي ، ولكننا عندما نطرح ملاحظاتنا السابقة الذكر والتي لم نجد لها تفسير منطقي في ظل نظرية تميُّز الإنسان العقلي العاجز على إيجاد حلول للوصول إلى أهدافهِ الثلاث بذلك اليُسر والإبداع التي تصل المخلوقات الحية جميعاً ( بإستثناء البشر ) إلى الأهداف الثلاثة نفسها ، وذلك على الرغم من أهمية هذهِ الأهداف ودورها الرئيسي في حياة المخلوقات الحية جميعاً دون إستثناء والتي من دونها لا يستطيع أي مخلوق حي الحياة على الأرض .
ولكي يتم تفسير وضع الإنسان المُتخلف عن باقي المخلوقات من حولهِ في تسهيل أساسيات عيشهِ وبقائهِ وبالتالي عجزهِ منذ وجوده على الأرض إلى يومنا هذا عن إيجاد عِلم أو مفاهيم وقوانين تحكم العلاقة بينه وبين بني جنسهِ بحيث يتم الحصول على الأهداف الثلاثة آنفة الذكر بكل سهولة ويُسر شأنهُ شأن المخلوقات الحية جميعاً ، فلا يحتاج إلى التذلل وتلبية رغبات من هو من بني جنسه ومساوي له في الذكاء المادي المزعوم ليعمل عنده وهو الأمر الذي يستحيل على المخلوقات الحية المُحيطة به أن تفعله ، يكون التفسير الوحيد في إيجاد نظرية مُغايرة للنظرية الحالية .
النظرية الحديثة تفترض بأنَّ تميُّيز الإنسان إنما لا يكون بعقله المادي العاجز عن مساوات جنسه بالأجناس المُحيطة به في الحصول على الأهداف الثلاثة ، إنما يكون تمييُّزه في خصوصية كينونتهِ المكونة من الروح والجسد ، وهذهِ الكينونه لا يُمكن للعلوم الإنسانية الحالية إستيعابها فكرياً بما تطرحهُ من أفكار ونظريات محصورة بالمادة دون الروح ، لذلك توَجَّب وجود علم جديد تفرضه النظرية الحديثة ألا وهو علم الكِتاب .
إذاً وبنائاً على متطلبات المنهج العلمي الحديث يكون لدينا هُنا نظرية جديدة والتي تقول بأن الإنسان هو عبارة عن جسد وروح ، ومن تنبؤات تلك النظرية والمبنية على المُعطيات المطروحة يكون التنبؤ بظهور علم الكِتاب كعلم يشمل المادة والروح معاً والذي بدوره يُفسر حقيقة وجود الإنسان على الأرض ويُفسر كذلك سبب تخلف البشر عن اللحاق بالتطور الخاص في الوصول إلى الأهداف الثلاثة ( الغذاء – المسكن – العائلة ) والذي وصلت إليه المخلوقات الحية جميعاً دون إستثناء ولم يصل الإنسان إليه وإلى هذهِ اللحظة .
3- التجربة – جمع المعلومات .
غالبا ما نقوم بالتحقق من النظرية أو تعديلها من خلال التجربة في المعمل (أو خارجه وفقا للموضوع محل الدراسة)، ومن الممكن أن يحتفظ صاحب التجربة ببعض العوامل (أدوات القياس) ثابتة وينوع بالتغيير في البعض الآخر، ملاحظا الآثار التي تخلفها تلك التغييرات في العوامل على نتائج التجربة.
وبخصوص تجربة وإثبات نظريتنا المطروحة هنا الخاصة بكون الإنسان روح وجسد ، وبخصوص تجربة وإثبات مصداقية التنبؤات الخاصة بعلم الكتاب ، نقول بأن الإنسان كان وما يزال يُجرب ويُثبت من خلال تجاربه صحة نظرية الروح والجسد ، وبالتالية حتمية ظهور علم الكتاب كملاذ أخير وحقيقي لتفسير حقيقة وجود الإنسان على الأرض وبالتالي حقيقة وضعه وتميُّيزه مقارنة بالمخلوقات الحية المُحيطة بهِ ، فمما لا شك فيه بانَّ الإنسان ومن خلال تواجده على الأرض والتي تُقدَّر بالآف السنين قد جرَّب جمع الوسائل والطرق لتحقيق ذلك الهدف المنشود في الحصول على الأهداف الثلاثة الخاصة بالغذاء والمسكن والعائلة وهو ما يثبته تأريخ الإنسان وما يثبته ردود أفعاله والتي لا تخفى على أحد من العالمين والتي لا تحتاج منه سوى الإقرار بذلك ، فهو يقترب من تحقيقها من حين إلى آخر ويبتعد عنها في الأحيان الأخرى ، والتجربة التي نتكلم عنها والمطلوبة لإثبات نظريتنا هُنا وبالتالي التصديق بعلم الكتاب التي تتنبأ بهِ نظريتنا هذهِ ، هذهِ التجربة إنما يقوم بها يومياً كل فرد مِنا بل ويُفكر بها ليل نهار ويسعى على الدوام لتحقيقها بطريقة ما أو بأخرى ، فلا يوجد مخلوق بشري على وجه الأرض لا يُفكر يومياً بالكيفية التي سوف يحصل بها على غِذاءه ، أو بالطريقة التي يبني بها مسكنه وبالتالي المحافظة عليه وعدم خسرانه له ، وكذلك نجد بأنَّ كل إنسان وبشكل يومي ودائمي يبحث عن الطريقة التي يكسب بها زوجه وعن الكيفية التي يُحافظ بها على هذا الزواج وبالتالي أنجاب الأولاد والإبقاء على نفسه وعائلتهِ سالمة في مُحيط مجتمعه الإنسان الغير آمن في طبيعته .
هذهِ التجارب الضرورية لإثبات نظرية الروح والجسد إنما هي تجارب يمُر بها البشر يومياً ولم يجدوا لها حل دائمي وجذري ، والحل الدائمي والجذري إنما يكون في علم الكِتاب وهو ذلك العلم الذي تتنبأ به نظرية الروح والجسد ليكون العلم الذي يطرح الحل الجذري لمعانات البشر الذي مازال يُعاني منها بسبب تمسكه بعلوم لا تعمل على حل مشاكلهِ الرئيسية وإبتعاده عن علم الكتاب الذي فيه الحل الحقيقي والدائم لجميع مشاكل البشرية الحالية والمُستقبليه .
4- النظرية المعدلة – النشر – النقد :
تأتي النظرية النهائية بعد التجارب وجمع المعلومات، سواء كانت تلك النظرية مُطوّرة للنظرية الأصلية أو كانت جديدة كليا، من المهم أن تشرح النظرية النهائية جميع الملاحظات، سواء الملاحظات الأولية (والتي ربما تكون جاءت بالصدفة) وتلك الملاحظات التي حصلنا عليها بواسطة التجربة.
وما يتبقى هُنا هو كتابة مقال للنشر (ورقة بحث) يصف كل المعطيات والملاحظات للنظرية، ولقد تمَّ ذلك في سلسلة كُتب تحت عنوان ( حقائق في علم الكتاب – دراسة في علوم الكتب السماوية ) ولقد تمَّ نشر الجزء الأول من السلسلة والتي من المُقدر أن تكون في عشرين جزءاً ، حيث يتم تجهيز الجزء الثاني والثالث للطباعة والنشر بعد الإنتهاء من كتابتهما بحمد الله ، ولقد نجح الكتاب في الوصول لأغلب الجامعات العربية وأشهر الجامعات الأجنبية ، وتبقى مسألة النقد وإعتماد النظرية والتصديق بنبؤة علم الكتاب مسألة وقت لا أكثر ولا أقل .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد إبن عبد الله وعلى آله وصحبهِ أجمعين .
محمد "محمد سليم" الكاظمي
عندما تمَّ طرح علم الكِتاب كعلم شامل لكل شيء ومن ظمنها المادة في مفهومها التقليدي والمُتداول بين الناس ، كان لزاماً علينا تمرير طرحنا لعلم الكِتاب ( كعلم يشمل جميع العلوم دون تحديد ومن ظمنها العلوم المادية ) ضمن شروط ومتطلبات منهج العلم الحديث كي يكون علماً مادياً شاملاً كما يتوقع منهُ أن يكون .
والمنهج العلمي الحديث إنما يتم بإتباع الخطوات الدائرية التالية لتتحول المعرفة الإنسانية المُكتسبة إلى جزء من المعرفة العلمية ، وتلك الدائرة تتكون من المراحل التالية :
1- الملاحظة .
2- النظرية الأولية – التنبؤات .
3- التجربة – جمع المعلومات .
4- النظرية المُعدلة – التنبؤات .
5- النشر .
6- النقد .
مع ملاحظة أن مراحل الدائرة السابقة قد لا تسير على نفس النمط المذكور ، فربما بعد مرحلة التجربة نعود إلى مرحلة الملاحظة مرة أخرى ( وهو ما يحدث كثيراً ) . ولنتحدث الآن عن كل مرحلة من المراحل الخاصة بعلم الكتاب بالتفصيل .
1- الملاحظة الخاصة بعلم الكتاب .
الملاحظة او الملاحظات الخاصة بعلم الكتاب والتي تشمل إحدى خصائص العالم المادي، من السهولة بمكان بحيث يستطيع القيام بها شخص واحد أو مجموعة من الناس دون الحاجة إلى أدوات أو معدات خاصة ، وهذهِ الملاحظة إنما تحدث مع البشر جميعاً إما عرضا أي بدون قصد ، أو عن قصد ، وهي كالتالي :
عندما ننظر حولنا قليلاً كبشر ونراقب المخلوقات الغير بشرية من حولنا ، ونسأل أنفسنا سؤالاً واحداً ، من أفضل حالاً ، الطير كمثال على المخلوقات الحية من حولنا أم الإنسان ، نجد عند المقارنة بأننا كبشر إنما نشترك مع المخلوقات الحية جميعاً منذ الولادة حتى الممات في السعي الدؤوب لتحقيق ثلاث أهداف ، فكل المخلوقات الحية لها أهداف رئيسية ثلاث : المأكل والسكن والعائلة ، وسبحان الله وكما هو جلي وواضح بأنَّ كل المخلوقات لا تجد أي صعوبة في الحصول على هذهِ الأهداف بإستثناء الإنسان .
فبالنسبة للهدف الأول وهو هدف الحصول على الغِذاء ، نجد بأن الطير مثلاً عندما يكبر كل ما عليه هو أن يبحث عن طعامه وشرابه بنفسهِ دون الحاجة إلى اللجوء إلى طائر آخر ، أما الإنسان فلزاماً عليه أن يعمل لدى إنسان آخر والذي يتميز عنهُ بأن لديه الوسيلة للحصول على الطعام إما بشكل مُباشر أو غير مُباشر ، و تبقى وسيلة ذلك الإنسان للحصول على الطعام والغذاء بالعمل او بتلبية رغبات الإنسان الثاني هي الوسيلة الوحيد المتاحة للحصول على الغِذاء ، فعملية حصول غِذاء الإنسان من الطبيعة مُباشرة غير واقعية .
بالنسبة للهدف الثاني الخاص بالمسكن نجد بأنَّ الطير يبني عشَّه بنفسهِ وبكل مهارة وفن وإتقان دون مساعدة طير آخر ، ونلاحظ بأنَّ كل بيوت الطيور متشابه لا إختلاف بينها ، فلا نجد بأن هناك طائر غني يسكن القصور وطائر فقير يسكن المقابر ، عكس الإنسان تماماً ، فهو يسعى على الدوام الى تغيير شكل وهيئة مسكنهِ وهو بذلك مضطراً إلى الإستعانة بإنسانٍ آخر لعدم قدرته على إنجاز أمر التميُّز بالسكن بمفرده وهو ذلك الأمر الذي ينشده ويحرص على حصوله عليه ، فنجد أنَّ هُناك بشراً تسكن القبور وهناك من البشر من يسكن القصور ، وهذا الأمر بالنتيجة إنما يدل على عدم إستقرار إجتماعي فيتساوى البشر جميعاً بالسكن كما هو الحال مع المخلوقات الحية المُحيطة بهِ .
بالنسبة للهدف الثالث والخاص بالتزاوج نلاحظ بأن الطير الذكر عندما يكبر يبحث عن أنثى وبمجرد الإلتقاء يتزاوجا وينجبا الأطفال دون مشاكل أو مصاعب ، فلا وجود لطائر ذكر أعزب او طائر أنثى عانس ، أما الإنسان فحدث ولا حرج ، فهناك الموت وهناك الحروب وهناك الجرائم لمجرد وجود أنثى الإنسان مع الذكر .
والسؤال هُنا والذي تفرضه ملاحظاتنا هو أين الفرق وأين التميُّز عند الإنسان ليكون أفضل حالاً وتطوراً فكرياً وعقلياً عن باقي المخلوقات الحية المُحيطة بهِ والتي تشترك معه في الأهداف الثلاثة آنفة الذكر ؟
2- النظرية الأولية – التنبؤات .
تؤدي الملاحظات الخاصة بالأهداف الثلاثة المشتركة بين المخلوقات الحية جميعاً ( الغذاء – السكن – التزاوج ) إلى وجود مجموعة من المعطيات، ويهدف علم الكتاب هُنا الى الخروج بنظرية تكون قادرة على شرح تلك المعطيات والتنبؤ بمعطيات جديدة.
فمما لا شك فيهِ هو أنَّ العلوم الإنسانية الحالية بجميع فيئاتها وتصانيفها إنما تأسست على نظرية كون الإنسان متميزاً بعقلهِ المادي عن باقي المخلوقات الحية المُحيطة بهِ ، وبأن تركيبة عقلهِ المادية البحتة والفريدة برأيه تولد عندهُ القدرة على التفكير والإبداع وبالتالي التمييُز عن المخلوقات الأخرى بما يفرزه عقله وذكائه المادي ، ولكننا عندما نطرح ملاحظاتنا السابقة الذكر والتي لم نجد لها تفسير منطقي في ظل نظرية تميُّز الإنسان العقلي العاجز على إيجاد حلول للوصول إلى أهدافهِ الثلاث بذلك اليُسر والإبداع التي تصل المخلوقات الحية جميعاً ( بإستثناء البشر ) إلى الأهداف الثلاثة نفسها ، وذلك على الرغم من أهمية هذهِ الأهداف ودورها الرئيسي في حياة المخلوقات الحية جميعاً دون إستثناء والتي من دونها لا يستطيع أي مخلوق حي الحياة على الأرض .
ولكي يتم تفسير وضع الإنسان المُتخلف عن باقي المخلوقات من حولهِ في تسهيل أساسيات عيشهِ وبقائهِ وبالتالي عجزهِ منذ وجوده على الأرض إلى يومنا هذا عن إيجاد عِلم أو مفاهيم وقوانين تحكم العلاقة بينه وبين بني جنسهِ بحيث يتم الحصول على الأهداف الثلاثة آنفة الذكر بكل سهولة ويُسر شأنهُ شأن المخلوقات الحية جميعاً ، فلا يحتاج إلى التذلل وتلبية رغبات من هو من بني جنسه ومساوي له في الذكاء المادي المزعوم ليعمل عنده وهو الأمر الذي يستحيل على المخلوقات الحية المُحيطة به أن تفعله ، يكون التفسير الوحيد في إيجاد نظرية مُغايرة للنظرية الحالية .
النظرية الحديثة تفترض بأنَّ تميُّيز الإنسان إنما لا يكون بعقله المادي العاجز عن مساوات جنسه بالأجناس المُحيطة به في الحصول على الأهداف الثلاثة ، إنما يكون تمييُّزه في خصوصية كينونتهِ المكونة من الروح والجسد ، وهذهِ الكينونه لا يُمكن للعلوم الإنسانية الحالية إستيعابها فكرياً بما تطرحهُ من أفكار ونظريات محصورة بالمادة دون الروح ، لذلك توَجَّب وجود علم جديد تفرضه النظرية الحديثة ألا وهو علم الكِتاب .
إذاً وبنائاً على متطلبات المنهج العلمي الحديث يكون لدينا هُنا نظرية جديدة والتي تقول بأن الإنسان هو عبارة عن جسد وروح ، ومن تنبؤات تلك النظرية والمبنية على المُعطيات المطروحة يكون التنبؤ بظهور علم الكِتاب كعلم يشمل المادة والروح معاً والذي بدوره يُفسر حقيقة وجود الإنسان على الأرض ويُفسر كذلك سبب تخلف البشر عن اللحاق بالتطور الخاص في الوصول إلى الأهداف الثلاثة ( الغذاء – المسكن – العائلة ) والذي وصلت إليه المخلوقات الحية جميعاً دون إستثناء ولم يصل الإنسان إليه وإلى هذهِ اللحظة .
3- التجربة – جمع المعلومات .
غالبا ما نقوم بالتحقق من النظرية أو تعديلها من خلال التجربة في المعمل (أو خارجه وفقا للموضوع محل الدراسة)، ومن الممكن أن يحتفظ صاحب التجربة ببعض العوامل (أدوات القياس) ثابتة وينوع بالتغيير في البعض الآخر، ملاحظا الآثار التي تخلفها تلك التغييرات في العوامل على نتائج التجربة.
وبخصوص تجربة وإثبات نظريتنا المطروحة هنا الخاصة بكون الإنسان روح وجسد ، وبخصوص تجربة وإثبات مصداقية التنبؤات الخاصة بعلم الكتاب ، نقول بأن الإنسان كان وما يزال يُجرب ويُثبت من خلال تجاربه صحة نظرية الروح والجسد ، وبالتالية حتمية ظهور علم الكتاب كملاذ أخير وحقيقي لتفسير حقيقة وجود الإنسان على الأرض وبالتالي حقيقة وضعه وتميُّيزه مقارنة بالمخلوقات الحية المُحيطة بهِ ، فمما لا شك فيه بانَّ الإنسان ومن خلال تواجده على الأرض والتي تُقدَّر بالآف السنين قد جرَّب جمع الوسائل والطرق لتحقيق ذلك الهدف المنشود في الحصول على الأهداف الثلاثة الخاصة بالغذاء والمسكن والعائلة وهو ما يثبته تأريخ الإنسان وما يثبته ردود أفعاله والتي لا تخفى على أحد من العالمين والتي لا تحتاج منه سوى الإقرار بذلك ، فهو يقترب من تحقيقها من حين إلى آخر ويبتعد عنها في الأحيان الأخرى ، والتجربة التي نتكلم عنها والمطلوبة لإثبات نظريتنا هُنا وبالتالي التصديق بعلم الكتاب التي تتنبأ بهِ نظريتنا هذهِ ، هذهِ التجربة إنما يقوم بها يومياً كل فرد مِنا بل ويُفكر بها ليل نهار ويسعى على الدوام لتحقيقها بطريقة ما أو بأخرى ، فلا يوجد مخلوق بشري على وجه الأرض لا يُفكر يومياً بالكيفية التي سوف يحصل بها على غِذاءه ، أو بالطريقة التي يبني بها مسكنه وبالتالي المحافظة عليه وعدم خسرانه له ، وكذلك نجد بأنَّ كل إنسان وبشكل يومي ودائمي يبحث عن الطريقة التي يكسب بها زوجه وعن الكيفية التي يُحافظ بها على هذا الزواج وبالتالي أنجاب الأولاد والإبقاء على نفسه وعائلتهِ سالمة في مُحيط مجتمعه الإنسان الغير آمن في طبيعته .
هذهِ التجارب الضرورية لإثبات نظرية الروح والجسد إنما هي تجارب يمُر بها البشر يومياً ولم يجدوا لها حل دائمي وجذري ، والحل الدائمي والجذري إنما يكون في علم الكِتاب وهو ذلك العلم الذي تتنبأ به نظرية الروح والجسد ليكون العلم الذي يطرح الحل الجذري لمعانات البشر الذي مازال يُعاني منها بسبب تمسكه بعلوم لا تعمل على حل مشاكلهِ الرئيسية وإبتعاده عن علم الكتاب الذي فيه الحل الحقيقي والدائم لجميع مشاكل البشرية الحالية والمُستقبليه .
4- النظرية المعدلة – النشر – النقد :
تأتي النظرية النهائية بعد التجارب وجمع المعلومات، سواء كانت تلك النظرية مُطوّرة للنظرية الأصلية أو كانت جديدة كليا، من المهم أن تشرح النظرية النهائية جميع الملاحظات، سواء الملاحظات الأولية (والتي ربما تكون جاءت بالصدفة) وتلك الملاحظات التي حصلنا عليها بواسطة التجربة.
وما يتبقى هُنا هو كتابة مقال للنشر (ورقة بحث) يصف كل المعطيات والملاحظات للنظرية، ولقد تمَّ ذلك في سلسلة كُتب تحت عنوان ( حقائق في علم الكتاب – دراسة في علوم الكتب السماوية ) ولقد تمَّ نشر الجزء الأول من السلسلة والتي من المُقدر أن تكون في عشرين جزءاً ، حيث يتم تجهيز الجزء الثاني والثالث للطباعة والنشر بعد الإنتهاء من كتابتهما بحمد الله ، ولقد نجح الكتاب في الوصول لأغلب الجامعات العربية وأشهر الجامعات الأجنبية ، وتبقى مسألة النقد وإعتماد النظرية والتصديق بنبؤة علم الكتاب مسألة وقت لا أكثر ولا أقل .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد إبن عبد الله وعلى آله وصحبهِ أجمعين .
محمد "محمد سليم" الكاظمي