الآن الإله العظيم، الرب الرحيم، المربي الكريم كيف يعامل عبداً شرد عن منهج الله ؟
الحقيقة من خلال الكتاب والسنة هناك إجراءات في حق هذا الشارد.
الإنسان يمر في حياته بأربع مراحل:
1 ـ الدعوة البيانية :
الإنسان يمر في حياته بأربع مراحل:
1 ـ الدعوة البيانية :
أول مرحلة الدعوة البيانية، عن طريق الأنبياء، والمرسلين، والدعاة الصادقين، فأنت أمام كلام لطيف، كلام عميق وواضح ومعه أدلة، وهذا الكلام بيَّن لك سر وجودك، وغاية وجودك، فإذا لم يستجب الإنسان، قال تعالى
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾
[ سورة الأنفال: 24 ]
أول إجراء بحقه الدعوة البيانية، وأنت صحيح معافىً، في بيتك، بين أهلك، بين أولادك، في عملك ما مِن مشكلة، ولا ضغط، هناك من ينصحك، هناك من يبين لك، إما من خلال خطبة، أو من خلال درس، أو من خلال كتاب، أو من خلال شريط، أو من خلال نصيحة، أو من خلال محاضرة، أو من خلال ندوة، هذه هي الدعوة البيانية، الهدى البياني كلام، وأرقى علاج إلهي، وأرقى إجراء إلهي لهذا الذي شرد عن منهج الله الدعوة البيانية، وأكمل موقف يقفه الإنسان من خلال هذا البيان الذي ساقه الله إليك أن تستجيب.دعوة إلى الهدى، نصيحة إلهية.﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا ﴾( سورة التحريم الآية: 8 )
﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ﴾( سورة الحديد الآية: 16
2 ـ التأديب التربوي :
إذا لم يستجب، فقد دخل في مرحلة ثانية، دخل في التأديب التربوي، قال تعالى
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
[ سورة السجدة: 21 ]
3 ـ الإكرام الاستدراجي :
إن لم يرجع، فقد دخل في تربية ثالثة، دخل في الإكرام الاستدراجي، يعطيك الدنيا، بمالها، بمكانتها بمباهجها، بشهواتها، لعلك تستحي، لعلك تتوب، لعلك تشكر، الموقف الكامل فيه الشكر، الشكر ثم التوبة.
4 ـ القصم :
ماذا بقي؟ هذا الإنسان الذي لم يستفد لا بالدعوة البيانية، ولا بالتأديب التربوي، ولا بالإكرام الاستدراجي، يحسم أمره، فيُقصَم ظهرُه قصماً، القرآن واضح، وكل إنسان يسأل نفسه: أين أنا من هذه المراحل، إذا كنت في الدعوة البيانية فأنت رائع، والدعوة البيانية سهلة، كلام بكلام، تأديب ما فيه شيء مقنع استجيب، كلام الله واضح وضوح الشمس فطبِّقه، وسنة النبي واضحة وضوح الشمس فطبِّقها، لم تكن هناك استجابة إذ ضيق الله عليك الآن تب من هذا الذنب، لم تتب فبدلك الله مكان السيئة حسنة فاشكره، لا يستجيب بدعوة بيانية، ولا يتوب بتأديب تربوي، ولا يستحي من الله بإكرام استدراجي، بقي القصم، هذا معنى قوله تعالى
﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً ﴾
[ سورة الأنعام: 44 ]
لا تنتظر أن يأتيك الله عز وجل بالمعجزات لأنّ الكون كله معجزة، وإذا جاءت هذه المعجزات كما جاءت لعاد وثمود وقوم موسى فقد جاءت المعجزات كما أرادوا فلم يؤمنوا فقصمهم الله عز وجل، عندئذ قضي الأمر
﴿ وإلى الله ترجع الأمور ﴾
إياك أن تصل مع الله إلى طريقٍ مسدود:
إياك أن تصل مع الله إلى طريقٍ مسدود:
إن أخطر شيء في حياة الإنسان أن يصل مع الله إلى طريق مسدود، كيف ؟ ثمة إنسان ارتكب جريمة قتل ـ لا سمح الله ولا قدر ـ سيق إلى السجن، خضع إلى محكمة الجنايات، حكم عليه بالإعدام، نقل الحكم إلى التمييز، إلى محكمة النقض، محكمة النقض صدقت حكم محكمة الجنايات، رفع الحكم إلى رئاسة الجمهورية ليصدق عليه، وصدق عليه رئيس الجمهورية، وحُدد يوم معين لتنفيذ الإعدام، هذا الإنسان قبل أن يُعدم يحب أن يضحك فليضحك، لا بد من أن يعدم، يحب أن يبكي فليبكِ، يحب أن يتوسل فليتوسل، لا بد من تنفيذ هذا الحكم، نقول: هذا الإنسان مشى في طريق مسدود. أنا أقول أنصح نفسي، وأنصح من حولي، إياك ثم إياك ثم إياك أن تمشي في طريق مسدود، أن تبالغ في إيقاع الأذى بالناس، عندئذٍ يأتي القصم، يأتي الانتقام، فدَع للصلح مكاناً، حاسب نفسك قبل أن تحاسب، اسأل نفسك: هل عملي يرضي الله ؟ هل هناك ظلم أقترفه ؟ هل أبني مجدي على أقاض الآخرين ؟ هل أبني حياتي على موتهم ؟ هل أبني عزي على ذلهم ؟ هل أبني غناي على فقرهم، ماذا أفعل ؟ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم.
راتب النابلسى
موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية
راتب النابلسى
موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية
تعليق