إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾


    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾[ سورة البقرة: 208]
    (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾
    حينما يطيع الإنسان الشيطان لا يرضى إلا أن يضعه في الحضيض :
    قال العلماء: الشيطان ذكي جدّاً فلا يأمرك بالكفر، ولكنه يأمرك بمخالفة بسيطة، فإن أطعته فيها أمرك بأكبر منها من وقت إلى آخر، حتى تجد نفسك أخيراً في الكبائر، ذكر لي أحدهم في سفرتي الأخيرة أن شاباً مسلماً يساكن فتاة دون عقد زواج مدني ولا ديني، أبداً، سئل ما تفعل؟ قال: إنّ الإسلام لم يحلّ لي مشكلتي هنا، وأنا بحاجة، إذاً تزوجها!! أجاب: هي لا تصلح لي زوجة، لقد نامت مع عشرات الرجال قبلي، وصل به الشيطان إلى أن يرتكب الزنى كل ليلة، دون أن يحسب حسباناً للحرام، فحينما يطيع الإنسان الشيطان لا يرضى إلا أن يضعه في الحضيض، فالشهوات كأنها صخرة مستقرة على رأس جبل، إن زحزحتها من مكانها لن تستقر إلى في قعر الوادي


    الزناة بدؤوا بنظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء، والذين شربوا الخمر بدؤوا بشربه بالمناسبات، ثم أصبحوا مدمنين على الخمر، فقضية الإنسان قضية ديناميكية بالتعبير الحديث، أي أنّ كل طاعة تنقلك إلى طاعة أكبر، وكل معصية تنقلك إلى معصية أكبر، فالشيطان لو فرضنا بدأ بأكبر شيء، فدعا الإنسان إلى الكفر فوجد إيمانه قوياً، ثم دعاه إلى الشرك فوجده موحِّداً، ثم دعاه إلى البدع فوجده مطبقاً للسنة، فدعاه إلى الكبائر فوجده ورعاً، فإلى الصغائر فوجده متمسكاً، فدعاه إلى المباحات حتى يغرق فيها، فوجده زاهداً، فإلى التحريش بين المؤمنين، فهناك نقطة مهمة جداً، هناك معاصٍ لها وهج، ولها جذب، فمثل هذه المعاصي لستَ مكلَّفاً بالامتناع عنها فحسب، بل أن تمتنع عن أسبابها أيضاً، وهذا معنى قوله تعالى﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ﴾[ سورة البقرة: 187 ]


    اجعل بينك وبين الحد هامش أمان، غض البصر هامش الأمان فيه عدمُ صحبة الأراذل، وعدمُ الاختلاط، والانغماسُ في متع رخيصة، أما إذا تجاوزت هذا الحد فقد وقعت في المعصية، كمثلِ نهر عميق له شاطئ مائل زلق، وله شاطئ مستوٍ جاف، أنت إن وقفت على الشاطئ المائل الزلق وقعت في النهر، وإن وقفت على الشاطئ المستوي الجاف فأنت في أمنٍ وبحبوحة.



    الشيطان يعدنا الفقر وخالق الكون يعدنا بمضاعفة الأجر :

    ﴿ ولا تتبعوا خطوات الشيطان ﴾
    ولو سألت العصاة والمذنبين والذين انغمسوا إلى قمة رؤوسهم في المعاصي والآثام: كيف وصلتم إلى هنا؟ لقالوا: واللهِ بدأنا بكلمة، ونظرة، وفيلم، وصحبة، ورحلة، ولقاء، وانتهى اللقاء إلى زنى، وإلى شرب خمر، وإلى أكل المال الحرام، فحينما يراك الشيطان قد تهاونت في السنة طمع أن تترك الفرض، إن رآك تهاونت في غض البصر طمع أن تفعل بعد غض البصر شيئاً، كلما أطعته في معصية أمرك بأكبر منها، وهذا توجيه رب العالمين:
    ﴿ ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكل عدو مبين ﴾
    خالق الكون ينصحنا، الشيطان عدو مبين فانظر إلى الخواطر، الشيطان مثلاً يخوفك مما سوى الله، مع أن الذي تعبده يحميك، ولو أن الذي تعبده لا يحميك لمَ تعبده، لا تستمع إلى تخويف الشيطان، فإنّ الشيطان يعدك الفقر، وخالق الكون يعدك بمضاعفة الأجر
    ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾
    [ سورة البقرة: 276 ]

    (( أنفق يا بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالاً ))[السيوطي في الجامع الصغير]

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
    (( يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ. وَقَالَ: يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: مَلْآنُ سَحَّاءُ لَا يَغِيضُهَا شَيْءٌ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ))[رواه مسلم عن أبي هريرة]
    إنَّ الشيطان يعدك الفقر، ويزين لك المعصية، ويزهدك في الحلال، كم من إنسان منحرف يكره زوجته ويحب امرأة بالحرام، هذا من فعل الشيطان، الشيء الحلال المباح يكرهه، وهو زاهد فيه، والتي دون مستوى زوجته بكثير يطرب لها، ولكلامها، ولحركتها، ويزيِّن الشيطان له المعصية، ويزهده في الطاعة، احذر الشيطان في كسب المال، وفي العلاقة بالنساء، وفي كل شيء، وكلما رأيت إنساناً مثلاً مدمراً فقل: هذا من عمل الشيطان، وإنساناً غارقاً في المعاصي والآثام، وإنساناً دمر حياته الزوجية، وآخر أدمن القمار، والشرب، وكسب الحرام، فقل: هذا من عمل الشيطان


    ﴿ إنه لكم عدو مبين ﴾

    مداخل الشيطان على الصالحين :
    1ـ التحريش بين المؤمنين :
    أول مدخل للشيطان عليهم التحريش بين المؤمنين، هذه الخصومات، هذه التمزقات، هذه العداوة والبغضاء، هذا الحسد، هذا التشكيك، هذا الإيقاع بين المؤمنين، هذا من فعل الشيطان الرجيم. في صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
    ((إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ))
    [ مسلم عن جابر ]
    الأصل:
    ﴿إنما المؤمنون أخوة﴾[ سورة الحجرات : 10]

    2 ـ تزيين البدعة :
    أحياناً نخترع عبادات لا وجود لها في الإسلام، هذه العبادات تحمِّل المسلمين فوق ما يحملون، تحملهم فوق طاقتهم، عندئذ ينصرفون عن الدين.
    منهج النبي عليه الصلاة والسلام منهج أمثل يسع كل المسلمين إلى يوم الدين، وهذا المنهج فعال لدرجة أنك إذا طبقته تستطيع أن تصل إلى أعلى درجة في الإيمان، دون زيادة، دون أن تزيد في العبادات

    3- ـ تضخيم جانب على حساب جانب :
    ، هناك من يقول: الدين معاملة، أنا أعامل الناس أطيب معاملة ولا شيء بعد ذلك، ضخَّم المعاملة وأهمل العبادات، ضخَّم المعاملة وأهمل العلم، تضخيم شيء على حساب شيء من مداخل الشيطان على الصالحين.

    4- ـ الانشغال بدراسة واقع المسلمين و الابتعاد عن أصل العقيدة :
    هذا على المستوى الفردي، أما على المستوى الجماعي فبعضهم ينشغل بدراسة واقع المسلمين، ودراسة واقع أعدائهم، ويتبحر ويقرأ ويؤلف فإذا سألته عن الإسلام لا يعلم عنه شيئاً، لكن كل الذي يعلمه عن أعداء المسلمين، وعن واقع المسلمين السيئ السلبي، فإن سألته عن أصل العقيدة، عن أصل هذا المنهج، بعيد جداً كل البعد، هذا انشغل في موضوع جانبي عن أصل الإسلام. بعضهم يهتمون، يقول لك:
    ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾[سورة آل عمران: 103]

    5 ـ التسويف والتأجيل وطول الأمل :
    أيها الأخوة الكرام، هذا مدخل ثانٍ من مداخل الشيطان، المدخل الثالث هو التسويف والتأجيل وطول الأمل؛ بعد أن أنتهي من الدراسة أتوب إلى الله، بعد أن أعين في وظيفة أتوب إلى الله، بعد أن أحج إلى بيت الله الحرام أتوب إلى الله، بعد أن أتزوج أتوب إلى الله، هذا التسويف من فعل الشيطان. كم عازم على الجد سوَّفه، وكم فاعل إلى فضيلة ثبطه، وكم من عابد زهده في عبادته، التسويف.


    6 ـ الغرور :
    شيء آخر: أحياناً يوقعك الغرور بالكمال الزائف أنك أنت إنسان متميز لك علم لا يعرفه الآخرون، ولك استقامة لا يطمع إليها الطامعون، هذا الوهم بأنه على كمال عالٍ جداً هو حجاب بينه وبين الله، من فعل الشيطان، أوقعه بالغرور، فالكمال الزائف أحد مداخل الشيطان على الصالحين.
    النظرة إلى الذات أيها الأخوة مدخل آخر، إما أن يوقعه بالغرور وإما أن يوقعه بازدراء نفسه، دائماً نحن مالنا أهل، نحن عبيد إحسان لسنا عبيد امتحان، نحن ذنوبنا كثيرة غفر الله لنا وسامحنا، دائماً منهار داخلياً، الشيطان يضعضع ثقته بنفسه، نفسك مطية فارفق بها. أو يوهمه أنه في مستوى رفيع الناس لا يطمحون إلى هذا المستوى.


    7 ـ التشكيك :
    أيها الأخوة الكرام، مدخل سابع من مداخل الشيطان على الصالحين التشكيك، فالمستقيم قد يشك بنفسه، قد يحمله الشك على ترك العبادة، وهذا من مداخل الشيطان، أن الجماعة ما وافقت طاعة الله عز وجل، فإذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد، وإن كنت وحدك على حق فأنت جماعة، إذا كنت وحدك على حق فأنت الجماعة، الجماعة ما كانت على الحق، أما أن تقول: الناس كلهم هكذا.. الآن أكبر حجة للمتفلتين: كل الناس على خطأ وأنت على صواب، الله عز وجل قال:
    ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾
    [سورة الأنعام: 116]
    كل الناس على خطأ وأنت على صواب، كل الناس على انحراف وأنت على استقامة، هذا من التشكيك والتشكيك باب من أبواب الشيطان.
    يا أيها الأخوة الكرام، راجع نفسك، واتهم نفسك، أما إذا كانت هذه المراجعة وهذا الاتهام يحملانك على ترك طاعة فترك الطاعة من الشيطان؛ أنا لا أصلي خوف أن يقول الناس عني: مرائي. أحد التابعين يقول: إذا أتاك الشيطان وأنت تصلي فقال إنك ترائي فزد الصلاة طولاً، إياك أن تجعل من مراجعة نفسك ومن خوف الرياء سبيلاً إلى ترك العمل الصالح، فهذا من الشيطان.
    8 ـ التخويف :
    والمدخل الثامن والأخير أيها الأخوة هو التخويف، قال تعالى:
    ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
    [سورة آل عمران: 175]
    يلقي في قلبك أنك إذا صليت هناك مشكلة، أنك إذا دخلت المسجد هناك مشكلة، أنك إذا حضرت هذا الدرس هناك مشكلة، هذا من الشيطان:
    ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
    [سورة آل عمران: 175]
    الإله الواحد الأحد الفرد الصمد هو الذي تولى أن يدافع عنك، هو الذي تولى أن يكون ولياً لك، قال تعالى:
    ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
    [سورة البقرة: 257]
    أو يعدكم الفقر، إن أردت أن تنفق مالك، يعد الشيطان أولياءه بالفقر الآية الكريمة:
    ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾
    [سورة البقرة: 268]
    الرد على هذين التخويفين:
    ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ﴾
    [سورة الطلاق: 2-3]
    أيها الأخوة الكرام، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، والحمد لله رب العالمين.
    * * *


    موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية


جاري التحميل ..