خواطر صيف (1)
إنها منهجية فريدة ترسخها آيات القرآن الكريم لغرس قيمة الحمد والشكر لله على نعمه وترسيخها في النفس بربطها بالأزمان والأماكن.. فلا يكاد يمر ذلك الزمان المعيّن في الكتاب إلا وتتذكر النفوس السوية نعمة الله عليها في ذلك الزمان فتسارع إلى شكره والثناء عليه ولا تمر بالمكان المعيّن إلا وتلهج القلوب قبل الألسنة بحمده والإقرار بنعمه وفضله.
تلك المنهجية في التعامل مع الرب المنعم المتفضل تجعل العبد العارف بربه المقر له بنعمه وفضله يعيش أجمل لحظات عمره عندما يحضره زمنٌ يُذكِّره بنعمٍ أسبغها الله عليه وفَضَّله بها على غيره من الخلق.
كان على قريش أن تستشعر نعم الله العظيمة كلما مرّ بها صيف أو شتاء.. كلما أعدّت الرواحل قاصدةً الشامَ صيفاً وإذا أعدَّتها قاصدةً اليمنَ شتاءً.. ففي ذلك الزمان كان الخوف يستوطن جزيرة العرب، والجوع يضرب أطنابه فيها، وحقوق البشر مستباحة، والكلمة فيها للأظلم والأطغى.
كانت القبائل التي تقطنها تمضي أيامها ولياليها.. صيفها وشتاءها ترقب البلايا والرزايا من الجيران القساة الأشداء، أو من قحط السماء وهجوم الجراد والأنواء.. إلا قبيلة قريش أكرمها الله بأعظم النعم، إذ وقاها الله من غارات السلب والنهب، ومتَّعها بالأمن والأمان، والسكينة والاطمئنان، ليس في دارها فحسب، وإنما في رحلاتها التجارية من وإلى الشام واليمن، حتى صار الأمن ذلك العملة النادرة الوجود في ذلك الزمان هو السائد، والخوف هو الاستثناء، ما جعل قريش تعتاد عليه، ويصبح الأمن الصاحب والإلف في طريق ذهابهم وإيابهم على عكس نظرائهم من القبائل الأخرى، حتى ربطه الله بهم "لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف".
إنه الصيف إذن يترقبه التاجر القرشي بكل شوق كي يحجز مقعداً مميزاً له في قافلة غير عادية، تتوافر فيها أعلى مواصفات الأمان والرعاية والاحترام منذ لحظة الانطلاق، حتى محطة الوصول الأخيرة في الشام، والتي يتزود من خيراتها تيناً وزيتاً وزيتوناً وجوزاً ثم يعود آمناً مطمئناً معززاً مكرماً إلى مكة.
تلك النعم العظيمة التي جعلت من الشام واليمن شريانين حيويين يوفران لمكة المكرمة أسباب الحياة ويعززان مكانها المركزية أُمّا للقرى، كانت تستحق من قريش أن تجثو ساجدة شكراً لرب البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.. وأعظم من ذلك كله تشريفهم بأن بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم من آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.
صيفٌ قُرَشِيّ !!
مخلص برزق
وردت كلمة "الصيف" مرة واحدة في القرآن في سورة قريش " بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم لِإِيلَافِ قُرَيْش إِيلَافهمْ رِحْلَة الشِّتَاء وَالصَّيْف فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذَا الْبَيْت الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوع وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف ".إنها منهجية فريدة ترسخها آيات القرآن الكريم لغرس قيمة الحمد والشكر لله على نعمه وترسيخها في النفس بربطها بالأزمان والأماكن.. فلا يكاد يمر ذلك الزمان المعيّن في الكتاب إلا وتتذكر النفوس السوية نعمة الله عليها في ذلك الزمان فتسارع إلى شكره والثناء عليه ولا تمر بالمكان المعيّن إلا وتلهج القلوب قبل الألسنة بحمده والإقرار بنعمه وفضله.
تلك المنهجية في التعامل مع الرب المنعم المتفضل تجعل العبد العارف بربه المقر له بنعمه وفضله يعيش أجمل لحظات عمره عندما يحضره زمنٌ يُذكِّره بنعمٍ أسبغها الله عليه وفَضَّله بها على غيره من الخلق.
كان على قريش أن تستشعر نعم الله العظيمة كلما مرّ بها صيف أو شتاء.. كلما أعدّت الرواحل قاصدةً الشامَ صيفاً وإذا أعدَّتها قاصدةً اليمنَ شتاءً.. ففي ذلك الزمان كان الخوف يستوطن جزيرة العرب، والجوع يضرب أطنابه فيها، وحقوق البشر مستباحة، والكلمة فيها للأظلم والأطغى.
كانت القبائل التي تقطنها تمضي أيامها ولياليها.. صيفها وشتاءها ترقب البلايا والرزايا من الجيران القساة الأشداء، أو من قحط السماء وهجوم الجراد والأنواء.. إلا قبيلة قريش أكرمها الله بأعظم النعم، إذ وقاها الله من غارات السلب والنهب، ومتَّعها بالأمن والأمان، والسكينة والاطمئنان، ليس في دارها فحسب، وإنما في رحلاتها التجارية من وإلى الشام واليمن، حتى صار الأمن ذلك العملة النادرة الوجود في ذلك الزمان هو السائد، والخوف هو الاستثناء، ما جعل قريش تعتاد عليه، ويصبح الأمن الصاحب والإلف في طريق ذهابهم وإيابهم على عكس نظرائهم من القبائل الأخرى، حتى ربطه الله بهم "لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف".
إنه الصيف إذن يترقبه التاجر القرشي بكل شوق كي يحجز مقعداً مميزاً له في قافلة غير عادية، تتوافر فيها أعلى مواصفات الأمان والرعاية والاحترام منذ لحظة الانطلاق، حتى محطة الوصول الأخيرة في الشام، والتي يتزود من خيراتها تيناً وزيتاً وزيتوناً وجوزاً ثم يعود آمناً مطمئناً معززاً مكرماً إلى مكة.
تلك النعم العظيمة التي جعلت من الشام واليمن شريانين حيويين يوفران لمكة المكرمة أسباب الحياة ويعززان مكانها المركزية أُمّا للقرى، كانت تستحق من قريش أن تجثو ساجدة شكراً لرب البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.. وأعظم من ذلك كله تشريفهم بأن بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم من آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.
تعليق