إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حكايات البلد / أشرف حشيش

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حكايات البلد / أشرف حشيش



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    سأحدثكم عن بلدي , كل يوم حكاية , ولكم أن تتحدثوا هنا عن بلدانكم

    أعزاءنا زوار هذا المنتجع الصيفي أسعد الله أوقاتكم

    الشريط الحدودي الغربي لدورا / الخليل مع الكيان يتكون من هذه القرى من الجنوب للشمال { البرج ’ بيت مرسم , بيت الروش العليا , بيت الروش التحتا , دير العسل الشوامرة , دير العسل أولاد محمد , المجد ,طواس , سكا , بيت عوا , دير سامت } وبين كل قرية وقرية بالغالب حقل زيتون وأرض زراعية وبعض القرى التصقت ببعض كالبرج وبيت مرسم وكالمجد وسكاا وطواس وبيت عوا التصقت بدير سامت

    مقابل لهذا الشريط داخل الجدار قرية منكوبة تدعى { أم الشقف} بنى المحتل بالقرب منها مستوطنة تُسمّى( شيقف ) وفيها قام الشهيد يحيى عياش بإحدى عملياته التي قتل بها خبير متفجرات اسرائيلي

    هذه القرى كان أهلها قبل الثمانية وأربعين وتسعمئة والف يتخذونها خزينا للأعلاف والأغنام أما أهلها كانوا يقييمون في( دورا البلد ) جميع أهل هذه القرى حين يسألون من أين يقولون : نحن من دورا فهم سكانها يقيمون فيها شتاء وينزلون صفا لخزن الأعلاف , وحين كثر الناس وخافوا من الاحتلال على أراضهم ارتاوا أن يقيموا ف القرى التي كانوا يستخدمونها للخزين فقط ولم يكن فيها قبل النكبة بنايات بل كانت مُغرا وملاجئ وجميع عائلاتهم لهم أرض بالبلد إذ يطلقون على دورا الأم اسم البلد

    في الخمسينات وحتى الثمانينات كان لكل قرية ديوان والديوان مجلس يجتمع فيه الرجال للتشاور, وتقوم النساء مجتمعات بإعداد طعام العشاء لكل رجال القرية في الديوان
    واحيانا يخلّفون على واحد ليقوم أهل بيته بعمل الطعام للجميع _بعد طلبه_ فيقول له المختار : يخلف عليك . وكلمة يخلف عليك هي تشريف لمن طلب القيام بإكرام الجميع


    حدَثَ أن طلب أحد الفقراء وهو معدمٌ ’ وألح إلحاحا في أن يكون طعام الديوان عليه , فرفض المختار , وحين قال له بحزن : ألستُ في عداد الكرام يعني !!! فقال مستجيبا لطلبه لئلا يحزن : يخلف عليك

    رجع لزوجته فانشدهت من الأمر , قائلة : ومن أين لنا بطعام لنطعم القرية بأكملها , قال: لست ناقصا , هذا الذي وصلك وعليك أن تتصرفي ؟ وهم في أشد الحيرة من أمرهم .
    أخذت الدابة وذهبت هي وابنها الأكبر لحقل القمح, فحمّلت عليها ما يمكن أن تحمّله من قمح في سنابله غير مدروس , وعادت للبيت قبل الظهر, ثم درست القمح بالحجارة ’ وذرّته..’ وأخرجت الحَبّ ..’ ثم درسته على الرحى , وكان لديها ما يزيد عن عشرة ديوك حبش بلدي, إذ تشتهر هذه القرى به فطبخت ما جرشت من القمح بالحبش واللبن , وطحنت بعض القمح وخبزت ؛ لتبيّض وجه زوجها .

    من محاسن الصدف أن أباها في تلك الليلة حل ضيفا على القرية قادما من دورا , وحين جاءت ابنته وعيالها وزوجها إلى المجلس بطعام وافر زاخر يتباهون به , أشرق وجهه بالسرور , واتسعت ابتسامته بالنور فرحا بصنيع ابنته ’ وزوجها في إكرام المجلس وحين عاد إلى دورا طلب من ابنه أن يرسل لأخته في القرية ثلاث غنمات حلوبات مكافئة لها , وتحفيزا لكرمها
    والحكايات مستمرة
    ابقوا معنا
    التعديل الأخير تم بواسطة ذكرى صلاح الدين; 11/08/2018, 08:52 PM.

  • #2
    رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

    بوركتم شاعرنا المفضال أ. أشرف حشيش
    شوقتمونا لمعرفة المزيد عن دورا الخليل

    شكر الله لكم.

    تعليق


    • #3
      رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

      شكرا لكم أستاذة ذكرى

      قصّتنا اليوم عن علوّ الهمة , وتحدي الظروف

      كان الأجداد يتحركون على الإبل من القرى إلى الخليل وأغلب الوقت يمشون راجلين مسافة تزيد عن ثلاثين كيلو متر للوصول للمدينة (الخليل) لشراء لوازم ومتطلبات الحياة

      نحن لا نطلب من شباب اليوم أن يمشوا ذات المسافة ليثبتوا علو همتهم , فهي _ما شاء الله _ ظاهرة حين يوقفون التاكس للوصول لمسافة مئة متر أو مئتي متر بل على الأقل نطلب منهم أن يظهروا بمظهر لائق ’ ويرفعوا بناطيلهم , ويحافظوا على سمعة أجدادهم وأخلاقهم

      أتساءل دائما : كيف استطاع هؤلاء الأجداد في هذه المنطقة النائية عن الساحل والنائية عن المدينة أن يصلوا بنا لبر الأمان دون مرافق حياتية ودون رعاية صحية ودون كهرباء وشبكة مياه ومدارس ....الخ
      إضافة لذلك كان الملجأ أو المغارة مقسما لغرف حجرية تقيم فيه خمس أو ست أسر متقاربة عائليا , ما سمعنا عن حوادث سلبية , وما سمعنا عن نظرات غريبة , كانت النخوة والشومة والغيرة والشرف , وكانت العزة والشهامة أيضا , لا ننسى أن إهمال هذه المناطق كان مقصودا من الاستعمار الإنجليزي لأن الساحل الفلسطيني في الأربعينات من القرن المنصرم كان متطورا ’ وكانت يافا وحيفا عامرة بالعمارات والمفترقات والمنتزهات والسينماهات والمقاهي , وكانت المناطق الداخلية كأنها تعيش في العصور المظلمة
      لكنّ هذا التساؤل سرعان ما يزول إذا ما عرفنا مدى الصبر والقوى والتحمل وعلو الهمة التي كان يتمتع بها أجدادُنا


      الحاج حسين وأخوه أحمد الذي بلغ من العمر مئة وخمس سنوات يمتلكان في حدود المئتي دنم أرض ,يفلحونها بالقمح, يحفرون الآبار لتخزين القمح في السنابل , إذا ما قَدِم لهم غني معه مال لشراء القمح لا يبيعونه؛ لأنه يستطيع الذهاب لحيفا ليافا للدوايمة لشراء القمح أما فقراء البلد فلا يستطيعون ولا يوجد معهم أموال ليتحركوا , فيعطونهم حاجتهم وحاجات دوابهم من القمح شريطة أن يساعدوهم بالحصيد وخدمة الارض وهذه ليست منّة وعطية بل جراء خدمة مقابلة , وكانت كل دورا تعرف عن أخبار هذين الأخوين النشطين في ثلاثينات وأربعينات القرن المنصرم قبل النكبة , يحصدون الحقل بأيديهم دون آلات تحت وطأة الشمس ويعودون للبيت يصلون ويتناولون ما يتيسر من طعام ويجلسون بالديوان (المجلس) انتظارا للعشاء ثم ينامون أحيانا فيه وأحيانا في بيوتهم , ينامون باكرا ليستيقظوا مع الفجر ثم ينصرفوا لعملهم

      ذات رجوع مرهق محفوف بإعياء من الحقل , والشمس تتلوى مريضة فاقدة توهجها بين يد الغروب , وكل ظنهم أنهم سيجدون طعاما , فتم إخبارهم أن الطحين نفد , ولا يوجد خبز , فحمّلوا على الجمل عشرة أكياس قمح وذهبوا بها إلى المدينة(الخليل) ليطحنوها , هذا قبل أن يلتقطوا أنفاسهم بعد يوم شاق حافل بالمعاناة , علما أنهم سيمشون على الأقدام مسافة لا تقل عن ثلاثين كيلو متر للوصول للطاحونة بالمدينة
      ثم يعودون بمنتصف الليل ويشترون بعض حاجات البيت ثم يأكلون ويطعمون أبناءهم وجيرانهم ثم يخلدون للنوم

      لا حيرة أبدا في هذه الصلابة وهذه القوة لأن الصراع من أجل البقاء يتطلب استنزاف الأنفاس والجهود , والتوكل على الله يمنح الإنسان ثقة وعزيمة ’ فيتفانى في سبيل خدمة الأهل والبلد , تذكرت هذه القصة حينما رأيتُ شابا تظهر عليه ملامح القوة البدنية يؤشر لسيارة من أجل أن تقلّه من استاد دورا لنصف البلد مسافة مئة وخمسين مترا , فقلت في نفسي لو كان الفكر سليما ’والطعام صحيّا ,والنفس ملأى بالعزيمة ما فعل هذا

      الحكايات مستمرة
      ابقوا معنا

      تعليق


      • #4
        رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

        المشاركة الأصلية بواسطة أشرف حشيش مشاهدة المشاركة
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        سأحدثكم عن بلدي , كل يوم حكاية , ولكم أن تتحدثوا هنا عن بلدانكم

        أعزاءنا زوار هذا المنتجع الصيفي أسعد الله أوقاتكم

        الشريط الحدودي الغربي لدورا / الخليل مع الكيان يتكون من هذه القرى من الجنوب للشمال { البرج ’ بيت مرسم , بيت الروش العليا , بيت الروش التحتا , دير العسل الشوامرة , دير العسل أولاد محمد , المجد ,طواس , سكا , بيت عوا , دير سامت } وبين كل قرية وقرية بالغالب حقل زيتون وأرض زراعية وبعض القرى التصقت ببعض كالبرج وبيت مرسم وكالمجد وسكاا وطواس وبيت عوا التصقت بدير سامت

        مقابل لهذا الشريط داخل الجدار قرية منكوبة تدعى { أم الشقف} بنى المحتل بالقرب منها مستوطنة تُسمّى( شيقف ) وفيها قام الشهيد يحيى عياش بإحدى عملياته التي قتل بها خبير متفجرات اسرائيلي

        هذه القرى كان أهلها قبل الثمانية وأربعين وتسعمئة والف يتخذونها خزينا للأعلاف والأغنام أما أهلها كانوا يقييمون في( دورا البلد ) جميع أهل هذه القرى حين يسألون من أين يقولون : نحن من دورا فهم سكانها يقيمون فيها شتاء وينزلون صفا لخزن الأعلاف , وحين كثر الناس وخافوا من الاحتلال على أراضهم ارتاوا أن يقيموا ف القرى التي كانوا يستخدمونها للخزين فقط ولم يكن فيها قبل النكبة بنايات بل كانت مُغرا وملاجئ وجميع عائلاتهم لهم أرض بالبلد إذ يطلقون على دورا الأم اسم البلد

        في الخمسينات وحتى الثمانينات كان لكل قرية ديوان والديوان مجلس يجتمع فيه الرجال للتشاور, وتقوم النساء مجتمعات بإعداد طعام العشاء لكل رجال القرية في الديوان
        واحيانا يخلّفون على واحد ليقوم أهل بيته بعمل الطعام للجميع _بعد طلبه_ فيقول له المختار : يخلف عليك . وكلمة يخلف عليك هي تشريف لمن طلب القيام بإكرام الجميع


        حدَثَ أن طلب أحد الفقراء وهو معدمٌ ’ وألح إلحاحا في أن يكون طعام الديوان عليه , فرفض المختار , وحين قال له بحزن : ألستُ في عداد الكرام يعني !!! فقال مستجيبا لطلبه لئلا يحزن : يخلف عليك

        رجع لزوجته فانشدهت من الأمر , قائلة : ومن أين لنا بطعام لنطعم القرية بأكملها , قال: لست ناقصا , هذا الذي وصلك وعليك أن تتصرفي ؟ وهم في أشد الحيرة من أمرهم .
        أخذت الدابة وذهبت هي وابنها الأكبر لحقل القمح, فحمّلت عليها ما يمكن أن تحمّله من قمح في سنابله غير مدروس , وعادت للبيت قبل الظهر, ثم درست القمح بالحجارة ’ وذرّته..’ وأخرجت الحَبّ ..’ ثم درسته على الرحى , وكان لديها ما يزيد عن عشرة ديوك حبش بلدي, إذ تشتهر هذه القرى به فطبخت ما جرشت من القمح بالحبش واللبن , وطحنت بعض القمح وخبزت ؛ لتبيّض وجه زوجها .

        من محاسن الصدف أن أباها في تلك الليلة حل ضيفا على القرية قادما من دورا , وحين جاءت ابنته وعيالها وزوجها إلى المجلس بطعام وافر زاخر يتباهون به , أشرق وجهه بالسرور , واتسعت ابتسامته بالنور فرحا بصنيع ابنته ’ وزوجها في إكرام المجلس وحين عاد إلى دورا طلب من ابنه أن يرسل لأخته في القرية ثلاث غنمات حلوبات مكافئة لها , وتحفيزا لكرمها
        والحكايات مستمرة
        ابقوا معنا
        حكايات مشوقة بانتظار المزيد

        تعليق


        • #5
          رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

          قصص مشوقة وتحمل بين طياتها معانى نفيسة ودروس مفيدة وقيم عالية ..
          ماشاء الله عليكم شاعرنا الفاضل تألقت في سرد القصص كما تألقت من قبل في نظم الشعر..

          تعليق


          • #6
            رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

            بارك الله فيك دكتورة زهرة وبوركت أستاذة أم كوثر وشكرا للمتابعة

            حكايتنا اليوم عن ضبط النفس

            لا اقول أن مشايخ البلد كانوا مصابين بمرض الزعامة والغرور , بل أقول واثقا أنهم كانوا _كغيرهم من مخاتير وباشاوات البلاد _ في أواخر حقبة الإنجليز يحبون الظهور غرورا في أغلب الأحيان
            ويظهرون أساطيرهم البطولية في سردها حين يجتمعون على (القهوة) في البلدة القديمة بمدينة الخليل , وكان هذا مقهى واسعا يجتمع فيه اصحاب الطبقة المرموقة من المحافظة , فلا يمكن أن يكون رواده إلا من الأغنياء , وأصحاب الزعامات من مشايخ دورا ويطا والظاهرية وحلول والسموع ...الخ
            وكان يتنافس على قيادة دورا أنذاك (عبد الرحمن حجّة , ويوسف عبد الحميد ) وكلاهما من العمايرة بعد القائم مقام (سلامة علي دودين) الذي انتهب أراضي الظاهرية وضمها لدورا وقصف (إذنا) بالمدفعية زمن الأتراك وحصل أن سجنه متصرف القدس وردّ المظالم إلى أهلها


            اتفق عبد الرحمن حجّة (شيخ العمايرة العلايا) مع مجموعة زعران على إهانة يوسف عبد الحميد (شيخ عمرو) حين يجلس في المقهى بالبلدة القديمة (الخليل) وأعطاهم عشرين دينارا وكان هذا مبلغا كبيرا أنذاك
            وطلب منهم أن يجتمعوا حوله , ويستفزونه أمام الناس بنبرة قوية , ويدعون أنّ لهم دَيْنا عليه يقدر بخمسين دينارا , ليكشفوا للناس على القهوة أنه يستغل الناس ولا يدفع لهم الأجرة , وسيضطر للنكران ويتشاجر مع بلطجية غير قادر علىى معاركتهم , وسينتشر الخبر في المدينة وفي بلده أنه (أكل بدنا ساخنا ومرتبا ) وستقل هيبته أمام الناس ويعرضون عنه

            جلس الرجل على القهوة , ومعه غلامه الذي يرفع له الطربوش كعادة الباشوات , وأحضر له القهوجي طلبه (فنجان قهوة وكأس ماء) وخلع طربوشه وأعطاه لغلامه , وما أن هم برفع عباءته قليلا , حتى حضر الزعران وصررخوا في وجه بنبرة حادة (ألا تخجل على نفس وتسدد ما عليك , ألا ترد لنا أتعابنا ) تفرّس ف ملامحهم ولم ينبس ببنت شفة , فلا يعرفهم ولم يلتق بهم , قاطعوا نظراته الحادة قائلين نريد الخمسين دينارا حالا , همّ غلامه بالشجار للرد عن سيده فأشار له سيدُه بالجلوس , وأدار يده على جيبه وأخرج خمسين دينارا وأعطاها للزعران فصرفهم دون أن ينطق بحرف أو يهمس بصوت خفي
            فقال له غلامُه : لم فعلت هذا يا عم , لا أذكر أنك تعرف هذه الأشكال , فقال له : لئن أدفع مئة دينار أهون عندي من أن يقال أن يوسف عبد الحميد تشاجر على القهوة مع أحد


            وحين فض مجلس القهوة , وانصرف الحضور , وسار الرجل مع غلامه ببطء محاولة لإظهار عدم الاكتراث بما حدث , استوقفه منافسه على الزعامة وقال له : خذ هذه الخمسين دينارا هي لك (غلبتني والله بهدوئك وحسن تعاملك , فقد كنت أدبر لك عراكا , أفلحت في الفرار منه بضبط نفسك) فقال له معتزا : لست أنا من أسمح لشرذمة بإهانتي وقصدا البلد معا تاركين ما في داخلهم من أثر الحادثة دفينا مطويا
            ما أردته من هذه الحادثة أن أبين قيمة الصبر ومحامده ومآثره فبه يتجنب المرء العراك وإراقة الدم وإذكاء نار العداوة

            يقول الشاعر : إنـي رأيـت وفـي الأيـام تجربـة للصّبـر عاقبـة محمـودة الأثــر

            تعليق


            • #7
              رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

              في البلد كرم وزرم _كما يقولون_ ومشاكل على الطريق ههه لا يمكن أن تتخيّل شكل الكرم ومظهره في دورا, لقد أصبح طابعا ومظهرا موروثا , يعتبرون الانتقاص منه وخيما ومشينا يكشف الستر ويجلب الوهن والكسر

              قصتنا اليوم عن زيارة قام بها الحاج خليل من البلد إلى إحدى قراها على زمن حكم الأردن من 1948_1976إذ حل ضيفا على صاحبه , يجب أن نذكر هنا أن أهالي الريف هم أهل البلد الأصليين نزلوا الريف وبنوا القرى للحفاظ على الأرض من أعين المحتل والذين بقوا في دورا يسمّون من سكن في ريفها (أهل غربا)

              (الحساب بالدّرهم والكرم بالقنطار)

              لقد ترك صاحبه البلد منذ زمن , وافتتح في الريف دكّانا ومتجرا لأهل القرى ’ فحل الحاج خليل ضيفا على صاحبه في الدكّان؛ ليلتقط أنفاسه ويستريح قليلا , وأخذه السرور إذ رأى متجرا كبيرا لصديقه , وراح يجيل أنظاره فيه مطمئنا أن غرب البلد عامرٌ وأن هذه القرى بمثابة درع حصين تتسع وتنتشر وتعمر بسواعد الشباب المعطاء وجبالها تشجّر وأرضها تزرع , هذا هو الحديث الذي تناوله خليل وصاحبه حسن في جلستهم باالدكان وهما مضطران أن تتواصل الجلسة فيها حتى يرفع آذان الظهر موعد إغلاقها

              وأثناء تبادل أطراف الحديث احتاج خليل علبة كبريت فطلبها من صاحب الدكان (المضيف) أعطاه إياها , وأخذت خليل الدهشة وخنقته الحيرة , حين طلب منه صاحبه حسن ثمن علبة الكبريت , فقال في نفسه , والله صاحبي هامل وناقص !! أتكبّد المشاق وأتحمّل تكاليف باهظة من هدايا لزيارته ويأخذ مني ثمن علبة الكبريت , ليتني ما عرفته . طبعا كل شيء يغتفر في دورا إلا البخل ؛ لذلك تمنى خليل لو أنه لم يزره ولم يجلس معه في االدكان , فالذي يطلب ثمن علبة الكبريت من صاحبه لن يكون قادرا على إكرام ضيف وتقدير زيارة . أخذه الصمت المليء بالحوار الداخلي ساعة أو أكثر , فحدثته نفسه بقطع الزيارة والعودة للبلد رغم أن عادة الضيف أن يقيم نهارا كاملا عند مضيفه

              لم تنقذه إجابة واحدة تفنّد شكوكه , وتهدئ تساؤلاته , بكل تأكيد صاحبه بخيل , هكذا فهم , وهكذا استنتج , أخذت هذه التساؤلات تتحول في داخله إلى نقمة ولعنة على صاحبه حسن , وما من سبيل لإيقافها إلا بترك المجلس فورا ولا داعي لأن يصطحبه حسن للبيت , فكرمه ظهر في المتجر بأخذ ثمن علبة الكبريت , قام نافضا عباءته وقال : يا الله ! إيذانا بالانصراف , فاستوقفه حسن : إلى أين ؟ اجلس فأنت ضيفي ولا مغادرة الأن. ستذهب معي للبيت, وأقسم عليه أن يبقى ,ورفض كل أعذاره , فأغلق المتجر وذهبا معا إلى بيت حسن

              فدخلا غرفة الضيوف , فإذا بأهل البيت قد أعدوا منسفا خروف مطبوخ برأسه محفوف بالفستق وشوربة اللبن البلدي الدسم , وبعد أن تناولا الطعام بقي خليل غارقا في حيرته وصمته وازدادت تساؤلاته , رجل يطلب ثمن علبة الكبريت قرشا ’ ويقدم لي خروفا منسفا على الغداء . ما هذا التناقض ؟ كان حسن يحدثه وهو في ذهول لا يستوعب حديثا , غارقا في صمته حتى شعر به صاحبه فسأله : ما بك يا خليل ؟ وما الذي يشغلك ؟ فيم تفكر ؟ وخليل لا يدري ما يقول منسف وسدر كنافة وكرم فائض وعلبة كبريت ....

              تفهم حسن حيرة صاحبه ودهشته وأراد أن يستله من وحل تساؤلاته قائلا : يا خليل المتجر لي فيه شريك كل ما يخرج منه مدفوع الثمن , أما البيت فهو بيتي وأنت فيه ضيفي . فالحساب بالدّرهم والكرم بالقنطار
              أردتُ من هذه الحادثة الحقيقية من حوادثنا : أن أبين أنّ الكرم صفة إنسانية نبيلة في عمق الإنسان , تظهرها التجربة الحقيقية ,فلا تحكم على أحد بالبخل من خلال مشهد سطحي
              الحكايات مستمرة
              فابقوا معنا

              تعليق


              • #8
                رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                حكايات رائعة
                بوركتم شاعرنا المفضال أ. أشرف حشيش
                في شوق لمعرفة المزيد.
                ومن يرغب بمشاركتنا بحكايات من بلدته، فالمجال مفتوح للجميع.
                دمتم بخير وعزة.

                تعليق


                • #9
                  رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                  بارك الله فيك أستاذة ذكرى , كما أتمنى أن يشاركنا المتابعون كلُّ بحكاية عن بلده , لنقترب أكثر من تاريخنا الغني بتراثنا وحكاياتنا
                  _______
                  اترك أثرا يخلده التاريخ


                  كان الناس في أربعينيات القرن المنصرم يعتاشون على مشتقات الألبان والعنب والتين والرمان , فلا مواد غذائية معلّبة , ولا معكرونة , ولا أندومي ,,,,الخ فمن يملك الأرض والثروة الحيونية كان يُعد من الأسياد , ويعمل الذين لا يملكون عنده في أرضه نظير طعامهم وحاجاتهم من مستلزمات الحياة

                  كان ثمن البقرة الحلوب أنذاك يقدر بخمسة دنانير ما يعادل ثمنها بالضبط خمسة إلى ستة آلاف شيقل أي ألف دينار أردني (هذه قيمة الخمسة دنانير أنذاك) وكانت الخمسة دنمات من الأرض ثمن بقرة , لأن البقرة اكثر انتاجا لحاجة الإنسان من الأرض أحيانا في ظل التضييق الاستعماري

                  ضاقت الحال على محمود وأراد أن يبيع قطعة أرضه الوحيدة فلا يملك شاة ولا بعيرا , فطرح الأمر على الشاب خليل المولع بشراء الأرض , كان خليل مثقفا وذا نظر ثاقب بعيد , هو الوحيد الذي يقرأ ويكتب في القرية , هو الوحيد الذي يطّلع على مكر الإنجليز وخبثهم , وبشهادة الناس جميعا , كان يخاف أن تتسرب الأرض لليهود دون معرفة الغلابى ,
                  وما ثمن قطعتك يا محمود؟ هي لا تساوي بقرة بالسعر الدارج أنذاك . وماذا يضر خليل الذي يمتلك والده 400 بقرة , وألف شاة , أن يعطي محمودا كل سنة خمسة دنانير؟ , خمسة دنانير كفيلة أن تنهض به لمدة عام , وكفيلة ألا تحوجه لأحد غير الله ’فإن اشترى الأرض حرم محمود من آخر ما تبقى له بالبلاد , محمود كان يفكر بقطع كل حبل يربطه بالوطن ’والسفر للأردن , وإن لم يشترها سيقع المحظور وتتسرّب الأرض لسمسار لعين يسلمها للعدو

                  لا بد من شرائها إذن , أعطاه عشرة دنانير ,ضعف ثمنها وأخذها , ثم ذهب للديوان (المجلس) ليخبر والده (أحمد) الرجل الصالح بإنجازه البطولي في أنه أضاف لملكه خمسة دنمات , وحين عرف أنها أرض محمود , استشاط والدُهُ غضبا , قائلا , وماذا سيتبقى لمحمود في فلسطين؟ , سيذهب لبلاد الغربة متسولا , لم تنفع تبريرات الشاب خليل أمام والده ولم تجد نفعا , وأرسل في طلب محمود فورا , وأعطاه صك البيع قائلا , أرضك لك ’إضافة للعشرة دنانير التي دفعها لك خليل ,
                  لقد أصبحت عائلة محمود الآن كبيرة, تعترف بالجميل التاريخي لمن حفظ لهم الأرض , ولبّى حاجتهم , وحفظوا وصية والد خليل في بيت شعر حفظه عن إبراهيم طوقان
                  يقول إبرراهيم طوقان : أمامك أيها العربي يومٌ = تشيب لهوله سود النوصي
                  فلا رحم القصور غدا بباق= لساكنها ولا ضيق الخصاص


                  ما ذكرني في تصرف الرجل الصالح والد خليل هو الرأفة بالضعفاء , ونظرة العطف , والتلاحم مع قضية الشعب والأرض والإنسان
                  /
                  الحكايات مستمرة
                  ابقوا معنا

                  تعليق


                  • #10
                    رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                    أول زواج بين المسالمة والسويطي

                    تتواصل الحكايات , وما أكثرها ! نتمنى أن نستلهم منها الحكمة الحَسنة

                    بيت عوّا أكبر بلدات دورا وقراها ’ وأول ما سقفت فيها بيوت الطين وعقود الحجر ’ قبل عام ثمانية وأربعين ,ولأنها المتاخمة لما يُسمى بالخط الأخضر عمد المحتل عام ثمانية وأربعين بعد اقترافه مجزرة الدوايمة القريبة من بيت عوا , إلى نسف كل عقود وبيوت بلدة بيت عوا حتى يرعب السكان في القرى الأخرى’ ويعيدهم لدورا’ ويوسع حدوده بالضفة الغربية , لكن هذا لم يحصل, كان الناس يتوقعون مكر العدو’ فأخلوا البيوت واقاموا بالمُغر , وبعد انتهاء الحرب تضافرت الجهود بإنشاء البييوت من جديد .
                    لم يكتف المحتل بنسف بيوت بيت عوا كاملة في النكبة , بل قام في النكسة بإعادة نسف بيت عوا ثانية ,ولم يبق فيها بيتا واحدا أملا بتنفيذ مخططه الخبيث بإعادة أهل القرى لدورا وطردهم من أرضهم
                    لكنهم أعادوا بناءها رغما عنه’ وأقاموا فيها’ وكبُرتْ بيت عوا’ وأصبح عدد سكانها الآن يزيد على اثني عشر ألف نسمة .

                    يقيم في بيت عوا عائلتان (آل سويطي) في الجهة الغربية على حد الثمانية وأربعين, بينها وبين مغتصبة شيقف المقامة بالقرب من قرية (أم االشقف المنكوبة) جدار عنصري .

                    بالمناسبة ؛ لو بقيت أم الشقف اليوم , لكانت أكبر من دورا البلد مساحة وسكانا , كان يقيم بأم الشقف أكبر عائلات دورا (الدراويش) الذين يسكونون دورا البلد الآن , وكان بها مدرسة ما زالت آثرها إلى اليوم , كان يُدرّس فيها جدّي لأمي يوسف حشيش

                    (أم الشقف) ضمن أراضي الثمانية وأربعين بيوتها الطينية ما زالت تتراءى للعيان من جبال سكّة وبيت عوا , واليهود لم يهدموها , يُحضرون لها رياض الأطفال من تل أبيب وحيفا و(غريات جات) في رحلات ترفيهية ,يقولون لأطفالهم : هنا أجدادنا كانوا يقيمون , ولكن العرب ذبحوهم في تزوير للحقائق وصناعة تاريخ غير موجود أصلا .

                    من علماء أم الشقف البارزين والذي شاركوا ف وضع المناهج الفلسطينية : ((محمود أبو كتّة الدراويش)) أطال الله عمره

                    يقيم في الجهة الشرقية من بيت عوا (المسالمة ) بين المسالمة والسويطية (جسر السوق) يذكر أن بيت عوا هي أكبر سوق لتجارة الأثاث المنزلي والأدوات الكهربائية باالضفة الغربية ,ويوجد بها مصانع عديدة لهذا الغرض , ويأتيها التجار من رام الله والقدس والخليل يوميا , وقد سمح لتجارها قبل سنوات بإدخال بضائعهم لغزة

                    بين( السويطي والمسالمة) كانت مشاحنات أوجدها الاستعمار منذ مطلع القرن الماضي , ووقعوا وثيقة بينهم على أن لا يتصاهروا , ولا يتعازموا .لكن بحمد الله لم يسقط ولم يكن بينهم دم , ولن يكون_إن شاء الله_ أبدا
                    في هذه الوثيقة سقطت كل قوانين المحبة وحسن الجوار , واستمرت لمنتصف التسعينات , لم يكن في ريف دورا مدرسة ثانوية في الثمانينات إلا في بيت عوا , وكان معظم أهالي الريف يرسلون أبناءهم للدراسة فيها , أما اليوم فبحمد الله , في كل قرية مدرسة ثانوية , وفي بيت عوا حوالي عشر مدارس ثلاث ثانوية منها , وفيها عشرة مساجد ومستوصف صحي,,, الخ

                    كان طلاب القرى الأخرى يرتعبون من الشجار اليومي بين طلاب المسالمة والسويطية في مدرسة بيت عوا, يكسرون المقاعد والنوافذ على بعض ,وتعجز قدرات المعلمين أحيانا’ ويفزع أهالي الطرفين لفض الشجار والويل للشوارع والمحال التجارية في يوم الدراسة الأخير

                    استطاعت الانتفاضة الأولى أن تقتل هذا الصدام الذي يدور بين الأخوة , وشيئا فشيئا حتى تلاشى وانتهى .
                    وفي منتصف التسعينات استشهد القسامي بسام مطاوع المسالمة , واستشهد القسامي عبد الكريم المسالمة , وكلاهما من بيت عوا, ويذكر أن عبد لكريم أول من اصطاد وحدة مستعربين في بلدة إذنا وأجهز عليها


                    هذه الأحداث جعلت المسالمة والسويطية يقتربون أكثر فأكثر, وتقدم شاب من المسالمة على إثرها من بنت من السويطي طالبا يدها للزواج , ولم يخضع لتهديد عنصري خبيث , وأهل البنت لم يخضعوا كذلك , وكان زواجهم أول تمرد على وثيقة البغض بين عائلتين تقتسمين بيت عوا ومعظم أراضي دورا البلد , وبحمد الله أحدث هذا التقارب حتى الان أكثر من ثلاث حالات زواج بيين العائلتين , وأصبحوا يتشاركون االأفراح والأحزان بعد قطيعة استمرت مئة عام
                    الحكايات مستمرة
                    ابقوا معنا
                    التعديل الأخير تم بواسطة أشرف حشيش; 12/08/2018, 12:30 PM.

                    تعليق


                    • #11
                      رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                      وليشهد الشاهدون

                      إنْ رحمة ربك قريبٌ من المحسنين

                      كان في بلدة سكة/ دورا ثلاث عائلات غنيّة (الزّير , حشيش , العجوري) الزير كان يمتلك أبار ميااه ضخمة وقطيعا ضخما من الشياه , احشيش كان يمتلك قطيع أبقار ضخما وأراضيا , والعجوري كان يمتلك أراضيا وقطعان مواش

                      كانت أبقار احشيش ترعى وحدها بالأحراش وتعود ’ وأحيانا يذهب أحد أبنائه معها تصل دورا حيث منازل الأهل وتعود للمبيت بالقرية , وترد الماء على أبار الزير قبل المبيت
                      كانت العلاقة بين الزير واحشيش والعجوري قوية جدا _وما زالت_, إلا ان حصل ذات يوم خلاف بسيط على غراره أغلق الزير آباره , نزلت الأبقار من دورا , فوقف احشيش ينادي على ابنه بأن يعيدها لدورا ؛ لأن الزير أغلق الآبار , وكان من الصعب عليه ؛ لأن الناس في البلد أسقوا مواشيهم وأقفلوا الأبار والوقت متأخر

                      فأخذته الحيرة _والناس حوله يشهدون الواقعة _ يحاولون ااقناع الزير ببيع الماء لاحشيش فرفض , فرفع يده للسماء باكيا في شهر تموز : لم يبق إلا أنت يا الله فوضت أمري إليك ’ ورجع لبيته , كيف يخذله الله والأبقار يعتاش من درّها معظم البلد ؟!

                      جاءت رحمة الله بإرسال الريح , بتسيير السحاب , وما أن وصل القطيع القرية حتى جرت السيول وتدفقت باقي الابار , ولا تزال الحادثة بعد أكثر من سبعين عاما حديث الناس


                      إن رحمة الله قريب من المحسنين
                      التعديل الأخير تم بواسطة أشرف حشيش; 12/08/2018, 05:20 PM.

                      تعليق


                      • #12
                        رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                        الويبدة

                        ليست الحي المعروف في جبال عمّان , بل هي قرية من قرى دورا , كانت قبل الثمانية وأربعين تقيم فيها عائلة (النمورة) بعد مذبحة الدوايمةالتي ارتقى ضحيتها أكثر من (400) شهيد , لجأ أهلها لدورا

                        لكثرة ما حدثونا عن جمال الويبدة , قررنا في عام ألفين وأربعة (قبل الجدار) أن نزورها خلسة , وهناك من كان يحدوه الحنين , ويستفزّهُ الشوق لزيارتها علنا متحملا الأذى والمضايقة ضمن رحلات مسيرة تقودها جمعية ابناء كنعان


                        ذهبتُ وصديقي محمد ودليلنا عمّنا عبد العزيز حمدان , لم يمنعه تقدمه ف السن أن يشاركنا الرحلة , وصلنا (أم الشقف) الساعة العاشرة , كل بيت من بيوتها له حوش وطابون وطور للأغنام , وبئر ماء , ما أكثر آبارها الان آبارها ملأى بالحمام البري , وعجبي من هذا الحمام لكثرته لا يخاف ولا يتررك أعشاشه رغم شعوره بوجودنا , انطلقنا غربا تجاه الويبدة التي تبعد عن أم الشقف عشرة كيلومتر , الخروب والزيتون والصبّار واللوز على طول الطريق يثير فينا كل الحكايات الراكدة , ويفتح سجلّات العذاب , بلااد منهوبة منكوبة نازفة جريحة , في كل ممر أشلاء حكاية , وعلى كل ربوة مجزرة

                        سمعنا صوت طائرة مروحية يقترب , ومن يلقى القبض عليه بهذه المناطق سيقدم للمحاكمة بحجة دخول البلاد دون تصريح , إن لم تُقدم له تهم أخرى , كان بالقرب منا شجرة خروب كالقصر ترفل أغصانها أرضا والأغصان تنبت من جديد حولها , وتحتها طور , فاتخذناه ملاذا حتى مرّت المروحية وحمدنا الله إذ لم تشعر بوجودنا , كانت الأجواء أمينة علينا , والأرض فتحت ذراعاها واحتضنتنا بكل ترحاب

                        يا لها من مغامرة ! جمال الأرض المسكونة في أعماقنا أنسانا المخاطر والتعب , لنواصل السيير للويبدة , تراءت لنا ونحن على تلة شمالية بسقوف وجدران طينيّة تلمع أثناء مغيب حياة هذا النهار كالبتراء , لم نتمالك أنفسنا , فغرقنا في دوامة الدمع واحزناه على الماضي الذبيح , بيوت قائمة لم تمس , يزوّر تاريخها , وينتهك أنسُها , وتلفها الوحشة بثوب قاتم , دخلناها مع غروب الشمس , أشعلنا الحطب وصنعنا الشاي بمذاق زعترها البري ’ وأخذنا نتحدث عن أهلها ورحيلهم بحديث دامع .

                        وبينما نحن كذلك سمعنا صوتا شبيها بصوت المطرقة , بدأ الصوت يشتد ’ قفزنا من نوافذ أحد البيوت لنتوارى خلف جدرانه , وتحت سقفه , وقال لنا عمّنا ودليل رحلتنا , ابقوا هنا لأتحسس الخبر , وأعرف مصدر الصوت , فذهب إلى حيث مصدره بحذر , فسمعا همسا بالعربية , فعرف أنهم زوارٌ عرب مثلنا لهذه الديار المنسية , اقترب منهم وردّ التحية , وتبدد الخوف المتبادل , كانوا يقومون بتقطيع عجلٍ رقوه من كيبوتس مستوطنة حزّاناا , ويحملون لحمه على الحمير , ويعودون بها لإذنا

                        كان وصولنا المشحون بالحنين , الحافل بالدموع واللهفة محفوفا بالمخاطر والمفاجآت , كذلك كانت عودتنا , عدنا بعد منتصف الليل غير أنّ قلوبنا ظلت هناك معلقة على نوافذ الطين لم تعد
                        التعديل الأخير تم بواسطة ذكرى صلاح الدين; 19/08/2018, 12:58 AM.

                        تعليق


                        • #13
                          رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                          أفراح وأتراح

                          تعرفنا على قُرى البلد الغربية (أهل غربا) أما قُراها الجنوبية فهي (كُرْزا , واد الشاجنة , دير رازح , أبو العرقان , أبو الغزلان , أبو العسجا , عبدة , إمريش , العلقة , خُرسا , طرّامة , رابود , المجنونة , ) والسيميا ضُمت للسموع
                          __ ___ ______

                          (كُرزا) من القرى الكبيرة جنوب دورا , وتقيم بها عائلة دودين ومنها القائدان ياسر دودين أمين سر فتح في جنوب الخليل وشقيقه موسى دودين عضو المكتب السياسي لحماس
                          __ ____ ___

                          أبو الغزلان بها شوامرة وخلّاف , وخلاف أصولهم مصرية وفي (أبو الغزلان) وُلد الشاعر العربي الكبير يوسف الخطيب الذي قدم والده من سوريا ليقوم بدور الخطيب في دورا فلقب بالخطيب لكن ابنه الشاعر يوسف عاد لسوريا وطنه الأصلي وتوفي بها قبل بضع سنين

                          ___ ____ ________

                          (سكّا) إحدى القرى الغربية لدورا سميت بهذا الاسم لأنها كانت سكّة المصريين من غزة للشام وهي تشابه (كُرزا) القرية الجنوبية مساحة وعدد سكان
                          __ ____ ______

                          حدث في السبعينات أن أقيم فرح في (سكّا) وصادف أن تُوفي الحاج نصار في (كُرزا) شيخ أل دودين والمسافة بين كُرزا وسكّا قرابة ثلاثين كيلو متر , فأوقف أهالي سكّا الفرح احتراما لمشاعر أهالي كُرزا

                          كان الناس يعتبرون فرحهم واحدا , وحزنهم واحدا , مهما تعددت عائلاتهم ’ وأفكارهم , ومشاربهم ,

                          أما اليوم فقد حصل أن توفي رجل في (بييت عوا) واقيم فرح وبين الفرح والميتم شارع واحد , كان المدعوون يذهبون للفرح , ويقومون بواجب الدعوة وينتقلون بأرجلهم من باب الفرح لباب الميتم لتأدية واجب العزاء في مشاعر مزوّرة لا تحمل ودا إنّما لتأدية الواجب فقط

                          الحكايات كثيرة علّناا نتناولها بعد العيد إن شاء الله
                          كل عام وأنتم بخير
                          التعديل الأخير تم بواسطة أشرف حشيش; 18/08/2018, 07:13 PM.

                          تعليق


                          • #14
                            رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                            السلام عليكم ورحمة الله
                            سبحان الله وحده المعطي المانع

                            _________

                            كنتُ دائما أسمع هذا المثل في البلد (دورا)
                            (كعنزة عبد القادر)

                            دفعني الفضول للسؤال عن ماعز عبد القادر وما قصتها

                            بداية دعوني أذكر بعض المعلومات التي تتعلق بريف دورا المكون من عدة قرى , كان أحيانا يبقى سيل الشتاء من قوة المطر طوال الصيف ’ ففي أربعينيات القرن المنصرم كانت تقدر كمية الأمطار بسمعمئة ملمتر وأكثر سنويا , أما اليوم ففي ريف دورا قليلا ما تصل الأمطار لأربعمئة ملمتر

                            _________

                            يذكر أن ارتفاع دورا عن سطح البحر يقدر بألف متر , بينما أعلى قراها بيت الروش بالقرب من قرية بيت مرسم (بيت مرسم المملكة الكنعانية القديمة ) يقدر ارتفاعها بخمسمئة متر عن سطح البحر
                            ولنا مع بيت مرسم حكاية قادمة إن شاء الله
                            ________

                            كانت الأمطار تتحدر من جبال دورا ويجوب السيل العرم الجارف خطّها الغربي ’ ولضعف الإمكانات , وعدم توافر الآليات الحديثة لم تقم السدود للحتفاظ بمياه السيل
                            _______

                            في قرية سكّا التي ارتبط اسمها بعدد من الشهداء منهم : هشام يوسف حشيش الملقب بتوفيق والذي استشهد في عملية اقتحام بالأغوار ولم يعرف له قبر حتى الآن , وعبدالله حسين احشيش والذي استشهد في جنوب لبنان , وإبراهيم حسين حشيش والذي استشهد في مستوطنة شيقف المقامة على أرضي أم الشقف وخليل بسيس والذي استشهد في الأردن أيضا
                            ______
                            أما اليوم فارتبط اسم قرية سكّا بالأسير البطل الملقب بالأسير العالم(إياد الحريبات) كما يقول مدير نادي الأسير في الخليل أمجد النجار , وما زال إياد الذي أعطي حقنة في رأسه من قبل المحتل في السجن والمحكوم بمؤبداتٍ عديدة لقيامه بعمليات فدائية بانتفاضة الأقصى أثناء دراسته بجامعة النجاح في نابلس , إياد الحريبات بطلٌ من بلدي, فقد الذاكرة مرات عديدة في السجن ’ ومضى على أسره ثمانية عشر عاما , ولا يزال ينتظر فرج الله
                            والاسير هاني الزير الذي يقيم أهله اليوم في البلد (دورا) بعد أن رحلوا من قرية سكا واستقروا فيها
                            ______

                            كانت عائلة الزير في سكّا عائلة شهامة ونخوة ومروءة وكرم, وما زالت هي هي في دورا البلد , كان الزير يمتلك ثروة حيوانية هائلة , ولا تزال أراضيه الواسعة في سكة ملكه’ لم ولن يفرط فيها , ينزلون صيفا إليها لقطف الزيتون ,
                            ____
                            مرّ عبد القادر الرجل الفقير المسن بالزير وهو مع أغنامه , فسأله الزيرُ عن وجهته , فأخبره عبدُالقادر أنه ذاهبٌ للدوايمة لشراء القمح , فطلب منه الزيرُ عدم الذهاب, وأعطاه حاجته من القمح لشهر , وأمره أن يختار عنزة (شاة) من أغنامه , فاختار عبد القادر أسمن الشياه وأغلاها , فوافق الزير مبتسما , وقال له ابقها معك في المرعى , لأنقل القمح وأعود , فقبل الزيرُ ذلك , وأثناء غيابه أطلق الإنجليز النار , وأصابت الرصاصة الشاة التي اختارها عبد القادر من بين ألف شاة
                            فصارت مثلا : مثل عنزة عبد القادر
                            التعديل الأخير تم بواسطة أشرف حشيش; 28/08/2018, 10:30 PM.

                            تعليق


                            • #15
                              رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                              بيت مرسم (مقدمة تاريخية)

                              أقدم أرضٍ أشرق عليها تاريخ الإنسانية . هي مملكة كنعانية قديما , فقد بنيت قبل خمسة آلاف عام حينما هجر الساميون الكنعانيون من شبه الجزيرة العربية لبلاد الشام , وأسسوا فيها حضارة كبيرة واتخذوا بيت مرسم مملكة لهم
                              أطلق عليها اسم (بيت سيفر) أو قرية (سفر) بمعنى مدينة العلم , أو مدينة الكتب , ومخزن الكتب , وأطلق عليها اسم (دبّير) بمعنى مقدّس , وقد كانت مركزا لتعليم الديانة الكنعانية , وقد عُثر على مئات القطع الفخارية والأصنام مثل (العشتروت الذي كانوا يعبدونه
                              وعثر على صنم من الحجر المرمر بطول مترين وهناك ثعبان من الذهب الخالص يبدأ من كعبه ويلتف حول وسطه حتى أذنه أثناء حفريات أولبرايت والد مادلين في بيت مرسم في عام 1928 عندما شارك ألبرت اسمرث ونلسن غلوك فسي حفريات تل بيت مرسم ,
                              يتبع

                              تعليق


                              • #16
                                رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                                (بيت مرسم ) مقدمة تاريخية
                                حدثني زميلي علي أبو عرقوب المقيم في بيت مرسم . أنه عثر على صنم من الفخار بطول متر في بيت مرسم يعود لملك بيت مرسم , وعثر أيضا أثناء حفريات أولبرايت على جوهرة تحمل رسومات سبع سنابل , مع كتابات فرعونية ترمز إلى بطولات (تختمس الثالث في بلاد الشام) وهذه الجوهرة أتت مع ابنة أحد ملوك الفراعنة التي تزوجت في بيت مرسم (المملكة الكنعانية قديما إحدى قرى دورا حديثا ) وجاءت الحفريات لورود اسم بيت مرسم على جدران معبد الكرنك في مصر , وأيضا حملت اسم بيت سِنا بمعنى مدينة غصن النخيل
                                يتبع

                                تعليق


                                • #17
                                  رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                                  المشاركة الأصلية بواسطة أشرف حشيش مشاهدة المشاركة
                                  السلام عليكم ورحمة الله
                                  سبحان الله وحده المعطي المانع

                                  _________

                                  كنتُ دائما أسمع هذا المثل في البلد (دورا)
                                  (كعنزة عبد القادر)

                                  دفعني الفضول للسؤال عن ماعز عبد القادر وما قصتها

                                  بداية دعوني أذكر بعض المعلومات التي تتعلق بريف دورا المكون من عدة قرى , كان أحيانا يبقى سيل الشتاء من قوة المطر طوال الصيف ’ ففي أربعينيات القرن المنصرم كانت تقدر كمية الأمطار بسمعمئة ملمتر وأكثر سنويا , أما اليوم ففي ريف دورا قليلا ما تصل الأمطار لأربعمئة ملمتر

                                  _________

                                  يذكر أن ارتفاع دورا عن سطح البحر يقدر بألف متر , بينما أعلى قراها بيت الروش بالقرب من قرية بيت مرسم (بيت مرسم المملكة الكنعانية القديمة ) يقدر ارتفاعها بخمسمئة متر عن سطح البحر
                                  ولنا مع بيت مرسم حكاية قادمة إن شاء الله
                                  ________

                                  كانت الأمطار تتحدر من جبال دورا ويجوب السيل العرم الجارف خطّها الغربي ’ ولضعف الإمكانات , وعدم توافر الآليات الحديثة لم تقم السدود للحتفاظ بمياه السيل
                                  _______

                                  في قرية سكّا التي ارتبط اسمها بعدد من الشهداء منهم : هشام يوسف حشيش الملقب بتوفيق والذي استشهد في عملية اقتحام بالأغوار ولم يعرف له قبر حتى الآن , وعبدالله حسين احشيش والذي استشهد في جنوب لبنان , وإبراهيم حسين حشيش والذي استشهد في مستوطنة شيقف المقامة على أرضي أم الشقف وخليل بسيس والذي استشهد في الأردن أيضا
                                  ______
                                  أما اليوم فارتبط اسم قرية سكّا بالأسير البطل الملقب بالأسير العالم(إياد الحريبات) كما يقول مدير نادي الأسير في الخليل أمجد النجار , وما زال إياد الذي أعطي حقنة في رأسه من قبل المحتل في السجن والمحكوم بمؤبداتٍ عديدة لقيامه بعمليات فدائية بانتفاضة الأقصى أثناء دراسته بجامعة النجاح في نابلس , إياد الحريبات بطلٌ من بلدي, فقد الذاكرة مرات عديدة في السجن ’ ومضى على أسره ثمانية عشر عاما , ولا يزال ينتظر فرج الله
                                  والاسير هاني الزير الذي يقيم أهله اليوم في البلد (دورا) بعد أن رحلوا من قرية سكا واستقروا فيها
                                  ______

                                  كانت عائلة الزير في سكّا عائلة شهامة ونخوة ومروءة وكرم, وما زالت هي هي في دورا البلد , كان الزير يمتلك ثروة حيوانية هائلة , ولا تزال أراضيه الواسعة في سكة ملكه’ لم ولن يفرط فيها , ينزلون صيفا إليها لقطف الزيتون ,
                                  ____
                                  مرّ عبد القادر الرجل الفقير المسن بالزير وهو مع أغنامه , فسأله الزيرُ عن وجهته , فأخبره عبدُالقادر أنه ذاهبٌ للدوايمة لشراء القمح , فطلب منه الزيرُ عدم الذهاب, وأعطاه حاجته من القمح لشهر , وأمره أن يختار عنزة (شاة) من أغنامه , فاختار عبد القادر أسمن الشياه وأغلاها , فوافق الزير مبتسما , وقال له ابقها معك في المرعى , لأنقل القمح وأعود , فقبل الزيرُ ذلك , وأثناء غيابه أطلق الإنجليز النار , وأصابت الرصاصة الشاة التي اختارها عبد القادر من بين ألف شاة
                                  فصارت مثلا : مثل عنزة عبد القادر


                                  ما أجمل هذه الحكايات أستاذنا المفضال أشرف حشيش، التي تقربنا اكثر لتفاصيل الحياة في بلدتكم الراقية بأهلها الطيبين ككل اهلنا في فلسطين.
                                  هل هذا يعني ان المثل: مثل عنزة عبد القادر يضرب للحديث عن الكرم أو أن مصير الشاة هو الذي يضرب به المثل؟

                                  تعليق


                                  • #18
                                    رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                                    حييت أستاذة ذكرى , وشكرا كثيرا لمتابعتك , وأعتذر عن تأخري في الرد , المثل (مثل عنزة عبد القادر) يضرب في من يسوء حظُّه وتقع عليه المأساة دون غيره إنطلاقا من مصير الشاة التي اختارها من بين ألف شاة وأصابها وحدها الرصاص

                                    __________ ______________ ____________

                                    نكمل الحديث عن (بيت مرسم) المملكة الكنعانية القديمة التي كانت بئر السبع من ضواحيها , وهي الأن قرية سُكانها من دورا / الخليل

                                    تقيم فيها عائلات : أبو عرقوب وعمرو والحريبات

                                    حدثني أبو عرقوب أنها نُسفت بعد عام 1967 وقامت الحكومة االسويدية ببناء غرفة لكل عائلة

                                    حدثني أن الظرف حين كان يميل على الناس ويتم قهرهم لترك( بيت مرسم ) كانوا يذهبون للبحث عن الآثار القديمة وكان تل بيت مرسم غنيا بالآثار , ورغم أن هذا محظور ويعد مخاطرة إلا أنه وسيلتهم الوحيدة للعيش أحيانا

                                    خرج هو وصاحباه للحفر بالفؤوس في تل بيت مرسم الذي أصبح الأن داخل الجدار , واستمر الحفر أسبوعا حتى أدخلهم دهليزا يضفي إلى غرفة تحت الأرض , وجدوا على أحد جدرانها صنما مثبتا نصفه موغل في الجدار ونصفه خارجه صنم على شكل ملك عار يظهر بكل تفاصيله ’ فقرروا إخراجه من الجدار بلطف واستغرقت عملية إخراجه ثلاثة أيام لئلا يتأذى , حدث هذا عام 1984

                                    تم إحضار خبير الآثار السري رحمه الله من دير سامت فدفع لثلاثتهم ثلاثين ألف دولار أمريكي , فكانت حصة صاحبنا عشرة ألاف دولار كانت كفيلة أنذاك ببناء بييت محترم في القرية

                                    يكبر محدثي , ويلتحق بالجامعة لدراسة الجغرافية , يأخذهم القسم رحلة إلى متحف الأثر في القدس عام 1992 م ويذكر أن هذا المتحف صهيوني , وفيه جناح باسم (مملكة بيت مرسم) فدخلوا الجناح وذهل حين رأى الصنم الذي عثروا عليه معلقا ومكتوبٌ أعلاه : لا يُقدر بثمن , حين ذهبوا لعرّاب القطع الأثرية بدير سامت وسألوه : ما الثمن الذي تقاضيته جراء بيع الصنم ؟, أجابهم : ربع مليون دولار ,, استغربت جدا , وعرفت : أن القصور التي أراها في دير سامت ’والتي تفتقر أحياء رام الله لمثلها بسبب الاتجار في الذهب والاثار

                                    آثار البلد تسرب واليهود يدعون أحقيته وصاروا يلبسون الثوب الفلسطيني الكنعاني (المدرقة) والان يعلمون أبناءهم في المداارس الشبابة والدبكة الفلسطينية , إذن هي حرب على كل الجبهات وهي حرب وجود
                                    التعديل الأخير تم بواسطة أشرف حشيش; 22/09/2018, 03:58 PM.

                                    تعليق


                                    • #19
                                      رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                                      نبوغ فطري

                                      عائلة عمرو أكبر عائلات دورا البلد في الحقبة العثمانية أوقفها القائم مقام على المسجد الإبراهيمي للتتعهده بالسقاية والرعاية

                                      تقيم عائلة عمرو في الخليل (واد الهارية , قرب جامعة الخليل , قرب الجامعة المفتوحة , الحاووز)
                                      في دورا (وسط البلد)
                                      قرى دورا / بيت الروش التحتا = كلها عمرو
                                      دير رازح = كها عمرو
                                      مراح البقار = كلها عمرو
                                      بيت مرسم = نصفها عمرو
                                      المجد = نصفها عمرو
                                      ___ ______ _____

                                      نشأ (س عمرو ) في الخليل هو وأبناء عمه ولهم محال تجاربة فيها , لكن أصله وأرومته (بيت مرسم)

                                      يحصل شجار بينه وبين أبناء عمومته فيقتل أحدهم باالخطأ , فيضطر بعد هذا العمر الطويل للرحيل من الخليل إلى بيت مرسم فيبني بها قصرا , ويسلم نفسه للشرطة’ ويدخل أحد سجونها بحكم مخفف لأن القتل ليس عمدا

                                      وبعد مدة دخلوا عليه في سجنه بزي شرطي وأطلقو عليه خمس عشرة رصاصة أصابته بمقتل ولم يمت , سقط الدم بنية القتل بغض الظر عن النتيجة و وأمر الحياة والموت لله وحده , فنقل للمستشفى وهو بجراح خطرة

                                      كان ابنه في الصف السادس الأساسي بعمر اثني عشر عاما , ذهب ليزور والده في المستشفى , وقبل أن يقول لوالده : حمدا لله على سلامتك

                                      قال له فور دخوله : هل طلبت من القتلة حياتك ؟ قالها الصبي بلهجة فصيحة تنم عن شجاعة

                                      فأجابه والده على سريره : ما اعتدت أن أطلب حياتي من غير الله

                                      فرد الصبي : الآن أنت أبي

                                      وذهب لأبيه يقبل رأسه ويده

                                      أصبح الأن الصبي دكتورا في العلوم السياسية

                                      قال الشاعر : وينشأ ناشئ الفتان فينا / على ما كان عوده أبوه
                                      التعديل الأخير تم بواسطة أشرف حشيش; 23/09/2018, 11:00 PM.

                                      تعليق


                                      • #20
                                        رد: حكايات البلد / أشرف حشيش

                                        حبٌ وزواج وشهامة

                                        حين أنظر من على سطح منزلنا إلى جبال الدوايمة التي كانت تحتضن البلدة المنكوبة (بلدة الدوايمة) أكبر بلدات الخليل يقشعر بدني , ويغلبني االدمع , حليمة لجأت للبلد هربا من الموت الذي طال قرابة الألف برشاشات الإنجليز واليهود

                                        حليمة كانت جميلة جدا , خلوقة جدا , مثقة تجيد القراءة والكتابة , تتحدث في السياسة في زمن شهدت بأم عينها المأساة التي حلت بوطننا , عينها الجميلة كانت أصدق من الشاشات , وأوثق من آلات التصوير

                                        حليمة كانت شخصية مهيبة , نبيلة ’ لم يمنعها الهوان أن تواصل الصبر والكد والكفاح من أجل أن تحافظ على بصيص الأمل , لم تقل يوما أنها من (دورا) بل كانت تعتز وتفخر حين يسألونها عن مسكنها وهويتها فتقول بفخر: أنا دايمية يعني من الدوايمة

                                        هام حسين بها حبا , أراد أن يتزوجها , ونافسه في حبها أحمد , كلاهما يريد أبناء تكون أمهم حليمة التي تعتصم بالوطن والدين والقيم والمثل والأخلاق
                                        ذهب محمد (أخو حسين) _حين عرف أن أخاه يريد حليمة _ إلى أحمد يحرضه على الزواج بسرعة من حليمة حتى لا يتزوجها أخوه كونها من الدوايمة (لاجئة وغريبة)
                                        وعرض عليه المساعدة وتقديم ضمان الزواج بشرط أن يقدّم أحمد قطعتي أرض له وأخرى لحسين
                                        وافق أحمد الولهان وكتب عقد الأرض بالمجان في ورقتين
                                        وكتب الكتاب على حليمة
                                        أحضر محمد الهدية فرحا لأخيه حسين قائلا :هذه وثيقة تثبت ملكيتك لقطعة أرض , قد انتهزت حب أحمد لحليمة وزوجته إياها بشرط أن يعطيك قطعة أرض من ملكه ولي قطعة أخرى
                                        رفض حسين هذه الانتهازية ,واعتبرها خيانة وإثم, وحمل وثيقة الأرض وذهب بها إلى(أحمد) قائلا : خذ حجة أرضك , من يفرط بأرضه سيفرط بابنه , وتمنى له ولزوجه حياة سعيدة
                                        أما محمد فرفض أن يعيد وثيقة الأرض خاصته لأحمد
                                        مع الزمن أصبح حسين صاحب أراض ومشاريع وعقارات وذريته من الأخيار
                                        وأصبحت أرض محمد لا تسوى شيئا
                                        إنما الرزق على صفاء النية ونبل الأخلاق والشيم الكريمة
                                        التعديل الأخير تم بواسطة أشرف حشيش; 4/11/2018, 07:48 PM.

                                        تعليق

                                        جاري التحميل ..
                                        X