البذل أم التهرب.. أيهما أكثر فائدة لحياتنا ؟
بقلم الأديبة: عبير النحاس
لم أذق طعم النوم ليلا وبقيت في الفراش أتحرق غيظا حتى أسعفتني فكرة النهوض و الكتابة لأجعل مما رأيت وعاينت بنفسي عبرة وفكرة قد تفيد مسلما وتنفعه.
وشكرت قلمي لأنه ربما من يجعلني أستفيد من ألامي بتحويلها عبر المداد إلى أفكار تشفيني وتنفع من قد يقرأ.
بدأت تلك الحكاية عندما اضطرتني ظروف قاهرة للخروج من عزلتي الإرادية وغيرت بهذا الخروج قناعة كانت تسكنني بأن الكاتب يحتاج إلى خلوة مطولة ورأيت أن انخراط الكاتب في المجتمعات المختلفة وحصوله في النهاية على ساعات قليلة من الخلوة هي الأمر الرائع.
وجدتني مضطرة للتواجد بين عائلات مختلفة وبيوت متقاربة تجمع تلك العائلات و رأيت نماذج مختلفة من النساء و الزوجات و الأمهات و عاينت طرق عيشهن وتربيتهن لأولادهن وحسبي من سرد الحكايات عبرة سأحكي عنها في نهاية المطاف.. أما الأولى فقد كانت زوجة وأم لثلاثة أطفال وقد بدأت زواجها بتسجيلها في الجامعة ورافق سنواتها الدراسية الأربع إنجابها لثلاثة أولاد رائعين, و أدهشتني معدلاتها العالية في الجامعة و توجت ولادة طفلها الثالث بتخرجها من الجامعة, كنت أكثر من قول ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله) وأنا أراها بأناقتها الملفتة في داخل المنزل و خارجه و كنت أتعجب من سرعة تغييرها لتسريحتها و لون شعرها و تجديدها الدائم لمظهرها مع حفاظها على منزل في غاية الأناقة و النظافة التي تريح النفس و تشعرك بالسرور و هدوء البال , و كررت من ترديد العبارة عندما رأيت و تذوقت طعامها و أطباقها المتميزة, كل ذلك توجه حب للقراءة و الإطلاع و انتقيت يومها من مكتبتها الكثير من الروايات والقصص التي كنت أقرأها وأعيدها لها تباعا, وأدهشتني عنايتها بأولادها و نظافتهم و تلك القواعد الطيبة التي يتبعونها في الحفاظ على ترتيب وتنظيف منزلهم وأنفسهم وأسعدتني آيات وسور من القرآن الكريم سمعتها منهم وكلمات كتبتها أقلامهم الملونة الحلوة باللغة العربية والإنكليزية.
الزوجة الثانية كانت تعيش بداية في منزل أهل زوجها
وشهدت بنفسي تطورا ملفتا في نظافة المنزل وتزيينه أعدت الفضل فيها إليها,
ورأيتها أيضا ترتدي ذات الملابس في زيارات كثيرة جمعتنا واستغربت يومها حتى عرفت أنها كانت تصبر على فقدانها للملابس الجديدة مقابل جمعها للمال لشراء منزل يخصها وعائلتها وبالفعل تيسر لها الأمر بعون من الله ونالت منزلا بذلت جهدا كبيرا في جعله جميلا أنيقا بعد طول صبر.
والنموذج الذي أفقدني قدرتي على النوم وأرقني هو زوجة هجرت شقتها لتعيش في بيت أهل زوجها مع والدة زوجها العجوز ورأيت العجوز تنظف المنزل وحدها في كثير من الأحيان حسب طاقتها الضعيفة ورأيتها تطهو للجميع بنفسها و تبدل ملاءات الأسرة كلها وبحثت طويلا عما يميز تلك الزوجة فوجدتها تجيد حفظ النقود و تدفع بزوجها ليجعل نقوده في مكتب التوفير تاركا مهمة الإنفاق لغيره من أهل البيت, وكانت ميزتها الثانية الهروب من الأولاد الذين تحسن إيداعهم عند الآخرين بحجج تتقنها, والميزة الأخيرة هي حسن إلقاء مهامها على من حولها لترتاح و تستمتع بوقتها, ورأيت النتيجة أطفالا كالقطط لا يعرفون أي نوع من التربية التي تصلح فقط لبني البشر.
هذه قصصي وهذه حكاياتي
فهل من تعب واجتهد وبذل وقته كمن أهمل رعيته وآثر الراحة وترك مهامه للآخرين...
تعليق