عندما تستخلف أحداً ما في مهمة ما فإنه، مهما امتلك من صلاحيات، سيكون مقيداً بك.. و صلاحياته ستظل مقيدة بما "علَّمته" عنك وعن مهمته، التي هي خلافتك في جوهرها..خليفتك، سيظل مقيداً بأنه مجرد خليفة، لا يمكن له أن يتجاوز هذا التوصيف الوظيفي (ويمكن له، بسهولة، أن يتخلف عنه)، لكن منصب الخليفة هو حده الأعلى، حتى لو كلفته بالمهمة وتركته لعقود مؤتمناً عليها.. أو لم ترَه بعدها أبداً – فإنه سيظل "خليفتك".. ...مجرد "نائب" تركته ينوب عنك في مهمة ما، على ما في ذلك من تشريف..
* * *
باسم الله، إذن، هي في جوهرها، إعلان بأنك الخليفة، وأنك باسمه عز وجل تقوم بما تقوم به، إنك، نيابة عنه، وأصالةً عن دورك وما كلفت به، تقوم "باسمه" بما تقوم به؛ بالضبط كما يصدر قرار ما، مرة أخرى بلا تشبيه، من جهة تشريعية عليا، وتقوم جهة تنفيذية ما، أدنى طبعاً، بتنفيذه، باسم الجهة العليا.. هذه هي البسملة في حقيقتها.. ليسَ من سر للبركة ، ليس من طلاسم في أحرف منفصلة، بل الأمر كله يتعلق بوظيفتك في الأرض، بتوصيفك الوظيفي، بكونك الخليفة، الذي تنوب عنه، بأمره، في أداء ما كلفك به سبحانه.. أنت تعمل، بالتعريف، وبمنتهى الوضوح: باسمه..
هذه هي البسملة ؛ إعلان منك عن وظيفتك، عن مهمتك في هذه الأرض التي ستظل دوماً كما هي - في حدها الأعلى - السقف الأعلى الذي هو أقصى ما يمكنك أن تحوزه، وأن تتشرف بالوصول إليه.. ليست مجرد جملة استهلال، ليست قولاً رتيباً، ليست مجرد أحرف نقولها بذلك التسطيح المؤسف الذي أضعنا به أعمق المعاني.. بل هي جملة تعلن فيها مشروعك، تعلن فيها وظيفتك في الأرض. وتعلن في الوقت نفسه، هوية من وظفك.. وتقر، أنك تعمل باسمه..
باسم الله..
من "عالم جديد ممكن"
كيمياء الصلاة
لــــ أحمد العمري
تعليق