إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سيد قطب الأردنّ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سيد قطب الأردنّ

    -سيد-قطب-الأردنّ


    عندما يغدو موت أحدهم صدقة جاريّة لإتقان الحياة، تُدرِكُ كيف أنّ الموت لا يمكنه أنْ يخترق أكثر من الرداء الخارجي المسمّى الجسد، وبينما تشيعُ صناعة الظلام ويصبح السُبات حرفة، قليلٌ من قليل الذين يشترون النّهارَ بأرواحهم ليزرعوا الزنبقَ في ضميرنا ومِنْ ثَمَّ يرحلون، يوقظون الليلَ بوميض دمائهم يلملمون شتات الحريّة لتستوطن في العدالة، منهم أستاذ جامعيّ شاب لم تمنعه قبضة الطاغوتية الناصريّة وقت إعدام سيّد قطب من إرسال برقية إلى جمال عبدالناصر يستنكرُ فيها فعلهم و يُنذرَهم باستمرار ركب الدعوة الإسلاميّة، والتي وقّعها باسمه صراحةً (عبدالله عزّام ). العالم الفقيه المؤمن بأنّ مفسدة الظالم وقهره في اغتصاب حقّ الشعب أعظم من تبعات مقاومته، وأنّ رفع الظلم مصلحة عُظمى لا يمكن التغاضي عنها أو تأجيلها أو الاستعاضة عنها، فيقول:» هنالك مصالح عامّة ومقاصد كبرى جاء الدينُ لإقرارها في الأرض وعلى رأسها رفع الظلم وإقرار العدل.. رفع الظلم جزء من مهمتنا في هذه الحياة ما دمنا قادرين».
    سيّد قطب والأردنّ أكثر من مُجرد عنواني ذاكرة عند د.عبدالله عزّام، فلم يكن الأردنّ في وعيّه محطة عابرة أو جسر انتقال ما بين فلسطين وأفغانستان، بل كان أحد دعائم مهد نهجه الإصلاحيّ الإسلاميّ، فها هو يشرف على عملية جهاديّة في قواعد الشيوخ شمال الأردنّ ضد العدو الصهيونيّ تحمل اسم (عملية سيّد قطب) في عام 1970 من بين عمليات عدّة قادها وأشرف عليها، وبعد توقّف العمل الجهاديّ في قواعد الشيوخ عمل د.عزّام مُدرساً في كلية الشريعة في عمّان، وكان دائم التردد على مراكز تحفيظ القرآن الأردنية لحثّ الشباب على الانخراط في مسار الدعوة، خاصّة بعد أن عمل مسؤولاً لقسم الإعلام في وزارة الأوقاف الأردنية حيث صبّ اهتمامه في بوتقة المساجد وتفعيل دور الخطباء، ويؤكد د.همام سعيد بأنّ د.عبدالله عزام كان في الأردنّ: «يمارس جميع النشاطات في الجماعة..، ولقد كان الشيخ عبد الله شعلة من العمل والنشاط في صفوف الجماعة.»، وهذا إنّما يعكس حقيقة دور د.عبدالله عزّام الذي تبنّاه إذ لم يحصر بغيته في قيادة عسكريّة بل حملَ مشروعاً نهضويّاً رساليّاً، لإدراكه بقوة الفكرة إنْ غمرت العقل وعمرت العاطفة، ومنه قوله:»لقد وجدت أنّ العلماء المخلصين وأبناء الدعوة الصادقين هم صمّام أمان لدماء النّاس، وأعراضهم ومبادئهم وأموالهم».
    في عام 1973 عُيّن د.عبدالله عزام أستاذاً في كلية الشريعة في الجامعة الأردنيّة، لتشهد تلك القاعات التدريسيّة بزوغ ثقافة دعويّة وسياسية جديدة، يزدحم في مدرجاتها الطلبة من داخل وخارج الجامعة، ينشدون عبارات الحقّ والحريّة والدفاع عن الإسلام، بأسلوب آسر يجذب المُستمع إليه طوعاً فثمة شيء من رونقٍ ذهبيّ ساحر في حماسة صوت د.عزّام يَصْعُبُ على السامع تمريره دون التبحّر في عباراته، كما تمتّع الدكتور بحضورٍ مؤثر في مَنْ حوله فيصفه الشاعر د.عبد الرحمن بارود : « ذو طلعة يوسفيّة، وعزمة عمريّة، وحسام خالديّ.»، فعزّام في فترة إعداده للدكتوراة في الأزهر كان يتردد على آل قطب يستقي منهم سيرة سيّد حتى عاد إلى الأردنّ بثارة قطبيّة، ومن شدّة تأثره بسيّد في محاضراته لقبّه الشباب «سيّد قطب الأردنّ»، ويصفه تلميذه وصهره عبدالله أنس:» لا أكون مبالغاً إذا قلت إنّي لم أرَ رجلاً اجتمعت فيه صفات ومؤهلات كالتي اجتمعت في الشيخ عبدالله عزام، وهي صفات ومؤهلات يكفي وجود واحدة منها في الشخص كي يكون متميزاً بين أقرانه.»، وفي عام 1980 صدر قرار فصل د.عزّام من الجامعة الأردنية إثرَ طلبه من مدير صحيفة أردنيّة الاعتذار عن كاريكاتير نشرته صحيفته يصوّر علماء الدين كعملاء ل(CIA)، وعندما نُصح د.عزّام بالاعتذار رفض قائلاً:»والله لو جاء وأعتذر لي ما قبلت اعتذاره.»، ولا يمكن إلّا أن تتوقع هكذا موقف من رجل طالما تغنّى بموقف سيّد قطب الرافض للاعتذار للطاغية، فها هو يُطّبق ما تشرّبه حُبّاً وعلماً.
    ومضى رحمه الله مُسافراً يحيي في الأمّة شرارة نبضها الخافق، يقول الشيخ راشد الغنوشي عنه هو الشاب القويّ الذي يَصْدُقُ فيه بحقّ صفات مِنْ طالوت « إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ «.). وفي هذه الأيام بعد مرور 24 عاماً على رحيلكم مُعلمنا، لو ترى طلبة الحريّة جالسين في محاضراتكم يستوعبون درسكم جيّداً، يوجد في التاريخ دوماً مُتسع لسيّد قطب آخر، ولجيش طالوت آخر.


    التعديل الأخير تم بواسطة مسك الأقصى; 19/11/2013, 10:37 AM.

  • #2
    رد: سيد قطب الأردنّ

    المشاركة الأصلية بواسطة فدوى الأقصى مشاهدة المشاركة
    أهلاً بكِ
    هل انتِ صاحبة المقال ؟

    تعليق


    • #3
      رد: سيد قطب الأردنّ




      قلّما من تجد شخصًا يجتمع فيه "العلم" و"الجهاد". والشيخ عبدالله عزّام من هؤلاء القلّة.

      وهذا ما أعطى الشيخ هذه السمعة الكبيرة، أن وفقه الله ليكون عالمًا في دينه، مجاهدًا في سبيله. يرفع الإسلام بقلمه، ويهدم الكفر بحربته.
      فشخصية عبدالله عزّام رحمه الله ساهمت في تنظيم الجهاد الأفغاني ضد العدو الشيوعي الكافر، فهو مع علمه وهمته، فهو قائد ذو شخصية قوية وتحظى بلفت الإنتباه وتستطيع الحصول عليه مما جمع المجاهدين حوله.

      ومما يدل على سعة علم الشيخ رحمه الله، ما جرى بينه وبين علاّمة الزمان الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى، فلقد قرأتُ في سيرة عبدالله عزّام أنه اجتمع بالعلاّمة ابن باز في الجزيرة العربية، ودار بينهما حوارونقاش حول مسألة الجهاد في أفغانستان عندما اقتحمها الروس وكِلاهما كان يقول أنه فرض عين ولكنهما اختلفا في استئذان الوالدين، ابن باز يقول بأنه واجب وكان عبدالله عزام مخالف للعلاّمة ابن باز ويجادله، فقال له ابن باز: "أثبت على فتواك"، أي: أنت أهلٌ للعلم ولك البقاء على قولك. وهذه تزكية من العلاّمة ابن باز للشيخ عبدالله عزّام -رحمهما الله-.

      ونتمنى لو يحتذي بالشيخ عزّام من يتخذوه شعارًا لهم، فهناك منهم من يُسيء للعلماء ويأكل لحومهم بالباطل، ويرمي عليهم التهم لا لشيء إلا لأنهم خالفوا هواه ورأيه ! فالشيخ عزّام خرج من اللقاء وما نبس بكلمة سوءفي حق ابن باز، بل كان معظمًا له ومبجلاً وقائمًا بحقه وكان يقول "ابن باز أحب إليّ من أمي وأبي ونفسي" وذلك عندما كان بعض التلاميذ يخالفونه ويقولون له: "ولكن ابن باز لا يفتي بذلك"، فكان يوضح لهم أنه يخالف ابن باز وفي ذات الوقت يذكر فضله ويحفظ مكانته. وكان يُرسل له البحوث العلمية التي يكتبها حتى يطّلع العلاّمة عليها ويرى ما فيها ويوقع عليها، كرسالته " الدفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان" والتي أرسلها للعلاّمة ابن باز ، والعلاّمة ابن عثيمين ليرى قوليهما فيما كتب، ووافقاه.

      رحم الله الشيخ عبدالله عزّام، فلقد كان بحق الرجل المناسب لتلك الفترة. وكان له الفضل الكبير بعد الله تعالى لإحياء الجهاد في روح الأمة. فنسأل الله الكريم أن يكتبه من الشهداء وأن يجري عليه حسناته ويمحو عنه سيئاته، وأن يجمعنا به يوم الدين مع الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.

      شكر الله لكم على هذا الموضوع وبارك فيكم.




      التعديل الأخير تم بواسطة الصقـر الحضرمـي; 21/11/2013, 10:42 PM.

      تعليق

      جاري التحميل ..
      X