قدرتنا على الضبط أقوى من دوافعنا
هناك بعض الفلسفات تعذر المجرم، على اعتبار أنه اكتسب ميله الإجرامي وراثياً. وهناك من يرى أنّ الإنسان من صنع بيئته. وهناك من يرى أنه من صنع البيئة والوراثة معاً. وقد يروق للبعض أن يتبنّى مثل هذه النظريات لتبرير سلوكه وانحرافه. ونحن هنا لا نريد أن نثبت خطأ أو صواب مثل هذه النظريات، وإنّما نريد أن نُسَلّم جدلاً بصحتها، لعل فيها قدراً من الصحة.
عندما نراقب سلوك الناس يُلفت انتباهنا أنّ سلوك الأفراد يختلف باختلاف المواقف؛ فالأم تصبر كثيراً على سلوك وانحراف ولدها، ولكنّها هي نفسها تثور بسهولة في وجه حَماتِها، مثلاً، أو في وجه كل من تُبغضه. وإذا كانت هذه المرأة لا تسيطر على أعصابها في مقابل من تكرهه فإننا نجدها تسيطر على غضبها في مواجهة من تحبه، أو في مواجهة من تخافه. هذا يعني أنّ كل إنسان منا يملك في داخله قوة تضبط وتسيطر على الدوافع والرغبات والنزوات والشهوات.
المجرم يبادر إلى الجريمة في حال القوة والأمن من العقوبة، ولا يسهل عليه في هذه الحالة أن يسيطر على دوافعه الإجراميّة. وفي المقابل إذا كان هذا الشخص ضعيفاً ويخشى وقوع العقوبة نجده يُصَعّد من قوته الداخليّة فيضبط نفسه ويتكلّف السلوك الإيجابي.
لاحظ سلوك السكرتير - مثلاً - في مواجهة مديره ثمّ لاحظ سلوك السكرتير نفسه مع الموظف الذي هو تحت إمرته. ولاحظ سلوك الزوج مع زوجته التي يحبّها ثمّ لاحظ سلوكه معها لو كان يُبغضها. لاحظ سلوك الناس في حالة الخوف الشديد، ثمّ لاحظ سلوكهم في حالة الأمن ....
نعم، هناك قوة هائلة داخل كل إنسان تساعده على الانضباط، وهي تجعلنا قادرين على السيطرة على غرائزنا وشهواتنا ودوافعنا، بغض النظر عن دور المجتمع أو الوراثة.
يحتاج كل إنسان منا أن يضبط ويسيطر على نوازعه ودوافعه، من هنا كان لا بدّ من التربية التي تقوّي فينا الإرادة، جاء في الآية 45 من سورة العنكبوت:" إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر"، وجاء في الآية 183 من سورة البقرة: " كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"،
فالنفس تحتاج إلى أن تمارس ممارسات إيجابيّة، كما هو الجسد، لتُصعِّد من قدرتها على الضبط والالتزام.
بسام جرار
هناك بعض الفلسفات تعذر المجرم، على اعتبار أنه اكتسب ميله الإجرامي وراثياً. وهناك من يرى أنّ الإنسان من صنع بيئته. وهناك من يرى أنه من صنع البيئة والوراثة معاً. وقد يروق للبعض أن يتبنّى مثل هذه النظريات لتبرير سلوكه وانحرافه. ونحن هنا لا نريد أن نثبت خطأ أو صواب مثل هذه النظريات، وإنّما نريد أن نُسَلّم جدلاً بصحتها، لعل فيها قدراً من الصحة.
عندما نراقب سلوك الناس يُلفت انتباهنا أنّ سلوك الأفراد يختلف باختلاف المواقف؛ فالأم تصبر كثيراً على سلوك وانحراف ولدها، ولكنّها هي نفسها تثور بسهولة في وجه حَماتِها، مثلاً، أو في وجه كل من تُبغضه. وإذا كانت هذه المرأة لا تسيطر على أعصابها في مقابل من تكرهه فإننا نجدها تسيطر على غضبها في مواجهة من تحبه، أو في مواجهة من تخافه. هذا يعني أنّ كل إنسان منا يملك في داخله قوة تضبط وتسيطر على الدوافع والرغبات والنزوات والشهوات.
المجرم يبادر إلى الجريمة في حال القوة والأمن من العقوبة، ولا يسهل عليه في هذه الحالة أن يسيطر على دوافعه الإجراميّة. وفي المقابل إذا كان هذا الشخص ضعيفاً ويخشى وقوع العقوبة نجده يُصَعّد من قوته الداخليّة فيضبط نفسه ويتكلّف السلوك الإيجابي.
لاحظ سلوك السكرتير - مثلاً - في مواجهة مديره ثمّ لاحظ سلوك السكرتير نفسه مع الموظف الذي هو تحت إمرته. ولاحظ سلوك الزوج مع زوجته التي يحبّها ثمّ لاحظ سلوكه معها لو كان يُبغضها. لاحظ سلوك الناس في حالة الخوف الشديد، ثمّ لاحظ سلوكهم في حالة الأمن ....
نعم، هناك قوة هائلة داخل كل إنسان تساعده على الانضباط، وهي تجعلنا قادرين على السيطرة على غرائزنا وشهواتنا ودوافعنا، بغض النظر عن دور المجتمع أو الوراثة.
يحتاج كل إنسان منا أن يضبط ويسيطر على نوازعه ودوافعه، من هنا كان لا بدّ من التربية التي تقوّي فينا الإرادة، جاء في الآية 45 من سورة العنكبوت:" إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر"، وجاء في الآية 183 من سورة البقرة: " كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"،
فالنفس تحتاج إلى أن تمارس ممارسات إيجابيّة، كما هو الجسد، لتُصعِّد من قدرتها على الضبط والالتزام.
بسام جرار
تعليق