كيف ننظم حملات إعلامية؟ وكيف نوصل صوتنا للعالم؟ الحلقة الثالثة
بقلم: ياسين عز الدين
عند تنظيم حملة إعلامية يجب اختيار الوسائل الإعلامية القادرة على الوصول إلى الجمهور الذي تستهدفه، وفي هذه الحلقة سنتناول الوسائل والأدوات الإعلامية، بالإضافة للطريقة التي نخاطبهم بها.
والأدوات الإعلامية ووسائل الإعلام كثيرة ومتنوعة ولكل منها خصائصها وميزاتها وفي نفس الوقت لها سقف وحدود لا تستطيع تجاوزها، ونستعرض فيما يلي أبرز هذه الوسائل والأدوات الإعلامية:
البيانات الصحفية:
وتخاطب هذه البيانات وسائل الإعلام المختلفة والتي تقوم بنقل وجهة نظرك أو نواياك المستقبلية إلى متابعي هذه الوسائل، وميزات هذه الوسيلة: أنها تقدم لك فرصة للوصول إلى جمهور واسع ومتنوع، وتكلفتها المادية منخفضة للغاية، إلا أن حدودها وقيودها: أن وسائل الإعلام لا تتعامل مع جميع البيانات بنفس الدرجة من الجدية، وقد تهملها تمامًا وقد تتعمد تجاهلها إن كانت لا تخدم أهداف القائمين على هذه الفضائية أو تلك الصحيفة، وربما تتعرض للاقتباس الناقص والموجه.
البيانات المطبوعة:
وتستخدم للتوجه إلى جمهور محدد (مثل رواد المسجد أو طلاب الجامعة) حيث لا تخضع لقيود الإعلام الموجه وتصل إلى الجميع، لكنها مكلفة وخصوصًا عندما تريدون التوجه لجمهور عريض، كما ينصح أن تكون تحمل أفكارًا محددة والبعد عن لغة الحشو والإطالة، لأن الناس يريدون المختصر المفيد.
المقالات:
يمكن استخدام مقالات الرأي في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية من أجل إيصال أفكار محددة أو التنظير لفكرة معينة أو تقديمها مع التأطير الفكري، والمقالات بشكل عام موجهة للنخبة أو قادة الرأي (شرحنا عن قادة الرأي في الحلقة الثانية)، لذا يجب أن تتسم بالعمق، وتحتمل الإطالة في الشرح والتوضيح، لكن بعيدًا عن الحشو والإطالة غير الضرورية، وتذكروا أنه في طوفان المعلومات على الإنترنت ووسائل الإعلام فأنت لا تريد الإثقال على القارئ كي لا يلجأ إلى غيرك.
الإعلانات في الصحف:
وتستخدم عادة من أجل إعلام المناصرين بمواعيد وأماكن النشاطات المختلفة، لكن أيضًا تستخدم من أجل إيصال رسائل سياسية وإعلامية متنوعة، وتستخدم للدعاية الانتخابية وما شابه.
والشكل المعتاد للإعلانات في الصحف هو الإعلان المباشر، إلا أن هنالك شكل آخر وهو الإعلان غير المباشر من خلال نشر أخبار دعائية، تروج لنشاطات قام بها القائمون على الحملة الإعلامية، وقد تكون هذه الأخبار مدفوعة الثمن أو مجانية (وذلك بحسب سياسة الصحيفة).
كما تلجأ بعد الجهات لتلفيق أخبار وفبركتها ونشرها في الصحافة الموالية من أجل تشويه صورة الخصم، وقد رأينا مثل ذلك في الحملات التي كانت تشوه الرئيس المصري محمد مرسي والتي تشوه حاليًا صورة حماس وتتهمها بالتدخل في الشؤون المصرية.
والإعلانات عبر الصحف تتميز بالقدرة إلى الوصول إلى جمهور واسع من المواطنين، بالرغم من التراجع النسبي لدور الصحافة في العالم، إلا أنه ما زال هنالك جمهور كبير للصحافة المطبوعة في العالم العربي.
إلا أن الإعلان في الصحف مدفوع الثمن مكلف وخاصة في الصحف واسعة الانتشار، بل قد تجد قيود وعراقيل على الإعلان مدفوع الثمن في الصحافة المناوئة لك، أو منعًا من الأجهزة الحكومية.
الإعلانات التلفزيونية:
يعتبر التلفزيون وسيلة الإعلام الأولى من حيث عدد المتابعين وتنوع الجمهور، ومثل الصحافة المكتوبة يمكن التوجه بإعلانات مباشرة أو إعلانات على شكل أخبار أو أخبار موجهة، إلا أن الإعلانات التلفزيونية أكثر تكلفة والوقت المتاح للإعلان محدود عادةً مما يتطلب تكثيفًا وتلخيصًا للفكرة.
وبنفس واقع الصحافة المكتوبة فتواجه الإعلانات التلفزيونية نفس العقبات وخصوصًا التكلفة المالية العالية جدًا (مما يتطلب ميزانية كبيرة للحملة الإعلامية وجمع تبرعات)، ورفض الفضائيات المحسوبة على الخصوم أو التي تتحكم بها سياسات دول التعامل معك.
ولا تنحصر التكلفة العالية للإعلانات التلفزيونية على رسوم الإعلان لدى الفضائيات بل تكلفة إعداد الأفلام ومونتاجها.
الفيديوهات منخفضة التكاليف:
يوفر اليوتيوب والفيسبوك منبرًا رخيص التكلفة لمن لا يملك تكلفة البث على الفضائيات، ويمكن اليوم بالاستعانة ببرامج المونتاج وبكاميرات منخفضة التكلفة (بل حتى كاميرات الجوالات) إنتاج مقاطع دعائية وتمثيلية قصيرة ونشرها على اليوتيوب أو الفيسبوك.
يمكن أن تكون الرسائل بشكل مباشر أو ممكن أن تكون فاصلًا غنائيًا مع رسائل بصرية أو أفلام روائية قصيرة أو محاضرات وغيرها من الأشكال المختلفة.
وإن كانت هذه الفيديوهات بإمكانها الوصول إلى أي مكان في العالم إلا أنها تعاني من محدودية عدد متابعي الإنترنت في عالمنا العربي (في فلسطين أقل من ثلث السكان لديهم خدمة إنترنت)، كما أن ضمان وصول الفيديوهات إلى أوسع نطاق ممكن من المشاهدين يتطلب دفع أموال من أجل الدعاية لها (على الإنترنت) بالإضافة لضرورة أن تكون الفكرة والإنتاج مميزين.
مواقع التواصل الإجتماعي:
مثلت مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت ثورة في عالم الإعلام والتواصل الإعلامي، وخصوصًا في السنوات الأخيرة، وتمكن الثوار في مختلف الدول العربية من التغلب على قيود الرقابة الرسمية على وسائل الإعلام التقليدية والوصول إلى جمهورهم في الداخل والخارج من خلال هذه المواقع.
وهنالك عدة أجيال من هذه المواقع بدأت مع المدونات (وهي عبارة عن مواقع شخصية بسيطة)، ثم انتقلت إلى المنتديات الحوارية حيث لم يعد يكتفي الجمهور بالقراءة والمتابعة بل أصبحوا أيضًا يناقشون ويتسائلون ويستفسرون مما أعطاها طابعًا تفاعليًا.
وانتقلنا بعدها إلى الفيسبوك والتويتر بوصفها وسائل تواصل سريعة الإيقاع، وتركز على الصورة (في حالة الفيسبوك) والجمل المختصرة جدًا (في حالة التويتر)، كما تتميز بانتشارها وسهولة الاستخدام، بالإضافة لذلك تستخدم هذه المواقع كوسائل تواصل (وليس فقط كوسائل إعلام) ويمكن استخدامها كوسيلة تنسيق وترتيب للحملات الإعلامية.
مشكلة مواقع التواصل الاجتماعي الأساسية هو أنّ جمهورها محدود نسبيًا، وبالتالي لا يكفي مخاطبتهم ويجب التوجه للجمهور الأوسع من خلال وسائل إعلامية أخرى، وخاصة أن جمهور الفيسبوك يتميز بصغر عمره (نسبة الأعظم منه تحت عمر 23 عامًا) وبالتالي بعده عن مراكز اتخاذ القرار داخل المجتمع والتنظيمات السياسية المختلفة.
فضلًا عن ذلك في ظل سهولة استخدام الفيسبوك فهنالك طوفان من الحملات الإعلامية التي تملؤه ويجب عليك أن تنافسها، من خلال الإعلانات مدفوعة الثمن، ومن خلال الاهتمام بالتحضير الجيد لهذه الحملات وعرضها بطريقة جذابة، والأهم من كل ذلك أن يكون لك تواجد على الأرض وأن يشعر الناس بأن هنالك أشخاص حقيقيون يعملون وليس مجرد معرفات وهمية في عالم الفيسبوك.
المحاضرات والمواعظ:
سواء كانت مواعظ أو محاضرات في المساجد أو في القاعات الدراسية أو غير ذلك، ومن ميزات هذا الأسلوب هو التفاعل المباشر بين من يوصل الرسالة والمتلقين، والقدرة على إدارة نقاش تفاعلي.
ورغم أن وسائل التواصل الاجتماعي تلبي هذه الاحتياجات إلا أنه وبحكم عدم انتشار الإنترنت الكامل في المجتمع، وبحكم تفضيل الناس التواصل الشخصي وجهًا لوجه على التواصل الإلكتروني عن بعد، فتبقى أهمية المحاضرات والمواعظ حاضرة.
وتبقى محدودية هذا الأسلوب أنه المتلقي يجب أن ينتقل من مكان لآخر وأن يفرغ نفسه في زمن المحاضرة لكي يستمع، فإن لم يكن مؤيدًا متحمسًا لك فعلى الأغلب لن يتجاوب مع الدعوة (إلا من كان لديه وقت فراغ).
رعاية نشاطات اجتماعية أو مهنية:
أكثر الأساليب الإعلامية تأثيرًا هي الأساليب غير المباشرة، لكنها تحتاج لطول نفس والعمل على مدى بعيد، ومن أمثلة ذلك تنظيم نشاطات اجتماعية ومهنية وخيرية مختلفة، ومن الممكن تذكير المشاركين بالهدف من ورائها أو تركهم ليستنتجوا ذلك بذكائهم، وفي العادة فتركهم يستنتجون ذلك بدون تذكير مباشر وفج هو الأفضل والأنجع.
مثال: يمكن لمسؤولي حملة مقاطعة البضاعة الصهيونية أن ينظموا يومًا للترفيه عن أبناء الأسرى، وعندما يأتي الناس ويشاركوا في هذا اليوم ويرون لافتات تقول أن اليوم بتنظيم من "الحملة الوطنية لمقاطعة البضاعة الصهيونية"، فإن عقلهم اللاواعي سيربط بين: جرائم الاحتلال وضرورة عمل شيء للأسرى وبين البضاعة الصهيونية وكيف يستخدم الصهاينة أرباح هذه البضاعة للتنكيل بالأسرى.
ليس من الضروري إسماع المشاركين محاضرة تبين هذه الأفكار، وربما يمكن الاكتفاء بتوزيع نشرة (بروشور) عليهم يعرف بالحملة وأهدافها.
البرامج والتقارير الإخبارية:
مثلما سلف ذكره فأفضل أشكال التأثير الإعلامي هو الشكل غير المباشر، ومن أمثلة ذلك إعداد برامج وتقارير ونشرات إخبارية تخدم هذه الحملة، قد تتطرق للحملة بشكل صريح ومباشر.
وقد تنشر مادة إعلامية لا علاقة لها بالحملة لكن تحمل رسائل تساعد الحملة وتفيدها، مثال على ذلك: نرصد مواقع الاحتلال بحثًا عن أخبار مثل تبرع الشركة الصهيونية الفلانية بمبلغ من المال للجيش الصهيوني أو لبناء مستوطنة، ثم نقوم بصياغته على شكل خبر ونوزعه على وسائل الإعلام (أو نبثه من خلال وسائل إعلامنا الخاصة).
بالإمكان نشر الخبر والتذكير بضرورة مقاطعة البضاعة الصهيونية ونضع شعار الحملة وهذا هو الأسلوب المباشر، وبالإمكان نشر الخبر بدون تعقيب عليه وبدون الإشارة للحملة وترك الاستنتاجات للناس، وهذا هو الأسلوب غير المباشر.
المؤتمرات الصحفية:
تشبه البيانات الصحفية إلا أنها تتميز بتفاعل الصحافيين مع الناطقين الإعلاميين مما يعطيهم مساحة تغطية أوسع، وفرصة لتوضيح الجوانب غير الواضحة من الحملة والرد على الشبهات والإشكاليات المتعلقة بالحملة، إلا أن المشكلة تبقى في انتقائية تجاوب الصحافيين مع الدعوات للمؤتمرات الصحافية فقد تجدوا إهمالًا للمؤتمر الذي تدعون له في حال كانوا خصومًا سياسيين لكم أو لم تكونوا جهة مشهورة ومعروفة.
التواصل الشخصي:
يعتبر التواصل الشخصي من أنجع أساليب الدعاية والإعلام (وبالتحديد التواصل مع الأصدقاء والمعارف)، وبدون تواصل شخصي بالحد الأدني، فلا يمكن للحملة الإعلامية أن تنجح، ومشكلة التواصل الشخصي هو أنك بحاجة لعدد كبير من العاملين لكي يوصلوا الرسالة الإعلامية، وذلك لأن كل عامل قدرته على التواصل الشخصي محدودة فقد يستطيع التواصل الشخصي مع 3 أو 5 أشخاص يوميًا، ولو قدرنا عمر الحملة شهرًا كاملًا فلن يستطيع هذا الشخص التواصل مع أكثر من 150 شخصًا، فلو احتجنا الوصول إلى مليون ونصف شخص خلال هذا الشهر، فسنحتاج إلى عشرة آلاف شخص يساعدونا في التواصل الشخصي.
وللتغلب على النقص العددي تستخدم باقي وسائل التواصل إلى جانب التواصل الشخصي، ويمكن قصر التواصل الشخصي مع قادة الرأي (أي الأشخاص المأثرون في مجتمعاتهم)، بحيث لو اقتنعوا بأهداف وغايات الحملة سيصبحون هم جزءًا منها (بشكل طوعي) وسيعملون على إقناع أصدقائهم ومعارفهم، وهكذا يمكن الوصول إلى أوسع نطاق ممكن، وبإمكانيات بسيطة.
المسيرات والاعتصامات:
رغم أن المسيرات والاعتصامات هي وسائل تستخدم لتحقيق أهداف متنوعة وكثيرة، إلا أننا سنتكلم عنها كوسيلة إعلامية فقط، حيث أن منظمي الحملات الإعلامية يستطيعون اللجوء إلى المسيرات والاعتصامات من أجل إيصال صوتهم إلى الرأي العام.
وميزة المسيرات المعدة جيدًا أنك توصل رسالة للرأي العام وأصحاب القرار أن هنالك مجموعة كبيرة من الناس تؤيدك وتدعم حملتك الإعلامية، وأنك لست مجرد أقلية أو صفحات إلكترونية على الإنترنت، وعلى الجهة الأخرى فإخراج أعداد كبيرة من الناس يتطلب مجهودًا عظيمًا لإقناعهم بأن هنالك ما يستحق الخروج من أجله ومساندة الحملة الإعلامية، وهذا لا يتوفر دومًا بل ربما قد تحتاج لحملة إعلامية خاصة من أجل إقناع الناس بضرورة الخروج في مظاهرة!
وسائل أخرى:
حاولت حصر أبرز وسائل الإعلام التي يمكن استخدامها في الحملات الإعلامية، إلا أنها تبقى عالمًا قائمًا بحد ذاته ولا يمكن حصرها في هذه الدورة المحدودة، لذا أكتفي بذكر بعض الوسائل التي لم أتطرق لها: رسائل الجوالات (أس أم أس)، والبوسترات، ومجلات الحائط، والمهرجانات والاحتفاليات، الإعلانات من خلال المذياع (الراديو)، والكتاب، وغير ذلك.
تدريب:
بعد أن قمتم بوضع الجزء الأول من الخطة لحملة مقاطعة البضاعة الصهيونية، ارجو أن تقوموا بتحديد الجمهور المستهدف في حملتكم، زائد تحديد الوسائل الأنسب التي تريدون استخدامها في حملتكم.
بقلم: ياسين عز الدين
ثالثًا، الوسائل المستخدمة في الحملات الإعلامية.
عند تنظيم حملة إعلامية يجب اختيار الوسائل الإعلامية القادرة على الوصول إلى الجمهور الذي تستهدفه، وفي هذه الحلقة سنتناول الوسائل والأدوات الإعلامية، بالإضافة للطريقة التي نخاطبهم بها.
والأدوات الإعلامية ووسائل الإعلام كثيرة ومتنوعة ولكل منها خصائصها وميزاتها وفي نفس الوقت لها سقف وحدود لا تستطيع تجاوزها، ونستعرض فيما يلي أبرز هذه الوسائل والأدوات الإعلامية:
البيانات الصحفية:
وتخاطب هذه البيانات وسائل الإعلام المختلفة والتي تقوم بنقل وجهة نظرك أو نواياك المستقبلية إلى متابعي هذه الوسائل، وميزات هذه الوسيلة: أنها تقدم لك فرصة للوصول إلى جمهور واسع ومتنوع، وتكلفتها المادية منخفضة للغاية، إلا أن حدودها وقيودها: أن وسائل الإعلام لا تتعامل مع جميع البيانات بنفس الدرجة من الجدية، وقد تهملها تمامًا وقد تتعمد تجاهلها إن كانت لا تخدم أهداف القائمين على هذه الفضائية أو تلك الصحيفة، وربما تتعرض للاقتباس الناقص والموجه.
البيانات المطبوعة:
وتستخدم للتوجه إلى جمهور محدد (مثل رواد المسجد أو طلاب الجامعة) حيث لا تخضع لقيود الإعلام الموجه وتصل إلى الجميع، لكنها مكلفة وخصوصًا عندما تريدون التوجه لجمهور عريض، كما ينصح أن تكون تحمل أفكارًا محددة والبعد عن لغة الحشو والإطالة، لأن الناس يريدون المختصر المفيد.
المقالات:
يمكن استخدام مقالات الرأي في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية من أجل إيصال أفكار محددة أو التنظير لفكرة معينة أو تقديمها مع التأطير الفكري، والمقالات بشكل عام موجهة للنخبة أو قادة الرأي (شرحنا عن قادة الرأي في الحلقة الثانية)، لذا يجب أن تتسم بالعمق، وتحتمل الإطالة في الشرح والتوضيح، لكن بعيدًا عن الحشو والإطالة غير الضرورية، وتذكروا أنه في طوفان المعلومات على الإنترنت ووسائل الإعلام فأنت لا تريد الإثقال على القارئ كي لا يلجأ إلى غيرك.
الإعلانات في الصحف:
وتستخدم عادة من أجل إعلام المناصرين بمواعيد وأماكن النشاطات المختلفة، لكن أيضًا تستخدم من أجل إيصال رسائل سياسية وإعلامية متنوعة، وتستخدم للدعاية الانتخابية وما شابه.
والشكل المعتاد للإعلانات في الصحف هو الإعلان المباشر، إلا أن هنالك شكل آخر وهو الإعلان غير المباشر من خلال نشر أخبار دعائية، تروج لنشاطات قام بها القائمون على الحملة الإعلامية، وقد تكون هذه الأخبار مدفوعة الثمن أو مجانية (وذلك بحسب سياسة الصحيفة).
كما تلجأ بعد الجهات لتلفيق أخبار وفبركتها ونشرها في الصحافة الموالية من أجل تشويه صورة الخصم، وقد رأينا مثل ذلك في الحملات التي كانت تشوه الرئيس المصري محمد مرسي والتي تشوه حاليًا صورة حماس وتتهمها بالتدخل في الشؤون المصرية.
والإعلانات عبر الصحف تتميز بالقدرة إلى الوصول إلى جمهور واسع من المواطنين، بالرغم من التراجع النسبي لدور الصحافة في العالم، إلا أنه ما زال هنالك جمهور كبير للصحافة المطبوعة في العالم العربي.
إلا أن الإعلان في الصحف مدفوع الثمن مكلف وخاصة في الصحف واسعة الانتشار، بل قد تجد قيود وعراقيل على الإعلان مدفوع الثمن في الصحافة المناوئة لك، أو منعًا من الأجهزة الحكومية.
الإعلانات التلفزيونية:
يعتبر التلفزيون وسيلة الإعلام الأولى من حيث عدد المتابعين وتنوع الجمهور، ومثل الصحافة المكتوبة يمكن التوجه بإعلانات مباشرة أو إعلانات على شكل أخبار أو أخبار موجهة، إلا أن الإعلانات التلفزيونية أكثر تكلفة والوقت المتاح للإعلان محدود عادةً مما يتطلب تكثيفًا وتلخيصًا للفكرة.
وبنفس واقع الصحافة المكتوبة فتواجه الإعلانات التلفزيونية نفس العقبات وخصوصًا التكلفة المالية العالية جدًا (مما يتطلب ميزانية كبيرة للحملة الإعلامية وجمع تبرعات)، ورفض الفضائيات المحسوبة على الخصوم أو التي تتحكم بها سياسات دول التعامل معك.
ولا تنحصر التكلفة العالية للإعلانات التلفزيونية على رسوم الإعلان لدى الفضائيات بل تكلفة إعداد الأفلام ومونتاجها.
الفيديوهات منخفضة التكاليف:
يوفر اليوتيوب والفيسبوك منبرًا رخيص التكلفة لمن لا يملك تكلفة البث على الفضائيات، ويمكن اليوم بالاستعانة ببرامج المونتاج وبكاميرات منخفضة التكلفة (بل حتى كاميرات الجوالات) إنتاج مقاطع دعائية وتمثيلية قصيرة ونشرها على اليوتيوب أو الفيسبوك.
يمكن أن تكون الرسائل بشكل مباشر أو ممكن أن تكون فاصلًا غنائيًا مع رسائل بصرية أو أفلام روائية قصيرة أو محاضرات وغيرها من الأشكال المختلفة.
وإن كانت هذه الفيديوهات بإمكانها الوصول إلى أي مكان في العالم إلا أنها تعاني من محدودية عدد متابعي الإنترنت في عالمنا العربي (في فلسطين أقل من ثلث السكان لديهم خدمة إنترنت)، كما أن ضمان وصول الفيديوهات إلى أوسع نطاق ممكن من المشاهدين يتطلب دفع أموال من أجل الدعاية لها (على الإنترنت) بالإضافة لضرورة أن تكون الفكرة والإنتاج مميزين.
مواقع التواصل الإجتماعي:
مثلت مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت ثورة في عالم الإعلام والتواصل الإعلامي، وخصوصًا في السنوات الأخيرة، وتمكن الثوار في مختلف الدول العربية من التغلب على قيود الرقابة الرسمية على وسائل الإعلام التقليدية والوصول إلى جمهورهم في الداخل والخارج من خلال هذه المواقع.
وهنالك عدة أجيال من هذه المواقع بدأت مع المدونات (وهي عبارة عن مواقع شخصية بسيطة)، ثم انتقلت إلى المنتديات الحوارية حيث لم يعد يكتفي الجمهور بالقراءة والمتابعة بل أصبحوا أيضًا يناقشون ويتسائلون ويستفسرون مما أعطاها طابعًا تفاعليًا.
وانتقلنا بعدها إلى الفيسبوك والتويتر بوصفها وسائل تواصل سريعة الإيقاع، وتركز على الصورة (في حالة الفيسبوك) والجمل المختصرة جدًا (في حالة التويتر)، كما تتميز بانتشارها وسهولة الاستخدام، بالإضافة لذلك تستخدم هذه المواقع كوسائل تواصل (وليس فقط كوسائل إعلام) ويمكن استخدامها كوسيلة تنسيق وترتيب للحملات الإعلامية.
مشكلة مواقع التواصل الاجتماعي الأساسية هو أنّ جمهورها محدود نسبيًا، وبالتالي لا يكفي مخاطبتهم ويجب التوجه للجمهور الأوسع من خلال وسائل إعلامية أخرى، وخاصة أن جمهور الفيسبوك يتميز بصغر عمره (نسبة الأعظم منه تحت عمر 23 عامًا) وبالتالي بعده عن مراكز اتخاذ القرار داخل المجتمع والتنظيمات السياسية المختلفة.
فضلًا عن ذلك في ظل سهولة استخدام الفيسبوك فهنالك طوفان من الحملات الإعلامية التي تملؤه ويجب عليك أن تنافسها، من خلال الإعلانات مدفوعة الثمن، ومن خلال الاهتمام بالتحضير الجيد لهذه الحملات وعرضها بطريقة جذابة، والأهم من كل ذلك أن يكون لك تواجد على الأرض وأن يشعر الناس بأن هنالك أشخاص حقيقيون يعملون وليس مجرد معرفات وهمية في عالم الفيسبوك.
المحاضرات والمواعظ:
سواء كانت مواعظ أو محاضرات في المساجد أو في القاعات الدراسية أو غير ذلك، ومن ميزات هذا الأسلوب هو التفاعل المباشر بين من يوصل الرسالة والمتلقين، والقدرة على إدارة نقاش تفاعلي.
ورغم أن وسائل التواصل الاجتماعي تلبي هذه الاحتياجات إلا أنه وبحكم عدم انتشار الإنترنت الكامل في المجتمع، وبحكم تفضيل الناس التواصل الشخصي وجهًا لوجه على التواصل الإلكتروني عن بعد، فتبقى أهمية المحاضرات والمواعظ حاضرة.
وتبقى محدودية هذا الأسلوب أنه المتلقي يجب أن ينتقل من مكان لآخر وأن يفرغ نفسه في زمن المحاضرة لكي يستمع، فإن لم يكن مؤيدًا متحمسًا لك فعلى الأغلب لن يتجاوب مع الدعوة (إلا من كان لديه وقت فراغ).
رعاية نشاطات اجتماعية أو مهنية:
أكثر الأساليب الإعلامية تأثيرًا هي الأساليب غير المباشرة، لكنها تحتاج لطول نفس والعمل على مدى بعيد، ومن أمثلة ذلك تنظيم نشاطات اجتماعية ومهنية وخيرية مختلفة، ومن الممكن تذكير المشاركين بالهدف من ورائها أو تركهم ليستنتجوا ذلك بذكائهم، وفي العادة فتركهم يستنتجون ذلك بدون تذكير مباشر وفج هو الأفضل والأنجع.
مثال: يمكن لمسؤولي حملة مقاطعة البضاعة الصهيونية أن ينظموا يومًا للترفيه عن أبناء الأسرى، وعندما يأتي الناس ويشاركوا في هذا اليوم ويرون لافتات تقول أن اليوم بتنظيم من "الحملة الوطنية لمقاطعة البضاعة الصهيونية"، فإن عقلهم اللاواعي سيربط بين: جرائم الاحتلال وضرورة عمل شيء للأسرى وبين البضاعة الصهيونية وكيف يستخدم الصهاينة أرباح هذه البضاعة للتنكيل بالأسرى.
ليس من الضروري إسماع المشاركين محاضرة تبين هذه الأفكار، وربما يمكن الاكتفاء بتوزيع نشرة (بروشور) عليهم يعرف بالحملة وأهدافها.
البرامج والتقارير الإخبارية:
مثلما سلف ذكره فأفضل أشكال التأثير الإعلامي هو الشكل غير المباشر، ومن أمثلة ذلك إعداد برامج وتقارير ونشرات إخبارية تخدم هذه الحملة، قد تتطرق للحملة بشكل صريح ومباشر.
وقد تنشر مادة إعلامية لا علاقة لها بالحملة لكن تحمل رسائل تساعد الحملة وتفيدها، مثال على ذلك: نرصد مواقع الاحتلال بحثًا عن أخبار مثل تبرع الشركة الصهيونية الفلانية بمبلغ من المال للجيش الصهيوني أو لبناء مستوطنة، ثم نقوم بصياغته على شكل خبر ونوزعه على وسائل الإعلام (أو نبثه من خلال وسائل إعلامنا الخاصة).
بالإمكان نشر الخبر والتذكير بضرورة مقاطعة البضاعة الصهيونية ونضع شعار الحملة وهذا هو الأسلوب المباشر، وبالإمكان نشر الخبر بدون تعقيب عليه وبدون الإشارة للحملة وترك الاستنتاجات للناس، وهذا هو الأسلوب غير المباشر.
المؤتمرات الصحفية:
تشبه البيانات الصحفية إلا أنها تتميز بتفاعل الصحافيين مع الناطقين الإعلاميين مما يعطيهم مساحة تغطية أوسع، وفرصة لتوضيح الجوانب غير الواضحة من الحملة والرد على الشبهات والإشكاليات المتعلقة بالحملة، إلا أن المشكلة تبقى في انتقائية تجاوب الصحافيين مع الدعوات للمؤتمرات الصحافية فقد تجدوا إهمالًا للمؤتمر الذي تدعون له في حال كانوا خصومًا سياسيين لكم أو لم تكونوا جهة مشهورة ومعروفة.
التواصل الشخصي:
يعتبر التواصل الشخصي من أنجع أساليب الدعاية والإعلام (وبالتحديد التواصل مع الأصدقاء والمعارف)، وبدون تواصل شخصي بالحد الأدني، فلا يمكن للحملة الإعلامية أن تنجح، ومشكلة التواصل الشخصي هو أنك بحاجة لعدد كبير من العاملين لكي يوصلوا الرسالة الإعلامية، وذلك لأن كل عامل قدرته على التواصل الشخصي محدودة فقد يستطيع التواصل الشخصي مع 3 أو 5 أشخاص يوميًا، ولو قدرنا عمر الحملة شهرًا كاملًا فلن يستطيع هذا الشخص التواصل مع أكثر من 150 شخصًا، فلو احتجنا الوصول إلى مليون ونصف شخص خلال هذا الشهر، فسنحتاج إلى عشرة آلاف شخص يساعدونا في التواصل الشخصي.
وللتغلب على النقص العددي تستخدم باقي وسائل التواصل إلى جانب التواصل الشخصي، ويمكن قصر التواصل الشخصي مع قادة الرأي (أي الأشخاص المأثرون في مجتمعاتهم)، بحيث لو اقتنعوا بأهداف وغايات الحملة سيصبحون هم جزءًا منها (بشكل طوعي) وسيعملون على إقناع أصدقائهم ومعارفهم، وهكذا يمكن الوصول إلى أوسع نطاق ممكن، وبإمكانيات بسيطة.
المسيرات والاعتصامات:
رغم أن المسيرات والاعتصامات هي وسائل تستخدم لتحقيق أهداف متنوعة وكثيرة، إلا أننا سنتكلم عنها كوسيلة إعلامية فقط، حيث أن منظمي الحملات الإعلامية يستطيعون اللجوء إلى المسيرات والاعتصامات من أجل إيصال صوتهم إلى الرأي العام.
وميزة المسيرات المعدة جيدًا أنك توصل رسالة للرأي العام وأصحاب القرار أن هنالك مجموعة كبيرة من الناس تؤيدك وتدعم حملتك الإعلامية، وأنك لست مجرد أقلية أو صفحات إلكترونية على الإنترنت، وعلى الجهة الأخرى فإخراج أعداد كبيرة من الناس يتطلب مجهودًا عظيمًا لإقناعهم بأن هنالك ما يستحق الخروج من أجله ومساندة الحملة الإعلامية، وهذا لا يتوفر دومًا بل ربما قد تحتاج لحملة إعلامية خاصة من أجل إقناع الناس بضرورة الخروج في مظاهرة!
وسائل أخرى:
حاولت حصر أبرز وسائل الإعلام التي يمكن استخدامها في الحملات الإعلامية، إلا أنها تبقى عالمًا قائمًا بحد ذاته ولا يمكن حصرها في هذه الدورة المحدودة، لذا أكتفي بذكر بعض الوسائل التي لم أتطرق لها: رسائل الجوالات (أس أم أس)، والبوسترات، ومجلات الحائط، والمهرجانات والاحتفاليات، الإعلانات من خلال المذياع (الراديو)، والكتاب، وغير ذلك.
تدريب:
بعد أن قمتم بوضع الجزء الأول من الخطة لحملة مقاطعة البضاعة الصهيونية، ارجو أن تقوموا بتحديد الجمهور المستهدف في حملتكم، زائد تحديد الوسائل الأنسب التي تريدون استخدامها في حملتكم.
تعليق