موسي عليه السلام وفرعون سجال بين الحق والباطل .
بقلم :#حسن_حسين_الوالي #غزة #فلسطينفي جزء من الآيات الكريمة من سورة "غافر" ،،
تقدم جزء من قصة نبي الله موسى عليه السلام مع فرعون ،،،
تدبروا معي فيها على النحو التالي :
1- رب العالمين بعث موسى عليه السلام مؤيد بقوة الحق الذي يحطم الوعي الزائف الذي بناه فرعون بالباطل في عقول وقلوب الناس وكذلك كان مؤيد بصور كثيرة من القوة المادية " السلطان " التي أخذ يحطم فيها جوانب ذلك الواقع الذي بناه فرعون على قاعدة المنظومة الفكرية التي فرضها على الناس بالباطل فلم يجد من فرعون وبطانته إلا التكذيب والإتهام بالسحر
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ
2- بعد إنهزام الباطل أمام نور الحق الساطع و على مستوى الوعي بحيث تبين أن موسى عليه السلام صاحب دعوة حقة لجأ فرعون و بطانته إلى القوة والتهديد بالقتل وقدم موسى ذريعته وتسويغه لقتل موسى عليه السلام كما يصور له منطق الباطل إعتبر دعوة موسى عليه السلام تهديد لدين الباطل الذي يسود بين قومه ذلك الدين الذي في حقيقته بقوم على أسس وضعها فرعون و ينبع منطق الحق الذي يدعيه من تصوره ذلك التصور وذلك الدين الذي جعله يستعبد الناس ويقتل فيهم و يجعلهم يقدسونه وقد اعمته الضلالة وقلبت عنده المعايير في الحكم بحيث إعتبر أن دينه بكل ما يحمل من فساد وإفساد وظلم هو الحق والدين الذي أتي به نبي الله موسى عليه السلام هو باطل وفيه إفساد في الإرض ،،،فالإصلاح في منطق فرعون هو الحفاظ على الإطار القيمي والإعتقادي لدى الناس بحيث تظل تدور في دائرة الحفاظ على الواقع الذي صنعه فرعون وبطانته للناس من عبودبة وإسترقاق وظلم وتقتيل .
وأمام هذا الموقف العدواني نجد موقف موسى عليه السلام حيث لجأ إلى الله مصدر قوته وأستعاذ به وهو رب العالمين .
فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاء الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ
وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ
وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ
2- في هذا الجزء تظهر صورة جديدة داخل مجتمع الباطل رجل فتح الله عليه بالهداية ولكنه يكتم إيمانه ، ويحاول أن يخدم دعوة رب العالمين بالدفاع عن رجالها "موسى عليه السلام " بدبلوماسية بحيث يحقق هدفه في الدفاع عنهم وفي نفس الوقت عدم تعريض نفسه للكشف من قبل قوة الظلم والطغيان فيخسر هو وتخسر الدعوة رجلاً لها كان له دور كبير في مساندتها و الدفاع عنها بحيث كان يقدم وجهة نظره كنصيحة لفرعون وباطنته مقدماً من الدلائل والبراهين والعبر ما يستطيع له سبيلا .
وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ
يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ
وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ
مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ
وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ
يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ
الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ
4- فرعون الذي إنهزم أمام قوة الحق في دعوة موسى عليه السلام وعجز عن إيذائه ، يصل به الإستكبار والجبروت بحيث يريد أن يرى رب العالمين الذي يعتقد بانه مصدر قوة موسى عليه السلام ولكن إستكباره يحول بينه وبين الإيمان بهذه الحقيقة والتسليم بأن لا إله إلا الله فيعتقد بأنه بقوته المادية في الهندسة والبناء يمكن أن يصل لرب العالمين والعياذ بالله
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ
أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ
5- يستمر الرجل الذي يكتم إيمانه في توجيه النصيحة لقومه وتنبيههم إلى أن ما يقومون به هو ضلالة أنه يريد أن يهديهم طريق الرشاد و السلامة في الدنيا والآخرة .
ويستمر في جهده ودعوته و يستمر قوه في التكذيب والضغط عليه ليعود عن دينه ولكنه يأبي ،
وأمام هذا الإستكبار والرفض والتعنت لا يجد امامه سوى أن يفوض أمره لرب العالمين والذي لا يضيعه ويمن عليه بنعمة بأن أنجاه من العذاب الذي صب على فرعون وقومه في الحياة الدنيا والآخرة .
وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ
يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ
مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ
وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ
تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ
لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ
فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ
النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ
وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ
قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ
وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ
قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ
6- القانون الإلهي الذي يريد القرآن الكريم والعبرة والخلاصة من هذه الملحمة وهذه المعركة بين الحق والباطل هي عبر هذه الآيات الكريمة .
إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ
يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ
هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الأَلْبَابِ
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ
صدق الله العظيم