افطار عائلي سبيل محمد لأرحامه
وتشتهر عائلات فلسطينية بإعداد وجبات جماعية توزع على أسر العائلة تحقيقاً لنظام التكافل الإجتماعي فضلاً عن أن بعض العائلات تجتمع في مكان واحد تتناول طعام الافطار معاً...
وتشتهر عائلات فلسطينية بإعداد وجبات جماعية توزع على أسر العائلة تحقيقاً لنظام التكافل الإجتماعي فضلاً عن أن بعض العائلات تجتمع في مكان واحد تتناول طعام الافطار معاً...
محمد الشريف
محمد مهندس يعمل في شركة مقاولات خاصة، مع بدء الإعمار في غزة، وجد نفسه مضطرا للعمل منذ صباح اليوم وحتى ساعة الغروب ، أصبح بالكاد يجد وقتاً يجلس فيه مع أسرته وأهل بيته وأقربائه الأمر الذي يشعره بالذنب والتقصير .
حال محمد هذا ينسحب على كثير ، صرفهم شغلهم وجمع قوت يومهم عن صلة أرحامهم، يأتيهم اللوم والعتب من العمات والخالات والأخوات على التقصير ولسان الحال ينطق"أكل العيش مر ، ما في اليد من حيلة"".
مرت أيام وشهور وحال محمد لم يتغير، حتى زوجته وأطفاله باتوا يشكون غيابه المعذور، فهو إن لم "يعمل اليوم لا يجد ما يأكل غدا".
مع بدء رمضان المبارك، تنفس محمد الصعداء، عله يصلح في شهر الصيام ما أفسدته أيام العمل، ويطوي صفحات العتاب واللوم من أقربائه ومحبيه.
محمد يقول إن ساعات عمله تقل في رمضان، بحكم الصيام والقيام وهو ما يدفعه إلى ترتيب أوقاته ما بين أهله وحتى أصدقائه الذين انقطع عنهم طويلا بحكم انشغاله "المعذور" .
وأهم ما في رمضان بالنسبة لمحمد هو نظام عائلي اجتماعي معتمد، حيث تجتمع العائلة على سفرة إفطار واحد يعدها أسبوعيا أحد أفراد الأسرة، وفي ذلك يتحقق أوجب الواجبات في رمضان وهو صلة الأرحام والإنفاق والعطاء.
وتشتهر عائلات فلسطينية بإعداد وجبات جماعية توزع على أسر العائلة تحقيقاً لنظام التكافل الإجتماعي وصلة الأرحام فضلاً عن أن بعض العائلات تجتمع في مكان واحد تتناول طعام الافطار معاً وتقيم صلاة القيام أيضا .
وحسب أحمد شقيق محمد ، فإن هذا النظام الإجتماعي الذي يجتمع فيه أفراد العائلة ، يتغلب على مشكلة الوقت المتأخر بحيث من الصعب القيام بأي زيارة خاصة وأن صلاة "التراويح" تنتهي قرابة قبل منتصف الليل .
اضافة إلى ذلك، فإن أزمة الكهرباء في قطاع غزة واختلاف جدول الوصل والفصل من حارة لأخرى ومن مدينة إلى أخرى ، يجعل أمر زيارات الأرحام أكثر صعوبة خاصة ونحن في أيام الصيف.
ولا يعني ذلك بالنسبة لأحمد ، تبرير أو حجة لقطع الأرحام ، بل إنه يقول إن النظام المتبع في عائلته يحقق صلة الرحم والانفاق والعطاء.
وإذا ما تعذر لأحدهم، أن يفعل ما تفعله بعض العائلات الفلسطينية من دعوة أفراد العائلة للاجتماع على مائدة افطار يومياً أوأسبوعياً ، أو حتى مرة شهرياً ، فإن أحمد ينصحه بالاجتهاد بالزيارة ذلك أن الأجر مضاعف في شهر رمضان المبارك فلا أقل من أن يصل أحدنا رحمه بمكالمة تزيل ما علق في النفس، وتدحر الشيطان، وتفتح أبواب الخير.
صلة الرحم وقطعها
وصلة الرحم خلق إسلامي رفيع، دعا إليه الإسلام وحض عليه، فهو يربي المسلم على الإحسان إلى الأقارب وصلتهم، وإيصال الخير إليهم ، ودفع الشر عنهم، يقول الله تعالى في ذلك: (( وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى ))، ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ : هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ ، قَالَ : نَعَمْ ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ ، قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ فَهُوَ لَكِ ))، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ )) .
ولا أفضل من شهر الرحمة من أن يتقرب المسلم فيه لربه بصلة رحمه، ابتغاء لمرضاته وعظيم ثوابه ، وإزالة لما قد يقع في النفوس من شحناء ، فالمبادرة بالزيارة والصلة وإن كانت شاقة على النفس ولكنها عظيمة القدر عند الله.
ولصلة الرحم صور متعددة ، منها : زيارة الأرحام وتفقّد أحوالهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وصلة القاطع منهم ، والتصدق على فقيرهم.
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم الصدقة على الأرحام بقوله: ((إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ ، وَإِنَّهَا عَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ : صَدَقَةٌ ، وَصِلَةٌ ))، وأولى الأرحام بالصلة الوالدان، ثم من يليهم من الأهل والقرابة.
وقد أعد الله تعالى الأجر الكبير والثواب الجزيل لمن يصل رحمه ، فإن من أعظم ما يجازي به الله تعالى واصل الرحم في الدنيا أن يوسع له في الرزق ويبارك له في العمر، قال عليه الصلاة والسلام : (( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )).
أما قطيعة الرحم فهي كبيرة من كبائر الذنوب، وقد رتب الله العقوبة والطرد من رحمته لمن قطع رحمه، قال الله تعالى : (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ )) ، وقد قال علي بن الحسين لولده: يا بني لا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعونا في كتاب الله في ثلاثة مواطن
فحري بنا أن نتفقد أرحامنا في هذا الشهر المبارك بالزيارة والصلة والسؤال والصدقة وإصلاح ذات البين. فرمضان فرصة عظيمة لفتح صفحة جديدة مع أرحامنا.
المصدر: فلسطين الآن
تعليق