تبت يدا أبي لهب وتب
__________
كان نزول سورة المسد في السنة الرابعة من البعثة ، بعدما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعوة ، ونادى قومه ، وقال : إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد .
فشمته عمه أبو لهب ، وقال له : تباً لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا ؟ فأنزل الله سورة المسد في ذم أبي لهب وامرأته .
وهو عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، واسمه "عبد العزى" عبد المطلب ، وكنيته الحقيقية "أبو عتبة" وقد افترس الأسد ابنه عتبة في مدينة الزرقاء ، عند "قصر شبيب" بعدما دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كناه الله في هذه الآية بأبي لهب ، وقد مات ابو لهب مهموماً مغموماً بعدما سمع بانتصارات المسلمين في غزوة بدر ، ومقتل مجموعة من قادة قريش فيها ، فمن شدة الهم تفجر ومات " .
وكناه الله بأبي لهب ذماً وتحقيراً له ، وسخرية واستهزاءً به ، لأنه كان حربا على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأشير إلى هذه اللطائف :
1ـ دعا الله على يدي أبي لهب وعلى نفسه بالتباب : "تبت يدا أبي لهب وتب" . والتباب هو الخسران والهلاك .
والدعاء من الله واقع لا محالة ، ولهذا تحقق الخسران والهلاك لأبي لهب .
2ـ المراد باليدين اليدان المعروفتان في جسم الإنسان ، وليس المراد بهما النعمة أو العطاء ، كما قال بعضهم .
3ـ المراد باليدين اليدان حقيقة ، وليس المراد بهما جسم أبي لهب وليس في الأمر مجاز مرسل ، ولم يطلق الجزء ويريد الكل وهو الجسم كله ، كما قال بعضهم . لأن الجسم كله مذكور فيما بعد ، في جملة : "وتب" . والتقدير : وتب هو .
4ـ حكمة الحكم بالتباب والخسران على اليدين أولاً على اعتبار أنهما أداة الكسب والسعي والجهد ، فالإنسان يعمل ويكسب ويجتهد بيديه ، وخسارة اليدين بمعنى خسارة سعيهما وكسبهما وثمرة عملهما . وكل ماصدر ونتج عنهما فهو خاسر هالك.
5ـ بعد الحكم بخسارة كسب وعمل يديه ، كان الحكم بخسارته هو ، وخسارة كيانه وشخصيته وحياته ، وعطف خسارته على خسارة يديه وكسبهما : "وتب" . وفاعل "تب" تقديره "هو" والمعنى : هلك كسب وعمل يدي أبي لهب ، وخسر أبو لهب نفسه وحياته وعمره ووجوده .
6ـ من روائع اللطائف التوافق والتناسق بين "أبي لهب" وبين النار التي سيصلاها : "سيصلى نارا ذات لهب " . فاللهب هو اشتعال النار وتوهجها : فلهب الرجل سيوصله إلى لهب النار : أبو لهب في الدنيا ، سيصلى نارا ذات لهب في الآخرة .
7ـ جاء قوله تعالى : "ما أغنى عنه ماله وما كسب " تفسيرا للآية الأولى ، فمن نتائج وآثار تباب يديه أنه ما نفعه ماله وما نفعه كسبه ، وما دفع عنه العذاب ، لأنه تب وهلك وتبدد . فماذا استفاد هذا الخاسر من حياته ، بعد تباب يديه ، وهلاك ماله وكسبه ؟ .
__________
كان نزول سورة المسد في السنة الرابعة من البعثة ، بعدما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعوة ، ونادى قومه ، وقال : إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد .
فشمته عمه أبو لهب ، وقال له : تباً لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا ؟ فأنزل الله سورة المسد في ذم أبي لهب وامرأته .
وهو عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، واسمه "عبد العزى" عبد المطلب ، وكنيته الحقيقية "أبو عتبة" وقد افترس الأسد ابنه عتبة في مدينة الزرقاء ، عند "قصر شبيب" بعدما دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كناه الله في هذه الآية بأبي لهب ، وقد مات ابو لهب مهموماً مغموماً بعدما سمع بانتصارات المسلمين في غزوة بدر ، ومقتل مجموعة من قادة قريش فيها ، فمن شدة الهم تفجر ومات " .
وكناه الله بأبي لهب ذماً وتحقيراً له ، وسخرية واستهزاءً به ، لأنه كان حربا على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأشير إلى هذه اللطائف :
1ـ دعا الله على يدي أبي لهب وعلى نفسه بالتباب : "تبت يدا أبي لهب وتب" . والتباب هو الخسران والهلاك .
والدعاء من الله واقع لا محالة ، ولهذا تحقق الخسران والهلاك لأبي لهب .
2ـ المراد باليدين اليدان المعروفتان في جسم الإنسان ، وليس المراد بهما النعمة أو العطاء ، كما قال بعضهم .
3ـ المراد باليدين اليدان حقيقة ، وليس المراد بهما جسم أبي لهب وليس في الأمر مجاز مرسل ، ولم يطلق الجزء ويريد الكل وهو الجسم كله ، كما قال بعضهم . لأن الجسم كله مذكور فيما بعد ، في جملة : "وتب" . والتقدير : وتب هو .
4ـ حكمة الحكم بالتباب والخسران على اليدين أولاً على اعتبار أنهما أداة الكسب والسعي والجهد ، فالإنسان يعمل ويكسب ويجتهد بيديه ، وخسارة اليدين بمعنى خسارة سعيهما وكسبهما وثمرة عملهما . وكل ماصدر ونتج عنهما فهو خاسر هالك.
5ـ بعد الحكم بخسارة كسب وعمل يديه ، كان الحكم بخسارته هو ، وخسارة كيانه وشخصيته وحياته ، وعطف خسارته على خسارة يديه وكسبهما : "وتب" . وفاعل "تب" تقديره "هو" والمعنى : هلك كسب وعمل يدي أبي لهب ، وخسر أبو لهب نفسه وحياته وعمره ووجوده .
6ـ من روائع اللطائف التوافق والتناسق بين "أبي لهب" وبين النار التي سيصلاها : "سيصلى نارا ذات لهب " . فاللهب هو اشتعال النار وتوهجها : فلهب الرجل سيوصله إلى لهب النار : أبو لهب في الدنيا ، سيصلى نارا ذات لهب في الآخرة .
7ـ جاء قوله تعالى : "ما أغنى عنه ماله وما كسب " تفسيرا للآية الأولى ، فمن نتائج وآثار تباب يديه أنه ما نفعه ماله وما نفعه كسبه ، وما دفع عنه العذاب ، لأنه تب وهلك وتبدد . فماذا استفاد هذا الخاسر من حياته ، بعد تباب يديه ، وهلاك ماله وكسبه ؟ .