دروس وعبر من صلح الحديبية
إهداء
إلى من علمني النجاح والصبر
إلى من افتقده في مواجهة الصعاب
ولم تمهله الدنيا لأرتوي من حنانه.. أبي
وإلى من تتسابق الكلمات لتخرج معبرة عن مكنون ذاتها
من علمتني وعانت الصعاب لأصل إلى ما أنا فيه
وعندما تكسوني الهموم أسبح في بحر حنانها ليخفف من آلامي .. أمي
أقول لهم: أنتم وهبتموني الحياة والأمل والنشأة على شغف الاطلاع والمعرفة
وإلى إخوتي وأسرتي جميعاً
ثم إلى كل من علمني حرفاً أصبح سنا برقه يضيء الطريق أمامي
أحبكم حبا لو مر على أرض قاحلة
لتفجرت منها ينابيع المحبة
أخوكم المحب
عامر علم الدين
إن عرض الاسلام والدعوة إليه في جوء من الهدوء والآمان ، وحرية الحوار بالحجة والكلمة الطيبية كان له أبلغ الأثر في دخول الناس الى الإسلام ، (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) لأن الحق له قوة يظهر بها على الباطل ، فإذا كان الداعية عالما بما يدعو له ،حكيما في دعوته كانت النتائج أعظم وخاصة اذا أحسن العرض والدعوة إليه وإختيار القول المناسب في سبيل الله ومصلحة الدعوة .
فلنا في رسول الله أسوة حسنة في الدعوة وأخذ الدروس والعبر ، لأنه رسول رب العالمين الذي بعثه هداية ورحمة للعالمين ، ففتح به سبحانه قلوبا غلفا ، ونور به بصائر ، وانقذها مما كانت فيه من تيه وظلال .
ورسم للأمة سبيل العزة والتمكين في الدنيا وطريق الفلاح في الأخرة ، فرحل صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه تاركنا فينا ما إن تمسكنا به لن نضل أبدا : كتاب الله وسنته صلى الله عليه وسلم .
فكانت سيرته شاملة لكل نواحي الحياه من صفاته الخلقية ومعاملاته الأسريه والإجتماعية وحتى في غزواته وفتوحاته إذ قال فيه المولى : (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) فما على أمة الإسلام إلا الإقتداء بسنته عليه السلام حتى تنجح وتنال رضى رب العالمين فالعزة والتمكين تكون لأمة متمسكة بكتاب الله وسنة نبيه فالمحن والبلايا تصيب المسلمين فرادى وجماعات بقدر ما يحدثون من البدع في الدين ، وما يقترفونه من العصيان لأوامر الله ونواهيه فالمتأمل في حال المسلمين اليوم يجد الذل والهوان في حياتهم ، ويفتقرون إلى أسباب النصر والتمكين ، فأي مصاب أصابهم بعد النبوة ، إنما سببه الزيخ عن الجاده ، والميل إلى الأهواء والإبتعاد عن كتاب الله وسنة نبيه محمد عليه السلام .
فلا عزة ولا تمكين إلا برجوع إلى النبع الصافي ليغرف منه المسلمون ويستمدون أسباب النصر ، ويتتلمذون على يد المعلم المربي تعلما للآيات وأخذ الدروس والعبر .
فلقد كان صلح الحديبية غنيا بالدروس والعبر والحكم التي ينبغي الوقوف عندها والإستفادة منها في واقعنا ومستقبلنا كأفراد ومجتمعات لنستخلص منه العبر والدروس ،وننسج من الخطوط نصرة لدينه .
نستذكر ذكرى صلح الحديبية حيث سماه القرآن الكريم فتحا مبينا ، لأنه حدث عظيم في تاريخ الدعوه الإسلامية وخلده بسورة الفتح ، هذه السورة الكريمة التي نزلت على رسول الله بعد مرجعه من الحديبية فقال فيها :" لقد أنزلت علي الليلة سورة أحب إلي من الدنيا وما فيها " وهي (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ) .
فحادثة صلح الحديبية هو عهد وإتفاق تم بين المسلمين وقريش في ذي القعدة من السنه السادسة للهجرة قرب موضع يقال له الحديبية قبيل مكة ، ففي ذلك العام رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه أن يدخل هو وأصحابه المسجد الحرام ، وأنهم يطوفون بالبيت ، فأخبر أصحابه بذلك ، ففرحوا فرحا شديدا فرؤيا الأنبياء حق ، وقد إشتد بهم الحنين إلى تأدية النسك والطوفان بالكعبة ودخول مكة ، موطنهم ومسقط رأسهم .
فخرج النبي عليه السلام ومعه أم المؤمنين أم سلمة في ألف وأربعمائة من الصحابة ، متجهين إلة مكة لقضاء أول عمرة لهم بعد الهجرة ، فلذلك سميت بعمرة الحديبية ، وحملوا معهم السلاح توقعا لشر قريش فلما وصل إلى ذي الحليفه أهل محرما ومن معه ن وبعث النبي عليه السلام بسر بن سفيان إلى مكة ليأتيه بأخبار قريش وردود أفعالهم .
حين وصل المسلمون إلى عسفان ( مكان بين مكة والمدينه ) جاءهم بسر بن سفيان بأخبار إستعدادات قريش لصد ومنع المسلمين من دخول مكة ، فإستشار النبي عليه السلام أصحابه ، فأشار ابو بكر رضي الله عنه بالتوجه إلى مكة لأداء العمرة والطوفان بالبيت وقال :" فمن صدنا عنه قاتلناه " فقال صلى الله عليه وسلم " إمضوا على إسم الله " ، صلى عليه السلام بأصحابه صلاه الخوف في عسفان ، ثم سلك بهم طريقا وعرة ، متجنبا الإصطدام بخالد بن الوليد وكان لا زال على الشرك ، حيث خرج من مكة بجنود ليمنع المسلمين من دخول مكة فمضى الرسول ومن معه بإتجاه مكة حتى إذا اقتربوا من الحديبية بركت ناقته ، فلما نزل عليه السلام بالحديبية أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى قريش وقال له أخبرهم أنا لم نات لقتال وإنما جئنا عمارا وأدعوهم إلى الإسلام ، وأمره ان يأتي رجالا من مكة مؤمنين ونساء مؤمنات ، فبشرهم بالفتح وأن الله مظهر دينه بمكة .
ولكن عثمان إحتبسته قريش ، فتأخر في الرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاف عليه السلام على عثمان ، وخاصة بعد أن شاع أنه قد قتل فدعا إلى البيعه فتبادروا إليه وهو تحت الشجرة ، فبايعوه على أن لا يفروا فكانت بيعة الرضوان نفلما بلغ المشركين ذلك أخذه الرعب وأطلقوا عثمان وطلبوا الصلح من رسول الله على أن يأتي في العام القادم .
فأرسلت قريش عروة بن مسعود للتفاوض مع المسلمين ثم أرسلت سهيل بن عمرو لعقد الصلح وتم الإتفاق على قواعد الصلح . وأسفرت المفاوضات عن إتفاق سمي بالتاريخ صلحا يتضمن :
أن تكون هناك هدنه بين الطرفين لمدة عشر سنوات -1
2- وأن يرجع المسلمون إلى المدينه هذا العام فلا يقضوا العمرة الا العام القادم
3- أن يرد محمد عليه السلام من يأتي إليه من قريش مسلما دون علم أهله على عكس قريش
4- من أراد أن يدخل في عهد رسول الله من غير قريش دخل فيه ومن أراد أن يدخل في عهد قريش فله ذلك .
وكان البعض من المسلمين رأى فيهذه المعاده إجحافا وذلا للمسلمين ومنهم الفاروق عمر رضي الله عنه فقال : " ألسنا على الحق وعدونا على الباطل " ، وافق الرسول على شروط المعاهدة ، لأنه مدرك ان هذا الصلح سيكون فاتحة خير وبركة للمسلمين ولما رجع المسلمون يعتلوهم الحزن والكآبه ، أراد الله إذهاب الهم والحزن عنهم فأنزل هذه السورة على رسول الله بعد مرجعه من الحديبية ((إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ) ، وكان إكراما للذين بايعو الله ورسوله على الموت أنه رضي عنهم وأعد لهم النصر القريب (لقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) وسميت ببيعة الرضوان لأن بيعة نبيه طاعة له ، وسميت بيعة تشبيها بالبيع ، أو لأنهم باعو أنفسهم بالجنة ، ولم يتخلف عن البيعة الا الجد ابن قيس من المنافقين ، وحضر هذه البيعة روح القدس جبريل الامين وجزاهم على بيعة الرضوان بفتح خيبر في السنة السابعة للهجرة وما كان فيها من النصر والغنائم " نخيل خيبر " زيادة على ثواب الآخرة ، ثم فتح سائر البلاد و الأقاليم .
فكان الفتحالذي أشارت إليه الآيه هو فتح خيبر , زيادة على ثواب الآخرة ، ثم فتح خيبر ، وأنزل الطمأنينة والصبر وسكون الأنفس بصدق الوعد (فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) ، وأثابهم بفتح مكة الذي كان مفتاحه يوم الحديبية لقول البراء بن عازب : "أنتم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان " ، وهذا ما ذهب به بعض المفسرين إلى أن المراد بالفتح هو صلح الحديبية لما ترتب عليه من الأثار العظيمة في بيعة الرضوان ومن الصلح ، فهم في الحقيقه يبايعون الله وهذا تشريف للنبي عليه السلام حيث جعل مبايعته بمنزلة مبايعة الله ، لأنه رسول رب العالمين وسميت بالرضوان لأن الله قد رضي عنهم (لقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ ) بمعنى من بايع الرسول فقد بايع الله .
أما الذين تخلفوا عن البيعة في قوله : (قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) تم تصنيفهم من المنافقين لكن بدرجات فكان منهم لا يؤمنون بنصرة الله لنبيه أو عدم رجوعه إلى المدينة سالما مظفرا فنزل فيهم ( سنعذبهم مرتين ) أما الذين تابوا وأستغفروا الله على ذنوبهم تاب الله عليهم ( عسى أن يتوب الله عليهم ) فقبل الله توبتهم ، والفئة الثالثة من هولاء المخلفين قوم بين الخوف والرجاء وهم المدعون إلى القتال (سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ
) فدعوا إلى قتال أهل فارس أو الروم وقيل غطفان وهوزان بيوم حنين أو حتى بنو حنيفة مع مسيلمة الكذاب في حروب الردة ، أو هم قوم لم يأتو بعد ، لأن الذين بايعو محجمد على الموت غير مقتصرين على أصحابه حين بايعوه ، فالذين يتبعون النبي بما أمر وينتهون بما نهى فهم يبايعونه على الحق والجهاد إلى يوم الدين .
فإن أطاعو الله أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار وأعطاهم من الغنيمة التي حرمها عليهم يوم الحديبية بسبب تخلفهم ، وفي حال إعراضهم يعذبكم عذابا أليما إلا أصحاب الأعذار الذين ذكرهم في قوله : (لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ) وهذه الأعذار فقط في الجهاد .
فوعد االله حق حين وعد الؤمنين بالفتوحات في قوله : (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا ) نتيجة لجهادهم وصبرهم ، ففتحوا البلاد من شرقها إلى غربها وغنموا مغانم كثيرة .
فسورة الفتح كغيرها من السور المدنية التي تعالج الأسس التشريعية في المعاملات والعبادات والاخلاق والتوجيه وتعنى بجانب التشريع ، فتحدثت كما سبق عن صلح الحديبية الذي كان له الأثر في الدعوة الإسلامية ، ليكون مرجعا للمسلمين في دعوتهم وجهادهم .
فهذا الدستور الذي أنزله رب العزة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو نبراس لهذه الامة التي هي من خير الأمم لقوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) ، فإنتشر الإسلام برغبة الناس وليس بالرهبة كما يصوره الغرب عن ديننا ، فكان من الصلح الأثر الكبير في دخول الناس إلى دين اللله أفواجا ، فعلم الله تعالى أن في الصلح الخير والمصلحة ما لم تعلموه ( فعلم ما لم تعلموا ) فكان دخول الناس أفواجا فبعد العامين من صلح الحديبية كان فتح مكة بعشرة ألاف رجل ، بالرغم من أن بعض الصحابة كرهوا الصلح وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لأنهم راوا في شروطه الظلم والإجحاف ، وبقي عمر رضي الله عنه متخوفا من أن ينزل به عقاب من رب العباد ، لما قاله يوم الديبية ، فأخد بالإستغفار والتوبه وعمل كل ما ورد عن النبي عليه السلام فقال : ( إني اعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، إلا أني رايت النبي عليه السلام يقبلك ما قبلتك )
فهذا يدلل على وجوب طاعة النبي عليه السلام والانقياد والتسليم لأمره لأنه لا ينطق عن الهوا ، وكذلك ضرورة تنفيذ تعليمات قائد المعركة لأنه مدرك أن في الصلح له الأثر الكبير على الدعوة فكان النبي عليه السلام مثلا أعلى في القيادة ليكون قدوة لقيادات هذه الامة التي تنتهج وتسير على دربه ، فكان من المصالحة الفلسطينية بين الفرقاء الفلسطينين مثالا على الصلح ، فبعد الإنقسام في صيف أفين وسبعة بين حركتي فتح وحماس ، كانت الإعتقالات والتعذيب والاقصاء الوظيفي من الأولى انتقاما من الثانية ، فكانت الرؤية الحكيمة من قيادة الحركة الإسلامية في إبرام إتفاق صلح مع حركة فتح ، رغم معرضة بعض قيادات حماس لبنود المصالحة لما فيها من ظلم وإجحاف بحق مسيرتهم في النضال الا أن المصلحة العامة كانت في الصلح ، لرفع الظلم عن اخوانهم في الضفة التي تعاني الويلات من ظلم ذوي القربى
وظلم ذوي القربى أشد مضادة من وقع الحسام المهند
فكان الانفراج ملحوطظا وخاصة بعد الربيع العربي وصفقة وفاء الأحرار ، إذ تنفس أبناء الحركة الأسلامية فخرجوا بالألاف معبرين عن فرحتهم والغنائم التي أعدها الله لعباده المؤمنين من نصر وتمكين في معركة حجارة السجيل التي كانت بدايتها من معركة الفرقان في شتاء ألفين وثمانية ، فكانت ثمار الإنتصار نتيجة لطاعة الله ورسولة وأولي الأمر ( يا أيها الذين أمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وألي الأمر منكم ) فطاعة الجند للقيادة التي اتخذت من كتاب الله وسنة نبيه مرجعا طاعة واجبة .
ومن الدروس والعبر التي جاءت مفصلة في صلح الحديبية هو الهدنة التي لا تعني الذوبان والتنكر للمبادىء ، فصلح الحديبية تميز عن الباطل وكان ممانعا له ، ففي الهدنه الإعداد وعد العدة ، فبعد العامين من الصلح دخلت الكثير من القبائل في الإسلام حتى أصبحوا قوة في المنطقة ، فبعد أن كانوا مستضعفين وقلة أصبحوا جيشا قويا .
فصورة التهدئة التي أبرمتها حركة حماس مع العدو الصهيوني في حرب الفرقان التي لا تعني الاستسلام أو الإنكسار ، فكان الإعداد والتجهيز للمرحلة المقبلة التي تجلت في معركة حجارة السجيل من إنتصار للمقاومة .
فالتهدئة أو الصلح هو أعتراف رسمي من قريش بالمسلمين ككيان ودولة ، وهذا مكسب حققته الدعوة الإسلامية ،فالذي يطلب الهدنة يطلبها من طرف قوي لا من طرف ضعيف ، فكان سبب الصلح في الحديبية أن ثمانين من المشركين طافوا بعسكر المؤمنين لينالوا منهم ، إلا أنهم أسرو جميعا وأخذوا إلى النبي فعفا عنهم وخلى سبيلهم فكان سببا في عقد الصلح
فالعدو الصهيوني عندما طلب من أسياده في البيت الأبيض أن يطلبوا بوساطة مصرية تركية هدنة من حركة حماس ، فهذا اعتراف أن حماس قوة ضاربة في المنطقة ، وهذا مكسب حققته المقاومة وخاصة بعد أسر الجنود ومبادلتهم بالأسرى وقدرتهم على الصمود والثبات التي ظهرت في معركة الفرقان والأنتصار الذي حققته في معركة حجارة السجيل .
ففي الصلح فرصة لإعادة ترتيب جميع الأطراف أوراقها ، فتيقنت قريش أن المسلمين أصبحوا قوة كبيرة لا يستهان بها وخاصة أن أعدادهم تتزايد وقلوبهم على قلب رجل واحد وكذلك الدول الكبرى مثل دولة الروم ودولة الفرس وغيرها من الدول التي تحسب للمسلمين حساب ، فكان النبي عليه السلام أذ أرسل الرسل للدعوة إلى الإسلام والدخول في دين الله ، يقابلو بإحترام فكان ترتيب الأوراق أن المسلمين هم أسياد العرب وليس قريش لأنهم لهم دولة ، وجيش منظم تحت قيادة واحدة وليس كحال قريش .
ففي تهدئة غزة تكون الفرصة لإعادة التوازنات وترتيب المعادلات من جميع الدول ، فبعد الإقرار أن لحماس قوة في المنطقة وخاصة أن لها من التحالفات والإلتفاف الشعبي من جميع دول العالم .
وكذلك أعادة النظر وترتيب الأوراق مع القوى الجديدة كحال الإخوان المسلمون في مصر خاصة بعد استلامهم مقاليد الحكم ، كما كان الحال في تركيا عندما استلم حزب الحرية والعدالة زماما الامور ، انقذوا البلاد من أزماتها الإقتصادية وإرجاعها الى إرثها الاسلامي المجيد ، من نشر للفضيلة وتعاليم الدين ، فما كان من جميع الدول الكبرى في العالم ترتيب أوراقها مع تركيا من توقيع اتفاقيات ومعاهدات واحترام لسياستها الخارجية فأصبحت رجل أوروبا القوي وليس كحالها السابق .
ومن العبر في صلح الحديبية ، أن يتطلب في التفاوض معرفة دقيقة بالمتفاوض فعندما أرسلت قريش سهيل بن عمرو لعقد الصلح ، رآه النبي عليه السلام فقال : " قد سهل لكم امركم أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الر جل" فمعرفة النبي عليه السلام بهذا الرجل أنه حذر في كلامه وشروط قومه فمثلا رفض هذا الرجل أن تكتب الوثيقة بسم الله الر حمن الر حيم ومحمد رسول الله ، وبرر قوله لو نعلم أنك رسول الله لإتبعناك ولكن أكتب اسمك وإسم أبيك فكانت هذه من حمية الجاهلية ، ولكن حنكة النبي في الصياغة بكلمة التوحيد ( ألزمهم كلمة التقوى ) وهي لا اله الا الله ، لأن العرب كانت تجزم أن لها الكون رب واحد وكذلك في وضع شروط الصلح ، وبرع النبي عليه السلام في الرد عليها وصياغتها ، فكان عليه السلام يرد على الشروط وعلي رضي الله عنه يوثقها .
فهذا مثالا جليا في طريقة اختيار الرجد المناسب في التفاوض وخاصة من الذين يعرفون مكر عدوهم ، فكانت صفقة وفاء الأحرار التي اتقن صانعوها من إخراجها بشكل مناسب في أبعادها السياسية والنفسية ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلو تبديلا )
فمعرفتهم بمكر عدوهم وتجربتهم الطويلة في سجون الاحتلال ، كانوا على دراية ببنود الاتفاق ، وخاصة أنهم يعرفون معنى ظلمة السجن والسجان .
ومن العبر تحقيق مبدأ الشورى ( وأمرهم شورى بينهم ) فكان في صلح الحديبية تشاور الرسول علية السلام مع اصحابه ليعطينا دروسا في الشورى فمثلا مشاورته لأصحابه عندما وصلهم خبر استعدادات قريش لمنع المسلمين من دخول مكة
، فأشار أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالتوجه إلى مكة لأداء العمرة فوافقه عليه السلام الرأي ، وكذلك رأي ام المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها في قضية النحر والحلق عندما اشارت عليه في قصة النحر والحلق ، عندما قال النبي عليه السلام " ياأيها الناسانحرواوحلقوا فدخل على ام سلمة فقال يا أم سلمة ، ما شأت الناس ؟ قالت يارسول الله قد دخلهم ما رأيت ، فلا تكلمن منهم أنسانا ، وأعمد الى هديك حيث كان فإنحره ، وأحلق فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك "
فالتشاور أمر مطلوب في حياة المسلمين ، لأن فيه اتخاذ القرار الجماعي وتعدد الأفكار والرؤى المختلفة ، فما من امة تناقشت وتشاورت فيما بينها كان صنع قرارها ناجحا ن فالقرارات الفردية والانتقام لا تصب في مصلحة المسلمين ، والأمثلة في واقعنا كثيرة .
ومن العبر التي تناولتها سورة الفتح مكانة المرآة في الإسلالم ، فهذا تكريم للمآة من بداية الدعوة التي يزعم اعداء الله ان الإسلام لم يعطها حقها وتجاهل وجودها ، وكذلك وقوفها في صفوف المسلمين ، فكان رأي أم سلمة رضي الله عنها مشورة مباركة ، وفي ذلك دليل على أسحسان مشاورة المرآة الفاضلة ، ما دامت ذات فكر صائب
فالمرآة لها حقوقها الكثيرة في الإسلام وليس كما يصورها الغرب عن الإسلام ، فالغرب يجعلون من المرآة سلعة رخيصة تباع وتشترى , فعن أي حقوق يتحدثون عنها عن تبر جها الذي لا يليق بها أو عن اعمال تمتهن انوثتها وكرامتها .
إن الإسلام لم يتجاهل المرىة فهي الام والأخت والبنت التي برعت في ميادين مختلفة ، فكانت الطبيبة والمربية والمعلمة وكذلك شريكا في صناعة القرار .
ومن صور العبر من صلح الحديبية ، القدوة العملية ، فقد دعا رسول الله إلى أمر وكرره ، فنقتضي بالرسول بكل ما جاء به في سيرته وسريرته ، فعندما أشارت عليه أم سلمة بأن ينحر هديه ويحلق ، حتى يفعل الناس ذلك في إشارة إلى الخطوة العملية .
فالقائد عليه أن يكون قدوة لغيره لا أن يتميز عنهم أو يأمر بأمر هو تاركه فالذي يدعوالى الجهاد في سبيل الله عليه أن يكون بانيا حب الجهاد في قلبه وقلب أبناءه، فلذلك يكون قدوة لغيره ، فمثلا ذلك القائد الذي قضى نحبه في حرب الفرقان دعا المواطنين إلى تشكيل خلايا بشرية على المباني لعدم قصفها من طائرات الإحتلال ، فخرج بنفسه ليكون مثالا لغيره ، إلا أن طائرات الإجرام الصهيوني قصفته وغيره الكثير من الذين قدموا دروسا وعبرا في التضحية والفداء .
ومن الدروس والعبر المستفادة من عمرة الحديبية ، الوفاء بالعهود والعقود مبدأ وخلق وقيمه من قيم هذه الأمه في إشارة واضحة إلى قصة رد رسول الله أبو جندل إلى أهل مكة بما نص عليه الإتفاق ، أن يرد من أسلم من أهل قريش دون علم أهله ، فإستجاب أبو جندل الىرسول الله وأخبره النبي عليه السلام بأن يصبر حتى يأتي الفرج .
فالإسلام يحترم العهود والعقود ، لأنه يدلل على صدق هذه الأمة فنود أن نخص حركة حماس تحترم العهود التي تعاهدت عليها ، على الصعيد الخارجي أن لا تتدخل في الشؤون العربية الداخلية ، فهذا يدلل على أنها مبنية على مبدأ من مبادء الإسلام وهو إحترام العهود .
ومن العبر في مضامين سورة الفتح ، وهي مدى حب الصحابة للرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بايعوه على الموت ، كما روى الشيخان عن سلمة إبن الأكوع أنه قال : " بايعنا رسول صلى الله عليه وسلم على الموت " عندما جاءهم خبر عثمان أنه قتل ، فسميت بيعة الرضوان ، وسميت بيعة تشبيها بالبيع ، أو لأنهم باعوا أنفسهم بالجنة ، فهذا تشريف للنبي عليه السلام حيث جعل مبايعته بمنزلة مبايعة الله فأنزل الله ( لقد رضي الله عن المؤمنين )
فمن مبايعتنا لنبينا محمد إتباع سنته والتمسك بها والدفاع عنه ، وخاصة أن حملات المفسدين في الأرض تطاولت على شخصه الكريم ، فواجب الأمة أن تحاربهم وتحارب من يقف من خلفهم بمقاطعة منتجاتهم التي هي سلاح هذه الامة حتى ننال رضى الرحمن .
فإن من هذهالأمة رجالا باعوا أنفسهم رخيصة في سبيل الله وكانت الصفقة لهم الجنة أعدها الله لعباده المتقين .
واختتمت السورة بدروس وعبر من رؤيا الأنبياء ، فتحدثت عن الرؤيا التي رأها النبي عليه السلام في منامه في المدينة ، وحدث بها أصحابه ففرحوا وأستبشروا وهي دخول الرسول وأصحابه مكة آمنين مطمئنين .
فحدث ما حدث من وقائع الصلح ، ارتاب المنافقون وقالوا : والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا البيت ، فأين هي الرؤيا ووقع في نفوس بعض المسلمين فأنزل الله ( لقد صدق الله رسوله الرؤيا )
فإن رؤيا الأنبياء حق ، وأنه لم يكذب فيما رأى ، لأن في الرؤيا لم يدخلها عام سته للهجرة وإنما أراد من ذلك تصويره له فنزلت ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله )
فكانت الرؤيا التي رأها الرسول في منامه هي صورة لدخول مكة هو وأصحابه الذين هجروا منها خوفا على دينهم وفي ذلك أشارة الا أن ما جاء به محمد عليه السلام هو الحق من ربه ليتحقق الحلم الى حقيقة وهي بدخول مكة آمنين مطمئنين .
فهي من المعجزات التي أكرمها الله لأنبياءه ، فرؤيا الانبياء حق ، وهذا ما تجلى في دخول مكة فاتحا كما رأى .
ومن صور العبر المستفادة :-
تكاتف المسلمين مع بعضهم ضد أعداءهم ولا شك أن هذا هو الطريق لاستعادة مجدهم وإقامة دينهم ونصرهم على أعدائهم فهم إخوة كما وصفهم الله في قوله عز وجل) : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ( فيجب عليهم أن يتعاونوا على البر والتقوى ، وأن يتناصحوا ، وأن يتواصوا بالحق والصبر عليه ، وأن يبذلوا جهودهم في إقامة شعائر ربهم ونصر دينهم ودحض كيد أعدائهم بكل طريق شرعها الله لإقامة الدين ورد كيد الكائدين.
ولا ريب أن اعتصامهم بحبل الله جميعا وتضامنهم في نصر دينهم أينما كانوا من أعظم الأسباب في نصرهم على
عدوهم واستعادة مجدهم الغابر. فالواجب علينا جميعا نحن أمة الإسلام أينما نكون أن تعاون
على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه ، والتضامن الإسلامي الذي يوجبه الله علينا في قوله
سبحانه وتعالى) : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى( وفي قوله عز وجل : وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ إِلا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ( وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ( وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : "الدين
النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة)) قيل لمن يا رسول الله؟ قال ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين
وعامتهم" فالواجب على المسلمين أينما كانوا التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق ، والتمسك بدين الله
الذي جاء به نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وذلك بالتمسك بالقرآن العظيم والسنة الصحيحة المطهرة
وتحكيمهما في كل شيء والرجوع إليهما في كل شيء فهما الطريق للسعادة والسيادة ، وهما الطريق للسلامة
في الدنيا والآخرة .
فهذه الصورة الجلية من التكاتف نجدها في واقع الأمة بشكل من التعاطف والمساندة ، فيحن يشد الكرب على أمة منهم يسارعون في تقديم العون والمساعدة لهم فآزروا إخوانهم من الذين أحلت ديارهم أو من الذين هجروا من ديارهم بسبب ما تقوم به حكوماتهم من بطش وكيد بحقهم .
وهذا التشبية من التعاطف لأأن أمة الإسلام أمة واحد كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد ، أو شبههم رب العزة كحالهم في الصلاة من تراص الصفوف ( تراهم ركعا سجدا ) وهذه الامة تكون عالية في ميزان رب العالمين ان تمسكت بكتاب الله وسنة نبيه محمد عليه السلام ، وتظهر الصفات الخلقية لهذه الأمة أنها متمسكة بتعاليم هذا الدين ( سيماهم في وجوههم ) فنحن قوم أعزنا الله بالاسلام فمهما ابتغينا العزة لغير أذلنا الله .
فأمة الاسلام متعاطفة فيما بينها قوية في حلق أعدائها ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )
أما الحال في ولاة الأمر من المسلمين سواء كانوا علماء أو قادة في توحيد الصفوف ورصها لتكون امة قوية ،
فواجب علماء الإسلام أن يدرسوا طلابهم ويفقهوا المسلمين في بلادهم في دين الله ، وأن يعلموهم شريعة الله في المساجد والمدارس وفي جميع الأماكن حسب الطاقة وفي المجالس العامة ، والاحتفالات العامة ، وفي دور العلم حسب الطاقة والإمكان كل واحد يتحرى الفرصة المناسبة والمكان المناسب لتعليم شرع الله وإرشاد الناس إلى دين الله ، وحثهم على القيام بأمر الله والتمسك بشرع الله والتواصي بالحق والصبر عليه أينما كان.
هذا هو واجب العلماء وهذا هو واجب رؤساء بلاد المسلمين أن يتقوا الله ، وأن يتعاونوا مع علمائهم في تحكيم شرع الله والقيام بأمر الله في كل شيء ، والعامة في ذمة الدول وفي ذمة الرؤساء والعلماء فيجب عليهم أن يتعاونوا في تفقيه الناس وتعليمهم وإرشادهم وحل مشاكلهم على ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
الخاتمة
نسأل الله للجميع التوفيق والهداية ونسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان ، وأن يفقههم في الدين ، وأن يصلح ولاة أمرهم وقادتهم ، وأن يعينهم على تحكيم شرع الله في بلاد الله والرفق بعباد الله ، وأن يوجهوهم إلى كل خير ، وأن يمنحهم الله الهدى والثبات ، وأن يوفق أغنياء المسلمين لإعانة القائمين بالدعوة إلى الله ومعلمي الناس الخير والبذل في سبيل الله.. ولما في ذلك من إعانتهم على هذه المهمة العظيمة
المصادر والمراجع
1- تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم / الؤلف سميح عاطف الزين
2- تفسير القرآن / للإمام عبد الرزاق بن همام
3- تفسير إبن عباس المسمى صحيفة علي بن أبي طلحة عن إبن عباس في تفسير القرآن الكريم
4- تفسير القرآن / للشيخ الإمام سلطان العلماء عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام الشافعي
5- صفوة التفاسير / المؤلف محمد علي الصابوني / مجلد الثالث
6- النكت والعيون / تفسير الماوردي / مجلد خامسصلح الحديبية من معارك الإسلام الفاصة / محمد بن عبد الله
7- سورة الفتح / محمود بن الشريف
ملحقات
خلاصة الدروس والعبر من صلح الحديبية
1-بيعة الرضوان بما تأكد فيها من إصرار وعزيمة وثبات كان لها الأثر من إضعاف قوة قريش التفاوضية وكسر الكبر القرشي .
2- عقد الصلح في حدِّ ذاته هو إنجازٌ ونصرٌ للمسلمين .
3- تحقبق مبدأ الشورى وعدم إتخاذ قرارات فردية .
. الوفاء بالعهود والعقود مبدأ وخلق وقيمة من قيم هذه الأمة، فقد رد رسول 4-
5- الرؤيا من معجزات الرسل التي يصورها رب العزة لأنبيائه .
6- القدوة العملية من صفات القائد القوي الذي يعزز ثقة الجند به .
7- الخبرة العملية والتجربة هي من أكبر طرق النجاح ( معرفة الرسول عليه السلام بطبية الرجل المفاوض الذي أرسلته قريش )
8- العزيمة والثبات والإصرار الذي تمثَّل في موقف الصحابة من رسول الله
9-قوة المسلمين في تمسكهم بكتاب الله وسنة نبيه محمد عليه السلام .
10- طاعة النبي واجبة لأنه لا ينطق عن الهوا
11- مكانة المرآة في الإسلام .
سم الله الر حمن الر حيم
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا
• لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا
• وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا
• هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
• لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا
• وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
• وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا
• إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
• لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا
• إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
• سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
• بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا
• وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا
• وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
• سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلا
• قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
• لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا
• لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا
• وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا
• وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا
• وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا
• وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا
• سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا
• وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا
• هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
• إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
• لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا
• هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا
• مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
إهداء
إلى من علمني النجاح والصبر
إلى من افتقده في مواجهة الصعاب
ولم تمهله الدنيا لأرتوي من حنانه.. أبي
وإلى من تتسابق الكلمات لتخرج معبرة عن مكنون ذاتها
من علمتني وعانت الصعاب لأصل إلى ما أنا فيه
وعندما تكسوني الهموم أسبح في بحر حنانها ليخفف من آلامي .. أمي
أقول لهم: أنتم وهبتموني الحياة والأمل والنشأة على شغف الاطلاع والمعرفة
وإلى إخوتي وأسرتي جميعاً
ثم إلى كل من علمني حرفاً أصبح سنا برقه يضيء الطريق أمامي
أحبكم حبا لو مر على أرض قاحلة
لتفجرت منها ينابيع المحبة
أخوكم المحب
عامر علم الدين
إن عرض الاسلام والدعوة إليه في جوء من الهدوء والآمان ، وحرية الحوار بالحجة والكلمة الطيبية كان له أبلغ الأثر في دخول الناس الى الإسلام ، (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) لأن الحق له قوة يظهر بها على الباطل ، فإذا كان الداعية عالما بما يدعو له ،حكيما في دعوته كانت النتائج أعظم وخاصة اذا أحسن العرض والدعوة إليه وإختيار القول المناسب في سبيل الله ومصلحة الدعوة .
فلنا في رسول الله أسوة حسنة في الدعوة وأخذ الدروس والعبر ، لأنه رسول رب العالمين الذي بعثه هداية ورحمة للعالمين ، ففتح به سبحانه قلوبا غلفا ، ونور به بصائر ، وانقذها مما كانت فيه من تيه وظلال .
ورسم للأمة سبيل العزة والتمكين في الدنيا وطريق الفلاح في الأخرة ، فرحل صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه تاركنا فينا ما إن تمسكنا به لن نضل أبدا : كتاب الله وسنته صلى الله عليه وسلم .
فكانت سيرته شاملة لكل نواحي الحياه من صفاته الخلقية ومعاملاته الأسريه والإجتماعية وحتى في غزواته وفتوحاته إذ قال فيه المولى : (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) فما على أمة الإسلام إلا الإقتداء بسنته عليه السلام حتى تنجح وتنال رضى رب العالمين فالعزة والتمكين تكون لأمة متمسكة بكتاب الله وسنة نبيه فالمحن والبلايا تصيب المسلمين فرادى وجماعات بقدر ما يحدثون من البدع في الدين ، وما يقترفونه من العصيان لأوامر الله ونواهيه فالمتأمل في حال المسلمين اليوم يجد الذل والهوان في حياتهم ، ويفتقرون إلى أسباب النصر والتمكين ، فأي مصاب أصابهم بعد النبوة ، إنما سببه الزيخ عن الجاده ، والميل إلى الأهواء والإبتعاد عن كتاب الله وسنة نبيه محمد عليه السلام .
فلا عزة ولا تمكين إلا برجوع إلى النبع الصافي ليغرف منه المسلمون ويستمدون أسباب النصر ، ويتتلمذون على يد المعلم المربي تعلما للآيات وأخذ الدروس والعبر .
فلقد كان صلح الحديبية غنيا بالدروس والعبر والحكم التي ينبغي الوقوف عندها والإستفادة منها في واقعنا ومستقبلنا كأفراد ومجتمعات لنستخلص منه العبر والدروس ،وننسج من الخطوط نصرة لدينه .
نستذكر ذكرى صلح الحديبية حيث سماه القرآن الكريم فتحا مبينا ، لأنه حدث عظيم في تاريخ الدعوه الإسلامية وخلده بسورة الفتح ، هذه السورة الكريمة التي نزلت على رسول الله بعد مرجعه من الحديبية فقال فيها :" لقد أنزلت علي الليلة سورة أحب إلي من الدنيا وما فيها " وهي (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ) .
فحادثة صلح الحديبية هو عهد وإتفاق تم بين المسلمين وقريش في ذي القعدة من السنه السادسة للهجرة قرب موضع يقال له الحديبية قبيل مكة ، ففي ذلك العام رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه أن يدخل هو وأصحابه المسجد الحرام ، وأنهم يطوفون بالبيت ، فأخبر أصحابه بذلك ، ففرحوا فرحا شديدا فرؤيا الأنبياء حق ، وقد إشتد بهم الحنين إلى تأدية النسك والطوفان بالكعبة ودخول مكة ، موطنهم ومسقط رأسهم .
فخرج النبي عليه السلام ومعه أم المؤمنين أم سلمة في ألف وأربعمائة من الصحابة ، متجهين إلة مكة لقضاء أول عمرة لهم بعد الهجرة ، فلذلك سميت بعمرة الحديبية ، وحملوا معهم السلاح توقعا لشر قريش فلما وصل إلى ذي الحليفه أهل محرما ومن معه ن وبعث النبي عليه السلام بسر بن سفيان إلى مكة ليأتيه بأخبار قريش وردود أفعالهم .
حين وصل المسلمون إلى عسفان ( مكان بين مكة والمدينه ) جاءهم بسر بن سفيان بأخبار إستعدادات قريش لصد ومنع المسلمين من دخول مكة ، فإستشار النبي عليه السلام أصحابه ، فأشار ابو بكر رضي الله عنه بالتوجه إلى مكة لأداء العمرة والطوفان بالبيت وقال :" فمن صدنا عنه قاتلناه " فقال صلى الله عليه وسلم " إمضوا على إسم الله " ، صلى عليه السلام بأصحابه صلاه الخوف في عسفان ، ثم سلك بهم طريقا وعرة ، متجنبا الإصطدام بخالد بن الوليد وكان لا زال على الشرك ، حيث خرج من مكة بجنود ليمنع المسلمين من دخول مكة فمضى الرسول ومن معه بإتجاه مكة حتى إذا اقتربوا من الحديبية بركت ناقته ، فلما نزل عليه السلام بالحديبية أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى قريش وقال له أخبرهم أنا لم نات لقتال وإنما جئنا عمارا وأدعوهم إلى الإسلام ، وأمره ان يأتي رجالا من مكة مؤمنين ونساء مؤمنات ، فبشرهم بالفتح وأن الله مظهر دينه بمكة .
ولكن عثمان إحتبسته قريش ، فتأخر في الرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاف عليه السلام على عثمان ، وخاصة بعد أن شاع أنه قد قتل فدعا إلى البيعه فتبادروا إليه وهو تحت الشجرة ، فبايعوه على أن لا يفروا فكانت بيعة الرضوان نفلما بلغ المشركين ذلك أخذه الرعب وأطلقوا عثمان وطلبوا الصلح من رسول الله على أن يأتي في العام القادم .
فأرسلت قريش عروة بن مسعود للتفاوض مع المسلمين ثم أرسلت سهيل بن عمرو لعقد الصلح وتم الإتفاق على قواعد الصلح . وأسفرت المفاوضات عن إتفاق سمي بالتاريخ صلحا يتضمن :
أن تكون هناك هدنه بين الطرفين لمدة عشر سنوات -1
2- وأن يرجع المسلمون إلى المدينه هذا العام فلا يقضوا العمرة الا العام القادم
3- أن يرد محمد عليه السلام من يأتي إليه من قريش مسلما دون علم أهله على عكس قريش
4- من أراد أن يدخل في عهد رسول الله من غير قريش دخل فيه ومن أراد أن يدخل في عهد قريش فله ذلك .
وكان البعض من المسلمين رأى فيهذه المعاده إجحافا وذلا للمسلمين ومنهم الفاروق عمر رضي الله عنه فقال : " ألسنا على الحق وعدونا على الباطل " ، وافق الرسول على شروط المعاهدة ، لأنه مدرك ان هذا الصلح سيكون فاتحة خير وبركة للمسلمين ولما رجع المسلمون يعتلوهم الحزن والكآبه ، أراد الله إذهاب الهم والحزن عنهم فأنزل هذه السورة على رسول الله بعد مرجعه من الحديبية ((إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ) ، وكان إكراما للذين بايعو الله ورسوله على الموت أنه رضي عنهم وأعد لهم النصر القريب (لقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) وسميت ببيعة الرضوان لأن بيعة نبيه طاعة له ، وسميت بيعة تشبيها بالبيع ، أو لأنهم باعو أنفسهم بالجنة ، ولم يتخلف عن البيعة الا الجد ابن قيس من المنافقين ، وحضر هذه البيعة روح القدس جبريل الامين وجزاهم على بيعة الرضوان بفتح خيبر في السنة السابعة للهجرة وما كان فيها من النصر والغنائم " نخيل خيبر " زيادة على ثواب الآخرة ، ثم فتح سائر البلاد و الأقاليم .
فكان الفتحالذي أشارت إليه الآيه هو فتح خيبر , زيادة على ثواب الآخرة ، ثم فتح خيبر ، وأنزل الطمأنينة والصبر وسكون الأنفس بصدق الوعد (فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) ، وأثابهم بفتح مكة الذي كان مفتاحه يوم الحديبية لقول البراء بن عازب : "أنتم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان " ، وهذا ما ذهب به بعض المفسرين إلى أن المراد بالفتح هو صلح الحديبية لما ترتب عليه من الأثار العظيمة في بيعة الرضوان ومن الصلح ، فهم في الحقيقه يبايعون الله وهذا تشريف للنبي عليه السلام حيث جعل مبايعته بمنزلة مبايعة الله ، لأنه رسول رب العالمين وسميت بالرضوان لأن الله قد رضي عنهم (لقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ ) بمعنى من بايع الرسول فقد بايع الله .
أما الذين تخلفوا عن البيعة في قوله : (قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) تم تصنيفهم من المنافقين لكن بدرجات فكان منهم لا يؤمنون بنصرة الله لنبيه أو عدم رجوعه إلى المدينة سالما مظفرا فنزل فيهم ( سنعذبهم مرتين ) أما الذين تابوا وأستغفروا الله على ذنوبهم تاب الله عليهم ( عسى أن يتوب الله عليهم ) فقبل الله توبتهم ، والفئة الثالثة من هولاء المخلفين قوم بين الخوف والرجاء وهم المدعون إلى القتال (سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ
) فدعوا إلى قتال أهل فارس أو الروم وقيل غطفان وهوزان بيوم حنين أو حتى بنو حنيفة مع مسيلمة الكذاب في حروب الردة ، أو هم قوم لم يأتو بعد ، لأن الذين بايعو محجمد على الموت غير مقتصرين على أصحابه حين بايعوه ، فالذين يتبعون النبي بما أمر وينتهون بما نهى فهم يبايعونه على الحق والجهاد إلى يوم الدين .
فإن أطاعو الله أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار وأعطاهم من الغنيمة التي حرمها عليهم يوم الحديبية بسبب تخلفهم ، وفي حال إعراضهم يعذبكم عذابا أليما إلا أصحاب الأعذار الذين ذكرهم في قوله : (لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ) وهذه الأعذار فقط في الجهاد .
فوعد االله حق حين وعد الؤمنين بالفتوحات في قوله : (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا ) نتيجة لجهادهم وصبرهم ، ففتحوا البلاد من شرقها إلى غربها وغنموا مغانم كثيرة .
فسورة الفتح كغيرها من السور المدنية التي تعالج الأسس التشريعية في المعاملات والعبادات والاخلاق والتوجيه وتعنى بجانب التشريع ، فتحدثت كما سبق عن صلح الحديبية الذي كان له الأثر في الدعوة الإسلامية ، ليكون مرجعا للمسلمين في دعوتهم وجهادهم .
فهذا الدستور الذي أنزله رب العزة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو نبراس لهذه الامة التي هي من خير الأمم لقوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) ، فإنتشر الإسلام برغبة الناس وليس بالرهبة كما يصوره الغرب عن ديننا ، فكان من الصلح الأثر الكبير في دخول الناس إلى دين اللله أفواجا ، فعلم الله تعالى أن في الصلح الخير والمصلحة ما لم تعلموه ( فعلم ما لم تعلموا ) فكان دخول الناس أفواجا فبعد العامين من صلح الحديبية كان فتح مكة بعشرة ألاف رجل ، بالرغم من أن بعض الصحابة كرهوا الصلح وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لأنهم راوا في شروطه الظلم والإجحاف ، وبقي عمر رضي الله عنه متخوفا من أن ينزل به عقاب من رب العباد ، لما قاله يوم الديبية ، فأخد بالإستغفار والتوبه وعمل كل ما ورد عن النبي عليه السلام فقال : ( إني اعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، إلا أني رايت النبي عليه السلام يقبلك ما قبلتك )
فهذا يدلل على وجوب طاعة النبي عليه السلام والانقياد والتسليم لأمره لأنه لا ينطق عن الهوا ، وكذلك ضرورة تنفيذ تعليمات قائد المعركة لأنه مدرك أن في الصلح له الأثر الكبير على الدعوة فكان النبي عليه السلام مثلا أعلى في القيادة ليكون قدوة لقيادات هذه الامة التي تنتهج وتسير على دربه ، فكان من المصالحة الفلسطينية بين الفرقاء الفلسطينين مثالا على الصلح ، فبعد الإنقسام في صيف أفين وسبعة بين حركتي فتح وحماس ، كانت الإعتقالات والتعذيب والاقصاء الوظيفي من الأولى انتقاما من الثانية ، فكانت الرؤية الحكيمة من قيادة الحركة الإسلامية في إبرام إتفاق صلح مع حركة فتح ، رغم معرضة بعض قيادات حماس لبنود المصالحة لما فيها من ظلم وإجحاف بحق مسيرتهم في النضال الا أن المصلحة العامة كانت في الصلح ، لرفع الظلم عن اخوانهم في الضفة التي تعاني الويلات من ظلم ذوي القربى
وظلم ذوي القربى أشد مضادة من وقع الحسام المهند
فكان الانفراج ملحوطظا وخاصة بعد الربيع العربي وصفقة وفاء الأحرار ، إذ تنفس أبناء الحركة الأسلامية فخرجوا بالألاف معبرين عن فرحتهم والغنائم التي أعدها الله لعباده المؤمنين من نصر وتمكين في معركة حجارة السجيل التي كانت بدايتها من معركة الفرقان في شتاء ألفين وثمانية ، فكانت ثمار الإنتصار نتيجة لطاعة الله ورسولة وأولي الأمر ( يا أيها الذين أمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وألي الأمر منكم ) فطاعة الجند للقيادة التي اتخذت من كتاب الله وسنة نبيه مرجعا طاعة واجبة .
ومن الدروس والعبر التي جاءت مفصلة في صلح الحديبية هو الهدنة التي لا تعني الذوبان والتنكر للمبادىء ، فصلح الحديبية تميز عن الباطل وكان ممانعا له ، ففي الهدنه الإعداد وعد العدة ، فبعد العامين من الصلح دخلت الكثير من القبائل في الإسلام حتى أصبحوا قوة في المنطقة ، فبعد أن كانوا مستضعفين وقلة أصبحوا جيشا قويا .
فصورة التهدئة التي أبرمتها حركة حماس مع العدو الصهيوني في حرب الفرقان التي لا تعني الاستسلام أو الإنكسار ، فكان الإعداد والتجهيز للمرحلة المقبلة التي تجلت في معركة حجارة السجيل من إنتصار للمقاومة .
فالتهدئة أو الصلح هو أعتراف رسمي من قريش بالمسلمين ككيان ودولة ، وهذا مكسب حققته الدعوة الإسلامية ،فالذي يطلب الهدنة يطلبها من طرف قوي لا من طرف ضعيف ، فكان سبب الصلح في الحديبية أن ثمانين من المشركين طافوا بعسكر المؤمنين لينالوا منهم ، إلا أنهم أسرو جميعا وأخذوا إلى النبي فعفا عنهم وخلى سبيلهم فكان سببا في عقد الصلح
فالعدو الصهيوني عندما طلب من أسياده في البيت الأبيض أن يطلبوا بوساطة مصرية تركية هدنة من حركة حماس ، فهذا اعتراف أن حماس قوة ضاربة في المنطقة ، وهذا مكسب حققته المقاومة وخاصة بعد أسر الجنود ومبادلتهم بالأسرى وقدرتهم على الصمود والثبات التي ظهرت في معركة الفرقان والأنتصار الذي حققته في معركة حجارة السجيل .
ففي الصلح فرصة لإعادة ترتيب جميع الأطراف أوراقها ، فتيقنت قريش أن المسلمين أصبحوا قوة كبيرة لا يستهان بها وخاصة أن أعدادهم تتزايد وقلوبهم على قلب رجل واحد وكذلك الدول الكبرى مثل دولة الروم ودولة الفرس وغيرها من الدول التي تحسب للمسلمين حساب ، فكان النبي عليه السلام أذ أرسل الرسل للدعوة إلى الإسلام والدخول في دين الله ، يقابلو بإحترام فكان ترتيب الأوراق أن المسلمين هم أسياد العرب وليس قريش لأنهم لهم دولة ، وجيش منظم تحت قيادة واحدة وليس كحال قريش .
ففي تهدئة غزة تكون الفرصة لإعادة التوازنات وترتيب المعادلات من جميع الدول ، فبعد الإقرار أن لحماس قوة في المنطقة وخاصة أن لها من التحالفات والإلتفاف الشعبي من جميع دول العالم .
وكذلك أعادة النظر وترتيب الأوراق مع القوى الجديدة كحال الإخوان المسلمون في مصر خاصة بعد استلامهم مقاليد الحكم ، كما كان الحال في تركيا عندما استلم حزب الحرية والعدالة زماما الامور ، انقذوا البلاد من أزماتها الإقتصادية وإرجاعها الى إرثها الاسلامي المجيد ، من نشر للفضيلة وتعاليم الدين ، فما كان من جميع الدول الكبرى في العالم ترتيب أوراقها مع تركيا من توقيع اتفاقيات ومعاهدات واحترام لسياستها الخارجية فأصبحت رجل أوروبا القوي وليس كحالها السابق .
ومن العبر في صلح الحديبية ، أن يتطلب في التفاوض معرفة دقيقة بالمتفاوض فعندما أرسلت قريش سهيل بن عمرو لعقد الصلح ، رآه النبي عليه السلام فقال : " قد سهل لكم امركم أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الر جل" فمعرفة النبي عليه السلام بهذا الرجل أنه حذر في كلامه وشروط قومه فمثلا رفض هذا الرجل أن تكتب الوثيقة بسم الله الر حمن الر حيم ومحمد رسول الله ، وبرر قوله لو نعلم أنك رسول الله لإتبعناك ولكن أكتب اسمك وإسم أبيك فكانت هذه من حمية الجاهلية ، ولكن حنكة النبي في الصياغة بكلمة التوحيد ( ألزمهم كلمة التقوى ) وهي لا اله الا الله ، لأن العرب كانت تجزم أن لها الكون رب واحد وكذلك في وضع شروط الصلح ، وبرع النبي عليه السلام في الرد عليها وصياغتها ، فكان عليه السلام يرد على الشروط وعلي رضي الله عنه يوثقها .
فهذا مثالا جليا في طريقة اختيار الرجد المناسب في التفاوض وخاصة من الذين يعرفون مكر عدوهم ، فكانت صفقة وفاء الأحرار التي اتقن صانعوها من إخراجها بشكل مناسب في أبعادها السياسية والنفسية ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلو تبديلا )
فمعرفتهم بمكر عدوهم وتجربتهم الطويلة في سجون الاحتلال ، كانوا على دراية ببنود الاتفاق ، وخاصة أنهم يعرفون معنى ظلمة السجن والسجان .
ومن العبر تحقيق مبدأ الشورى ( وأمرهم شورى بينهم ) فكان في صلح الحديبية تشاور الرسول علية السلام مع اصحابه ليعطينا دروسا في الشورى فمثلا مشاورته لأصحابه عندما وصلهم خبر استعدادات قريش لمنع المسلمين من دخول مكة
، فأشار أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالتوجه إلى مكة لأداء العمرة فوافقه عليه السلام الرأي ، وكذلك رأي ام المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها في قضية النحر والحلق عندما اشارت عليه في قصة النحر والحلق ، عندما قال النبي عليه السلام " ياأيها الناسانحرواوحلقوا فدخل على ام سلمة فقال يا أم سلمة ، ما شأت الناس ؟ قالت يارسول الله قد دخلهم ما رأيت ، فلا تكلمن منهم أنسانا ، وأعمد الى هديك حيث كان فإنحره ، وأحلق فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك "
فالتشاور أمر مطلوب في حياة المسلمين ، لأن فيه اتخاذ القرار الجماعي وتعدد الأفكار والرؤى المختلفة ، فما من امة تناقشت وتشاورت فيما بينها كان صنع قرارها ناجحا ن فالقرارات الفردية والانتقام لا تصب في مصلحة المسلمين ، والأمثلة في واقعنا كثيرة .
ومن العبر التي تناولتها سورة الفتح مكانة المرآة في الإسلالم ، فهذا تكريم للمآة من بداية الدعوة التي يزعم اعداء الله ان الإسلام لم يعطها حقها وتجاهل وجودها ، وكذلك وقوفها في صفوف المسلمين ، فكان رأي أم سلمة رضي الله عنها مشورة مباركة ، وفي ذلك دليل على أسحسان مشاورة المرآة الفاضلة ، ما دامت ذات فكر صائب
فالمرآة لها حقوقها الكثيرة في الإسلام وليس كما يصورها الغرب عن الإسلام ، فالغرب يجعلون من المرآة سلعة رخيصة تباع وتشترى , فعن أي حقوق يتحدثون عنها عن تبر جها الذي لا يليق بها أو عن اعمال تمتهن انوثتها وكرامتها .
إن الإسلام لم يتجاهل المرىة فهي الام والأخت والبنت التي برعت في ميادين مختلفة ، فكانت الطبيبة والمربية والمعلمة وكذلك شريكا في صناعة القرار .
ومن صور العبر من صلح الحديبية ، القدوة العملية ، فقد دعا رسول الله إلى أمر وكرره ، فنقتضي بالرسول بكل ما جاء به في سيرته وسريرته ، فعندما أشارت عليه أم سلمة بأن ينحر هديه ويحلق ، حتى يفعل الناس ذلك في إشارة إلى الخطوة العملية .
فالقائد عليه أن يكون قدوة لغيره لا أن يتميز عنهم أو يأمر بأمر هو تاركه فالذي يدعوالى الجهاد في سبيل الله عليه أن يكون بانيا حب الجهاد في قلبه وقلب أبناءه، فلذلك يكون قدوة لغيره ، فمثلا ذلك القائد الذي قضى نحبه في حرب الفرقان دعا المواطنين إلى تشكيل خلايا بشرية على المباني لعدم قصفها من طائرات الإحتلال ، فخرج بنفسه ليكون مثالا لغيره ، إلا أن طائرات الإجرام الصهيوني قصفته وغيره الكثير من الذين قدموا دروسا وعبرا في التضحية والفداء .
ومن الدروس والعبر المستفادة من عمرة الحديبية ، الوفاء بالعهود والعقود مبدأ وخلق وقيمه من قيم هذه الأمه في إشارة واضحة إلى قصة رد رسول الله أبو جندل إلى أهل مكة بما نص عليه الإتفاق ، أن يرد من أسلم من أهل قريش دون علم أهله ، فإستجاب أبو جندل الىرسول الله وأخبره النبي عليه السلام بأن يصبر حتى يأتي الفرج .
فالإسلام يحترم العهود والعقود ، لأنه يدلل على صدق هذه الأمة فنود أن نخص حركة حماس تحترم العهود التي تعاهدت عليها ، على الصعيد الخارجي أن لا تتدخل في الشؤون العربية الداخلية ، فهذا يدلل على أنها مبنية على مبدأ من مبادء الإسلام وهو إحترام العهود .
ومن العبر في مضامين سورة الفتح ، وهي مدى حب الصحابة للرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بايعوه على الموت ، كما روى الشيخان عن سلمة إبن الأكوع أنه قال : " بايعنا رسول صلى الله عليه وسلم على الموت " عندما جاءهم خبر عثمان أنه قتل ، فسميت بيعة الرضوان ، وسميت بيعة تشبيها بالبيع ، أو لأنهم باعوا أنفسهم بالجنة ، فهذا تشريف للنبي عليه السلام حيث جعل مبايعته بمنزلة مبايعة الله فأنزل الله ( لقد رضي الله عن المؤمنين )
فمن مبايعتنا لنبينا محمد إتباع سنته والتمسك بها والدفاع عنه ، وخاصة أن حملات المفسدين في الأرض تطاولت على شخصه الكريم ، فواجب الأمة أن تحاربهم وتحارب من يقف من خلفهم بمقاطعة منتجاتهم التي هي سلاح هذه الامة حتى ننال رضى الرحمن .
فإن من هذهالأمة رجالا باعوا أنفسهم رخيصة في سبيل الله وكانت الصفقة لهم الجنة أعدها الله لعباده المتقين .
واختتمت السورة بدروس وعبر من رؤيا الأنبياء ، فتحدثت عن الرؤيا التي رأها النبي عليه السلام في منامه في المدينة ، وحدث بها أصحابه ففرحوا وأستبشروا وهي دخول الرسول وأصحابه مكة آمنين مطمئنين .
فحدث ما حدث من وقائع الصلح ، ارتاب المنافقون وقالوا : والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا البيت ، فأين هي الرؤيا ووقع في نفوس بعض المسلمين فأنزل الله ( لقد صدق الله رسوله الرؤيا )
فإن رؤيا الأنبياء حق ، وأنه لم يكذب فيما رأى ، لأن في الرؤيا لم يدخلها عام سته للهجرة وإنما أراد من ذلك تصويره له فنزلت ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله )
فكانت الرؤيا التي رأها الرسول في منامه هي صورة لدخول مكة هو وأصحابه الذين هجروا منها خوفا على دينهم وفي ذلك أشارة الا أن ما جاء به محمد عليه السلام هو الحق من ربه ليتحقق الحلم الى حقيقة وهي بدخول مكة آمنين مطمئنين .
فهي من المعجزات التي أكرمها الله لأنبياءه ، فرؤيا الانبياء حق ، وهذا ما تجلى في دخول مكة فاتحا كما رأى .
ومن صور العبر المستفادة :-
تكاتف المسلمين مع بعضهم ضد أعداءهم ولا شك أن هذا هو الطريق لاستعادة مجدهم وإقامة دينهم ونصرهم على أعدائهم فهم إخوة كما وصفهم الله في قوله عز وجل) : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ( فيجب عليهم أن يتعاونوا على البر والتقوى ، وأن يتناصحوا ، وأن يتواصوا بالحق والصبر عليه ، وأن يبذلوا جهودهم في إقامة شعائر ربهم ونصر دينهم ودحض كيد أعدائهم بكل طريق شرعها الله لإقامة الدين ورد كيد الكائدين.
ولا ريب أن اعتصامهم بحبل الله جميعا وتضامنهم في نصر دينهم أينما كانوا من أعظم الأسباب في نصرهم على
عدوهم واستعادة مجدهم الغابر. فالواجب علينا جميعا نحن أمة الإسلام أينما نكون أن تعاون
على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه ، والتضامن الإسلامي الذي يوجبه الله علينا في قوله
سبحانه وتعالى) : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى( وفي قوله عز وجل : وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ إِلا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ( وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ( وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : "الدين
النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة)) قيل لمن يا رسول الله؟ قال ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين
وعامتهم" فالواجب على المسلمين أينما كانوا التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق ، والتمسك بدين الله
الذي جاء به نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وذلك بالتمسك بالقرآن العظيم والسنة الصحيحة المطهرة
وتحكيمهما في كل شيء والرجوع إليهما في كل شيء فهما الطريق للسعادة والسيادة ، وهما الطريق للسلامة
في الدنيا والآخرة .
فهذه الصورة الجلية من التكاتف نجدها في واقع الأمة بشكل من التعاطف والمساندة ، فيحن يشد الكرب على أمة منهم يسارعون في تقديم العون والمساعدة لهم فآزروا إخوانهم من الذين أحلت ديارهم أو من الذين هجروا من ديارهم بسبب ما تقوم به حكوماتهم من بطش وكيد بحقهم .
وهذا التشبية من التعاطف لأأن أمة الإسلام أمة واحد كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد ، أو شبههم رب العزة كحالهم في الصلاة من تراص الصفوف ( تراهم ركعا سجدا ) وهذه الامة تكون عالية في ميزان رب العالمين ان تمسكت بكتاب الله وسنة نبيه محمد عليه السلام ، وتظهر الصفات الخلقية لهذه الأمة أنها متمسكة بتعاليم هذا الدين ( سيماهم في وجوههم ) فنحن قوم أعزنا الله بالاسلام فمهما ابتغينا العزة لغير أذلنا الله .
فأمة الاسلام متعاطفة فيما بينها قوية في حلق أعدائها ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )
أما الحال في ولاة الأمر من المسلمين سواء كانوا علماء أو قادة في توحيد الصفوف ورصها لتكون امة قوية ،
فواجب علماء الإسلام أن يدرسوا طلابهم ويفقهوا المسلمين في بلادهم في دين الله ، وأن يعلموهم شريعة الله في المساجد والمدارس وفي جميع الأماكن حسب الطاقة وفي المجالس العامة ، والاحتفالات العامة ، وفي دور العلم حسب الطاقة والإمكان كل واحد يتحرى الفرصة المناسبة والمكان المناسب لتعليم شرع الله وإرشاد الناس إلى دين الله ، وحثهم على القيام بأمر الله والتمسك بشرع الله والتواصي بالحق والصبر عليه أينما كان.
هذا هو واجب العلماء وهذا هو واجب رؤساء بلاد المسلمين أن يتقوا الله ، وأن يتعاونوا مع علمائهم في تحكيم شرع الله والقيام بأمر الله في كل شيء ، والعامة في ذمة الدول وفي ذمة الرؤساء والعلماء فيجب عليهم أن يتعاونوا في تفقيه الناس وتعليمهم وإرشادهم وحل مشاكلهم على ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
الخاتمة
نسأل الله للجميع التوفيق والهداية ونسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان ، وأن يفقههم في الدين ، وأن يصلح ولاة أمرهم وقادتهم ، وأن يعينهم على تحكيم شرع الله في بلاد الله والرفق بعباد الله ، وأن يوجهوهم إلى كل خير ، وأن يمنحهم الله الهدى والثبات ، وأن يوفق أغنياء المسلمين لإعانة القائمين بالدعوة إلى الله ومعلمي الناس الخير والبذل في سبيل الله.. ولما في ذلك من إعانتهم على هذه المهمة العظيمة
المصادر والمراجع
1- تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم / الؤلف سميح عاطف الزين
2- تفسير القرآن / للإمام عبد الرزاق بن همام
3- تفسير إبن عباس المسمى صحيفة علي بن أبي طلحة عن إبن عباس في تفسير القرآن الكريم
4- تفسير القرآن / للشيخ الإمام سلطان العلماء عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام الشافعي
5- صفوة التفاسير / المؤلف محمد علي الصابوني / مجلد الثالث
6- النكت والعيون / تفسير الماوردي / مجلد خامسصلح الحديبية من معارك الإسلام الفاصة / محمد بن عبد الله
7- سورة الفتح / محمود بن الشريف
ملحقات
خلاصة الدروس والعبر من صلح الحديبية
1-بيعة الرضوان بما تأكد فيها من إصرار وعزيمة وثبات كان لها الأثر من إضعاف قوة قريش التفاوضية وكسر الكبر القرشي .
2- عقد الصلح في حدِّ ذاته هو إنجازٌ ونصرٌ للمسلمين .
3- تحقبق مبدأ الشورى وعدم إتخاذ قرارات فردية .
. الوفاء بالعهود والعقود مبدأ وخلق وقيمة من قيم هذه الأمة، فقد رد رسول 4-
5- الرؤيا من معجزات الرسل التي يصورها رب العزة لأنبيائه .
6- القدوة العملية من صفات القائد القوي الذي يعزز ثقة الجند به .
7- الخبرة العملية والتجربة هي من أكبر طرق النجاح ( معرفة الرسول عليه السلام بطبية الرجل المفاوض الذي أرسلته قريش )
8- العزيمة والثبات والإصرار الذي تمثَّل في موقف الصحابة من رسول الله
9-قوة المسلمين في تمسكهم بكتاب الله وسنة نبيه محمد عليه السلام .
10- طاعة النبي واجبة لأنه لا ينطق عن الهوا
11- مكانة المرآة في الإسلام .
سم الله الر حمن الر حيم
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا
• لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا
• وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا
• هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
• لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا
• وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
• وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا
• إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
• لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا
• إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
• سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
• بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا
• وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا
• وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
• سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلا
• قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
• لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا
• لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا
• وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا
• وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا
• وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا
• وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا
• سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا
• وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا
• هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
• إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
• لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا
• هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا
• مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
تعليق