إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفسير كلام الله يكون بالعلم والبيان، لا بالإستحسان... والإسرائيليات تُذكر للإستشهاد لا للإعتقاد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفسير كلام الله يكون بالعلم والبيان، لا بالإستحسان... والإسرائيليات تُذكر للإستشهاد لا للإعتقاد


    بسـم الله الرحمـن الرحيـم



    التفاسير مملوءة بالغثِّ والسمين، وعندما نقول أنه ينبغي للمسلم أن يعود لكتب التفسير حتى يُبعد الإشكال عليه في بعض الآيات أو حتى في كامل القرآن، فلا يعني ذلك أن نحصر الحق والفهم للقرآن في كتب التفسير فقط! بل كتب التفسير هي أول وأهم القنوات ليفهم المسلم القرآن حق الفهم، فالقرآن مليءُ بالأحكام والمشتبهات والقواعد والعموميات والمطلقات التي تحتاج إلى شرح وتقييد وتوضيح، وأهل التفسير من العلماء هم أولى الناس بذلك لما حظوا به من العلم.

    وليس من الشرط واللازم أن تنحصر دروب ووسائل معرفة القرآن بـ"كتب التفسير" المعروفة والمصنفة لذلك، فهناك من العلماء – مثلاً – من في كتبه شرح وتفسير للآيات يكون شرحه لها وتفسيره أياه أفضل من كتب المفسر الفلاني في كتابه التفسيري الفلاني...
    المهم أن تتوجه لمن لديه العلم والبيان والثقة عند طلبك التفسير والشرح، فلو ذهب فلان إلى كتب شيخ الإسلام ابن تيمية أو غيره من أهل العلم - مثلاً - ليرى تفسير آية محددة، فلا شيء عليه ولا يتوجب عليه الذهاب لتفسير الطبري أو ابن كثير حينها بما أنه قد وقف على حقيقة الآية من مصدر موثوق آخر.

    ولكن كتب التفسير اشتهرت في بابها لأنه قامت على التفسير، أي تخصصت في التفسير، فبدل أن يذهب المرء ليبحث عن تفسير آية بين جنبات كتب الفقه والحديث والآداب الشرعية، فإنه يذهب لكتب التفسير لأنها أولاً: متخصصة في ذلك، وثانيًا: لأنها تجمع لك كثيرًا من الأقوال العديدة ضمن التفسير الواحد، فالمفسر في كتابه عادة يسرد أقوال المفسرين ويحكي عن فلان أنه قال كذا وكذا، وعن الثاني والثالث وغيرهم، وهكذا تجتمع لديك الأقوال في موضع واحد لتراها وتقف عليها بدل أن تبحث عنها بين الكتب الآخرى.

    ذلك مثلُّه كمثل كتب الفيزياء والفلك مثلاً، فربما تقف على معلومة عن الفيزياء لم تفهمها بشكل جيد، فربما لو ذهبت لكتاب متخصص في الفلك لوجدت جواب تلك المعلومة بين جنبات وسطور ذلك الكتاب لأن الفلك يتعامل بالفيزياء أيضًا، ولكنك قد تتعب في البحث عنها أو فهمها بالطريقة المطلوبة والسهلة؛ بما أن الكتاب غير متخصص في الفيزياء بشكل اساسي.
    لذلك فذهابك وتوجهك لكتاب متخصص في الفيزياء أفضل وأحسن لك وأوفر في الوقت والجهد. وحال كتب التفسير وكتب العلم الشرعية الأخرى كحال كتب الفلك والفيزياء في هذه المسألة.

    والمسألة ليست مسألة دنيوية تحتمل الأخذ والعطاء والتفكير والنقد، أنت تتحدث عن كتاب الله عزّ وجلّ، تتحدث عن كلام الله جلّ في عُلاّه، فيجب تقديسه وتعظيم أمره وليست تسهيله وفتح الباب لمن هبّ ودبّ بـ"الإجتهاد" فيه.


    والله سبحانه وتعالى أمر بـ"تدبر" كتابه، ولكن التدبر المذكور في الآيات والمطالب به المسلم لا يعني أن يؤلف تفسيرًا من رأسه ويُعمل عقله في الآيات!
    التدبر المذكور كأن تتدبر مخلوقات الله عندما تقرأ الآيات الواردة في عظمة الله وجلاله، وتتفكر في حالك مع الطاعات عندما تقرأ الآيات الآمرة بالطاعة، وتتفكر في حالك عندما تقرأ آيات النهي عن المعصية، فتتدبر آياته وتفهمها جيدًا فتأتمر بما أمر وتترك ما نهى عنه سبحانه. تتدبر جلال الله وعظمته عندما تقرأ عن خلق السماوات والأرض. تقرأ آيات الوعيد فتتذكر شدة الله، وتقرأ آيات البشير فتفرح وتستأنس برحمة الله وفضله، تقرأ آيات الأحكام فتناقش حالك معها، ثم تطبقها وتعمل بها... فلقد كان الصحابة لا يتجاوزون الآية حتى يعملون ما فيه من الأعمال، هذا هو التدبر المطلوب.

    بإختصار: التدبر في القرآن يعني أن تقرأ الآية وتعرف ما تعنيه ومرادها وتقف عليه، لا أن تخترع شيئًا جديدًا فيها أو تتصنع وتتكلف وتفسرها بما ليس لك به علم، أو كما يرضاه عقلك. فهذا قرآن الله وكلامه؛ فلا يؤخذ بالإستحسان، بل بالعلم والبيان.

    وإلى الآن ما تزال كتب التفسير تُكتب وتؤلف وتُطبع، ولكن لا يعني أنها ستأتي بجديد، المسألة ليست في أصل الآيات ومعناها، ولكن في طريقة إيصال تلك المعاني، هناك من يفسر القرآن بمعناه اللفظي، وهناك من يفسره بالمعنى المستوحى منه، وهناك من يفسره بتوسع وإكثار من المرويات والآثار كـ"ابن كثير" مثلاً، وهناك من يفسره بشكل تقل فيه المرويات ويعتني كثيرًا بكلمات الآية كـ"الجلالين"، وهناك من يفسر بشكل يركز فيها على الأحكام الشرعية كـ"القرطبي" مثلاً، وهناك من يفسر بشكل موسوعي فكري أو بشكل يأخذ فيه معنى الآية ثم يتوسع ويستطرد في تفسيرها ويكون تفسيرًا موسعًا كـ"الظلال لقطب" مثلاً، وهناك من يركز في تفسيره على العقائد كـ"الطبري" مثلاً.
    وهناك من جمع بين تلك الأمور، ففسر القرآن بالمرويات والمعاني والألفاظ، بإختصار يكتفي فيه بذكر معنى الآية وربما يستطرد قليلاً كـ"السعدي" مثلاً.


    - التفسير أمرٌ جلّل عظيم!
    لقد تحرّج الكثير من أهل العلماء والصالحين في تفسير آيات الله بما لا يثبت لهم صحة قولهم، على الرغم من سعة علمهم وبيانهم وحوزهم العلوم من أطرافها.
    فهذا الخليفة الراشد وأمير المؤمنين ومن أكثر علماء الصحابة وفقهاءهم وحوزهم للعلوم، أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
    فلقد روي عنه أنه سُئل عن قوله تعالى : "وفاكهة وأبًا"، فقال: "أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟" -منقطع-.
    ونُقِل عن الخليفة الراشد الثاني، ابن الخطاب الملهم كما روى أنس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر: "وفاكهة وأبًا" فقال: "هذه الفاكهة قد عرفناها، فما الأّب؟" ثم رجع إلى نفسه، فقال: "إن هذا لهو التكلّف يا عمر..."
    وذاك "ترجمان القرآن" بشهادة الصحابة والأمة وبدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم له، ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، فكما روى عنه ابن أبي مليكة أن ابن عباس سُئل عن آية لو سُئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها.
    وروى ابن أبي مليكة أيضًا أن رجلاً سأل ابن عباس عن "يوم كان مقدار ألف سنة" فقال له ابن عباس: "فما "يوم كان مقداره خمسين ألف سنة"، فقال الرجل: "إنما سألتك لتحدثني"، فقال ابن عباس: "هما يومان ذكرهما الله في كتابه، الله اعلم بهما"، فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم.

    وقال ابن جرير... جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبدالله فسأله عن آية من القرآن، فقال: "أحرج عليك إن كنت مسلمًا لما قمت عني"، أو قال: "أن تجالسني". وقال مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سُئل عن تفسير آية من القرآن قال: "إنّا لا نقول في القرآن شيئًا".
    وحدّث يزيد بن أبي يزيد، فقال: "كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع".
    وقال ابن جرير... حدثنا عبدالله بن عمر قال: "لقد أدركت فقهاء المدينة وأنهم ليعظمون القول في التفسير، منهم سالم بن عبدالله والقاسم بن محمد وسعيد بن المسيب ونافع..."
    ونقل عبيدالله بن مسلم بن يسار عن أبيه قال: "إذا حدثت عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده".
    ونقل هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال: "كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه".
    وقال شعبة عن عبدالله بن أبي السفر قال: قال الشعبي: "والله ما من آية إلا وقد سألت عنها، ولكنها الرواية عن الله".
    وقال مسروق قال: "اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله".


    فهؤلاء منهم أئمة الدين وعلماءه وجهابتذه، ومع ذلك ومع ما يملكون من العلم والبيان إلا أنهم يتحرّجون في القول عن كتاب الله وتفسيره، فكيف بنا الآن ونحن نرى تفاسير وتأويلات عجيبة غريبة لكتاب الله! فهناك من يفسر ويسلخه من قيمته وهيبته المقدسة الروحانية ويضعه كـ"قالب علمي" ليس إلا، يُعمِل فيه عقله ويستخرج ماشاء من باب "الإعجاز العلمي"! ومن باب "التدبر" في كتاب الله! وقوله لا دليل عليه، فيقول في كتاب الله بما ليس به علم.

    فلقد روى الترمذي في "سننه" عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار" - قال الترمذي: حسن، وحسنه ابن الصلاح، وضعفه الألباني وأحمد شاكر- .
    ونُقِل عنه صلى الله عليه وآله وسلم كما عند في "سنن الترمذي" من حديث جندب بن عبدالله رضي الله عنه: "من قال في القرآن برأيه، فأصاب، فقد أخطأ" - حسنه الترمذي والسيوطي وقال ابن الصلاح: "دون الحسن"، وضعفه الألباني -.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كما في "مجموع الفتاوى" : "فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام، حدثنا مؤمل... عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"... وبه إلى الترمذي قال ... عن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ"، قال الترمذي هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل الحديث في سهيل بن أبي حزم.
    وهكذا روى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أنهم شددوا في أن يفسر القرآن بغير علم، وأما الذي روى عن مجاهد وقتادة وغيرهما من أهل العلم أنهم فسروا القرآن فليس بالظن بهم أنهم قالوا في القرآن وفسروه بغير علم أو من قِبل أنفسهم، وقد روى عنهم ما يدل على ما قلنا أنهم لم يقولوا من قِبل أنفسهم بغير علم، فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلّف ما لا علم به، وسلك غير ما أُمر به، فلو أنه اصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ، لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرمًا مما أخطأ والله أعلم
    ".

    وقال قبل ذلك: "وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئًا في ذلك؛ بل مبتدعًا وإن كان مجتهدًا مغفورًا له خطؤه، فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته، وطرق الصواب.
    ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة والتابعون، وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعًا، ومعلوم أن كل من خالف قولهم له شبهة يذكرها إما عقلية وإما سمعية، كما هو مبسوط في موضعه
    ".

    فكتاب الله أمر جليل ومكانته مقدسة، ولا يجوز أن يقول فيه القائل ما ليس له به علم، لأنه حديث عن الله، وكبر مقتًا أن يحدث المرء عن الله بما لا يعلم. ومن أراد أن يعلم كتاب الله فسيذهب لمن هم أهل لذلك وثقة، وهي السنة النبوية وتفاسير صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتابعين لهم بإحسان الذين تلقفوا العلوم منهم.... ومن عدِل عن تفاسير السنة والصحابة وتابعيهم فإنما هو طالب فلسفة وبدعة وليس طالب حق وعلم.


    - طرق التفسير ومعرفة معنى الآيات:
    وأما طرق التفسير وفهم القرآن فهي كما نقلها شيخ الإسلام ووضحها في "مجموع الفتاوى"، فقال: "إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجُمِّل في مكان فإنه قد فُسِّر في موضع آخر وما اُختصر من مكان فقد بُسط في موضع آهر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنّة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له؛ بل قد قال الإمام ابو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن...

    والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "بم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم يتجد؟ قال: بسنّة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي، قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله"، وهذا الحديث في المساند والسنن بإسناد جيد.
    وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فأنهم أدرى بذلك ما شاهدوه من القرآن، والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح، لاسيما علماءهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين مثل عبدالله بن مسعود، قال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري... عن مسروق قال: قال عبدالله يعني ابن مسعود: والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناولته المطايا لأتيته. وقال الأعمش أيضًا عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
    ومنهم الحبر البحر عبدالله بن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن، ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له حيث قال: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" وقال ابن جرير... عن مسروق قال: قال عبدالله يعني ابن مسعود: نِعمَ ترجمان القرآن ابن عباس
    ".

    حتى قال: "إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد ابن جبر، فإنه كان آية في التفسير كما قال محمد بن إسحاق: حدثنا أبان بن صالح عن مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه، وأسأله عنها، وبه إلى الترمذي، قال: حدثنا الحسين... عن قتادة قال: ما في القرآن آية إلا وقد سمعت فيها شيئًا، وبه إليه... وقال ابن جرير... عن ابن أبي مليكة قال: رأيت مجاهدًا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، قال: فيقول له ابن عباس أكتب حتى سأله عن التفسير كله، ولهذا كان سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به".


    - الاسرائليات لا تطعن في صحة وقيمة كتب التفسير المعروفة:
    ينقد البعض وجود بعض الاسرائيليات في كتب التفسير، ويجدها نقطة سوداء في "علم التفسير"، والبعض قد يتعرض لـ"كتب التفسير" من هذا الباب ليضربها ويشكك الناس بها، فينقل عن التفاسير بعض الأقوال المستغربة والغير ثابتة والتي يكون أغلبها من الإسرائيليات.

    وفي هذا الخصوص يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما ما يحتاج المسلمون إلى معرفته فأن الله نصّب على الحق فيه دليلاً، فمثال ما لا يُفيد ولا دليل على الصحيح منه اختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف، وفي البعض الذي ضرب به موسى من البقرة، وفي مقدار سفينة نوح وما كان خشبها، وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر ونحو ذلك، فهذه الأمور طريق العلم بها النقل، فما كان من هذا منقولاً نقلاً صحيحًا عن النبي صلى الله عليه وسلم – كاسم صاحب موسى أنه الخضر – فهذا معلوم، وما لم يكن كذلك بل كان مما يؤخذ عن أهل الكتاب – كالمنقول عن كثب ووهب، ومحمد بن إسحق وغيرهم ممن يأخذ عن أهل الكتاب – فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه إلا بحجة، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه"".

    وقال: "ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري عن عبدالله بن عمرو؛ ولهذا كان عبدالله بن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك، ولكن هذه الأحاديث الاسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فإنها على ثلاثة أقسام:
    أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.
    والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.
    والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، ويجوز حكايته لما تقدم، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني، ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرًا.
    ويأتي على المفسرين خلاف بسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا، أسماء أصحاب الكهف ولون كلبهم، وعدتهم، وعصا موسى من أي الشجر كانت، وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى، إلى غير ذلك مما أبهمه الله في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم، ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز...
    ".

  • #2
    رد : تفسير كلام الله يكون بالعلم والبيان، لا بالإستحسان... والإسرائيليات تُذكر للإستشهاد لا للإ

    بارك الله فيك اخي ونفع الله بك وزادنا الله وإياكم علما وفقها.
    مقال مشبع بالعلم والشرح اللازم لتبيان الخلط الذي يحصل في عدم استصاغة بعض الشروحات لبعض الآيات.
    صحيح أن التفاسير تنوعت باختلاف مضمونها وهذا مما نحمد الله عليه فهو يصب في فائدة الباحث, حيث يستطيع الاطلاّع على اكثر من شرح لآية واحدة ومنه يكتمل الفهم أو يقترب لديه الفهم الصحيح للآية الكريمة.
    الخطأ الذي يقع من بعض الناس أو باللأخص من طلبة العلم الذين يعتمدون أسلوب النهل من الكتب ولا يرجعون للمشايخ الثقات , أنهم يأخذون العلم بتشتت فتراه مرة يقرأ سطورا في العقيدة ومرة ينتقل للسيرة النبوية الشريفة ومرة إلى قصص الانبياء , فينتقل بلا قاعدة أساسية في طريقة طلبه للعلم الشرعي, إنما الأصل في طلب العلم التدرج بسلم تصاعدي بفهم أصوله وقواعده وحفظ أهم مافيه كحفظ كتاب الله عز وجل , وحفظ بعض القواعد الفقهية أو العقائدية أو ما يخص العموم والخصوص وغيرها مما يجد لنفسه قاعدة وأساسا صلبا ييسر له بناء العلم لديه مع الرجوع للشيوخ لترسيخ ما حفظ أو تأكيد ما فهم أو تقريب ما اشتبه لديه.
    فترى حال أغلب من يتجرأ للفتيا أو التشدد في رأيه والتكلم بمنطلق العاطفة وليس العقل , وترى أغلب من يجرح ويقدح في العلماء السابقين أو اللاحقين , وترى أغلب من يخلط الحابل بالنابل هم حديثي العلم وأصحاب القاعدة الهشّة , فتراهم يتصدرون كل شئ بلا فهم ووعي وبلا ورع , فيربط في رقبته حجة بلا دليل أو رأي بلا مستند ويثير بها الفتنة والتعصّب واغضاب غيره واخراج الحوار على المنطق.
    فيجب أن نتذكر أن العلم كالمال , ما إن لحق المال نصابه وجب زكاته, فالعلم مادام الانسان لم يلحق إلى نصابه , فلا يجب عليه زكاة العلم , وهي القاء الدروس أو الخطب أو الافتاء أو حل النزاعات أو الرقية الشرعية أو حتى كتابة مقالة شرعية هنا او في غيرها يبدي فيها رأيه

    تعليق


    • #3
      رد : تفسير كلام الله يكون بالعلم والبيان، لا بالإستحسان... والإسرائيليات تُذكر للإستشهاد لا للإ

      جزاكم الله كل خير أخي..

      تعليق

      جاري التحميل ..
      X