إنها عبادة الوقت .. هيا نؤديها
خالد الكومي ................
إن من تمام نعمة الله على الإنسان أن يوفقه لتأدية عبادة الوقت.. فما هو مفهوم عبادة الوقت؟ وما هي عبادة الوقت في هذه الأيام؟ وكيف نؤديها؟
العبادة عرفها الإمام ابن تيمية بأنها (اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة و الباطنة)..فكل فعل أو قول توافرت فيه النية الخالصة و موافقة الكتاب و السنة فهو عبادة.
وأما عبادة الوقت فيقول عنها الإمام ابن القيم في مدارج السالكين(إن لكل وقت عبادته و إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الله في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت و وظيفته).
ثم يفصل رحمه الله فيقول:
فأفضل العبادات في وقت الجهاد :الجهاد وإن أدى إلى ترك الأوراد من صلاة الليل و قيام النهار والأفضل في وقت حلول الضيف القيام بحقه و الاشتغال به عن الورد المستحب..والأفضل في أوقات السحر الاشتغال بالصلاة و القرآن و الذكر و الدعاء..والأفضل في أوقات الصلاة :الجد و النصح في إقامتها والمبادرة إليها....والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج :الاشتغال بمساعدته وإيثار ذلك على أورادك و خلوتك و الأفضل في وقت نزول النوازل و أذى الناس لك :أداء واجب الصبر مع خلطتك بهم دون الهرب منهم..ثم الأفضل في كل حال إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال والاشتغال بواجب ذلك الوقت و وظيفته و مقتضاه.
لذا وجب علينا ألا نغفل عن عبادة الوقت..
فالفريضة مقدمة على السنة والواجب مقدم على المستحب والأهم مقدم على المهم والعاجل مقدم علي الآجل وفرض العين مقدم على فرض الكفاية.
والناس في منازل العبودية نوعان:
عبد مقيد وهي الذي قيد نفسه بعبادات معينة في أوقات محددة لا يغيرها مهما تغيرت الظروف و الأحوال..
وعبد مطلق و غرضه كما يقول ابن القيم تتبع مرضاة الله تعالى أينما كانت ..فإذا رأيت العباد رايته معهم ,إذا رأيت المجاهدين رأيته معهم ..لا يكون عمله على مراد نفسه بل على مراد ربه ولو كانت راحة نفسه و لذاتها في سواه..فهذا هو المتحقق بإياك نعبد و إياك نستعين حقا القائم بها صدقا..يأنس به كل محق و يستوحش منه كل مبطل ..كالغيث حيث وقع نفع و كالنخلة لا يسقط ورقها و كلها منفعة حتى شوكها
وحتى تكون عبادتنا مطلقة
يجب علينا أن نستفرغ الوسع و الوقت و الجهد و المال فيما هو أوجب في هذه الأيام من نصرة الحق و إعلاء كلمته ..
ومؤازرة من نراه الأقرب و الأصلح لإقامة شرع الله و الخروج بمصرنا من النفق المظلم إلى بر الأمان
ولا ينبغي أن ننشغل بما هو آت عما هو واجب علينا الآن ..ولا بما ليس في قدرتنا عما نقدر عليه .
فإن الله تعالى لم يطالبنا بالنتائج وإنما طالبنا بالعمل و الأخذ بالأسباب سترا لقدرته و جبرا لأجرته.
ويجب علينا أن ننظم أوقاتنا وألا نغفل أمراً مهماً على حساب آخر أقل أهمية ..
لذا يجب أن يكون لكل منا جدول أعمال يومي يبدأ قبيل الفجر و ينتهي بورد محاسبة قبيل النوم ..
فإن وجد خيرا فليحمد الله و إن وجد غير ذلك فليستغفر و ليجدد العزم على أن يكون الغد أفضل.
و لنتواصل في أُسرنا و نتقارب فلا يمر يوم بلا تلاقي فنتواصى ونتنا صح ونجدد العهد ويثبت بعضنا بعضا ويذكر بعضنا الآخر ويحمل بعضنا عبء بعض.
و ينبغي علينا اغتنام الوقت الواحد في أكثر من عبادة ..
وهو فن لا يعرفه إلا الحريصون على أوقاتهم ..ونسأل الله أن نكون منهم ..ومثال ذلك أن تمشي في مسيرة أو تشارك في مؤتمر أو تقف في سلسلة بشرية..فإنك تؤجر عليها إن شاء الله..ولكن يمكنك مضاعفة الثواب بأن تشغل وقتك بذكر الله و تلاوة القرآن و الاستغفار وقراءة المأثورات و الدعاء لإخوانك
ويجب علينا
أن نكون على أهبة الاستعداد دائما لتلبية نداء الواجب في أي وقت و تحت أي ظروف
وهذا يتطلب منا أن نجعل الهم هما واحدا
وان نتخفف من الدنيا و ندع ما يشغلنا من أمورها فقد شغلنا بها كثيرا
ولنعبد الله على مراده لا على ما تهوى نفوسنا..
ألا ترى أن عمير بن الحمام رضي الله عنه القي بتمرات يحبها وفضل عليها القتال و هو كره له حتى لا تحول بينه و الجنة
إنها أيام قليلة تفصل بيننا و بين اختيار من يحكمنا
فعبادة الوقت الآن توجب علينا أن نري الله من أنفسنا خيرا
نشد المئزر
نوقظ أهلنا
نحيي ليلنا
نجدد توبتنا
نخلص نيتنا
نحفظ بيعتنا
ننصر دعوتنا
نقوي أخوتنا
نطيع قادتنا
ندعو لمرشحنا
نستفرغ وسعنا
نبذل جهدنا
ننفق من أموالنا
نبين منهاجنا
نشرح مشروع نهضتنا
ولنكن أنصار الله في هذه الساعة فإنما النصر صبر ساعة (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ).