يسألونك.. فتاوى عن الصلاة
إعداد - أسماء صرصور
يجيب عنها د. زياد مقداد
أستاذ الفقه وأصوله في الجامعة الإسلامية وعضو رابطة علماء فلسطين
السؤال الأول:
لاحظت في صلاة الجماعة الجهرية أئمة ينتظرون فترة بين قراءة الفاتحة وقراءة السورة بما يكفي لإعادة قراءة الفاتحة، في حين لا يترك آخرون فترة بينهما إلا للفصل بين السورتين، فأيهما أصح ترك مجال للمأموم ليقرأ الفاتحة أم كلاهما جائز ؟
الإجابة:
أقول في ذلك بعد أن أستعين بالله: إن هذا الاختلاف الذي نجده بين الأئمة مرده إلى الاختلاف بين فقهاء المذاهب في مدى وجوب قراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم خاصة في الصلاة الجهرية.... ، فجمهور العلماء يرى أنه لا يجب على المأموم قراءة الفاتحة خلف الإمام خاصة إذا كان يسمع القراءة مستدلين بقوله تعالى: "وَإِذَا قُرِئَ القُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" الأعراف:204، ولما ثبت عنه (صلى الله عليه وسلم) قوله: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فانصتوا) أخرجه أحمد.
وذهب الشافعية إلى أنه تجب قراءة الفاتحة على المأموم في الجهرية والسرية على السواء مستدلين بأدلة منها: حديث عبادة بن الصامت (رضي الله عنه) أن النبي(صلى الله عليه وسلم) قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " البخاري ومسلم، ولقوله (صلى الله عليه وسلم) عندما وجد الصحابة يقرؤون خلفه في صلاة الصبح : " لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها" أخرجه أبو داود والنسائي.
إذا عرفنا هذا فهمنا سبب الاختلاف بين أئمة المساجد في انتظارهم أو عدم انتظارهم فترة بعد قراءة الفاتحة، فمن يرى بعدم وجوبها على المأموم لا يترك فترة بعد الفاتحة ومن يرى بوجوبها على المأموم فإنه يترك فترة له ليقرأها، وعليه فالمسألة محل خلاف بين الفقهاء وفيها متسع للأخذ بهذا الرأي أو ذاك، والأولى أن يتبع الإمام فإن ترك مهلة قرأ المأموم وإلا لم يقرأ، هذا والله أعلم .
السؤال الثاني:
أحيانا أقرأ سورة في ركعة وأجد نفسي أعيد قراءتها في الركعة الثانية دون قصد .. فهل هذا يجوز أم علي أن أتوقف وأقرأ سورة أخرى؟
الإجابة:
أقول وبالله التوفيق: إن قراءة سورة بعد الفاتحة في ركعات الصلاة هو من السنة وليس من الفرض، فمن قرأ فذلك خير ومن لم يقرأ تصح صلاته دونها، والالتزام بالسنة أولى، وأما إعادة السورة نفسها في الركعة الثانية فلا شيء فيه، ولا يترتب عليه أي خلل في الصلاة، ولا يجب على من أعاده السورة نفسها في ركعة ثانية أن يتوقف ويقرأ غيرها، وهذا ما عليه جمهور العلماء ويؤيده ما رواه أبو داود عن رجل من جهينة أنه سمع رسول الله(صلى الله عليه وسلم) يقرأ في صلاة الصبح" [إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا] {الزَّلزلة:1} في الركعتين كلتيهما كما يؤيده خبر الصحابي الذي كان يداوم على قراءة سورة الإخلاص بعد الفاتحة في كل ركعة، وأقره النبي(صلى الله عليه وسلم).
أقول: لعل الأولى عدم التكرار إن لم يكن سبب لذلك من نسيان أو قلة حفظ، وذلك خروجاً من خلاف من قال: "إن التكرار للسورة مكروه"، هذا والله أعلم .
السؤال الثالث:
بدأت الصلاة متأخرا خمس سنين – سامحني الله - وواظبت عليها والحمد لله لا تفوتني الآن صلاة وواظبت على السنن بعد فترة ، ثم سمعت أن علي قضاء ما فاتني من صلوات، فبدأت أضيف مع كل فرض آخر قضاء ، فأصبح مع أربع ركعات الظهر مثلا أربع سنة وأربع قضاء ( 12 ركعة )، أجهدني هذا الأمر خلال ثلاثة أشهر وأخاف ألا أستطيع أن أتحمل ، فهل من نصيحة أو حل أقل وطأة علي ؟
الإجابة:
بداية أسأل الله للمستفتي العفو والمغفرة وأن يوفقه للالتزام بالفرائض وسائر أنواع الطاعات من السنن والنوافل، وأما بخصوص مسألة قضاء ما فاته من صلوات في باكورة عمره، فإن كثيراً من الفقهاء يقولون بلزوم القضاء، ويقدر الشخص ما فاته ظناً ثم يشرع بالقضاء بحسب استطاعته، ولكن هناك من قال بأنه يكفيه التوبة، على اعتبار أن تركه للصلاة في فترة معينة كفراً وردة والرجوع إلى الصلاة رجوعاً للإسلام، والإسلام يجب ما قبله ما دام قد تاب توبة نصوحاً ولا إعادة عليه.
وما أقوله للسائل جمعاً بين الرأيين: إن الأحوط هو القضاء وذلك كلما أمكن، فإن تسبب ذلك في حرج زائد ومشقة كبيرة فاستغفر وأصدق الله في توبتك وأكثر من النوافل، عسى الله أن يتوب عليه ويكفر عنك ، هذا والله أعلم .
السؤال الرابع:
صليت جماعة العشاء وأخطأ الإمام فصلى ثلاث ركعات وسلم ، ولم أنبهه لأني اعتقدت أني المخطئة ، لكن بعد الصلاة وجدت من وافقني الرأي ولكنه لم يعرف كيف ينبه الإمام، ما العمل في مثل هذه الحالة وقد سلم الإمام وتحدث إلينا ؟ وهل هناك فرق إن سلم ولم يتحدث بل عرف خطأه وأراد تصحيحه مباشرة ؟
الإجابة:
إذا صلى الإمام ثلاث ركعات في الصلاة الرباعية سهواً أو نسياناً وتابعه في ذلك المأمومون فلهذه الحالة عدة صور:
- إذا استدرك الإمام الأمر فقام للرابعة قبل التسليم، أو بعده ولكن دون أن تمضي فترة فصل طويلة فالصلاة صحيحة ويسجد للسهو.
- أما إذا صلى ثلاث ركعات وسلم دون أن يستدرك الرابعة ومضي وقت طويل على التسليم، وعلم بعد ذلك أنه لم يصلِ إلا ثلاث ركعات، فعندها لا تصح الصلاة ويلزم كل من علم النقص في صلاته الإعادة إماماً أو مأموماً.
- وأما إذا صلى ثلاث ركعات ثم سلم بعدها وتحدث إليه المأمومون أنه لم يأت بالرابعة، فيمكنه أن يواصل صلاته ويأتي بالرابعة ويسجد للسهو وتصح صلاته.
- أما إذا كثر الحديث وطال الفصل فتلزمهم الإعادة في حال تيقنوا أو غلب على ظنهم أنهم لم يأتوا بالركعة الرابعة، هذا والله أعلم .
السؤال الخامس:
أحيانا أنسى أصليت ثلاث أم أربع ركعات، فآخذ العدد الأقل وعليه أكمل صلاتي، وعند السلام أنسى سجدتي السهو، فهل أسجدهما بعد السلام؟ وإذا تذكرتهما وقد سلمت على جهة هل أتوقف وأسجد أولا؟
الإجابة:
إذا نسي المصلى أصلى ثلاثاً أم أربعاً، فيبني على الأقل ويكمل صلاته وذلك لما ورد عنه(صلى الله عليه وسلم): (( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرك كم صلى ثلاثاً أم أربعاً: فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم" رواه مسلم، وعليه فيكون ما فعلته أيها السائل من البناء على الأقل صحيحاً، وسجودك قبل التسليم في هذه الحالة هو الأصح، لكن لو لم تسجد قبل التسليم ثم تذكرت الأمر بعده فسجدت صح ذلك، ولا يضرك التسليم ففي السجود قبل التسليم وبعده متسع، وقد وردت الأحاديث به قبل السلام وبعده، هذا والله أعلم.
السؤال السادس:
أصلي أحيانا معتقدة بصحة وضوئي، ولكني بعد الصلاة أجد إفرازات لا أعلم أكانت موجودة في أثناء صلاتي أم بعدها فهل علي إعادة الصلاة ؟ وأكون أحيانا على يقين أنه لا يوجد إفرازات لكنها تحصل في أثناء صلاتي فهل أوقف صلاتي .. خصوصا أنها تستمر لأيام سواء كانت إفرازات طبيعية " في مرحلة التبويض " أو إفرازات بسبب مرض " إلتهابات " ؟ وهل الإفرازات عموما تبطل الوضوء أم يجزئ من إعادته تغيير الملابس؟
الإجابة
الأصل أنه لا تصح صلاة بغير طهور، والإفرازات المهبلية التي تخرج من المرأة ناقضة للوضوء، سواء كانت مرضية أو طبيعية، فإذا توضأت المرأة ثم رأت إفرازات فإنها تعيد الوضوء، ولكن إذا كانت هذه الإفرازات ملازمة للمرأة بشكل مستمر فإنها تصبح في حكم صاحبة الأعذار، ولا يلزمها إعادة الوضوء حينها، ولكنها تتوضأ لكل صلاة حتى لو رأت الإفرازات بعد الوضوء أو بعد الصلاة، وأما بالنسبة للإفرازات إذا أصابت الثياب فينبغي تطهير الموضع الذي أصابته بغسله، لأن طهارة الثياب شرط لصحة الصلاة، فإن لم تعلم بذلك وصلت فصلاتها صحيحة إن شاء الله ولا شيء عليها، ويبدو من حالة السائلة أن الإفرازات لديها ملازمة ومستمرة، وعليه يكفيها الوضوء لكل صلاة ولا يضرها وجود الإفرازات بعد ذلك ، هذا والله أعلم.
السؤال السابع:
يصادف أحيانا أن أبدأ الصلاة ويدق زوجي الباب وأخاف أن أتأخر عليه في الرد، فهو دائم القلق علي ، فهل يجوز أن أقطع الصلاة فرضا كانت أو سنة ؟
الإجابة:
إذا شرع الإنسان في صلاته فقد تلبس بالعبادة، والأصل أنه لا يجوز له قطعها حتى يتمها إلا لعذر، ويفرق العلماء في الحكم بين الفريضة والنافلة، فيتشددون في الفريضة فلا يجوّزون قطعها بعد الشروع فيها، إلا لعذر قاهر، فإذا قطعها تلزم الإعادة، وأما في النافلة فقالوا بالكراهة فقط، وفي الحالة التي تذكرها السائلة أقول: عندما يدق الهاتف والصلاة نافلة لك أن تقطعي الصلاة إن كنت تظنين المكالمة مهمة، أما إذا كانت الصلاة فريضة فالأصل عدم جواز القطع إلا إذا كنت تعتقدين حدوث مفسدة عظمى جراء التأخر في الرد، وأنصح بأن يتم التفاهم بينك وبين زوجك على أنك يمكن أن تتأخري عنه في الرد أحياناً بسبب الصلاة حتى لا يصيبه قلق، فإن لم يمكن فلك أن تقطعي صلاتك عندها سنة كانت أو فرضاً ثم تقومين بإعادتها، هذا والله أعلم.
تعليق