أحكام جثثِ الموتى ونقلِها
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسلَه بالحقِّ بشيرًا ونذيرًا بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئا.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: 1).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 102).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 70، 71).
فالحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان فما أكفره: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ * كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} (عبس: 18– 23).
يموت الإنسان وتخرج نفسه، وتصعد روحه إلى باريها، ويصبح جثةً هامدة لا حراك بها، ولا صوت لها، يقلبها مغسِّلُها كما يشاء؛ بعد أن يجردها من ثيابها، ثم تُقدَّم للصلاة عليها، أربع تكبيرات أو خمسا أو سبعا أو تسعا، فـ"إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ، وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً، قَالَتْ: قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ". البخاري (1314).
فإذا وصلوا بها إلى منزلها الأخير من الدنيا، والأول من منازل الآخرة، دلَّوها في حفرة ضيقة، لا تصلح لقيام أو قعود ولا حركة، وغطوها بالتراب، وأعلَوا قبرها عن سطح الأرض بشبر أو شبرين، وتركوها رهينة أعمالها، وحبيسة أفعالها، ما يشاهده الناس ويلمسونه أنها تترك للديدان والحشرات تنهشها وتلتهمها، وما لا يشاهد ولا يرى وهو من علم الغيب الذي تعلمناه عن نبينا صلى الله عليه وسلم؛ أنه قَالَ: "إِنَّ العَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ؛ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولاَنِ: (مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ) لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا المُؤْمِنُ، فَيَقُولُ: (أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ)، فَيُقَالُ لَهُ: (انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ)، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا" -قَالَ قَتَادَةُ: وَذُكِرَ لَنَا: أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ - قَالَ: "وَأَمَّا المُنَافِقُ وَالكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ: (مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟) فَيَقُولُ: (لاَ أَدْرِي! كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ)، فَيُقَالُ: (لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ)، وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ". البخاري (1374).
وفي رواية الترمذي: "إِذَا قُبِرَ المَيِّتُ" -أَوْ قَالَ: "أَحَدُكُمْ- أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ لأَحَدِهِمَا: الْمُنْكَرُ، وَلِلآخَرِ: النَّكِيرُ، فَيَقُولانِ: (مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟) فَيَقُولُ: (مَا كَانَ يَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)، فَيَقُولانِ: (قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا)، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ، ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: (نَمْ) فَيَقُولُ: (أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ)، فَيَقُولانِ: (نَمْ كَنَوْمَةِ العَرُوسِ، الَّذِي لا يُوقِظُهُ إِلاَّ أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ)، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ: (سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ، فَقُلْتُ مِثْلَهُ، لا أَدْرِي)، فَيَقُولانِ: (قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ)، فَيُقَالُ لِلأَرْضِ: (التَئِمِي عَلَيْهِ)، فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ، فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلاعُهُ، فَلا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ" الترمذي (1071).
لذا نحن معاشر المسلمين مأمورون أن نسرع بتجهيز الميت وعدم التأني أو التواني في ذلك، أورد ابن حجر [حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلا تَحْبِسُوهُ، وَأَسْرِعُوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ" أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ. وَلأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ حُصَيْنِ بْنِ وَحْوَحَ مَرْفُوعًا: "لا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تَبْقَى بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ". الْحَدِيثَ =ضعفه الألباني=] فتح الباري لابن حجر (3/ 184).
وإذا توفي مسلمٌ في بلد ما فإنه يدفن في المكان الذي توفي فيه، ولا ينقل إلى بلد آخر، قال الألباني رحمه الله تعالى: [وأن يدفنوه في البلد الذي مات فيه، ولا ينقلوه إلى غيره، لأنه ينافي الإسراع المأمور به في حديث أبي هريرة المتقدم، ونحوُه حديثُ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (لما كان يوم أحد، حُمل القتلى ليُدفنوا بالبقيع، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم؛ بعدما حمَلَت أمي أبي وخالي عديلين (وفي رواية: عادلتهما) (على ناضح =أي بعير=) لتدفنهم في البقيع، فردوا (وفي رواية قال: فرجعناهما مع القتلى حيث قتلت))...
ولذلك قالت عائشة لما مات أخ لها بوادي الحبشة فحمل من مكانه: (مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي، أَوْ يَحْزُنُنِي فِي نَفْسِي إِلاَّ أَنِّي وَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ دُفِنَ فِي مَكَانِهِ) أخرجه البيهقي بسند صحيح]. أحكام الجنائز (ص: 14) بتصرف.
أما إذا كان هناك جثثٌ للكفار عند المسلمين، فلا بد من مواراتها التراب، أو تسليمها لأوليائها عن عليّ رضي اللَّه عنه قال: (قلتُ: يا رسول اللَّه، بأبي أنْتَ وأمي! إنَّ أبي قَدْ مَاتَ) قَال: "اذْهَبْ فَوارِهِ". قُلْتُ: (إنَّهُ مَاتَ مُشْرِكاً!) قَالَ: "اذْهَبْ فَوارِهِ". فَوَاريتُهُ ثم أتيته قال: "اذْهَبْ فاغْتسل". "اذهب فواره" أي أخفه أي ادفنه.
=وهذا من= سماحة الإسلام ومكارم الأخلاق، التي يحض عليها تأبى أن ينسى الولد أباه بعد موته، ولا يهتم بتشييعه ودفنه.
فلله هذا الدين! ولله هذا الخلق الكريم!
وظاهر الحديث يدل على أن الواجب على المسلم بإزاء أبيه إذا توفى، أو ابنه أن يباشر دفنه، ولا يلزمه أكثر من ذلك فلا غسل، ولا تكفين ولا صلاة، لأن هذه خاصة بمن مات مسلما، وأمْره إياه بالاغتسال؛ الظاهر أنه للندب، وكأنه رمز إلى طلب الطهارة من تشييع جثةٍ آثر صاحبها الشرك على الإسلام فكأنه كان في نجاسة ينبغي التطهر منها). مسند الشافعي (1/ 207، رقم 572)
عن يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِىِّ يَقُولُ: (سَافَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَيْرَ مَرَّةٍ فَمَا رَأَيْتُهُ يَمُرُّ بِجِيفَةِ إِنْسَانٍ فَيُجَاوِزُهَا حَتَّى يَأْمُرَ بِدَفْنِهَا لاَ يَسْأَلُ مُسْلِمٌ هُوَ أَوْ كَافِرٌ). وسنده فيه مقال. سنن الدارقطني (9/ 476، رقم 4247).
وفي غزوة بدر أمر صلى الله عليه وسلم أن توارى جيف المشركين في بئر هناك ولا تبقى في الشمس، قال الطبري: [وفي هذا الخبر أيضا، أعني خبرَ عمر الذي ذكرناه قبل؛ الدلالة على أنَّ من الحقِّ مواراةَ جيفةِ كلِّ ميِّت من بني آدم عن أعين بني آدم، ما وجد إلى ذلك السبيل، مؤمنا كان ذلك الميت أو كافرا، وذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلى مشركي بدر أن يجعلوا في قليب، =أي بئر= ولم يتركهم بالعراء مطرحين، بل أمر بجيفهم أن توارى في القليب.
فإذا كان ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم بهم، فالحقُّ على المسلمين أن يستنوا به صلى الله عليه وسلم، فيفعلوا في من أصابوا من المشركين في معركة الحرب بالقتل، وفي غير معركة الحرب مثلَ الذي فعل صلى الله عليه وسلم في قتلى مشركي بدر فيوارُوا جيفته، إذا لم يكن لهم مانع من ذلك، ولا شيءَ يشغلهم عنه من خوفِ كَرَّةِ عدوٍّ أو غيرِ ذلك.
وإذا كان ذلك سنته في مشركي أهل الحرب، فالمشركون من أهل العهد والذمة؛ إذا مات منهم ميت بحيث لا أحدَ من أوليائه وأهل ملته بحضرته يلي أمره، وحضره أهل الإسلام، أحقُّ وأولى بأن تكون السنةُ فيهم سنتَهُ صلى الله عليه وسلم في مشركي بدر، في أن يواروا جيفته، ويدفنوه ولا يتركوه مطروحا بالعراء من الأرض، وبذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا في عمَّه أبي طالب إذ مات، فقال له: " اذهب فواره" ...]. تهذيب الآثار الأمام محمد بن جرير الطبري (1/ 279)
[ويجب دفن الميت ولو كان كافرا، وفي حديثان: الأول: عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو طلحة الانصاري، والسياق له: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، (فجروا بأرجلهم) فقذفوا في طوى =أي بئر= من أطواء بدر خبيث مخبث (بعضهم على بعض).
(.. إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَإِنَّهُ انْتَفَخَ فِي دِرْعِهِ فَمَلأَهَا، فَذَهَبُوا لِيُحَرِّكُوهُ، فَتَزَايَلَ، =أي تفسخ وتفرقت أجزاؤه= فَأَقَرُّوهُ وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ مَا غَيَّبَهُ مِنَ التُّرَابِ وَالْحِجَارَةِ،..)..] أحكام الجنائز (ص: 132)
وجمهور العلماء على أنه لا ينبغي أخذ ثمن مقابل تسليم جثث الكفار، لأنها خبيثة وثمنها خبيث، عَنْ عِكْرِمَةَ, أَنَّ نَوْفَلاً أَوِ ابْنَ نَوْفَلٍ تَرَدَّى بِهِ فَرَسُهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقُتِلَ, فَبَعَثَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدِيَتِهِ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ, فَأَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «خُذُوهُ؛ فَإِنَّهُ خَبِيثُ الدِّيَةِ، خَبِيثُ الْجُثَّةِ». مصنف ابن أبي شيبة (7/ 379، رقم 36824)
[قَالَ الْعُلَمَاءُ: (وَفِي عُمُومِ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ؛ أَنَّهُ يَحْرُمُ بَيْعُ جُثَّةِ الْكَافِرِ إِذَا قَتَلْنَاهُ، وَطَلَبَ الْكُفَّارُ شِرَاءَهُ، أَوْ دَفْعَ عِوَضٍ عَنْهُ) وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ =السابق= أَنَّ نَوْفَلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيَّ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَبَذَلَ الْكُفَّارُ فِي جَسَدِهِ عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَأْخُذْهَا، وَدَفَعَهُ إِلَيْهِمْ، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا نَحْوَ هَذَا]. شرح النووي على مسلم (11/ 7).
أما إذا رأى وليُّ الأمر أنَّ من مصلحة المسلمين مفاداةَ المشركين على الجثث، وأخذ ما يراه مناسبا بعد استشارة كبار العلماء؛ فلا مانع.
ونبش القبور واستخراج الجثث؛ لا يجوز إلاَّ إذا كانت لمصلحة شرعية، يقدرها أولياء الأمور من العلماء، فإذا كان هناك مقبرة للمشركين قديمة العهد، فلا مانع من نبشها والاستفادة من أرضها ولو لبناء مسجد عليها، وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عندما قدم المدينة، وعزم على بناء المسجد فوجد مقبرة قديمة للمشركين (فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، ..) سنن النسائي (702)
و[فِي الْحَدِيثِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمَمْلُوكَةِ بِالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ وَجَوَازُ نَبْشِ الْقُبُورِ الدَّارِسَةِ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُحْتَرَمَةً وَجَوَازُ الصَّلَاةِ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ نَبْشِهَا وَإِخْرَاجِ مَا فِيهَا وَجَوَازُ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي أَمَاكِنِهَا..]. فتح الباري لابن حجر (1/ 526).
وثبتت [حرمةُ نبشِ قبر المسلم؛ لما فيه من تعريض عظامه للكسر، ولذلك كان بعض السلف يتحرج من أن يحفر له في مقبرة يكثر الدفن فيها.
قال الإمام الشافعي في (الأم) (1/ 245): (أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: (ما أحب أن أدفن بالبقيع! لأن أدفن في غيره أحبُّ إليَّ، إنما هو أحد رجلين، إما ظالم، فلا أحبُّ أن أكون في جواره، وإما صالحٌ فلا أحب أن ينبش في عظامه)، قال: وإن أُخرِجت عظام ميتٍ أحببت أن تعاد فتدفن).
وقال النووي في (المجموع) (5/ 303) ما مختصره: (ولا يجوز نبش القبر لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب، ويجوز بالأسباب الشرعية، ومختصره: أنه يجوز نبش القبر إذا بلى الميت وصار ترابا، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه.
ويجوز زرعُ تلك الأرض وبناؤها، وسائرُ وجوهِ الانتفاع والتصرفِ فيها باتفاق الأصحاب، وهذا كلُّه إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره، ويختلف ذلك باختلاف البلاد والأرض]. أحكام الجنائز (1/ 235)
ويجوز نبشُ قبرِ المسلم و[... إخراجُ الميت من القبر لغرض صحيح، كما لو دفن قبل غسله وتكفينه ونحو ذلك، لحديث جابر بن عبد الله قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أُبَيٍّ بعد ما أدخل حفرته، فأمر به فأخرج، فوضعه على ركبتيه، ونفث عليه من ريقه، وألبسه قميصه (قال جابر: وصلى عليه)، فالله أعلم، (وكان كسا عباسا قميصا)...] أحكام الجنائز (1/ 160، مسألة 109)
ويجب نبش قبر مسلم أُدخِل في مسجد من المساجد فـ[القبرُ إن كان جديدا، والمسجد هو الأسبق، وجبَ نبشُ القبر، ونقلُ الرفات إلى المقابر الأخرى، تجعلُ في حفرة ينصب ظاهرها كالقبر، وهكذا لو كان أكثر من قبر، قبرين أو ثلاثة، كلُّها تنقل كل رفاتِ قبر تجعل في حفرة وحدها في المقابر العامة، يجعل ظاهرها كظاهر القبور، حتى لا تمتهن ويبقى المسجد خاليا.
أما إن كانت القبور هي الأصل، =وهي سابقة= والمسجد هو الحادث بني عليها فيهدم؛ لأنه أسس على غير التقوى، على المعصية فيهدم ويبنى لأهل الحي مسجد في محل آخر ليس فيه قبور، طاعةً للهِ ورسوله عليه الصلاة والسلام، وعملا بما دلت عليه النصوص، وتحذيرا للمسلمين من الشرك وقطعا لوسائله؛ لأنَّ وجود القبور في المساجد من وسائل الشرك، من وسائل الغلو فيها، ووسائل دعائها والاستغاثة بها، والطواف بها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب الحذر من ذلك..] فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (2/ 224).
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:،
أما نقلُ جثثِ المسلمين من عند الكافرين؛ فإن كانت قريبة العهد، أياما مثلا؛ فلا مانع من استردادها، وغسلها وتكفينها، أما إن مضى عليها زمن بحيث بليت وتآكلت، فالأولى -والله تعالى أعلم- أن تبقى مدفونة في أماكنها وعدم نقلها، فهذا يعرض الجثث للامتهان والتأفف والاحتقار، ويجدد الأحزان، ويذكر بالمصاب، فإذا مضى عليها سنوات مثلا فلا يجدي فيها غسل ولا تكفين، ومواراتها وإبقاؤها في أماكنها أولى وأجدر، قال [.. أبو الحسن..: لقي رجلٌ رجلاً قد أصيب بمصيبةٍ، فأبطأ عن تعزيته، فقال: لولا أن تجديد التعزية يجدد جزعاً في المصيبة، لعزيناك عمن مضى]. التعازي لأبي الحسن المدائني (ص: 97، رقم 157).
هذا أبطأ عن التعزية، فخاف تجديد الجزع، فكيف حال أولياء من مات أو قتل قبل سنوات عديدة، يفاجأ وإذا بجثة حبيبه أو قريبه بين يديه؟!!
أما الصلاة على ميت مات منذ زمن فقال [ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ مَنْ يَرَى الصَّلاةَ عَلَى الْقَبْرِ أَنَّهُ لا يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلا بِقُرْبِ دَفْنِهِ، وَأَكْثَرُ مَا قَالُوا فِي ذَلِكَ شَهْرٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: اخْتُلِفَ فِي أَمَدِ ذَلِكَ فَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِشَهْرٍ، وَقِيلَ: مَا لَمْ تَبْلَ الْجُثَّةُ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ عَلَيْهِ حِينَ مَوْتِهِ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ،..] شرح الزرقاني على الموطأ (2/ 86).
ويوم القيامة تعود الأرواح إلى الجثث التي خرجت منها للجزاء والحساب، فجهزوا أنفسكم يا عباد الله اليوم قبل غدٍ، ماذا تقولون لله جل جلاله عندما يناديكم فيقول: "يَا عِبَادِي! إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ». صحيح مسلم (2577).
[اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وانصر الإسلام والمسلمين، واجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، واخذل الكفرة وأعوانهم والملحدين والمبتدعين، وأصلح من في صلاحه صلاح الإسلام والمسلمين، وأهلك من في هلاكه صلاحٌ للإسلام والمسلمين، وولِّ على المسلمين خيارهم يا رب العالمين، ولمَّ تجديد التعزية شعثهم، واجمع شملهم، ووحِّد كلمتهم، وانصرهم على من خالفهم، واحفظ بلادنا من الفسقة والمجرمين، وأصلح أولادنا، واشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا، وخذ بأيدينا إلى كل خير، واعصمنا من كل شرٍّ، واحفظنا من كل ضر، واغفر اللهم للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك قريب مجيب =الدعوات=، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ولا تسلب نعمتك عنا، وكن معنا حيثما كنا، يا حيُّ يا قيوم، اللهم صلِّ =وسلم وبارك= على محمد وآله وصحبه أجمعين، =ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين=] فائدة عظيمة النفع لمن وفقه الله (2/ 21)
ألَّف بين جملها وجمع نصوصها من مظانها:
أبو المنذر فؤاد بن يوسف أبو سعيد
بالزعفران المغازي الوسطى غزة فلسطين
ضحى الجمعة 11/ 7/ 1433 هلالية.
وفق: 1 يونيو 2012 شمسية.
للتواصل مع الشيخ عبر البريد الالكتروني: [email protected]
أو زوروا الموقع الالكتروني الرسمي للشيخ: www.alzafran.com
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسلَه بالحقِّ بشيرًا ونذيرًا بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئا.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: 1).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 102).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 70، 71).
فالحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان فما أكفره: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ * كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} (عبس: 18– 23).
يموت الإنسان وتخرج نفسه، وتصعد روحه إلى باريها، ويصبح جثةً هامدة لا حراك بها، ولا صوت لها، يقلبها مغسِّلُها كما يشاء؛ بعد أن يجردها من ثيابها، ثم تُقدَّم للصلاة عليها، أربع تكبيرات أو خمسا أو سبعا أو تسعا، فـ"إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ، وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً، قَالَتْ: قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ". البخاري (1314).
فإذا وصلوا بها إلى منزلها الأخير من الدنيا، والأول من منازل الآخرة، دلَّوها في حفرة ضيقة، لا تصلح لقيام أو قعود ولا حركة، وغطوها بالتراب، وأعلَوا قبرها عن سطح الأرض بشبر أو شبرين، وتركوها رهينة أعمالها، وحبيسة أفعالها، ما يشاهده الناس ويلمسونه أنها تترك للديدان والحشرات تنهشها وتلتهمها، وما لا يشاهد ولا يرى وهو من علم الغيب الذي تعلمناه عن نبينا صلى الله عليه وسلم؛ أنه قَالَ: "إِنَّ العَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ؛ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولاَنِ: (مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ) لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا المُؤْمِنُ، فَيَقُولُ: (أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ)، فَيُقَالُ لَهُ: (انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ)، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا" -قَالَ قَتَادَةُ: وَذُكِرَ لَنَا: أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ - قَالَ: "وَأَمَّا المُنَافِقُ وَالكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ: (مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟) فَيَقُولُ: (لاَ أَدْرِي! كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ)، فَيُقَالُ: (لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ)، وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ". البخاري (1374).
وفي رواية الترمذي: "إِذَا قُبِرَ المَيِّتُ" -أَوْ قَالَ: "أَحَدُكُمْ- أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ لأَحَدِهِمَا: الْمُنْكَرُ، وَلِلآخَرِ: النَّكِيرُ، فَيَقُولانِ: (مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟) فَيَقُولُ: (مَا كَانَ يَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)، فَيَقُولانِ: (قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا)، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ، ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: (نَمْ) فَيَقُولُ: (أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ)، فَيَقُولانِ: (نَمْ كَنَوْمَةِ العَرُوسِ، الَّذِي لا يُوقِظُهُ إِلاَّ أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ)، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ: (سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ، فَقُلْتُ مِثْلَهُ، لا أَدْرِي)، فَيَقُولانِ: (قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ)، فَيُقَالُ لِلأَرْضِ: (التَئِمِي عَلَيْهِ)، فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ، فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلاعُهُ، فَلا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ" الترمذي (1071).
لذا نحن معاشر المسلمين مأمورون أن نسرع بتجهيز الميت وعدم التأني أو التواني في ذلك، أورد ابن حجر [حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلا تَحْبِسُوهُ، وَأَسْرِعُوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ" أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ. وَلأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ حُصَيْنِ بْنِ وَحْوَحَ مَرْفُوعًا: "لا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تَبْقَى بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ". الْحَدِيثَ =ضعفه الألباني=] فتح الباري لابن حجر (3/ 184).
وإذا توفي مسلمٌ في بلد ما فإنه يدفن في المكان الذي توفي فيه، ولا ينقل إلى بلد آخر، قال الألباني رحمه الله تعالى: [وأن يدفنوه في البلد الذي مات فيه، ولا ينقلوه إلى غيره، لأنه ينافي الإسراع المأمور به في حديث أبي هريرة المتقدم، ونحوُه حديثُ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (لما كان يوم أحد، حُمل القتلى ليُدفنوا بالبقيع، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم؛ بعدما حمَلَت أمي أبي وخالي عديلين (وفي رواية: عادلتهما) (على ناضح =أي بعير=) لتدفنهم في البقيع، فردوا (وفي رواية قال: فرجعناهما مع القتلى حيث قتلت))...
ولذلك قالت عائشة لما مات أخ لها بوادي الحبشة فحمل من مكانه: (مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي، أَوْ يَحْزُنُنِي فِي نَفْسِي إِلاَّ أَنِّي وَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ دُفِنَ فِي مَكَانِهِ) أخرجه البيهقي بسند صحيح]. أحكام الجنائز (ص: 14) بتصرف.
أما إذا كان هناك جثثٌ للكفار عند المسلمين، فلا بد من مواراتها التراب، أو تسليمها لأوليائها عن عليّ رضي اللَّه عنه قال: (قلتُ: يا رسول اللَّه، بأبي أنْتَ وأمي! إنَّ أبي قَدْ مَاتَ) قَال: "اذْهَبْ فَوارِهِ". قُلْتُ: (إنَّهُ مَاتَ مُشْرِكاً!) قَالَ: "اذْهَبْ فَوارِهِ". فَوَاريتُهُ ثم أتيته قال: "اذْهَبْ فاغْتسل". "اذهب فواره" أي أخفه أي ادفنه.
=وهذا من= سماحة الإسلام ومكارم الأخلاق، التي يحض عليها تأبى أن ينسى الولد أباه بعد موته، ولا يهتم بتشييعه ودفنه.
فلله هذا الدين! ولله هذا الخلق الكريم!
وظاهر الحديث يدل على أن الواجب على المسلم بإزاء أبيه إذا توفى، أو ابنه أن يباشر دفنه، ولا يلزمه أكثر من ذلك فلا غسل، ولا تكفين ولا صلاة، لأن هذه خاصة بمن مات مسلما، وأمْره إياه بالاغتسال؛ الظاهر أنه للندب، وكأنه رمز إلى طلب الطهارة من تشييع جثةٍ آثر صاحبها الشرك على الإسلام فكأنه كان في نجاسة ينبغي التطهر منها). مسند الشافعي (1/ 207، رقم 572)
عن يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِىِّ يَقُولُ: (سَافَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَيْرَ مَرَّةٍ فَمَا رَأَيْتُهُ يَمُرُّ بِجِيفَةِ إِنْسَانٍ فَيُجَاوِزُهَا حَتَّى يَأْمُرَ بِدَفْنِهَا لاَ يَسْأَلُ مُسْلِمٌ هُوَ أَوْ كَافِرٌ). وسنده فيه مقال. سنن الدارقطني (9/ 476، رقم 4247).
وفي غزوة بدر أمر صلى الله عليه وسلم أن توارى جيف المشركين في بئر هناك ولا تبقى في الشمس، قال الطبري: [وفي هذا الخبر أيضا، أعني خبرَ عمر الذي ذكرناه قبل؛ الدلالة على أنَّ من الحقِّ مواراةَ جيفةِ كلِّ ميِّت من بني آدم عن أعين بني آدم، ما وجد إلى ذلك السبيل، مؤمنا كان ذلك الميت أو كافرا، وذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلى مشركي بدر أن يجعلوا في قليب، =أي بئر= ولم يتركهم بالعراء مطرحين، بل أمر بجيفهم أن توارى في القليب.
فإذا كان ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم بهم، فالحقُّ على المسلمين أن يستنوا به صلى الله عليه وسلم، فيفعلوا في من أصابوا من المشركين في معركة الحرب بالقتل، وفي غير معركة الحرب مثلَ الذي فعل صلى الله عليه وسلم في قتلى مشركي بدر فيوارُوا جيفته، إذا لم يكن لهم مانع من ذلك، ولا شيءَ يشغلهم عنه من خوفِ كَرَّةِ عدوٍّ أو غيرِ ذلك.
وإذا كان ذلك سنته في مشركي أهل الحرب، فالمشركون من أهل العهد والذمة؛ إذا مات منهم ميت بحيث لا أحدَ من أوليائه وأهل ملته بحضرته يلي أمره، وحضره أهل الإسلام، أحقُّ وأولى بأن تكون السنةُ فيهم سنتَهُ صلى الله عليه وسلم في مشركي بدر، في أن يواروا جيفته، ويدفنوه ولا يتركوه مطروحا بالعراء من الأرض، وبذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا في عمَّه أبي طالب إذ مات، فقال له: " اذهب فواره" ...]. تهذيب الآثار الأمام محمد بن جرير الطبري (1/ 279)
[ويجب دفن الميت ولو كان كافرا، وفي حديثان: الأول: عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو طلحة الانصاري، والسياق له: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، (فجروا بأرجلهم) فقذفوا في طوى =أي بئر= من أطواء بدر خبيث مخبث (بعضهم على بعض).
(.. إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَإِنَّهُ انْتَفَخَ فِي دِرْعِهِ فَمَلأَهَا، فَذَهَبُوا لِيُحَرِّكُوهُ، فَتَزَايَلَ، =أي تفسخ وتفرقت أجزاؤه= فَأَقَرُّوهُ وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ مَا غَيَّبَهُ مِنَ التُّرَابِ وَالْحِجَارَةِ،..)..] أحكام الجنائز (ص: 132)
وجمهور العلماء على أنه لا ينبغي أخذ ثمن مقابل تسليم جثث الكفار، لأنها خبيثة وثمنها خبيث، عَنْ عِكْرِمَةَ, أَنَّ نَوْفَلاً أَوِ ابْنَ نَوْفَلٍ تَرَدَّى بِهِ فَرَسُهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقُتِلَ, فَبَعَثَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدِيَتِهِ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ, فَأَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «خُذُوهُ؛ فَإِنَّهُ خَبِيثُ الدِّيَةِ، خَبِيثُ الْجُثَّةِ». مصنف ابن أبي شيبة (7/ 379، رقم 36824)
[قَالَ الْعُلَمَاءُ: (وَفِي عُمُومِ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ؛ أَنَّهُ يَحْرُمُ بَيْعُ جُثَّةِ الْكَافِرِ إِذَا قَتَلْنَاهُ، وَطَلَبَ الْكُفَّارُ شِرَاءَهُ، أَوْ دَفْعَ عِوَضٍ عَنْهُ) وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ =السابق= أَنَّ نَوْفَلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيَّ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَبَذَلَ الْكُفَّارُ فِي جَسَدِهِ عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَأْخُذْهَا، وَدَفَعَهُ إِلَيْهِمْ، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا نَحْوَ هَذَا]. شرح النووي على مسلم (11/ 7).
أما إذا رأى وليُّ الأمر أنَّ من مصلحة المسلمين مفاداةَ المشركين على الجثث، وأخذ ما يراه مناسبا بعد استشارة كبار العلماء؛ فلا مانع.
ونبش القبور واستخراج الجثث؛ لا يجوز إلاَّ إذا كانت لمصلحة شرعية، يقدرها أولياء الأمور من العلماء، فإذا كان هناك مقبرة للمشركين قديمة العهد، فلا مانع من نبشها والاستفادة من أرضها ولو لبناء مسجد عليها، وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عندما قدم المدينة، وعزم على بناء المسجد فوجد مقبرة قديمة للمشركين (فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، ..) سنن النسائي (702)
و[فِي الْحَدِيثِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمَمْلُوكَةِ بِالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ وَجَوَازُ نَبْشِ الْقُبُورِ الدَّارِسَةِ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُحْتَرَمَةً وَجَوَازُ الصَّلَاةِ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ نَبْشِهَا وَإِخْرَاجِ مَا فِيهَا وَجَوَازُ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي أَمَاكِنِهَا..]. فتح الباري لابن حجر (1/ 526).
وثبتت [حرمةُ نبشِ قبر المسلم؛ لما فيه من تعريض عظامه للكسر، ولذلك كان بعض السلف يتحرج من أن يحفر له في مقبرة يكثر الدفن فيها.
قال الإمام الشافعي في (الأم) (1/ 245): (أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: (ما أحب أن أدفن بالبقيع! لأن أدفن في غيره أحبُّ إليَّ، إنما هو أحد رجلين، إما ظالم، فلا أحبُّ أن أكون في جواره، وإما صالحٌ فلا أحب أن ينبش في عظامه)، قال: وإن أُخرِجت عظام ميتٍ أحببت أن تعاد فتدفن).
وقال النووي في (المجموع) (5/ 303) ما مختصره: (ولا يجوز نبش القبر لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب، ويجوز بالأسباب الشرعية، ومختصره: أنه يجوز نبش القبر إذا بلى الميت وصار ترابا، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه.
ويجوز زرعُ تلك الأرض وبناؤها، وسائرُ وجوهِ الانتفاع والتصرفِ فيها باتفاق الأصحاب، وهذا كلُّه إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره، ويختلف ذلك باختلاف البلاد والأرض]. أحكام الجنائز (1/ 235)
ويجوز نبشُ قبرِ المسلم و[... إخراجُ الميت من القبر لغرض صحيح، كما لو دفن قبل غسله وتكفينه ونحو ذلك، لحديث جابر بن عبد الله قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أُبَيٍّ بعد ما أدخل حفرته، فأمر به فأخرج، فوضعه على ركبتيه، ونفث عليه من ريقه، وألبسه قميصه (قال جابر: وصلى عليه)، فالله أعلم، (وكان كسا عباسا قميصا)...] أحكام الجنائز (1/ 160، مسألة 109)
ويجب نبش قبر مسلم أُدخِل في مسجد من المساجد فـ[القبرُ إن كان جديدا، والمسجد هو الأسبق، وجبَ نبشُ القبر، ونقلُ الرفات إلى المقابر الأخرى، تجعلُ في حفرة ينصب ظاهرها كالقبر، وهكذا لو كان أكثر من قبر، قبرين أو ثلاثة، كلُّها تنقل كل رفاتِ قبر تجعل في حفرة وحدها في المقابر العامة، يجعل ظاهرها كظاهر القبور، حتى لا تمتهن ويبقى المسجد خاليا.
أما إن كانت القبور هي الأصل، =وهي سابقة= والمسجد هو الحادث بني عليها فيهدم؛ لأنه أسس على غير التقوى، على المعصية فيهدم ويبنى لأهل الحي مسجد في محل آخر ليس فيه قبور، طاعةً للهِ ورسوله عليه الصلاة والسلام، وعملا بما دلت عليه النصوص، وتحذيرا للمسلمين من الشرك وقطعا لوسائله؛ لأنَّ وجود القبور في المساجد من وسائل الشرك، من وسائل الغلو فيها، ووسائل دعائها والاستغاثة بها، والطواف بها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب الحذر من ذلك..] فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (2/ 224).
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:،
أما نقلُ جثثِ المسلمين من عند الكافرين؛ فإن كانت قريبة العهد، أياما مثلا؛ فلا مانع من استردادها، وغسلها وتكفينها، أما إن مضى عليها زمن بحيث بليت وتآكلت، فالأولى -والله تعالى أعلم- أن تبقى مدفونة في أماكنها وعدم نقلها، فهذا يعرض الجثث للامتهان والتأفف والاحتقار، ويجدد الأحزان، ويذكر بالمصاب، فإذا مضى عليها سنوات مثلا فلا يجدي فيها غسل ولا تكفين، ومواراتها وإبقاؤها في أماكنها أولى وأجدر، قال [.. أبو الحسن..: لقي رجلٌ رجلاً قد أصيب بمصيبةٍ، فأبطأ عن تعزيته، فقال: لولا أن تجديد التعزية يجدد جزعاً في المصيبة، لعزيناك عمن مضى]. التعازي لأبي الحسن المدائني (ص: 97، رقم 157).
هذا أبطأ عن التعزية، فخاف تجديد الجزع، فكيف حال أولياء من مات أو قتل قبل سنوات عديدة، يفاجأ وإذا بجثة حبيبه أو قريبه بين يديه؟!!
أما الصلاة على ميت مات منذ زمن فقال [ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ مَنْ يَرَى الصَّلاةَ عَلَى الْقَبْرِ أَنَّهُ لا يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلا بِقُرْبِ دَفْنِهِ، وَأَكْثَرُ مَا قَالُوا فِي ذَلِكَ شَهْرٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: اخْتُلِفَ فِي أَمَدِ ذَلِكَ فَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِشَهْرٍ، وَقِيلَ: مَا لَمْ تَبْلَ الْجُثَّةُ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ عَلَيْهِ حِينَ مَوْتِهِ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ،..] شرح الزرقاني على الموطأ (2/ 86).
ويوم القيامة تعود الأرواح إلى الجثث التي خرجت منها للجزاء والحساب، فجهزوا أنفسكم يا عباد الله اليوم قبل غدٍ، ماذا تقولون لله جل جلاله عندما يناديكم فيقول: "يَا عِبَادِي! إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ». صحيح مسلم (2577).
[اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وانصر الإسلام والمسلمين، واجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، واخذل الكفرة وأعوانهم والملحدين والمبتدعين، وأصلح من في صلاحه صلاح الإسلام والمسلمين، وأهلك من في هلاكه صلاحٌ للإسلام والمسلمين، وولِّ على المسلمين خيارهم يا رب العالمين، ولمَّ تجديد التعزية شعثهم، واجمع شملهم، ووحِّد كلمتهم، وانصرهم على من خالفهم، واحفظ بلادنا من الفسقة والمجرمين، وأصلح أولادنا، واشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا، وخذ بأيدينا إلى كل خير، واعصمنا من كل شرٍّ، واحفظنا من كل ضر، واغفر اللهم للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك قريب مجيب =الدعوات=، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ولا تسلب نعمتك عنا، وكن معنا حيثما كنا، يا حيُّ يا قيوم، اللهم صلِّ =وسلم وبارك= على محمد وآله وصحبه أجمعين، =ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين=] فائدة عظيمة النفع لمن وفقه الله (2/ 21)
ألَّف بين جملها وجمع نصوصها من مظانها:
أبو المنذر فؤاد بن يوسف أبو سعيد
بالزعفران المغازي الوسطى غزة فلسطين
ضحى الجمعة 11/ 7/ 1433 هلالية.
وفق: 1 يونيو 2012 شمسية.
للتواصل مع الشيخ عبر البريد الالكتروني: [email protected]
أو زوروا الموقع الالكتروني الرسمي للشيخ: www.alzafran.com
تعليق