آثمٌ من يسعى للتفرقة ويعاقب وفق الأحكام الشرعية أو بالطرق القانونية
شبكات التواصل الاجتماعي.. رافدٌ للمصالحة المجتمعية
غزة- أسماء صرصور
أضحت الشبكات الاجتماعية وسيلة للتعارك والتخاصم وازدياد الفرقة والانقسام بين أبناء الشعب الفلسطيني عوضًا على أن تكون هدفًا للتواصل الاجتماعي، وبدلاً من أن تكون وسيلة لتوحيد الجهود والتعارف غدت ساحة حرب!.
لذا "فلسطين" حاورت رئيس لجنة الإفتاء في رابطة علماء فلسطين أ. د. ماهر الحولي لمعرفة الطرق الفاعلة لتحقيق المصالحة المجتمعية على أرض الواقع ومد جذورها نحو شبكات التواصل الاجتماعي، والمزيد في سياق التقرير التالي..
ضرورة وحاجة
ويوضح د. الحولي أن المصالحة المجتمعية تعتبر ضرورة شرعية وحاجة اجتماعية لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال، مبينًا السبب في ذلك لأنه لا يستقيم أمر المجتمع إذا كانت الخلافات والنزاعات والشقاق هو السائد بل يكون تفكك المجتمع هو النتيجة الفعلية وعدم تماسكه.
ويكمل: "وعندها تنتشر الأمراض الاجتماعية كالحسد والبغضاء والكراهية والاقتتال "، مشيرًا إلى أن الضرورة الشرعية للمصالحة المجتمعية ترجع لانسجامها مع تعاليم الشريعة الإسلامية وفق قوله تعالى: " وَالصُّلْحُ خَيْرٌ "، وقوله تعالى: "ولا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس".
وينوه إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، فالحاجة إلى المصالحة المجتمعية – وفق قوله – يمكن أن تتحقق بعدة أدوات كاللقاءات والاجتماعات والاتفاقات المباشرة بين المتخاصمين.
تثقيف المجتمع
ويلفت النظر د. الحولي إلى أن المصالحة يمكن أن تحدث أيضًا من خلال التوعية والتثقيف لأبناء المجتمع من قياداته وعلمائه والحريصين على تماسكه وقوته، مؤكدًا أنه من يريد أن يسعى لهذا الدور عليه أن يخلص النية ويكون جادًا في تحقيق المصالحة لا يرفع الشعارات ويردد الكلمات بل تكثيف الجهود والإلمام بواقع المجتمع ومعرفة التفاصيل الدقيقة والإشكالات الموجودة لوضع الحلول.
ويتطرق إلى الحديث عن الشبكات الاجتماعية والتي تم تأسيسها كما هو مبين من اسمها للتواصل الاجتماعي بين مرتاديها بغض النظر عن الهدف الحقيقي لمخترعيها، بقوله: "الشبكات الاجتماعية تعتبر ساحة من الساحات التي يتم فيها الحديث والكلام فيكون رأي الإسلام فيها وفق حديثه صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر.. فليقل خيرًا أو ليصمت" لا أن يتحدث بالشر".
ويتابع د. الحولي: "الشخص الذي يرتاد الشبكات الاجتماعية الأصل أن يكون لسان حاله وحديثه وتعليقاته ومشاركاته بما يضمن تحقيق المصالحة المجتمعية، ويعمل على وضع المقترحات العملية والجدية لدفع العجلة بهدف إنجاحها"، منوهًا إلى أهمية توفير هذا الشخص للأدلة التي توجب العمل لإحقاق المصالحة.
ويشدد على أهمية ألا تأخذ الشبكات الاجتماعية – كالفيس بوك وتويتر – موقع الخصومة والحرب والانتقادات غير البناءة مما يعني تأجيج الصراع بين الأطراف المتخاصمة وازدياد حدة الأمر سوءًا، "بل يجب العمل بطريق يسعى إلى الوحدة وإحقاق الحق وتقريب وجهات النظر وصولاً إلى الغاية الكبرى"، حسب قوله.
المُفرِّق آثم ويُعاقَب
ويقول: "المصالحة المجتمعية توفر الأمن والأمان وتبدد الخوف مما يعني وجود مجتمع منتج وعامل ويفكر ويبدع ويتقدم ويحقق مقامه بين سائر المجتمعات، والنقيض حاله لو استمر مفككًا بلا مصالحة"، منبهًا إلى أن الشبكات الاجتماعية تعد من الأدوات الفاعلة حاليًا في تحقيق المصالحة.
ويوجه د. الحولي حديثه إلى من يحاول كسب كفة الشبكات الاجتماعية إلى صالح ازدياد الانقسام، بقوله: "أنت محاسب على كل حرف تكتبه ومسؤول عنه أمام الله لذا وجه حرفك لما فيه خير الأمة وصلاحها".
وينوه إلى أنه إن استمر على فعله فهو آثم ويمكن أن يعاقب وفق الأحكام الشرعية أو بالطرق القانونية، مذكرًا بقوله تعالى: "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا"، وقوله تعالى: "وقفوهم إنهم مسؤولون".
ويبين أن المصالحة السياسية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت هناك قواعد أساسية وقوية في المصالحة المجتمعية فيرضى الناس وترد الحقوق إلى أصحابها ويصلح حال الناس، "وإن كانت المصالحة المجتمعية بحاجة إلى قرار سياسي، هذا يعني أن المصالحة المجتمعية والسياسية مرتبطتان ببعضهما البعض"، وفق قوله.
ويقول: "أي إنسان يدخل بصورة حكم مصلح بين طرفين – حتى على الشبكات الاجتماعية - لابد أن تتوافر لديه أدوات النجاح كالكفاءة والقدرة على إدارة الأمر والعلم والمهارة واللباقة في الحديث وإيصال الفكرة والتمتع بالصدق والعدالة والثقافة والحيادية دون الميل إلى أحد الأطراف المتخاصمة، وإقران النية بالإخلاص إلى الله عز وجل".
تعليق